Uncategorized
رواية افراح منقوصة الفصل الخامس 5 بقلم امل صالح – تحميل الرواية pdf

رواية افراح منقوصة الفصل الخامس 5 بقلم امل صالح
_ ناديلي فاتن يا طنط، خليها تجهز عشان تروح بيتها…
بصتله نعمة أم فاتن بتوتر، مش عارفة تتصرف إزاي!
محدش من رجال البيت موجود في الوقت ده، كلهم في شغلهم، وواضح من شكل نديم إنه جاي ومُصِر على طلبه، جاي وعارف هو بيعمل وهيعمل إيه، وهي مش هتعرف تتصرف!
_ طب تعالى يابني ادخل، هنتكلم على الباب ولا إيه!
اخد نفس وهو بيبص للأرض، ايده اليمين بيمسح بيها على رقبته من ورا، بيحاول يتمالك نفسه وغضبه عشان ما يدخلش يجيبها هو بنفسه.
رفع وشه واتكلم وإيده التانية في جيب بنطلونه: لو سمحتِ أنا هستناها هنا، عرفيها إني مستنيها وخليها تخرجلي..
اتحرك كام خطوة لور وسند على الحيط وراه بظهره، في حين سابت نعمة الباب متوارب ودخلت الشقة مرة تانية، وقفت في نص الصالة بحيرة؛ مش عارفة تعمل إيه، تكلم جوزها وابنها عشان يعملوا قعدة زي ما اتفقوا، ولا تدخل تعرّف فاتن بوجود جوزها وتشوف هي هتتصرف إزاي وقتها.
فضلت واقفة في الحيرة دي لحوالي دقيقتين، لحد ما فاتن بنفسها خرجت من الأوضة، وقفت تبص للباب بقلق وخوف بقت تحس بيهم غصب عنها بعد اللي حصل؛ طيف مختار ملاحقها في كل مكان وزمان!
_ مين يا ماما؟!
سألتها وعينها لسة على الباب، قربت منها نعمة واتكلمت بصوت واطي وهي بتمسح على دراعها: نديم..
بعدت عينها عن الباب أخيرًا،
بصت لأمها بعدم استيعاب لثواني معدودة،
بعدها عينها بدأت توسع بالتدريج والصدمة تترسم على وشها وهي بتكرر من بعدها: نديم؟!!
اتحركت بخطوات أقرب ما يكون للجَري ناحية باب الشقة اللي كان مفتوح، فتحته على آخره بعد ما كان متوارب زي ما سابته مامتها، شافته واقف قصادها، بِطَلّة عادية جِدًّا لكن مُجرد وجوده سعادة ليها، ولقلبها..
واقف ساند على الحيطة وراه،
ايديه مربعهم سوا،
عينه ثابتة على نقطة في الأرض وواضح إنه كان سرحان،
لدرجة ماحسش بوجودها.
الدموع اتجمعت في عينها بتلقائية، نادت بإسمه بصوت مخنوق وهي لسة واقفة مكانها: نديم..
رفع رأسه أخيرًا، اتعدل في وقفته بعد ما حرر ايديه من تشابكهم، وفي لحظة كانت اختفت من عند باب شقتهم وبقت في حضنه!
بتعيط بشكل عنيف هيستيري، عياط ماعيطتوش خلال الأيام اللي فاتت كلها، بتردد اسمه من غير ما تقول أي حاجة، مفيش صوت مسموع في المكان كله غير صوت بكائها و”نديم” اللي بتقولها.
نديم واقف ماستوعبش أي حاجة من اللي حصلت، فجأة بقت بين ايديه، محاوطاه بايديها وبتشدد على هدومه وهي بتعيط وبتردد إسمه!
أخيرًا فاق من تعجبه، رفع ايده وبادلها الحضن بصمت وهو مغمض عينه.
محدش فيهم كان مُدرك لمُدة الوقفة اللي وقفوها، هي بتعيط وبتترعش بين ايديه، وهو بيحاول يهديها بدون ما ينطق بكلمة واحدة، بيطبطب على راسها وضهرها بايديه بس.
وعند باب الشقة وقفت نعمة بعيد عن مرآهم، عايزة تنبهم لوقفتهم على السلم وفي نفس الوقت مش عارفة تعمل كدا عشان ما تحرجهمش.
سمعوا التلاتة صوت رزع جامد من تحت، كانوا عارفين إنها بوابة البيت فخمنت نعمة إن حد منهم جه أخيرًا عشان ينقذها من حيرتها، لكن متوقعتش يكونوا …. الأربعة!!!!
السيد وسراج، رؤوف وفارس،
الأربعة طالعين ورا بعض على السلم بصمت، في صورة سينمائية مثالية، تليق برجال آل حمدان!
نديم وفاتن كانوا بعدوا عن بعض، الاتنين واقفين قصاد السلم بالضبط، واللي كان أول مَن ظهر عليه سراج أخوها، اللي شد أخته من رسغ ايديها ناحيته واتكلم:
_ أهلًا أهلًا يا جوز أختي، مش الأصول برضو تكلم حد مننا قبل ما تيجي هنا وتقول إنك عايز تاخدها ترجعها بيتها.
رجع نديم يربّع ايده، بص لسراج ورفع حاجبه وكأنه بيقوله “والله!”، قبل ما يتكلم بسخرية: الله يسلمك يا سراج، أنا الحمد لله كويس.
وبعدها عينه اتحركت لفارس، فضل يبصله لمدة طويلة بصمت وبنظرات كلها غيظ وضيق، الكلام اللي سمعه عنه وعن فاتن بيتعاد ويتكرر في دماغه، كلام أبوه عن خيانتها ليه معاه..
ومع طول نظراته ناحية فارس، رفع فارس ايده وحركها في الهوا وهو بيقول بعيون بريئة وبسمة صغيرة خبيثة على شفايفه: هاي نديم!
ماردش عليه نديم وبعد عينه عنه، بَص للسيد حماه واتكلم وهو بيعتدل في وقفته بأدب: إزيك يا عمي..
_ كويس يا نديم، كويس بس بنتي مكنتش كدا في بيتَك يابن الأصول..
ابتسم سراج بسخرية وهو بيهمس بصوت وصل للكل رغم انخفاضه: أصول آه.
بصله أبوه بتحذير، في حين اتكلم رؤوف بعقل وحكمة أخيرًا وسط كل هذه المناوشات والنظرات وهو بيشاور للشقة: ميصحش اللي أنتوا بتعملوه ولا الوقفة دي، ادخلوا نتكلم جوة مش هنتكلم وإحنا واقفين هنا كدا.!
بالفعل دخلوا كلهم، ونعمة وفاتن ونديم مش فاهمين ولا عارفين هم الأربعة عرفوا إزاي بوجوده أو بطلبه، نديم شك إن نعمة حماته هي اللي كلمتهم ولكن تالي اللي ميعرفوش إن حتى هي ماتعرفش إزاي!
سراج أخد أخته وأمه ودخلهم غرفة من الغرف، وقف بص للإتنين واتكلم بتحذير: مفيش واحدة فيكم تطلع من الأوضة دي غير لما آجي أنا وأفتح، هتسمعوا شقلبظات وكلام قبيح والذي منه، إياك ألمح واحدة منكم برة..
ابتسمت نعمة على كلامه وبص هو لفاتن اللي كانت سرحانة في عالم تاني وكمل قبل ما يمشي: وخصوصًا أنتِ يا رُهيفة المشاعر يا مُحنو، ماشي؟؟
وكمان جملته دي ماسمعتهاش ولا انتبهت ليها، كل تفكيرها دلوقتي في اللي هيحصل بعد كام ساعة أو كام دقيقة الله أعلم.
وبرة، خرج ليهم سراج وقعد جنب نديم، وهو بيقعد خبط على رجليه واتكلم بسماجة: منور يا جوز أختي.
بصله نديم بقرف ورجع يتكلم مع السيد: وأعتقد إن حضراتكم خدت حقكم يا عمي! أنا أبويا مفيش حتة في وشه ولا جسمه سليمة! كل ده عشان طلب منها تروح تجيب العيش؟؟ فاتن كانت ترفض ببساطة!
ضرب سراج كفوفه ببعض و عِلىٰ صوته وهو بيضحك جامد وبيسقف بايديه، الباقي بَص لنديم بنظرات مختلفة، حادة، ساخرة مستهزءة.
وأخيرًا سكت سراج واتكلم ولسة أثار الضحك في صوته: يعني أبوك الغلبان ده فَهمَك كدا؟؟ فَهمَك إنه طلب بكل لطف وأدب من فاتن تنزل تجيب، وإنها كان ليها حرية الاختيار!
كمل على كلامه السيد بعصبية:
_ أبوك كان مشغل بنتي خدامة تحت رجليه يا نديم، استغل طيبتها وهو عارف إنه بتهديد ميصدقوش عيل صغير هيعرف يضحك عليها، تخلص شغل شقتها فوق وتنزل تعمل شغل شقة أبوك وأمك تحت، وياريته كان بيعجبه!
سكت لثانية قبل ما يرجع يكمل بصوت أعلى وهو بيحرك ايده في الهوا:
_ شغال في الطالعة والنازلة يقلل منها ومن اللي بتعمله، بيعايرها بعيوب محدش شايفها غيره لمجرد إنك اختارتها هي وماختارتش اللي هو عايزها، ده غير الألفاظ الـ** اللي كان بيسمعهلها، غِلط فيها وفي شرفها وفي أبوها وأمها وشرفهم..
كان بيتكلم وهو بيعد على ايديه وصوته كل شوية يعلىٰ، وقصاده قاعد نديم مش قادر يستوعب اللي بيتقال! أبوه عمل كل ده؟!! أومال إيه الكلام اللي قالهوله أول ما نزل مصر ده؟!!
أبو فاتن سكت ياخد نفسه، كان بينهج وصدره بيعلىٰ ويوطى لشدة انفعاله، فكمل من بعده فارس بهدوء ينافي الغيظ اللي جواه لوجود نديم ولطلبه بأخذ فاتن ورجوعها بيتها:
_ أبوك مش زي ما فهمك يا نديم طلب من فاتن، أبوك أجبرها، ومَد ايده عليها لما حاولت تفهمه إن مينفعش، أبوك يا نديم مكنش عايز يخليها تروح تجيب العيش عشان مثلًا الست عفاف المسؤولة عن توزيع العيش حصلها حاجة، لأ … أبوك كان عايزها تروح عشان تتمرمط وتتهزق هناك وسط الحريم والرجالة، اتشرط عليها تنزل بعد صلاة الفجر على طول، كان عايز يرجع من الصلاة مايلاقيهاش في البيت، يلاقيها واقفة عند الفرن..
اتكلم سراج وهو بيبصله بسخرية وبصوت متألم لأجل أخته: أنت عارف لما اتأخرت ساعتين عشان نامت غصب عنها ياحبيبتي عمل ايه؟؟ طلع اتهجم عليها في بيتها فوق، وكان عايز يكسر عليها باب الشقة، الـ**..
وختم سراج كلامها بكلمة ولفظ بشع، خلت أبوه يبصله ويزعق بصرامة: ســـراج!
نفخ سراج بتذمر ورجع لورا وربّع ايده زي الأطفال، وابتسم على شكله فارس قبل ما يتحمحم ويكمل بجدية: اليوم اللي كلمتك فيه وعيطت، هو ده … ويومها كانت خايفة تنام تتأخر ماتنزلش زي ما هو عايز ولما صحت لقيته واقف عند باب الشقة حالف يكسره عليها ويدخل يخلص عليها، كان بيهددها لو قالت حاجة ليك أو لينا هيقتـ.ـلها، إيه رأيك يا نديم!
بصله سراج وكمل بدهشة: إزاي ماحستش يومها إن في حاجة غلط؟!!! صوتها، طريقة كلامها معاك، كل ده مالاحظتش حاجة يا نديم!!
بصلهم نديم بتيه وحيرة، مش قادر يصدق!
معقول كل ده حصل، كل دي حاجات عملها أبوه!!
_ قالتلي … قالتلي إني واحشها.
بيتكلم بشرود، وكأنه انفصل عنهم لعالم تاني..
_ مد ايده عليها، حاول يتهجم عليها.!!
غصب عنه كان بيفكر بصوت عالي، شاور أبو فاتن على باب الأوضة بعصبية: قوم شوف دراع مراتَك عامل إزاي لو مش مصدقنا يا نديم.
بص نديم للأرض واتكلم: أنا مش عارف أقولكم إيه، حقيقي مش عارف!
_ بس إحنا عارفين، بنتي مش هترجع معاك لحتة الراجل ده فيها، تضمنلنا إنه مش هيتعرضلها بنظرة حتى، تخليه زي ما سَوء سمعتها في الحتة يصلحها تاني، طلع عليها كلام إنها بتخون جوزها عشان شاف ابن عمها ماسكها من ايدها وجايبها بيت أبوها، والله وحده أعلم لو مكنش عمل كدا كان زمانه بيعمل فيها ايه دلوقتي!
غمض نديم عينه وضغط راسه بايديه بقوة وهو حاسس بضغط رهيب على راسه وخنقة كبيرة في صدره، حاسس الدنيا بتقفلها في وشه من كل ناحية، كل حاجة حلوة أو فرحة بيعيشها مش بتكمل..
أول فرحة كانت جوازه من البنت اللي بيحبها، وعشان يقدر يعيشها حياة حلوة أفضل من اللي كانت بتعيشها في بيت ابوها أو على الأقل نفس المستوى اضطر مايكملش فرحته الأولى بجوازه منها عشان يسافر ويتغرب بعيد عن بيته ووطنه، كان صعب عليه يسيب عروسته بعد شهر واحد من فرحهم..
راح بلد غريبة وفضل قاعد فيها لما يزيد عن شهر كامل من غير شغل، بيدور بس على أمل يلاقي أي شغل يناسبه، وأخيرًا فرحة تاني تضاف لأفراحه؛ قِدر يلاقي أخيرًا شغل، لكن كانت فرحة أخرى ناقصة، بعد شهر واحد من شغله الجديد واجتهاده فيه عشان يثبت نفسه، فجأة مطلوب منه ينزل حالًا!
نزل فاتفاجئ بالأحداث اللي بتمر بيها مراته، أبوه بيكذب عليه وطلع بيسيء لمراته طول الفترة دي، بعد ما أكدله إن خلاص تقبلها وانها زي بنته!
ودلوقتي مطلوب منه يبعدها عن أبوه، وعشان يعمل كدا محتاج لمكان تاني، شقة تانية!
طب إزاي هيقدر يعيشها في مكان تاني في حالته دي؟!!
_ يا كدا يا كل شيء قسمة ونصيب يا نديم، أختي ألف مين يتمناها، مستنين حركة من ايديها عشان يخلوها ملكة ليهم..
رفع نديم راسه ليه واتكلم بحدة وهو بيحرك صابعه في وشه: أختك اللي بتتكلم عنها دي مراتي يا سراج، والكلام اللي بتقوله ده عيب، ولولا أبوك وعمك كنت رديت عليك بايديا على قلة ذوقك دي.
بص رؤوف لسراج واتكلم وهو بيرجع نديم لورا بعد ما لاحظ تقدمه في جلسته لقدام وكأنه هيقوم فعلًا بتخانق مع سراج اللي بيستفزه بكلامه: اسكت يا سراج أبوك بيتكلم أهو، عيب! وأنت يا نديم اهدى وكلامك معانا هنا مش معاه..
وكذلك بصله السيد أبوه: لو هتعك في الكلام قوم وسيبنا.
رجع ينفخ وهو بيبص لنديم بغيظ، في حين اتكلم نديم بعد صمت طويل وقال الجملة اللي فاجئتهم كلهم:
_ أنا مش هقدر أجيب شقق حاليًا يا عم سيد، فاتن هترجع بيتها وده اللي عندي واللي هيحصل..
يتبع…ᥫ᭡
السادس من هنا



