مكتملة – رواية أمير الظلام – أفلام سكس مصري محارم جديد

الفصل الأول: الاكتشاف المقلق
الريح تهب عبر شوارع لوس أنجلوس المغبرة، تحمل معها رائحة الأسفلت الساخن الممزوجة بنكهة أوراق الأشجار الجافة التي تتكسر تحت أقدام المارة القليلين. المدينة، رغم صخبها المعتاد، تبدو هادئة بشكل غريب في هذا اليوم – كأن العالم نفسه يحبس أنفاسه. في زاوية مهجورة من حي قديم، تقف كنيسة صغيرة، مهملة منذ عقود، جدرانها الحجرية الرمادية متآكلة، مغطاة بخطوط من الطحالب الداكنة التي تشبه الأوردة النابضة. النوافذ الزجاجية الملونة مكسورة جزئيًا، وأشعة الشمس الذهبية التي تخترقها تلقي بقع ضوء مريضة على الأرضية المتسخة. الأب لووميس، كاهن عجوز ذو شعر أبيض رقيق وعينين غائرتين كأنهما لم تريا النوم منذ سنوات، يقف عند مدخل السرداب تحت الكنيسة. يده المرتجفة تمسك بمفتاح ذهبي قديم، سطحه محفور بنقوش غريبة تبدو وكأنها تتحرك عندما ينظر إليها لفترة طويلة.
السرداب مظلم، بارد بشكل غير طبيعي، رغم حرارة النهار الخانقة في الخارج. الظلال الطويلة للجدران الحجرية تمتد كأصابع مشوهة، تخفي أسرارًا لم تُمس منذ قرون. صوت قطرات الماء يتردد في الفراغ، كل قطرة تصدر صدى يشبه نبض قلب بعيد. لووميس ينزل السلالم الحجرية بحذر، مشعله الضعيف بالكاد يضيء الطريق. في وسط الغرفة، على منصة حجرية متصدعة، يقف صندوق خشبي قديم، مغطى بطبقة سميكة من الغبار، كأن يدًا بشرية لم تلمسه منذ أجيال. يفتح لووميس الصندوق ببطء، أصابعه ترتجف ليس فقط من البرد، بل من شعور غامض بالرهبة. داخله، تكمن أسطوانة زجاجية غامضة، طولها حوالي متر، تحتوي على سائل أخضر متوهج يتحرك ببطء، كأنه كائن حي يتنفس. النور الأخضر المنبعث منه يلقي ظلالًا متماوجة على الجدران، تشكل أنماطًا تبدو وكأنها وجوه مشوهة، أو ربما عيون تراقب في صمت.
لووميس يحدق في الأسطوانة، قلبه ينبض بقوة. هذا ليس مجرد اكتشاف – إنه تحذير. النصوص القديمة التي قرأها، المخفية في أرشيف سري للكنيسة، تتحدث عن هذا الوعاء. إنه ليس مجرد قطعة أثرية، بل سجن لشيء أقدم من البشرية نفسها – شيء يُسمى في السجلات “أمير الظلام”. وجهه المتغضن ينعكس على سطح الأسطوانة، لكنه يرى شيئًا آخر في انعكاسه – شكلًا غامضًا، غير محدد، يتحرك خلف عينيه. يتراجع خطوة، يده تمسك بالمفتاح بقوة، وهو يدرك أن هذا الشيء ليس مجرد أسطورة. إنه حقيقي، وهو يستيقظ.
في مكان آخر، في حرم جامعة كاليفورنيا، يجلس البروفيسور هوارد بيرنباوم في مكتبه المزدحم، محاطًا بأكوام من الكتب والأوراق العلمية. الغرفة فوضوية، لكنها تعكس عقلًا منظمًا – عقل رجل يؤمن بأن العلم يمكن أن يفسر كل شيء. شعره الأشيب يعكس سنوات من البحث في الفيزياء النظرية، وعيناه الحادتين تخفيان شغفًا بالكشف عن أسرار الكون. لكنه لا يؤمن بالخرافات، ويعتبر الدين بمثابة قصص لتهدئة العقول الخائفة. على مكتبه، وسط أوراق المعادلات الرياضية، توجد رسالة يدوية من الأب لووميس، كاهن لم يلتقِ به منذ سنوات. الرسالة مقتضبة، مكتوبة بخط مرتجف: “أحتاج إلى خبرتك العلمية. اكتشاف في كنيسة مهجورة. شيء لا يمكن تفسيره. تعال بسرعة.” النبرة الملحة في الرسالة تثير فضول بيرنباوم، لكنها تثير أيضًا سخريته. “اكتشاف غامض؟” يتمتم لنفسه، وهو يدير الرسالة بين يديه. “ربما مجرد قطعة أثرية دينية أخرى.”
رغم تشككه، يشعر بيرنباوم بدافع غريب للتحقيق. يتصل بطلابه – فريق من العلماء الشباب المتحمسين: براين، طالب الفيزياء الذي يحلم باكتشاف علمي يغير العالم؛ كاثرين، عالمة الأحياء الدقيقة ذات العقل التحليلي والحدس الحاد؛ والتر، المتشكك العملي الذي يرى العلم كأداة لتفكيك الخرافات؛ وليزا، خبيرة الفيزياء النظرية التي تؤمن بأن الرياضيات هي لغة الكون. يجمعهم في قاعة المحاضرات، ويشرح باختصار المهمة: “سنذهب إلى كنيسة قديمة لفحص اكتشاف غريب. قد يكون مجرد مضيعة للوقت، لكن قد يكون هناك شيء يستحق الدراسة.” الطلاب يتبادلون النظرات، بعضهم متحمس، والبعض الآخر متشكك، لكنهم جميعًا يوافقون. لا أحد منهم يدرك أن هذه الرحلة ستغير حياتهم – أو تنهيها.
في تلك الليلة، وهو يستعد للرحلة، يشعر بيرنباوم بقلق غامض. يقف أمام نافذة مكتبه، ينظر إلى السماء المظلمة فوق لوس أنجلوس. النجوم تبدو باهتة، كأن شيئًا ما يحجب نورها. يهز رأسه، يرفض هذه الأفكار كهراء. لكنه لا يستطيع التخلص من شعور بأن شيئًا ما ينتظره في تلك الكنيسة – شيء لا يمكن تفسيره بالمعادلات أو التجارب. في الكنيسة، يقف لووميس وحيدًا في السرداب، يحدق في الأسطوانة. السائل الأخضر يتحرك بشكل أسرع الآن، كأنه يستشعر اقتراب الزوار. همسة خافتة تملأ الهواء، ليست من الريح، بل من شيء آخر – شيء يعيش داخل الزجاج، ينتظر لحظته.
الفصل الثاني: الفريق العلمي
الكنيسة القديمة تقف كبقايا من زمن منسي، كأنها نُحتت من ذكريات عالم لم يعد موجودًا. جدرانها الحجرية الرمادية متآكلة، مغطاة بخطوط من الطحالب الداكنة التي تشبه شبكة من الأوردة المتجمدة، كأن الكنيسة نفسها كائن حي يحتضر ببطء. نوافذها الزجاجية الملونة، التي كانت يومًا تصور مشاهد من الكتاب المقدس، مغطاة الآن بطبقة سميكة من الغبار، تجعل أشعة الشمس المتسللة منها تلقي بقع ضوء مريضة على الأرضية المتشققة. الصور الملونة للقديسين والملائكة تبدو مشوهة تحت الغبار، كأن وجوههم تحمل تعبيرات خوف بدلاً من التقوى. الهواء داخل الكنيسة ثقيل، مشبع برائحة العفن الممزوجة بنكهة الشموع القديمة التي ذابت منذ عقود، وهناك صوت خافت – ربما قطرة ماء، أو ربما شيء آخر – يتردد من أعماق السرداب.
الفريق العلمي يصل إلى المكان في شاحنة صغيرة، محملة بأجهزة قياس الإشعاع، كاميرات حرارية، وحواسيب محمولة. البروفيسور هوارد بيرنباوم يتقدمهم، وجهه المتجهم يعكس مزيجًا من الفضول العلمي والتشكك. إنه رجل يثق بالمعادلات أكثر من الأساطير، لكن هناك شيء في رسالة الأب لووميس جعله يشعر بقلق غير مفسر. خلفه، طلابه – براين، كاثرين، والتر، ليزا، وعدد قليل من الآخرين – يتحركون بحماس الشباب، لكنهم غير مدركين للثقل الذي يحمله هذا المكان. براين، طالب الفيزياء ذو الشعر الأشعث والنظارات السميكة، يحمل جهاز قياس الإشعاع، عيناه تلمعان بالتوق للاكتشاف. كاثرين، عالمة الأحياء الدقيقة، تمشي بحذر، تحمل حقيبة مليئة بأدوات تحليل العينات، وهناك حدس داخلي يجعلها تشعر بأن هذا المكان ليس مجرد مبنى مهجور. والتر، المتشكك العملي ذو الابتسامة الساخرة، يحمل كاميرا فيديو، يسجل كل شيء بسخرية خفيفة. ليزا، خبيرة الفيزياء النظرية، تمشي في الخلف، عيناها مثبتتان على دفتر ملاحظاتها، حيث تسجل أفكارًا أولية عن المهمة.
عند دخولهم الكنيسة، يتوقف الجميع للحظة. الجو الداخلي بارد بشكل غير طبيعي، كأن الكنيسة نفسها ترفض حرارة النهار الخارجي. الأب لووميس يقف عند مدخل السرداب، وجهه الشاحب يعكس سنوات من القلق والإيمان المتزعزع. “مرحبًا، بروفيسور،” يقول، صوته هادئ لكنه مشحون بتوتر كامن. يشير إلى السلالم الحجرية التي تؤدي إلى السرداب. “ما تبحث عنه هناك.” بيرنباوم يومئ، لكنه يلاحظ نظرة لووميس – نظرة رجل رأى شيئًا لا يستطيع نسيانه. “دعنا نرى ما هذا اللغز الذي تتحدث عنه،” يقول بيرنباوم، محاولًا الحفاظ على نبرته الواثقة.
في السرداب، يقف مذبح مؤقت مصنوع من الحجر الخام، يبدو كأنه نُحت على عجل. عليه، توجد الأسطوانة الزجاجية، طولها حوالي متر، تحتوي على سائل أخضر متوهج يتحرك ببطء، كأنه يتنفس. النور الأخضر المنبعث منها يلقي ظلالًا متماوجة على الجدران الحجرية، تشكل أنماطًا تبدو وكأنها تتغير كلما نظر إليها أحدهم. براين يقترب بحذر، جهاز القياس في يده يصدر طنينًا خافتًا. “إنه ليس مادة عادية،” يقول، عيناه تلمعان بالفضول وهو يراقب السائل وهو يتماوج دون أي سبب واضح. “لا يوجد مصدر طاقة خارجي، لكنه يتحرك… كأنه يستجيب لنا.” صوته يحمل نبرة من الإثارة، لكن هناك شيء في حركة السائل يجعله يشعر بقشعريرة.
كاثرين، التي تقف بجانب الأسطوانة، تأخذ عينة صغيرة بحذر باستخدام أنبوب زجاجي. لكن عندما تلمس الأنبوب سطح الأسطوانة، تشعر ببرودة حادة تخترق يدها، كأنها لامست شيئًا حيًا. “هناك شيء غير صحيح هنا،” تهمس، وجهها شاحب، وهي تنظر إلى بيرنباوم. “هذا ليس مجرد سائل كيميائي. إنه… يشعر وكأنه يراقبنا.” والتر، الذي يقف بالقرب منها، يضحك بسخرية. “إنه مجرد تركيبة من العصور الوسطى، ربما نوع من الفوسفور. لا داعي لكل هذا الدراما.” لكنه، رغم سخريته، يبقى بعيدًا عن الأسطوانة، كأن غريزته تحذره من الاقتراب أكثر.
الأب لووميس، الذي يقف في ظلال السرداب، يهز رأسه ببطء. “هذا ليس كيمياء،” يقول، صوته هادئ لكنه مشحون بالخوف، كأنه يحاول كبح شيء بداخله. “هذا هو جوهر الشر نفسه.” كلماته تقطع الهواء مثل نصل، وتجعل الفريق يتوقف. بيرنباوم ينظر إليه، حاجباه مرتفعان في تشكك. “الشر؟” يقول بنبرة ساخرة. “أنا هنا لأدرس مادة، وليس لأستمع إلى أساطير دينية.” لكن لووميس لا يرد مباشرة. بدلاً من ذلك، يشير إلى صندوق صغير بجانب الأسطوانة، يحتوي على لفافة جلدية قديمة. “اقرأ هذا، بروفيسور،” يقول. “ثم أخبرني إذا كنت لا تزال تعتقد أن هذا مجرد مادة.”
براين يفتح اللفافة بحذر، ويكتشف صفحات هشة مكتوبة بلغة لاتينية قديمة، مع ملاحظات حديثة مكتوبة بخط يدوي مضطرب. النصوص تتحدث عن “أخوية الحارس”، جماعة سرية من الكهنة كرست نفسها لحماية الأسطوانة منذ قرون. ليزا، التي تقرأ بسرعة، تلاحظ شيئًا غريبًا: بين السطور اللاتينية، هناك معادلات رياضية تبدو حديثة بشكل غير متوقع. “هذه ليست مجرد نصوص دينية،” تقول، وهي ترفع عينيها بدهشة. “هناك شيء هنا عن أبعاد غير مستقرة… كأن شخصًا ما حاول تفسير هذا الشيء علميًا.” الفريق يتبادل النظرات، مزيج من الفضول والقلق يبدأ في التسلل إلى قلوبهم.
فجأة، يصدر صوت خافت من الأسطوانة – صوت خربشة، كأن شيئًا ما يتحرك داخل الزجاج. السائل الأخضر ينبض بنور أقوى، والظلال على الجدران تبدو وكأنها تشكل وجوهًا، أو ربما أعينًا. كاثرين تتراجع خطوة، يدها تمسك بالأنبوب بقوة. “هل سمعتم ذلك؟” تسأل، لكن والتر يهز كتفيه، محاولًا إخفاء توتره. براين يفحص جهاز القياس، الذي يبدأ في إصدار إشارات غريبة. “هناك نوع من الطاقة هنا… لكنها لا تتطابق مع أي شيء نعرفه.” بيرنباوم يقترب من الأسطوانة، عيناه تضيقان وهو يحاول فهم ما يراه. لكنه، رغم تشككه، يشعر بقشعريرة تسري في جسده. لووميس يراقب من بعيد، عيناه مثبتتان على الأسطوانة، كأنه يرى شيئًا لا يراه الآخرون. “لقد بدأتم رحلة لا يمكن الرجوع عنها،” يقول بهدوء. “الآن، هو يعرف أنكم هنا.”
الفصل الثالث: النصوص القديمة
الغرفة الصغيرة المتاخمة للسرداب تبدو كقبر منسي، جدرانها الحجرية الرطبة مغطاة بطبقة من العفن الأسود الذي يشبه خريطة لعالم آخر. الهواء هنا خانق، مشبع برائحة الجلود القديمة والحبر المتآكل، مع لمحة من شيء معدني – ربما رائحة الدم، أو ربما شيء أكثر غرابة. ضوء مصباح زيتي قديم، معلق على الحائط، يلقي وهجًا ضعيفًا على طاولة خشبية متصدعة في وسط الغرفة، حيث يكتشف الفريق كتابًا قديمًا، غلافه الجلدي متآكل، وصفحاته هشة كأجنحة الفراشات الميتة، تتفتت عند أدنى لمسة. النقوش على الغلاف غير واضحة، لكنها تبدو كرموز غريبة، مزيج من دوائر وخطوط متعرجة تشبه الكتابة الرونية أو شيئًا أقدم بكثير. الفريق العلمي – بيرنباوم، براين، كاثرين، والتر، وليزا، وعدد قليل من الآخرين – يتجمعون حول الطاولة، عيونهم تلتقط الوهج الخافت المنبعث من الأسطوانة الزجاجية في السرداب المجاور، كأنها تراقبهم من بعيد.
الأب لووميس يقف عند مدخل الغرفة، ظله الطويل يمتد عبر الأرضية كشبح من الماضي. وجهه شاحب، وعيناه الغائرتان تحملان تعبيرًا يمزج بين الخوف والتصميم. “هذا الكتاب،” يقول بصوت هادئ لكنه مشحون بالرهبة، “هو سجل سري لأخوية الحارس، جماعة كرست نفسها لحماية العالم منذ قرون.” يشير إلى الكتاب، ويده المرتجفة تكشف عن سنوات من القلق. “إنه يروي قصة أمير الظلام – كائن قديم، جزء من قوة شيطانية أقدم من البشرية نفسها. هذا الكائن محبوس في الأسطوانة بواسطة طقوس منسية، لكن النصوص تحذر: إذا أُطلق سراحه، سيكون هو الباب الذي من خلاله يعود القدماء.” كلماته تقطع الهواء الثقيل، وتترك صدى يتردد في الغرفة، كأن الجدران نفسها تستجيب.
بيرنباوم، بعقله العلمي الحاد، يرفض هذه القصة على الفور. “هراء من العصور الوسطى،” يقول بنبرة ساخرة، وهو يفتح الكتاب بحذر، محاولًا تجاهل الشعور الغريب الذي يتسلل إلى صدره. الصفحات مكتوبة بلغة لاتينية قديمة، خطوطها متعرجة وغير منتظمة، كأن الكاتب كتبها تحت ضغط أو خوف. بين السطور، هناك ترجمات حديثة مكتوبة بخط يدوي مضطرب، أضافها أعضاء سابقون في الأخوية. النصوص تتحدث عن “الأب الأكبر”، كائن كوني يقف وراء أمير الظلام، وعن “المرآة” التي تربط عالمنا بعالم آخر – عالم من الظلام الأبدي حيث تسكن كائنات لا يمكن للعقل البشري فهمها. كلمات مثل “البوابة” و”اليقظة” تتكرر، مصحوبة بتحذيرات مروعة: “عندما يضعف إيمان البشر، يقوى هو.”
بيرنباوم يهز رأسه، محاولًا إخفاء القلق الذي بدأ يتسرب إليه. “هذه مجرد أساطير دينية لتخويف العامة،” يقول، لكنه لا يستطيع تجاهل الإحساس بالثقل الذي يشعر به وهو يقلب الصفحات. الورق نفسه يبدو غريبًا – باردًا بشكل غير طبيعي، كأنه يحتفظ بذكرى شيء ما. كاثرين، التي تقف بجانبه، تميل برأسها لقراءة النصوص، وجهها شاحب. “هناك شيء في هذه الكلمات… إنها ليست مجرد قصص،” تهمس، لكن والتر، المتشكك كالعادة، يضحك بسخرية. “قصص مخيفة للأطفال، كاثرين. دعينا نركز على الأسطوانة بدلاً من هذا الهراء.”
لكن ليزا، طالبة الفيزياء النظرية ذات العقل التحليلي، تلاحظ شيئًا يجعل الجميع يتوقفون. بين السطور اللاتينية، هناك معادلات رياضية مخفية، مكتوبة بحبر باهت، كأن شخصًا ما حاول ترجمة الأسطورة إلى لغة العلم. تنحني ليزا فوق الكتاب، عيناها تضيقان وهي تفح”!هذه ليست فيزياء كما نعرفها،” تقول، وصوتها يرتجف. “إنها تصف أبعادًا خارج حدود الفهم البشري. إنها… مستحيلة.” المعادلات تبدو وكأنها تصف طاقة غير مستقرة، أبعادًا لا يمكن قياسها، وتفاعلات مادية تتحدى قوانين الفيزياء التقليدية. “من كتب هذا؟” تسأل، وهي تنظر إلى بيرنباوم. “هذا يبدو وكأنه محاولة لتفسير شيء خارق بالرياضيات.”
براين، الذي يقرأ فوق كتفها، يشير إلى جملة في النص: “المرآة هي البوابة، والأسطوانة هي المفتاح.” “ماذا يعني هذا؟” يسأل، لكن صوته يحمل نبرة من القلق بدلاً من الفضول المعتاد. لووميس يرد من زاوية الغرفة: “يعني أن الأسطوانة ليست مجرد وعاء. إنها بوابة إلى مكان آخر – مكان لا ينتمي إليه البشر.” نبرته هادئة، لكنها تحمل ثقل اليقين، كأنه رأى هذا المكان في أحلامه.
الفريق يبدأ في الشعور بثقل الغرفة. ضوء المصباح يومض بشكل متقطع، كأن شيئًا ما يتداخل معه. فجأة، يسمعون صوت خربشة خافتة من السرداب، حيث الأسطوانة الزجاجية. السائل الأخضر بداخلها يتحرك بشكل أسرع، ونوره يلقي ظلالاً على الجدران تبدو وكأنها تشكل أشكالاً غير بشرية – أذرع متلوية، عيون متعددة، أفواه تصرخ بصمت. كاثرين تتراجع، قلبها ينبض بقوة. “هل شعرتم بهذا؟” تسأل، وهي تشير إلى البرد المفاجئ في الغرفة. والتر يحاول الضحك، لكن ضحكته تبدو مجبرة. “إنه مجرد هواء قديم. الكنيسة لم تُنظف منذ قرون.”
بيرنباوم يغلق الكتاب بحركة حادة، محاولًا استعادة سيطرته. “كفى من هذه الخرافات،” يقول، لكن صوته يفتقر إلى الثقة المعتادة. “سنبدأ العمل على الأسطوانة غدًا. لنركز على العلم.” لكنه، وهو يغادر الغرفة، يلقي نظرة أخيرة على الكتاب، ويشعر بثقل نظرات لووميس عليه. الظلال على الجدران تتحرك مرة أخرى، كأنها تتبعهم إلى الخارج، والأسطوانة في السرداب تواصل نبضها، كأنها تستعد لشيء ما.
الفصل الرابع: الأحلام المزعجة
مع حلول الليل، تتحول الكنيسة القديمة إلى عالم من الظلال، حيث يصبح الواقع نفسه هشًا كالزجاج. الجدران الحجرية، التي كانت تبدو متآكلة في ضوء النهار، تبدو الآن وكأنها تنبض بحياة خفية، كأن شيئًا ما يتحرك داخل الحجارة. النوافذ الزجاجية الملونة، المغطاة بالغبار، تلقي ظلالًا مشوهة على الأرضية، تشكل أشكالًا تبدو وكأنها تتحرك عندما لا ينظر إليها أحد. الهواء أصبح أثقل، مشبعًا برائحة العفن والشموع القديمة، ممزوجة بلمحة من شيء كبريتي يصعب تحديده. الفريق العلمي – بيرنباوم، براين، كاثرين، والتر، ليزا، وآخرون – يقرر البقاء في الكنيسة لمواصلة البحث، مدفوعين بالفضول العلمي، لكنهم غير مدركين أن الليل سيحمل معه شيئًا أكثر من مجرد ظلام.
ينصب الفريق أجهزتهم في السرداب وفي الغرف المحيطة: أجهزة قياس الإشعاع، كاميرات حرارية، وحواسيب محمولة تومض بشاشاتها الزرقاء في الظلام. الأسطوانة الزجاجية، الموضوعة على المذبح الحجري في السرداب، تستمر في إصدار توهجها الأخضر المريض، ينبض بنمط غير منتظم يشبه دقات قلب كائن غامض. الظلام خارج الكنيسة يبدو وكأنه يضغط على النوافذ، كأنه كتلة مادية تحاول اختراق الجدران. أصوات خافتة – خربشة، همسات، أو ربما صوت السائل نفسه وهو يتماوج داخل الأسطوانة – تتسلل إلى أذهانهم، تجعل النوم صعبًا. الفريق يتوزع في أرجاء الكنيسة، بعضهم يراقب الأجهزة، والبعض الآخر يحاول الراحة على أسرّة مؤقتة أحضروها معهم. لكن النوم، عندما يأتي، ليس ملاذًا.
في منتصف الليل، يبدأ أعضاء الفريق في رؤية أحلام متشابهة بشكل مخيف. إنها ليست أحلام عادية، بل رؤى حية، كأنها بث مباشر من عالم آخر. في الحلم، يرون سماء حمراء كالدم، ممزقة بخطوط سوداء تشبه الشقوق في زجاج مكسور. تحت هذه السماء، تقف كنيسة سوداء، أكبر بكثير من الكنيسة التي يتواجدون فيها، جدرانها تبدو مصنوعة من مادة لزجة، كأنها جلد كائن حي. في وسط الكنيسة، هناك مرآة ضخمة، سطحها ليس زجاجًا بل سائلًا أسود يتحرك كالموجات. من خلال المرآة، يظهر شكل غامض – ظل ضخم، غير محدد، له أطراف متلوية وعيون تلمع بنور أخضر مريض. صوت ميكانيكي، كأنه بث من زمن آخر، يتحدث في الحلم: “هذا ليس حلمًا… هذا يحدث الآن… الأب الأكبر قادم.” الصوت يتردد في أذهانهم، يترك إحساسًا بالرعب يتجاوز الكلمات.
يستيقظ الجميع في نفس اللحظة، متعرقين، قلوبם تنبض بقوة. الكنيسة صامتة، باستثناء صوت الخربشة الخافتة الذي يتردد من السرداب. براين يجلس على سريره المؤقت، يده تمسح العرق عن جبهته، وهو يحاول إقناع نفسه بأن ما رآه كان مجرد كابوس. لكنه يلاحظ أن الآخرين ينظرون إلى بعضهم بعضًا بعيون مليئة بالرعب، كأنهم جميعًا رأوا الشيء نفسه. كاثرين، التي بدأت تشعر بتأثير الأسطوانة أكثر من غيرها، تجلس في زاوية، ركبتاها مشدودتان إلى صدرها. بشرتها تبدو شاحبة أكثر من المعتاد، كأن الدم قد سُحب من وجهها، وهناك خطوط خافتة، مثل الأوردة السوداء، تتحرك تحت جلدها، كأن شيئًا ما يزحف داخلها. “إنه يؤثر فينا،” تهمس لبراين، وصوتها مرتجف. “هذه الأحلام… إنها ليست مجرد أحلام. إنها رسالة.”
براين، الذي يحاول التمسك بالعلم كدرع ضد الخوف، يهز رأسه. “إنها مجرد هلوسة جماعية،” يقول، لكن صوته يفتقر إلى الثقة. “ربما التعب، أو شيء في الهواء هنا.” لكنه لا يستطيع تجاهل القلق الذي يتسلل إليه. يتحقق من جهاز قياس الإشعاع، الذي يسجل الآن إشارات غريبة – طاقة غير معروفة، تتقلب بشكل غير منتظم، كأنها تستجيب لوجودهم. ينظر إلى الأسطوانة في السرداب من بعيد، ويلاحظ أن السائل الأخضر يتحرك بشكل أسرع الآن، دواماته تشكل أنماطًا تبدو وكأنها عيون أو وجوه مشوهة. “هذا غير ممكن،” يتمتم، لكن قلبه يخبره أن العلم قد لا يكون كافيًا هنا.
والتر، الذي يحاول الحفاظ على سخريته المعتادة، يقف عند مدخل السرداب، يدخن سيجارة محاولًا تهدئة أعصابه. “أحلام؟” يقول بنبرة ساخرة. “كلنا متعبون، هذا كل شيء. هذا المكان يعبث بعقولنا.” لكنه يتجنب النظر إلى الأسطوانة، ويده ترتجف قليلاً وهو يمسك السيجارة. ليزا، التي تجلس أمام الحاسوب، تحاول تحليل البيانات من الأجهزة، لكن شاشة الحاسوب تبدأ في الوميض، تعرض أنماطًا غريبة تشبه النقوش التي رأوها في الكتاب القديم. “هناك شيء يتداخل مع الأجهزة،” تقول، وصوتها يحمل نبرة من الذعر المكبوت. “هذه ليست إشعاعات عادية.”
الأب لووميس، الذي ظل صامتًا معظم الوقت، يقترب من الفريق. عيناه مثبتتان على الأسطوانة، كأنه يرى شيئًا لا يراه الآخرون. “الأحلام ليست مجرد أحلام،” يقول بهدوء. “إنها تحذير. هو يعرف أنكم هنا، وهو يحاول الوصول إليكم.” بيرنباوم، الذي يستمع من بعيد، يهز رأسه بنفاد صبر. “تحذير؟ هذا هراء ديني،” يقول، لكنه لا يستطيع تجاهل الشعور بالبرد الذي يتسلل إلى عظامه. ينظر إلى الفريق، ويرى الخوف في عيونهم – حتى والتر، الذي يحاول إخفاءه، يبدو مضطربًا. الأسطوانة تواصل نبضها، والظلال على الجدران تبدو وكأنها تقترب، كأن الكنيسة نفسها تستيقظ.
الفصل الخامس: الرعب يبدأ
اليوم الثاني في الكنيسة القديمة يبدأ بصمت مخيف، كأن العالم نفسه يحبس أنفاسه. الضوء الخافت المتسلل من النوافذ الزجاجية الملونة يلقي ظلالًا مشوهة على الجدران الحجرية، التي بدأت تظهر عليها تشققات دقيقة، كأن شيئًا ما يضغط من الداخل للخروج. الهواء أصبح أثقل، مشبعًا برائحة كبريتية حادة تختلط بنكهة العفن والجلود القديمة. الأسطوانة الزجاجية، الموضوعة على المذبح الحجري في السرداب، تنبض الآن بنور أخضر أكثر سطوعًا، يتماوج بنمط يشبه دقات قلب كائن غامض. السائل بداخلها يتحرك بشكل أسرع، يشكل دوامات تبدو كأنها تحاول كسر الزجاج، كأنها تعي وجود الفريق العلمي. صوت زئير منخفض، عميق، يتردد من أعماق السرداب، ليس صوتًا بشريًا، بل شيئًا أقدم، أكثر بدائية، يجعل الأرض تحت أقدامهم ترتجف.
الفريق العلمي – بيرنباوم، براين، كاثرين، والتر، ليزا، وكيلي، وعدد قليل من الآخرين – يعملون في حالة من التوتر المتزايد. أجهزة القياس تسجل إشعاعات غير معروفة، والكاميرات الحرارية تلتقط بقعًا باردة تتحرك في أرجاء الكنيسة دون تفسير. براين، الذي لا يزال متمسكًا بالفضول العلمي، يحاول تحليل البيانات، لكن شاشة الحاسوب تومض بأنماط غريبة، كأن شيئًا ما يتداخل مع الإشارات. كاثرين، التي بدأت تشعر بتأثير الأسطوانة أكثر من غيرها، تجلس بعيدًا، عيناها مثبتتان على الأسطوانة، وهي تلاحظ خطوطًا سوداء خافتة تتحرك تحت بشرتها، كأن شيء ما يزحف داخل أوردتها. “إنه يتحدث إلينا،” تهمس لنفسها، لكن صوتها يتردد في الغرفة، مما يجعل والتر ينظر إليها بنظرة قلقة.
فجأة، تتحول الأمور إلى الفوضى. كيلي، طالب هادئ كان يعمل على فحص الأسطوانة، يبدأ في التصرف بشكل غريب. عيناه، التي كانت يومًا تعكس الفضول، أصبحتا زجاجيتين، كأنهما مرآتان فارغتان تعكسان شيئًا غير بشري. حركاته بطيئة، متشنجة، كأنه دمية تتحرك بخيطان غير مرئية. يقف في وسط السرداب، يحدق في الأسطوانة، ويتمتم بكلمات غير مفهومة: “المرآة… الأب… هو قادم…” صوته ليس صوته – إنه مزيج من أصوات متعددة، كأن شيئًا آخر يتحدث من خلاله. الفريق يتجمد، عيونهم مثبتة عليه. فجأة، وبدون سابق إنذار، يسحب كيلي سكينًا من حقيبته ويهاجم زميلًا قريبًا، لوماس، محاولًا طعنه في صدره. “المرآة يجب أن تُفتح!” يصرخ، وصوته يتردد كزئير غير بشري.
براين وليزا يتدخلان بسرعة، يسحبان كيلي بعيدًا ويقيدان يديه بحبل. لكنه يواصل التمتمة، عيناه مثبتتان على الأسطوانة، كأنها تناديه. الخوف يسيطر على الفريق. كاثرين، التي ترتجف الآن بشكل واضح، تتراجع إلى زاوية، وهي تهمس: “إنه يسيطر عليه… إنه يسيطر علينا جميعًا.” والتر، الذي فقد سخريته المعتادة، يحاول تهدئة الموقف. “إنه مجرد انهيار عصبي. ربما استنشق شيئًا في هذا المكان.” لكن كلماته تبدو فارغة، وهو ينظر إلى التشققات الجديدة في جدران السرداب، التي بدأت تتسع، كأن شيئًا ما يدفع من الداخل.
بيرنباوم، الذي بدأ يفقد ثقته بالعلم، يعود إلى الكتاب القديم، يقلب صفحاته الهشة بأصابع مرتجفة. النصوص تتحدث عن الأسطوانة بمزيد من التفصيل: إنها ليست مجرد سجن، بل مرآة، بوابة إلى بُعد آخر حيث يسكن أمير الظلام. النصوص تحذر من أن الإيمان البشري – أو عدمه – هو ما يبقي هذا الكائن محبوسًا. في العصور القديمة، كان الإيمان ب**** وطقوس الأخوية كافية لإبقاء البوابة مغلقة. لكن في عصر العلم الحديث، حيث الإيمان بالدين يتلاشى، قوة الأسطوانة تزداد. “نحن نوقظه،” يقول بيرنباوم، صوته يرتجف لأول مرة، وهو ينظر إلى الفريق. “كلما حاولنا فهمه، كلما اقتربنا، يصبح أقوى.”
الأسطوانة تنبض بنور أقوى الآن، والسائل بداخلها يتحرك بعنف، يضرب جدران الزجاج كأنه يحاول الخروج. صوت الزئير المنخفض يصبح أعلى، يتردد في أرجاء الكنيسة، كأن الأرض نفسها تصرخ. ليزا، التي تحاول تحليل البيانات على الحاسوب، تلاحظ أن الشاشة تعرض الآن نصوصًا غريبة – كلمات لاتينية ممزوجة بمعادلات رياضية، كأن الأسطوانة نفسها تحاول التواصل. “إنه يعرف أننا هنا،” تقول، وصوتها بالكاد يُسمع فوق الزئير. كاثرين تنظر إلى يدها، حيث الخطوط السوداء أصبحت أكثر وضوحًا، وتشعر ببرودة حادة تملأ جسدها. “إنه ليس مجرد شيء مادي،” تهمس. “إنه داخلنا.”
الأب لووميس، الذي ظل صامتًا أثناء الفوضى، يتقدم إلى وسط السرداب. يده تمسك بصليب فضي صغير، لكنه يبدو عاجزًا أمام قوة الأسطوانة. “لقد حذرتكم،” يقول، ونبرته تحمل مزيجًا من اليأس والتحدي. “هذا ليس شيئًا يمكن قياسه أو تحليله. إنه الشر نفسه، وهو يستيقظ بسببكم.” بيرنباوم ينظر إليه، عيناه مليئتان بالصراع الداخلي. عقله العلمي يرفض تصديق كلمات لووميس، لكنه لا يستطيع تجاهل ما يراه: التشققات في الجدران، تحول كيلي، والنور الأخضر الذي يملأ السرداب كأنه قلب ينبض. الرعب بدأ، ولا أحد مستعد لما هو قادم.
الفصل السادس: المرآة
الليلة الثانية في الكنيسة القديمة تحمل معها ظلامًا أثقل من الليلة الأولى، كأن السماء نفسها قد تخلت عن الضوء. الجدران الحجرية، المتشققة الآن بفعل قوة غير مرئية، تبدو وكأنها تنزف مادة لزجة سوداء، تشبه الحبر الذي كتب به الكتاب القديم. الهواء مشبع برائحة الكبريت، ممزوجة بنكهة معدنية حادة تجعل التنفس مؤلمًا. الأسطوانة الزجاجية في السرداب، التي كانت تنبض بنور أخضر مريض، أصبحت الآن مركزًا لنشاط غامض – السائل بداخلها يتحرك بعنف، يضرب جدران الزجاج بقوة، كأنه كائن محبوس يصرخ للتحرر. صوت زئير منخفض يتردد في أرجاء الكنيسة، ليس من الأرض، بل من مكان أعمق، أقدم، يجعل الأجهزة العلمية تصدر أصواتًا مضطربة وشاشاتها تومض بأنماط عشوائية.
الفريق العلمي، الذي أصبح الآن ظلًا لنفسه بعد تحول كيلي المرعب، يتجمع في غرفة خلف المذبح الحجري، حيث يكتشفون بابًا مخفيًا، مغطى بطبقة من الغبار والأوساخ. بيرنباوم، الذي بدأ يفقد ثقته بالعلم، يفتح الباب بحذر، يكشف عن غرفة صغيرة، مظلمة، تبدو كأنها لم تُمس منذ قرون. في وسط الغرفة، معلقة على جدار متصدع، توجد مرآة كبيرة، قديمة، إطارها الحديدي محفور بنقوش غريبة تشبه تلك الموجودة على غلاف الكتاب القديم. لكن سطح المرآة ليس زجاجًا عاديًا – إنه سائل أسود، يتحرك كالموجات في بحر هادئ، يعكس الغرفة بطريقة مشوهة، كأنها تنظر إلى عالم آخر. النور الأخضر المنبعث من الأسطوانة في السرداب يتسلل إلى الغرفة، يمتزج مع السائل الأسود في المرآة، مكونًا دوامات تبدو كعيون تراقب الفريق.
كاثرين، التي أصبحت الأكثر تأثرًا بالأسطوانة، تقترب من المرآة ببطء، كأن قوة غير مرئية تسحبها. عيناها، التي كانت يومًا تعكس الفضول العلمي، تلمعان الآن بنور غريب، أخضر باهت، يشبه نور الأسطوانة. بشرتها شاحبة بشكل مرضي، والخطوط السوداء تحت جلدها أصبحت أكثر وضوحًا، تتحرك كأفاعٍ صغيرة. “إنه يناديني،” تهمس، صوتها ليس صوتها بالكامل – هناك نبرة أخرى، أعمق، تتردد داخل كلماتها. تمد يدها نحو سطح المرآة، أصابعها ترتجف، كأنها مفتونة أو مضطرة. الفريق يتجمد، عيونهم مثبتة عليها. فجأة، تنبض المرآة، وسطحها السائل يتماوج بعنف، كأن شيئًا ما يتحرك في الجانب الآخر. يد سوداء مشوهة، ذات أصابع طويلة كالمخالب، تخرج من السائل، تحاول الإمساك بكاثرين. اليد ليست بشرية – بشرتها قشرية، مغطاة بحراشف لامعة، وأظافرها حادة كشفرات.
“كاثرين، لا!” يصرخ براين، وهو يندفع نحوها، يسحبها بعيدًا في اللحظة الأخيرة. اليد تتراجع إلى المرآة، لكن سطحها يستمر في النبض، كأن شيئًا ما يضغط من الجانب الآخر، يحاول العبور. الجميع يرون الآن: المرآة ليست مجرد مرآة – إنها البوابة التي تحدثت عنها النصوص القديمة، الباب إلى عالم أمير الظلام. الأب لووميس، الذي ظل صامتًا في ظلال الغرفة، يتقدم خطوة، يده تمسك بصليب فضي. “لقد حذرتكم،” يقول، صوته مرتجف لكنه حازم. “هذه ليست أداة علمية. إنها بوابة إلى الجحيم نفسه.”
بيرنباوم، الذي أصبح عقله العقلاني مشوشًا، يدرك أن الوقت ينفد. “يجب أن ندمر الأسطوانة!” يصرخ، وهو يندفع إلى السرداب، متبوعًا بالفريق. لكن الأسطوانة تقاوم. والتر، في محاولة يائسة، يمسك بمطرقة من حقيبة الأدوات ويضرب الزجاج بقوة. للحظة، يبدو أن الزجاج سيتحطم، لكن السائل بداخله يتحول فجأة إلى رذاذ أخضر، ينفجر في الهواء كسحابة سامة. الرذاذ يصيب الجميع – براين، ليزا، كيلي المقيد، وآخرين. صرخات تملأ السرداب، والأسطوانة تنبض بنور أقوى، كأنها تحتفل.
أولئك الذين لامسوا الرذاذ يبدأون في التحول. بشرة كيلي، التي كانت شاحبة بالفعل، تصبح قشرية، كأنها مغطاة بحراشف سمكة ميتة. عيناه تتحولان إلى تجويفين سوداوين، وصوته يصبح مزيجًا من أصوات متعددة، يتمتم: “الأب… ينتظر…” ليزا، التي حاولت مسح الرذاذ عن وجهها، تسقط على ركبتيها، وهي تصرخ بصوت ليس صوتها: “المرآة… افتحوها!” بشرتها تبدأ في التشقق، ودم أسود يتسرب من الجروح. براين يتراجع، قلبه ينبض بقوة، وهو ينظر إلى كاثرين، التي تقف ساكنة، عيناها مثبتتان على المرآة في الغرفة الأخرى. “إنه يسيطر عليهم،” تهمس، لكن صوتها يحمل نبرة استسلام، كأنها تعلم أنها التالية.
بيرنباوم يقف في وسط السرداب، يحدق في الأسطوانة، عقله العلمي ينهار تحت وطأة ما يراه. “إذا عبر، سينتهي العالم،” يقول، صوته بالكاد يُسمع فوق الزئير الذي يملأ الكنيسة. لكنه لا يملك حلًا – المعادلات التي اعتمد عليها طوال حياته تبدو الآن عديمة الفائدة. النصوص القديمة كانت محقة: الأسطوانة ليست مجرد سجن، بل مفتاح لبوابة لا يمكن للبشر فهم ما وراءها. الجدران تستمر في التشقق، والنور الأخضر يملأ السرداب، كأنه يبتلع الضوء نفسه. لووميس يرفع صليبه، يبدأ في تلاوة صلاة باللاتينية، لكن صوته يتردد كأنه مجرد همسة أمام قوة الأسطوانة. الرعب يسيطر على الجميع، والمرآة في الغرفة المجاورة تواصل نبضها، كأنها تنتظر لحظة العبور.
الفصل السابع: التضحية
الكنيسة القديمة، التي كانت يومًا ملاذًا للإيمان، أصبحت الآن ساحة معركة بين الواقع والكابوس. الجدران الحجرية تنزف مادة سوداء لزجة، كأنها دموع كائن حي يحتضر، والتشققات فيها تتسع، مكشفة عن ظلام لا نهائي يبدو أنه ينبض وراء الحجارة. الهواء مشبع برائحة الكبريت والدم، ممزوجة بنكهة معدنية حادة تجعل التنفس شبه مستحيل. الأسطوانة الزجاجية في السرداب، التي كانت تنبض بنور أخضر مريض، أصبحت الآن قلبًا نابضًا للرعب، السائل بداخلها يتحرك بعنف، يضرب الزجاج كأنه يصرخ للتحرر. صوت زئير عميق، أقرب إلى هدير كوني منه إلى صوت أرضي، يملأ الكنيسة، يجعل الأرض ترتجف وأجهزة الفريق العلمي تصدر أصواتًا مضطربة قبل أن تتوقف تمامًا.
في الغرفة المخفية خلف المذبح، تقف المرآة – بوابة الجحيم نفسها. إطارها الحديدي المنقوش بنقوش غريبة يبدو كأنه ينبض، وسطحها السائل الأسود يتحرك كبحر مضطرب، يعكس الغرفة بطريقة مشوهة، كأنها تنظر إلى عالم آخر. النور الأخضر من الأسطوانة يمتزج مع السائل الأسود، مكونًا دوامات تشبه عيونًا أو أفواهًا صامتة. الفريق العلمي – أو ما تبقى منه بعد تحول كيلي وليزا – يقف في حالة من الذعر المطلق. كيلي، المقيد بحبال، يتمتم بكلمات غير مفهومة، بشرته القشرية تنزف سائلًا أسود، وعيناه فارغتان كتجويفين لا نهائيين. ليزا، التي سقطت على الأرض، تصرخ بصوت متعدد، كأن جوقة من الأرواح تحاول التحدث من خلالها: “الأب… ينتظر…”
كاثرين، التي أصبحت مركز تأثير الأسطوانة، تقف أمام المرآة، جسدها يرتجف كأن قوة غير مرئية تملكه. بشرتها شاحبة كالجثة، والخطوط السوداء تحت جلدها أصبحت شبكة معقدة، تتحرك كأفاعٍ حية. عيناها تلمعان بنور أخضر مريض، يعكس نور الأسطوانة، وصوتها، عندما تتحدث، ليس صوتها بالكامل: “الأب الأكبر قادم.” الكلمات تخرج كزئير منخفض، متعدد الأصوات، كأن شيئًا آخر يتحدث من خلالها. براين، الذي طور ارتباطًا عاطفيًا مع كاثرين خلال اليومين الماضيين، يتقدم نحوها، عيناه مليئتان باليأس. “كاثرين، قاومي!” يصرخ، وهو يحاول الإمساك بذراعها. لكنها تدفعه بعيدًا بقوة خارقة، ترميه إلى الحائط كأنه دمية. “لا يمكنك إيقافه،” تقول، وصوتها يحمل نبرة غريبة، كأنها تتحدث من داخل حلم.
المرآة تنبض بعنف الآن، وسطحها السائل يتماوج كأنه يستعد لشيء ما. ظل ضخم، غير محدد، يظهر في أعماق السائل – شكل مشوه بأطراف متلوية وعيون تلمع بنور أخضر. الأب لووميس، الذي يقف في زاوية الغرفة، يرفع صليبه الفضي، يتلو صلاة باللاتينية بصوت مرتجف، لكن الكلمات تبدو ضعيفة أمام قوة المرآة. بيرنباوم، الذي تخلى الآن عن كل أمل في تفسير علمي، يقف بجانب الأسطوانة، يحدق فيها كأنها تحدق به بدورها. “نحن فتحنا الباب،” يتمتم، صوته مكسور، عيناه مليئتان بالرعب والذنب. والتر، الذي فقد سخريته تمامًا، يتراجع إلى الخلف، يده تمسك بمطرقة كما لو كانت سلاحًا، لكنه يعلم أنها عديمة الفائدة.
في لحظة الذروة، تدرك كاثرين، أو ما تبقى منها، أنها أصبحت مفتاح البوابة. الأسطوانة اختارتها كوعاء لأمير الظلام، وجسدها أصبح جسرًا بين العالمين. لكن في عمق عقلها، حيث لا تزال شرارة من إنسانيتها، تتذكر براين، تتذكر اللحظات القصيرة التي تبادلا فيها النظرات، الضحكات الهادئة، والأمل في اكتشاف علمي. تنظر إليه بعيون مليئة بالحزن، دمعة واحدة تتساقط من عينيها، ليست دمعة بشرية، بل سائلًا أسود لامعًا. “آسفة،” تهمس، وصوتها، للحظة، هو صوتها الحقيقي. ثم، في حركة مفاجئة، ترمي نفسها عبر المرآة.
سطح المرآة ينفجر في موجة من السائل الأسود، كأنه بحر يبتلعها. صرخة كونية تملأ الغرفة، مزيج من الزئير والألم، ويد سوداء مشوهة تظهر للحظة، تحاول الإمساك بها، لكن كاثرين تختفي في أعماق السائل. المرآة تتحطم في وميض من الضوء الأسود، شظاياها تنتشر في الهواء كرذاذ من الحبر. في نفس اللحظة، تنفجر الأسطوانة في السرداب في وميض من النور الأخضر، يعمي الجميع. الزئير يتوقف فجأة، تاركًا صمتًا ثقيلًا يملأ الكنيسة. الجدران تتوقف عن النزيف، والتشققات تتجمد، لكن الجو لا يزال مشحونًا بالرعب.
براين يسقط على ركبتيه أمام بقايا المرآة، يصرخ باسم كاثرين، لكن لا يوجد رد. الأب لووميس يقترب، يضع يدًا مرتجفة على كتفه. “لقد أنقذتنا،” يقول، لكن صوته يحمل نبرة الحزن بدلاً من النصر. بيرنباوم يقف في السرداب، يحدق في بقايا الأسطوانة – شظايا زجاجية مبعثرة، لا يزال بعضها ينبض بنور أخضر خافت. “لكن بأي ثمن؟” يتمتم، وهو يدرك أن العلم الذي آمن به طوال حياته لم يكن كافيًا لفهم هذا الرعب، ولا لإنقاذ كاثرين. الفريق الناجي يقف في صمت، عيونهم مليئة بالخوف والحزن، وهم يتساءلون عما إذا كانوا أوقفوا أمير الظلام حقًا، أم أنهم فقط أخّروا المحتوم.
الفصل الثامن: النهاية المفتوحة
الكنيسة القديمة، التي كانت يومًا رمزًا للإيمان، تنهار في لحظة مروعة، كأن الأرض نفسها ترفض وجودها. الجدران الحجرية، المشبعة بالمادة السوداء اللزجة، تنهار في سحابة من الغبار والحطام، وصوت الزئير الكوني الذي ملأ السرداب يتلاشى تدريجيًا، تاركًا صمتًا ثقيلًا يضغط على القلوب. النور الأخضر المريض، الذي كان ينبعث من الأسطوانة الزجاجية، يتلاشى في وميض أخير، لكن شظايا الزجاج المتناثرة لا تزال تلمع بنور خافت، كأنها تحمل ذكرى الرعب الذي شهدته. الفريق الناجي – بيرنباوم، براين، والتر، وقلة قليلة من الآخرين – يهربون إلى الشوارع، أجسادهم ترتجف من البرد والصدمة، عيونهم مليئة بالرعب والحزن. لكنهم، رغم خروجهم من الكنيسة، لا يشعرون بالحرية. شيء ما لا يزال يتشبث بهم، كظل غير مرئي يتبعهم في كل خطوة.
الشوارع المغبرة في لوس أنجلوس تبدو هادئة بشكل غريب، كأن المدينة نفسها تحبس أنفاسها. السماء فوق الرؤوس مظلمة، النجوم مخفية وراء سحب كثيفة، والريح تحمل رائحة الكبريت الخافتة، ممزوجة بنكهة الأسفلت الساخن وأوراق الأشجار الجافة. لكن هناك شيء آخر في الهواء – همسة خافتة، بالكاد مسموعة، كأن أصواتًا من عالم آخر تتردد في الظلام. الفريق الناجي يقف في وسط الشارع، ينظرون إلى الكنيسة المنهارة خلفهم، حطامها يشبه جثة مبعثرة. لكن عيونهم تنجذب فجأة إلى مجموعة من الناس الغرباء الذين يقفون على بعد، عند زاوية الشارع، تحت ضوء مصباح شارع يومض بشكل متقطع. هؤلاء الغرباء – رجال ونساء بوجوه شاحبة، عيونهم فارغة كأنها مرايا – لا يتحركون، لا يتحدثون، فقط يراقبون. ملابسهم تبدو عادية، لكن هناك شيء غير صحيح في وقفتهم، كأنهم ليسوا بشرًا بالكامل، بل ظلال تنتظر شيئًا ما. براين يشعر بقشعريرة تسري في جسده، وهو يهمس: “من هم هؤلاء؟” لكن لا أحد يجيب. الغرباء يتلاشون في الظلام عندما يومض المصباح مرة أخرى، كأنهم لم يكونوا موجودين أبدًا.
الأحلام التي طاردت الفريق في الليلة الأولى تعود الآن، أقوى وأكثر وضوحًا، كأن تضحية كاثرين لم توقف الشر، بل غيرت قناته. براين، الذي يحمل وطأة فقدان كاثرين، يجد نفسه غير قادر على النوم. في كل مرة يغمض عينيه، يرى السماء الحمراء، الكنيسة السوداء، والمرآة. لكن هذه المرة، كاثرين موجودة في الحلم. إنها تقف على الجانب الآخر من المرآة، بشرتها شاحبة كالجثة، عيناها تلمعان بنور أخضر مريض. تمد يدها نحو السطح السائل، كأنها تحاول الوصول إليه – أو ربما تحذره. “براين…” تهمس، لكن صوتها ليس بشريًا، بل مزيج من أصوات متعددة، كأن شيئًا آخر يتحدث من خلالها. يستيقظ براين متعرقًا، قلبه ينبض بقوة، وهو ينظر إلى مرآة صغيرة في حقيبته، خائفًا من أن يرى انعكاسها. لكنه لا يرى سوى وجهه الشاحب، وعينيه المليئتين بالحزن والخوف.
بيرنباوم، الذي كان يومًا رمزًا للعقلانية العلمية، يقف بعيدًا عن الفريق، يحدق في السماء المظلمة. عقله، الذي اعتمد طوال حياته على المعادلات والتجارب، أصبح الآن ساحة معركة للشك والرعب. النصوص القديمة كانت محقة: الأسطوانة لم تكن مجرد مادة، بل بوابة إلى شيء أكبر، أقدم، لا يمكن للعلم تفسيره. “هل أوقفناها؟” يتساءل بصوت منخفض، موجهًا كلامه إلى نفسه أكثر من الآخرين. “أم أننا فقط أطَلنا المحتوم؟” والتر، الذي فقد سخريته المعتادة، يقترب منه، يده تمسك بسيجارة مطفأة. “إذا كان هذا الشيء لا يزال موجودًا،” يقول، صوته مرتجف، “فنحن لسنا أحرارًا. لن نكون أبدًا.” لكنه يتجنب النظر إلى الحطام، كأنه يخشى أن يرى شيئًا يتحرك بين الأنقاض.
العالم خارج الكنيسة يبدو طبيعيًا – سيارات تمر في الشوارع البعيدة، أضواء المدينة تومض في الأفق، وصوت الريح يحمل أصوات الحياة اليومية. لكن هناك شيء في الهواء يجعل الفريق يشعر بالاختناق – رائحة الكبريت الخافتة لا تتلاشى، والهمسة الخافتة تتردد في أذهانهم، كأن شيئًا ما لا يزال يراقب. براين ينظر إلى يديه، متوقعًا رؤية الخطوط السوداء التي رآها على بشرة كاثرين، لكنه لا يرى شيئًا – بعد. لكنه يشعر به، شعور عميق في أحشائه بأن الرعب لم ينته. الأب لووميس، الذي نجا معهم، يقف بعيدًا، يده تمسك بصليبه الفضي، عيناه مثبتتان على الحطام. “الإيمان وحده لم يكن كافيًا،” يقول، صوته بالكاد مسموع. “ولكن ربما تضحيتها كانت كافية… للآن.”
فجأة، يظهر أحد الغرباء مرة أخرى، على بعد أمتار قليلة، يقف تحت مصباح شارع آخر. وجهه شاحب، عيناه فارغتان، وهو يحدق في الفريق دون أن يرمش. يرفع يده ببطء، كأنه يشير إلى شيء في الظلام، ثم يختفي عندما يومض المصباح. الفريق يتبادل النظرات، قلوبם تنبض بقوة. “هل رأيتم ذلك؟” يسأل والتر، صوته مرتجف. لكن لا أحد يجيب. الشعور بالمراقبة يصبح أقوى، كأن عيونًا غير مرئية تتربص بهم من كل زاوية. براين ينظر إلى الحطام مرة أخيرة، ويتساءل عما إذا كانت كاثرين لا تزال هناك، محبوسة في عالم المرآة، أم أنها أصبحت جزءًا من شيء أكبر. العالم يبدو طبيعيًا، لكن الهمسة الخافتة في الهواء تخبرهم أن أمير الظلام لم يُهزم – ربما فقط توقف للحظة، ينتظر فرصته القادمة.



