Uncategorized

رواية شمس الحرام الفصل السادس 6 بقلم آيه طه – تحميل الرواية pdf


رواية شمس الحرام الفصل السادس 6 بقلم آيه طه

في نفس التوقيت، كريم كان نازل ياخد مية من المطبخ، وسمع صوت الباب الخشب عند أوضتها بيتفتح.

وقف عند آخر السلم وشافها من بعيد، واقفة في البلكونة الصغيرة اللي جنب اوضتها.

خرج عندها من غير ما يخوفها وقال بهدوء: البرد اهنيه مش زي اللى فى البلد… الهوا بيلدغ.

هي اتلفتت بسرعة وقالت باعتذار تلقائي: معلش… ماعرفتش أنام.

ماقربش منها، بس وقف حبة خطوات بعيد وقال: العتمة ساعات أخف من الذاكريات… بس مش بتداوي.

سكتت… وبصتاله بخوف خفيف،

قال فجأة: كنتي فاكرة حسن هو اللي بيحميكي؟

سلمى بصت للأرض وقالت بصوت مخنوق: كان كل اللي ليا… مش حماية بس كان صاحبتي وكان الستر… وأنا كنت اله نفس الحاجه..

كريم شال نظره عنها لحظة، وقال جملة هادية بس تقيلة: اللي يتقتل علشان مايسلمش مرته… ده اسمه راجل آخر الخط. وستر الست اللي بعده واجب مش تضحية.

كأن الكلمة الأخيرة هزتها، فسألته بحذر: ليه بتقول اكديه؟ أنت ما تعرفناش.

رد من غير ما يلف ويدور: بس شفتكم وديه كفايه….

هي واقفة، قلبها بدأ يهدى غصب عنها، والدق اللي في صدرها قل.

كريم بص لورا وقال لها: كملي وقفتك، بس خدي ديه…

وخلع الجاكيت الخفيف اللي عليه ورماه ناحيتها من غير ما يلمسها.

هي مسكته بتلقائية وقالت بخجل: أنا مش هتقل عليك… ولا أخد حاجة ببلاش.

كريم قال وهو بيبص بعيد: ما حدش قال هتاخديه… استعارة لحد ما تدفي.

الجملة نزلت عليها بإحساس غريب… مابين الاحترام والخوف والراحة.

بعد دقيقة سألته بنبرة مترددة: إنت مش ناوي ترجعني له… صوح؟

بص لها أول مرة بطريقة مباشرة وقال بحسم : لو هو آخر راجل في الدنيا… برده لاه.

الصبح بدري قبل الفجر، نزلت المطبخ من غير ما حد يحس، وبدأت تسخن مية وتدور على كوبايات علشان تشرب شاي.

كانت بتتحرك بحرص كأنها دخلة بيت حد غريب.

لكن قبل ما تحط السكر، صوت كريم جه من وراها: الشاي مش هينفع من غير وكل… جسمك لسه تعبان….

اتخضت وقالت بسرعة: ماحبش حد يشوفني اكديه قبل ما أستر نفسي.

قال وهو بياخد الكوباية منها ويحطها على الرخامة: اللي قفل عليكي باب أمان… ما يكسرش سترك…

سكتت، بس الحرج على وشها كان باين.

وقتها حط قدامها طبق عليه عيش وحتة جبنة وخيار وقال: ما تضيعيش سلامتك مرتين… مرة في المقابر، ومرة قدام نفسك.

الجملة كسرت صلابة خوفها لأول مرة.

قعدت على الكرسي… وهو قعد قصادها من غير ما يقرب.

بعد لحظة سألته بخفوت: هتسافر إمتى؟

قال من غير مقدمات: بعد أسبوع… قبل ما العمدة يفكر يشم ريحتي.

سلمى بصت في الطبق، وقالت بحاجب متعالي شوية رغم الحزن: وهتسافرني وياك؟

رد عليها بثقة هادية: من وقت ما خرجتي من مطرحك… وجودك بقى أمانة مش عبء.

ولأول مرة، هي ما اعترضتش… ولا قالت مش هينفع.

سلمى من أول ما وصلت شقة كريم في مصر وهي تايهة… كل حاجة حواليها غريبة، المدينة سريعة، والناس مختلفة، وهي لسه مش مستوعبة إنها في أمان ومش هترجع للكفر تاني.

في مرة وهو بيحطلها الأكل على السفرة قال لها بهدوء: لو محتاجة أي حاجة، قوليلي.. أنا مش غريب.

ردت بصوت مبحوح: أنا مش رايده أتقل عليك أكتر من اكديه.

كريم: انتي مش تقل أصلا، أنا اللي جبتك بإيدي.

وسابها من غير ما يحسسها إنه بيترجاها تتكلم.

بعد كام يوم، بالليل وهي بتعيط من غير صوت في أوضتها، تعبت فجأة وحصل لها دوخة شديدة من قلة الأكل والتوتر. وقعت على الأرض، والكوباية اتكسرت. كريم سمع الخبطة وجرى عليها.

فتح الباب ولحق يشيلها قبل ما تقع على الازاز. وهي مرعوبة ووشها شاحب. قال لها وهو شايلها: إنتي صايمة ولا ناسية الوكل؟ ولا حكايتك ايه؟

سلمى بتعب: معرفاش نفسي مسدودة…ومليش نفس للوكل واصل…

دخلها على سريرها، وبدون ما يسألها تحب ولا لأ، جهز لها مشروب دافي وروق الأوضة ولم الازاز المكسور بنفسه. ولما حاولت تعتذر:

كريم: متقوليش آسفة تاني. اللي حوصول ديه مش ذنبك…. بس اللى ذنبك انك تهملي فى نفسك اكديه….

الكلمة دي خلتها تبكي بصوت لأول مرة.

تاني يوم، صحي بدري وراح الشغل، لكن قبل ما ينزل ساب لها ورقة صغيرة على باب أوضتها: هكون راجع على العصر، الفريزر فيه لحمة وفراخ لو احتجتي تطبخي حاجة، بس لو تعبتي سيبي كل حاجة وأنا أجيب أكل جاهز. متعيشيش لوحدك حتى وإنتي معايا.

الكلمة الأخيرة “متعيشيش لوحدك” علقت في قلبها.

بدأت تطبخ له من باب رد الجميل، ولما رجع لقى الأكل سخن على الترابيزة. قعد قصادها وقال وهو مبتسم خفيف:

كريم: لو دي مش أول مرة هتطبخي اهنيه… فأنا مش ناوي آكل من برة تاني.

هي بصت له بخجل: أنا معملتش حاجة…تستاهل كله من فضله خيرك…

كريم: متقوليش اكديه انتى عملتي اللي محدش عمله.

الهدوء ده كان بداية شعور مختلف.

بعد أسبوع، كانت سلمى واقفة في البلكونة بتتفرج على الشارع. أول مرة من ساعة ما جات تفتح الشباك. فجأة سمعت صوت فرامل عربية جامد وصوت خناقة تحت. اتوترت جدا وافتكرت الكفر والعمده، قفلت الشباك بسرعة ورجعت مترعشة.

كريم كان داخل في اللحظة دي، شافها بتنهج ووشها متغير. قال بهدوء: اهدى متخافيش ولا صوت من دول ممكن يقدر يقربلك… أنا اهنيه.

سلمى بخوف: أنا بخاف من الضلمة والدوشة قوي… بحس حسن واقف بيتقتل قدامي.

كريم بصوت هادي: طول ما انتي اهنيه، الماضي ملوش باب يخبط منه.متقلقيش انتى فى امان دلوك….

الكلام ده وقع في قلبها كأمان حقيقي.

بقت بتستناه لما ينزل ويرجع، حتى لو مش بتقعد معاه. وهو بقى ياخد باله هي أكلت ولا لأ، نايمة ولا لأ، ولو صحي متأخر يدخل يطمن.

في ليلة، وهو بيحضر شنطته للسفر يومين شغل برة القاهرة، قالت له فجأة: أنا مش بعرف أنام لو مفيش صوت في البيت.وهو هادي وساكت اكديه….

وقف وبص لها باستغراب محسسهاش بيه، وقال: هسيبلك التلفزيون شغال من غير صوت عالي… وتحبي أقفل الباب ولا اسيبه مفتوح؟

سلمى: لاه خليه مفتوح.

وساب النور اللي في الطرقه منور، من غير ما تقول.

سلمى لأول مرة من يوم ما جت البيت نامت بدري، يمكن لأنها حست إنها مش لوحدها خلاص.

الساعة كانت حوالي 2 بعد نص الليل، وهو رجع بهدوء عشان ما يصحيهاش. وهو بيحط الشنطة، راح يطمن، لقاها نايمة بس مش مرتاحة، بتتقلب وبتنهج، ودموع على خدها. قرب منها وهو مش عارف يصحيها ولا لأ، بس حلمها كان مرعب وهيا بتهمهم بكلام مش مفهوم غير كلمة “ما تسيبنيش”.

من غير ما يصحيها، قرب الكرسي جنب السرير وقعد، بعد شوية هي هديت… وكأن وجوده جنبها طمّنها وهيا نايمة من غير ما تعرف.

الساعة 6 الصبح فاقت ولقته قاعد نايم وهو شبه محني على الكرسي. اتفاجئت وحست بضيقة في صدرها مش مفهومة.

غطته بالبطانية خفيف، وهو صحي على حركتها وقال وهو مغمض: نمتي كويس؟! انتى زينه دلوك؟!

سلمى: ايوا…. أنت اللى ما نمتش؟!

كريم: لاه أنا كنت اهنيه… عشان انتي كنتي تعبانة.

حست إن نفسها اتخطف للحظة، وردت بخجل مش قادرة تبص له: مش متعودة حد يفضل صاحي عشاني اكديه غير حسن الله يرحمه…

قال ببساطة من غير ما يطول: يبقى اتعودي.

بعد كام يوم، كريم كان لازم يروح مشوار لمناطق عشوائية مع زميله في الشغل. الجو كان زحمة وحر شديد، وهي لأول مرة تطلع من البيت من ساعة ما جات القاهرة.

في الطريق اتخضت من صوت واحد بيتخانق بالعربية جنبهم، مسكت حزام الأمان وميلت على جنب بخوف لا إرادي. هو لاحظ بس ما علقش غير لما وقفوا يشتروا مية.

كريم: انتي مش ضعيفة يا سلمى… الخوف مش عيب، العيب لما تفضلي جواه وتستسلمي له.

سلمى: أنا مش بخاف على نفسي… بخاف من اللي جاي.

كريم: اللي كنتي خايفة منه مات… واللي كان هيخطفك دفن معاه.

اتسندت على العربية وقالت بصوت متهدج: كريم… انا نفسي أصدق إني عايشة.فعلا فى امان….

رد من غير ما يبص لها: وانتى هتعيشي غصب عن أي وجع. بوعدك….

بالليل رجعوا، وهي كانت بتوضب الأكل. كريم وقع من إيده كبشة الملح في الحلة وهو بيهزر وبيقول: أنا هدوقها قبل ما تتسمميني…..يا خبر…

سلمى بتضحك: ايه ديه…. مالك عملت اكديه ليه…. شكلك بيضحك…

اتجمد لحظة وهو سامع الصوت… حس إنه مش سمع ضحكة ست، لأ… ضحكة روح طلعت من قهر سنين.

قال لها وهو مبتسم: عارفه ضحكتك دي… تليق على وش عايز يعيش مش دافن نفسه بالحياه…..

سكتت وبصت في الأرض، ووشها احمر بطريقة ما عرفتهاش قبل كده.

قبل النوم، وهو معدي قدام أوضتها، قال من ورا الباب بصوت واطي: لو حلمك خنقك تاني… ناديني. أنا مش بعيد.

هي ما ردتش… بس قعدت تحط إيديها على قلبها بارتباك وتحاول تهدي نبضها العالى.





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى