Uncategorized

رواية قلوب خلف الستار الفصل الثالث 3 بقلم بشري اياد – تحميل الرواية pdf


رواية قلوب خلف الستار الفصل الثالث 3 بقلم بشري اياد

كان الباب الأمامي مفتوحًا قليلاً…

بقع حمراء تجفّ على عتبته، والورقة المرمية على الأرض ما زالت تُعلن التهديد الأخير.

هشام وقف أمام الباب، نظر في الشارع، لكن لا أحد.

أعاد إغلاق الباب، واستدار ناحية النساء:

— “هالبيت صار هدف واضح… نحنا تحت المراقبة.”

سُهاد قالت بوجه جامد:

— “لازم نقرّر… نكمّل؟ ولا كل وحدة تهرب بطريقتها؟”

رُبى كانت تجلس في زاوية الغرفة، متجمّدة، نظرتها فارغة، شفتاها تتحركان دون صوت.

اقترب هشام منها، ركع أمامها، سأل بلطف:

— “رُبى؟ في شي لازم نحكيه وما حكيتيه؟ شي ممكن يخلّينا نعرف نتصرّف؟”

لكن عينيها… غرقتا فجأة في سواد الذاكرة، وسحبتهما إلى الوراء…

(فلاش باك – قبل سبعة أشهر)

بيروت – الفيلا البيضاء – الثالثة صباحًا

رُبى كانت واقفة خلف الباب، تسمع صراخًا من الغرفة المجاورة.

— “مش ممكن تفضحنا! هاد أخوك!”

— “عم يغتصب بنات قاصرات! هاد مو أخي، هاد حيوان!”

— “إنت شو بدك تعمل؟”

— “رح أبلّغ الشرطة… لو شو ما صار!”

واحدة.

صغيرة.

هادئة.

قاتلة.

ركضت رُبى إلى الداخل، وجدت زوجها “جمال” ملقى على الأرض، والدم ينساب من صدره.

وأمام الجثة… وقف أخوه، “وائل”، يحمل المسدس.

— “شفتي بعينك؟ شوفي شو عمل فيني!”

— “إنت اللي قتلته!”

— “ما كان فيني خيار! ما تفتحي تمّك لحدا، ولا بتكوني بعده الضحية الثانية!”

مرّت أيام، ورُبى عالقة في جدران الفيلا، محاصَرة، تُجبر على قول إن زوجها مات بحادث سير، تحت تهديد السلاح، والفضيحة، والموت.

لكنها لم تتحمّل.

وحملت سرًا من نار… ما زال يحرقها كل ليلة.

(عودة إلى الحاضر)

رُبى تنفست بعنف، ثم شهقت فجأة:

— “هو… ما رح يوقف. رح يقتل الكل إذا اضطر. ما بيهمه شي… هو مجنون.”

سُهاد اقتربت منها وقالت:

— “قديش عندك وقت؟ بتعرفي إذا ممكن يكون عم يراقب من بعيد؟”

ردّت:

— “إذا وصل الورق لهون… فهو قريب. كتير قريب.”

في تلك الليلة، اتفق الجميع على خطة.

هشام قرّر أنه يراقب من الخارج…

سُهاد، نهى وسَلمى قررن البقاء في الداخل، النوافذ مغلقة، الإضاءة خافتة.

ورُبى… أعطت هشام رقم هاتف كانت تستخدمه للتواصل مع “وائل”، ربما يصلهم شيء.

ومع منتصف الليل…

رنّ الهاتف.

هشام رفعه، ضغط على المكبّر، فخرج صوت رجل غليظ:

— “عمرك قصير يا رُبى… والبيت هاد رح ينهار بكل اللي فيه.

أنا ما بهدّد… أنا بوفي.

وكل ما كان حدا واقف جنبك… رح يندم.”

ثم… أُغلق الخط.

— “يا ربي! نحنا تورطنا فعلاً!”

لكن سُهاد، بصوت غير مألوف فيها، قالت:

— “إذا كنا كل حياتنا ضحايا… يمكن هالمرة نصير صانعات قرار.”

ثم نظرت إلى هشام:

— “بدنا نواجهه… ما في هروب.”

هشام قال بنظرة حاسمة:

— “بكرة… رح نجرّه للواجهة.

ونخليه يكشف عن وجهه.

بس بدنا جرأة… كتير.”

في الخارج، كانت كاميرا صغيرة معلّقة على عمود الإضاءة تسجّل كل ما قيل…

ومن خلفها، رجل يرتدي سترة سوداء، يضغط على زر إرسال…

ويهمس:

— “بلشت الحكاية الحقيقية.”

ارتفعت أنفاس سُهاد وهي تمسح بكفّها عرقًا لم تعرف سببه… الخوف؟ أم الحنين لأيام كانت تملك فيها السيطرة على حياتها؟

قالت بنبرة فيها حسم لا جدال فيه:

— “نحنا ما رح نرجع ننهزم. مش بعد كل اللي عشناه. ما عاد عندي قدرة أهرب.

هاد البيت، صحيح قديم… بس هو الشي الوحيد اللي خلانا نحس إننا بشر بعد ما العالم محانا.”

هشام وقف بصمت، عيناه تتنقّلان بين الوجوه… كل واحدة فيها تحكي قصة نجاة متعبة، لكنه لمح شيئًا جديدًا هذه الليلة: الغضب.

الغضب اللي بيولد الشجاعة.

فجأة، تقدّمت “نهى” وقالت:

— “أنا فيني أجرّه لهون. وائل بيعرفني من زمان، كان يشوفني مع جمال ورُبى أحيانًا… هو بيحب يتلاعب بالناس، وأنا بعرف أستفزه.”

سُهاد نظرت لها مصدومة:

— “نهى!! بتحكي عن قاتل، مجرم… مش شخص ممكن تتلاعبي فيه.”

نهى رمقتها بنظرة متحدّية:

— “كلنا عشنا ضحايا، خلّينا نجرب نكون فخ لمرّة.”

قال هشام ببطء:

— “أنا عندي فكرة…

بس لازم نكسر الصمت ونواجهه وجهاً لوجه.”

الجميع التفت إليه…

— “رح نبعتله رسالة، من رقم رُبى القديم… نكتب له فيها إن التسجيل موجود، وإنه إذا ما إجا عالبيت بكرا الساعة 9، رح يتسرب الفيديو للشرطة.

نستدرجه… ونخليه يبين.”

رُبى شهقت:

— “بس إذا إجا، و… كان حامل سلاح؟ أو مو وحده؟”

هشام رفع نظره، وعيناه تلتمعان بوضوح:

— “أنا كنت ضابط قبل الحادث…

وبعرف كيف أحميكن.

وبعرف إن الندم ما بيرجع اللي راح، بس يمكن ينقذ اللي باقي.”

ثم فجأة، قالت سلمى:

— “أنا رح أبقى. ولو الموت بدقّ الباب… بفتحه وأنا واقفة مش منحنية.”

ضحكت نهى بمرارة:

— “هاد أول بيت حسّسني إني إنسانة… خليني أموت فيه واقفة، أحسن ما أرجع أتهان وأنا عايشة.”

سُهاد نظرت إليهن، ولأول مرة منذ سنين، شعرت أن الوحدة التي عاشتها، تحوّلت إلى جيش من النساء المكسورات… لكنهن قويات.

— “إحنا مش بنات الموت…

إحنا بنات الحياة اللي انخذلت… وقررت تقوم من تحت الركام.”

في الخارج، كان “وائل” يراقب تسجيلات الكاميرا على هاتفه، يضغط على الفيديوهات واحدًا تلو الآخر، حتى وصل لتسجيل صوت نهى وهي تقول:

“أنا فيني أجرّه لهون.”

ضحكة باردة… كأنها خرجت من قبر.

ثم ضغط زر “إرسال” على رقم مجهول وكتب:

“بكرا، 9 المساء… كل شي بينتهي.”

في الداخل، أغلقت سُهاد باب البيت، وأحكمت القفل…

ثم همست وهي تنظر إلى المرآة الصغيرة في الزاوية:

— “هاد مش وقت الخوف…

هاد وقت الحساب.”

وما كانت تدري… أن المواجهة القادمة

لن تُعيد الحق فقط… بل ستُخرج ماضٍ دفنوه، وسيقلب الطاولة على الجميع.





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى