رواية خيوط القدر الفصل السابع والعشرون 27 بقلم سارة المصري – تحميل الرواية pdf

رواية خيوط القدر الفصل السابع والعشرون 27 بقلم سارة المصري
الفصل السابع والعشرون
اخذت ندى تذرع غرفتها جيئة وذهابا ، اسبوعان قد مضيا على زاواجهما ، بذلت فيهما كل جهدها امام الاقارب والاصدقاء لتظهر العروس المرحة السعيدة امام الجميع ، لم يبادلها حتى كلمة طيلة الفترة الماضية ، كان يخرج الى عمله باكرا ويعود بعد ان ينتصف الليل ، لم تعد تعرف اى عقاب هذا ؟؟ اهو الهجر ام التجاهل ام ان هناك امورا اخرى يرتبها فى عقله لها ، آلمها كثيرا ان تشتاق اليه وهو معها فى نفس المكان ، ان يحرمها من صوته وهو يناديها باسمها ، ابتسمت وهى تتذكر حين كان لاينطق جملة الا وذيلها باسمها ويخبرها انه لا يحب ان يفارق اسمها شفتيه كما لايفارق قلبه .
سمعت صوت سيارته فاتجهت مسرعة الى الشرفة لتجده يدخل القصر ، وقفت امام السلم تنتظره ، رأته يدخل القصر وعم محمد اقرب الخدم اليه فى انتظاره ، تبادل معه حديثا قصيرا ، ابتسمت ندى وهى تراقب ابتسامته التى اصبح يعطيها لكل الناس ويضن عليها بها ، ربت ادهم على كتف محمد وبدأ فى صعود السلم ليجد ندى تقف مستندة على سياجه ، توقف للحظات ورمقها من اعلى لاسفل وتخيلت انه سيسألها عن سبب وقوفها على هذا النحو ولكنه لم يفعل بل تجاوزها متجها الى غرفته ،عضت شفتها فى مرارة وتنفست فى عمق وهى تواصل طريقها خلفه ، طرقت الباب عدة طرقات خفيفة قبل ان تدخل وتنظر الى ادهم الذى جلس على طرف الفراش وقال لها فى غضب ” مسمحتلكيش انك تدخلى ”
توقفت عن السير وقالت ” عايزة اتكلم معاك ”
قال وهو يضع ساقا على الاخرى ” فى ايه ؟؟“
احتضنت نفسها بذراعيها وقالت ” انا عارفة انى مهما احاول اقنعك انى مكدبتش عليك فى حرف قلته برضه مش هتصدقنى ”
رد وهو يفك رباط حذائه ” كويس انك عارفة عشان متتعبيش نفسك وتحاولى ”
قالت فى مرارة ” اتجوزتنى ليه يا ادهم …لما انت مش مصدقنى اتجوزتنى ليه ؟؟..“
نهض من مكانه وهو يشير بسبابته قائلا ” قولتلك مليون مرة مش من..“
قاطعته وهى تبسط كفها امامها ” هوا ده العقاب اللى انت اختارته ..هوا انى اكون موجودة معاك فى بيت واحد ومتحرم عليا حتى ابصلك ..متحرم عليا حبك ..الكلام معاك ”
وواصلت وهى تقترب وتمسك ذراعه فى توسل ” عارفة انى مليش فرصة واحدة انك تصدقنى مهما حلفتلك ..بس انا بحبك وهقولها مليون مرة حتى لو انت مش عاوز تصدقها ..ومش هقدر استحمل بعدك عنى بالطريقة دى ..لو كنت قتلتنى يا ادهم كان هيبقا ارحملى ”
نظر ادهم الى عينيها لحظات ، كانت اما صادقة او ممثلة شديدة البراعة ، ادهم الذى احبها بكل جوارحه يميل الى تصديق الامر الاول اما ادهم الجريح فيميل الى تصديق الثانى ، ولان جرحه الان يسيطر على كل جزء من كيانه فقد كانت له اليد العليا فانتزع ذراعه فى عنف وهو يدفعها قائلا ” خلصتى اللى عندك ؟؟“ ومال اليها مضيفا فى سخرية ” انتى لسة فكرتك متغيرتش عنى …فاكرة ان ادهم بيحبك للدرجة اللى تخليه يسامحك على اى حاجة وان دى مسألة وقت ونكمل حياتنا عادى زى اتنين ..احب اقولك انى لو عشت مليون عمر فوق عمرى مش هقدر انسالك اللى انتى عملتيه ..اللى مخلاش جوايا لكى ذرة حب واحدة الا وخنقها ”
كانت لتتحمل اى شىء الا ان يخبرها بانه لايحبها ، كانت تأمل ان يحمل لها ولو بقايا من تلك المشاعر بداخله ، كان حبه لها هو كنزها الحقيقى وامانها ، اقتربت وهى تضع يدها على ثغره وتقول فى بكاء ” متقولش كدة ..انت لسة بتحبنى ”
انتزع يدها فى عنف قائلا ” احبك ايه انتى مجنونة ؟؟؟….اللى انتى عملتيه تستاهلى عليه القتل ”
صرخت فى الم ” يبقا تقتلنى يا ادهم …اقتلنى ارحم ” وانتزعت نفسها من امامه وخرجت بسرعة وصوت بكائها يصله ، تهالك على الفراش وشىء ما فى اعماقه يتحرك ، انه حبها الذى لازال عالقا ومختبئا بين ثنايا جرحه وحبه للانتقام ، ذلك الحب الذى يحاول ان يصدقها ويقاوم كل الغضب الذى يستعر بداخله دون جدوى ، ذلك الحب الذى اراد ان يضمها اليه ويمسح دموعها ، ذلك الحب الذى يرفض ايذائها ويمنعه عنها ، ولكن غضبه يلتهمه ببشاعه ويرفض ان يكون سفيها ويصدقها فقط لانه يريد ان يصدقها ، لانه يريد ان يعيش حلمه معها ، لانه لم يحب فى حياته سواها ، امسك برأسه وهو يشد شعره فى الم قائلا وهو ينظر الى الباب المغلق حيث خرجت ” ليه يا ندى …وصلتينا لكدة ليه ؟؟؟“
***************************************************
وضعت ياسمين يدها فى جيب معطفها الانيق وهى تسير فى ردهة المشفى وتبحث بعينيها عن عمر الذى كان يتابع بعض الحالات فى العناية منذ قليل ، وعند موظفى الاستقبال وجدته وقد وقف يتبادل المزاح معهم كعادته كلما مر بهم ، ابتسمت وهى تتجه اليه وقبل ان تضيف خطوة جديدة ، توقفت وقطبت حاجبيها فى دهشة وحاولت ان تدقق نظرها اكثر ، لقد وقفت فتاة ترتدى نفس الزى الخاص بها ، اى انها طبيية تعمل فى المشفى تمازح عمر وتضحك معه وحين دققت النظر فى وجهها تذكرتها على الفور فقد كانت ريم خطيبته السابقة ، ازردردت ريقها فى توتر وشعرت بنيران تستعر بداخلها وتود لو احرقتهما معا بها وهى تتامل وجه ريم الحميل وشعرها الاسود الناعم الذى يمتد الى منتصف ظهرها وقد زادتها نظرتها الواثقة جمالا فوق جمال وهى تشير بيدها بحركات تمازح بها الجميع ، لم تستطع ياسمين الوقوف اكثر ، اقتربت وهى تحاول ان تهدىء من انفعالها دون جدوى ، غريزتها الانثوية تعاملت مع ريم على انها غريمة لها ، رسمت ابتسامة واسعة على شفتيها من جديد واقتربت من عمر وتابطت ذراعه فنظر عمر الى يدها فى تعجب من مبادرتها هذه وتعلقت انظار الجميع بهما وياسمين تقول فى دلال لم يعهده عمر منها من قبل ” دورت عليك كتير …كنت فين ”
رد عمر وهو ينظر الى يدها ” كنت بتابع حالات فى العناية ولسة مخلص ”
رفعت نظرها الى ريم وقالت وهى تدقق النظر فيها ” مش تعرفنا ؟؟“
عمر كان يعرف انها تعرف ريم جيدا ولكنه تجاوز ذلك قائلا وهو يشير بيده ” دكتورة ريم ..كانت دفعتنا وزميلة لينا فى المستشفى ” واشار الى ياسمين قائلا ” ياسمين م…“ قاطعته ياسمن وقالت وهى تشدد من يدها على ذراعه ” مراته ”
رفعت ريم حاجبها وقالت وهى تصافح ياسمين ” تشرفنا ..واضح ان اغلب دكاترة الاطفال هنا بقو دفعتنا ”
واضافت وهى تشير بذراعيها للمكان ” حاجة جميلة جدا الواحد يشتغل بين اصحابه وحبايبه ”
لم ترق لياسمين جملتها فقالت وهى تلوى فمها ” حقيقى …رغم انى مش مرتاحة للمكان خالص وكنت لسة بقول لعمر انى عاوزة اسيب المستشفى ” نظر لها عمر فى ذهول فقد مر شهور على عملهما معا فى المشفى ولم يسمع منها هذه الشكوى مطلقا ، هزت ريم كتفيها قائلة ” لا ياريت تفكرى تانى ..الستاف هنا مميز معتقدتش انك هتلاقى زيه فى مكان تانى ” وابتسمت قائلة وهى تنظر لعمر ” استأذنكو انا بقا عشان رايحة اشوف شغلى ” وما ان ذهبت حتى نزعت ياسمين يدها من على ذراع عمر فى عنف قبل ان تنظر اليه فى غضب وتذهب الى استراحة الاطباء ، تبعها عمر الى هناك فوجدها قد وقفت وهى تعقد ذراعيها على صدرها وما ان راته حتى احتقن وجهها بشدة وقالت فى غضب ” كنت عارف انها هنا قبل ما تيجى نشتغل صح ؟؟“
قلب عمر شفته السفلى فى دهشة وقال ” هيا مين دى ؟؟“
زفرت ياسمين فى ملل وقالت وهى تحدق فيه ” هتكون مين يعنى ..ريم خطيبتك ”
رفع عمر راسه لاعلى وقال ” اه قصدك اللى كانت خطيبتى ”
اشارت ياسمين بسبابتها قائلة ” متغيرش الموضوع ..كنت عارف ولا لا ”
امسك عمر بيدها وقال ” لا مكنتش اعرف ولو كنت اعرف مكنش هيغير حاجة فى الموضوع ”
انتزعت يدها من يده وهى تقول ” انت بتقول ايه ؟؟“
ابتسم قائلا ” بقول ان وجودها من عدمه مش فارق معايا ”
ضربت الارض بقدمها وقالت فى حنق ” بس فارق معايا انا ” ..لما الاقى جوزى واقف يهزر ويضحك مع اللى كانت خطيبته من غير ما يفكر فى احساسى ساعتها ”
اقترب منها عمر وقال فى خبث وهو يستلذ بغيرتها ” حسيتى بايه ؟؟“
اضطربت للحظات من قربه واخفضت عينها وعادت من جديد ترفعهما قائلة فى حزم ” انا عاوزة اسيب المستشفى يا عمر ”
واضافت ودمعة تلمع بعينها ” وانت لو عاوز تكمل براحتك كمل فيها ”
تنهد عمر قائلا ” مفيش داعى لده يا ياسمين ..ريم مجرد زميلة وكمان مش نفس التخصص …مفيش حاجة تجمعنا غير الاحترام المتبادل بس ..الموضوع خلص من زمان ..انتى دلوقتى مراتى ”
واتجه الى الباب وقبل ان يفتحه استدار لها قائلا ” اه على فكرة ..ريم دلوقتى متجوزة وعندها ولد ”
تابعته ياسمين حتى انصرف ، شعورها بانها تمنعه عن ابسط حقوقه يقتلها ، ولكنها لازالت لاتستطيع تقبل الفكرة مطلقا ، والاقسى على قلبها انه يتحملها ، ويصبر على عقدها وغيرتها ومزاجها المضطرب ، لماذا يحمل نفسه كل هذا ؟؟؟، هى واثقة انه بلا نهاية ، لقد حاولت وحاولت وفشلت فلمااذ يصر على البقاء الى جوارها رغم كل شىء ، الاجابة واضحة لانه يحبها وتحمل هوان تجرعه كل عذابات الدنيا والمها بنفس راضية والشىء الوحيد الذى من المفترض ان تقدمه له عاجزة عن فعله .
************************************************************************
خرجت سلمى من احد المتاجر القريبة من المشفى وهى تحمل بعض الاطعمة السريعة لها ولصديقتها فى نوبتهم الليلية قبل ان تتفاجىء بشابين قال احدهما وهو ينظر اليها فى وقاحة ” على فين يا قمر ..ماتيجى شوية ”
عضت سلمى شفتها وقالت ” ابعد عن طريقى دلوقتى احسنلك ”
نظر احدهما الى الاخر وقال وهو يطلق ضحكة عالية ” يااااه ..ده انا خفت ومت فى جلدى ”
اقترب الاخر ليمسك بمعصمها فنظرت الى يده وقالت فى برود ” انت مستغنى عن نفسك صح ؟؟؟“
والقت ما فى يدها فجاة وتفاجىء الاثنين برد فعلها العنيف والقوى ، كان بداخلها طافة الم اشتياق حزن وتفجرت فيهما ، فضربت هذا الذى اقترب منها بسيف يمناها على عنقه فطرحته ارضا وقبل ان ينهض استغلت ذهول الاول من الموقف وركلته بقوة فى صدره ليسقط فوق الثانى ، وقفت وهى تنفض يدها وتقول فى غضب ” ما تبقوش تعملو فيها رجالة تانى ”
نهض الاثنان وهما يحملقان بها فى سخط وجبن ، ” ملحقتش اكون ملاكك الحارس المرة دى ”
التفتت الى الصوت الذى اخترق اذنيها وعرف طريقه الى مشاعرها فعرفته على الفور ، نظرت اليه فى شوق عجزت عن اخفاءه ومقاومته طيلة الاسابيع الماضية ، لم تستطع ان تلجم السعادة التى سرت فى اوصالها غى هذه اللحظة وطغت على اى مشاعر اخرى بداخلها فهتفت فى سعادة قائلة ” ادهم ”
ابتسم وهو يقترب منها قائلا ” ازيك يا سلمى ؟؟“ وحين مد يده ليصافحها رات دبلة الزواج فى يده فعادت الى واقعها بصفعة مؤلمة وتذكرت المرة الاخيرة التى ودعها فيها قبل زفافه ، عادت الى حقيقة مشاعرها التى تحملها من طرفها فقط والتى يصعب عليها التخلص منها مهما حاولت ، تنفست فى عمق وقالت وهى تسترجع كل ذلك بنبرة مؤلمة ” اهلا ياسيادة الرائد ”
قطب حاجبيه قائلا ” ايه سيادة الرائد دى …قولنا ادهم يا سلمى ”
غمغمت فى نبرة حاولت جعلها طبيعية ” اكيد ”
عقد اادهم ساعده على صدره قائلا ” بس ايه اللى انتى عملتيه ده ”
قالت سلمى وهى تسير فى اتجاه المشفى ” عملت ايه ؟؟“
واصل السير الى جوارها قائلا ” عملتى ايه ؟؟؟…كسعمتى العيال ”
ضحكت فى رقة وقالت ” قلو ادبهم وكانو عايزين يتربو ”
توقف ادهم امامها قائلا ” بس انتى كبنت مينفعش تحطى نفسك فى موقف زى ده ..دول كانو اتنين وانتى بنت واحدة ”
ابتسمت وهى تتعداه لتواصل طريقها ” على فكرة انا كنت بلعب جودو ..بس الطب والدراسة خلونى بطلته ”
رفع ادهم حاجبه وهو يقول ” جودو ؟؟؟…ايه علاقة بنت رقيقة وجميلة زيك بالعنف ده ”
لم تستطع ان تتحكم بسعادتها من هذا الوصف الذى خرج تلقائيا منه للغاية ، وشعرت بانه افضل اطراء تلقته فى حياتها لانه ببساطة اطراء من الرجل الذى تحب ، اخفضت راسها وهى تحاول ان تخفى هذا فواصل ادهم ” افرضى حد فيهم كان معاه مطواة لا حاجة ”
هزت سلمى كتفيها قائلة ” لا انا اتاكدت من ده كويس ..بالاضافة ان دول عيال جبانة جدا لو نفخت فيهم هيطيرو ”
ضحك ادهم بشدة وقال ” بس برضه بيقولو الكترة تغلب الشجاعة ودول اتنين وانتى واحدة ”
توقفت سلمى للحظو ونظرت اليه قائلا ” انت نسيت انى انا بنت اللوا مصطفى محفوظ الله يرحمه ..هوا علمنى ادرس اى موقف قبل ما اخد فيه قرار ..يعنى الاتنين دول من منظرهم وهيئتهم وطريقة كلامهم بتقول انهم جبنا جدا ..وحتى انت شوفت مجرد ما وقعو قامو جريو من غير ولا كلمة ”
قال ادهم فى ترقب ” طب لو كانو اتنين بلطجية ومش هتقدرى عليهم ”
هزت سلمى كتفيها قائلة ” لا هنا بقا كنت هصوت والم عليهم الناس العمر مش بعزقة ”
ضحك ادهم ولم يستطع ان يخفى اعجابه بعقلها وطريقة تفكيرها وعقد عقله مقارنه سريعة بينها وبين ندى بكل ما تحمل من تهور لاحظت انه يسير فى اتجاه المشفى معها فقالت ” انت رايح فين ”
رد وهو يشير برأسه ” المستشفى ”
التفتت له سلمى قائلة ” اه ما انا عارفة ..ليه ؟؟“
رد وهو يتجاوز معها الباب ” زيارة لظابط صاحبى هنا اسمه طارق منصور ”
توقفت سلمى للحظات وهى تدير حدقتى عينيها لتتذكره قائلة وهى تشير بسبابتها فى اهتمام ” اه عرفته ..ده اللى اتصاب من كام يوم ..بس للاسف اصابته صعبه واحتمال كبير ميقدرش يمشى على رجليه تانى ”
هز ادهم رأسه فى الم قائلا ” ربنا قادر على كل شىء ”
وصل ادهم الى غرفة طارق ووقفت سلمى تراقبه فى لهفة ، اقترب ادهم من فراش طارق وهو يقول ” حمد لله على سلامتك يا بطل ”
نظر طارق الى ساقيه وقال فى حسرة ” سلامتى !!..بتسمى دى سلامة يا ادهم ”
ربت ادهم على يده قائلة ” ايه لهجة اليأس دى يا طارق ..انا عمرى ماعرفتك بتستسلم بسهولة ”
اغلق طارق عينيه فى الم وقال ” جه الوقت اللى لازم استسلم فيه غصب عنى ومينفعش فيه مقاومة ”
ادار ادهم وجه طارق اليه وقال ” طارق اسمعنى ..اوعى تفقد الامل فى رحمة ربنا ” تمتم طارق ” ونعم بالله ” فواصل ادهم ” على فكرة دكتور عادل قال انه مع العلاج الطبيعى هترجع احسن من الاول ..بس اهم حاجة هيا الرغبة والارادة مش الاستسلام اللى انت فيه ده ” واقترب ادهم منه اكثر مضيفا ” انت طول عمرك اكتر حد بيقاوم فينا ..مش دايما بتقول مفيش حاجة اسمها مستحيل بس احنا اللى بنحب نريح دماغنا عشان منحاولش ..مش ده كلامك يا طارق ”
دمعت عينا طارق فى تأثر وتابعت سلمى الموقف فى تعجب فدكتور عادل لم يقل ابدا شيئا مما قاله ادهم ، راقبته وهو يسرد لطارق كل المهام التى نجح فيها قبل اصابته وكم النجاح الذى حققه وعن حاجة الادارة لجهوده .
انتهت زيارة ادهم لصديقه وخرج ليجد سلمى تقف فى انتظاره وهى ترفع حاجبها فى دهشة مشوبة باعجاب ، فسألها فى اهتمام ” ايه مالك ؟؟“
ضغطت باسنانها على شفتها السفلى قائلة ” على فكرة دكتور عادل مقلش حرف من اللى انت بتقوله ده ، وضع يده فى جيب سترته وهو يبدا السير قائلا ” ما انا عارف ”
قالت فى دهشة وهى تسير الى جواره ” طب ليه قولتله كدة ”
توقف للحظات وهو ينظر اليها ويستند بكفه الى الحائط ” بصى ياسلمى …مفيش مخلوق من حقه يقول فيه امل او مفيش امل مهما بلغت مكانته او علمه ..رحمة ربنا وارادة الانسان وقدرته اللى محدش يعرف مداها ايه فوق كل حاجة ” واشار بسبابته الى غرفة طارق متابعا ” اللى راقد جوة ده …من أكفا ظباط الادارة يعنى الموت ارحمله من انك تقوليله مش هتقدر تمشى على رجليك تانى وهتسيب شغلك اللى بالنسبالك زى الميا والهوا ..المفروض حتى لو الامل ضعيف نخليه يشوفه وانا واثق ان طارق بارادة ربنا وعزيمته واصراره هيخف وبكرة تشوفى ”
ادارت عينيها فى تفكير وقالت ” ولما ييجى دكتور عادل بكرة ويقول مقالش الكلام ده ”
ابتسم ادهم قائلا ” دكتور عادل هيقول نفس اللى قولته ”
مالت سلمى براسها الى اليسار قائلة ” اقنعته يقول كلام مش علمى ..كلام مش مقتنع بيه ”
بسط ادهم كفه امامه قائلا ” اقنعته بمصلحة مريضه واللى ممكن يساعده وهوا ما اعترضش ”
واستدار ليواصل سيره بينما وقفت سلمى فى مكانها للحظات وهى تنظر اليه فى انبهار وتسأل نفسها كيف لها الا تحبه ؟؟، لا يمكن لاى امرأة ان تعرفه حتى تغرق فى بحر عشقه ، الايمكنه الايكون رائعا هكذا فى كل شىء ، الايمكنه ان يكون شخصا عاديا ، لم تنبهر بحياتها بشخص على هذا النحو ، وتلاشت ابتسامتها وهى تهز راسها فى قوة لتستعيد رشدها ، كيف تنسى كل شىء هكذا بمجرد ان تراه ، انه متزوج متزوج ليس من حقها ابدا مجرد التفكير فيه ، متزوج من اكثر فتاة حالفها الحظ فى العالم ، فتاة حصلت على مشاعره واهتمامه ونظراته ولمساته ، حصلت على كل شىء تمنت هى ان تعرف مذاقه منه ، هو لها بكل ما يحمل ، وهى مجرد اخت او صديقة وابنة استاذه الذ ى يكن له كل الاحترام ، لا يجب عليها ان تشرد بخيالها اكثر ومن عينيها سقطت دمعة استغلت شرودها وجرت على وجنتها وهى تراقبه يغادر المكان وهاتف من داخلها يعلو ليس من حقى .
***********************
نهض ايمن من مقعده فاتحا ذراعيه فى سعادة وهو يقول لادهم ” اخيرا …لازم اقولك انى عاوزك عشان تعدى عليا ”
احتضن ادهم ايمن فى حرارةقائلا ” والله محدش قالك تسيب القصر وتروح تقعد فى الفيلا لوحدك ”
غمز ايمن بعينه قائلا ” بخليلك الجو يا سيدى اياكش يطمر فى خلقتك ”
جلس ادهم وقال فى جدية ” على فكرة يا ايمن لو مش مرتاح ممكن انا وندى اللى نسيب القصر ونروح الفيلا و..“ قاطعه ايمن قائلا ” ايه يا بنى الكلام الفارغ ده انت عارف انى فى الفيلا من قبل ما انت تتجوز بكتير وعموما انا اصلا مش برجع غير ع النوم ده لو رجعت ”
تنهد ادهم قائلا ” الله يكون فى عونك ..ع العموم براحتك ”
قال ايمن وهو يفتح ملفا امامه ” خلينا فى المهم ..عارف طبعا منتجع بلازا اللى فى شرم ”
هز ادهم رأسه قائلا ” طبعا ده من اكبر المنتجعات السياحيه هناك ”
عاد ايمن بظهره الى كرسيه قائلا ” صاحبه بيمر بأزمة وعارضه للبيع والالفى جروب بتفكر تشتريه انت ايه رأيك ؟؟“
هز ادهم كتفيه قائلا ” انا عاملك توكيل عام بكل حاجة وانت ادرى بالمجموعة وشغلها اعمل اللى شايفه صح ”
ـ بس دى فلوسك زى ماهى فلوسى ومن حقك تعرف كل قرش رايح فين وجاى منين ”
التفت له ادهم وقال ” بمناسبة فلوسى ..انا مش موافق ان الارباح تبقى النص بالنص بينا احنا الاتنين ..انت شايل الشغل كله على اكتافك يعنى العدل انت التلات اربع وانا الربع ”
ضحك ايمن وهو يدور بكرسيه قائلا ” انت عايز تدينى اجرى كموظف بيديرلك شغلك ”
ونهض من على كرسيه ليجلس مقابلا لادهم وهو يقول ” صدقنى مش فارقة ..المهم اسم الالفى يفضل رقم واحد فى السوق زى ما استلمناه من ابونا وجدنا هنسلمه لعيالنا برضه وهوا رقم واحد ”
تراجع ادهم فى مقعده قائلا ” عيالنا ؟؟“
قال ايمن وهو يربت على كتف ادهم قائلا ” ايه انت مش متجوز وكلها كام شهر ان شاء الله ويجيلك ولاد فى الطريق ”
زفر ادهم فى خيبة امل وقال ” ان شاء الله ” واصل ايمن ” وانا كمان قررت اتجوز ”
رمقه ادهم بعدم تصديق وتفحصه للحظات قال بعدها ” بتتكلم جد ؟؟…ودى مين بقا اللى خلتك تتنازل عن رهبنتك ”
نهض ايمن واتجه الى النافذة قائلا ” فريدة ..فريدة اشرف سيف الدين ”
صمت ادهم للحظات ليستوعب الامر فى رأسه قبل ان يقول ” مش ده اشرف سيف الدين اكبر منافس للالفى فى السوق ”
وضع ادهم يديه فى جيبه واستند الى الحائط قائلا ” مظبوط ..ومش منافس عادى ده منافس شرس والحرب معاه هتخسرنى كتير حتى لو كنت بكسبها ..فقررت نعمل اتفاقية سلام ونحط ايدنا فى ايدين بعض ويبقا السوق كله لينا ”
ضحك ادهم قائلا ” تصدق اول ما قلتلى ان ناوى تتجوز افتكرت ان فى واحدة جبتك على بوزك وخلتك تاخد القرار ده ..اتا ريها صفقة بقا مش جوازة ”
قال ايمن بابتسامة ” انا كل قراراتى فى الحياة عبارة عن صفقات ..انا بمشى بده وبس ” واشار الى رأسه بسبابته وتابع بعدها بلا مبالاة ” وبعدين البنت انا شوفتها ..ظريفة وحلوة مش بطالة ..وعارفة كويس جوازنا ده ايه ..دماغها زى دماغى بالظبط ..فمش هتعب معاها لانها مش هتطلب منى مشاعر مش موجودة عندى من اصله ”
نظر له ادهم فى حزن ، ربما كان على حق فماذا فعلت له المشاعر ، قال وهو يهز كتفيه ” مادام مبسوط بقرارك الف مبروك ” ونهض ليعانقه فى اللحظة التى دخلت فيها مها السكرتيرة الخاصة به وهى تقول ” ايمن بيه ..فى حد ساب السى دى لحضرتك وقالى اديهولك ”
سألها ايمن فى اهتمام ” حد مين ؟؟“
هزت راسها وقالت فى حذر ” مش عارفة يا فندم هوا سابه ومشى من غير ولا كلمة ”
نظر لها ايمن فى غضب وقال ” ده على اساس ان احنا فين هنا ..فى طابونة ؟؟،…حد يدخل المجموعة ويمشى من غير ما نعرف مين هوا …حضرتك لازمتك ايه ..والحرس اللى بياخدو مرتبات وزرا دول لزمتهم ايه ”
نظر ادهم الى مها التى احمر وجهها فى خجل من تقريع ايمن لها فقال فى اشفاق ” اتفضلى انتى يا مها دلوقتى ..معلش ”
ونظر الى ملامح اخيه الغاضبة قائلا فى عتاب ” على فكرة كبرت الموضوع واحرجت البنت ”
لم يلتفت له ايمن فهو لن يحدثه للمرة الالف عن قواعد العمل وعن الصرامة التى يجب ان يعامل بها كل شخص والاضاعت هيبته وهيبة المجموعة واستغل كل من كان الامور لصالحه ، نظر الى ساعته قائلا ” باقى خمس دقايق على اجتماعى مع مديرى الفنادق ..“ واضاف وهو يضع السى دى فى الاب ” بس ميضرش خلينا نشوف محاولة الابتزاز المرة دى عاملة ازاى ”
قطب ادهم حاجبيه قائلا ” ابتزاز ”
تابعه ايمن قائلا ” اه طبعا متعودين على الحركة دى ..دى بقت حاجة مسلية جدا ..حد يرمى اسطوانة ويمشى ..هيكون عليها ايه يعنى توم وجيرى ” وحين ظهرت ايقونة السى دى اشار ايمن بسبابته وهو يفتح قائلا ” ادينا هنشوف دلوقتى ”
وفتح ايمن الاسطوانة وكانت المفاجاة التى عصفت بالجميع ، كانت احقر اوراق احمد سليم وآخرها ، لم يتخيل ادهم حتى فى كوابيسه ان يرى هذا المشهد ابدا .

