رواية تمرد عاشق الجزء الثالث كاملة جميع الفصول – روايات سعودية جريئة pdf

�لف ودفع الباب بقدمه، اعتدلت تطالعه بصدمه تهمس اسمه بشفتين مرتجفتين، خطى إلى أن وصل أمامها
ظلت نظرات الاشتياق الممزوجة بالعتاب سيد الموقف.
رفع كفيه يمسد على خصلاتها وعيناه تبحر فوق وجهها يفترسها بإشتياق قلبه. ارتعاشة سرت بجسدها، حاولت التراجع ولكن خانها جسدها، ولم تجد سوى دموعها
امال بجسده يرتشف عبراتها بخاصته إلى أن شهقت بصوت مرتفع، ولكنه منع شهقاتها بطريقته الخاصة. دقائق كانت للقلوب حظها الأكبر من احتضان بعضهما البعض بلهفة الاشتياق والعشق بآن واحد
فصل قبلته التي كادت أن تسحب روحها لخالقها، يضع جبينه فوق جبينها يتنفس أنفاسها الناعمة. لحظات صمت من الألسنة ولكن هناك انفاسًا من اللهيب مشتعلة، رفع كفيه يحتضن وجهها واحتضن عيناها بسواديته
-كدا ياعاليا، ياسين هان عليكي الوقت دا كله
دفنت رأسها بعنقه وبكت بصوت مرتفع عاجزة عن الرد، ضمها لأحضانه بقوة، ثم رفعها بين ذراعيه ليتجه بها إلى فراشها، فيكفي ما صار من فراق بينهما
وضعها على الفراش بحنو، يداعب وجنتيها بأنامله وعيناه ترسمها باشتياقه الكامن بقلبه، انحنى ليبعثر لها عشقه المتمادي بينهما، لم يشعر بالوقت الذي مر بينهما. دقائق من النعيم وعزف القلوب انتهى بنومها بأحضانه تنعم بقربه ورائحته الرجوليه ودفئ انفاسه، ظل بجوارها بعض الوقت يرسمها كفنان مبتدع، ينعم بقبلاته تارة وبهمسها باسمه تارة إلى أن استمع الى آذان الفجر، ليتوقف بعدما دثرها جيدا، واتجه إلى المرحاض ليغتسل ويخرج بعد دقائق معدودة. قبلة مطولة حانية ونظرات مودعة ليستدير مغادرا، ورغم ماشعر من نشوته واشتياقه إلا أنه لام نفسه لضعفه بتلك الطريقة
تقابل مع أخيه على بوابة المنزل، رسم جاسر المفاجأة بوجوده
-إنت هنا من بدري. تحرك إلى سيارته قائلًا: -خلي بالك من راسيل لحد ما ارجع إن شاءالله
ضيق جاسر عيناه متسائلًا: -هترجع منين
استقل السيارة قائلًا: -مسافر العريش، شوية تنقلات سريعة ولازم نكون على الحدود كمان، يعني ممكن ابعد عن العريش
قبض على كتفه واردف بهدوء
-ياسين عاليا تعرف انك مسافر، قام بتشغيل المحرك وقاد سيارته وغادر المكان
بعد فترة عاد جاسر من الصلاة، وجد زوجته انتهت من صلاتها ونهضت تنزع رداء صلاتها بتألم، اتجه إليها يساعدها
جنى عاملة ايه حبيبتي. اومأت برأسها قائلة: -أنا كويسة حبيبي الحاجات دي كلها عادية. جلب إليها منامة مريحة، وساعدها بارتدائها ثم ساعدها بالتسطح يمسد على خصلاتها.
هجبلك حاجة تشربيها. أمسكت كفيه ونظرت إليه
-جاسر مش عايزة غير أنام في حضنك، مش عايزة اكل او اشرب
احتضن وجهها واردف بأسى على حالتها المتألمة
-حبيبتي انتِ مش شايفة نفسك، لازم تتغذي علشان تقدري توقفي، وضع كفيه على أحشائها
-وبنتنا تيجي بالسلامة
هزت راسها رافضة حديثه
-عايزة انام بس حبيبي لو سمحت، لو بتحبني صح بلاش اكل وشرب دلوقتي مش عايزة غير حضنك بس
استدار إلى الجانب الآخر من الفراش وقام بنزع كنزته ليتمدد بجوارها، ويقترب منها يضمها إلى صدره بحنان
دفنت نفسها بداخل أحضانه محاولة السيطرة على الا تبكي فاليوم شعورها بالألم زائد عن الأيام الأخيرة
ء-ياسين قابلني وانا رايح اصلي.
رفعت رأسها تنتظر باقي حديثه، فتابع
-شكله مسافر، بس اللي اتأكدت منه أنه لسة زعلانين من بعض
-إزاي، اومال الوقت دا كله بيعملوا ايه بدل لسة زعلانين
تنهيدة متألمة وهو يفرد جسده يضع رأسها فوق صدره
-معرفش ياجنى، معرفش ايه اللي حصل، انا خايف من حاجة تانية
ضيقت عيناها وهي تداعب صدره وكأنها ترسم دوائر فرفعت رأسها متسائلة: -خايف من ايه؟
مسح على شعره قائلاً: -إن جالها احتياج ياجنى، وقتها عاليا مستحيل تسامحه، معرفش عيونه كانت تايهة حسيته أنه مش عارف عايز ايه
-قصدك جه علشان. توقفت عن الحديث تهز رأسها رافضة حديثه
-لا. مظنش ياسين يكون كدا
-الحب يعمل اكتر من كدا حبيبي، هو بيحبها بس كرامته وجعها
اعتدلت تطالعه باستفهام
-يعني يوجع قلبها علشان كرامته ياجاسر
مرر أنامله على وجهها
-مش كله ياروح جاسر فيه اللي ميقدرش وبيسامح علشان حبيبه وفيه اللي كرامته اهم حاجة
صمتت للحظات ثم زحفت بثقل جسدها مقتربة من وجهه
-وياترى حبيبي انهي نوع. اللي بيخاف على كرامته ولا اللي بيعدي
لمس خاصتها مغمض العينين ثم همس بصوته الأجش
-حبيبك روح في جنته بس، مش عايز حاجة غيرها. فتح عيناه ليقابل بنيتها القريبة هامسًا: -عايز جنته تطمن، بيقولها مستعد اتنازل عن نفسي علشان اشوف ضحكتها
تحجرت عيناها بنجومها المتلألئة وهمست بتقطع: -حياتي كلها فداك ياروح جنتك
ضم رأسها لصدره يهمس بحنان
-يباركلي في جنتي وحياتها يارب. مررت أناملها على عنقه مرة تغازله بعيناها، ورغم شعورها بالامها إلا أنها أرادت اسعاده لتهمس بجوار أذنه باغراء
-وحشة جنتك قوي حبيبي
قبل رأسها يضمها إليه بصمت فيكفي مايشعر به، يريدها بقوة ولكن تعبها وآلامها قاده إلى أمانها اولا
تابع حركاتها بعيناه فانحنى لأذنها
-جنجون صدقيني أنا سعيد وانت في حضني، دا بالنسبالي أهم من أي حاجة، فمتحاوليش تتعبي نفسك علشان ترضيني، وتأكدي انا اسعد راجل في الدنيا
اغروقت عيناها بالدموع مما جعلها تدفن رأسها بأحضانه لترتفع شهقاتها
-إنت مضايق وزعلان مني وبتحاول ترضيني صح
وضع إبهامه على شفتيها
-اشش اهدي ياهبلة مين قالك كدا. لدرجة دي شيفاني شهواني حقير كدا. رفعت رأسها سريعا تهز رأسها بالنفي
-مش قصدي والله، بس انا بقالي اكتر من شهر تعبانة وانت يعني.
امال يحتضن كريزتها ثم تراجع ينظر لعيناها
-انا يعني ايه، أنا اسعد راجل، مرر إبهامه على كريزيتها يداعب أنفها
-هعوز أكتر من كدا ايه ومن غير حاجة
عارف ومتأكد لو بايدك حاجة كنتي زمانك دلوقتي بتتنططي
لمس أذنها بخاصتها وهمس
-أنا بعشق جنى بكل حالاتها، ومش عايز غير أنها تقولي بحبك ياجسورة
دي بتدخل قلبي بطفي ناره حبيبي
رفعت نظرها إليه تهمس بشفتيها وعيناها تخترق رماديته: -بعشقك يابن عمي، عشق الكون كله ربنا حطهولك في قلبي
كان هذا كفيل لمهاجمة كريزتها ليتذوق منها مااطيب من شهد عسلها
بعد فترة غفت بأحضانه وعيناه على بطنها المنتفخة وهي تتأوه بنومها
ظل يهمس لها ببعض آيات الذكر الحكيم لتهدأ بنومها. ولكن آلامها كانت تظهر على ملامح وجهها
وضع رأسها بهدوء على الوسادة وتسحب بهدوء يلتقط هاتفه ليهاتف والدته
نهضت غزل من نومها فزعة تلتقط. هاتفها حتى لا يوقظ زوجها
-جاسر فيه ايه ياحبيبي. توقف بالشرفة يرجع خصلاته بكفيه للخلف قائلاً: -ماما جنى بتتوجع قوي وهي نايمة، دي مابتنمش خالص وصعبانة عليا
تنهدت براحة وأجابته
-حبيبي هي كويسة، الحمل اللي بيكون كدا
خلل أنامله بخصلاته وهو يدور حول نفسه حينما عجز عن مساعدتها. استمع الى كلمات غزل
-ياسين عندك ياجاسر
أطلق تنهيدة عميقة وجلس على المقعد متذكر أخيه فأجابها: -مشي بعد الفجر قالي عنده شغل. اعتدلت على فراشها ونزلت بهدوء من فوق الفراش حتى لا تيوقظ زوجها ثم سحبت روبها وتحركت للخارج ومازالت تتحدث بالهاتف: -يعني ايه مشي هو مصلحش مراته
-معرفش. كانت إجابة بسيطة محبطة له ولوالدته التي سأمت من ابنها فهتفت: -تمام خلي بالك من مراتك، والتعب اللي هي فيه دا عادي. تذكر شيئا فتسائل بحيرة
-ماما مش المفروض طنط نهى وعمو صهيب يكونوا رجعوا معاكم ليه مرجعوش لحد دلوقتي
هبطت درجات السلم ومازالت تحادثه ولكنها توقفت عندما وجدت ياسين متمددًا على الأريكة بغرفة الاستقبال فأجابت جاسر
-عمك صهيب راح يعمل عمرة حبيبي، مردناش نتكلم قدام جنى، وزي ماانت عارف عز مش عايز جنى تعرف إن والدتها عملت العملية من غير ماتعرف، هتزعل قوي، واحنا كنا خايفين عليها علشان حملها، والصراحة كويس اللي عز وفارس عملوه أنهم اخفوا الموضوع، واهو ماكذبوش عليها وعمك راح فعلا يعمل عمرة
تراجع بجسده متذكر حديثها فأردف: -عمرة تلات شهور ياماما، كل شوية تقولي ليه بابا طول كدا المرة دي في السعودية انا بحاول أقنعها أنه عجبه القعدة هناك وخاصة مبقاش فيه مسؤوليات بعد استلام فارس
همست غزل إلى جاسر
-طيب حبيبي هقفل دلوقتي علشان اخوك نايم قدامي اهو، انت خلي بالك من مراتك لما اشوف ياسين هيعمل ايه
جلست بجواره تمسد على خصلاته، حرك اهدابه بعدما تململ بنومه، اعتدل سريعا يمسح على وجهه بعدما وجدها والدته
-ماما. ! حضرتك بتعملي ايه هنا
-أنا اللي المفروض اسأل ياحضرة الظابط انت نايم هنا ليه. انحنى يجذب ساعته ثم نهض من مكانه
-اتأخرت قوي عندي شغل، والمفروض اسافر العريش، قالها وتحرك ولكنه توقف عندما اردفت غزل: -ياسين كنت فين وليه نايم هنا.
استدار إليها وأجابها
-كنت عند جاسر واكيد هو اتصل بحضرتك وقالك. اقتربت بخطاها وناظرته بأسى ثم ربتت على كتفه
-يعني عجبك اللي انت بتعمله دا، طيب قولي ينفع دا، والله لولا سفري انا وباباك كنت مستحيل اسكت على اللي عملته دا، وحضرتك شوفت يادوب وصلنا من هنا وباباك اتجنن من عمايلك وراح جاب مراتك علشان حفيدته تتربى في بيت ابوها
-والله يعني حضرتك شايفة أن لما بابا ياخدها بيت اخويا ويلغيني يبقى كدا هتتربى في بيت ابوها، هو بابا ليه مااخدش باله أن راسيل كانت في بيت ابوها الفترة دي كلها
التوت زواية فمها بسخط من حديث ابنها وتحدثت متذمرة
-اسمعني كويس ياياسين، احنا مكناش في عمرة زي ماجاسر قالك، اقتربت منه وقبضت على كتفه تنظر لمقلتيه
-نهى كانت بتعمل عميلة استئصال، علشان مريضة كانسر
شهقة من فمه مع ذهول بعيناه متسائلا
-وليه خبيتوا علينا، هو احنا اطفال
-لا مش اطفال، بس مرات اخوك حامل وشايف تحذيرات الدكاترة بحالتها، البنت ضغطها من اول الحمل عالي غير السكر اللي رفع من يومين ودا بكلام ربى اختك نفسها انا بحاول اطمن جاسر وباباك شايل هم عمك ومراته، وفرح جواد اللي اتأجل تلات شهور، وعز اللي بقى مقسوم بين هنا علشان جنى متشكش وبين والدته، وحضرتك جاي تقول كلام فاضي. انا كنت واقفة معاك من الأول، اه منكرش غلط عاليا لكن إنت غلطك اكبر، مفيش حاجة بنت تقرب من راجل وتبوسه وهو يسكت، ايه ياحضرة الظابط
صعد للأعلى عندما عجز عن الرد لااحد يشعر ببركان غضبه من زوجته التي كانت على حافة التهلكة، الكل يضعونه في محل الاتهام ويدعونها بما فعلته، دلف إلى حمامه وانعش نفسه بحماما باردا، توقف أمام المرآة ينهي ارتداء ملابسه…
بمنزل صهيب
بغرفة الرياضة كان يقوم بعمل تدريباته الرياضية وباذنه يضع سماعته، دلف عز إليه، توقف للحظات وهو مكتف الذراعين، إلى أن ينتهي من رياضته
توقف ليرتشف المياه، لاحت ابتسامة على وجهه عندما وجد اخيه يطالعه بصمت، اغلق جهاز الحركة ونزل يجذب زجاجة المياة متجهًا إليه
-صباح الورد ياابو أيهم
-صباح الخير حبيبي، ايه يارياضة ياشغل، طيب اقعد شوية مع ابن اخوك ياأخي. ارتفعت ضحكاته وهو يتحرك بجواره للخارج بعدما جذب منشفته يجفف عرقه. هبط للاسفل حتى وصل لحديقة المنزل
توقف يغمز إلى عز قائلاً: -دقيقتين كمان، قالها وهو يقفز بالمسبح. جلس عز أمامه يردف:
-الاجتماع بتاع النهاردة تحضره مع أوس، انا مسافر كام يوم مع روبي، عايزة تغير جو، انت عارف بقالنا فترة مخرجناش من القاهرة، غير الحمل اللي تاعب نفسيتها
توقف عن السباحة يرجع خصلاته المبللة بالمياة ثم أجابه
-مينفعش تبعد الايام دي
قطب جبينه متسائلًا: -ليه مينفعش أخرج. أشار إليه بالانتظار، دقائق وهو يسبح ثم خرج وجلس بجوار أخيه
-جنى! . اعتدل عز ينتظر بقية حديثه فتابع: -جنى وانتوا مسافرين تعبت اوي واتحجزت يومين بالمستشفى، وربى عارفة الكلام دا
ظل مسلط بصره ينتظر بقية حديثه فتابع فارس قائلا: -الدكتورة قالت ضغطها بيعلى وسكرها ودا خطر عليها وعلى الحمل ولازم مراقبة على طول، علشان كدا بقولك مينفعش تبعد واختك تعبانة وكمان ماما مش موجودة
توقف عز متجها إلى منزل عمه، أما فارس اتجه إلى جناحه ليتجهز للنزول لعمله
بمنزل جواد
فتح عيناه بإرهاق، وضع كفيه على صدره عندما شعر بالالام صدره. اعتدل يفتح درج الكومودو يجذب علاجه قبل دخول زوجته، ازداد الألم حتى فقد التحكم في أعضائه. انزل بساقيه ببطئ محاولا الوصول لكوب المياه، رغم قربه إلا أنه شعر أنه يبعده بالأمتار، جذبه أخيرًا بعد محاولات عدة، ارتشف القليل من المياة بفم مرتجف، ثم بسط كفيه ليضع الكوب ولكنه سقط على الأرضية بدخول غزل. ارتضدم الكوب مصدرا صوتا لتفزع غزل، مهرولة إليه
-جواد فيه ايه!
تراجع بجسده يطبق على جفنيه محاولا السيطرة على ارتعاشة قلبه الذي بدأ يضعف نبضه. ظل لدقائق مطبق الجفنين، مما جعلها تطالعه بتخبط وتألم طالعته بذهول لما أصابه. جلست بجواره تجذب رأسه لأحضانها ظنا أن ماأصابه حزنه على صهيب. ملست على رأسه وتنهيدة عميقة خرجت من اعماق أحزانها
-جواد نهى بقت كويسة، وكلها اسبوع وترجع هي وصهيب، ونعمل فرح هنا وجواد، متشلش هم حبيبي كل حاجة هترجع زي الاول. وعايزة اطمنك على ياسين، راح بات مع مراته ولسة راجع من شوية، بس هو سافر العريش علشان فيه حركة تنقلات هناك
كان يستمع إليها ولكنه لم يقو على الحديث، أغمض عيناه بأحضانها وتمنى أن كل شيئا سيبصح بأفضل حال، لكن هناك قبضة اعتصرت فؤاده حينما تذكر أمر مرضه
ظلت لفترة تمسد على خصلاتها وتحاكيه بحنان عن ولادها، نظرت إلى وجهه عندما وجدت صمته، انحنت تقبل جبينه ثم اعدلت وضعيته لتقوم بدثره واتجهت إلى الحمام
بمنزل جواد حازم
تجهز متجهًا إلى عمله، قابلته والدته
-حبيبي انت خارج دلوقتي
اومأ إليها ثم انحنى يطبع قبلة على جبينها
-ماما عندي شغل مهم فيه حاجة. استندت على الجدار وهتفت بملامح عتابية
-مش ناوي تفرحنا وتحدد على فرحك يابني
استدار لوالدته يطالعها بصمت ثم هز رأسه قائلًا: -إن شاءالله ياماما، إن شاءالله، هرجع من الشغل ونتكلم في الموضوع دا
أطبقت على كتفه
-جواد انا هروح لخالك واتكلم معاه اعمل حسابك الفرح هيكون على اخر الشهر احنا مجهزين كل حاجة
-اعملي اللي تعمليه ياماما. أردف بها جواد وتحرك للخارج
اتجه لسيارته قابله فارس
-جواد!
توقف أمامه جواد متسائلًا بعينيه
-فيه حاجة، اقترب منه يضع كفوفه بجيب بنطاله
-عايز رقم ابن عم جوان!
زوى مابين حاحبيه واردف بتسائل
-عايزه ليه؟
-عجباني ياسيدي فيها حاجة
اقترفت شفتيه ابتسامة ساخرة فاقترب يضع كفيه على كتفه
-يعني السنارة غمزت ولا ايه ياسيد الناس
زم شفتيه ولاحت ابتسامة لاعوب قائلا
-ليه انت ولي أمرها وانا معرفش ولا ايه ياحضرة الظابط
ربت على كتفه وتحرك إلى سيارته
-هبعتلك رقمه يانمس، جود باي ناو
خرجت هنا مهرولة إليه
-جواد! . توقف مستديرًا إليها، كانت تتحرك بخطوات واسعة، فاتجه إليها سريعا قائلاً
-على مهلك هتوقعي، وصلت إليه بأنفاس مرتفعة. حاوط جسدها
-اهدي حبيبي فيه ايه. بسطت كفيها إليه بجهازها المحمول
-حبيبي آسفة ممكن تاخد الجهاز على العنوان دا في طريقك، مش فاضية أخرج عندي شغل كتير
ضم رأسها يطبع قبلة أعلى رأسها
-عيوني، المهم مشفراه كويس اومأت له مبتسمة
-مفهوش حاجة، المهم نقلته داتا والباقي مسحته كله، بابي مكلمه، جواد اللاب توب دا عزيز قوي عليا لو سمحت بلاش تعمل زي بابي وتقولي اغيره، لازم تشوف برمجته بس
داعب وجنتيها واومأ ينظر بعيناها
-عيوني لحبيب قلبي، خلصي اللي وراكي، علشان عندنا خروجة بالليل
عانقت ذراعه وتحركت بجواره إلى السيارة تهمس له
-جواد عايزة اسألك عن حاجة. توقف ونظراته تحاصرها منتظر حديثها
-عمو جواد مريض بايه؟
ابتعد ببصره عنها وسحب نفسًا ثم طرده بهدوء متجها إليها
-عرفتي منين الكلام دا؟
رغم اني مش منتظرة الإجابة دي بس هجاوبك. سمعتك بتتكلم مع بابي
نظر بساعة يديه ثم دنى يقبل جبينها
-عندي شغل وهتأخر حبيبي، نتكلم بعدين
توسلته بعينها ثم اقتربت تحتصن كفيه
-علشان خاطري جواد. فتح باب سيارته
اجهزي ياهنون، باي حبيبي. قالها جواد بذهول هنا وتحرك بسيارته
ضربت أقدامها بالأرض
-ماشي ياجواد؟
ببيت جاسر: تململت عاليا بنومها تتقلب بفراشها تبحث عن زوجها، فتحت عيناها تنظر يأرجاء الغرفة اعتدلت تجذب روبها، وارتدته متحركة تبحث عنه بباقي الغرفة، توقفت تطرق رأسها أرضا تهمس لنفسها
-معقول يكون نزل تحت لجاسر، أو يكون راح عند راسيل
فتحت الباب وخرجت متجهة إلى غرفة ابنتها وجدتها مازالت غافية، عادت إلى غرفتها متجهة إلى حمامها واغتسلت وخرجت تؤدي فرض ربها، ثم تحركت إلى الأسفل قابلتها منيرة تقوم بإعداد طعام الإفطار
-صباح الخير يامدام عاليا
اومأت برأسها ثم هتفت
-صباح الخير يا منيرة، هو ياسين في البيسين ولا ايه
وزعت الاطباق على الطاولة وتوقفت تجيبها: -حضرة الظابط مشي بعد الفجر على طول، كنت بعمل كوباية حليب لمدام جنى لقيته واقف مع حضرة الظابط جاسر ووقفوا شوية وبعدها سمعت صوت عربيته حتى كنت عاملاهم قهوة، لكن جاسر بيه قالي رجع حي الألفي
-ايه! . تمتمت بها عاليا بقلب منفطر. استدارت إلى غرفتها سريعًا غير مستوعبة مافعله لماذا أتى ولماذا رحل، هل فعل بي هذا. دلفت إلى الغرفة فهوت على الفراش تضع رأسها بالوسادة تكتم شهقاتها. لماذا فعل بها هذا، هل أتى لأغراضه. أطبقت على جفنيها وانسابت عبراتها بقوة تحتضن نفسها مع ذكريات ليلة الأمس التي ظنت أنها ليلة عمرها
بالأعلى بغرفة جاسر. لم يغلق له جفن بسبب ألالام زوجته ظل جالسًا بجوارها يقرأ بعض من آيات الذكر الحكيم، إلى أن ارهقه قلة النوم، فتمدد بجوارها، رفع كفه يضعه على احشائه يمرره بلطف حينما استمع إلى تأوهها. دنى من نومها يرفع رأسها على ذراعيه. دفنت رأسها تمتم بين النوم والايقاظ
-عايزة انام حبيبي. طبع قبلة على شفتيها
-نامي ياروح حبيبك. تنفس أنفاسها وغفى بالقرب منها يذهب باحلامه
. مرت عدة ساعات إلى أن فتحت عيناها على طرق الباب من قبل ابنها
-مامي. بابي افتحوا انا جيت. نهضت بجسدها الثقيل المرهق، تستند على الفراش إلى أن هبطت من فوق الفراش متجهة إلى الباب بجسد مترنح
فتحت الباب بهدوء، دلف من جوارها
-ايه مامي خبطت كتير. داعبت خصلاته تشير إليه بالدخول
-ادخل حبيبي وبطل تعمل دوشة بابي نايم.
-اووف انا عايز انزل الجاردن وألعب مع بابي، خلاص هروح لناني وراسيل
اومأت له عندما فقدت الوقوف تشير إليه بالخروج
-روح لناني وخلي بالك اوعى تلعب عند البيسين لوحدك
-حاضر. قالها وتحرك يهرول للأسفل، أغلقت الباب واستدارت للداخل، جلست بجواره على الفراش، ظلت تراقب نومه لبعض الوقت متذكرة جنونه بأيامهم القليلة التي اجتمعوا به
استندت على مرفقيها تخلل أناملها بخصلاته وترسمه بعيناها
-ابنك نسخة منك قوي، عقبال بنتك اللي متأكدة هتكون شقية زي باباها
ابتسم بنومه وتمتم
-وليه متطلعش لحبيبة ابوها، وضعت جبينها فوق جبينه
-علشان امها بتعشق ابوها قوي، وبتموت فيه، هنا فتح رماديته ورفع كفيه
-وابوها بيموت بأمها ومش عايز غير حضنها، مرر أنامله على وجنتيها ثم تذكر آلامها فاعتدل يحاوطها بنظراته
-عاملة ايه؟
ابتسمت تضع كفيها على احشائها
كويسة حبيبي، بنتك شقية غير كنان خالص
-آسف! رددها وهو يضم رأسها لأحضانه. اعتدلت محاولة التظاهر بالقوة أمامه وقالت بنبرة جعلتها متزنة: -آسف على ايه ياجاسر، اسف علشان هيبقى عندنا اولاد، تعرف دا أحسن حاجة حصلت لنا
نكس رأسه أسفا وأجابها بألم يعتصر روحه
-آسف علشان سبتك قبل كدا وكنتي بتتعبي وأنا مش جنبك، سواء في حملك الأول أو في حمل كنان، وبرضو في حملك دا سبتك اسبوع كامل أنتِ تعبانة
مررت أناملها على وجنتيه وهمهمت بنبرتها الرقيقة
-فيه حد بيتأسف علشان هيبقى عنده ولاد من حبيبه، على فكرة أنا مش تعبانة، ممكن بس علشان بطني كبيرة المرة دي غير المرة اللي فاتت.
كانت عيناه تتشرب ملامحها التي بهتت بحب وحنان ليقترب منها يحتضن ثغرها ينثر عشقه ليثبت لها انها القلب ونبضه لجسده لكي يبقى على قيد الحياة
بشركة الألفي
جلست أمام جهازها تنهي بعض أعمالها، اقترب منها وعيناه تلمعان بعشقها الذي حفر بقلبه
انحنى يجذب كوب قهوتها ويرتشف بعضه، رفعت عيناها بعدما شعرت بوجوده. استدارت بالمقعد تطالعه
-عايز قهوة، اطلب لك قهوة
هز رأسه وهو يرتشف بعض من الكوب قائلًا
-لا هشرب شوية من قهوتك ولا إنتِ رافضة
دارت بعيناها بالمكان ثم نهضت من مكانها
-بلاش لو سمحت مش عايزة حد يتكلم عليا كلام مش كويس
وضع الكوب بعصبية وأشار بسبباته
-محدش يقدر يتكلم ويقول كلمة واحدة عنك، علشان عارف ممكن ادفنه مكانه
-فارس لو سمحت احترم رغبتي علشان خاطري. قالتها بعيون قلقة عندما توقف ولم يبدي رده. استدار إلى مكتبه دون حديث
جلست ونظراتها الحزينة تتابع تحركه إلى مكتبه.
ارتسم الالم داخل مقلتيها حينما تركها وتجلت على ملامحه الغضب. شعرت بألم قلبها على عدم إدراكه لوضعها، تخشى الحديث المسئ إليها كما تخشى ابعاده، فيبدو أن عشقه تغلغل بالاوردة، ذهبت لذاك اليوم الذي جعلته يوم ميلادها
فلاش باك قبل ثلاث أشهر
فتح باب سيارته
-اركبي عندنا اجتماع خارج الشركة
توقفت متأسفة
-آسفة ياباشهمندس، مينفعش اركب مع حضرتك. اقترب عز منهما
-واقفين كدا ليه
تحرك فارس إلى جهة القيادة ولم يتحدث بينما هي اردفت
-آسفة ياباشمهندس. قاطعها عز
-روحي معاه ياجوان على ضمانتي متخافيش. وبعدين انتو رايحين ميتينج ودا شغل
ارتجفت عيناها ولم تعلم بما عليه فعله، فتح عز باب السيارة يشير إليها بالركوب قائلاً
-احنا عندنا اخوات ياجوان، ولو مش واثقة في حد فينا يبقى مالوش لازمة شغلك معانا.
تحركت سيارة فارس إلى أن وصلت ذاك الفندق الذي يتم به مقابلة العمل، ظل الاجتماع قرابة الساعتين، انتهى الاجتماع مع تنهيدة عميقة بأسى على صمتها طيلة الاجتماع
ظل جالسًا بمكانه بعدما تحرك الوفد بصحبة أوس إلى خارج الفندق، جلست بمقابلته قائلة: -على فكرة هيوافقو على العرض، هما بس بيحسسونا أنهم مطلوبين، بس عجبني إصرار الباشمهندس أوس قوي، لا والبنت الملزقة دي قال ايه من غير تفكير احنا مش موافقين
كان يتابعها بعيناه يحفظ كل انش من حركاتها الطفولية، نهضت تحمل حقيبتها تنظر بساعة يديها
-الساعة دلوقتي تسعة زمان ماما قلقانة لولا قولت لها هتأخر ساعتين كان زمانها مبلغة الشرطة علي
افترت شفتيها ابتسامة وهو يتكأ على المنضدة
-اقعدي نتغدى وهوصلك. هبت فزعة وهتفت مرتبكة
-لا غدا ايه، لا لا طبعا انا اتأخرت قوي
جوااااان. هتف بها من بين أسنانه يشير إليها بالجلوس
-قولت نص ساعة ونمشي واقع من الجوع بقالي يومين مااكلتش يرضيكِ أكون جعان وأمشي والأكل قدامي
وصل النادل يضع المنيو أمامهم
-تاكلي ايه؟
هزت رأسها بالرفض! .
-لا شكرًا مش عايزة
أعطى الرجل المنيو وأشار إليه بالتحرك
-خلاص يابني مش هناكل، هروح انام اصلا
فركت يديها بارتباك قائلة: -ليه مفيش حد يعملك اكل، حرام تفضل من غير اكل، شايفة انك رجل اعمال يعني تقدر تجيب طباخة تعملك
نهض قائلًا: -لا معندناش ياله علشان اروح انام. ذهبت ببصرها للنادل ثم إليه
-لا خلاص غيرت رأيي شكل اكلهم حلو، هنتغدى بس على حساب حضرتك
حاصرها بنظرة حانية ثم جلس ومازالت نظراته تحاصرها قائلا
-عندك كام سنة
زوت مابين حاجبيها: -ايه السؤال دا.
-ابدا بس حركاتك حركات طفلة
أجابته باقتضاب
-ليه عملت ايه علشان حضرتك تقول طفلة
-تاكلي ايه: هزت كتفها تنظر للمنيو ثم دفعته أمامه
-هاكل على ذوقك
اومأ لها وقام بطلب الطعام، نظرت للطعام مستفسرة عن أنواع
قهقه عليها حينما اردفت
-والله كلها اكل عادي معرفش ليه الاسماء دي
أشارت إلى الاطباق متسائلة
– ايه دا؟
“سباغيتي بولونيزي”
مكرونة بصلصلة الراجو
صلصة الراجو، رددتها مستنكرة اسمها
معلش انا متربية في الهرم يعني ايه البتاع اللي قولته دا
-دي تريقة. افلتت ضحكة ناعمة جعلته يطالعها بقلب كالفراشة، وخاصة عندما توردت وجنتيها من كثرة ضحكاتها بترت ضحكاتها متجهة إليه وهتفت: -ابدا مش تريقة مش يمكن لحم خنزير
امسك الشوكة والسكين وأومأ برأسه
-في ايطاليا اقولك اه بيعملوها بلحم خنزير، أما هنا لا دا
: لحم بقر ممزوجاً بالكرفس، والجزر، والبصل، وصلصة البندورة، والنبيذ الأحمر.
وعليها جبن بارميجيانو مبروش فوقها كدا علشان يكون لونها ابيض وكانك مغطياه بالثلوج.
كتفت ذراعيها تنظر للطعام
-لا ياعم بالهنا لحضرتك، أنا أخري في الاكل الايطالي بيتزا وتكون بالفراخ كمان مضمنهمش
أطلق ضحكاته يشير للطعام
-كلي ياجوان ربنا يهديك، اكيد مش موقفك على الناصية واضربلك اكل فاسد
دارت عيناها بالمكان ثم اتجهت إليه
-فعلا عندك حق، احنا مش على الناصية، بس ميغركش المناظر دي
-بدأ يقطع اللحم ويضعه أمامها
-طيب بلاش المكرونه والصوص، كلي من دا
هزت رأسها بالنفي: -قولت لحضرتك مش جعانة
-علشان خاطري كلي معايا افتحي نفسي. ارتبكت من عيناه التي تخترقها ناهيك عن صوته الحنون، نظرت للشوكة ثم تناولتها وبدأت تلتقط بعض حبات السلطة حتى ينتهي من طعامه
-كلمني عن نفسك؟
قالها فارس وهو يلوك طعامه بهدوء
ابتعدت بعيناها بعدما تركت الشوكة قائلة: -مفيش حاجة مهمة تفيد حضرتك، صمت للحظات، ثم تناول المحرمة وجفف فمه، يشير للنادل بدفع الحساب للمغادرة
استغربت طريقته ورغم ذلك توقفت وتحركت للخارج
وصلت بعد فترة مكانا شعبيا ثم ترجلت من السيارة
-كان نفسي أقول لحضرتك اتفضل لكن، قطع حديثهما جارتها وهي تردف
-جوان كنتي فين يابنتي دا كله بنتصل بيكي تليفونك مقفول
ابتلعت ريقها بصعوبة وتسائلت
-فيه حاجة؟
ربتت على كتفها تنظر الى فارس الذي ترجل من سيارته
-مفيش والدتك تعبت وحسام ابن عمك اخدها المستشفى ولسة راجعين
تحركت سريعا والخوف يلتهم احشائها دفعت باب منزلها ودلفت تصيح باسم والدتها. توقفت وهي تطالعها بدموعها حينما وجدت ابن عمها يحقنها من داء السكري. هرولت تجلس أمامها
-ماما ايه اللي حصل؟
توقف حسام يرمقها بالصمت لبعض اللحظات ثم أردف: -بعد اذنك ياطنط عايز اتكلم مع جوان شوية
بالأسفل توقف حائرا ماذا عليه أن يفعل، ايصعد خلفها، ام يغادر، فتح باب السيارة وتوقف ينظر للمنزل بعض الوقت، ثم اغلقها واتجه للأعلى
بالأعلى توقف حسام ينظر لجوان بسخط
-ينفع كدا، يعني لولا كنت جاي بالصدفة كان ايه اللي حصل
تراجعت تفرك وجهها بالحزن وتسائلت
-الدكتور قالك ايه وايه سبب غيبوبة السكر
تحرك للخارج وهو يحذرها
-أنا مش عايزك تشتغلي تاني وخلي بالك من والدتك، وزي ماقولت لك قبل كدا انتوا مسؤولين مني
قالها واستدار متحركًا إلى أن توقف عندما وصل إليهم فارس، وزع نظراته محمحمًا
-آسف. جوان نسيتي تليفونك وشنطتك
استدارت إليه متذكرة لهفتها فهمست باعتذار
-آسفة ياباشمهندس، حدجه حسام بنظرة مستفهمة. اقترب منه
-أنا فارس الألفي مدير جوان، اسف اني اخرتها كان فيه اجتماع وكان لازم من حضورها
اجابه متفهما
-اهلا بحضرتك يافندم، اتفضل. ابتسم بمجاملة قائلا
-لا متشكر بس ان شاء والدتك كويسة، دلفت للداخل بعدما أشار ابن عمها إليه قائلًا: -مينفعش حضرتك توصل لعندنا ومتخدش واجبك، احنا على قدنا بس نفهم في الأصول
دلف للداخل ينظر بأرجاء المنزل، منزل بسيط مكون من ثلاث غرف، ورغم بساطته إلا أنه يتميز برونقه الخاص بالدفئ. جلس فارس بغرفة الصالون بمقابلة ابن عمها لتخرج والدتها
-اهلا بحضرتك يابني. توقف ليحيها قائلا
-ألف سلامة على حضرتك ياست الكل
ابتسمت من كلماته القديرة، رغم نفوذه إلا أنه تحدث معها ببساطة، رمقه حسام متحيزا أسلوبه فتسائل: -جوان شغالة مع حضرتك ايه؟ .
رفع بصره إليها وشعر بارتجافة لا يعلم ماهيتها عندما اردفت بهدوء
-مستر فارس اخو الباشمهندس عز اللي حضرة الظابط كلم أبيه محمود
اومأ متفهما ثم أردف
-محمود بيكون اخويا الصغير، بس هو شغال محامي
أشارت لأبنتها
-هاتي ضيافة للبشمهندس يابنتي
نهض من مكانه معتذرًا: -لا شكرا لحضرتك، انا اطمنت على حضرتك لازم امشي علشان ترتاحي
توقف حسام لمقابلته
-ودي تيجي ياباشمهندس تدخل بيتنا من غير ضيافة
رفع نظره إلى جوان
-اعملي قهوة للباشمهندس ياجوان
-عندنا ايس كريم حلو، هيعجب حضرتك في الجو الحر دا. قالتها والدة جوان. نظر إليها مشدوها ثم أشار بيديه
-لا أيس كريم ايه، كفاية القهوة.
تحركت جوان للحظات بسيطة وخرجت إليهم بأكواب من الآيس كريم
-مقدرش ازعلك ياست الكل والباشمهندس هياكله
حمل حسام من يديها أكواب الايس كريم يشير إلى والدتها
-ماما ممنوع من أي حلو خالص. اومأت له ثم جلست بجوار والدتها تقبل يديها بمحبة
-كدا تخضيني. ملست والدتها على وجهها
-أنا كويسة حبيبتي، حسام بس هو اللي مكبر الموضوع
-شكرا ياابيه، طالعها بنظرة صامتة دون حديث
ظلوا لبعض الوقت إلى أن استأذن فارس بالمغادرة، بعد خروجه جلس حسام بمقابلتها
-مردتش اتكلم وازعلك ياجوان، انتِ اختي الصغيرة، بس توصيل الباشهمندس هنا مش حلو، الناس كلامها كتير يابنت عمي، وميت مرة اقولك أنا مستعد اتكفل بيكم والشغل مالوش لازمة
ربتت هدى والدتها على ساقيه
-ربنا يحميك ياحبيبي، عارفة انك قدها، بس جوان لازمها شغل حبيبي متنساش أنها على وش جواز ومعاش عمك مش هيكفي، والمبلغ بتاعها كمان قليل على جهازها.
-بس يامرات عمي. قاطعته بالحديث
-اسمعني حبيبي، انت لسة متجوز ومراتك على وش ولادة، وكمان اخوك عريس ونفسه يتجوز، ليه احملكم يابني فوق طاقتكم. وانت شوفت بنفس رئيسها في الشغل سواء دا ولا اللي بيقول عليه اخوك، شكلهم ولاد حلال
اتجهت إلى جوان وطالعتها بعتاب
-بس مهما كانت أخلاقهم مينفعش نركب معاهم ويوصلونا البيت مش كدا
نهضت من مكانها
-حاضر ياماما زي ماقولت لحضرتك، كنا في اجتماع وحب يوصلني
بعد يومين اتجهت إلى مكتبه كعادتها
-اتفضل حضرتك دي تايمز اليوم، وعندك عشا عمل الساعة تمانية
اومأ لها ثم رفع نظره
-والدتك عاملة ايه؟
-الحمد لله يافندم كويسة
نصب عوده متوقفا وخطى إليها
-مالك! تعبانة وليه مجتيش!
تراجعت للخلف قائلة: -ارهاق. بعد إذن حضرتك لو مش محتاج مني حاجة
اومأ لها وتحركت للخارج. ظل يطالعها إلى أن أغلقت الباب خلفها
أطلق تنهيدة عميقة مطبق الجفنين يحادث نفسه
-ايه اللي حصلك يافارس. استمع لطرقات على غرفة مكتبه
-الاستاذة نادين عايزة تقابل حضرتك يافندم
أشار بيديه متجها إلى مكتبه
-خليها تدخل واطلبي لي قهوتي
دلفت نادين بخطواتها الأنثوية مقتربة من جلوسه
-ازيك باشمهندس
اومأ يشير بيديه إليها بالجلوس
-تشربي ايه. قالها عندما توقفت جوان منتظرة حديثه، رمقت جوان بنظرة جانبية ثم هتفت
-نسكافية!
رفع نظره إليها
-قهوتي مع نسكافية، وخلي محمود اللي يجبهم وأنتِ خلصي مراجعة الحسابات
-تمام يافندم. قالتها واستدارت للخارج
بعد فترة شعرت بارهاقهاا ولم تقو على التركيز، اتجه أوس إلى مكتب فارس متسائلًا
-فيه حد عند فارس ياجوان
رفعت رأسها بدوار من جسدها تهتف بتقطع
-الاستاذة نادين. طيب هاتي ملف الصفقة الأخيرة علشان اراجعه
توقفت بارهاق تجمع الورق ونهضت مترنحة
-اتفضل حضرتك!
اقترب عندما شاهد وجد ترنحها
جوان إنتِ تعبانة. هزت رأسها بالنفي
ولم تكمل حديثها لتشعر بالدوار الشديد لتهوى على الأرضية ويصطدم رأسها بالارضية مما جعل أوس يصرخ بأسمها
بالداخل قبل قليل أشار على طاولة الاجتماعات وهتف
-ليه مراجعتيش مع أوس، هو المسؤل الاول عن المشروع
جلست تضع ساقًا فوق الأخرى وأشارت بابهامها لورق المشروع: -الصراحة المشروع عايز النقاش الهادي، والباشمهندس اوس خلقه ضيق، فقولت اكيد مفيش غيرك اعرف اتناقش معاه في بعض النقاط
رسم ابتسامة مجاملة مع دخول مشروباتهم. تناول قهوته يرتشف منها بهدوء
-ميغركيش الهدوء مش اي حاجة تعجبني. مطت شفتيها واقتربت بجسدها منه
-اقول دا غرور ياباشمهندس
نظر بكوبه ولاحت على وجهه ابتسامة ساخرة قائلًا: -ليه متقوليش ثقة
-واو وانا بحب الواثق من نفسه
أجابها بفم مزموم
-وأنا مبحبش تفاهة الحديث اللي مالوش لازمة، نبدا الشغل لو حضرتك خلصتي النسكافيه
-اه اكيد. وضع الورق أمامها
-ممكن اعرف ايه نقط الاختلاف. لم يكمل حديثه إذ هب من مكانه على صياح أوس باسم جوان. خطى سريعا للخارج. تسمر بمكانه عندما وجد جسدها مسجي على الأرض، اقترب بدقات قلبه العنيفة التي اعتصرت روحه حتى شعر بضيق المكان وهو يراها بين يدي أوس متجها بها إلى غرفة الاجتماعات التي تقابله
وضعها أوس على الأريكة الجلدية يشير إلى السكرتيرة
-سما اتصلي بالدكتور خليه يجي بسرعة. اقترب من تسطحها يتسائل
-اوس مالها جوان
كان أوس منشغلا بإفاقتها، فاتجه إليه بنظراته
-معرفش. توقف بعدما رفرفت بأهدابها. ظلت للحظات إلى أن فتحت عيناها متاوهة
دلف الطبيب فاعتدلت بجسد مرهق هامسة
-أنا كويسة، تم الكشف عليها بعدما أصر أوس بالكشف عليها
-ضغطها واطي. ممكن يكون سبب الاغماء
بعد فترة توقف أمامها
-قومي اوصلك للبيت لازم ترتاحي. رفعت رأسها بنظرات استفهامية
-أنا كويسة، خلاص ضغطي نزل شوية ودلوقتي كويسة
انحنى يقبض على رسغها عندما فقد السيطرة على هدوئه
-لما اقولك قومي تسمعي الكلام. سحبت كفيها سريعا تنظر حولها
-لو سمحت حضرتك مينفعش كدا
رفع كفيه معتذرا
-تمام أنا اسف، ريحيني وتعالي اوصلك للبيت
ثقلت أنفاسها من قربه وخفقة قوية تضرب جنبات صدرها عندما وجدت لهفته بعيناه. نزلت ببصرها على الأرض تهمس بصوت خافت
-أنا كويسة، مينفعش اسيب الشغل دلوقتي عندي حاجات مهمة الباشمهندس طالبها مني
انحنى متكأ على المكتب وعيناه تحاوط وجهها
-جوان بوصيلي. رفعت سواديتها تنظر بعمق عيناه لحظات كفيلة ليسبح كلاهما بعالم خاص، وصمت اللسان ولكن قوة لجذب القلوب تفوق قوة الجاذبية مما جعله يعتدل متمردا لأول مرة على عقله
-صحتك أهم من أي مشاريع
ارتجف جسدها وشعرت بفراشة تدغدغ معدتها، لا تعلم ماهذا الشعور الذي استحوز عليها، ابتلعت ريقها بصعوبة ونزلت بابصارها خجلة عندما شعرت بحرارة وجنتيها
-أنا كويسة شكرًا لاهتمام حضرتك
-مش بقول كدا علشان تشكريني، اجهزي علشان هتروحي حالا، ومش عايز اسمع كلام
-يافندم مينفعش! . استدار يرمقها بنظرة جعلها تبتلع باقي كلماتها، تهز رأسها بالموافقة
بعد قليل بسيارته والصمت سيد الموقف لمدة من الدقائق قطعه متسائلا
-والدك متوفي من زمان
اتجهت ببصرها غير مستوعبة سؤاله. أومأ برأسه
-محكتيش حاجة عنه، غير أن والدتك بتخاف عليكي وابن عمك متولي حياتكم فبسأل بس
-من خمس سنين، كنت في ثانوي، عمل حادثة وهو راجع من الشغل
-ربنا يرحمه. قالها بهدوء بعدما وجد تلك الطبقة الكرستالية التي أصبحت كالنجوم بعينها البريئة
تراجعت بجسدها تنظر للخارج وبدأت تقص عن حياتها دون أن يسألها لا تعلم لماذا بدأت تحكي عن طفولتها مع والدها. فجأة انبثقت دموعها متطلعة إليه
-الأب قوتك وسندك في الدنيا مفيش حاجة تعوضك، عمي حنين، لكن مفيش زي بابا مهما كان
أزالت عبراتها التي اشعرته وكأنها زجاج يشحذ قلبه. توقف على جانب الطريق مردفًا بصوته الأجش الهادي
-ممكن تبطلي عياط، شهقت بعدما لاحت ذكريات والدها الجميلة
-لما يموت الاب بتحس احساس وحش قوي، كانك غرقان في بحر ومفيش اللي ينقذك، ضاع حمايتك في العالم، بقيت عامل زي الطائر الجريح اللي جناحه اتقصف ومش قادر يطير
-جوان. بكت بصوت مرتفع وفقدت السيطرة على توقف دمعاتها
-آسفة، آسفة والله. قالتها وهبطت من السيارة، ترجل خلفها ممسكا ذراعها
-جوان استني. نزعت ذراعها بهدوء
-لو سمحت.
-آسف. أزالت عبراتها واعتذرت
-أنا هاخد تاكسي وارجع البيت، مكنش ينفع اركب مع حضرتك العربية
فتح باب السيارة يشير إليها
-اركبي مش عايز جنان
-أنا هاخد تاكسي. وانا قولت اركبي قالها بصوت مرتفع بعض الشى
بعد عدة دقائق توقفت السيارة أمام كافيه على النيل. نظرت حولها بتشتت متسائلة
-جينا هنا ليه. استدار إلى باب السيارة وفتحه يشير إليها بالهبوط
-انزلي ياجوان، مينفعش ترجعي البيت كدا، والدتك تعبانة، عايز اتكلم معاكي شوية
تحركت معه على استحياء إلى داخل ذاك المقهى المطل على الكورنيش تجلس بمقابلته
-تشربي ايه؟
-اي حاجة، أشار للنادل
-واحد ايس كريم نوتيلا الفسدق، وواحد اسبريسو
-بتشرب قهوة كتير
-اقدر اقول دي قوة ملاحظة ولا اهتمام، ابتعدت ببصرها عنه قائلة
-لا حكم شغلي، بطلب القهوة كتير
تعمق النظر بملامحها واستطرد
-يمكن علشان عشت كتير لوحدي، فمهتمتش بالاكل قد القهوة
التفت إليه بنظرات مستفهمة
-يعني ايه، وصل النادل بمطالبهم ثم وضعها
رفع كوب قهوته قائلا
-أنا عايش برة من ثانوي، اتخرجت من هناك مكملتش هنا. استمعت إليه باهتمام فتابع مسترسلا: كنت بنزل في المناسبات، والإجازات، في الاول انبهرت بالحياة هناك والنظام والدقة غير طبعا التقدم المهول، بعد كدا فهمت حاجة مهمة قوي
طالعته بتركيز ليرتشف من قهوته وعيناه تحتضن وجهها الندي قائلا
-القيم والأخلاق اهم من الديكورات اللي بنرسمها حولنا، التقدم بيضيعنا اكتر مابينفعنا، زي التكنولوجيا دلوقتي، بيقولوا علينا متخلفين بس ميعرفوش بتخلفنا دا خلينا ليهم قيمة
-ليه متجوزتش هناك واستقريت؟
سؤال رغم سرعته إلا أنها اعتذرت
-آسفة على تدخلي، مجرد سؤال على انبهارك في البداية
ابتسامة تجلت على ملامحه قائلا
-مين قال كدا. ضيقت عيناها متسائلة
-اتجوزت هناك!
أفلت ضحكة رجولية يشير على نفسه
-يابنتي انا لسة متخرج من سنة وسنة تأهيل يعني لسة يادوب قافل 25 استني كدا. لا لسة كام شهر
ابتسمت على كلماته، ورفعت كوب الايس كريم تنظر للخارج
-متجوزتش، ولا خطبت، ولا حتى قلبي دق قبل كدا
التفتت إليه سريعا، تنظر إليه بعيون مرتعشة، وارتجافة بقلبها لاتعلم ماهذا الشعور الذي سيطر عليها. حاولت سحب بصرها من محاصرته لعيناها ولكن لم تقو وكأنه مغناطيس يجذبها دون ارداتها. تحمحم يستند بوجنتيه على كفيه
– كلميني عن نفسك!
-مفيش حاجة غير اللي قولتها، ماليش غير ماما وعمي واولاد عمي، حضرتك اتعرفت على واحد في الحفلة والتاني لما وصلتني
-كنت مفكره اخوكي. ابتسمت وبدأت تتذوق الأيس كريم
-هو فعلا اخويا بيحبني قوي
-والله! . طب كويس ليه مبتتجوزوش
استنكرت دفعه بالرد وتحدثت
-علشان بحبه يبقى اتجوزه
-اومال اللي بيتجوزوا ازاي مش علشان بيحبوا بعض
تفاجات من حديثه المبطن بالاتهام ورغم ذلك ابتسمت
-أنا وحسام ومحمود اخوات، هم بيعتبروني اختهم وانا كمان
-مينفعش بدل يحللك تقولي اخوكِ
-لا ميحلليش لانه اخويا فعلا، اخويا في الرضاعة، كان عندي اخ قد أبيه حسام بس مات، ماما اللي رضعت أبيه حسام. يعني هو اخويا، وبما هو الكبير ومحمود صغير الاتنين محرمين عليا
-آسف!
-عادي ولا يهمك. شعر بحماقة حديثه معها فحاول تغيير الحديث
-ايه رأيك في المكان
احتضنت كاسة الايس كريم تنظر إلى النيل والسعادة تتجلى بملامحها ثم نظرت إليه وتحدثت: -كنت باجي هنا أنا وبابا وماما من زمان اوي، بس أكيد مش الكافيه دا. أشارت إلى الجانب الآخر
عارف هناك كدا، بابا كان ياخدنا ونقعد ناكل درة مشوي وفي الشتا يجبلنا حمص الشام، وكنت لازم اشتري الفريسكا
وضع وجنتيه فوق راحتيه يرسم فرحتها بعيناه وذبذبات بقلبه تعلن تمردها للعلن. رفعت الكاس الذي بيديها وبدأت تتذوق الأيس كريم فاتجهت بنظرها إليه
-طعمه مش بطال، بس مش زي اللي اكلتهولك قبل كدا تنكر
تراجع بجسده وابتسامة خلابة تجلت بوجهه: -مش يمكن علشان إنتِ اللي عملاه علشان كدا كان طعمه حلو
توردت وجنتيها بحمرة الخجل فسحبت بصرها عن مرمى عيناه التي تفترس ملامحها، استمع الى صوت الموسيقى فبسط كفيه إليها
-تيجي نرقص.
هزت رأسها رافضة
-آسفة ياباشمهندس مينفعش أرقص مع حضرتك
دقق النظر بملامحها الخجولة متسائلاً: -ليه، عادي هنرقص دي رقصة محترمة
-هو فيه رقصة محترمة ورقصة غير محترمة، على العموم مش الرقص موضوعنا، التقارب اللي هيكون بينا وحضرتك محرم مش كدا ولا ايه، مش دا كلام حضرتك من شوية، ولا علشان حضرتك غني مش فارق الحلال من الحرام
عقد ذراعه على صدره ورفرف قلبه مبتسمًا إليها، رمقته مستغربة ردة فعله
اقترب يتكأ على الطاولة وأردف: -مخيبتيش نظرتي فيكي ياجوان
زوت مابين حاحبيها غير مستوعبة حديثه فتسائلت: -مش فاهمة حضرتك تقصد ايه
-نهض من مكانه يغلق حلته وأشار إليها بالنهوض
-ياله علشان متتأخريش على والدتك، بعدين تفهمي معنى كلامي
-شكرا لحضرتك ياباشمهندس
توقف أمامها فجأة حتى اصطدمت بجسده، فرفعت كفيها تتشبث بذراعه حتى لا تسقط
ابتسم من فعلتها العفوية واردف بصوته الأجش: -مستر دمها خفيف عن باشمهندس، وياريت لو تشيلي الاتنين خالص
طالعته بجبين مقطب ولم تلاحظ لفه لجسدها بذراعه عندما لمح نظرات أحدهما إليها
-بقول بلاش باشمهندس دي ياجوان، انا فارس بس
تخدر جسدها بالكامل من احتضانه لجسدها الضعيف وهمسه الذي قضى على سيقانها فلم يعد لديها القدرة على التوقف همست بتقطع تتجول بعيناها بالمكان بعيدا عن مرمى بصره
-ابعد لو سمحت، مينفعش كدا. تراجع معتدلا ثم سحب كفيها وتحرك للخارج بعدما وجد نظرات البعض عليهم
توقفت وصاحت غاضبة
-ليك حق تعمل اكتر من كدا، ماهو أنا اللي وافقت انزل معاك. تحركت متجهة للطريق تنظر حولها لترى سيارة أجرة تنقلها من ذاك المكان
أطبق على ذراعها بقوة
-لما اكون واقف معاكي متسبنيش وتمشي كدا سمعتي، ايه ماخدتيش بالك من اللي جوا بيبصوا ازاي
نزعت نفسها بغضب
-لو سمحت مسحملكش تقرب مني كدا
انا اللي استاهل اصلا. قالتها وتحركت والدموع محتجزة داخل مقلتيها تضغط على شفتيها حتى لاتبكي تسب نفسها على ضعفها وعلى موافقتها
-فين اخلاقك يامحترمة وأنتِ نازلة معاه في مكان زي دا، ظلت تتمتم بحديث كالذي فقدت عقلها وانسابت عبراتها بعدما تخاذلت بنفسها وتربيتها
-جوان استني، صاح بها فارس الذي يراقبها منتظر وصول سيارته. تحرك خلفها سريعا بعدما وجدها متجهة لتلك السيارة لتستقلها. ولكن غادرت السيارة قبل وصوله. استقل سيارته وتحرك خلفها يسب نفسه
-غبية، وصل إلى السيارة وتحرك أمامها ليوقفها ثم ترجل معتذرا من الرجل
-آسف، سوء فهم بيني وبين خطيبتي قالها وهو يفتح الباب يجذبها بوسط صياحها وصوتها المرتفع مما توقف صاحب سيارة الأجرة
-الاستاذ بيضايقك يابنتي، لو بيضايقك
أشار لها فارس بالصمت وهدر بها غاضبا
-دي خطيبتي امشي ياله بدل مااغلط فيك. قالها بصوت حاد. طالعته بصدمه ولم تهتم لكفيها الذي احتضنه وسحبها بقوة يفتح باب السيارة ويدفعها بقوة مغلقا الباب خلفه، جلست بهدوء وكل مايهمها حديثه بأنها خطيبته. استقل بجوارها يتحرك بسيارته بعدما توقف الطريق بسببه
ظلت تنظر إليه بصمت وكأن عقلها لم يعد لديها، وقلبها فقط يحركها لتتحدث بصوت أشبه بالهمس
-ايه اللي قولته دا للراجل، يعني علشان وافقت اقعد معاك شوية يبقى تتحكم فيا وتقوله خطيبتك
-استدار بعدما صف السيارة على جانب الطريق
-انا مش هلف وادور عليكي، حاسس بمشاعر قوية ناحيتك، ومش هخبي واقولك انك شخص عادي، انا تقريبا منمتش امبارح أو بالأصح من وقت مارجعت من عندكم…
سحب نفسا قويا وزفره
-جوان أنا معجب بيكي، معرفش ممكن ميكونش اعجاب بس، كل اللي اقدر اقوله علشان حاسس بيه
-إنتِ بقيتي شخص مهم قوي في حياتي، شوفي بقالنا كام شهر. مع بعض حقيقي كل يوم بتجذبيني اكتر من اليوم اللي قابله، فأنا عايز منك تديني إشارة واحدة علشان اتصرف واعرف عايز ايه بالظبط.
تعمق بعيناها المشتتة واردف
-فيه مشاعر ليا عندك، لو حاسة بحاجة قوليلي انا بجد مبقتش قادر ابعد عنك
اختتم سؤاله وعيناه تترجاها بلهيب العشق الذي تسلل داخله ليقترب منها هامسا
-حبيت فيكي كل حاجة، حتى كلمة مستر دي بقيت انتظر اسمعها منك
تجول بنظراته على وجهها وتابع حديثه
-امبارح علشان مجتيش الشغل كنت هتجنن علشان اشوفك، انا اللي اتصلت بيكي امبارح بالليل معرفتش انام. وماصدقت نخرج علشان اقولك كل اللي بحس بيه. بسط كفيه إليها
-مش طالب منك اي كلام دلوقتي، لو موافقة أو فيه مشاعر حطي ايدك في أيدي وبس. قالها وعيناه تتألقان بالعشق وهو يتشرب ملامحها الجميلة لقلبه
قشعريرة تسربت لداخلها مع ارتجافة لجسدها مما جعلها عاجزة حائرة تناظره بضياع، هل دقة قلبها إليه حب ام ذاك الموقف بشعوره الجديدة هو الذي مدها بتلك الرجفة
انتظر يهز رأسه ودقاته على صفيح ساخن، خائفا، عاجزا عن ردها لو رفضت علاقتهما، رغم أنها دقيقة ولكنه شعر بأنها أعوام من الجفاف، ولم تزهر بساتينه إلا عندما وضعت كفيها المرتجف بكفيه الذي اشعرها بدفئ لم تشعر به قط
رفع كفيه الآخر يربت على كفها يضمها وكأنه يثبت لها انها بداخل أعماقه وليست براحتيه، ابتسامة لامعة مع نظرات عاشقة قائلا
-النهاردة هكتفي بايدك بس، بكرة عايز رد صريح علشان اعرف ارسم حياتي رايحة فين
سحبت كفيها واتجهت بأنظارها للأمام، وقلبها عبارة عن طبول حرب، عاجزة عن كل شيئا سوى نبض قلبها، قام بتشغيل المحرك عندما شعر بحالتها. ظل الصمت سيد الموقف إلى أن أوقفته قبل عدة شوارع عن منطقتها الشعبية
-كفاية هنا، علشان محدش يتكلم، شكرا لحضرتك. اغلق السيارة واستدار إليها بجدية يوقف تحركها
-جوان ايه حضرتك دي، انا لسة بقولك حبيتك وأنتِ بتقولي حضرتك
ارتجفت شفتيها وعيناها تتسائل عن مايعنيه. دنى برأسه هامسا
-حاليا فارس بس، كام يوم كدا والوضع يتغير تمام
كانت مشدوهة لما تسمعه ملجمة اللسان كأنها أصيبت بخلل في نطق الحروف وهو يردد أمامها
-فارس بس ياجوان، طول ما احنا مع بعض مش عايز باشمهندس وحضرتك دي، كام يوم والوضع دا لازم يتغير اظبط اموري مع عيلتي، بس الأهم من دا هستنى منك اعتراف صريح بكرة
فتحت باب السيارة عندما فقدت السيطرة على ارتعاشة جسدها.
-هستناكي بكرة على نار قلبي
أغمضت عيناها تسحب نفسا علها تستطع التنفس الذي شعرت بفقدان الهواء من حولها لتنزل بأقدامها المرتجفة وتهبط هاربة من محاصرته
ظل لدقائق بالسيارة وعيناه تراقبها حتى اختفت، تراجع بجسده مغمض العينين هامسا لنفسه
-طلعت بتحبها قوي يافارس، البنت تاخد العقل والقلب. بحبك يامجنونة
بعد مرور عدة أيام
منشغلة على جهازها، وصل إليها وجذب كوب قهوتها يرتشف منه بتلذذ، شعرت بوجوده فاستدارت مبتسمة
-حضرة المدير فاضي ولا ايه، ثم رفعت عيناها لكوب قهوتها فتوقفت
-اطلب لك قهوة؟
تشابكت عينهما يهز رأسه بالنفي
-لأ هشرب شوية من فنجانك، وانت تكمليه بعدي، عندك اعترض
توردت وجنتيها فابتعد عن مرمى بصره متجهة إلى جهازها مرة أخرى حينما شعرت حرارة وجنتيها، امال بجسده على المكتب يهمس بصوته الأجش
-شربت نصه تكمليه وبعد كدا تقرأي الفنجان وتقوليلي شوفتي ايه؟ .
استدارت مرة أخرى تطالع قربه بدقات عنيفه، فدارت بعيناها بالمكان
-فارس ابعد مش عايزة حد يتكلم عني لو سمحت
-خلي حد يتكلم كدا وشوفي هعمل فيه ايه. دنى أكثر هامسا لها بعض الكلمات مما شعرت أن قلبها كاد أن يتوقف من كثرة زيادة صخبه بالنبض
توقفت من مكانها
-لا لو سمحت احنا اتفقنا فياريت مترجعش في كلامك
تبسم قلبه بدقاته، هذه الفتاه ستصيبه بالجنون حتما.
-طيب عمك هيرجع امتى قولتي يومين عدى تلاتة
نزلت ببصرها للأرض
-هيرجع النهاردة إن شاءالله، اديني يوم أمهد لماما كمان
دنى منها وعيناه تفترسها
-كتير على قلبي على فكرة، فهميها انا داخل على جواز على طول، يعني خلال شهر تكوني حرم فارس الألفي
توردت وجنتيها متراجعة على مقعدها عندما وجدت دلوف نادين
-فارس استنيتك كتير في غرفة الاجتماعات، ايه نسيت الميتينج
غمز إلى جوان قائلا
-ينفع كدا تنسيني شغلي. نظرت إلى نادين التي تخترقهم
-مش مكتوب عندي على فكرة عندك ميتينج، المفروض الباشمهندس أوس اللي عنده
شعر بحزنها من خلال صوتها، هز رأسه
-مالك! قاطعتهم نادين
-مش هنبدأ ولا ايه.
-اشار إلى نادين
-اسبقيني وانا جاي، ثم استدار إليها
-فيه حاجة؟
سحبت نفسا ناعمًا وزفرته
-نظرات نادين دي مش مريحاني
تراقص قلبه من حديثها فتسائل
-دي غيرة بقى ولا ايه؟
فارس الموضوع مش موضوع غيرة، ليه رفضت التعامل مع الباشمهندس أوس، ممكن تقولي
-علشان اشوف نظرة الغيرة دي في عيون حبيبي
ازداد النبض بداخلها من حديثه لم يرحم قلبها الضعيف حينما اكمل
-أنا بحبك إنتِ، سيبك من أي حاجة تانية، مهما أي واحدة تقرب خليكي واثقة إن فارس بيحب جوان
تشابكت عيناهما ليزداد بريق العشق وارتفعت الأنفاس حتى لم يشعرا بما حولهم. تحمحم عز الذي دلف منذ لحظات، هبت من مكانها متراجعة
-أنا مروح يبقى كمل اللي بعتهولك. قالها وتحرك حتى لايخجل جوان التي جلست وكأن على رأسها الطير
انحنى بجسده
-هخلص الاجتماع ووصلك متمشيش
-لا مينفعش اتكلمنا كتير في الموضوع دا، كفاية احساسي بالذنب دلوقتي
-قولت هوصلك ياحرمي المستقبلي. وضعت كفيها على صدرها تمنع دقاته العنيفة، بعد فترة بعدما تأخرت جمعت أشيائها متحركة للخارج
توقفت تنتظر سيارة أجرة لتعود لمنزلها، نظرت بساعة يديها
-اتأخرت كتير، ياترى ماما عاملة ايه دلوقتي. خرج من الشركة يهرول العامل ليجلب سيارته، كانت نادين تتحرك بجواره وعيناه تبحث عنها بلهفة، يعلم أنه تأخر عنها ولكن تلك الأعمال التي تراكمت فوق دماغه
قطع شروده صوت نادين
-أنا مش عارفة اشكر حضرتك ازاي ياباشمندس، بجد أنا سعيدة جدا بالتعاون مابينا. ذهب ببصره لتلك التي تنتظر سيارة أجرة، لاحظت الأخرى نظراته فحاولت جذبه للحديث ولكنه أشار إليها
-نكمل كلامنا بكرة.
اومأت بعدما شعرت بالخجل، ولكنها حاولت تنفيذ مخططها
-معرفش ليه دايما بتوقف كدا، وشوية هتلاقي شوية شباب يجوا عليها كل يوم نفس الحوار
-هي مين!
أشارت للواقفة. لحظات وتقدم منها شابين وبدأو يقتربوا منها بطريقة مشمئزة. ظلت نظراته عليها يستمع للاخرى
-اهو كل يوم نفس الدرس، طبعا هتشتمهم علشان تعرف الكل أنها محترمة طيب ازاي وأنتِ يعني سوري
كور قبضته وتحرك إلى وقوفها استدارت سريعا إلى الشركة حتى تهرب من تلك الذئاب البشرية
اصطدمت به
-الحقني، توقف ينظر إلى الشباب المتقدمين الذي هتف أحدهم
-اومال ليه بتواعدينا هنا كل يوم، لما عايزة ترسمي نمرة على الباشا
تحدث الآخر
-شكلها عايز توقعه يابني ياله بينا
هزت رأسها بالنفي تطالعه بدموعها
استدار متجها إلى سيارته بعدما رمقها بإشمئزاز. هرولت خلفه تمسك ذراعيه
-فارس مفيش حاجة من دي
سحب كفيها وهدر بها
-نسيتي نفسك. اسمي الباشمهندس فارس
تراجعت تنظر إليه بذهول ولم تنتظر لحظة واستدارت متحركة سريعا تهرول بالشارع ودموعها تسبق خطواتها، بعد مسافة من الشركة وجدت من يتربص إليها
-ايه رأيك عرفنا نوقعك ياقطة ولا لا
تراجعت للخلف مع اقتراب أحدهما ليجذبها بقوة من حجابها حتى أصبح بيديه. بدأت تلكمه بقوة وتصرخ، ولكن هذا المكان يعد منقطعا لانه طريق للشركات الخاصة فقط، ولم يمر به الكثير
لطمها أحدهم بقوة لتسقط على الأرض غائبة عن الوعي، ليرفع الهاتف قائلاً: -كله تحت السيطرة ياهانم
قهقهت قائلة: -مبروك عليكم العروسة اتوصوا بيها وفلوسكم هتوصلكم بكرة. جلست مبتسمة قائلة
-أخيرا عرفت أتخلص منك، اسبوعين وأنا بخطط، لا والتقيل مش شايف غير ملاكه، بكرة بقى ادخل بتقلي
أما بسيارته استقل السيارة لبعض الأمتار ولكن قلبه ينهش به وصورة دموعها لم تفارق خياله، توقف فجأة يحدث نفسه
-اتجننت انت ازاي تصدق كدا، ايه اللي عملته دا، ازاي كنت بالغباء دا، استدار سريعا متجها إلى مكان مغادرتها، بدأ يبحث بعينيه عنها بلهفة، شاهد من بعيد بعض الأشخاص وهو يلطمها على وجهها لتسقط مغشيا عليها. ضغط على وقود سيارته وتحرك كالمجنون اليها، لم يعلم كيف وصل اليهم، هرول سريعا كالمجنون يصرخ بهم
-ياولاد الكلب، هرب الشابان عندما وجدوه بتلك الحالة الجنونية، تحجرت عيناه بالدموع وهو يراها ملقاه على الأرضية لا حول لها ولا قوة. هوى بركبتيه يرفعها بلهفة
-جوان افتحي عيونك جوان، بدأ يلطم على وجهها بهدوء، شعر بنصل بارد على عنقه عندما وجد اثار اصابع ذاك الحقير على وجهها
رفعها ليضمها لأحضانه متوقفا بها: -حبيبتي قومي، انا جيت أنا آسف. ظل يرددها إلى أن وصل لسيارته، وضعها بهدوء بالسيارة وجلب زجاجة عطره محاولا افاقتها، رفرفت متأوهة لحظات وشعرت بتخدر جسدها تفتح عيناها بألمًا يفتك بها، نظرت بعياها لقربه وهو يضم رأسها يطالعها بلهفة قلب متألم
-فارس. همست بها. هنا ضعف وانسابت عبراته لأول مرة يشعر بذاك الخوف، ضم رأسها بقوة لأحضانه
-قلب فارس من جوا. لحظات وهي تحاول أن تستوعب ماذا حدث، تذكرت ماصار لتبتعد عن أحضانه، تنظر لثيابها وتبكي بقوة
-عملوا فيا ايه، وضعت كفيها على خصلاتها وارتفعت شهقاتها
-فين حجابي يافارس. نظرت حولها كالمجنونة، ذهب ببصره على مكان سقوطها، ليهرول إليه سريعا يجذبه متراجعا إليها وهي تضم نفسها تبكي بصوت مرتفع كالذي افتقد اغلى ما لديه
وضع حجابها محاولا السيطرة على خوفها ورجفة جسدها
-جوان اهدي خلاص كله راح، رفعت عيناها الباكية
-إنت سبتني. اقترب يضم وجهها
-حبيبتي خلاص محدش عمل فيكي حاجة، انا قولت كدا علشان محدش يتكلم عليكي، وجيت وراكي اهو، مقدرش ابعد عنك.
وضعت رأسها على زجاج السيارة ومازالت على حالتها
-عايزة اروح، روحني
-حاضر. المهم تهدي
مرت عدة أيام والوضع كما هو عليه سوى بعض التغيرات عند جواد وهنا
بصباح يوم جديد استيقظ من نومه على صوت زوجته
-حبيبي حازم تحت هو وجواد ومصرين يشفوك، قوم ياله بقيت تنام كتير ليه الساعة 12
اعتدل مستغفر ربه، ثم اتجه لقضاء فريضة الضحى ينظر بساعة يديه، توقف ينظر لزوجته التي تقوم بإعادة ترتيب الفراش، استدار متجها إليها ثم جذبها لأحضانه
-فين صباح الخير يانانا غزل، دارت بوجهها إليه تلثم وجنتيه
-أحلى صباح لأحلى رجل في الدنيا دي كلها
ضمها لأحضانه لبعض اللحظات هامسا اليها
-عايز رحلة بعد فرح الولاد، لينا لوحدنا ياغزل، عايز اقعد معاكي أطول وقت من غير ماحد يشاركني فيكي
لفت ذراعها حول رقبته وشبت على أطراف أناملها
-وغزالتك عايزة تعوض الايام اللي فاتت في حضنك ياجود
رفعها بهدوء ثم طبع قبلة مطولة على جبينها
-طيب اجهزي ياروح جود، خلاص اطمنا على نهى، وجواد هيتجوز، وجنى وروبي اهو باقي حاجات بسيطة، نطمن على احفادنا وبعد كدا نسافر
تذكرت شيئا فأردفت
-جواد. انا عايزاك تكلم جاسر يرجع البيت، كدا كدا ياسين مش هنا، خايفة على جنى البنت المرة دي حملها مش طبيعي وربى خايفة من تسمم الحمل دا، هنا هتكون قدامنا
اومأ لها وتحرك للمغادرة
-أنا فعلا كلمت جاسر وقالي هيرجع النهاردة، وكمان هو عنده شغل كام يوم برة القاهرة، إنما ياسين دا يرجع وهعلمه الادب
وصل ياسين إلى منزل جاسر، قابلته ابنته
بابي وحشتني. حملها يقبلها فين مامي. أشارت للداخل، قابلته جنى التي تتحرك بآلامها، طالعته بحزن قائلة
-ينفع كدا، اسبوعين مفيش كلمة
-عاليا فوق. اومأت له برأسها، فصعد سريعا إلى غرفتها وجدها تجمع ثيابها، خطى إلى أن وصل إليها يجذبها من الخلف لأحضانه، ثم قبل وجنتيها، دفعته مبتعدة
-ابعد ياياسين، اياك تقرب مني. قطع حديثهم صرخات جاسر باسم جنى بالاسفل، هرول ياسين للأسفل، بينما هي جذبت اسدالها
بعد فترة بمكتبه
جاهد لاخفاء الامه فتحدث
-انا دلوقتي كويس ياحازم، اه قولت لجواد كدا، بس في الوقت دا كنت تعبان حاليا انا كويس
اقترب حازم من جلوسه
-إنت تخبي عليا مرضك ياصاحبي طيب ليه، انا مش صهيب علشان أضعف ياجواد، ولا سيف اللي بتهز انا حازم ايه لدرجادي مش فارق معاك
أشار له على المقعد
-اقعد ياحازم، ومتكبرش الموضوع، انا كويس ومرتاح، الحمد لله على كل حال، ايه هنخلل في الدنيا مهما نعمل مش هنعيش قد اللي راح ياصاحبي خلاص عجزنا، ايه انت مفكرنا شباب
-هو انت كبير ياجواد، فيه ناس عندها 100 وشباب يابني. قالها حازم بمزاح
ابتسم جواد عليه يهز رأسه
-ربنا يبارك ياسيدي، اتجه بنظره لجواد الصامت
-يعني حتة سر مقدرتش تحفظه. رفع عيناه التي تحجرت بالدموع
-علشان خاطري ياخالو اسمع كلام بابا، احنا خايفين عليك، لو مش علشنا، علشان طنط غزل وبناتك، دول لو عرفوا ممكن ينهاروا
توقف جواد واتجه إليه، جلس بجواره يربت على ساقيه
-أنا كويس حبيبي، يمكن كنت وقتها تعبان علشان جاسر، لكن دلوقتي انا حاسس اني كويس، وبعدين انسى الكلام دا وأجهز لفرحك عايز فرح يليق بحضرة المقدم جواد الألفي.
احتضن كفيه يقبله
-ربنا يخليك لينا ياحبيبي يارب، بس برضو لازم تشوف موضوع العملية
ضم جواد رأسه وطبع قبلة قائلا
-اوعدني ياجواد غزل متعرفش ولا حتى الولاد، رفع عيناه المغروقة بالدموع
-لما حضرتك كويس ليه تخبي عليهم ياخالو
أطلق تنهيدة عميقة قائلا
-جواد مش عايز غزل تعرف، مش هقدر اشوف حزنها كل ماتبصلي، اسال ابوك عن غزل تبقى لخالك ايه، بكرة تخلف ويبقى عندك ولاد وتفهم معنى كلامي
هز حازم رأسه رافضًا حديثه
-لا ياجواد، انت كدا غلط، لو ولادك محسوش بتعبك ووقفوا جنبك يبقى ايه لازمتهم. بتر حديثهم دخول غزل
-صباح الخير ياحازم، ثم اتجهت بنظرها إلى جواد
-صباح الخير ياعريس، خلاص ياسيدي خالك أمر الفرح يكون اخر الشهر
طالعه جواد بنظرة فهمها قائلا
-إن شاءالله ياطنط، عندي شغل بعد اذنكم. توقف يضع سلاحه بخصره وجذب مفاتيحه، أطبق جواد على كفيه
-أنا مربي راجل يعتمد عليه وعمره مايهز ثقة خاله مش كدا
انحنى وطبع قبلة على رأسه ثم تحرك للخارج قبل خيانة عينيه
اصطدم ببيجاد الذي دلف لمنزل جواد
-ايه يابني علشان عندك شوية صحة ماشي تدوس على خلق الله
-آسف يابيجاد. قالها بصوت متحشرج بالبكاء
امسكه صهيب
-جواد بتعيط ليه، خالك مزعلك ولا ايه
هز رأسه وتحرك مغادرا سريعا، توقف بيجاد يراقب تحركه بجبين مقتطب
-ايه اللي حصل
دلف بضحكاته
-حمايا حبيبي وحشتني، شوفت انا بقعد عندكم اكتر مابقعد في بيتنا
ابتسم جواد بمحبة إليه
-إنت ابني البكري ياغبي، تنكر ولا ايه
جلس قائلا
-اه انكر، من امتى فيه حد بيقولك ياابو بيجاد، الكل بيقولك ياابو جاسر بس، قطع حديثهم رنين هاتف غزل
-جاسر، جنى تعبت ياماما ونقلها المستشفى. نهضت من مكانها متسائلة
-يعني ايه تعبت، استدارت إلى جواد
-البنت نزفت ياجواد، ربنا يستر هي بقالها كام يوم تحت الملاحظة الطبية ربنا يستر وتقوم منها على خير
اعتصر قلبه ألمًا على ابنه قائلا
-خدي مليكة والبنات وروحي لها بسرعة وانا هستنى صهيب جاي في الطريق مينفعش لازم استناه
ربتت على كتفه تنظر إلى بيجاد
-خليك معاه وغنى معانا.
اومأ لها قائلا
-اوصلكم، تحركت سريعا قائلة
-لا عز وصل برة
بعد فترة بالمشفى
-جاسر هموت!
وضع جبينه فوق جبينها محاولا السيطرة على دموعه
-عايزة تموتيني بكلامك دا ياجنى، شوية ونخلص حبيبي، ياله ادعي ربنا يقومك بالسلامة أنتِ وبنتنا، ياله ياجنى قولي يارب حبيبي
جذبته غزل من ذراعه تشير لأبنتها بأعينها بأن تتحرك بها لغرفة العمليات
أما بالجانب الآخر
تجلس تبكي بأحضانه يمسد على ظهرها
-عاليا اهدي أنتِ شايفة الكل على أعصابه
رفرفرت بأهدابها المبتلة
-طمني ياياسين قولي انها كويسة وهتقوم بالسلامة. ضم رأسها يتمتم
-إن شاءالله حبيبتي، المهم ادعيلها، وان شاءالله هتقوم بالسلامة
علي جانب آخر يجلس محتضنا رأسه دون أن ينظر لأحد، وصلت إليه تربت على كتفه
-هدخل معاها وان شاءالله هنطلع انا وهي مع البيبي، انحنت تطبع قبلة على رأسه وتحركت بعدما تعقمت وخطت إلى أن وصلت إلى غرفة العمليات واتجهت بأنظارها للجميع. أطبقت غزل على كتفها تهمس لها
-مرات اخوكي كويسة ياربى، هتطلع من جوا كويسة، دا اللي عايزة اسمعه
-إن شاءالله ياماما، اتجهت بنظرها إلى أخيها الذي تحرك في اخر الردهة
-جاسر رايح فين
هزت رأسها نافية: -معرفش، ربنا يستر ويعدي اليوم دا على خير
بعد فترة وصل إلى ملجأ اطفال ترجل من سيارته يحمل الكثير من الأشياء التي جلبها بعدما ساعدها بواب الملجأ بحمل الأشياء. دلف للداخل ووضعها بحديقة الملجأ الذي بدأ يتداول عليه منذ فترة هو وزوجته بعد وداعه لسمر ويحيى الذي كان لهم الحظ الأوفر بمعرفته بالملجا الذي كان يحتاج إلى الكثير من الخدمات تذكر بعد عودته
فلاش
-شكرا يايحيى، ومبروك عودتك لوظيفتك تاني، اتمنى لك التوفيق والنجاح
-أنا بشكر الظروف اللي ساعدتني على معرفتك ياحضرة الظابط
ربت على كتفه قائلا
-اعتبرني من اليوم دا صديق وأخ ووقت ماتحتاج حاجة متترددتش
اتجه بنظره الى سمر
-وانتِ كمان عايز اقولك ربنا بيحبني لولا وجودك مكنتش رجعت لحياتي
-متقولش كدا ياحضرة الظابط، دا توفيق من ربنا لانك تستاهل ولو جيت تفكر صح هتقول كلها تدابير من عنده، انا عمري مارحت العريش، بس ربنا كان له حكمة أن عزيز يخدني غصب عني علشان اكون سبب في رجعوك، كلها اسباب مقدرة من المولى عز وجل، وعلشان إنت كويس وربنا رحيم بوالدك ومراتك سهلك الدنيا
اقترب يحيى مشاكسا
-فرحي يوم الخميس عايزك تشهد عليه بس بحضرة الظابط جاسر الألفي
ربت على كتفه
-إن شاءالله ربنا يسعدكم
جاسر فيه حاجة كنت عايز اقولك عليها. نظر إليه منتظر حديثه فتحدث قائلا
-فيه ملجأ في القاهرة في عنوان (. )
الملجأ دا يعتبر ميت، عايزك تساعد الأطفال اللي فيه، بابا الله يرحمه كان بيدعمه بس للاسف اخر مرة كنت في القاهرة زعلت جدا عليه
-حاضر اكيد اول حاجة هعملها لما ارجع هشوفه
تشكر يازمل.
رفع حاجبه ساخرا
-زمل ايه يابني أنت صدقت. قهقه الاثنين، خرج من شروده رفع عيناه إلى الملجأ في هرولة الاطفال إليه
-عمو جاسر جه. جلس بالحديقة حولهم محاولا ألا يضعف بالبكاء أمامهم، ووزع ألعابهم وحلوياتهم ثم تحدث
-عمو جاسر طالب طلب صغير من البراءة اللي فيكم دي. انتو اكيد مش فاهمين كلامي أو اغلبكم مش فاهم
عايزكم تدعو لطنط جنى، أن ربنا يقومها هي والبيبي بالسلامة
توقفت طفلة ذات السبع أعوام ترفع يديها
“يارب طنط جنى تقوم بالسلام هي والنونو يارب، رفع الاطفال يديهم مثلها، وبدأو يدعون بتلك الكلمات. نهض عندما انسابت دموعها واتجه إلى سيارته
وصلت مديرة الملجأ تنظر إلى تحركه مستغربة أنه لم يمر عليها، فتسائلت
-ليه حضرة الظابط مشي. تحركت الطفلة قائلة وهي تلتهم الحلوى
-طنط جنى بتجيب نونو
نظرت إلى تحركه بحزن تدعو له عندما شعرت أن هناك مايؤلم قلبه، تحرك بالسيارة إلى أن وصل إلى مسجد، صف سيارته ودلف للمسجد، متجها للحي القيوم الذي لا يغفو ولا ينام
سجد لربه يدعو بكل نبض قلب أحيته إلى اليوم ألا يضره بمحبوته وطفلتها
دعوات خلف دعوات إلى أن شعر القلب بالأطمئنان، فكيف ياانسان أن تحزن عندما ترمي حملك على الذي لا يغفل
بعد فترة فتحت عيناها تهمس اسمه
مسد جواد على خصلاتها بحنان ابوي
-كدا توقعي قلب عمو ياجنجون، قلب عمك مبقاش متحمل يابنت صهيب
رددت مرة أخرى اسم ملهم قلبها، ابتسم جواد يمسح دموعه عندما غلبه ضعفه، فتحت عيناه بعد دقائق ومازالت تهمس اسمه
-وعمك جواد مينفعش.
-جاسر فين! اقترب منها ثم طبع قبلة على جبينها
-تعرفي يابنت صهيب لو مكنتيش هلوستي باسمه كنت شكيت في حبك
بس كدا عديتي طنطك غزل ولازم لها وقفة
حاول التخفيف عن آلامها وهي تأن، ابتسمت من بين تألمها ثم تسائلت
-فين جاسر
-يعني العيلة كلها مفهاش غير ابني المنفلت، طيب اسالي على ابوكي المسكين ولا والدتك اللي شليتك في بطنها عشرين شهر
ضحكت حتى تألمت. ربت على رأسها
-خلاص خلاص اهدي، جوزك في مشوار وزمانه جاي، الكل برة قلقان عليكي، مامتك وباباكي لسة واصلين من شوية، وانا طردت الكل وحبيت اضايق ابني الحلوف شوية
أغمضت عيناها لتذهب بنومها مرة أخرى
توقف يحمد ربه على سلامتها، ثم رفع هاتفها يهاتف ابنه
-مراتك فاقت وبتسأل عليك
-أنا على السلم يابابا، هي كويسة
-أيوة كويسة، البيبي كويس كمان. لحظات واقتحم الغرفة متجها إليها
-براحة ايه داخل مصلحة سجون. طالعها بنظرات متلهفة
-فاقت يابابا، والله فاقت
توقف يربت على كتفه
-فاقت ياحبيب بابا ومبروك البيبي
احتضن والده يحمد ربه على سلامتها
خرج جواد ليطمئن من بالخارج
بعد قليل فتحت عيناها كان يحتضن كفيها
-جاسر فين بنتنا. انحنى يحتضن كريزتها ليسحب أنفاسها كما سحبت أنفاسه بتلك الساعات العصيبة ثم وضع جبينه فوق جبينها
-لازم اخد حق خوفي ورعب قلبي الفترة دي، صدقيني مش هرحمك فوفي بس.
-آسفة. رفع كفيها يطبع قبلة عليه
-اسفك مش مقبول مهما تتأسفي، انا موت، عارفة يعني ايه تموتيني، خدي قلبي معاكي ياجنى ليه كدا
رفعت كفيها المغروز بالإبر
-آسفة حبيبي، ولو عايز تاخد حقك خدوه، هاتلي لين بقى مش انت سميتها زي مااتفقنا
قبل كفيها الذي تضعه على وجنتيه
-لسة هشوفها كنت في الملجأ مقدرتش استنى برة وانا شايفك كدا، هشوفها واخليهم يجبوها
نصب عوده متوقفا، وعيناه تبحر فوق ملامحها التي بهتت بالكامل ثم انحنى يقبل جبينها
-ربنا مايحرمني منك ياروح جاسر
صباح جديد بشركة الألفي، بعد انقاطعها أكثر من أسبوعين عن العمل ورفضها الحديث إليه، عادت بعد إصرار أوس وعز اليها، ولكن أصبحت المسؤولة عن مكتب عز بعيدا عنه
تغيرت شخصيته وأصبح أكثر حدة وتعصبا، والجميع يشتكي من عصبيته الزائدة حتى تدخل عز
-لو هتفضل كدا يبقى خد إجازة ارتاح
جلس يفك رابطة عنقه، مع اول زر من قميصه
-اخوك يستاهل يفضل متألم كدا، انا حيوان واستاهل
زم عز شفتيه معترضا على حديثه
-ممكن تهدى وتفكر ازاي ترجعها تاني، على فكرة هي كانت مصرة تشتغل مع أوس، بس انا أدخلت
توقف متجها إليه
-عز علشان خاطري حاول توقف معايا، انا بحبها فعلا وكلمت بابا وعمو لكن هي مش مدياني فرصة
تنهد عز متحركا ثم توقف على باب الغرفة
-أنا هخليها تقابلك برة الشركة وانت وشطارتك بقى، متنساش فرح جواد بعد بكرة والشركة إجازة من بكرة اسبوع
↚
بعد فترة بمكتب عز
-جوان هتروحي على العنوان دا الساعة تمانية ومش هأكد عليكي هيكون ناس مهمة، حفلة بسيطة ولازم تيم المشروع يكون موجود هناك
أومأت متفهمة:
-تحت أمرك ياباشمهندس. اي أوامر تانية!
-لا شكرا، فيكي تمشي دلوقتي علشان تجهزي نفسك
استدارت الا أنه صوته أوقفها
-خدي الفاينل دا عديه على سكرتيرة فارس وأكدي عليها تسلمه له لازم يمضي عليه
-تمام حضرتك، قالتها وتحركت للخارج. تقابلت مع بيجاد بالخارج.
-ازيك ياجوان
-اهلا بحضرتك. أشار على مكتب عز متسائلًا
-عز جوا.!
اومأت له ثم أشارت إليه بالدخول
بالداخل رفع هاتفه
-كل حاجة زي ماطلبت، عارف لو متظبطش المرة دي والله هسيبك تشرب من البحر ياغبي. قاطعه دلوف بيجاد، اغلق الهاتف سريعا مرددا
-بيجاد خير!
هز رأسه بأسى متمتم
-مش خير ابدا ابدا، لازم نروح لجاسر دلوقتي
توقف متسائًلا: .
فيه ايه يابيجاد. جلس على المقعد وابتلع غصة مريرة بجوفه قائلا بحزن
-عمو جواد بيموت ياعز.
هب فزعًا من مكانه واطبق على تلابيبه
-إنت اتجننت يلا ولا ايه، عمو جواد لسة مكلمني وكان عند جاسر علشان ينقل فرشه الجديد
هز رأسه وكتم الدمع الذي انفرط رغما عنه
-دا اللي بيحاول يفهمه لنا، بس هو تعبان قوي، لسة عارف من جواد حازم
تراجع عز للخلف وكأنه أصيب بجلطة قلبية ينظر إليه بتألم
-يعني ايه؟
Atherosclerosis
-عمو جواد مريض شريان تاجي.
-مالوش علاج ولا ايه. مسح على وجهه بعنف.
-كان مخبي علينا، ضحك عليا بشوية تحاليل مزورة، وانا كنت مفكرة مريض قلب عادي زي أي حد.
-ايه اللي عرف جواد؟
عرف بعد موضوع موت جاسر
جمع عز اشيائه وتحرك
-لازم اعرف كل حاجة، احنا مبقناش صغيرين علشان يخبوا علينا
عند جوان
اتجهت إلى السكرتاريه
-الورق دا سلميه للباشمهندس، وخليه شيك عليه. خرج من مكتبه يتحدث بالهاتف
-خلاص تمام، هنأجله اسبوع علشان عندنا فرح بعد يومين، قالها وأغلق الهاتف متجها إلى السكرتيرة.
-بلغي التيم اجتماع الليل اتلغى، وابعتي الفاكس دا لشركة التانية
اتجه بانظارة المتوقفة بصمت
-عايزك في المكتب أستاذة جوان
دلفت خلفه وتوقفت تردد بعملية: سلمت الملف للأستاذة سما، وهي هتبعته لحضرتك، الباشمهندس عز. توقفت عن الحديث عندما اقترب منها
-واخرة عمايلك دي ايه
-مش فاهمة حضرتك يافندم
قبض على ذراعها بقوة آلامتها
-بلاش تستهبلي عليا، اسبوعين ومش عارف اوصلك، ورجعتي بشروطك. عايزة توصلي لأيه.
اوصل لايه! اردفت بها بتهكم وطالعته بجسد ينتفض كعصفور مبتل يرقص من شدة صعقه. وهدرت معنفة إياه
-أنا مش عايزة اوصل لحاجة، انا هنا علشان شغلي وبس، ولو حاولت تقرب مني هتشوف مني وش ميعجبش حضرة المهندس. قالتها واستدارت قبل ضعف عيناها أمامه
-استني عندك. هتف بها بقوة، اطبقت على جفنيها تضغط على فستانها على الأ تبكي أمامه. اقترب منها وغضب محمود ينبثق بعيناه
-لما اكلمك اوعي تسبيني وتمشي سمعتي.
استدارت تحدجه شزرا وهدرت بصوت مرتفع
-بس حضرتك سبتني قبل كدا ومشيت، سبتي لشوية حيوانات تنهش فيا. قبلها بساعات هنا في المكان دا حضرتك كنت بتفرش لي الأرض ورد، بس اكتشفت بعد كدا وردك كله صبار بشوك، وميشرفنيش اشتريه أو ادوس عليه حتى. دنت خطوة ونظرات كالطلقات النارية.
-متنساش نفسك ياباشمهندس واحفظ الألقاب كويس، انا هنا شغالة عند جناب حضرتك، دا اللي مخليني واقفة اتكلم مع حضرتك في مكتب ومقفول بابه علينا، معلش بقى مبقاش فيه ثقة تآمن لحد. رفعت رأسها مقتربة منه
-طلعت كلام بس يافارس باشا، طلعتني سابع سما ونزلتني سابع أرض
تراجعت بجسدها وتحدثت: -اتمنى تتعامل معايا في نطاق الشغل وبس، انا من يوميها رميتك ومبقتش تفرق معايا.
مازال متوقفا أمامها، ونظراته الغاضبة تخترقها، لقد نجحت في استفزازه، حتى برزت عضلاته يضغط بقوة على قبضة يديه، ليقترب منها يجذبها بعنف
-هنتحاسب على الكلام دا
دفعته بعيدا بحركة قاسية مليئة بالنفور متراجعة للخلف، وارتسم الألم بعيناها، التي يتطاير منها الشرر.
-بكرهك وبكره اليوم اللي ربطني بيك، انت مطلعتش راجل في نظري، رسمت دور الرجولة بحرافية، لحد ماالهبلة وقعت فيك، بس متخفش الهبلة مش ضعيفة ولا غبية علشان توقع في راجل لا يمس للرجولة بصفة
أحس بقبضة تعتصر فؤاده، ووقف مشدوها يتمزق بين قلة حيلته وثباته الذي وصل إلى شفا حفرة من الانهيار، مرددا بداخله.
ياالله ماهذا الذي أحرق روحه، لقد ألقته بسهم مسموم لينزف بقوة فتراجع بتخبط وعجز عن حديثها القاسي بعدما قللت من رجولته اين كرامته الان، اين قلبه الذي دعست عليه دون رحمة. تحرك متراجعًا إلى مكتبه واردف بأنين يعتصر ماتبقى من روحه المعذبة من كلماتها
-فيكي تمشي وتبعتيلي سما. قالها وهو يتجه لجهازه المحمول يفتحه دون النظر إليها.
ابتلعت ريقها بصعوبة، واختلج صدرها بمشاعر متناقضة، بين الحب والكرة، بين الغضب والحنية، بين الخوف منه والأمان بقربه. ظلت للحظات متوقفة وعيناها على جسده وهو جالسًا يتابع عمله وكأن شيئا لم يكن
استدارت تفتح الباب بعدما خانتها عبراتها وتحركت سريعًا للخارج، تؤنب نفسها على ماالقته عليه من التهم الشنعاء، هوت على مكتبها تبكي بشهقات مما جعلها تدفن وجهها بين راحتيها.
بمكتبه احتضنن رأسه يضغط عليها بعدما خرجت، لا يعلم كيف عليه الرد، هناك حرب داخلية طاحنة بين قلبه وعقله، ايهما يكسبه معركة العشق اللاذعة، ام عقله لدفاعه عن كرامته الرجولية. فتح الشاشة ليراقب وجودها بمكتبها، وجدها تبكي وتحتضن نفسها كأنها نادمة على ماتفوهت به. لقد آلامه قلبه على شهقاتها التي اخترقت روحه، ود لو وصل إليها وضمها لأحضانه ولكن كيف بعدما طعنته بأعز مالديه.
ظل لدقائق يتابعها بقلبه قبل عينيه حتى دلفت إليها سما السكرتيرة التي توضطدت علاقتهم كثيرا بالفترة الأخيرة. أسرعت إليها تضع الورق على المكتب
-جوان مالك فيه ايه بتعيطي كدا ليه
ارتفعت شهقاتها أكثر من اللازم، لتدفن نفسها بأحضان سما تتمتم بعيون حزينة وقلب مفتت: -زعلته قوي ياسما، دوست عليه، والله غصب عني قلبي محروق منه، وفي نفس الوقت مش قادرة ابعد عنه
بكت وبكت تهزي كالمعتوهة التي فقدت اتزان عقلها.
-ليه يعمل فيا كدا!
-حبيبتي قصدك على مين
هوت على المقعد تنظر حولها بضياع
-كان لازم افهم هو فين وأنا فين، أنا غبية أني صدقته
-قصدك مين ياجوان، قصدك مستر فارس. اومأت برأسها وانسابت عبراتها بغزارة
-أنا بحبه بس هو وجعني قوي، وجعني ومش قادرة اسامحه، طلع بيتسلى بيا
ربتت على ظهرها وناولتها كوب المياه.
-اهدي حبيبتي، وفهميني ايه اللي حصل، لو قصدك على مستر فارس هو محترم جدا ولسة عند كلامي، مش من النوع اللي ممكن يتسلى ابدا
احتضنت وجهها تزيل عبراتها
-بطلي عياط دلوقتي، نخلص شغلنا وبعد الشغل نخرج مع بعض وتحكيلي الحكاية من اولها، انا كنت شاكة أن فيه مشاعر بينكم، بس مش زعلانة منك ومقدرة دا.
ضغط على الكوب الذي بيديه حتى تهشم ولم يشعر بكم الزجاج الذي أصاب كفيه. لحظات كسنوات عجاف وهو يتابعها بعينين داميتين بقهر الألم الذي ينخر بداخله من حديثها
بمنزل جاسر جلس يحمل حفيدته
حبيبة جدو أكلك منين
حاولت غزل أخذها إلا أنه رفض، فهتفت بتذمر:
-براحة على البنت ياجواد. دقق النظر إليها: -عارفة ايه اللي يخليني احبك يابت ياجنى، حتى اكتر من ابني الحلوف.
-ايه ياحج جواد لاحظ أنا قاعد، ايه الكلام دا، بتعاكس في مراتي بوجودي. مرر أنامله الخشنة على وجهها الناعم وعيناه تحاوط الصغيرة
-بس يالا. اتجه بنظره الى جنى التي تجلس بأحضان جاسر وهتف: -ولادك نسخة تانية من غزل
-لا والله، أردف بها جاسر غامز إلى جنى، ثم أشار إلى نفسه: -لاحظ الولاد شبهي مش شبه مراتك، بترموا بلاويكو علينا
-اسمها مراتي ياحلوف. قالها وهو يلقيه بالتفاحة. قهقهت غزل وغنى عليهما.
رفع البنت وضمها إلى صدره ثم لاحت ابتسامة على وجهه
خسارة فيك ياحلوف. شكرا ياجنجون جبتيلي غزل تانية
-يادي النيلة مصر برضو على أنها شبه امي، والله البنت شبهي.
لكز جنى هاتفا
-ماتقولي يابت انك بتحبيني وجبتي العيال شبهي اقنعي الحج جواد.
ابتسمت جنى متجهة بأنظارها الى جواد
-كان نفسي حد من الولاد يكون شبه عمو جواد، بس متخفش اكيد حضرتك هتخليهم شبهك وشبه بابا في تربيتهم
جحظت عيناه.
-إنتِ بتقولي ايه يابت، فكرتك هتحبي فيا قدامهم، جاية تحبي في ابويا
شاكسته غنى
-شوفت ياجسورة، بتعمل علينا نمرة.
-نعم نمرة ايه دي إن شاءالله. توقف يجذب ابنته من والده
-هات بنتي ياحج، وخد مراتك وبناتك وروحوا. قهقه جواد يضم الطفلة
– بس يالا، هتسكت ولا احنا اللي ننطردك، استنشق رائحة الطفلة يضمها بقوة قائلاً
-كأن شبابي رجع تاني ببنتك ياجاسر، لو ليا عمر محدش هيربيها غيري. وانت مبروك عليك جنى بتاعتك.
قبل كتف والده مردفًا: -ربنا يديلك طولة العمر ياحج جواد. وتربيها وتجوزها كمان
رفع عيناه لزوجته ثم مسد بكفه على وجهه
-البنت نسخة تانية منك يازوزو، كأنها أنتِ اول ماشلتك
اقتربت تضع رأسها بأحضانه وهو تضم حفيدتها
-ربنا يخليك وتربيها ياجواد زي ماربيت جدتها وبناتها
-أنا غيرانة على فكرة. قالتها ربى التي توقفت تتحرك بألمًا
– ومن غيرتي حاسة هولد، ايه نسيتوا انا كمان هجيب بنت، ولا علشان جاسر يبقى ماليش دلع.
ضمتها غنى واردفت
-إنتِ بتقولي فيها، طيب ماتيا بنت، وكمان راسيل، ليه بقى ماسكين في بنت حضرة الظابط
-إنتِ هبلة يابت منك ليها، دي بنت جاسر وجنى، يعني مالهاش مثيل، روحي العبي ياماما بعيد عننا انت وبنتك، قال ايه بنتها زي بنت جاسر دول مجانين. نظر الى ابنته يشاكس والده
-دي برنسس عيلة الألفي ولا ليك اعتراض ياحج
نظر إلى غزل قائلا
-الواد دا عايز احرمه من بنته ومراته ايه رأيك، وعارفة لو اتكلمتي هقعدك معاه.
ضم جنى يقهقه على والده ثم هتف
-البنت خدها مش هقولك لا، لكن جنجون، الله في سماي مايحصل
ظلوا لبعض الوقت ومازالت ضحكاتهم ترنو بالمكان إلى أن توقفت جنى تحمل ابنتها
-يعني البنت كويسة دلوقتي ياطنط غزل. نهضت غزل تنظر إليها بأحضان والدتها.
-البنت زي الفل ياقلبي، المهم لازم تهتمي بصحتك متنسيش انك لسة تعبانة. والبنت عايزة رضاعة ياجنى، مش هوصيكي مهما تكوني تعبانة لازم ترضعيها طبيعي زيها زي كنان، اتجهت بنظرها إلى غنى واستطردت: -كفاية قصي ياحبيبي الواد دا اتظلم
-خلاص ياغزل مش كل شوية توجعي البنت، غنون كان غصب عنها
جلست بأحضان والدها
-حبيبي يابابي قول لماما كدا، معرفش بتحملني موضوع قصي
ضمت جنى ابنتها بلهفة
-متخافيش ياطنط مش هفارقها ابدًا.
قبلتها على جبينها وتابعت حديثها وهي تنظر إلى جواد: -كنت حاسة هموت لو حصلها حاجة، اسبوعين وهي بعيدة عن حضني
نهضت غنى تحملها عنها
-تعالي ياجنى ارتاحي، البنت كويسة، ياله حبيبتي.
اتجهت بنظرها إلى جاسر.
-خلينا نرجع معاهم حي الألفي بقى، كفاية عايزة ولادي يتربوا وسط العيلة، مش عايزة ابعدهم عن ولاد عمهم، نربيهم زي ماتربينا. انتظر جواد حديث ابنه، هو لم يضغط عليه وتركه ليعود بنفسه، رغم بنائه لمنازل أولاده الا أنه ترك لهم حرية الاختيار. نهض جاسر وضمها تحت ذراعيه:
-حبيبي بيفرشوا الاثاث، لسة البيت مكملش إن شاءالله يومين كدا ونروح.
هدأ قلب جواد وحمد ربه على نعمه ولمة أولاده وأحفاده بجواره. أغمض عيناه وتراجع بجسده مرددا بنفسه
-الحمد لله. الحمد لله. ظل يرددها بنفس راضية، وابتسامة من قلب الامه يحدث نفسه
-لو مُت دلوقتي هكون راضي على اللي عملته. فتح عيناه عندما ملست غزل على خصلاته الممزوجة باللون الأبيض
-جواد عايز تنام ولا إيه
رفع ذراعه وجذبها تحت حنان كنفه طابعًا قبلة أعلى رأسها يشير بعينيه لأولاده.
-شوفي فرحة الولاد ببعضهم ياغزل، اتأملي كدا البنات وحبهم لاخوهم، لسة اللوحة هتكمل لما أوس وياسين يرجعوا على هنا. أنا اصريت أننا كلنا نتجمع هنا النهاردة علشان من هنا هنودع كل الوجع اللي مرينا بيه، عايز ابنك يخرج من البيت دا وهو بيشمعه بالشمع الأحمر ويؤكد لنفسه أنه مالوش غير حضن اخواته وبيت ابوه، مهما يطير لازم يرجع لسربه ياغزل
احتضنت وجهه وطبعت قبلة على جبينه.
-جوادي وابويا واخويا وحبيب عمري ربنا يباركلي فيك ياحبيبي يارب
ابتسامة بعيون لامعة بعشق أيامه لطفلة قلبه الغالية
-إنتِ بنت قلبي ياغزل، بنتي اللي عرفت طعم السعادة على ايديها ومهما تديني الدنيا من كرم مش هيكون افضل من كرم ربنا بهديته بيكِ
أشار على ابنة جاسر الذي ضمها والدها لأحضانه
-ركزي مع لين كويس البنت نسخة مصغرة منك، والله كأنها غزل، كأن والدك كان هنا وحطتك بين ايدي. قالها وهو يبسط يديه.
-بأيدي شيلتك وبأيدي ضميتك لقلبي يابنت قلبي
حاوطت جسده ودفنت رأسها بأحضانه
-أنا بحبك قوي ياجواد، اوعى تفكر أن ولادك يعوضوني حنانك، يارب مايحرمني منك ياحبيب عمري
وصل إليهم جاسر قاطبا جبينه
-انتوا بتحبوا في بعض قدامنا، ايه ياحج جواد، مش كبرت على كدا
لكزته غزل ضاحكة
-بس يلا، مفكر نفسك انت بس اللي بتعرف تحب
رفع حاجبه ساخرا: -تنكري ياست الكل، ثم اتجه بنظره لوالده
-ماتقولها حاجة ياحج، عرفها اني استاذ ورئيس قسم.
تهكم جواد يشير إلى جنى المتوقفة بجوار غنى وربى على بعد مسافة
-عارف البنت دي خسارة فيك حبها، اه والله دي شافت منك الغلب يااستاذ ورئيس قسم
جنى. هتف بها جاسر فاستدارت مبتسمة، أشار إليها، خطت إليه وهي تضم ابنتها. نظر لوالده
-بابا بيقول انا مستهلش حبك، صحيح ياجنون. قاطعتهم غنى وهي تتناول البنت
-هاتيها ياجنجون وردي على أسئلة جوزك العبقرية
كانت تراقب ابنتها بلهفة فغمز جواد إلى غزل.
-حبيبتي البنت كويسة، سبيها مع عمتها شوية، متخافيش عليها
ادار جاسر وجهها إليه: -أنا بسالك في سؤال مهم وحضرتك هتموتي على بنتك
اتجهت بنظرها إلى عمها وحاولت تداري قلقها
-طبعا جاسر امير أساطيري ياعمو، حضرتك لسة بتسأل يستاهل ولا لا
جذبها من خصرها بقوة حتى تألمت تصرخ. ركله جواد بقدمه
-براحة ياحلوف البنت بطنها مفتوحة، عرفنا انك حلوف غباء في الحب
ضمها بحنان معتذرًا
-آسف حبيبي، بابا خرجني عن شعوري.
فين البنت قالتها تبحث بعينها عن غنى
أشارت لها غزل بالصعود
تحركت وصعدت إلى غرفتها بقلق بينما اتجه جاسر إلى والدته متسائلا
-ماما لين كويسة صح!
-والله ياحبيبي البنت كويسة، يعني هخرجها من الحضانة تعبانة، اطلع ورا مراتك خدها في حضنك وحسسها كل حاجة كويسة، البنت مش عجباني خالص.
-خلي منيرة تعملها أكل. تحركت غزل للمطبخ.
-أنا هجهز الغدا علشان كلنا هنتغدى هنا ونبات مش كدا ياجواد. أومأ دون حديث عندما شعر بوخزة بصدره
جلس جاسر بجواره
-بابا حضرتك مخبي عني حاجة، أشار إليه للجلوس بجواره. نهض وجلس بجوار والده
ظل جواد يطالعه لفترة دون حديث، حتى شعر جاسر بأنين يشق صدره فاقترب منه يرفع كفيه
-فيه ايه يابابا، ليه بتبصلي كدا
سحب بصره ينظر للبعيد.
-عايز منك وعد ياحبيبي. قطب جاسر جبينه وتلعثم بالحديث حتى شعر بغصة تمنع حديثه، فاقترب حتى التصق بجسد والده
-وع. د قالها بتلعثم، يضع كفيه على كتف والده حتى يستدير والده إليه
أدار وجهه وتعمق بعيناه: -أنا بعفي نفسي النهاردة من كل مسؤلياتي يابن جواد، عايز اشوف ابني البكري هيتعامل ازاي مع إخواته
ضيق عيناه يناظر والده: -تقصد ايه. استدار بكامل جسده.
-إنت الكبير ولازم تكون مع اخواتك سندهم، اللي عنده مشكلة تحلها، عارف انهم مش صغار، بس مهما يكون سنهم بيجي الوقت الواحد بيحتاج لسند يابني
طالعه بأعين تنبثق بالأسئلة
-ايه يلا، بتبصلي كدا ليه، ايه لما اطلب منك تكون كبير العيلة غريبة
مشاعر متقلبة يشعر بها، هل والده يعاني من شيئا، استعمل ذكائه واضعا رأسه على كتف والده
-ماليش أنا في كبير العيلة دا، ربنا مايحرمني منك وتقعد تدلع فيا، اه بحب دلعك ياابو الجود.
حاوط كتفه يربت على كتفه
-حبيبي مش هفضل عايش لكم طول العمر.
-لا بلاش ماليش دعوة، انا عايزك تفضل تدلعنا وندلع عليك. كبير ايه ياحج
ربت جواد على كتفه
-عايزك تقوى، وسيبك من الهزار، انا حافظك اكتر من نفسك يابن جواد، ولو عايز حنان تعالى بات في حضني ياحبيبي معنديش مشكلة
رفع رأسه وأطلق ضحكة صاخبة
-قفشتني. لكزه جواد مشاكسًا
-إنت ناسي مين اللي قاعد جنبك يابغل، انا جواد الألفي يلا، فوق كدا وانت بتكلمني.
حك رأسه متمتما
-يعني انا غبي صح. لطمه على وجهه بخفة.
-مقولتش كدا يابن غزل، انا قصدي انك تفوق شوية ومتحورش على ابوك، لو فيا حاجة كنت قولتلك
زم شفتيه يهز رأسه
-يعني مش هطلع بحاجة
-هو فيه حاجة علشان تطلع بيها. بتر حديثهم وصول أوس ملقيا السلام ثم هوى بجوار والده. اتجه بنظره إليه
-مالك حبيبي. رجع بجسده مطبق العينين
-ارهاق ياسيادة اللوا، بنحاول نقفل الشهر قبل إجازة فرح جواد
-ربنا يوفقك ويعينك، استدار إلى جاسر.
-شوف يوم وتابع الشغل مع اخوك، مينفعش الحمل كله عليه
اعتدل أوس يهز رأسه مستطردًا: -لا ياحبيبي انا كويس، كفاية شغله، وسفرياته، وطبعا اليوم اللي هيقعد فيه مينفعش اخده من بيته وعياله
أشار جواد إلى أوس
-شوف بيقول ايه مش زيك يابغل
قهقه جاسر يلطم كفيه ببعضهما
-هو انا اتكلمت، امال بجسده يهمس بصوت خافت
-قولي حضرتك غيران مني ولا ايه
ركله بقدمه، حتى رفع ساقه يصرخ
-ضيعت عليا الماتش ربنا يسامحك
شاكسه أوس.
-أيوة دي حجة بقى علشان تقول رجلي. فوق يابابا، فيه ماتش ولازم كلنا نشارك فيه
طالعهم جواد متسائلا
-ماتش ايه. توقف جاسر يشير إلى أوس
-دا الباشهمندس يحكيهالك ياحج، انا طالع ارتاح شوية منمتش امبارح
اومأ له متفهما. بينما اتجه جواد بنظره الى أوس
-قوم ارتاح شوية قبل الغدا، ثم تسائل
فين ياسين مرجعش من برة
نهض من مكانه قائلًا: -كلمني من ساعة كان عايز يغير عربيته، أومأ جواد متفهما ثم أشار إليه.
-طيب ارتاح شوية، خدلك شاور قبل ما تنام ماترحش ترمي نفسك على السرير بجذمتك كالعادة
-ليه ياسمينا مش فوق
توقف جواد لمقابلته
-خرجت مع عاليا، قالوا رايحين يشتروا شوية حاجات لبنت اخوك، هي كانت هتكلمك بس انا ادتلها الاذن ايه عندك اعتراض
انحنى يقبل كتفه ثم ربت عليه
-ابدا حبيبي انا استغربت بس، هطلع ارتاح. توقف متسائلا: – مسك معاها ولا ايه. تحرك جواد متجها للحديقة.
-مع الناني في الجاردن، ياله اطلع وأنا هشوفهم والعب معاهم شوية
بشركة الألفي
كانت منصبة على جهازها تدون بعض الأشياء المهمة، بعدما هدئت، وبدأت تستعيد حيويتها مرة اخرى. جذب المقعد وجلس بجوارها
-خدي الورق دا سجليه عندك، وابعتي منه نسخة للاستاذ معتز، واعملي جدولة.
اتجهت إليه تسحب الورق دون أن تنظر إليه قائلة: -أنا خلصت النسخة دي، وبعتها الايميل لحضرتك، وكمان بعت نسخة للاستاذة نادين بناء على طلب الباشمهندس عز
توقف يومئ برأسه ثم استدار ليتحرك ولكنها أوقفته
-باشمهندس. أطبق على جفنيه عندما تسلل صوتها الهادئ لاعماق قلبه استدار بهدوء وجدها تفتح درج مكتبها ثم أخرجت ذاك الصندوق.
-آسفة مبقاش له لازمة، اتفضل. اومأ دون حديث فجذبه منها بوصول نادين مبتسمة: -اتأخرت عليك. قالتها وهي تنظر إلى جوان التي رمقتها بهدوء ثم استدارت تتابع عملها
تحرك فارس بجوارها
-لا ابدا، توقفت تنظر إلى الصندوق.
-ايه دا. قلبه بيديه حتى سقط من بين كفيه. فانحنت: -تسمحلي قالتها بعدما سقط الصندوق ليتساقط من بين يديها لتنكسر تلك اللعبة التي عبارة عن عروسين يتراقصان بنغمات موسيقية، جلبها بناء على طلبها عندما كانوا يتجولون على كورنيش النيل
استدارت تطالعهما بعدما استمعت لسقوط الصندوق وحديث نادين. ظل للحظات يتابع الزجاج المتناثر من تلك الهدية بصمت. انحنت نادين تلملم بعض القطع الزجاجية الا أنه أوقفها.
-مفيش داعي. سبيها حد هيجي ينضفها، ياله علشان نتأخر
استدار برأسه إلى جوان
-كلمي عامل النظافة يجي يلم القزاز دا. امال على الصندوق وتناوله ثم فتح صندوق القمامة الذي يجاور مكتبها وألقاه بها وغادر دون حديث.
شعرت بانتهاك ملكيتها عندما تحرك مع نادين وضغط بحذائه على هديته لها، نهضت بقلب يقطر ألمًا على ما فعله بها، حاولت أن تتناسى مشاعرها فيكفي ماشعرت به من قربه وخذلانه لها كيف تنسى تلك الاتهامات الشنعاء، كيف تنسى نظراته المشمئزة لها، كيف تناسى حبها بعدما وهبته قلبًا طاهرًا نقيا، انحنت تجمع تلك القطع الزجاجية وانهمرت عبراتها على ذكريات انكسرت ولم يتبقى منها سوى ذكريات مؤلمة. شهقت عندما تسللت قطعة زجاج إلى أصبعها، اخرجتها ببكاء ومازالت تجمع قطع الزجاج المنكسرة كقلبها آلان.
شعرت بأحدهم يجلس بمقابلتها يحتضن كفيها ويضع محرمة ورقية عليه ثم ساعدها بالوقوف، ارتفع صوت بكاؤها ليضمها لأحضانه
-خلاص بطلي عياط، بكت بشهقات لا تريد الابتعاد عنه، أحبته بصدق ودعس على قلبها دون رحمة
-اهدي خلاص مفيش حاجة، قالها وهو يعطيها محرمة أخرى مبتعدا عنها
-حافظي على جرحك، واسف على انك قابلتي واحد معدوم الرجولة.
حركت رأسها مع انسياب عبراتها، لقد آلامها قلبها على نبرة الشجن بصوته، وكأن هناك من طعن صدرها بسكين بارد عندما أشار إلى العامل الذي وصل
-ارمي الحاجات دي في الزبالة، وابعتلي الاستاذ عمر خليه. قاطعهم وصول عمرو
-افندم حضرتك طلبتني
-انقل مكتب أستاذة جوان في الدور الخاص بأوس، وشوفلي حد مكانها لحد مانعمل اعلان. استدار يرمقها وتابع حديثه
-عايز شاب، مش عايز بنات هنا تاني، الدور دا مفهوش رجالة، فيه أشباه رجال.
طالعه بجبين مقتطب
-حضرتك عايز المسؤل مكان سما ولا جوان
-نزل الاتنين، مش عايز بنات خالص.
اومأ متفهما فتحدث
-حاضر يافندم، اديني ساعتين تلاتة أشوف حد جدير بالوظيفة
رفع عمرو نظره إلى جوان
-لمي حاجاتك ياجوان، وبعد الإجازة استلمي الشغل تحت
كانت نظراتها تحاوط وقوفه وهو يجيب على هاتفه الذي ارتفع بالأجواء
تحركت إلى وقوفه وانتظرت إنهاء مكالمته. استدار للمغادرة توقفت أمامه بدموعها.
-مش قادرة يافارس، مش قادرة انسى اللي عملته. أحس بالدوار يلف برأسه فاقترب منها
– عارف غلطت وأنا آسف ياجوان، آسف اني مكنتش راجل معاكي، ومصدقكيش. رفع ذقنها يتعمق بعيناها
-ميرضنيش انك ترتبطي بواحد مش راجل
-آسفة. مكنش قصدي، والله ماكان قصدي، قلبي موجوع منك
سحبها لحضنه بعدما فقد السيطرة على قلبه المتحكم
-بطلي عياط، قلبي بيوجعني، عارفة انك راجل، وراجل قوي كمان، واكتر حاجة عجبتني فيك رجولتك متزعلش مني.
أغمض عيناه وآهة طويلة كانت أبلغ رد في تلك اللحظة، ضغط من احتضانها متناسيا قربهما، كل مايشعر به أن روحه تعانق روحها فهمس ببحته الرجولية
-مش زعلان منك، زعلان من قلبي اللي غفرلك
. ارتجف جسدها
فتراجعت بعدما وجدت وضعهما الغير لائق. وظلت تطالعه لبعض الوقت
-عايز مني ايه؟
-عايز نكمل حياتنا مع بعض. احتضن وجهها وانحنى بجسده يتعمق بعينها
-عارف اني غلطت.
ابتعدت هاتفة: -برضو بتقرب مني، اومال لو متعرفش حدود ربنا. دنى منها أكثر: -شاوري بس وريحي قلبي وأنا احرق الحدود اللي بينا دي، طفي نار قلبي ياجوان
تراجعت على مكتبها قائلة
-سبني كام يوم لحد مااهدى وأنسى يافارس. اقترب منها حتى حجزها بالجدار خلفها.
-النهاردة بالليل هاجي أنا وعمي وبابا، نطلبك وبكرة مع حنة ابن عمتي هيكون كتب كتابنا، عرفي والدتك بكدا، ولو تقنعيها بالفرح يكون أحسن، فتحت فمها للأعتراض. وضع إبهامه على فمها
-لو سمعت اي اعتراض هتندمي ومش أي ندم، وانا مجنون وأعملها، روحي اسألي عن ولاد صهيب الألفي، شعارهم ايه في العيلة. دنى يهمس بجوار أذنها
-شعار جنون الحب، مجانين بالحب، وأنا دكتور ورئيس قسم والبركة فيكي، تراجع يشير إلى أناملها.
-متلعبيش في القزاز تاني، اتكسرت وأخدت الامنا معاها، علشان بعد كدا تحافظي على أي حاجة فارس يدهالك
تراجع مستديرا فوجد نادين تقف مكتفة ذراعيها مع بعض الموظفين
وزع نظراته بينهما يتسائل
-واقفين كدا ليه. اقتربت منه نادين
-حضرتك اتأخرت فجيت اسأل عليك لقيتك مشغول مع الأستاذة
جذب رسغ جوان حتى توقفت بجواره ثم اتجه بنظره للجميع وهو يحاوط خسرها
-جوان بتكون خطيبتي، وبكرة كتب كتابنا، اكيد جاين تباركو.
توسعت أعين نادين بالصدمة مرددة
-ايه خطيبتك! اقترب منها ومازال محاوط جسد جوان
-اه ايه متعرفيش ولا ايه، معلش معذورة، الحقيقة جوان كانت عايزة تعمل مفاجأة وحفلة بكرة بس بما انكم عرفتوا كدا المفاجأة ضاعت. نظر إليها بأعين تلقيها بأسهم العشق الندي
-بكرة معزومين على كتب كتابنا.
طالعته بعيون مترقرقة بالدمع وحدثته بعينها: -كيف أقتل مشاعري بداخلي اتجاهك، وانت تحاصر انفاسي بعشقك من كل جهة، لقد سحبت انفاسي بدقات قلبك التي أعلنت حرب الحب عليا، وتفوقت بكامل اسلحتك الفتاكة لتخطف قلبي وعقلي بل كل جوارحي
ابتسم لها بعدما شعر بمشاعرها من نظراتها التي اذابته عشقًا، فاحتضن كفيها أمام الواقفون.
بحبك. ارتجف جسدها وتلالأت عيناها تنظر بخجل للأسفل بعدما اخترقتها نظرات الجميع، لينسحبوا إلى مكاتبهم بجو من السرور مع دعواتهم بالسعادة
فارس ابعد لو سمحت عاجبك كدا
رفع ذقنها بأنامله
-أنا عملت حاجة، انا لسة هعمل، استني بس لما تكوني حلالي. حمحمت نادين تضرب قدمها بالأرض
-ايه امشي ونلغي الشغل
-اه انا النهاردة ماليش مزاج للشغل ممكن ترجعي ولما اشوف وقت مناسب، هكلمك.
طالعت جوان للحظات بصمت ثم تحركت للخارج دون حديث. حاولت التملص من بين ذراعيه وهتفت بغضب
-ايه اللي قولته دا، ازاي تقولهم أننا مخطوبين، ينفع كدا
لاحت ابتسامة لاعوب على وجهه، فاقترب يهمس
-هو انا قولت خطوبة، اناقولت هنتجوز، اتعاملي معايا على الأساس دا
جذبها من رسغها قائلا: -لسة هتكلم تعالي معايا.
-فارس سيب ايدي مينفعش كدا. أطبق بقوة أقوى وتحرك متجها للمصعد الخاص به. توقفت تجذب كفيها بعنف.
-هو ايه اللي بتعمله دا. توقف يطالعها بصمت للحظات ثم خطى إليها وهي تتراجع للخلف، أشار على المصعد ضاغطًا على أسنانه
-هتخرجي جنبي زي أي بنوتة حلوة بتحب خطيبها اللي بكرة فرحهم بدل مااشيلك زي الشوال، اختاري بسرعة هتمشي ولا أشيل
رفعت سبباتها محذرة إياه
-اياك تقرب مني هصوت وألم عليك الموظفين
يابت متخلنيش افقد اعصابي، صوتي كدا. نزل ببصره لشفتيها وغمز بعيناه
-هعرف اسكتك كويس.
توسعت عيناها بذهول مع ارتعاشة بساقيها تحاول أن تبتعد عن محاصرته
-فارس وسع عيب كدا
-مش هوسع. هتعملي ايه
تلألأت عيناها بالدموع: -ابعد لو سمحت. رفع ذقنها ينظر إلى عيناها بحزن
-لحد امتى هتخافي مني
أحست ببرودة تجتاح جسدها من نظراته الحزينة، فهمست بتقطع
-لحد ماتبقى جوزي، حرام يافارس القرب دا، خلي ربنا يبارك لنا في حياتنا مع بعض.
ابتسامة زينت وجهه ينظر إليها بحبور بعد كلماتها التي أحييت روحه. ظل يتأملها بحب وضرب المسافة التي بينهما
-قولتي ايه؟
وضعت كفيها أمامه
-بلاش نغضب ربنا، ايه مش خايف
همس بعيون والهة وقلبه الذي قرع كطبول الحرب قائلاً: -انا عايزة بركة في حياتنا، عايزك نور لحياتي، عايزك تشاركيني الحزن قبل السعادة
-إن شاءالله مفيش حزن. قالتها بشفتين مرتعشتين
تنهد بغرام يحيي القلوب ناظرًا بعمق عيناها هامسا ببحته الرجولية.
– جوان أنا بحبك. قالها عندما ازداد بريق العشق بعيناه
توردت وجنتيها لتصبح كبتلات الورد الجوري. وتحول قلبها لفراشات تدغدغ معدتها لتهمس بتقطع
-ممكن نمشي.
أشار إليها مبتعدا وعيناه تحاوطها بجنان عشقه قائلا
-هنمشي بس علشان مش ضامن نفسي
تحرك بها إلى سيارته متجها إلى وجهته وهي الذهاب لمنزلها
مساء بمنزل جاسر.
دلفت إلى غرفتها تحمل بيديها اغراضًا إليها وإلى ابنتها، . تسمرت بوقوفها عندما وجدته مستغرق بنومه على فراشها
فتح عيناه عندما شعر بدخولها. نهض يمسح على وجهه، خطت متجهة لغرفة الملابس ولم تعريه اهتمام تضع باقي الملابس بالحقيبة بعدما أمرهم جواد بالتحرك بالصباح الباكر لروجعهم لحي الألفي
نهض متجها إليها، توقف على باب الغرفة لفترة ثم تحرك إليها بعدما لم تكترث لوجوده.
انحنى بجسده يرفعها من خصرها، لكزته هادرة به
-اياك تلمسني تاني، معرفش ازاي جالك الجرأة انك تدخل الاوضة وتنام على سريري اصلًا
جذبها بقوة يدفن رأسه بخصلاتها
-مش تزعليني ياعاليا، أنا تعبان بلاش تعملي فيا كدا
تراجعت متهكمة تطالعه بنظر مزدرية قائلة: -اه تعبان، وياترى تعب من أي نوع ياحضرة الظابط، اقتربت تلكمه بصدره.
ايه جاي ترتاح معايا وبعد كدا ترميني زي بنات الليل، تمشي لشهور وترجعلي لما الشوق يغلبك، انا هنا علشان بنتي ياياسين مابقتش متحملة اللي بتعمله
عاليا . أشارت بسبباتها كالمجنونة
اخرص، بلا عاليا بلا زفت، ايه انا ايه في حياتك، قولي صرخت كالمجنونة وانسابت عبراتها
جذبها يضمها لصدره
-إنتِ القلب والحب كله ياروح ياسين، انا زعلان ومخنوق ومش عارف اسامح ولا عارف اعيش من غيرك.
كذااااب. قالتها بانهيار مع انسياب دموعها، ثم أشارت إلى نفسها
ولا عارفة أعيش ياياسين، قولي عرفت تعيش، حتى جيت يوم ولادة جنى ومهنش عليك تاخدني في حضنك وتتبطب عليا وتقولي متزعليش
لم يدعها تكمل حديثها فيكفي مايشعر به كلاهما. ظل لفترة يرتوي من لهيب عشقها، حاولت الابتعاد عنه في بادئ الأمر ولكن عشقه طغى على امتناعها
ليحي قلبه وقلبها من جديد. صرخت هادرة تلكمه بقوة تمسح ثغرها.
-مبقاش ينفع ياحضرة الظابط، اللي بتعمله دا بيكسرني قدام نفسي
ابتعدت تشير إليه
-أنا مش مسمحاك ياياسين، واسمعني انا مش هفضل ساكتة على كل مرة تزلني وتدوسي على كرامتي ودلوقتي اطلع برة، لما تحسسني اني استاهل انك تضحي علشاني يبقى تعالى، مش عايزة افضل في نظرك الجوازة السهلة
-ايه اللي بتقوليه دا يامجنونة
رمقته هادرة، وبصقت حديثها الذي أوقفه متسمرًا.
-أنا رافضة الجوازة دي، انت اتجوزتني غصب في ظروف مضطربة، ودلوقتي من حقي ارفض أو اقبل. شوف هتعمل ايه علشان ترضيني. لو عايزني حسسني بقيمتي. قالتها واستدارت تواليه ظهرها
توقف ينظر إليها لبعض الوقت، ثم تحرك خارجا. قابله جاسر خارجًا من غرفته. توقف أمامه يطالعه بتدقيق
-لسة زعلان مع عاليا. بقلب مهشم وينزف بصمت: -أنا عارف اني غلطت، بس انا معذور، مراتي لغتني وراحت شقة واحد كان هيغتصبها ياجاسر.
حاوط أكتافه وتحرك للأسفل تعالى ننزل نلعب شوية باسكت، نخرج الطاقة السلبية واحكي لي اللي حصل
بعد فترة من اللعب بينهما، اتجها إلى حمام السباحة ليسبحا بعض الوقت، استند على الجدار متسائلا
-مالكم بقى. قص له بعض الأشياء ثم ألقى بجسده بجوار المسبح
خرج جاسر من المسبح
-قوم خد لك شاور علشان نتغدى، وأكيد عاليا مش هطول في زعلها، سبها لما تهدي
وضع كفيه على عينيه قائلا.
-بتقولي من حقي أرفض أو اقبل علاقتنا. جوازي جه منها بالغصب
جذب المنشفة يجفف جسده ثم ألقاها بوجهه
-طيب ماهي سهلة ياغبي، قدملها طلب جواز، ودا من حقها بسبب ظروفكم، وبعد كدا سبها تختار
اعتدل جالسا
-إنت عبيط يابني، عايزني اروح اتجوز مراتي، ايه الغباء دا
ركله بقدميه
-تصدق تستاهل اللي بيتعمل فيك، خليك كدا لحد ماتخلعك.
-لا بجد انت مجنون، وياترى ياحضرة الظابط هروح اقدم طلب جوازها منين
تحرك جاسر بعدما سبه.
-من البوستة ومتنساش طوابع البريد، كتر منها، متخلف، روح اخطبها من عمو سامي البواب. ايه الغباء دا
تحرك للأعلى قابلته غزل
-حبيبي اخواتك فين علشان نتغدى مع بعض. أشار للخارج
-الحلوف ياسين رايح يشتري طوابع من البوستة، والعاقل نايم فوق، وانا قدامك، ايه عندك حد غيرنا بالسر
لكزته بصدره
-طيب روح البس هدومك قبل ماتبرد، توقفت تنظر إليه بجبين مقطب
-بوستة ايه اللي بتقول عليها. قهقه ثم تحرك صاعدا للدرج.
-ابنك عايز يتجوز، فكنت بقوله يشتري طوابع كتب الكتاب
امتقع وجهها متسائلة
-الواد دا اتجنن مين اللي عايز يتجوز، استمعت إلى صوت بيجاد وعز بالخارج مع ياسين، تحركت للخارج وجدتهم يتوقفون مع ياسين عند المسبح. تحركت إليهم
-حمدالله على سلامتكم. قبل جبينها عز
-غزولة وحشتيني كدا حي الألفي يضلم من غيركم، انا قولت مش هبات هناك وانتو هنا
ابتسمت تربت على كتفه.
-ربنا يسعدك حبيبي، مراتك فوق نامت الحمل تعبها فقالت هتريح شوية
تحرك متجها إليها
-طيب هطلع اشوفها، انا واقع من الجوع ياغزول، شوفيلي حاجة اكلها
-حبيبي غير هدومك هتلاقي رُبى اكيد عاملة حسابك. تحرك يلوح بكفيه. اتجهت وجلست بجوار بيجاد الذي جلس أمام المسبح شاردا بنظراته اتجاه ياسين الذي يسبح. ربتت على كتفه: -سرحان في ايه يا كابتن
التفت يناظرها ورسم ابتسامة على وجهه.
-عاملة ايه، ليه اصريتوا تباتوا هنا، أول مرة عمو جواد يبات برة حي الألفي، من بعد سفرياته خارج القاهرة
ابتعدت ببصرها عنه واجابته
-حاجات بيرتبها حبيبي، غير أن البيوت بتعتكم بتتفرش
-مكنش له لازمة البيت اللي عامله، انا مش ناقصني بيوت
استدارت تحتضن كفيه وتحدثت بهدوء: -بيجاد اسمعني كويس، مين من ولادي محتاج يابني، عمك عمل الصح، وبعدين انت مالك دا بيت لبنتي مش ليك
ابتسم يهمس لنفسه.
-بيوزع علشان عارف أنه خلاص قرب على النهاية. لكزته غزل متسائلة: -بيجاد مالك حبيبي، مش عوايدك وبعدين انت زعلت من كلامي انا بفهمك حاجة مهمة، غنى زيها زي اخواتها حتى لو معاك مال قارون، وطبعا جواد مش ناسي انك معاك اكتر وربنا يزيدك حبيبي، بس برضو البنت من حقها يكون ليها في مال ابوها
نهض من مكانه عندما فقد التحكم بنفسه.
-أنا مش واخد حاجة ياطنط، والبيت مش هنعيش فيه، وعرفي عمو كدا، انا مش قابل اللي بيعمله، ليه بيحسسني أنه بيوزع ورثهم
توقفت تنظر إليه بذهول
-بس دا مكنش كلامك والمهندسين بيصمموا، دا مكنش كلامك وانت بتختار مع اوس وعز أثاث بيتك
تراجع ينظر حوله بضياع، فكلما تذكر حديث جواد حازم عن مرض جواد يريد أن يهدم العالم بأكمله، هرب من نظراتها عندما اغروقت عيناه بالدموع وهتف بصوت يملؤه الألم.
-غيرت رأيي، انا مش محتاج، وحضرتك عارفة كويس بايدي اعيش بنتك في قصر من دهب، لو شاورت بس مستعد اعملها، لكن البيت دا مش هدخله ودا اخر كلام
خرج ياسين من المسبح بعدما ارتفع صوت بيجاد، جذب المنشفة يوزع نظراته بينهما
-مالك يابيجاد مزعل ماما ليه. سحب كف ياسين بقوة
-عايز اتكلم معاك، تعالى. قالها وهو يتحرك بعيدا عن غزل التي توقفت متصنمة تحاول أن تستوعب انقلاب بيجاد بتلك الطريقة
بالاعلى وخاصة بغرفة جاسر.
خرج من المرحاض، يلتف بمنشفة بجزئه السفلي، اتجه بنظره لزوجته التي غفت وهي تحمل ابنته بأحضانها. جذبها من بين يديها بهدوء ثم وضعها في مخدعها، توقف يطالعها بابتسامة ثم انحنى يطبع قبلة على جبينها
-والله القمر شبه بابي، صح يالولو. مرر أنامله على وجهها يرسمها بعيناه ثم جلس بجوارها ومازالت نظراته عليها.
-اممم، يعني عيون بابي بس ياليو، توقف على ثغرها عندما فتحته وهي تتثآب. ابتسم على جمال نعومتها، رفع نظره لزوجته ثم إليها
-أميرة بابي واخدة ملامح مامي بس بابي اكتر صح. تململت جنى فهبت من مكانها تهمس باسم ابنتها، توقف متجهًا إليها
-اهدي حبيبي البنت نايمة. ألقت الغطاء وهرولت إليها
-البنت كويسة ياجاسر ولا فيها حاجة.
جذبها بقوة لصدره: -البنت كويسة ياجنى بس أبو البنت اللي مش كويس. تجمدت عن الحركة بعدما استمعت لحديثه، وطالعته بأنظارها
-إنت تعبان!
اه تعبان. قالها بصياح عندما فقد سيطرته وشعر بألم روحه من حالتها منذ خروجها من المشفى. أشار عليها وهتف مستطردا
-اعمل فيكي ايه، بقيتي مجنونة كل ماللبنت تبعد عن حضنك تتجنني، ايه ياجنى البنت كويسة، اهدي علشان ربنا مايعقبناش ويباركلنا فيها.
شهقت ببكاء وارتجافة بجسدها. سحبها لأحضانه يمسد على خصلاتها
-وبعد هالك حبيبتي، بقالنا شهر على الحال دا، . انا تعبت مبقتش قادر اركز في شغلي من عمايلك دي
-البنت هتموت ياجاسر صح، قولي انها هتعيش والله هتعيش، ريح قلبي ياجاسر
انحنى وحملها بين ذراعيه واتجه إلى فراشهم. وضعها بهدوء وحاوطها بذراعيه
-أنا اللي هموت منك ياجنى.
وضعت كفيها على فمه
وعانقت رقبته تبكي بصوت مرتفع.
-بعد الشر عنك ياحبيب جنى. رفعها بذراعيه يجذبها لتصبح بأحضانه
-قوليلي اعمل فيكي ايه، مش كلمتين اتقالوا وقت الولادة يبقى خلاص البنت هتموت. رفع ذقنها يحتوي وجهها بين راحتيه
-البنت اخدتها لكام دكتور، غير ماما عرضتها على اكبر اطباء في مصر، البنت حلوة، والحمد لله كل حاجة طبيعية والثقب اللي الدكتور قال عليها هيقغل مع الوقت
-يعني مفيش دم فاسد، والجهاز التنفسي كويس صح. سحبها من كفيها واتجه الى ابنته.
-قوليلي كدا، دي لو عندها دم فاسد هتبقى نايمة كدا، اومال كانت بتعمل ايه طول فترة الحضانة دي كلها، حبيبتي إنتِ والدة بقالك شهر يعني لا قدر الله لو فيه مضاعفات للولادة كانت ظهرت، دمها اتغير كلها، اومال جوزك كان بيعمل ايه كل يوم عندها، والرئة كملت والله، وجهازها التنفسي فل
-وثقب القلب ياجاسر، البنت هتكون مريضة قلب
-مش ملاحظة انك نسيتي جاسر ياجنى، فين أنا من حياتك من وقت الولادة، أنا مبقتش موجود.
احتضنت وجهه واقتربت تقبله تهرب من خوفها الذي يكبر يوما بعد يوما على ابنتها. ضمها لأحضانه دافنا رأسه بعنقها يستنشقه بوله عاشق
-وحشتيني ياقلب جاسر، دفنت نفسها بأحضانه كأنها تهرب من وسوسات الشيطان
-وحشتني قوي حبيبي. تنهيدة عميقة يسحبها للفراش يدثرها بالغطاء
-نامي حبيبي، هروح البس. احتضنت كفيه
-زعلان مني. انحنى يطبع قبلة على جبينها
-مقدرش ازعل من روحي.
بعد قليل هبط الجميع لتناول وجبة الغداء. ترأس جواد المائدة يوزع نظراته بين أولاده ثم هتف
-مجبتش بابا معاك ليه ياعز؟
نظر إليه بصمت ثم أردف
-بابا ميعرفش اني هنا، ومكنش متوقع من حضرتك تبات برة حي الألفي
اومأ برأسه ينظر إلى جاسر الذي يطعم زوجته وأردف: -مكنش في بالي أبات هنا، بس جنى اللي أصرت على كدا، مش كدا ياجنجون
ابتسمت لعمها وهزت رأسها
-شكرا ياعمو، زيارتكم فرحتني وخرجتني شوية من الحزن
مسد عز على رأسها.
-ليه حبيبتي حزينة، بنتك رجعت لحضنك وكويسة، وجوزك جنبك
رفعت نظرها لأخيها وترقرت عيناها بالدموع
-هتبقى كويسة ياعز مش كدا. توقف جاسر عن مايفعله، وزفر بغضب ثم تحدث بصوت مرتفع بعض الشئ
-طمن اختك ياعز، بدل انا كلامي مابقاش يتصدق، يمكن تصدقك إنت
-جاسر اتجننت. اردفت بها غزل تشير بعيناها إلى جنى
-حبيبتي البنت كويسة، والله مافيها حاجة اهدي إنت، متنسيش عندنا فرح بعد يومين، لازم تجهزي، بشرتك تعبانة.
-حاضر. قالتها وهي تنظر لزوجها بحزن ينبثق من عيناها، امسك السكين ولم ينظر إليها وبدأ يقطع اللحم ويتناوله بهدوء، حاوطت ذراعه وهمست له باعتذار
-جاسر متزعلش مني. لم يلتفت إليها وبدأ يتناول طعامه بهدوء، رغم شعور بعلقمه. رفع عيناه إلى ياسين عندما تحدث جواد
-ياسين الصبح تروح مع مراتك تشوفوا فيه حاجة محتاجينها في البيت ولا لا
-بابا ممكن نتكلم بعد الغدا. اومأ جواد دون حديث.
-مالك يابيجاد؟ مش عوايدك تسكت كدا، ايه غنى مزعلاك
-ابدا يابابا، من وقت مارجع وهو كدا
هز جواد رأسه ثم غمز إليه وهو يضع قطعة اللحم بفمه
-مش هتقول لابوك يالا مالك، ايه نسيت ولا ايه
ظلت نظرات بيجاد عليه لفترة حتى استغرب جواد صمته، فضحك قائلا
-لا دا الموضوع كبير، وشكلك عامل مصيبة يابن ريان. قاطعته غزل.
-بيجاد مش عايز البيت ياجواد، بيقول انا مش فقير علشان تبنوا لي بيت. ضغط عز على ذراع بيجاد عندما وجد نظراته المصوبة لجواد، وانحنى يهمس له
-بيجاد اوعى تتهور، طنط غزل قاعدة، اياك تتهور هزعل منك، طنط غزل ممكن تموت فيها
لم يلتفت إلى عز وانما رفع شوكته ينظر لقطعة اللحم ثم الى جواد
-كنت مع جواد حازم النهاردة، واتكلمنا شوية، لقيته زعلان، تخيل زعلان من ايه ياعمو.
صمت جواد وارتفعت دقات قلبه يوزع نظراته على ابنائه، ثم اتجه ينظر إلى بيجاد الذي تابع حديثه
-جواد بيقولي له صديق مريض ومخبي على أهله، وممكن صمت ولمعت عيناه بالدموع حتى هب جواد من مكانه
-أنا شبعت كملوا اكلكم، ثم اتجه بنظره إلى بيجاد وعز
-خلصو اكل وتعالولي المكتب، قالها وتحرك ولكنه توقف عندما تسائلت غزل
-حبيبي مقولتش صديق جواد مريض بايه لو بايدي حاجة اساعده.
كانت نظراته كالسهام على بيجاد يحاوره بعيناه الا ينطق ولكنه استدار إلى غزل وهتف
-إنتِ الوحيدة اللي بأيدك تساعديه
بيجاد صاح بها بغضب واقترب يجذبه من تلابيه
-تعالى عايزك يالا. انزل كف جواد بهدوء يطالع غزل وتابع حديثه
-قولتي ايه ياطنط غزل، هنا هب عز من مكانه
-قوم يالا وطنط غزل هتشوف الموضوع دا بعدين، رفعه من ذراعه يلكزه بغضب يجز على أسنانه
-تعالى نغلس شوية على عمو جواد ياظريف.
وزع أوس وجاسر نظراته بينهما بذهول، فنهض جاسر يسأل
-شامم فيه حاجة مش مظبوطة، ايه اللي بتحاولوا تخبوه عننا
دفع عز بيجاد للمكتب قائلا
-بيجاد عايز ياخد غنى ويسافر، فبيستفز عمو جواد
أطبق جاسر على ذراعه
-مخبي ايه ياعز، وليه بتهرب من نظرات ابويا، وليه وقفت بيجاد عن الكلام، بيجاد مش سكران علشان تعامله كدا
حدجه عز بنظرات ثابتة لبعض الوقت، ثم اتجه بنظراته إلى غزل التي تتحدث بسعادة مع بناتها وهتف.
-بيجاد عنده مشاكل ياجاسر مفيش غير كدا. ضغط جاسر على كتفه بقوة الامته
-هعمل مصدق، بس متأكد فيه حاجة بتحاولوا تخبوها
دلف للداخل وجد جواد ينهر بيجاد بغضب حتى تغيرت ملامح وجهه. اقترب منه وتوقف أمامه
-هو انا مش ابنك، مش حضرتك قولت انا ابنك ومفيش فرق بينا كلنا، ليا تعمل كدا وتخبي علينا، ليه حضرتك مصر تتوجع لوحدك
احتضن وجه عز يضغط عليه بقوة
-أنا كويس ياعبيط، انا كنت بقول كدا لجواد علشان يتجوز جنى بس.
-لا ياعمو، احنا رحنا للدكتور بتاع حضرتك وعرفنا كل حاجة
-عز اسمعني ياحبيبي
حضرتك اللي لازم تسمعنا ياعمو، حضرتك هتسافر وتعمل العملية، ودا اخر كلام
-موافق قالها جواد مبتعدا بنظره عنهما ثم أردف
-بس بشرط. وزع نظراته بينهما قائلا
-احس انكم رجالة بجد، وتوعدوني محدش يعرف حتى جاسر نفسه، وبعد ولادة ربى هسافر
-اوعدنا الاول. أردف بها بيجاد
حاوط أكتافه يربت على ظهره
-وعد يابن ريان. قبل بيجاد كتفه.
-ربنا مايحرمنا منك يارب
-يابني كلنا هنموت، البقاء لله وحده
ونعم بالله ممكن ماتتكلمش كدا. رفع جلس جواد يشير إلى كوب المياه بعدما شعر بوخزته المستمرة
استمعوا لطرقات على باب المكتب بعدها دلوف ياسين الذي توقف قائلا
بابا عايز اروح أخطب
ابتلع مشروبه بصعوبة كاد أن يختنق ينظر لأبنه بذهول
-إنت اتجننت يلا محدش مالي عينك خلاص، عايز تتجوز على مراتك
هز رأسه بالنفي يشير لوالده
-لا حضرتك فهمتني غلط.
توقف والده يحدجه بنظرات نارية يريد إحراقه بها قائلا بتوبيخ:
-لا ياراجل طب فهمني الصح، دي ممكن تمو. تك يخربيتك.
توقف عندما فقد الحديث مع والده قائلاً: -ماهو حضرتك مش مديني فرصة اتكلم
لكمه بصدره يريد اختنا قه
-إنت عايز تموت ابوك يالا. ودي عايزة فهم، حضرتك جاي تقولي عايز اروح أخطب وانت متجوز
ايه بقى اللي مفهمتوش
-ماهو انا عايز أخطب مراتي.
توسعت أعين والده قائلاً: -لا حول ولا قوة إلا بالله. انت بتقول إيه يابني
قهقه بيجاد وعز
-بيقول أنه اتجنن رسمي. جذبه عز
-مالك ياياسين انت سخن ولا اتجننت
ممكن تسبوني مع بابا شوية
جلس بمقابلة والده بعد خروج بيجاد وعز وقص له ماصار بزواجه ثم رفع نظره
-من حق مراتي تختار يابابا
-فهمتك حبيبي، طيب لو رفضت
هز رأسه بابتسامة وأجاب والده
-مش هتقدر، ضحك جواد يشير إليه ليجلس بجواره، ثم ضمه لأحضانه.
-عارف اني ظلمتك في حاجات كتيرة وخاصة جوازك مهتمتش بيه.
حاضر تاخد مراتك ترجعها بيت اهلها ونشوف نروح امتى
توقف سريعا
-لا مش هتروح لوحدها احنا هنروح وهي معانا وترجع وهي معانا
أطلق جواد ضحكات صاحبة حتى تناسى الامه يهز رأسه على جنان ولاده
قاطعهم دلوف فارس. توقف جواد عن الضحك متسائلا
-ابوك كويس يالا. تحرك إليه يسحبه من كفيه
-ابويا كويس بس أنا مش كويس، ودلوقتي لازم تيجي معايا عند ابويا وتقنعه أصله مش مقتنع.
خرج جواد وهو ينظر إليه بذهول
-يابني اوقف وقولي اقنع ابوك بايه
لحظات كان عز بجوار أخيه قائلا
-بيحب واحدة وعايز يخطبها
-نعم ياروح خالتك، ودي نروح نخطبها من غير مانشوف عيلتها
سحبه فارس قائلا
-هقولك في الطريق. دفعه جواد غاضبا
-إنت مجنون يالا. قولي اسمها وبعد الفرح نشوف موضعها
استدار فارس إلى عز قائلا
-عز الحقني بيقول بعد الفرح، فهمه قوله الفرح هيكون بتاعي
توقف جواد مزمجرًا به.
-اوقف كدا وقولي ايه الحكاية. حاوط أكتاف عمه
-عمو فيه بنت بقالي فترة متابعها وعجبتني، وسألت عليها، كويسة والله ياعمو
سحبه جواد من ذراعه
-اقعد يافارس واسمعني.
جلس بمقابلة بعدما ارتفعت حرارته حينما رفض عمه ذهابه إلى معشوقته
-هعملك اللي انت عايزه اكيد، بس اسمعني دا جواز ياحبيبي مش متوقف عليك وعليها، دول عيلتين لازم نشوفهم هيناسبونا ولا لاء، ومقصدش هنا الماديات ابدا، انا قصدي الأخلاق والقيم.
-والله ياعمو ناس كويسين ومحترمين
تنهد ساحبا نفسا عميقًا ينظر إلى عز
-مش تفهم اخوك أن الموضوع مش سلق بيض يابني، دا نسب ولازم التأني
-عمو جواد املي فيك كان كبير قوي، وحضرتك دلوقتي صدمتني زي بابا بالظبط
ربت على كتفه واجابه
-قولي اسمها وبكرة نسأل ونشوف الوقت المناسب اللي نزروهم
-امتى؟ تسائل بها فارس سريعا
ابتسم جواد مشاكسًا
-شكلك مستعجل قوي ياباشمهندس، على كدا جواد نعمله تمثال
ابتسم وابتعد عن نظرات عمه قائلا.
-حبيتها بجد ياعمو، وبجد عايز الموضوع يتم بسرعة
-إن شاءالله حبيبي، نخلص من فرح جواد وبعد كدا عيوني ليك، دا انت الختام ياابو الفوارس
نهض يقبل رأس عمه قائلا
-ربنا يخليك لينا ياحبيبي. أشار إليهم بالخروج
-اطلعوا برة يالا تعبتوا اعصابي وابعتولي ياسين وجاسر
تحرك عز وفارس وتبقى بيجاد متوقفا بمكانه، فأردف جواد.
-إنت طول عمرك راجل وكنت بعتمد عليك اتمنى متخيبش ظني فيك، ولسة عند كلامي يابيجاد انت ابني اللي مخلفتوش، زيك زي ولاد الالفي، عمري ماعاملتك على انك ابن المنشاوي او جوز بنتي
خطى وجلس على عقبيه أمامه
-وأنا كنت بعتبرك صديقي قبل ماتكون اب ليا أو عم أو صديق بابا، عوضتني عن حاجات كتير وعلمتني اكتر
انحنى جواد يضم وجهه ضاحكا.
-ودلوقتي مش هقولك صديقك محتاجك أو عمك، هقولك ابوك محتاجك، ومش عايز اكسر فرحة اخواتك حبييي
وفين فرحة حضرتك، فين حقك من الإحساس بيك، فين حقك علينا
-بكرة لما ولادك يكبروا هتبقى مش عايز تلمح نظرة حزن بعيونهم، انت تستحمل أضعاف مضاعفة ولأنك تتحمل نظرة وجع، حبيبي مش المريض بس اللي بيتألم اللي بيحبوه كمان
انبثقت دمعة عبر وجنتيه
-علشان خاطري فكر في صحتك وبس، فكر في جواد الألفي مرة واحدة
ابتسم له قائلا.
-حياة جواد الألفي من غير عيلته مالهاش لازمة، بكرة هتعرف معنى كلامي. قطع حديثهم دلوف ياسين ينظر إلى جلوس بيجاد بتساؤل
-أنا عديت مشهد الغدا عادي، بس دلوقتي عايز اعرف حضرتك مخبي علينا ايه، وياريت تحترم عقولنا ياسيادة اللوا
توقف جواد يشير إليه
-اجهز ياله، هنروح نخطب مراتك يامتخلف. اقترب من والده ونظراته على بيجاد
-بابا مخبي ايه يابيجاد، واللي تقصده من صديق جواد حازم بابا مش كدا.
تلجلج بيجاد بالحديث إلا أن جواد قاطعه
-إنت اهبل يالا، روح ياله علشان تتلم انت ومراتك
أطبق على ذراع بيجاد الذي ابتعد ببصره عن نظرات ياسين
-ابويا اللي تعبان صح يابيجاد. ثم اتجه بنظره الى والده
-حضرتك ليه مصر تأكدلنا أننا اغبية ومبنحسش بحاجة
ازال بيجاد دموعه مردفا
-لا ياياسين مش باباك، وياله خلقي بقى ضيق من العيلة
بعد فترة في منزل عاليا جلس جواد بمقابلة والد عاليا.
-اهو جنان الولاد يااستاذ نادر، ولازم ارضي حضرة الظابط مع بنتك
قهقه نادر ينظر إلى ياسين
-يابني مش محتاج انك تيجي وتاخد رأيي، انت عارف رأيي في الموضوع دا
بعد اذن حضرتك طبعا ياعمو نادر بس ياسين عايز يتأكد من حياته هو ومراته. أردف بها عز
اومأ جواد موافقا عز بحديثه، بينما قهقه بيجاد
-ياسيدي اعتبرهم لسة اول جوازة وريح دماغهم
ظل لفترة لبعض الوقت يتحدثون الى أن تحدث نادر قائلا:.
-انا لو كنت شكيت فيك يابني كنت مستحيل اوافق عليك يابني
-يعني ياعمو هنجوز المتجوزين ولا نطلقهم ونرتاح منهم. قالها بيجاد يغمز إلى ياسين الذي لكزه
-لسانك ياحبيبي، طلاق ايه، ثم استدار إلى نادر
-ايه ياعمو، كان لازم نيجي لحضرتك، بنتك مصرة أننا متجوزين غصب
التقط بيجاد حبة من الموز وبدأ يلتهمها
-ياحرام مغصوبين وجايبين عيال، اومال لو مش مغصوبين كنتوا عملتوا ايه
أفلت كريم ضحكة قائلا.
-شوف انت بقى، مراتك بتتدلع عليك ياياسين، حبيبي احنا مش مستين جيتك انت وسيادة اللوا لحاجة زي كدا، طبعا مش محتاجين اجاتنا
-ولو برضو يابني، البنت من حقها زيها زي أي بنت
-عمرك سمعت ياعز أن في عروسة بيخطبوها من ابوها وهي متجوزة وفي بيت جوزها، طيب ياجماعة عندي اقتراح احنا نجيب العروسة تقعد كام شهر وبعد كدا نيجي نطلبها
-بيجاد اسكت. أردف بها جواد، فأشار إلى نادر.
-كلم بنتك وشوف طلبتها، لولا عندنا فرح كان الموضوع اكيد مش هيكون كدا، وعاليا زيها زي بناتي، واللي تؤمر بيه، احنا بس مضطرين تفضل في بيتنا علشان الفرح مينفعش تكون مش موجودة
اومأ نادر متفهما.
-البنت بنتك ياسيادة اللوا، وهي في بيتكم ومستحيل اخدها ولا أوافق على طلبتها، ولو على سوء الفهم بينها وبين ياسين، انا متأكد مع الايام هيزول، ولما تعرف بوجودكم هنا مش هيكون فيه حاجة بينهم. عاليا عنيدة بس بتحب ياسين واكيد انت مش عايز حد يقولك مراتك بتحبك قد ايه يابني
بعد فترة من انتهاء الزيارة، رجع جواد الذي ألقى نفسه على الفراش بعدما شعر بآلام تشق جسده بالكامل. دلفت غزل إليه.
-جواد هتنام دلوقتي. اومأ لها محاولا السيطرة على الامه قائلا
-عايز انام شوية علشان اقوم اصلي القيام يازوزو. قبل جبينه
-ارتاح ياحبيبي انا هقعد مع الولاد تحت شوية قالتها وخرجت
وضع كفيه على صدره بعدما شعر بانسحاب أنفاسه ليعتدل يجذب هاتفه ويهاتف طبيبه الخاص.
بعد وصول ياسين بفترة، صعد إليها وفتح الباب بهدوء بعدما استمع الى الموسيقى بالداخل، وجدها تجلس تمشط خصلاتها وتدندن مع الموسيقى. خطى إلى أن وصل خلفها وحاوط جسدها يهمس بجوار أذنها
-حبيبي يقبل يكمل حياته معايا، روحت مع بابا وطلبتك من عمو نادر.
عاليا اللي عايزاه انا تحت أمرك، اللي إنت عايزاه هنفذهولك، إلا ببعدك عني
من اللحظة دي مستحيل ابعدك عن حضني فاختاري بسرعة تعيشي في حضني علشان معندكيش اختيار تاني.
قبلة على وجنتيه ثم تابع بهمسه
-بحبك وبحبك وبحبك يااجمل حاجة حصلتلي
جملة أحيت روحها مرة أخرى بعد فقدت الحياة ببعده، رفعت كفيها وتأملته بعشق تمرر أناملها على وجهه، حاوطها بذراعيه يضمها بقوة لتتلاشى المسافة بينهما، وهو يرفعها يضمها بقوة بأحضانه، وآه عاشقة خرجت من جوفه بأنفاسه الحارقة لتضرب وجهها
-وحشتيني قوي قوي
ضم وجهها وتجول بنظراته على وجهها بالكامل.
-قوليلي اعمل فيكي ايه، مش قادر اعاقبك على عملتيه فيا الفترة اللي عدت. اقتربت أكثر تدفن رأسها بعنقه وأخرجت نفسًا ناعمًا تستنشق رائحته بوله
-عاقبني زي ماانت عايز بس في حضنك
أطبق على جفنيه يعصرها بأحضانه لفترة لم يشعر بكم الوقت الذي مر عليهما إلى أن سحب كفيها وتحرك بها قائلًا
-النهاردة لازم اتجنن شوية
توقفت متسائلة: -بلاش نبعد، مينفعش، العيلة كلها هنا. وضع أنامله على شفتيها.
-أنا هنا بس اللي اقرر، وانت تقولي حاضر وبس.
ابتسمت بعيونا لامعة وردت قائلة: -اهو بس مستغلش اشتياقي وتفرد عضلاتك
جذب رأسها ووضع كفيه يضع حجابها على خصلاتها يقربها إليه
-لا هفرد وأفرد لما أبقى طاوووس مغرور كمان
-يادي النيلة رجعت ريمة لعادتها القديمة
جذبها وتحرك للخارج سريعا. قابله جاسر الذي يحمل ابنه متجها به لغرفته فغمز له
-مبروك للعروسين. جذب عاليا وتحرك قائلا
-خلي بالك من راسيل ياعمو.
توقف جاسر ينظر لتحركهم السريع قائلا
-خلي بالك من راسيل. ليه انا ناني ياحبيبي.
وصل إلى سيارته يشير إليها بالركوب
-الليلة هنبات برة
-برة فين. اقترب يجذب رأسها
-في حضني. طالعته بعيونا هائمة
-وأنا موافقة
ابتلع ريقه بصعوبة يلتفت حوله
-احنا في الشارع، وماسك نفسي بالعافية، فيالة بينا بدل مايمسكوني بالجرم.
بعد فترة بأحد الفنادق المشهورة بالقاهرة جلست بأحضانه تدفن نفسها متشابكي الأنامل، مسد على خصلاتها يضم رأسها لأحضانه
– ياااااه اخيرا، انا كنت يأست
-لدرجة دي. قالتها وهي تمرر أناملها على صدره، ثم تابعت
-وجعتني كتير ياياسين، كتير قوي
-وعلى قد زعلي منك على قد مابقدرش ابعد عنك.
رفعت كفيها تمررها على وجهه
-زعلانة منك ومن قلبي اللي بيحبك وبيغفرلك. ضمها بقوة لأحضانه يريد ادخالها لصدره.
-اعتبريني ابنك واغفريلي ياعاليا، انا معرفتش طعم السعادة الا بوجودك، تأكدي حبك متغلغل جوايا ومفيش حاجة تهزه، ضم وجهها ملتقطًا ثغرها بقبلة جامحة يذيب بها آلامها لحظات بل دقائق مبتعدا بخاصته عنها، ولكن أنفاسه الحارة تضرب وجنتيها هامسا لها
-بحبك يابلقيس، بحبك قوي قوي
ابتسمت من بين دموعها لما لا وهو يعد إليها النفس للبقاء على الحياة، رفعت كفيه على أحشائها
-لتاني مرة يابابي يجيلك بيبي بالغلط.
نظر إلى بطنها ثم رفع نظره لعيناها مذهولا. يومأ برأسه
-عاليا إنتِ حامل. هزت رأسها بدموعها قائلة: -شوفت عمايلك، مفيش مرة افرح بحمل، كل مرة. بتر حديثها يضع كفيه على شفتيها
-كل مرة فيهم كنت مجنون بيكي، كل مرة مكنتش عايز ابعد عن حضنك، كل مرة احبك أكتر وأكتر، دا اللي المفروض تسمعيه مني، ضمها يتراجع بجسدها على الفراش يحمد ربه على ماوصل إليه.
-ربنا يكملك على خير ويرزقنا الذرية الصالحة، ادعي بكدا، ماتقوليش أنهم جم غلطة أو غصب
خلل أنامله بخصلاتها وتابع حديثه بعدما وضع رأسها على نبض قلبه
-عمري مازعلت أو حزنت من قربك، عايزك تتأكدي انك جنتي في الدنيا ياعاليا، يعني بتقي ربنا في كل حاجة
قبل مايجمعنا الحب، جمعنا الألفة وقرب القلوب حبيبي
حاوطت جسده تغمض عيناها مستسلمة لنومها الثقيل
-بحبك ياياسين قالتها لتذهب بنومها
امال يطبع قبلة على جبينها.
-وياسين بيعشق عليته. غفى بجوارها يجذبها لأحضانه ليذهب بسباتا عميق
بعد يومين وهو اليوم المقرر لحفل زفاف أكبر احفاد الألفي
زينت الحديقة بالانوار المزينة الساطعة وصدحت الأغاني
جلست أمام مرآة الزينة تنهي زينتها، دلف والدها
-هنونة قلبي خلاص هتسيب حضن باباها. نهضت من مكانها تحتضن والدها
-بابا حبيبي. ضمها بقوة لأحضانه يطبع قبلة على جبينها
-ألف مبروك ياروح بابي. وصلت نهى بجوار غزل وميرنا.
-عروستنا الحلوة خلصت ولا لسة، ياله يابابا خليها تظبط طرحتها الناس تحت
فركت كفيها وتحجرت دموعها قائلة
-هو لازم الفرح النهاردة. اقتربت ميرنا تضمها بضحكاتها
-مجنونة بنتي الصغيرة، ياله حبيبتي وبطلي دلع، اتجهت بنظرها إلى غزل
-ايه ياطنط غزل، مش هنلبس العروسة الطرحة…
قبلتها غزل تضع طرحة زفافها
-ياله حبيبتي، عمو جواد برة عايز هو اللي ينزل بيكي، بيقول ختامها مسك وهو اللي هيسلمك لجواد
-أنا خايفة.
قهقه الجميع عليها. ضمت نهى وجهها
-حبيبتي خايفة من ايه، افتكري حاجة واحدة بس إن الليلة اجمل ليالي عمرك، لكزتها تغمز لها وهمست
-وهتنامي في حضن حبيبك
انسابت دموعها تهز رأسها بالنفي
-لا مش عايزة خلاص. قهقه الجميع عليها بدلوف جواد
-كله يوسع لأميرة العيلة ياله، قالها جواد وهو يقترب من وجودهم
تشبست بذراع والدها
-بابا مش عايزة اتجوز. ارجوك
امسكها جواد يضمها لأحضانه
-الصغنون خايف. الله يكسفك ياجواد.
قهقه سيف ينظر لزوجته
-شوفتي المجنونة، هتفضحنا
-افضحكم ليه يابابي. قبل جواد رأسها
-يالة حبيبة بابي علشان الناس تحت
بغرفة جواد
توقف أمام مرآة الزينة
بقولك يافارس هو الواحد بيكون متوتر كدا يوم فرحه، انا مش على بعضي ياجدع
زم الآخر شفتيه يشير لنفسه
-جاي تسألني يابغل على أساس أنا جربت. ذهب ببصره إلى بيجاد وجاسر فنكز جواد
-روح لمعلمين الخبرة وأسألهم، وتعالى قولي.
علي موسيقى طلي بالأبيض كانت تهبط درجات السلم بجوار عمها. وفي أسفل الدرج يتوقف بحلته البيضاء الكلاسيكية ينتظرها بلهفة عاشق. احتضنها بنظراته وابتسامة خلابة على وجهه. وصل إليه جواد ثم احتضنه
-ألف مبروك ياحبيبي بالرفاء والبنين
طبعا انا مش هوصيك عليها لاني لو وصيتك يبقى متستهلهاش
ابتسم ينظر إليها قائلا
-في قلبي قبل عيوني ياخالو. اقترب منها يطبع قبلة مطولة أعلى جبينها.
-مبروك عليا اجمل بنت في الدنيا. ارتجف جسدها تومأ بلسان ثقيل
-الله يبارك فيك. خرج العروسين مع ارتفاع الأغنية، وصفقات الجميع
عانقت ذراعيه وتحركت وانتفاضة بجسدها تنظر بتشتت لكم المدعوين، همست لنفسها
-الناس دي كلها عارفة ايه اللي هيحصل بينا، لا انا مش عايزة. انحنى جواد يهمس لها بعدما لاحظ خوفها وهمسها لنفسها
-هنون النهاردة أسعد يوم في حياتي حبيبي، وعلى فكرة مش هتنازل عن الحنة بتاعة امبارح.
-هو انت هتعمل ايه. قالتها والخوف ينبثق من عيناها، قهقه عليها متجها إلى ساحة الرقص ليفتتح الحفل برقصتهما، لف ذراعيه يجذبها بقوة لأحضانه ينظر لعيناها
-لا حبيبي، دا مايتقلش، همس بجوار أذنها
-دا يتحس بس. رفعت عيناها المرتجفة إليه
-هو ينفع نأجل. ضمها بقوة يدور بها على نغمات الموسيقى وارتفعت ضحكاتها، ظنا أنها تمزح إليه.
في الركن البعيد الهادئ. بعد انتهاء رقصة العروسين، والتعرف على الموجودين اتجه إليها يسحب كفيها ويخطفها من جلوسها بجوار والدته والدتها.
توقفت أمامه
-جاسر ايه اللي بتعمله دا، الناس بتبص علينا. جذبها من خصرها وتحرك بها إلى هذا المكان الذي يبعد عن الزحمة ورغم ابتعاده إلا أنه يكشف الحفل كشاشة عرض، قام بتجهيزه خصيصا إليهما. أجلسها بأحضانه على أرجوحة دائرية وحاوطها بذراعيه.
-عايزك في حضني ايه مش حقي، مش عايز حد يشوفك الليلة غيري
استدارت تنظر إلى وجهه القريب، تهمس مقتربة من خاصته
-مش الليلة بس ياروح جنى، لياليا كلها ملك لحبيب قلبي. امال يرفعها بقوة يعصرها بأحضانه
-مش قادر اعبرلك عن مدى اشتياقي، حاسس بقالي سنين مااخدتكيش كدا في حضني
تراجعت بظهرها عليه تضم ذراعيه على جسدها
-عارفة استحملتني كتير الفترة اللي فاتت، غصب عني حبيبي، وعد مش هبعد عن حضنك تاني ابدا.
رفع أنامله ترسم ملامح وجهها الذي يعشقها بحنو، ثم احتضن ثغرها
-متخافيش عليا هعرف اخد حقي منك على كل ليلة بعدتيها عني
أغمضت عيناها تنعم بهمساته ولمساته، أشار إليها على حفل الزفاف
-بيجاد وغنى بيرقصوا لو عايزة نرقص
هزت رأسها بالنفي وهي تحرك رأسها بأحضانه كقطة أليفة
-لا مش عايزة، عايزة اكون بعيدة عن الكل، مش عايزة غيرك زي ماقولت انت هتبحني اكتر ماانا بحبك ولا ايه.
-طبعا انت مجنونة، لسة بتسألي، بحبك اكتر بكتير. بعد فترة من الوقت وصل إليهم عز
-جاسر ياله سيبك من جنى شوية، ابوك بيسأل عليك، مااحتفلناش لجواد
نهض من مكانه يسحب كفيها ينظر لفستانها، ثم استدار إلى عز
-اسبقني. تحرك عز بينما استدار يقوم باعتدال ثيابها وحجابها
-خايف عليكي الليلة خدي بالك من نفسك الشوية دول.
عانقت ذراعه وتحركت بجواره إلى أن وصلوا الحفل، تركها بجوار غنى وتحرك إلى وقوف إخوته وولا عمه ليتم رقصتم على الأغنية المشهورة
بحبك ياصاحبي
بداو يلتفون حول العروسين وارتفعت صفقات الجميع مع رقاصتهم المنتظمة، توقف عز بمقابلة جاسر وبدأ يتحركون في بادئ الأمر ثم انضم إليهم الجميع، دقائق كفيلة لانتشار السعادة في قلوب الجميع.
كانت تراقب تحركات زوجها بعيونها العاشقة تمنت لو تراقصت أمامه بتلك الحركات، تذكرت أن عيد ميلاده قريبا اوعدت نفسها سيكون عيدا مختلفا عن اعياده كافة
انتهت رقصة الأخوين مع الرقصات الهادئه للازواج. جلست بجوار والدتها
-ماما جواد وهنا مش هيسافروا ليه بعد الفرح
-عمك سيف رفض. البنت خايفة
ابتسمت بخفة وذهبت بعينها لزوجها هامسة.
-غبية ياهنا هو أحسن من احساس الليلة دي، كان نفسي اعيشها، بس عيشت حلاوتها اكتر بكتير بعدها
بتكلمي نفسك حبيبتي
توقف واتجهت إلى وقوفه بجوار عز وبيجاد. توقفت بجواره وبسطت كفيها تخلل أناملها بأنامله. ضمها وآمال متسائلا
-فيه ايه حبيبي.
-عايزة ارقص معاك ممكن!
امسك كفيها وتحرك إلى مكان الرقص بجوار ياسين وعاليا، ثم بدأ يتحرك على نغمات الموسيقى الهادئة، رفعت ذراعيها تحاوط عنقه.
-بتحبني قد ايه ياجاسر. نظر حوله وابتسامة لاعوب على ملامحه
-بلاش ياجنجون تخبريني اقسم بالله مايهمني حد، ابتسمت بحب واقتربت تضع رأسها على صدره
-اياك تعمل حاجة، الكاميرات كلها حوالينا. ضغط بكفيه على خصرها وتسائل
-ايه لازمة السؤال وايه لازمة الرقصة
-عارفة أننا عملنا فرح، بس كنت عايزة احس اني عروسة معرفش ليه
توقف عن الرقص ثم طبع قبلة على جبينها.
-روحي عند ماما ياله، لما أشوف صحابي هيمشوا، قالها وتحرك سريعا من أمامها. أدركت أنه فهم ماتشعر به
عند جواد وهنا
تناست ماتشعر به بعدما ضمها بحنان وتفاهم وضعها، كانت تتراقص بأحضانه تستمع إلى دقات قلبه العنيفة تحت رأسها، رفعت رأسها إليه
-جواد بتحبني!
ابتسم يضع جبينه فوق جبينها وبأنفاسًا مرتفعة
-بعشقك ياهنون، رفعت كفيها على وجنتيها
-أنا خايفة. ضمها بأحضانه يهمس إليها بصوته الأجش.
-فيه حد يخاف وهو بحضن حبييه، طول ماانتِ بحضني ماتخافيش ياهنون
ظل الزفاف لساعات الصباح الاولى، توقف متجها إلى منزله بعدما شعر بآلام صدره. تابعه عز بعيناه، فتحرك خلفه بعدما اتجه بانظاره إلى أولاده
احتضن ذراعيه وتحرك بجواره
-طبعا لما اساعدك مفيهاش حاجة صح ولا ايه
ابتسم له وتحرك بعدما فقد الحديث من شدة آلامه. شاهدهما صهيب الذي توقف وتحرك خلفهما
بعد قليل.
انتهى حفل الزفاف رفعت فستانها وتحركت إلى منزلها الجديد بجوار زوجها. فتح الباب بهدوء وأشار إليها بالتوقف
-هنون استني لحظة. توقفت على باب المنزل وجسدها يرتجف، تهمس لنفسها.
-اهدي ياهنا اتجننتي، مش دا جواد حبيبك. أضاء الشموع ذات الروائح العبقة وقام بتشغيل الموسيقى الهادئة ثم اتجه إليها وانحنى يحملها ودلف ضاحكًا ادخل برجلي اليمين وأنا شايلك ياروحي. حاوطت عنقه تدفن نفسها بصدره، تهرب من نظراته. صعد بها إلى غرفتهما، يغمز لها
-طبعا هتتفرجي بكرة على البيت، أنا مخلتش حد يدخله قبلك. انزلها بهدوء يحاوط خصرها. يشير إلى الغرفة قائلا: -أيه رأيك حبيبتي؟
دارت بعيناها على الغرفة بأكملها. فتحركت مبتسمة على تجهيزاته الرائعة للغرفة، وضعت كفيها على فمها وضحكت بنعومة
-ياالله ياجواد تجنن، ملست باناملها على حروف اسمها الذي يضعه ببعض الأركان بأشكالا مختلفة ثم استدارت إليه: -دا علشاني، خطى إلى أن توصل إليها وحاوط خصرها من الخلف يضمها إلى صدره: -طبعا علشانك، هو إنتِ قليلة ولا ايه. أدار وجهها يلمس وجنتيها بأنامله، واحتضن عيناها.
-شاوري بس وهتلاقي الدنيا كلها تحت رجليك. انحنى يلمس ثغرها بخاصته فارتعش جسدها متراجعه للخلف
-إنت هتعمل ايه؟
توقف مصدوما من ابتعادها، فاقترب منها
-بت اتجننتي أنتِ ناسية أن فرحنا النهاردة
وصل إلى وقوفها وجسدها الذي يرتعش. دفعته بعيدا
-ابعد ياجواد اياك تقرب مني، اقترب منها يشير بيديه
-حبيبتي اهدي، فيه حد يخاف من حبيبه
بكت بصوت مرتفع
-لو سمحت ياجواد سبني براحتي انا خايفة ومش مستعدة.
رغم صدمته العنيفة بها إلا أنه أشار إليها
-حاضر ياهنون، تعالي نصلي ووعد مش هقرب منك طول ماانتِ مش مستعدة
بعد فترة انتها من صلاتهما، استدار إليها مبتسما
-حاسة بايه دلوقتي. وضعت رأسها بأحضانه
-آسفة ياجواد، بس حقيقي انا مش مستعدة
طبع قبلة حنون على جبينها، شعرت بسخونة شفتيها فهبت واقفة
-أنا هروح انام، امسك كفيها
-طيب ايه رأيك اخدك في حضني بس، مش هعمل حاجة غير اني اخدك في حضني
هزت رأسها وابتعدت سريعا عنه.
-آسفة ياجواد مش متعودة انام في حضن حد
توسعت عيناه مذهولا ورغم ذلك سحب نفسا وحاول السيطرة حتى لا يفقد أعصابه. جذب كفيها يضمها لأحضانه
-يرضيكي تسيبي حبيبك في ليلة زي دي ياهنون
ارتفعت شهقاتها وتحدثت معتذرة
-سامحني عارفة اني هبلة وغبية بس والله مش مستعدة ابدا
ربت على ظهرها وأومأ متفهما يشير إليها بالتحرك، هرولت سريعا الى غرفتها تغلق الباب خلفها
تخصر جسده يتمتم بغضب.
-وكفاية عليا عريس، الله يخربيتك ياجاسر نقيت فيها انت وبيجاد الكلب
ركل المنضدة ليتساقط الورد متحدث بسخرية
-لا وانا اللي بقالي اسبوع برسم للست هنا. وادي آخرة اللي يتجوز عيلة ينام برة، قالها وهو يجذب الوسادة ويضع رأسه بعنف فوقها. ظل يتقلب طيلة الليل، ثم نهض متجها للمرحاض، وعله يطفئ نيران لهيب فتنتها الطاغية فكلما تذكرها حينما ساعدها بالتحرر من فستانها يريد أن يحطم ذاك الباب الذي منعها عنه.
بالداخل جلست على الفراش تنظر إلى تلك الورود المتناثرة عليه. انسابت عبراتها فأمسكت هاتفها تهاتف اختها
قصت ماصار لها، نهضت من مكانها
-مجنونة يابت فيه واحدة عاقلة تعمل كدا يامتخلفة، قومي فورا اطلعي لجوزك خليه يتمم جوازه منك، متنسيش انكم مسافرين بكرة وماما لازم تطمن عليكي، ياله حبيبتي
خايفة ياسنا، حاولت تهدئتها فهتفت قائلة
-هنون اقولك حاجة فاكرة لما كنا بنضايق نعمل ايه
-بنرقص.
باااس، عايزة منك كدا، البسي بدلة الرقص وارقصي وبس، بس مش في الاوضة لوحدك، واعملي نفسك كأن مفيش حد معاكي
أغلقت الهاتف وظلت بمكانها لعدة ساعات، فتحت الباب بهدوء وخرجت على أطراف أناملها وجدته مستغرق بنومه. توقفت تطالع نومه بنظرات عاشقة، همست لنفسها.
-غبية، دا يتخاف منه، اقتربت منه كان ينام عاري الصدري ولم يرتدي سوى سروال. ابتسمت مقتربة ثم جلست بجواره على الأرضية، بسطت كفيها على صدره بهدوء، لا تعلم لماذا تمنت أن تضع رأسها بأحضانه
أغمضت عيناها واقتربت منه تستنشق رائحته. دنت حتى لم تشعر بنفسها سوى وهي تقبل وجنتيه. فتح عيناه فنهض سريعا ظنا أن بها شيئا
-حبيبتي فيكي حاجة. نهضت سريعا تهز رأسها واتجهت إلى غرفتها.
أغلقت الباب وابتسامة تجلت بملامحها عندما تذكرت عضلات جسده، توردت وجنتيها وهي ترسم أحلاما وردية بنومها فوق صدره، اتجهت سريعا الى خزانتها وبحثت بأشيائها إلى أن أخرجت تلك البدلة
توقفت أمام المرآة
-لازم صباحيتنا تكون غير ياجوادي، لازم ارسخها في ذاكرتك، غبية ياهنا، غبية بوظتي ليلتك.
جلست امام المرآة تتزين حتى أصبحت فتنة متفجرة أمامه. بالخارج اعتدل يمسح على وجهه بعنف بعدما تركته سريعا ودلفت للداخل. نهض متجها إلى المرحاض
خرج من الحمام يلتف بالمنشفة، توقف ينظر بذهول لتلك الجنية التي اذهبت عقله، نظر بأرجاء الغرفة المزينة، بحث بعينيه عنها لحظات ووجدها تخرج وهي ترتدي بدلة رقص باللون الاحمر الناري. وتمسك بكفيها تلك العصا.
ابتلع ريقه على خطواتها وحركاتها المغرية. فحص تلك البدلة التي لأول مرة يرى انثى بتلك الطلة
اقتربت منه ثم رفعت العصا تجذبه برأسه مع نغمات الموسيقى
علي أغنية شعبية
يابنت السلطان حني على الغلبان.
ظلت تدور بحركاتها تتلاعب بتلك العصا. توقف كالصنم لم يعلم ماذا عليه فعله. اقتربت وهي تتمايل بحركاتها الأنثوية إلى أن اختلطت انفاسهما وهمست بتلك الشفاة المطلية باللون النبيذي، مما جعلها شعلة لقلبه وهي تتمتم مع الأغنية ولكن قلبتها
يابن السلطان حن على الغلبانة، قالتها تتحرك بتمايل عليه وهي تشير على نفسها إليه.
لحظات كانت كفيلة إلى أن يسحبها لجنة لأول مرة يشعر بها وتشعر به، ظل يحلقان بسماء العشق إلى أن انهك الجسد وغفى بأحضان بعضهما بسلام
باليوم التالي على مائدة الطعام جلس ينتظر الجميع ولكن لم يجد أحد. وصلت غزل إليه بكوب عصيره، بوصول صهيب.
صباح الخير ياابو جاسر
-صباح الخير ياحبيبي. اتجه بنظره الى غزل متسائلًا
-فين الولاد، هما لسة نايمين ولا ايه
-لا ياحبيبي، مش هنا، التقط المربى يفردها بخبزها متسائلا.
-اومال فين. حتى جاسر منزلش
-راح شهر العسل
-أنا بسال عن جاسر وياسين واوس ياغزل
-ماانا يجاوب ياجواد
قهقه صهيب يتناول منه الخبز
-كل ياجدو، ومبروك هيرجعولك بنسوانهم حوامل، انت هتقولي على ابنك الحلوف
-جاسر وياسين واوس، التلاتة. قهقهت نهى قاىلة
-والعرسان الحقيقين هنا تخيل
نعم دا هزار ولا ايه على الصبح، وصل عز وهو يحاوط جسد ربى ثم ساعدها بالجلوس، رفع جواد نظره إلى عز.
-وأنت مرحتش ليه، ايكونش نسيوك ياحبيبي. امال بجسده يسحب الطعام من أمام جواد قاىلا
-لا ياعمو ياحبيبي، مراتي تعبانة، وخوفت تولد مني هناك، اه هي لسة قدمها بدري، بس انا مش ضامن نفسي
-حلوف وقليل ادب
قهقه عز يلوك الطعام وتحدث
-الله اللي يقول الحق يزعل، حد قالكوا هاتونا بنات حلوة كدا تجننا، لكمته ربى
-عز احترم نفسك. امال يغمز لها
-لو مسكتيش هقول لابوكي كنتي بتعملي ايه طول الليل.
ضغطت على قدمه حينما رفع جواد نظره إليها متهكما
-إنت حامل ياحبيبة ابوكي، لاحظي انك لسة في السادس، اتلمي انتي والحلوف دا والبغل التاني ساب بنته وهرب
وصلت غزل بها تحتضنها، رفع كفيها يجذبها منها ثم ضمها إلى صدره.


