رواية بين الامس واليوم الفصل الخامس عشر 15 بقلم انفاس قطر – تحميل الرواية pdf

بين الأمس واليوم/ الجزء الخامس عشر
+
” أنتي الحين من جدش زعلانة؟!!
+
صار لنا خمس ساعات من يوم طلعنا من باريس.. حتى كلمة وحدة ما رديتي علي”
+
لم ترد عليه وهي تعتصم بصمت عميق.. والألم لا يبارح عضدها مكان قرصته الموجعة
+
وكرامتها لم تسمح لها حتى أن تسأل المضيفات عن لاصق طبي أو مسكن للألم
+
هتف نايف بتصميم غاضب: والله ثم والله لما تردين علي ذا الحين.. إني ماعاد أكلمش عمري كله..
+
حينها التفتت له بتصميم وهي ترد بحزم وجدية بالغين..تبدو كما لو كانت خلقت بهما ولهما..
+
وكأن من تتحدث الآن بهذه الجدية المحترفة ليست هي نفسها أبدا من كانت تتفجر مرحا ساخرا قبل ساعات قلائل:
+
نعم خالي آمرني..
+
وحينها ابتسم نايف: أفا حبيبت خالها زعلانة.. زين وقرصناش قرصة صغنونة.. واعتذرنا عقبها… وأنتي أساسا الله يهداش اللي طلعتيني من طوري
+
قلتي لي كلام ما ينقال..
+
عالية بذات التصميم والجدية الطبيعين غير المصطنعين إطلاقا:
+
خالي أعتقد إن مزحي مهوب غريب عليك..
+
لكن الغريب إنك تمد يدك علي بذا الطريقة
+
بس خلاص ولا يهمك حرمنا نمزح مع جنابك إذا هذي أخرتها
+
نايف برجاء حنون: علوي.. تدرين ما تهونين علي.. لا يصير قلبش أسود..
+
تدرين إني ما أحبش تقلبين على ذا الموجة القشرا.. لا لبستي وجه الجد ذا
+
أحس إني قاعد مع جدتي.. فكيها الله يفكها عليش
+
عالية بذات نبرتها الجدية: تدري زين إن قلبي مهوب أسود… بس كل شيء ولا أن حد يدوس لي على طرف
+
نايف بعتب: وأنا أي حد.. نايف خالش وصديقش وحتى ولدش.. الأم تزعل ولدها؟!!
+
عالية همست بضيق عميق وهي تدير وجهها لتسند رأسها لزجاج النافذة الصغيرة: تكفى خالي خلاص… مزاجي متعكر..
+
صمت نايف بضيق أعمق.. فارتباطه بهذه الفتاة هو الإرتباط الأقوى في حياته.. فليس له أم ولا أب..فقط سبع شقيقات ..
+
وإن كان يحبهن كثيرا.. إلا أنه يتضايق من معاملتهن له كطفل.. وهن يخنقنه باهتمامهن..
+
يشعر في طيف كل واحدة منهن طيف أمه.. فأصغرهن تكبره بـ14 عاما..
+
ورغم محبته العميقة لهن.. إلا أن علاقته بعالية مختلفة..
+
عالية يشعر أنها أخته وابنته وأمه وصديقته فعلا.. ست سنوات وهما ملتصقان معا في الغربة.. كلاهما ينتمي للآخر
+
كلاهما يعرف عن تفاصيل حياة الآخر أدق التفاصيل..
+
يكاد يقسم أنه حفظ درووس الهندسة الجينية من كثرة ما تناقشا في الموضوع
+
وهي تكاد تتلو كل موضوعات وقضايا قانون النزاعات الدولية.. تخصصه في البكالوريوس ثم الماجستير
+
كلاهما يعرف مايحبه الآخر وما يكرهه.. يكملان جمل بعضهما وهما يتحدثان..
+
وحتى في وقت فراغهما يخرجان معا..
+
يتناولان طعامهما في مطعم ما.. يتفرجان على المتاحف.. يتسوقان وكل منهما يأخذ رأي الآخر فيما سيشتريه
+
ليس لأي منهما في هذه الغربة صديق بمعنى الصديق سواهما.. فكل واحد منهما اكتفى بوجود الآخر عن أي صديق أو صحبة
+
كلاهما… أصبح للآخر وطنا في غربته!!
+
فكيف بعد ذلك كله
+
يعودان وهي غاضبة منه بهذه الصورة..؟!!
+
**************************
+
في الطائرة
+
كسّاب يجلس بجوار خالته… وزايد يجلس على مقعد لوحده والمقعد المجاور له فارغ..
+
في بعض الأحيان إن لم يكن كسّاب مستغرقا في القراءة فهو ينتقل ليجلس بجوار والده
+
ويتبادل معه بعض الأحاديث من باب الذوق.. وحتى لا يتملل والده من هذه الرحلة الطويلة
+
زايد يسأل كسّاب وهو يسترخي في مقعده: شأخبار المجمع اللي شركتك تسويه لشركتي؟؟
+
كسّاب بنبرة عملية تماما.. فالعمل عمل: ماشي على المخطط تمام.. وبنسلمه لكم في الموعد اللي بيننا في العقد وبنفس المواصفات..
+
حينها ابتسم زايد: كفو.. مهوب أول مرة نجرب شغلكم
+
حينها هتف كسّاب بمباشرة عملية صريحة: زين ودام شغلنا عاجبكم..
+
يا ليت يكون فيه تعاون أكبر.. وتعطينا مشروعكم الجديد.. مشروع المجمع الكبير اللي تبي تسويه على البحر..
+
زايد بذات نبرته العملية: لا يأبيك.. المشروع ذا بمواصفات عالمية وبتنفذه شركة عالمية..
+
كسّاب بهدوء عملي: وأنا مستعد أسويه لك بالمواصفات العالمية اللي تبيها وبسعر أقل..
+
وبيزنس إز بيزنس.. وأظني مهوب أول مرة تجربون شغلنا على قولتك
+
ثم أردف بسخرية واثقة: أنتو حتى ما جربتو شغلنا لين ثبتنا رجلنا في السوق.. وصار لنا سمعتنا.. قبل ما تتكرم بالتعامل معنا
+
زايد برفض قاطع: قلت لك خلاص المشروع هذا بتنفذه شركة عالمية
+
هز كسّاب كتفيه بثقة: مثل ما تبي.. الله يهنيك بالشركة العالمية اللي بتأخذ منك دبل السعر على الفاضي
+
زايد بحزم: يأبيك أنا ماني بولد أمس.. تجي تعلمني شغلي..
+
كانا في حوارهما الذي بدا أنه سيتجه للتحفز..حين دخل عليهما كابتن الطائرة.. بعد أن ترك مهمة القيادة لمساعده وللطيار الآلي
+
زايد حين رآه أشرق وجهه وهو يقف ويسلم عليه بحرارة: أشلونك يأبيك؟؟
+
وأشلون عمي جابر واشلون تميم؟؟
1
مهاب باحترام متزايد: طيبين طاب حالك… توني انتبه لقائمة اسماء الركاب وانتبهت لاسمك أنت وكسّاب..
+
ثم التفت لكسّاب وهو يسلم عليه بحرارة أيضا
+
قد يكون مهاب يحمل في داخله غضبا عميقا على هذه العائلة التي سمحت لابنتها أن تتصرف هذا التصرف..
+
وتتخصص هذا التخصص الذي لا يليق بأي فتاة.. فكيف بفتاة في مكانة أسرتها ووضعها الاجتماعي القبلي المتحفظ؟!!
+
ولكنه في داخله لا يستطيع أن يحمل ضغينة على زايد.. فهو يحمل لهذا الرجل احترام عميق غذاه جده جابر فيه..
+
فور انتهاءه من السلامات.. انتبه أيضا لنايف… ليسلم عليه هو أيضا.. ثم يعود لقمرة القيادة
+
حينما عاود زايد وكسّاب الجلوس.. همس زايد بعمق شفاف مختلف وكأنه يحادث نفسه:
+
تدري يا أبيك إن أمنية حياتي إني أناسب ذا الصبي..
+
بس خلاص.. لا عاد العمر ولا المكانة تساعد.. وشكل ذا الأمنية بتقعد حسرة في قلبي..
+
حينها عقد كسّاب حاجبيه وهو يهتف بجزع عفوي: بسم الله عليك من الحسرة..
+
ثم تنحنح وهو ينتبه لشفافية عبارته العفوية ثم أردف باستغراب: تبي حد من خواته؟؟
+
حينها ابتسم زايد: خواته؟؟ ليه وش شايفني عشان أخذ بنت من سن بنتي..
+
كسّاب بذات الاستغراب: أنت اللي تقول..
+
زايد هز كتفيه بثقة: خلك من اللي أنا أقول.. حكي شيبان ماعليك منه..
+
كسّاب عاد لمقعده بجوار خالته.. وتفكيره مشغول بما قاله والده.. لأول مرة يسمع والده يتكلم عن رغبة مدفونة بالزواج
+
مع أنه هو شخصيا وقبل غضبه من مزون قبل أربع سنوات كان يلح عليه أن يتزوج.. ولكنه كان يرفض…
+
وليست مجرد رغبة.. بل أن يقول أنها أمنية.. وحسرة بقيت في قلبه..
+
فمن تكون هذه اللي استطاعت أن تفعل هذا بقلب زايد؟!
+
أي امرأة هذه التي بقيت أمنية في قلب رجل لا يعرف المستحيل ولا يعرف التراجع أو التزحزح أو الضعف؟!
+
ودائما منطق الرجال عن المشاعر مختلف.. فالشاب يتقبل مشاعر والده بانفتاح
+
وقد يستمع حتى لغراميات والده قبل أن يتزوج والدته
+
المهم ألا يصل الضيم لأمه..
+
فكيف لو كانت الأم متوفية؟! حينها سيكون تقبله لمشاعر والده أكثر انفتاحا بكثير
+
“ولكن ليتك تعلم يا كسّاب أن الضيم غير المقصود قد وصل لأمك فعلا!!”
+
بعد صمت دقائق ..هتف كسّاب بهدوء: خالتي
+
عفراء كانت غارقة في أفكار حزنها الخاص المتجسد في روحها بكل الحدة..
+
وصغيرتها جميلة تحتل كل الذاكرة وتستشري في كل الشرايين بوجع..
+
وهي تشعر بفراغ مر يجتاحها.. وكأن مكان قلبها هوة هائلة خالية تكاد تسقط في سوداويتها وفراغها
+
انتفضت من أفكارها لترد عليه بحنان: لبيه
+
كسّاب بذات الهدوء: لبيتي في مكة.. خالتي تعرفين امهاب بن فيصل آل يحيا؟؟
+
عفراء بنبرة اعتيادية: أعرفه بالأسم.. هو اللي جا وسلم عليكم قبل شوي..؟
+
كسّاب لا يعرف بالتحديد ما الذي يهدف له من هذا الحوار..
+
ولكن هاهو يكتشف ويتسلى حتى موعد النزول: إيه هو..بس أنا أقصد تعرفين هله؟؟
+
عفراء بذات الطبيعية: إيه أعرفهم.. عرب أجواد وفيهم خير..
+
كسّاب هتف بنبرة ماعاد يُعرف ماخلفها: امهاب عنده خالة أو مرة كبيرة عمر شوي تقرب له..؟؟
+
حينها ابتسمت عفراء وهي تهمس باستغراب: صراحة أسئلتك غريبة.. بس لا ماعنده خالات.. أمه كانت وحيدة أبيها
+
إيه وتراهم كانوا قصارى جدك علي الله يبيح منه في بيتهم القديم..أظني إنك تدري..
+
لا يعلم حينها كيف قفزت الفكرة بباله وتجسدت بشكل كامل وواضح وحقيقي..
+
فهو ذكي.. ووالده أعطاه المفتاح.. وخالته أكملت الصورة
+
(جارة قديمة إذن!!) ابتسامة مرحة خبيثة ترتسم على شفتيه:أدري إنهم كانوا جيران بس نسيت..
+
إلا خالتي.. أمه حلوة؟؟
+
حينها وضعت عفراء يدها على فمها.. لأنها خافت أن يتعالى صوت ضحكاتها.. منذ وقت طويل لم تشعر بهذه الرغبة في الضحك:
+
لا تكون تبي تخطب أمه؟؟
+
حينها ضحك كسّاب: يمكن.. ليش لا.. خليني أدري حلوة وإلا لا…
+
ابتسمت عفراء: دايم أشوفها ببرقعها.. بس إيه باين عليها حلوة… وماشاء الله عادها شباب.. وهي أساسا مهيب كبيرة واجد
+
يا الله توكل على الله اخطب.. دام البنات ماعجبوك.. كود يعجبونك العجايز..
+
ثم أردفت بابتسامة: مع إنه عندها بنت تطيح الطير من السما..ليتك تنوي بس
+
كسّاب يبتسم: أنتو عندكم كل خفسه تطيح الطير من السما..
+
ابتسمت عفراء: مشكور قد ذا رأيك في ذوقي.. خلاص لا تسألني..
+
كسّاب بخبث: الحين أنا سألتش عن البنت؟؟.. أنتي اللي تبرعتي.. أنا سألت عن الأم وبس..
+
عفراء تدعي الزعل وتهمس بنبرة غاضبة لطيفة: خلاص لا تكلمني.. ماعندك ذوق..
+
كسّاب بمودة عميقة مرحة: فديت الزعلانين.. يا الله علميني عن أخت امهاب.. يمكن اقتنع ذا المرة..
+
عفراء مازالت مستمرة بغضبها المصطنع: خلاص روح ماني بقايلة لك شيء.. خلك في العجوز..قدرك
+
لتتنهد بعدها.. وابتسامتها تنطفئ تماما.. تماما
+
كم هو مؤلم إدعاء المرح ورسم الابتسامة أو حتى مجرد الشعور الوقتي بها
+
لتنهار سريعا تحت أطنان من وجع متراكم..لا ينزاح ولا ينتهي..
+
وجع بات هو ما يلون روحها ويرسم مساراتها ويشكل أفكارها
+
” ألا أستطيع أن أعقد معك يا هذا الحزن معاهدة ما؟؟
+
إن كنت غير قابل للانزياح أو التقلص.. فلتحتفظ بموقعك وحجمك
+
لماذا تصر على التوسع والتضاعف والازدياد في مساحات امتلئت حتى فاضت
+
أين أذهب ياحزن بكل هذا الحزن الفائض من جنباتي؟!!
+
ماعاد لكِ في روحي بقية من مكان خال..
+
يا لك من ضيف لئيم.. كلما أفسحت لكِ مكانا.. طالبتني بالمزيد والمزيد من الأمكنة
+
فمن أين اتيك بأمكنة بعد أن صادرت كل الأمكنة والساحات؟!! “
1
***********************************
+
“أنتي تراش حولتيني.. في بطنش علم.. اقعدي واهرجي”
+
وضحى غصت بترددها: صح يمه أنتي تدورين عروس لتميم الحين؟؟
+
مزنة بهدوء: صح.. وأنتي عارفة.. فليش المقدمة..؟؟
+
وضحى بذات التردد: امممممممم… زين يمه.. ممكن أنا أرشح وحدة..
+
مزنة بذات هدوءها الحازم المعتاد: أكيد يمكن.. وخلصيني وضحى.. ليش ذا المقدمات كلها يأمش.. تعرفيني ما أحب ذا الطريقة
+
وضحى قالت في استعجال وكأنها تلقي قنبلة: زين وشرايش في سميرة؟؟
+
مزنة قطبت حاجبيها: أي سميرة؟؟
+
وضحى تبتلع ريقها: يمه.. سميرة.. فيه حد غيرها يعني؟؟
+
مزنة بذات تقطيبة الحاجبين: سميرة بنت راشد؟؟ يأمش ما ظنتي يوافقون.. مهوب قصور في ولدي.. بس سميرة عندها عيال عمها اثنين عزابية
+
مستحيل يخلون وحدة مثل سميرة تروح عليهم.. والا لو علي أنا ماني ملاقية حد أحسن منها.. أخلاق وأدب وزين..
+
وضحى بذات التردد: يمه ما تضر المحاولة.. أحس ماعندها مانع.. لو تبين كلمتها.. وجسيت نبضها..
+
مزنة تنهرها بحزم: البنات ما يتدخلون في ذا السوالف.. أنا بأكلم أم غانم بيني وبينها.. مع إني بعد ماظنتي إنهم يوافقون..
+
بجس نبضهم…عشان ما أحرج تميم..
+
والله لا يعيون ويدري هو.. إن قد يأخذها حجة.. ويقول شفتي هذا اللي تحكي وتسمع ماتبيني
+
****************************
+
“بشريني عنج اليوم؟؟ إن شاء الله أحسن؟؟؟”
+
جميلة همست بغيظ وضعف: وأنت وش عليك مني.. من البارحة مخليني.. وجاي الحين عقب صلاة الظهر تسأل عني.. كان قعدت زيادة بعد
+
هذي وصات أمي لك ما تخليني..؟!
+
خليفة لم يبدو عليه التأثر مطلقا لما قالته..وهو يقرب مقعده ليجلس قريبا منها ويهتف بتصميم:
+
البارحة أنتي اللي طردتيني.. لو أنتي ناسية يا بنت العم
+
واليوم رقعة سني طاحت .. ورحت أدور دكتور يرقع لي السن من يديد.. وتوني ياي من عند الدكتور
+
ثم أردف بابتسامة: شكلج اشتقتي لي.. يا الله اعترفي..
+
جميلة بغيظ: يا برودك يأخي.. وش أشتاق له..
+
خليفة بهدوء باسم: لي طبعا.. ترا مافيها شيء تعترفين.. لأني أنا بعد تولهت عليج..
+
جميلة أشاحت بوجهها: مشكلتك ما تعرف تكذب.. وأنا ما أحب الكذب
+
أنا ما اشتقت لك.. ولا أبيك تشتاق لي ..مشكور
+
بس أنا الحين مسؤوليتك.. ودامك متورط فيني.. غصب عنك تقابلني طول اليوم..
+
ولو أنت تعبت من مقابلي.. كلم أمي خلها تجيني.. والوجه من الوجه أبيض
+
حينها ابتسم خليفة وهو يسترخي على مقعده: ليه احنا كنا نلعب..
+
أجابلج 24 ساعة لو تبين.. مين عندي غيرج أجابله يعني؟!!
+
ثم رفع كتاب في يده: ممكن أقرأ وإلا بيضايقج أنشغل عنج بكتاب؟؟
+
جميلة هزت كتفيها بيأس وثورتها تخفت بلا مقدمات: عادي اقرأ.. ما تفرق عندي
+
بعد دقائق صمت استغرق فيها خليفة في القراءة.. همست جميلة كأنها تكلم نفسها:
+
تدري إن كسّاب مجنون قرايه.. مع إن شخصيته ما توحي بكذا أبد
+
عنده مكتبة وش كبر.. ودايم لو ماعنده شغل تلقاه يقرأ.. مستحيل يضيع وقته حتى في شوفت التلفزيون حتى
+
ضيق عميق تصاعد في روح خليفة وأحاط بها…
+
أ يجب أن تجد لها دائما سببا لتذكر أحد ابني خالتها؟!!
+
أ يجب أن تعقد مقارنة لا تنتهي بين كل ما يفعله وبين ما كانوا يفعلونه؟!
+
ألا تحترم قليلا هذا الحائط المسمى زوجها ؟!!
+
أ تهزأ به؟؟ أم تختبر صبره؟؟ أم تستهين برجولته؟!!
+
كلها مؤلمة.. مــؤلــمــة
+
فأي ألم هو هذا؟!!
+
*******************************
+
الطائرة تهبط والركاب ينزلون..
+
وكل يتجه لغايته ومكانه… قلوب شتى.. وغايات تنتظر من يصلها!!
+
.
+
.
+
عائلة زايد وجدوا منصور في انتظارهم.. سلام مفعم بالمودة بين منصور وشقيقه وابن شقيقه
+
بينما عفراء تأخرت وشعور حرج عميق يعود لها وهي ترى منصور وتتذكر مكالمتها الأخيرة له
+
(يارب ما يكون كسّاب يبينا نروح معه)
+
منصور كان يريد أن يقول لعفراء (الحمد لله على السلامة) ويسألها عن ابنتها.. من باب الذوق.. ولكنها كانت تقف بعيدا
+
لذا بعد انتهاء السلامات.. هتف بحزم: يالله سيارتي في المواقف..
+
كسّاب بهدوء حازم: توكل أنت وأخيك الله يحفظكم.. أنا ينتظرني واحد من سواقين الشركة بسيارتي..
+
عفراء حين رأتهما يغادران بينما كسّاب يعود لها ويهتف لها (يالله سيارتي في المواقف) تنفست الصعداء وهو تحمد الله الذي استجاب دعاءها
+
في سيارة منصور.. الحوار يُفتح بين الشقيقين..
+
زايد بمودة يسأل منصور: مزون شأخبارها؟؟
+
منصور بحزم: طيبة وتراها إن شاء الله ماعاد هي بطايرة عقب المرتين اللي طارتهم
+
فشغل لنا علاقاتك وشوف لها عمل مكتبي زين يناسبها ويناسبنا…
+
حينها هتف زايد بغضب: ليه أنت وش أنت قايل لها؟؟
+
زايد بحزم أشد: ما قلت لها شيء… لعبة وخلصت منها… خل البنت تعقل.. ولا تقوي رأسها… كفاية اللي صار
+
زايد صمت لأن هذا الموضوع لا يناقش على عجالة.. وهو لابد أن يرى ابنته قبلا
+
بينما منصور تنهد ثم هتف بهدوء حازم: وأنت بشرني من علي.. أشلونه؟؟
+
زايد بمودة عميقة: طيب ويسلم عليك..
+
ابتسم منصور: ارتاح قلبك…؟؟
+
ابتسم زايد: مرتاح إن شاء الله …عقبال ما يريح كسّاب بالي بعد
+
ثم أردف برجاء أقرب للأمر: منصور يأخيك.. حاكه.. نشف ريقي.. أنا أدري إنه يسمع منك أكثر ما يسمع مني
+
منصور بابتسامة: عادك تبي تزوجه بنت مزنة..؟
+
زايد هتف بغضب مفاجئ: أظني اسمها أم امهاب وإلا بنت جابر هذا أولا..
+
وبعدين البنت بنت ناصر.. مهيب بنت مزنة..
+
منصور بابتسامة ونبرة شديدة المباشرة: زايد لا تلف وتدور علي… وخير يا طير إنها بنت ناصر.. أنت أصلا ما همك من السالفة إلا إنها بنت مزنة
+
عشان كذا تبي تلزقها في الصبي.. كود يرتاح قلبك لا شفت ريحة مزنة عندك في البيت
+
رغم أن زايد لم يشرح مطلقا لمنصور أسبابه.. ولكنه كان يعلم أنه يعلم.. وأنه يفهمه بدون شرح.. لذا لا داعي للف والدوران كما يقول
+
ولذا هتف زايد بذات نبرة شقيقه المباشرة: زين وبغيت بنتها لولدي… هل أنا أجرمت؟؟…
+
البنت مابه مثل زينها وشخصيتها.. ياحظه اللي بيضويها!!
+
منصور بحزم: بس كسّاب مهوب من حقه يعرف أسبابك..
+
زايد بحزم أشد: لا طبعا مهوب من حقه… سالفة وانتهت من سنين.. وشو له نقلب فيها..
+
يعني حتى ذا الخدمة الصغيرة مستكثر تقدمها لي.. وش طلبت أنا منك؟؟
+
ترى كل السالفة كلمتين تقولها لكسّاب
+
منصور بحزم: زايد لا تهاجمني عشان تطلعني غلطان.. أنت عارف إني سبق وكلمت كسّاب..
+
وأنت عارف إن كسّاب آخر واحد ممكن الواحد يقنعه بشيء هو ما يبي يقتنع فيه
+
زايد بلهجة أقرب للأمر: زين حاول.. عشان خاطر أخيك.. وإلا حتى أخيك الكبير ماله خاطر..
+
منصور تنهد: خاطرك على الرأس والعين.. أبشر ..بأحاول فيه..
+
ثم ابتسم وهو يردف: ولو تبي أعطيه كفين عشان يوافق ولا يهمك..المهم ما تزعل علينا يأبو كسّاب
+
حينها ابتسم زايد: لا كفين ما نبيها.. وش بيفكك أنت وولد أخيك لا تكافختوا..
+
ثم تنهد وهو يهتف بعمق: ما أكذب عليك يامنصور.. وأنت الوحيد اللي عارف السالفة..
+
بأموت بحسرتي لو على الأقل البنت ماحصلت لولدي.. مهوب كفاية أمها ماحصلت لي..
+
كل سنة تمر وأنا أحاول أقنع كسّاب يتزوج وهو ما يرضى..
+
البنت خطاطيبها واجد.. وخايف تروح منه.. ووالله إني ما أبي له إلا الزين..
+
حينها ابتسم منصور: زين يا ابن الحلال خلاص ارجع اخطب الرأس الكبيرة
+
حينها ضحك زايد: من جدك؟؟ ماحصلتي لي وهي صغيرة.. تحصل لي وعيالها رياجيل..
+
من الرجّال اللي فيه خير اللي يرضى إن أمه تعرس؟؟
+
حينها ضحك منصور: خاطري أشوف وجه امهاب لا درى إن أمه لها عشاق..
+
مهوب بعيد يصلبك على باب المطار..
+
حينها هتف زايد بغضب: ماعاش ولا كان اللي يصلبني.. وعيب عليك يا منصور ذا الهرجة.. احشم ام الرجّال..
+
ابتسم منصور: يا شينك لا عصبت وقلبت جد… نمزح يا ابن الحلال نمزح..
+
*************************************
+
كانت في غرفة أبنائها.. ترتب ملابسهم.. وترى إن كانوا في حاجة لملابس جديدة للسفر..
+
تنتفض بعنف ورنين هاتفها ينتزعها من خضم إنشغالها.. كم أصبحت تخشى رنات هذا الهاتف.. خشية للصوت القادم عبر أثيره!!
+
لا تعلم ما الذي يدور في رأسه الآن… فهو من بعد مكالمتها له بالأمس.. لم يعاود الإتصال بها..
+
تنهدت (يعني لازم إنه أي حد بيرن بيكون صالح!! خلني أشوف من)
+
ألتقطت الهاتف.. كان هو.. وهل هناك سواه..؟!
+
(الله يصلحش ياسميرة
+
حد يسمع نصيحة من خبلة..
+
الشرهة علي مهيب عليها.. وإلا هي فاسخة من يومها
+
الحين وش عاد بيفكني منه؟! )
+
ردت بتردد: هلا أبو خالد
+
وصلها صوته حازما قاطعا ودون تحية حتى: أنا تحت.. انزلي جيبي لي جوازاتكم عشان أسوي الفيزة
+
نجلاء بذات التردد: بأخلي خالد يجيبها لك..
+
وصلها صوته أكثر حزما: أنا قلت أنتي انزلي وجيبيها
+
ثم أردف بسخرية: عقب أسبوعين بنسافر سوا.. تعودي من الحين تشوفيني
+
وبعدين فيه موضوع مهم نبي نتكلم فيه
+
نجلاء أخذت جوزات السفر ونزلت له بخطوات مترددة… وجدت والدتها في الصالة..
+
كانت مها على قدميها.. وصالح الصغير يحبو قريبا منها هتفت لنجلاء بحنان: نجلا يأمش أبو خالد هنا صار له شويه
+
وأنا قلت له ينتزرش في مجلس الحريم… روحي له.. الله يهدي سرش يا بنتي..
+
أبو خالد رجال مافيش منو وشاريش يا بنتي.. ما ترفسيش النعمة
+
تنهدت نجلاء بعمق وهي تقبل رأس والدتها للتوجه بعد ذلك لمجلس الحريم بخطوات مترددة
+
وتهتف داخلها بوجع (توصيني عليه يمه؟!! ليتش بس تدرين وشو مسوي!!)
+
دخلت بخطواتها المترددة ذاتها (والله إني ماني بكفو… وش أبي بذا السالفة كلها؟!)
+
كانت على وشك إغلاق الباب لكنها تذكرت وهي تفتحه على مصراعيه وتتوجه حيث يجلس صالح
+
صالح وقف وتجاوزها ليغلق هو الباب ويهتف بحزم: ترا أمش في الصالة.. إذا المتوحش الهمجي بغى يسوي فيش شيء.. صيحي وبتسمعش..
+
نجلاء ابتلعت ريقها وجلست.. في وجوده يستعصي عليها التفكير المنطقي
+
تشعر كما لو كان هناك سحرا يتسربل به..
+
يبعثر صفوفها حين يحضر.. ليعيد ترتيب هذه الصفوف كما يشاء هو
+
تختلس النظرات له.. لِـمَ يبدو اليوم أكثر وسامة من المعتاد؟!!
+
أكثر قربا!!
+
أكثر بعدا!!
+
أكثر ألما!!
+
موجعا أكثر!! وفاتنا أكثر!! وأكثر سحرا من كل يوم!!
+
كان صالح أول من تكلم وهو يهتف بسخرية حازمة: فيني شيء متغير.. لا يكون طالع في رأسي نخلة وأنتي قاعدة تمقلين فيها
+
نجلاء ابتلعت ريقها الجاف (هذا من أولها جاي شال سيفه كذا الله يعين من تاليها)
+
كان مازال واقفا لم يجلس.. لذا وقفت وهي تناوله الجوزات وتهتف بحزم مصطنع: تفضل الجوازات.. واسمحي لي أروح وراي أشغال..
+
قالتها وهي بالفعل تهم بالمغادرة.. ولكنه تناول الجوازات.. وأمسك بمعصمها وشدها قريبا منه
+
وهو يهتف من قرب بنبرة دافئة: وين بتروحين؟؟ أنا قايل لش أبيش في موضوع
+
نجلاء انتزعت معصمها منه وهتفت بحزم: نعم.. آمر
+
صالح بشبح ابتسامة: خوفتيني..
+
نجلاء بذات الحزم المصطنع الذي تخشى بشدة أن ينهار: مافيه داعي تمسخر علي… قلت لك آمر..
+
صالح جلس وهو يهتف بهدوء حازم متلاعب: بما أنه بنسافر قريب..
+
هل تشوفين إنها حلوة في حقي أو حتى حقش.. قعدتش في بيت هلش
+
خلاص ارجعي لبيتش…
+
حينها هتفت نجلاء حزم حقيقي غير مصطنع: آسفة.. بنسافر من هنا… وعقب بارجع هنا..
+
رفع صالح حاجبا: وعقب وش بنقول لأهلنا؟؟
+
نجلاء بسخرية: قول تزاعلنا في السفر… عادي.. تحصل في أحسن العائلات
+
حينها وقف صالح وهو يهتف بسخرية مشابهة: ليش لا.. مثل ما تبين أم خلودي
+
ولو تبين أحجز لش فندق غير الفندق اللي بانزل فيه ترا عادي .. المهم تكونين مرتاحة
+
قال كلمة “مرتاحة” وهو يمرر ظاهر سبابته على خدها.. نجلاء أبعدت وجهها عن مدى يده
+
وهتفت بذات السخرية: اقتراح حلو.. وأكيد باكون مرتاحة
+
صالح هز كتفيه بثقة ساخرة وهو يتناول الجوزات ويستعد للخروج: تدرين نجلا.. الحوار معش بصراحة ممتع.. ويونس..
+
بس لازم أروح.. عالية ونايف على وصول..
+
******************************
+
يقف.. يجلس.. يمشي.. يعود
+
وعيناه لا تفارقان الساعة : “كنهم تأخروا؟!”
+
أم صالح بابتسامة دافئة: وين تأخروا؟؟ الطيارة توها نازلة مالها إلا ساعة.. وفهد في المطار من زمان.. أكيد على وصول ذا الحين
+
كم هو مشتاق!!
+
وكم هو قلق!!
+
مصلوب بين مشاعر تشويه على صفيح ساخن!!
+
صغيرته المدللة.. أكملت عامها السادس بعيدا عنه
+
كم يخشى عليها من تلك البلاد البعيدة.. أن تلتهمها كما التهمت شقيقها قبلها
+
أن تعود الحسرة في قلبه حسرتين
+
قبل ست سنوات… طالبة شديدة التفوق.. بمعدل مرتفع جدا
+
ساندها عبدالله في حقها أن تدرس تخصصها الذي تريد.. بشخصيته القوية استطاع اقناع والده..
+
كان يعرف تماما كيف يقنعه.. كان يستطيع التسلل بينه وبين جلده
+
وكم كان قريبا من قلبه وعقله.. كان يراه أقرب للكمال المتجاوز لحدود البشر
+
فلماذا خذله هكذا؟!! لماذا ؟!!
+
كان خالد من المستحيل أن يوافق أن تتركه صغيرته وتبتعد عن ناظريه..
+
ولكن عبدالله استطاع اقناعه ببراعة
+
ومنذ وفاة عبدالله وقلقه عليها يتزايد… يخشى أن يفجع يوما بخبر عنها.. كما فُجع بخبر عبدالله
+
ويا لها من فجيعة.. يا لها من فجيعة!!!
+
وكأن تلك البلاد لن تهديه إلا اللعنات!!
+
كان يطل عبر النافذة وأفكاره تبحر به إلى البعيد القريب… لتتسع إبتسامته وهو يرى سيارة فهد تتوقف في الباحة
+
ثم يرى خيالها الضئيل تنزل ثم كأنها تركض لتتجه للداخل
+
فتح الباب قبل أن تدخل.. كانت تنزع نقابها.. وتدخل
+
لتجده يقف أمامها.. كانت نظرة واحدة لهيبته.. للسنوات التي باتت ترتسم على تجاعيده بوضوح.. وكأنه يكتسب سنوات خلال أشهر
+
نظرة للحنان المتدفق من عينيه.. للشوق الذي ماعاد قادرا على كبح جماحه
+
للهفة التي أضنت ثناياه وجعا وبعدا
+
لترتمي في حضنه وهي تشهق شهقات متقطعة!!
+
خالد فجع.. فُجع تماما… وهو يشدها ليدفنها بين ضلوعه
+
فعالية يستحيل أن تبكي… لطالما كانت قوية.. صلبة.. مثله!!
+
هي لا تعلم ما الذي أبكاها.. هل هو منظر الضعف البادي على محيا والدها.. ولحيته التي باتت بنصاعة الثلج؟؟
+
هل هو إحساسها بالغبن من نايف الذي يمد يده عليها للمرة الأولى؟؟
+
هل هو اشتياقها لدفء أحضانه وعبق رائحته؟!!
+
لا تعلم…
+
ما تعلمه أنها تريد أن تبكي في حضنه.. وان يحتضنها هو أكثر وأكثر!!
+
صالح وصل خلفهم تماما
+
وهاهو يهتف بحنان: شكلش ما تبين تسلمين على حد غير أبيش..
+
الأخ الكبير ماله سلام!!
+
نايف كان متأثرا بشدة وهو يرى عالية تبكي بهذه الصورة.. تمنى أن تنشق الأرض وتبتلعه إن كان هو سبب بكائها أو حزنها
+
لم ينتبه لأي شيء حوله سوى المخلوقة الصغيرة التي اختبئت في ثنايا الرجل العظيم ولا تريد إفلاته ولا يريد إفلاتها
+
تمنى أن يشدها ناحيته يهمس في عمق أذنها:
+
“أنا نايف ياعالية..
+
نايف.. الخال والأخ والصديق
+
سمير الليالي.. ورفيق الأيام.. وكاتم الأسرار
+
أ تغضبين من نايف؟؟
+
أناشدك ألا اكون أنا سبب بكائكِ أو حزنكِ
+
لا تكوني هشة هكذا كالفتيات.. لم أعتد منكِ على هذا
+
اعتدت أنكِ رجل لا أقلق وأنا أعلم أنه يسندني وخلفي.. لا يتخاذل ولا يضعف ولا يتهاون..
+
فهل يبكي الرجّال؟؟
+
هل يبكون؟؟ “
+
******************************
+
” يمه الحقيني.. الحقيني
+
يمه.. يمه..”
+
صرخاتها الجزعة تتعالى.. لتقفز مزنة التي كانت ترتب ملابس تميم في غرفته القريبة من غرفة كاسرة .. فلم يسبق أن سمعت كاسرة تصرخ هكذا
+
ركضت ناحية غرفتها وجزعها يتصاعد ويتصاعد رغم أن الصراخ توقف
+
فتحت الباب بحدة لتجد كاسرة تجلس على سريرها.. وهي تضم يديها لصدرها وعرق غزير يتصبب على جبينها
+
مزنة جلست جوارها وهي تحتضنها وتقرأ عليها آيات من القرآن..
+
بينما كاسرة كانت صامتة وترتعش في حضن والدتها التي كانت تهمس لها بحنان:
+
أنتي كنتي راقدة يأمش؟؟.. النوم ذا الحزة مهوب زين.. ماعاد باقي شيء على صلاة المغرب..
+
كاسرة بصوت مبحوح وهي تفلت والدتها وتجمع شعرها المتناثر وترجعه خلفها: كنت مصدعة وخذت حبتين بنادول وماحسيت بنفسي يوم نمت.. وإلا أنتي تعرفيني ما أحب أنام ذا الحزة..
+
مزنة تمسح العرق عن جبينها وتهمس لها برقة: وش فيش؟؟
+
كاسرة تتناول يد والدتها من جبينها وتحتضنها بين كفيها: مافيني شيء فديتش
+
مزنة بحنان قلق: أشلون مافيش شيء وانتي كنت تصيحين.. الحقيني يمه
+
كاسرة بحرج: أنا أصيح..؟؟
+
مزنة باستغراب: إيه أنتي.. أنتي كنتي تحلمين؟؟
+
كاسرة بذات الحرج: حلم مهوب زين.. بس ما توقعت إني كنت أصيح بصوت مسموع..
+
مزنة بهدوء عميق: يأمش إذا تحلمتي بشيء مهوب زين.. تعوذي بالله من الشيطان الرجيم واتفلي عن يسارش.. ولا تعلمين به أحد
+
ومابه إلا الزين يأمش..
+
كاسرة تضم يديها لصدرها وكأنها تحاول تهدئة أنفاسها المتسارعة
+
وتهمس لنفسها قبل أن تكون تهمس لأمها: مابه إلا الزين.. مابه إلا الزين إن شاء الله..
+
ضغطت على جانبي رأسها وعلى وجهها ترتسم علامات تعب ثم أردفت وهي تتذكر شيئا: يمه بلغتي أم الرجّال اللي كان جاي يخطب بردي…
+
مزنة بحزم رغم ضيقها: بلغتها.. الله يفرجها عليش يا بنتي.. ويهديش.. ويبعد عنش عيون الناس..
+
********************************
+
” ها أمرني… مكلمني وتقول تعال.. موضوع مهم”
+
عبدالرحمن بمودة باسمة: يالله يدك على المهر.. وتعطيني مثله لأني كنت الوسيط
+
حينها ابتسم مهاب: وافقت..؟؟
+
عبدالرحمن رفع حاجبه وهتف بابتسامة: وافقت…. وابيها وافق بعد… أنا كلمته نيابة عنك… وقلت له إنك خطبت مني
+
وأنت عارف إبي.. شيء أقوله.. ما يرادني فيه…
+
اتسعت ابتسامة مهاب وهو يهتف بود موغل في العمق: جعلني ما أخلى منك يوم… ويومي قبل يومك يابو فاضل..
+
انتفض عبدالرحمن بجزع حقيقي: تف من ثمك… أمحق طاري..
+
ثم أردف بابتسامة: أنا وانت في يوم واحد…
+
ثم أردف بعمق شفاف وهو يتذكر: مهوب كفاية يوم بغيت تخليني قبل 7 سنين.. والله ماعاد أسمح لك بغيرها
+
مهاب بعمق مشابه ومودة مصفاة: وحد سوى سواتك يا الخبل.. حتى دراستك الماجستير وقتها وقفتها.. وجيت وعسكرت عندي
+
عبدالرحمن بذات العمق: من جدك تبيني اقعد في بريطانيا وانت في غيبوبة في الدوحة..
+
ثم زفر عبدالرحمن بحرارة: الله لا يعيدها أيام… وش أبغي بذا الطاري.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم..
+
ثم نفض رأسه وهو يقول: خلنا فيك وفي موضوعك..
+
حينها ابتسم مهاب وهو يهتف بهدوء: يعني لو بغيت أتملك.. تملكوني؟؟
+
كان عبدالرحمن على وشك أن يقول (خل ملكتنا في يوم واحد) ولكنه تراجع
+
فوضحى لم ترد.. ولا يريد أن يربط مهابا وجوزاء به
+
فربما ترفضه وضحى… وهذا مابات يشعر به.. لذا فلينهِ موضوع مهاب.. قبل أن تحرجه وضحى برفضها
+
لذا هتف عبدالرحمن بهدوء حازم: بكرة لو تبي..
+
لكن مهاب استدرك بحذر قلق: او يمكن أحسن ننتظر رد وضحى.. ونخلي ملكتنا وحدة
+
عبدالرحمن بحزم: لا… تملك أنت أول… وضحى عندها امتحانات الحين… أحسن ما نشغلها بشيء..
+
مهاب تنهد في داخله براحة.. ثم هتف بحزم: خلاص ترخص عمي أبو عبدالرحمن..
+
إذا هو موافق.. بأجيب الشيخ بكرة عقب صلاة العصر
+
لا يعلم أي إحساس يشعر به.. هل هو الراحة.. الوصول لمخططه
+
ربما قد يكون مضى عليه أكثر من سنة وموضوع خطبة جوزاء في ذهنه
+
ولكنه كان يشعر أنه غير مستعد للارتباط بعد
+
تفكيره بجوزاء كان خليطا من العاطفة والعقل.. والعاطفة كانت أكثر بكثير
+
لم تكن عاطفة الإعجاب أو الرغبة في جوزاء كأنثى
+
بل هو وضع جوزاء ذاته..
+
جوزاء ذكرته بأمه.. وحسن بنفسه..
+
أمه تزوجت ناصر بعد والده.. كان شابا كانت هي الأولى في حياته
+
ورغم أن ناصرا لم يفرق بينه وبين أولاده في المعاملة
+
إلا أنه في داخله بقي يعاني احساس يتم عميق
+
إحساس يتمنى أن ينقذ حسنا منه
+
يريد أن يكون له والدا.. وأن يحبه أكثر حتى من أولاده الذين سينجبهم
+
لن يسمح أن يشعر هذا الملاك بالمرارة التي شعر بها في طفولته وأخوته يتقلبون في حضن والدهم
+
بينما هو يرفض حتى مجرد الاقتراب حتى لو ناداه ناصر.. لم يرد مشاعر شفقة لا يشعر بها زوج والدته حقيقة..
+
يريد أن يجنب حسن كل ذلك.. فقلبه مثقل بالحب له قبل أن يصبح زوج أمه حتى.. الحب الذي تمنى هو أن يجده واستعصى عليه
+
ومن ناحية أخرى.. سيكون عبدالرحمن خالا لأبناءه.. ونعم الخال والمنسب!!
+
الأمنية الغالية الثمينة التي يبدو أنه سيكون عاجزا عن إهداء عبدالرحمن مثلها
+
فمهاب يشعر أن رفض وضحى قادم.. لذا يريد أن يرتبط بعبدالرحمن قبل أن تحدث هذه الكارثة
+
*****************************
+
يدور في شقته بيأس.. وحدة.. وألم متزايد
+
قبل ساعات كانت تضج بالحياة والناس والاحتواء
+
والآن باردة.. يلفها صقيع لا حدود لتجمده
+
يخشى أن يمتد هذا التجمد يوما لقلبه الدافئ
+
إحساسه بالغربة يتزايد… فحتى متى هذا الهروب؟!! حتى متى؟!!
+
“بدك ئهوة يا ابني؟!!”
+
صوته الحنون انتزع علي من أفكاره
+
التفتت علي بضيق للعم حمزة.. الشيخ التركي القادم من أنطاكيا في لواء الأسكندرونة حيث يتحدثون العربية بلكنة شامية..وكثير من السكان من السوريين..
+
وهتف بضيق عميق: القهوة ياعم حمزة توسع خاطر الضايق؟؟
+
هتف العم حمزة بعمق: لا يا ابني.. ما بتعمل شي.. المتدايئ بيوكل امرو لأ الله..
+
علي بإيمان عميق: حسبي الله ونعم الوكيل.. عليه توكلت وإليه أنيب
+
اللهم أني أسألك التفريج من عندك
+
ثم أردف وهو يتجه بالداخل: أنا بأتوضأ وأقرأ بعض وردي.. لين صلاة العشا
+
كود يستاسع خاطري شوي..
+
وأنت تبي تروح مكان.. براحتك
+
العم حمزة يعود لداخل المطبخ وهو يهتف بحنان: وين بدي روح واتركك بهالليلة اللي عمري ما شفتك متدايئ ئدها..
+
ئاعد جوا يا ابني.. بس بدك تنزل للمسجد ئلي تا ننزل سوا..
+
*******************************
+
” يا الله ياخالتي ما تتخيلين وش كثر اشتقت لش.. كنش غايبة عني سنة!! “
+
عفراء بابتسامة حنونة: يا النصابة.. ترا ما كملت ثلاث أيام حتى..
+
مزون تحتضن عضدها وتهتف بمودة عميقة : عندي كنها سنة..
+
بشريني من جميلة.. أشلونها يوم خليتيها؟؟
+
تصلب حينها جسد عفراء.. وشعرت مزون بذلك… رفعت مزون رأسها عن عضد عفراء وهمست بقلق: جميلة فيها شيء؟؟
+
عفراء تنهدت بعمق: هي ما فيها إن شاء الله شيء.. أنا اللي فيني
+
خايفة عليها.. وخايفة حتى على رجالها.. ما ظنتي إنه بيستحملها
+
وما كان ودي أخليها.. بس الدكتورة قالت أحسن أخليها!!
+
مزون بنبرة مطمنة: إن شاء الله إنها بخير.. وهذا التلفون بيننا وبينها.. لو حسيتي إنها متضايقة هي أو رجّالها روحي لهم
+
عفراء بضيق تحاول إخفائه: ماعليه يأمش ماعليه… قولي لي أنت وش سويتي في رحلتش يا كابتن..
+
حينها انتقل الضيق العميق لمزون: زينة خالتي.. ماشي حالها
+
عفراء باستغراب: ماشي حالها بس..؟؟
+
مزون هزت كتفيها: وش أقول لش بعد… ماشي حالها
+
عفراء بذات الاستغراب: بصراحة توقعت إحساس أقوى شوي غير “ماشي حالها” ذي..
+
ماشي حالها تقولينها لو سألتش أشلون روحتش البايخة للسوق.. أشلون وحدة ما تهضمينها.. هذاك الوقت قولي ماشي حالها
+
مزون بضيق عميق: خالتي تكفين لا تزودينها علي
+
وش تبين أقول لش… مهما كان إحساس الطيران خيالي وممتع ويحسسش إنش فوق العالم والناس
+
يبقى إحساس مهما كانت عظمته ما يساوي زعل كسّاب ولا هروب علي..
+
حسيت يا خالتي كأن كل فرحتي انسحبت مني.. لأني حسيت إنه شيء ما يسوى..
+
مثل ياخالتي لو أنتي مشتهية مصاصة.. لولي بوب.. تخيلي..ومشتهيتها من قلب!!! حاسة حياتش واقفة على أنش تذوقين طعم ذا المصاصة!!
+
ثم يقولون لش بنعطيش المصاصة بس أنتي خلينا نستأصل كل مجسات التذوق في لسانش
+
وأنتي ياخالتي وافقتي…وشالوا إحساس التذوق من لسانش..
+
يالله ذوقي المصاصة.. طعمها حلو؟؟ حسيتي فيها؟؟
+
عقب ارجعي تبين تعيشين حياتش.. تشربين قهوتش.. تأكلين قطعة شكولاته…
+
(حاسة في طعمهم؟؟ حاسة بحلاوتهم؟؟ أو مرارتهم؟!!)
+
العبي على نفسش وقولي يمي لذيذ.. وإلا اندبي حظش وقولي الصدق
+
إنه كل شيء في الدنيا ماعاد له طعم.. وأنتي اللي جنيتي على نفسش عشان مصاصة..
+
*******************************
+
“ليش متوترة كذا؟!”
+
جوزاء بتوتر عميق: يعني ما تشوفين إن ذا السرعة تجيب التوتر..
+
ملكتي بكرة..
+
شعاع تبتسم: ماعقب الموافقة إلا الملكة..وبعدين جوزا حتى يوم ملكتش من عبدالله هذا اللي صار.. أول ماوصلتهم الموافقة تملكتوا على طول
+
وبعدين يا بنت الحلال استغلي موافقة أهل حسون.. لا ترجع لهم الذاكرة ويوقفون في الموضوع
+
جوزاء وقفت وهي تروح وتأتي.. ثم جلست بجوار ابنها النائم.. ومسحت على شعره بحنان مصفى: ظنش امهاب بيكون حنون مع حسن؟!
+
شعاع مالت لتقبل خد الملاك النائم وهمست بحنان: حسن ماشاء الله الكل يحبه.. ومن شافه انفتح قلبه له
+
وبعدين امهاب مجرب اليتم.. إن شاء الله إنه بيكون له خير أب..
+
جوزاء بضيق: بس تدرين شعاع.. تضايقت إن ابي ماجاء يكلمني في الموضوع.. ولا حتى قال خل امهاب يخطب مني أول
+
يعني عشان عبدالرحمن قال له.. أنا مالي وزن ولا اهتمام..
+
شعاع بضيق أعمق بكثير: يا بنت الحلال احمدي ربش إنه ماعقد السالفة… الله يخلي لنا عبدالرحمن بس
+
وإلا ابيش أصلا مادرى عنا إلا عشان يعصب علينا.. ويروح
+
*********************************
+
” يا حيا الله عمي!!! “
+
منصور بنفس نبرة كسّاب المرحبة: يا حيا الله ولد أخي… وش العلوم؟؟
+
كسّاب بهدوء واثق: العلوم تسرك إن شاء الله
+
منصور بهدوء: وأنا بعد عندي علوم تسرك
+
كسّاب بهدوء أقرب لعدم الاهتمام: بشر..
+
منصور بحزم: مزون بتخلي الطيران….. بس تبي رضاك..
+
حينها نظر كسّاب لعمه بنصف عين ولم يجبه..
+
منصور يعتدل بغضب صارم: إذا كلمتك ياولد.. تحط عينك في عيني وترد علي مثل الناس..قدام أسنعك سنع مهوب ذا
+
كسّاب هتف بنبرة احترامه الملغوم التي يستخدمها بمهارة حين يريد: محشوم يا عمي محشوم
+
ثم أردف بنبرة عدم اهتمام: وخير يا طير إن بنت أخيك تبي تخلي الطيران.. هذا شيء أنا متوقعه أصلا..
+
جربت وما عجبتها اللعبة.. وجايه الحين تبي رضاي
+
ثم أردف بنبرة غاضبة موجوعة غير مهتمة مليئة بالمتناقضات: رضاي يا عمي كان قبل أربع سنين..
5
الحين خلاص… قل لها اللي انكسر ماعاد يتصلح
+
منصور يعاود الاسترخاء في جلسته على (مركاه) ويهمس بثقة: مسيرك ترضى ياعمك.. وغصبا من ورا خشمك
+
متعنطز على خلق الله… يا ولدي الظفر عمره ما يطلع من اللحم.. فتلاحق روحك…
+
كسّاب يشعر بضيق أخفاه خلف حزم صوته: خلنا من ذا السالفة… قل لي وش علومك انت؟؟
+
منصور حينها عاود الاعتدال في جلسته وهو يهتف بنبرة مقصودة تماما: علومي إني أبي أزوجك..
+
كسّاب يبتسم: لا تكون تبي تخلي العسكرية وتشتغل خطّابة..
3
منصور ينظر لكسّاب من تحت أهدابه: الله لا يرفع قدر العدوين يا ولدي.. لو أني ضربتك على وجهك بفنجالي ذا.. كان ثمنت كلمتك
1
كسّاب يعتدل ليقبل رأس عمه: أفا أفا.. ابو زايد عصب… السموحة.. السموحة..
+
منصور يخفي ابتسامته: ما رضيت ولا هو بحولي..
+
كسّاب يبتسم: عمي اخلص علي… ها وش اللي يرضيك..
+
منصور بحزم مباشر: تريح بال أبيك وتعرس..
+
كسّاب بذات الإبتسامة: أنا أبي أدري وش اللي بيريح أبي في عرسي..
+
منصور بمنطقية: يا ولدي ماعادك بصغير.. داخل على الثلاثين.. أنا يوم إني في عمرك كنت قدني متزوج مرتين..
+
كسّاب تغادره الابتسامة ليهتف بجدية: ياعمي مالي خلق على مره.. ألتزم فيها.. وتنشب في حلقي..
+
ليش تأخرت؟؟ وليش ما سويت؟؟
+
أنا واحد دمي حار.. بقعد كل يوم متمشكل معها يعني..
+
منصور بجدية مشابهة: زين وعشانك واحد حار.. تحرم على نفسك العرس.. يا كثر الرياجيل الحارين.. ماحد منهم فكر مثلك..
+
كسّاب بمباشرة: والله ياعمي ما شفت العرس سرك
+
منصور بحزم: لا يأبيك.. لا تقارن نفسك فيني… وبعدين أنا جربت بدل المرة ثلاث..يحق لك أنت إنك تجرب وتشوف بنفسك
+
ومهوب لازم إن اللي ينطبق علي ينطبق عليك
+
وبعدين يا أبيك أنت عارف إن مرتي الثانية أنا كنت مستعد أكمل معها.. بس ما مشى حالنا.. وهذا نصيبي..
+
لكن أنت إن شاء الله بيكون نصيبك أحسن..
+
ريح بال أبيك وأنا عمك… فكر فيها زين كأجر وطاعة لأبيك.. ما يكفي إنك على طول منشف ريقه..
+
جرب يا ولدي نصيبك.. ما تدري.. يمكن تكون ذا المرة خيرة لك وعليك
+
حينها تنهد بعمق وهو يهتف: أنا داري إن ابي يدرج لوحدة في رأسه
+
الله أعلم ليش يبي يلزقها فيني.. خلني أعرف من هي أول
+
قل لي من هي اللي ابي يبيها لي؟!!
+
#أنفاس_قطر#
+

