رواية شمس الحرام الفصل الثامن 8 والاخير بقلم آيه طه – تحميل الرواية pdf

رواية شمس الحرام الفصل الثامن 8 والاخير بقلم آيه طه
البارت 8 والاخير
قامت سلمى تفتح… لكنه نده بصوت حاد: استني! مين ديه اللي هيجي دلوك؟ انا اللى هفتح وانتى ادخلى جوا….
قرب من الباب وفتح بنفسه. لقى اتنين من التفتيش القضائي واقفين.
الأول قال ببرود رسمي: احنا معانا بلاغ بتجاوز وتستر على متهمة مطلوبة في قضية قتل عمد، مطلوب حضورك للتحقيق الفوري.
سلمى اتسمرت مكانها، وكريم ما نقلش عينه غير عليها… كأن الاتهام جه على وشها مش عليه.
رد بهدوء مضغوط: حدديلي الاتهامات بالضبط.
المفتش مد له ورق… كان فيه اسمها بالكامل وصورتها من بطاقة قديمة.
واحد من التفتيش لمحها واقفة. سأل مباشرة: هي دي المتهمة؟
كريم رد بقسوة: ممنوع حد يدخل أو يتكلم معها من غير إذني.
المفتش: دي متهمة رسمية… ومذكور إنها كانت زوجة حسن المقتول، والمتهمة بقتله، وفي بلاغ إنها هربت بمعاونتك.
المفتش مد إيده كأنه هيدخل ياخدها.
وهنا حصل أول انفجار.
كريم مسك إيده ومنعه: قولتلك مش هتلمسها ولا هتقرب لها خطوة.
المفتش قال بحدة: انت اتخبات فى عقلك… هتمنع تنفيذ القانون؟
رد بصوت منخفض لكنه مرعب: هامنع اللي يحاول يستغل القانون لغرض وسخ…. ولو قربت خطوه كمان منها هطلع روحك فى يدي…
اتطلب منه يمشي معاهم فورا. قبل ما يخرج، بص لسلمى نظرة مش مفهومة، وقال بشبه أمر: اقفلي الباب ورايا… ومتفتحيش لحد واصل مهما حوصول سامعه؟!
هي حاولت تقرب، قالت بخوف مش قادرة تكتمه: لو خرجت لوحدك… هيتهموك أكتر…. واحتمال مترجعش ليا ولا يقتلوك زى حسن….
وقف قدامها وقال جملة جرحتها من حيث ما توقعتش: ما تعمليش فيها بطلة… أنا اللي خطفتك من مصيرك، وأنا اللي هدفع التمن…
الجملة دي كسرت في قلبها حاجة ما توقعتهاش قبل كده.
ردت بنبرة فيها وجع وغضب: وأنا ما طلبتش منك تنقذني… ولا يوم قولتك شيلني على دماغك!
بصلها كأنه مش مصدق إنها قالت كده، لكن الظرف ما اداش فرصة رد… خرج وسابها.
بعد ما العربية خدت كريم، سلمى قعدت على الأرض، ضهرها للحايط، ودموع مش بتطلع… بس صدرها بيطلع وينزل كأنها بتكتم زلزال.
جملة واحدة فضلت بتتردد في دماغها: “أنا السبب.”
بس مش عشان كلامه… عشان أول مرة تحس إنها مش مجرد حد تحت مسئوليته… لأ، هي بقت نقطة ضعفه.
في نفس الوقت… العمدة كان قاعد على دكة قدام مضيفة كبيرة في البلد، والورق اللي اتبعت للقاهرة في حضنه.
واحد من رجالته سأله: يا حضرة العمدة ضامن إن البت تستسلم؟
ضحك سخرية وقال: هو اللي هيجيبها لهم بنفسه… لما يختنق الحبل حوالين رقبته.
بعد ساعات من التحقيق، كريم اترفض يمشي من النيابة غير بمرافقة مؤقتة لحين ما يتحدد موقفه. والمفاجأة الأكبر… قرار بضبط وإحضار رسمي لسلمى بتهمة الهروب من حكم عرفي بالقتل.
المأمور اللي وصله القرار قال للمندوب: نجيبها من بيته ولا من القسم؟
المندوب رد: لاه من بيته… ويفضل وهو مش موجود…. علشان تعرف تجيبها..
لكن في اللحظة دي… كان فيه حد تاني سامع الكلام… حد ما حدش متوقعه يدخل في الصف ده.
قبل ما القوة تنزل البيت علشان تقبض على سلمى، كان في حد سبقهم.
في آخر الليل… صوت خبطة خفيفة على الباب.
سلمى كانت قاعدة على الأرض لسه بنفس هدومها، ما قدرتش تنام ولا حتى تتحرك من الصدمة.
لما سمعت الخبطة، افتكرت إنهم جم يقبضوا عليها. قامت تفتح… بس وقفت قبل ما تمد إيدها.
الصوت جه واطي ومتعمد: افتحي يا سلمى… أنا ست صفيه”ام كريم”
صفيه لسلمى من فوق لتحت وقالت: كنت فاكرة نفسك هتستخبي طول عمرك؟
سلمى ما ردتش. وشها شاحب وصوتها مبحوح: إنتي عرفتي مكاني منين؟
ست صفيه ردت وهي بتفك طرحتها ببطء: اللي قتل حسن ما يستخباش… ريحته بتطلع لحد ما ينكشف.
الجملة دي كانت متعمدة. سلمى قالت بحزم مخنوق: أنا ما قتلتوش….. وانتى خابره زين من اللى عملها.. وليه عملها..
ست صفية ضحكت ضحكة قصيرة : وانا ما جيتش أسمع كلامك الماسخ ديه… أنا جاية أقولك حاجة.
سلمى استغربت. ست صفية قربت وقالت بصوت هادي غريب: اللي قتله مش إنتي… واللي خابر الحقيقة مش هيسكت أكتر من اكديه.
فجاه الباب خبط بقوة…
ست صفية قامت واقفة وقالت: اللي بره جايين يقبضوا عليكي… بس أنا مش هدخلهم غير لما أقول شهادتي.
سلمى مصدومة: شهادتك؟! ضدي ولا معايا؟
ست صفية بصتلها نظرة موجوعة لكن مش قاسية: شهادتي على الحقيقة… مش عليكي.
كريم في مكان التحفظ المؤقت، ما نامش لحظة. دماغه شغالة على كل احتمال. المندوب اللي جاله الورق قال له بحذر: البحث طالع على بيتك دلوقتي… هيقبضوا عليها.
اللي قاله كفاية يشق صدره نصين.
رد كريم بجملة واحدة: لو اتلمست… هقلب البلد على دماغ الكل.
المأمور بص له بخوف صادق: إبعد أنت… ده قرار نيابة. وانت خابر زين قرارات النيابه…
رد كريم وهو بيقف من على الكرسي: وأنا نيابة برده… ومش هسيب مراتي تتساق زي بهيمة.
لأول مرة قال كلمة “مراتي” من غير ما يفكر… من غير ما يخطط… ومن غير ما يعرف إن الموقف نفسه هيبقى الشاهد الوحيد على كل اللي مستخبي بينه وبينها.
القوة وقفت على الباب. فتحوا الباب لقوا صفية واقفة قدامهم، ووراها سلمى.
الضابط قال: معانا قرار ضبط وإحضار.
ست صفية ردت بثبات: وأنا معايا كلمة تحت يمين… هتقلب القضية.
الضابط حاول يدخل، لكن صوت رجولي جه من آخر السلم: محدش يدخل البيت ديه قبل ما أكون موجود.
كريم ظهر واقف،كل اللي في المكان اتفاجئ… سلمى أولهم.
بص لها من بعيد… من غير ما يلمسها ولا حتى يقرب، وقال قدام الكل: أي إجراء عليها… يبقى عليا أنا الأول.
الضابط قال: إنت متهم أصلا في معاونتها فى الهرب ودلوقتى بتعطل سير القضيه وبتتستر على متهمه..
كريم رد بثبات: وأنا هدفع عن نفسي… وعنها… لحد آخر نقطة…
سلمى في اللحظة دي بس فهمت… إنها ما كانتش عبء ولا قضية… هي بقت حياته من غير ما يصرح ولا يعترف.
وست صفية وهي واقفة جنبها قالت بصوت مسموع: وحق حسن… هيتقال بحاله قبل ما حد ياخد البت دي.
في القسم الضابط بص لكريم وقال: أنت مالكش وجود اهنيه… ديه محضر رسمي ضدها.
كريم رد بحزم: وأنا محاميها… رسمي.
الضابط اتوتر: إنت متهم بالمساعدة، مش مسموح لك تكون ممثل قانوني.
كريم قال وهو بيحط كارنيه النيابة على المكتب: ديه قبل ما أقدم استقالتي من المنصب… من دلوق أنا محامي حر، وهي موكلة رسمي… قدامك هتمشي بالإجراء ولا لاه؟
الضابط بص للكلام على إنه واقع مفروض. ما قدرش يطرده، سلمى كانت قاعدة بصمت، وشها هادي بس عيونها بتلف تدور على حاجة واحدة… كريم.
هو وقف جمبها وقال للضابط: قبل ما تبدأ، عندك شاهدة طلبت تقول شهادتها…
الضابط استغرب: شاهده؟! مين؟
الباب اتفتح… وست صفية دخلت.
الضابط قالها: عايزة تقولي إيه؟
ست صفية قالت بصوت ثابت رغم الوجع: اللي قتل حسن مش مراته… ولا كان دفاع عن نفس… اللي قتله هو اللي هدده وحاصر كرامته.عمدة الكفر… اللي حب ياخد مراته غصب، وقال له يطلقها أو يموت.
الضابط اتفاجئ: وانتى عرفتي الكلام ديه منين؟
ست صفية قالت: انا كنت حاضره وقت موت حسن وكمان نعمه مرت العمدة قالتلى انه اتفق معاها يتجوز سلمى وبس تخلفله العيل هيرميها ويخلص منها ويكتب الواد باسمها…
بعد الشهادة، الضابط خرج يتكلم مع النيابة، وسابهم لحظات سكون.
سلمى بصت لكريم، والدموع نازلة على خدها من غير صوت.
قالت بخوف متقطع: أنا تعبت… مش قادرة أتنفس… مش عايزة أهرب تاني.
كريم مد إيده عالترابيزة قدامها من غير ما يلمسها وقال بهدوء: مش هتهربي… أنتي اللي هتوقفي على رجلك… وأنا وراكي.
قالت وهي بتشهق: ليه؟ ليه بتعمل ديه؟ أنت ما تعرفنيش… حياتك مش ناقصة وجع.
بصلها بثبات وقال جملة كسرت جو التحقيق كله: لما شفتك لأول مرة كنتي مرمية جنب دم واحد مات بيحميكي… من اليوم ديه بقيتي على كتفي… مش في طريقي.
اترفعت مذكرة عاجلة للنيابة، وتم استدعاء العمدة الرسمي للتحقيق.
رجالته وصل لهم الخبر، وبدأ التوتر يضرب البلد.
أما كريم، فطلب إخلاء سبيل مؤقت لسلمى بضمان محل الإقامة، ومع وجود شاهدة رئيسية، الضابط وافق.
وهو خارج بيها من القسم… العيون كلها عليه.
سلمى قالت بصوت واطي وهي ماشية جنبه: أنا همشي دلوق؟
رد عليها: هتمشي وأنا معاكي… لو حد قربلك، يبقى قرب مني قبلك.
سألته بصوت مكسور: بس يا كريم… لو مالحقوش العمدة؟
وقف قدامها لحظة وقال: هييجي يوم… هو اللي يهرب مننا…. ويخاف.
بعد يومين من التحقيقات، صدر قرار الحبس الاحتياطي للعمدة 15 يوم على ذمة القضية، مع منع سفر ومصادرة سلاحه.
الخبر نزل زي طلقة في البلد… والناس سكتت لأول مرة من غير ما تتشاور.
كريم كان سايق، وسلمى قاعدة جمبه لأول مرة من غير كره ولا خوف ولا حذر.
الطريق كان هادي، وهي كانت ساكتة من كتر التعب.
سألها: حاسة بإيه دلوك؟؟
قالت بعد لحظة صمت: إن روحه ارتاحت… وإن أنا كمان مش مطلوبة اموت بعد دلوق.
بصلها سريع، وبعدين رد: إنتي من النهارده مش هتربي تانى… إنتي شاهدة حق، وصاحبة قضية.
قالت بنبرة أهدى من أي مرة فاتت: وأنت؟
ابتسم ابتسامة قصيرة مش بتتكرر بسهولة: أنا؟ أنا اللي عليا أكمل لحد آخر الحكم.
سألته بخفوت: وهتسيبني بعد اكديه؟
رد وهو مركز في الطريق: حد يتساب بعد ما لقى روحه وامانه؟
العمدة اترفد من منصبه، وتحفظوا على أملاكه مؤقتا، والبلد بدأت ترجع تهدى.
سلمى رجعت البيت مع كريم، مش كضيفة ولا متهمة… لكن كحد ليه مطرح.
وفي لحظة وهي نازلة من العربية، قال لها قبل ما تدخل: القضايا بتتقفل في المحكمة… لكن اللي زيك بيتفتح له باب جديد.
سألته: باب ليا أنا؟ ولا لينا احنا الاتنين؟
ما ردش… فتح باب البيت وساب السؤال يمشي مع الهواء.
واللي جاي… كان واضح إنه مش رجوع للنقطة صفر.


