Uncategorized

رواية ما وراء الصمت الفصل العاشر 10 بقلم الاء محمد حجازي – تحميل الرواية pdf


فرح وقفت مكانها، مبهوتة من المشهد اللي قدامها،

ياسين قاعد في الصالون، وأمه جنبه، والضحك مالي المكان.

قالت وهي بتحاول تدارى ارتباكها:

– هو إيه المفاجأة دي؟

رد ياسين بنبرة هادية فيها لمعة خبيثة:

– مفاجأة لطيفة، ولا شكلها أزعجك؟

– على حسب بقى، الواحد يخاف من المفاجآت اللي فيها حضرتك.

– لا لا، المرة دي أنا جاى بأدب ونيّة كويسة.

قعدت على طرف الكرسي، تحاول تبان عادية، بس عينيها رايحة جاية عليه.

الحاجة منيرة قالت وهي مبسوطة:

– شوفي يا بنتي مين اللي منورنا، قولت له يدخل يشرب شاي معانا.

ردت فرح وهي بتحاول تضحك:

– منوّر دايمًا يا حاجة.

– طبعًا، بس باين إن النور ده مضايقك شوية، صح؟

قالها ياسين وهو بيبص لها بابتسامة جانبية.

– لأ خالص، أنا بس مش متعودة ألاقيك في كل حتة بروحها.

– يمكن ربنا بيبعتني لك كل مرة عشان تفهمي الرسالة.

– رسالة إيه دي؟

– إنك مش هتعرفي تهربي مني كده بالساهل.

– أنا ما بهربش يا أستاذ، أنا بس بعدت عشان كل واحد ياخد راحته.

– وأنا قررت آخد راحتي وأنا جنبك.

بصت له بحدة:

– ياسين، مش ناقصة هزار لو سمحت.

سكت لحظة، وبعدين قال بهدوء:

– ما بهزرش.

الكلمة وقعت تقيلة في الجو.

أم ياسين بصت له باستغراب، والحاجة منيرة اتسعت عينيها شوية.

أما فرح، فوشها اتغير،

قالت بصوت متوتر:

– تقصد إيه بالظبط؟

– أقصد اللي سمعتيه.

أنا جاي أطلبك رسمي من الحاجة منيرة، قدام أمي.

سكت ثواني، وبعدها كمل:

– زهقت من اللف والدوران، ومن المسافات اللي بينا.

أنا شوفتك في كل حالاتك، وعمري ما كنت مرتاح زي ما بكون وإنتي موجودة.

يمكن اتخانقنا كتير، ويمكن كنت غبي أوقات،

بس في الآخر، ما لقيتش نفسي غير معاكي.

الكلام وقع عليها زي الصاعقة،

ولا عارفة ترد، ولا تبص له.

كل اللي قدرِت تعمله إنها تشد نفس وتقول:

– الموضوع كبير يا ياسين، مش كده بيتقال.

ابتسم وقال بهدوء:

– عشان كده بعد إذنكم… ممكن أقعد معاها دقيقة لوحدنا؟

بصت له الحاجة منيرة وقالت بخفّة دمها المعهودة:

– يعني جايب العِدّة كاملة النهارده، ماشي يا بني، تفضلوا.

وقامت هي وأم ياسين، سابوهم سوا في الصالة.

هو لف وشه ناحيتها وقال بابتسامة صغيرة:

– أهو كده نقدر نتكلم براحه.

فضل الصمت ثواني،

وياسين بصّ لها بهدوء وقال:

– كنت مستني اللحظة دي بقالها كتير…

مش عشان أقول كلام كبير ولا أبرر حاجة،

بس عشان أتكلم بصدق، بعيد عن الهزار اللي دايمًا كان بينا.

فرح كانت واقفة، ملامحها هادية بس جواها قلق واضح،

قالت وهي بتحاول تلهي نفسها بنظرتها ناحية الأرض:

– طب اتكلم يا ياسين، أنا سامعة.

تنهد وقال بصوت هادي وثابت:

– أنا يمكن أول مرة أتكلم معاكي من غير هزار…

ومن غير قناع.

أنا… معجب بيكي.

بس مش الإعجاب اللي بيخلص لما الجمال يروح،

أنا معجب بفرح اللي وقفت قدام الدنيا كلها وما انهزّتش،

البنت اللي رفضت تتجوز ابن عمها قدام الناس كلها عشان ما ترضاش بالظلم،

اللي اتظلمت وسكتت بس عمرها ما قلّت أدبها،

اللي وقعت واتكسرت، بس وقفت تاني، أقوى من الأول.

سكت شوية، وبعدين قال بصوت أخف:

– يمكن الناس تشوفك عادية،

بس أنا شايف فيكي حاجة مش عند حد…

شايف إنك الشجاعة اللي كنت نفسي أكونها يوم.

اللي واجهتِ خوفها من غير ما تستخبي ورا حد.

وانا… عايز أبقى الشخص اللي يكون معاها في كل مراحلها.

مش علشان أكملها…

علشان أشاركها.

تنهد وقال:

– انتي علّمتيني يعني إيه الصبر،

علّمتيني يعني إيه الإيمان،

علّمتيني إن الكلمة الطيبة ممكن تغيّر حياة بني آدم.

أنا شوفت فيكي كل حاجة كنت مفتقدها…

مش علشان كنتي صلبة،

بس علشان كنتي بتتهزّي وبتقومي،

بتتكسري وبتقفّي تاني من غير ما تشتكي.

أنا شُفتك بتتحمّلي كلام الناس،

وشُفتك بتختاري الكرامة رغم الوجع،

وشُفتك بتدّعيلي وأنا آخر حد يستاهل دعوة منك.

سكت لحظة، وبصّ لها بعينين فيها صدق موجع:

– أنا مش جاي أطلبك عشان أكمّل نقص في حياتي،

ولا عشان أكفّر عن غلطة.

أنا جاي أطلبك لأنك ميزاني.

اللي خلى الدنيا تبقى أوضح.

أنا مش بدوّر على واحدة تكون ظلّي،

أنا عايز واحدة تبقى نوري.

أنا عايزك لأنك خلتيني أتعلم معنى كلمة سَكِينَة اللي ربنا قالها في القرآن:

> “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَوَدَّةً وَرَحْمَةً.”

السكينة دي أنا ملقتهاش في الدنيا كلها… غير لما كنت معاكي.

مدّ إيده قدامه وقال:

– أنا مش طالب بطلة، ولا بنت مثالية،

أنا طالب الست اللي تخاف عليا وتدعيني وأنا مش شايفها.

اللي لما تغلط، أحتويها،

ولما أضعف، ترفعني.

أنا عايز أبقى ضهرك وسندك مش كلام، فعل.

أنا عايز كل اللي جاي يبقى مع بعض…

بكل ضعفنا وقوتنا.

سكت لحظة طويلة.

هي رفعت عينيها عليه وقالت بهدوء، بس كل كلمة كانت طالعة من قلبها:

– بس ياسين، أنا مش دايمًا قوية زي ما انت فاكر.

مش دايمًا عندي طاقة أواجه.

الناس بتشوف الصورة اللي بره بس،

ما بيشوفوش اللي جوا…

بيجي عليا وقت ببقى ضعيفة، بخاف، ببكي، بتهزّ،

لو انت معجب بيّا عشان قوتي، فالانبهار ده هيخلص أول ما تشوفني في لحظة انكسار.

تحبّني وقتها زي ما بتحبني دلوقتي وإلا…

الإعجاب ده مش حب.

اتنهدت وقالت وهي بتبص له في عينيه مباشرة:

– ربنا خلقنا مختلفين،

قال في القرآن: «الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض»،

مش علشان الراجل أعلى، لأ…

علشان يشيل عنها وقت ضعفها،

يبقى سندها لما تقع،

مش يقف يتفرج ويقول “فين قوتك اللي كنتي بتتكلمي عنها؟”

سكتت ثواني وكملت بصوتها الهادي:

– البنت مهما كانت قوية،

في الآخر هي محتاجة ضهر، محتاجة أمان، محتاجة راحة،

مش بس كلمة حلوة ولا إعجاب مؤقت.

لو انت فعلاً ناوي تبقى الشخص ده…

يبقى لازم تكون عارف إن في يوم،

هتشوف فرح الضعيفة، مش فرح القوية.

ساعتها… تحبها زي ما هي؟ ولا هتدور على النسخة اللي كنت منبهر بيها؟

كلامها خلّى وش ياسين يتغير،

ابتسم بخفة، بس المرة دي كانت ابتسامة كلها وجع وصدق:

– أنا مش عايز فرح القوية بس،

أنا عايز فرح كلها…

اللي بتضحك، اللي بتعيط، اللي بتسكت،

اللي ساعات بتتعب وساعات بتخاف.

أنا مش عايز أكون شاهد على قوتك،

أنا عايز أكون سندك لما تتكسري.

عايز أكون الأمان اللي تلجأي له مش اللي تخافي تضعفي قدامه.

قرب منها خطوة وقال بهدوء جدًا، كأن كل كلمة وزنها تقيل:

– أنا ما جيتش النهارده أعتذر، ولا أبرر،

أنا جيت أطلبك من الحاجة منيرة رسمي.

جيت أقولك إن اللي بينا مش هزار ولا لحظة إعجاب…

دي نيّة.

نيّة إن حياتي تبدأ بيكي، وتكمل بيكي.

سكت لحظة، وعينه ثابتة فيها وقال بصدق يخترق القلب:

– فلو هتقبلي،

ما تبقيش بس مراتي اللي العالم شايفها قوية،

ابقي نفسي الحقيقية،

ابقي الإنسانة اللي حتى في ضعفها… أنا فخور بيها.

الدنيا سكتت،

كأن كل الأصوات وقفت تسمع الكلمتين دول.

وفرح فضلت واقفة مكانها،

مش عارفة ترد،

كل اللي في وشها دموع نازلة بهدوء.

فرح فضلت ساكتة ثواني طويلة.

عينها على الأرض، ونَفَسها متلخبط،

مش عارفة تتكلم ولا تعبر عن اللي جواها.

كل اللي حاساه إن قلبها بيرتعش جوه صدرها،

كأن كل كلمة قالها ياسين كسرت فيها حاجز كانت بنته بإيدها.

رفعت عينيها له بهدوء،

ونظرتها كانت مزيج بين خوف وصدق وحنان مكبوت،

وقالت بصوت ناعم جدًا،

لكن كل حرف فيه كان واثق وواضح:

– ياسين…

الكلام اللي قولته مش قليل،

ومش من النوع اللي يترد عليه بكلمة وخلاص.

أنا مش عايزة أقولك كلام يفرّحك النهارده وبعد كده أرجع أتراجع.

أنا محتاجة وقت، ومحتاجة استخارة.

سكتت ثواني وكملت بهدوء:

– ربنا بس اللي يعرف الخير فين،

ويمكن قلبي ميكونش شايف الصورة كلها دلوقتي.

فخليني أستخير،

ولو في خير…

هتلاقيني بردّ عليكم بنفسي.

بصت له بنظرة طويلة،

كانت كأنها بتقوله “أنا مش رفضة، بس مش عايزة أتهور”.

ابتسم هو بخفة، ابتسامة كلها تقدير، وقال:

– تمام يا فرح،

استخيري…

بس اعرفي إن قلبي استخار خلاص.

هي نزلت عينيها بسرعة، وابتسمت من غير ما تقصد،

وكل حاجة حوالين الاتنين اتحولت لهدوء غريب…

هدوء مليان وعد.

————————-

عدّى خمس شهور،

خمس شهور اتغيّر فيهم كلّ حاجة…

مش بسرعة، بس واحدة واحدة كده، من غير ما حد ياخد باله.

أولهم كانت فرح.

البنت اللي كانت بتخاف حتى تعيش لنفسها،

بقت دلوقتي شبه النسخة اللي دايمًا كانت بتحلم تبقى عليها.

مبتسمة أكتر، ملامحها فيها راحة،

والحزن اللي كان ساكن عينيها بقى خفيف، زي أثر قديم صعب يتنسى بس مش بيؤلم زي الأول.

وافقت على ياسين.

الموضوع ما كانش سهل، بس لما قلبها اطمّن، استخارت،

وحست إن ربنا بيطمنها كل يوم خطوة بخطوة.

اتقالت الفاتحة في بيت الحاجة منيرة،

والكل كان فرحان بيهم،

بس لسه ما اتخطبتش رسمي…

كانوا مستنيين حاجة واحدة

معتز.

معتز اللي الحياة قلبته حرفيًا من النقيض للنقيض.

من الشاب المغرور اللي بيكسر بالكلمة،

للإنسان الهادي اللي كل الناس بقت بتحبه.

اتعلم معنى الوجع، واتعلم إن القوة مش في الصوت العالي ولا السيطرة،

القوة الحقيقية لما تقدر تصلح اللي بوّظته، وتقول “أنا آسف” من قلبك.

بقى بيشوف فرح كـ أخته الصغيرة،

وهي كمان بقت بتتعامل معاه كأنه أخوها اللي رجع من جديد.

مبيفوتش يوم إلا لما يسأل عنها أو يعدي عليها قبل ما يروح المستشفى.

الجلسات العلاجية كانت ماشية كويس،

والدكاترة قالوا إن رجله بدأت تستجيب بشكل ممتاز،

وبقى عنده أمل حقيقي إنه يرجع يمشي طبيعي قريب جدًا.

وفي النص…

كانت نور.

نور اللي كانت بتضحك دايمًا وتهزر،

بقت فجأة تراقب معتز من بعيد من غير ما تقول.

هو كمان كان معجب بيها،

بس مكنش بيقرّب،

يمكن خوف، يمكن إحساس بالذنب،

يمكن لأنه فاكر إنها لسه شايفة فيه الإنسان اللي وجّع فرح.

وهي… كانت مفكراه لسه بيحب فرح.

كل تصرف بيعمله معاها كانت بتفسّره كده،

فتبعد، وتحاول تخفي مشاعرها،

بس في كل مرة تشوفه وهو بيضحك، قلبها يتهز،

وتمثل إنها عادي…

كأن مفيش حاجة جواها بتوجع.

الأيام كانت بتجري بهدوء غريب،

كأن الدنيا أخيرًا قررت تديهم فرصة يتنفسوا.

بيت الحاجة منيرة بقى كله دفء وضحك،

وفرح بقت بتشوف أمل في كل تفصيلة صغيرة.

حتى ياسين،

كان بيحاول بكل الطرق يثبت لها إن وجوده معاها مش ضعف،

وإنه دايمًا هيكون السند اللي وراها.

الأيام كانت ماشية بسلاسة،

وفرح حست إنها بدأت تتعوّد على وجود ياسين في حياتها.

بقى كل يوم له طقوسه…

هو بيعدي عليها بعد الشغل،

يقعدوا عند الحاجة منيرة،

يتكلموا في حاجات بسيطة جدًا،

بس بالنسبالهم كانت أهم من أي كلام كبير.

في يوم من الأيام،

كانت قاعدة في الصالون بتذاكر شوية حاجات للشغل،

وسمعت خبط خفيف على الباب،

ولما فتحت…

لقيته واقف قدامها بابتسامته اللي بقت بتلخبطها كل مرة تشوفها.

– عاملة إيه يا فرح؟

قالها وهو داخل، فابتسمت وقالت وهي بتهزر:

– هو كل مرة لازم السؤال ده؟

ضحك وقال:

– ما هو مش معقول أشوفك وأسكت!

ردّت بخفة دمها المعتادة:

– أيوه بس كده بتحسسني إني في تحقيق مش زيارة.

قال بابتسامة مائلة:

– تحقيق إيه؟ ده أنا مجرد مواطن بيحب يعرف أخبار واحدة بتشغله باله طول اليوم.

ضحكت بخجل، وقالت:

– أنا بس بحاول أفهمك.

ردّ بهدوء وهو بيقعد قدامها:

– طب فهمتِ إيه لحد دلوقتي؟

– إنك ساعات غامض وساعات طفولي… وساعات بحس إنك بتفهمني أكتر من نفسي.

– والله العظيم ده أحلى تحليل سمعته في حياتي.

ضحكوا سوا،

وكانت لحظة من اللحظات اللي فيها الدنيا شكلها بسيط وجميل…

مفيش مشاكل، مفيش خوف.

لكن السؤال اللي كان بيعدّي في عقلها أوقات كتير وهي لوحدها:

هل الهدوء ده هيفضل كده على طول؟

ولا القدر مخبّي حاجة تانية؟

اللي محدش كان يعرفه،

إن الأيام الجاية شايلة مفاجآت،

هتختبر كل اللي بنوه،

وهتخلي كل واحد فيهم يعرف هو بيحب قد إيه…

وبيستحمل قد إيه.

——————-

وجه اليوم اللي هيغيّر كل حاجة…

اليوم اللي محدش كان متخيله، ولا حتى فرح نفسها.

اليوم ده بدأ عادي جدًا…

فرح كانت قاعدة في أوضتها، بتراجع شغل بسيط وهي مبسوطة إن حياتها بقت مستقرة أخيرًا.

كل حاجة كانت ماشية طبيعي…بس قلبها كان وجعها من غير سبب.

لحد ما التليفون بدأ ينور في وشها.

رسائل كتير جدًا، كأن في حد مستني اللحظة دي من بدري.

كانت رسائل كتير من رقم غريب،

في الأول ما اهتمتش… بس الفضول خلاها تمسك الموبايل وتشوف.

وأول ما فتحت،

اتسمرت مكانها.

صور…

صور لياسين، قاعد في كافيه،

بيضحك، ومقابل بنت،

ولابِس نفس الهدوم اللي كان عندها بيها من كام ساعة بس.

إيديه على الترابيزة، والبنت قاعدة قدامه، شكلهم قريبين…

وقلبها وقع من مكانه لما شافت الكلام اللي مكتوب تحت الصور:

خطيبك بيخونك من قبل الخطوبة 😂

لو مش مصدقاني… ده عنوان الكافيه.

الدماغ سخنت، قلبها بيدق بسرعة،

كل حاجة جواها اتلخبطت.

قامت بسرعة، خدت شنطتها،

ونزلت من غير ما تحس برجليها.

ركبت أول وسيلة مواصلات لقتها قدامها…

عينها في الموبايل، وكل ما تبص على الصورة، وجعها يزيد.

الطريق كله كان ضباب في عينيها.

ركبت أول تاكسي لقتُه،

وكل ثانية وهي في الطريق كانت بتحس إن نفسها بيتسحب منها.

ولما وصلت الكافيه، وقفت برا لحظة،

قلبها بيخبط في صدرها.

مش قادرة تدخل ولا تمشي.

بس رجليها جريتها جوا.

وشافته.

ياسين، قاعد، ضهره ليها، بنفس التيشيرت، بنفس الضحكة اللي كانت بتحبها.

بس المرة دي، الضحكة مش ليها.

الضحكة لبنت تانية.

قربت بالراحة…

وقبل ما تنطق، سمعت البنت بتسأله وهي مميلة عليه شوية:

– طب وخطيبتك؟

ضحك وقال بصوت واطي، بس كفاية إنها تسمعه:

– خطيبتي؟ دي خطوبة غصب عني،

أمي اللي حبتها…

وأنا خطبتها شفقة، عشان كانت مسكينة، يتيمة ومفيش حد حواليها.

هي بنت كويسة ومتعلّمة، بس مش… مش ستايل،

مش اللي أنا عايزه. أنا عايز واحدة من المدينة،

تفهمني وتبقى واجهة.

الكلمات نزلت على قلبها زي السكاكين.

فرح وقفت،

صوت الكرسي اللي وراها اتحرك خفيف،

فلف بسرعة، وشه اتبدل،

اتخض لما شافها واقفة،

وشها باين عليه القهر والوجع.

قال بخضة:

– فرح!

بس هي ما سكتتش،

عيونها كلها دموع وهي بتقول بصوت بيترعش من الوجع:

– بدل ما أنا مش من مستواك… خطبتني ليه؟

بص ليها ياسين،

و سكت لحظة، وبعدين قالها بنفس البرد والقسوة اللي خلت عينيها تدمع:

– قلتلك… شفقة. صعبت على أمي، خلتني أوافق.

في اللحظة دي،

فرح حست إن كل حاجة جواها اتكسرت.

الهوى نفسه بقى تقيل على صدرها.

الكلمة دي كانت النهاية.

سكتت ثانيتين،

نطقت بصوت مبحوح، وهي بتعيّط من غير ما تحس:

– أنا مش محتاجة الشفقة بتاعتك يا ياسين.

ولفت بسرعة،

جريت،

وهي مش شايفة الطريق،

كل اللي شايفاه هو دموعها وهي نازلة،

وكل صوت في ودانها بيقول:

خطيبك بيخونك من قبل الخطوبة.





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى