Uncategorized
رواية افراح منقوصة الفصل الثاني 2 بقلم امل صالح – تحميل الرواية pdf

رواية افراح منقوصة الفصل الثاني 2 بقلم امل صالح
رفعت التلفون على ودنها بعد ما ردت، اتكلمت بصوت مخنوق وبنبرة كان باين فيها عياطها: نديم!
وهي وكأنها ما صدقت حد يسألها، خصوصًا لما السؤال جالها منه هو، سؤال عادي لكن كالعادة لم يخلو من حنية نبرته وخوفه عليها..
اتفتحت في العياط من جديد ولسة التلفون حاطاه فوق ودنها، بتعيط من غير ما تنطق بكلمة واحدة، وهو قاعد مكانه هيتجنن!
مش عارف يعمل إيه أو يفهم منها حتى سبب عياطها، يمكن لو كان موجود معاها كان عرف يحتويها وفهم منها في إيه، لكن ده في دولة تانية!!
كان حاسس نديم بالعجز، وقف يتحرك في الأوضة ويلف حوالين نفسه، بيحرك ايده في الهوا وهو بيكلمها وكأنه قصاده:
_ فاتن! في إيه ماتخوفنيش بالله عليكِ، اهدي وقوليلي حصل ايه.
حاولت تتمالك نفسها، رجعت تاخد نفسها عشان توقف شهقاتها لحد ما هِدَت، وعلى الجانب الآخر قعد نديم على السرير مرة تانية وسألها بيأس وحزن من بُعده اللي مخليه عاجز عن وجوده معاها:
_ في إيه يا فاتن؟!! في ايه!
فضلت ساكتة لثواني، ثواني كانت بتحاول تقرر فيهم؛ تقوله ولا لأ على معاملة أبوه ليها، خايفة لو قالتله ينفذ تهديده وفي نفس الوقت خايفة لو ما قالتلوش يأذيها ويزيد في جبروته!
_ مفيش يا نديم، أنت بس … أنت بس وحشتني!
_ كذّابة، أحلف على المصحف إنك كذابة يا فاتن، أنتِ بتكلميني كل يوم، عُمرِك ما عيطتي بالشكل ده! مش مصدَقِك!
عيونها رجعت تدمع وهي مستمرة في كِذبها عليه: والله مفيش حاجة، أنت فعلًا وحشتني جِدًّا..
كانت صادقة وكاذبة في نفس الوقت، كاذبة في ردها على سؤاله، صادقة في اشتياقها واحتياجها ليه، مسح نديم وشه بكف ايده الفاضي وهو متيقن إنها مش بتقول الحقيقة ورغم ده سايرها في كلامها:
_ طب وده يخليكِ تنهاري بالشكل ده؟؟ ما أنتِ كمان وحشتيني!
_ ارجع بقى يا نديم، اشتغل في مصر وكفاية غربة!
قالتها بصوت مخنوق وهي على وشك البكاء من جديد، حاسة بوحدة مريبة في بيت عيلته من غيره، بتحارب ناس مش شببها ولا يملكون من الإنسانية ذرة تخليهم يسيبوها في حالها.
هو أول ما سمع جملتها الأخيرة عينه دمعت بتلقائية، بلع ريقه لما حَس بخنقة ورد عليها بصوت حاول يخليه طبيعي:
_ على عيني يا فتون والله، على عيني يا حبيبة عيني، بس أنتِ شوفتي بنفسِك بلدي عملت فيّا إيه!
ابتسمت عقب لقبها اللي بيخصها بيه؛ “فتون”
رفعت ايدها مسحت عيونها بيها قبل تكمل كلامها معاه، بتحاول تتوه على عياطها وانهيارها من شوية وفي نفس الوقت تهون عليه.
وهي في أعز احتياجها لمن يهون عليها.!
خلّصت كلام معاه وبصت للساعة في تلفونها، 3 قبل الفجر! لسة ساعتين ونص على أذان الفجر، ساعتين ونص على تنفيذ طلبه اللي أمرها بيه!
غطت وشها بكفوفها الاتنين وهي بتقول يارب، مش عارفة تدعي وتقول إيه بس كفاية ربنا يعلم هي جواها إيه.
ماتعرفش امتى راحت في النوم ونامت على الأرض مكانها، امتى الفجر أذّن وهو راح وصلى وانتظر نزولها عشان تروح تجيب العيش، ماتعرفش حاجة ولا حست بحاجة
فجأة سمعت صوت خبط جامد على باب الشقة اللي كانت لسة قاعدة قريبة منه، صوت خلّاها تتنفض من مكانها بفزع، جسمها كله اترعش وهي بتبص على الساعة؛ سبعة الصبح! الفجر أذّن والناس صلّت، أكيد اللي بيرزع عليها ده هو!
بلعت ريقها بخوف وزحفت بعيد عن الباب وهي حاسة بمحاولاته لكسره والدخول، لسة جسمها كله بيتنفض وبيرتعش بخوف.
_ عارف إنِك جوة يا ** بنت الـ **، والله لو ما فتحتِ لأكون مخلّص عليكِ أنتِ سامعة!
حاوطت فاتن جسمها بايدها في محاولة بائسة لبث الطمأنينة لنفسها، وبدون شعور منها وبسبب رعبها منه كانت بتغرز صوابعها في دراعها بعنف.
سمعت صوت ابنه الكبير مجدي وهو بيحاول يبعده عن الباب ويفهمه إن اللي بيعمله ده عيب ومينفعش!
لكن لا حياة لمن تنادي!
_ بقى حتى عيّلة ماتسواش شِلِن زي دي تكسر كلمتي؟؟ وربنا لأكسرلها رقبتها، سيبني اوعى أنا مش شايف قدامي!
وقفت فاتن من مكانها بصعوبة، قاومت ارتجاف جسمها وخوفها واتحركت ناحية الباب، وقفت وراها وخرج صوتها ضعيف:
_ غصب عني يا عمي والله، راحت عليّا نومة وماصحتش غير دلوقتي!
_ طب افتحي بس الباب ده كدا بدل ما اطربقه فوق نفوخك، افتحي وكلمني وش لوش..
_ هلبس وأنزل أجيبه دلوقتي لسة الفرن ماقفلش، هلحق والله!
رزع فوق الباب: بقولك افتحي!
مسكه مجدي ابنه وحاول يرجعه لورا: يالا مايصحش اللي بتعمله ده، بعدين ما الست عزة بتجيبلنا العيش كل يوم ببطايق التموين، لازمته إيه ننزل حريمنا وسط هيصة الفرن وقرفه ده!
زقه للمرة التانية بعنف: بقولك إيه يا مجدي ابعد كدا وملكش دعوة أنت، أنا قولت كلمة هي اللي تجيب العيش يبقى هي اللي تجيبه، إنما روح أمها تستغفلني وتعمل شغل الأفلام الهابط ده يبقى تستاهل ضرب الجزم، بعدين حريم إيه؟؟ هي دي حريم دي؟؟ أنا عارف أخوك اتطس في نظره وبصلها على أي أساس!!
كلمة ورا كلمة بتخرج منه بسهولة وببساطة ولكن كانت بتنزل عليها زي السوط، بلعت اهانته ليها وهي بتتمنى يكون خلّص غضبه لحد كدا، يسيء ليها تاني بس الباب اللي مانعه عنها ده ما يتفتحش!
واستجاب ربنا لأمنيتها التي لم تبُح بها لما خبط خبطة أخيرة على الباب وقال قبل ما يمشي: انجزي يلا عشان هتنزلي تجيبيه برضو..
ونزل ووراه مجدي ابنه على السلم بيتكلم: يا حج دي مرات ابنك اللي سايبها أمانة لينا، مينفعش هو يمشي نقوم إحنا نعمل فيها كدا ونبهدلها، بعدين العيش بيتوزع على الشارع كله يوميًا من غيرِك ما الحريم تنزل وتتبهدل في وقفته، لزوم ايه نزولها بس؟! يعني حتى لو ضاقت الدنيا ومفيش حد يجيبه لينا يبقى ساعتها الرجالة هي اللي تتصرف…
وصلوا لحد البيت في الدور الأرضي الخاص بمختار أبو مجدي وحماها، لَف مختار بصله وحرك راسه بلامبالاة: خلصت خلاص؟؟ ملكش دعوة أنت، مراتك معززة مكرمة محدش جه جنبها بكلمة متضايق ليه؟؟
_ عشان دي أمانة أخويا اللي حلفنا نخلي بالنا منها قبل ما يمشي، وأمانة أهلها لينا اللي مش عارفين بنتهم بيتعمل فيها ايه هنا، حرام عليك يابا دي بنت ناس ومسير اللي بتعمله فيها يتردلك..
زعق مختار فيه وهو بيحرك ايده في الهوا بعصبية: خلاص ابقى نزلي مراتك بدالها يا حِمش أنت!
رد عليه مجدي بعصبية مماثلة: أكسر ايد اللي يفكر يكلم مراتي بكلمة يابا، يفكر بس مجرد تفكير..
_ خلاص غور وملكش دعوة بقى باللي بعمله، جتك القرف قفلتلي يومي!
سابه ودخل ومجدي فضل واقف مكانه لثواني بيستغفر ربه وهو مش راضي عن اللي أبوه بيعمله، وفي نفس الوقت مفيش في ايده حل يقدر يساعدها بيه من تجبر أبوه!
طلع السلالم ناحية بيته فقابل في طريقه فاتن اللي لما لمحت طيف حد طالع على السلم تراجعت لورا بخوف معتقدة إنه حماها طلع ليها تاني.
شافها مجدي ولمح حركتها، صعب عليه هيئتها وهي منكمشة على نفسها وبتبص للأرض بخوف: أنا مجدي يا فاتن متخافيش..
رفعت راسها وبصتله بنظرات لم تخلو من شعورها بالخجل والانكسار، في حين كمل هو بإحراج: حقِك عليا من اللي بيعمله أبويا، أنتِ عارفة محدش بيقدر عليه..
هزت راسها بدون ما ترد عليه وكملت طريقها لتحت، خرجت من البيت كله واتحركت بشرود في الشارع، الناس بتبصلها استغراب؛ بقى هي دي العروسة اللي لسة متجوزها نديم من 3 شهور بس!
وشها شاحب،
جسمها خاسس،
ملامحها الجميلة حبسها الحزن اللي اترسم على وشها ورا قضبانه.
– فاتن!!
رفعت وشها فجأة، بصت حواليها تستوعب هي فين بعد ما سرحت لوهلة ونست، بعدين بصت للي واقف قصادها؛ فارس ابن عمها..
رفعت ايدها تعدل طرف حجابها بتوتر: ازيك يا فارس!
_ رايحة فين الساعة دي؟؟ ومالك متبهدلة ومش على بعضِك، في حاجة ولا إيه، أنتِ كويسة!
عينها دمعت وهي نفسها تصرخ بِـ”لأ”، نفسها تقوله على كل اللي بيحصل معاها، نفسها تقوله ياخدها من هنا ويرجعها لحضن باباها ومامتها تاني، نفسها ونفسها وفي النهاية ردت بـ:
_ الحمد لله بخير، أنا كنت راحة الفرن أجيب العيش بتاعنا أنا وحمايا.
قالتها بكسوف، طول عمرها عايشة ملكة في بيت أبوها، الشارع ده مش بتنزله إلا للضرورة، حاجة البيت أخوها أو أبوها بيجيبوها لكن النساء لأ! مكرمين اللي عايزينه يجيلهم.
ودي الأصول والمتعارف عليه!
ما توقعتش فتون رد فعل فارس ابن عمها، عينه برقت بعصبية وهو بيرد عليها:
_ نازلة الساعة ٧ الصبح تجيبي العيش؟؟ ليه رجالة البيت عندكم ماتت يابنت عمي!!
يتبع…ᥫ᭡

