رواية دلال حرمت علي قلبك الفصل الحادي والعشرين 21 بقلم شيما سعيد – تحميل الرواية pdf

لم ينتظر للصباح يود أن تراها الآن وتنام بين أحضانه، دلف لقسم الشرطة ومنه لغرفة الضابط سقط قلب العسكري أرضا أول ما وقعت عينيه على أيوب، وقف أيوب أمام الباب وقبل أن يفتح قال العسكري:
_ رايح فين يا باشا ؟!..
ألقي عليه نظرة تقييمية ثم قال:
_ خليك في حالك..
دلف الغرفة من هنا وسقط قلبه أرضا من هنا، أين دلال ؟!.. وجد ضابط آخر فقال بغضب:
رفع الآخر حاجبه وقال:
_ أنت مين سمحلك تدخل من غير إذن ومراتك مين؟!..
من زوجته ؟!.. سيأخذ روحه الآن أقترب منه وسحبه من عنقه بقوة مردفاً:
_ مرات أيوب رسلان فين ؟!..
دلف العسكري وقرر إنقاذ نفسه فقال برعب:
_ حضرة الظابط اول ما دخل طلب مني أدخلها الحجز يا باشا وأنا مقدرتش أقول لأ..
يا الله للمرة الثانية لم يقدر على حمايتها، جن جنونه فالقي بالضابط بعيداً عنه ثم قال للعسكري:
أمام أيوب رسلان لا توجد كلمة لا، أخذه العسكري مثلما أمره أما الضابط قال بضياع:
_ وديت نفسي في داهية عشان شوية فلوس الله يخرب بيتك يا جومانة..
بخطوات سريعة بها الكثير والكثير من الخوف وصل أيوب أمام الباب، أشار للعسكري بفتحه ليشعر الآخر بزيادة الكارثة، فتح الباب وفر بالمعني الحرفي لكلمة فر ليدفع أيوب الباب ويدلف إليها..
دلال على الأرضية وسط دائرة مرعبة من الدماء، لحظة تم بها سحب روحه من جسده بكل قسوة، نزل لمستواها هامسا بضياع:
أين دلال ؟!.. وجه شاحب بها الكثير والكثير من الضربات والدماء، كفها علي بطنها كأنها تعطي لصغيرها العناق الأخير، دمعة واضحة من عينها اليسرى تثبت بها كم معاناتها وما مرت به بمفردها بالساعات الأخيرة، ظهرها يعلن له إنها انتهت وهو أنتهي معها، رعب ما يراه الآن رعب..
أخر ما كان يتخيله أن يحملها غارقة بدمائها بين يديه ويخرج بها، دقيقة واحدة وتم نقلها المشفي تحت حراسة مشددة من رجال الشرطة وهو معها..
وصل المشفي وجد مصطفي بانتظاره كيف آتي أو من أين علم لا يعلم، كانت بين أحضانه أنفاسها ضعيفة أصبح على يقين أن صغيره رحل عن عالمه قبل أن يراه، وضعها على فراش متحرك ثم وقف أمام الغرفة بضياع، يتمني لو يقدر على البكاء لكن منذ متي وأيوب رسلان يبكي ؟!..
أختفت من أمام عينيه ليضرب الحائط بجواره بقوة أقترب منه مصطفي مردفاً:
_ أهدي يا باشا ان شاء الله هتبقى كويسة وكل اللي كان له يد في اللي حصل هيتحاسب..
من له يد ؟!.. لو قتل العالم لن تنطفي ناره، عاجز عن قول شيء لا يعلم إذا كان صامت برضاه أم الصدمة فقدته صوته، يريد الصريخ الانهيار وغير قادر، جسده يخونه ويعلن قرب سقوطه شعر به مصطفي فسحب مقعد سريعاً وجعله يجلس عليه مردفاً بقلق:
_ أيوب أنت كويس ؟!..
أخيراً خرج صوت أيوب الضائع:
_ بموت أنا روحي بتطلع..
أعتاد على الوقف بظهر الجميع، دفن والده ورائه زوجته بعدها شقيقه وكان بكل هذا وتد لا يميل، الآن لا يقدر حقا لا يقدر..
أغلق عينيه بتعب يزيد عليه فقال مصطفي:
_ كدة غلط لما الحرس كلمني وقالي حالتك وأنت طالع بيها من القسم انا مصدقتش هي بتستقوى بك يا أيوب..
نفي أيوب بثقل وقال:
_ أنا اللي بستقوى بيها يا مصطفي..
خرج الطبيب من غرفتها ليقف بعيدا خائف، لا يود سماع كلمة تحرق قلبه ضغط على أسنانه بقوة يرقض وصول صوت الطبيب إليه ومع ذلك وصل:
_ للأسف فقدنا الجنين..
يا الله ما أبشع تلك الجملة، حلمه المنتظر أنتهي اليوم، أبنته الجميلة رحلت قبل أن يضمها بصدره ويغرقها بحنانه، دلال كيف حال دلال ؟!.. وصل لمرحلة يرفض بها السؤال عنها لن يتحمل أكثر فقال مصطفي بدلا منه:
_ ومدام دلال عاملة إيه ؟!..
اجابه الطبيب بهدوء:
_ حالة الرحم مش وحشه تقدر بعد كده تخلف عادي لكن هي جسديا متعرضه لعنف شديد وفقدت دم كتير احنا ادينا لها كيس ولسه محتاجين..
مع معرفته بأنها مازالت على قيد الحياة ردت به الروح، قام من محله مردفاً بلهفة:
_ أنا o سالب خد مني إللي أنت عايزه المهم إنها تعيش تفضل تتنفس..
بعد مدة كان تم سحب منه نص كيس من الدماء وقالت الممرضة:
_ احنا هنديها شويه دول على ما تتصرفوا..
_ خدي الباقي مني..
_ مينفعش طبعاً يا أستاذ عشان ننقذ مريض اضحي بشخص تاني..
لو أخرج نيرانه عليها سيطلع بروحها الآن، صرخ بغضب مردفاً:
_ خليكي في حالك ونفذي المطلوب منك بس خدي كل الكميه اللي هي محتاجاها ولو عايزاني امضي لك على أي حاجه همضي..
تعجبت المرأة منذ متي ورجل يضحي بحاله من أجل إمرأة مهما كانت من هي ؟!… حركت رأسها بهدوء وقالت:
_ وماله أنت حر هكمل باقي الكيسين من حضرتك…
______ شيما سعيد _____
قالت جومانة عبرة الهاتف للضابط:
_ أنت اللي غبي مين قالك تظهر نفسك في الصورة ؟!. والعسكري اللي معاك أغبى منك كل ده ميخصنيش في حاجه طالما سقطت وأنت اخدت فلوسك وزيادة، تنسى رقمي ومترنش عليا تاني ده عايز تفضل قاعد على كرسيك يا حضره الظابط..
صرخ الآخر بجنون:
_ كرسي إيه؟!.. هو أنتِ فاكرة إن أيوب رسلان هيسيبني أفضل قاعد على الكرسي؟!.. أنا مش هقع لوحدي يا مدام جومانا وهتبقي معايا..
مسحت على وجهها بقلق ثم قالت بقليل من الهدوء:
_ وأنت مين اللي قالك يا غبي ان أيوب هيعملك حاجة؟!.. أنت ظابط جيت لقيت متهمة دخلتها الحجز، لكن لو عرف انك مرتشي وكنت قاصد تدخلها الحجز مش بس هيقومك من على الكرسي ده هيشيلك من الدنيا كلها..
دقة خفيفة على باب الغرفة جعلتها تغلق معه الخط سريعاً ، فتحت لتري أمامها حنين فقالت بتعجب:
_ حنين رجعتي امتى؟!..
هل من كل عقلها كانت تنتظر عناق ؟!.. يا ليكِ من حمقاء حنين، إبتسمت بسخرية ثم دفعت باب الغرفة قليلاً لتدلف مردفة:
_ ومجيتيش في حضني أول ما وصلتي ليه؟!..
_ كنتي وقتها بتتكلمي على التليفون سبتك تخططي وتعملي مؤامرات براحتك ودخلت غيرت هدومي ورجعت لك تاني..
عقدت جومانة حاجبها بتوتر واضح مردفة:
أومأت إليها بتعب وقالت:
_ ليه كده يا مامي ليه دايما عايشة في جو العصبات والتخطيط ليه مفيش في قلبك رحمة ولا حتى خوف ان اللي بتعمليه يترد لك في ولادك؟!.. بدل ما أنتِ بتضيعي عمرك ووقتك على حاجات فاضية كنتي اهتمي بيا انا واخويا يمكن كنا طلعنا لك ذرية صالحة بدل ما ضيعنا احنا الأتنين..
أخر ما تريده الآن هي المواجهة مع حنين، أخذت نفسها وقالت بحنان:
_ أنا مش فاهمة منك حاجه يا حنين أنتِ أعصابك تعبانة من رايي يا حبيبتي تروحي لدكتور تاني غير ادم..
صرخت حنين بغضب:
_ دكتور تاني غير أدم؟!.. ويا ترى بقى المرة دي هتخليه يعمل فيا إيه؟!.. يصورني وينزلني على النت الكل يتفرج وتقسموا انتوا الاتنين الأرباح مع بعض؟…
أتسعت عين جومانة بذهول مردفة بغضب:
_ أنتِ بتقولي إيه يا قليلة الأدب شكلك فعلا مجنونة ومحتاجة مصحة تعلمك تبطلي تخاريف اللي تطلع منك دي..
فلتت منها ضحكة ساخرة قبل أن تقول:
_ المصحة دي محدش محتاج يعيش الباقي من عمره فيها غيرك، على فكره يا مامي الايام اللي فاتت دي اتعلمت فيها حاجات كتير أوي واولها انك ست وحشه ممكن تبيعي نفسك عشان الفلوس ده اذا مكنتيش بعتي أصلا، عايزاكي تحضري نفسك لأن النهاردة هيبقى آخر يوم ليكي في البيت ده، أنا هقول لعمو أيوب كل حاجه قذرة أنتِ عملتيها ووقتها شوفي هيعمل معاكي ايه… زمان كان بيعمل حساب ليا أنا وخالد دلوقتي خالد راح وأنا ليا مزاج أشوفك بتتعذبي زي ما كنتي تتفرجي عليا وأنا بتعذب ومبسوطة..
جن جنون جومانة لم تتوقع أبدا أن تصل حنين بيوم من الأيام لتلك الحالة من القوة، يستحيل فهي لعبتها التي تحركها لصالحها كما تشاء، إذا نطقت تلك الفتاة بكلمة واحدة ستنتهي من حياة أيوب إلي الأبد وهذا ما لم تسمح به، بلحظة جنون تحكم بها شيطانها وضعت يديها حول عنق ابنتها مردفة:
_ لسانك لو خرج بره بوقك مش هتردد لحظة واحدة إني اموتك مش هتكوني أغلى من اللي قتلته قبلك عشان بس ادخل البيت ده..
أتسعت عين حنين برعب من معني الحديث،
قتلت من حتي تدلف لقصر رسلان من جديد ؟!.. زاد شعورها بالاختناق لتغلق عينيها مستسلمة لتلك النهاية، دفعة قوية لباب الغرفة بعدها دخول رجال الشرطة كانت طوق النجاة…
_ مطلوب القبض عليكي يا مدام جومانة..
_____ شيما سعيد ______
دقت عليها خلود للمرة المليون دون أي رد، لم تجد أمامها حلول إلا الإتصال على مسعد، وكأنه كان منتظر الإتصال ضغط على الزر مردفاً بلهفة:
_ وحشني اسمع صوتك يا خلود..
هي الأخري اشتاقت لكن الاشتياق ليس إليه أي محل بحياتها بعد الآن، مسحت على خصلاتها مردفة بتوتر:
_ مش وقت الكلام ده يا مسعد انا بتصل بدلال من امبارح ومش بترد عليا ممكن تيجي توديني قصر رسلان..
كانت على يقين أن مع سيرة دلال سينساها وتظهر لهفته على دلال فقط، وهنا كانت المفاجأة عندما قال:
_ طالما هشوفك دقايق وأنا عندك..
لم تتحمل أكثر وأغلقت الهاتف بوجهه، ماذا حدث ليريد رؤيتها فهي ظلت أمام عينيه سنوات ولم يشعر بها ؟!.. أخذت نفسها بتعب وقالت:
_ انسى يا خلود وطلعي كل ده من دماغي المهم دلوقتي دلال، أنتِ ومسعد هيفضل الباب مقفول بينكم حتى لو روحك فيه..
لم تمر دقائق ووجدت الباب يدق، فتحت بلهفة لعلها تكون دلال وجدته يقف أمامها بإبتسامة مشرقة مردفاً:
_ ايه ده يا خلود أنتِ لسه في هدوم البيت البسي عشان نمشي..
_ هو أنت جيت في دقيقة كده ازاي كنت واقف تحت البيت؟!..
ببراءة طفل صغير أشار على باب الشقة المقابل لها مردفاً:
_ لأ طبعاً وأنا إيه اللي هيخليني واقف في الشارع أنا جيت من الشقه دي..
عقدت حاجبها بتعجب مردفة:
_ وأنت بتعمل ايه في الشقه دي اللي أعرفه إنها فاضيه ملهاش صاحب..
بحب يظهر لها لأول مرة أبتسم وقال:
_ وحشتيني يا خلود ملقيتش قدامي حلول غير أني اجر الشقة دي وأفضل ابص عليكي من بعيد..
لا والله وهذا منذ متي ؟!.. قبل أن يضعف قلبها أغلقت الباب بوجهه وقالت من خلفه:
_ خليك واقف هنا 10 دقايق واغير هدومي ونمشي..
_____ شيما سعيد ______
مرت عليه الساعات ببطء قاتل روحه تنسحب من بين ضلوعه مع كل ثانية، أتت فوزية ومعها حنين مع أحد رجاله بعد القبض على جومانة، اكتفت حنين بالبعد بزاوية بمفردها أما فوزية أقتربت منه مردفة:
_ إيه الحكاية يا أيوب ؟!.. جومانة عملت إيه لدلال؟!..
وهل صوتها يصل لأيوب من الأساس؟!.. لا يري إلا صورتها ولا يسمع إلا نبرتها المدللة بإسمه، يقف أمام الجميع جبل وبداخله طفل صغير منتظر والدته حتي يستطيع البكاء بداخل أحضانها، تدخل مصطفي بالحديث:
_ مش وقت الكلام ده يا طنط حالة أيوب متسمحش بالكلام خالص لما الدكتور يطلع من عند دلال وتبقى كويسة هنتكلم..
أومأت إليه فوزية وصمتت دقائق أثقل من السنوات خرج بعدها الطبيب بهدوء مردفاً:
_ الحمد لله المدام بقت بخير سيطرنا على النزيف ونضفنا الرحم بس هتفضل في العناية ال 24 ساعه الجايين تحسبا لاي تغيير..
يود أن يراها الآن ولن ينتظر دقيقة أخري، تحرك أمام الجميع بخطوات غير متزنة ثم قال:
_ عايز أدخل لها..
نفي الطبيب بهدوء مردفاً:
_ مش هينفع دلوقتي يا باشا لما تتنقل لاوضة عادية هيبقى أحسن لها..
لا وألف لا حدق بمصطفى بضياع كأنه ينتظر منه المساعدة، منذ متي وأيوب ينتظر المساعدة من أي ؟!.. لا يعلم ولا يهمه الأمر فقط يرغب بضمها، تدخل مصطفي بهدوء مردفاً:
_ الباشا هيدخل يشوف مراته القيامة مش هتقوم يعني..
كانت نبرة تحذيرية صريحة جعلت الطبيب يحرك رأسه مرغما:
_ ماشي يا باشا تقدر تدخل تشوف المدام بس يا ريت تبقوا 10 دقايق مش اكتر..
بلهفة طفلة صغيرة وافق ذهب مع الممرضة بخطوات سريعة يعد حاله للدخول وبعدها دلف، أغلقت الممرضة الباب عليهما تقدم يقترب منها بخطوات ثقيلة، دلوعته نائمة لا حول لها ولا قهوة، أسلاك متعلقة بجسدها هنا وهناك محلول متصل بيدها، جر قدميه جرا ليقف أمامها..
شاحبة تتألم حتى وهي نائمة، رفع كفه المترجف على خصلاتها وقال:
نطق بها من هنا وانفجر بالبكاء من هنا، سقط قناع الجمود وحان وقت الضعف، وضع رأسه فوق كفها الخالي من الأسلاك وظل يبكي، ارتفعت شهقاته وزادت دقات قلبه، أنفاسه تخرج منه بصعوبة وكأنها لحظته الأخيرة بالحياة..
تعب ليرفع وجهه إليها حدق بها بعينيه الحمراء مردفاً:
_ أنا فاشل يا دلال مقدرتش احميكي ولا أحمي بنتي، ولا قدرت أحمي خالد وحنين قبل كده، أنا صورة فاضية مفيهاش أي حاجة غير شويه فلوس بيتحركوا، أنتِ خسارة فيا عشان أنا مش الراجل اللي تستحقيه يا دلال، اللي حصلك النهاردة بسببي واللي حصلك زمان بسببي طول ما أنتِ معايا بتخسري، حبي ليكي لعنة محدش طالع منه خسران وكل حاجه غيرك، أفتحي عيونك يا حبيبتي رجعي فيا الروح من تاني انا تعبان وخايف لوحدي..
نعم خائف يشعر إنه طفل صغير ضائع يسير بطرق مجهولة والنهاية واحدة ضياع، وضع قبلة حنونة على كفها وقال:
_ تعرفي أنا اتعودت ادفن كل اللي بحبهم، بس النهاردة كنت هدفن نفسي ارحم ليا بكتير من إني أسمع عنك كلمة مش هقدر أسمعها، الحاجة اللي كانت بتربط بيني وبينك راحت، راحت من قبل ما اشيلها وأبوسها أنا عشت عمري كله وحيد اتعودت على الوحدة لحد ما جيتي أنتِ، مليتي عليا حياتي ورجعتي لي شبابي، لما عرفت انك حامل فكرت الدنيا ضحكت لي أخيرا بس في اللحظه اللي أنا بكلمك فيها دي عرفت إنها ضحكت عليا ضحكة العمر كله..
شعر بخطوات تقترب فمسح دموعه سريعاً بظهر يده ثم وضع قبلة أخيرة فوق رأسها مردفاً:
_ هتوحشيني يا دلوعة..
دلفت الممرضة وقبل أن تطلب منه الخروج أومأ إليها مردفاً:
_ خدي بالك منها..
خرج من الغرفة بقوته المعتادة وقف أمام مصطفي وقال بقسوة:
_ خليك هنا في المستشفى عايز عينك تبقى في نص راسك فاهمني يا مصطفى..
_ كل اللي أنت عايزه هعمله بس أنت رايح فين؟!..
_ أجيب حق مراتي قبل ما تفتح عينيها..
_ مش هسيبك لوحدك..
_ خليك هنا أنا هبقى مطمن وأنت معاها..
_ ماشي يا أيوب خد بالك من نفسك وخلي دايما موبايلك مفتوح..
_ أكيد هيبقى مفتوح عايز اطمن عليها لحظة بلحظة..
_____ شيما سعيد ______
دلف أيوب لمكتب سيادة اللواء محمد عادل، وقف السيد محمد من محله مرحباً بوجود السيد أيوب رسلان، مد يده للسلام عليه مردفاً:
_ نورت المكتب يا أيوب باشا..
مد أيوب يده إليه وقال:
_ أنا زعلان وجدا يا سيادة اللوا ودي حاجة مش حلوة..
حمحم الرجل بهدوء وقال:
_ مين إللي قدر يزعلك وأنا أشيله من على وش الأرض..
جلس أيوب بوقار على المقعد المقابل لمكتب السيد محمد وقال:
_ ظابط عندك هنا إسمه طارق أحمد..
_ عمل لك إيه يا باشا ؟!..
ماذا فعل به ؟!.. كسره وأخذ منه روحه، أبتلع أيوب المرارة بصعوبة وقال:
_ دخل مراتي الحجز واتفق مع كام واحدة جوا فضلوا يضربوا فيها لحد ما سقطت، لو عايز نفضل صاحب يا سيادة اللواء الكلب ده يلزمني..
حديثه كان به تهديد صريح، وهل أحد يقدر على الوقوف أمام رجل مثله ؟!.. رفع السيدة محمد سماعة الهاتف الأرضي وقال:
_ حضرة الظابط طارق أحمد يكون عندي..
أغلق الهاتف وقال:
_ تؤمر بايه يا باشا وأحنا معاك ؟!.
أبتسم إليه بقوة وقال:
_ إللي أمر بيه هقوله لما يوصل، معايا دلوقتي واحدة ست عايزة تدخل الحجز خمس دقايق..
_ ليه يا باشا ؟!..
_ هتعمل الواجب مع إللي قربوا من مراتي..
أومأ إليه السيد محمد بهدوء ونفذ ما طلبه منه ، فأخرج أيوب هاتف وفلاشة ياسمين مردفاً:
_ دول بقي يا سيادة اللواء واجب مني ليك..
دلف طارق بخطوات مرتعبة أول ما وقعت عينيه على أيوب كاد أن يسقط أرضاً أخذ نفسه بصعوبة وقال:
_ أمرك يا فندم..
تحدث أيوب بقوة:
_ ولا حاجة يا حضرة الظابط كل الموضوع إنك مفصول عن العمل وتحول للتحقيق..
رغم رغبه قال بغضب:
_ وده بتهمة إيه بقي ؟!..
_ رشوة صح يا سيادة اللوا وإلا أنا برمي عليه تهم بالباطل ؟!..
شعر اللواء بالقليل من الشفقة على طارق إلا أنه يستحق فهو يعلم جيداً أن هذا بداية الطريق فقط مع أيوب رسلان، قال:
_ عايز أقابل مدام جومانة بعد ما أخدت واجبها في الحجز..
اختفي طارق من أمامه ودقيقة ودلفت جومانة مع العسكري وبيدها الكلبشات، قام اللواء محمد من محله مردفاً:
_ هسيبك معاها براحتك يا باشا.
خرج وعينين أيوب متعلق بها، يشعر بالانتشاء من معالم وجهها المختفية بالدماء أبشع من مظهر دلوعته بكثير ومع ذلك لم يرتاح، يود أن يراها تتألم بنفسه لا هو يريد أخذ ثأره بيده، أقتربت منه بخوف مردفة:
_ خدني من هنا يا أيوب..
دفعها بأحد قدميه بمنتصف بطنها، ثم قام من مكانه ووضع قدمه على بطنها بقوة مردفاً:
_ كل ضربة كنتي قاصدة بيها تموتي بنتي خليكي تدفعي تمنها أضعاف هنا يا جومانة، عمري إللي راح بسببك زمان حاجة واللي خسرته النهاردة حاجة تانية ..
ضغطه عليها كاد أن يأخذ روحها حاولت أخذ نفسها بصعوبة مردفة:
_ عملت كدة عشان بحبك عشان تبقي ليا ونخلف زي ما كنا بنحلم زمان..
جن جنونه ووضع قدمه على عنقها بنفس اللحظة دلف اللواء مردفاً:
_ أهدي يا باشا..
أبتعد عنها وقال بجبروت:
_ عايزها تبقي لوحدها وهي والكلبة بتاعها إللي مدت أيدها على مراتي يا سيادة اللواء خليهم الأتنين يعيشوا أجواء أمن الدولة..
أومأ إليه اللواء مردفاً:
_ كل إللي أنت عايزه هنعمل ده حقك بعد التقصير إللي حصل مننا كلنا في حق مدام دلال..
أخذ أيوب نفسه بتعب وقال:
_ وأنا سبت حقي أمانة في رقبتك يا سيادة اللواء ادها مش كدة ؟!..
_ طبعاً يا باشا ده أنت غالي عندي ما أيام أبوك الله يرحمه..
_____ شيما سعيد _____
بمساء اليوم التالي..
تم نقل دلال لغرفة عادية، كانت فوزية بجوارها تقرأ بعض آيات القرآن وحنين تحدق بالشرفة الخارجية للمكان، همهمة بسيطة خرجت منها جعلت فوزية تأخذ نفسها براحة أخيراً، أقتربت منها حنين مردفة:
_ حاسة بايه ؟!..
لا تشعر بشيء حقا لا تشعر ربما فقدت حاسة الإحساس أو الألم أكبر من قدرتها على الشعور به، همست بتعب:
أغلقت فوزية المصحف ثم قالت بحنان:
_ شوية وهيكون موجود يا حبيبتي ارتاحي أنتِ..
سيأتي ؟!.. هل هو تركها بمفردها ؟!.. لا هو وعدها بالبقاء معها وعدها أن تظل بداخل أحضانه، أبتلعت ريقها الجافة بمرارة وقالت:
_ البيبي كويس صح ؟!..
من حظه الأسود إنه وصل لباب الغرفة على سؤالها، وقف عاجز غير قادر على المواجهة كيف يقف أمامها وماذا يقول ؟!.. فتح الباب بهدوء ثم قال:
_ عايز أبقي معاها لوحدنا..
هدوءه بحد ذاته مرعب خصوصاً بعد اختفائه من أمس، انسحبت حنين بلا كلمة أما فوزية وقفت أمامه مردفة بقلق:
_ بيبي إيه إللي هي بتتكلم عنه يا أيوب ؟!..
لا المكان ولا الزمان يسمح بهذا السؤال، أشار لعمته على باب الغرفة:
_ بعدين يا عمتو بعدين نبقي نتكلم..
خرجت فأقترب منها بخطوات ثقيلة ثم جلس بالمقابل إليها على الفراش مردفاً:
_ حمد لله على سلامتك..
نبرته عجيبة نظراته غريبة تشعر بشيء مريب قاسي ولا تعلم ما هو، حاولت الاعتدال فقام بمساعدتها ثم قال:
_ هااا مرتاحة كدة ؟!.
أومأت إليه بترقب مردفة:
_ الحمدلله مرتاحة..
_ طيب الحمدلله..
_ أيوب هو في ايه أنا خايفة..
حرك رأسه بإبتسامة هادئة وقال:
_ لأ متخافيش كل حاجة خلصت وكل اللي اذاكي حتى لو بكلمة دفعت التمن أضعاف أنتِ دلوقتي في أمان يا دلال..
به شئ يجعل قلبها يشعر بالخوف يزيد أضعاف، وضعت كفها على بطنها وقالت بأمل:
_ البيبي كويس صح أنا فضلت طول الوقت حاطه أيدي عليه عشان مفيش أي ضربة تنزل عليه حميته وأنا متأكدة إنه في أمان مش كدة ؟!..
لا يوجد لديه ما يريح قلبها لذلك أقترب منها أكثر ومسح على خصلاتها بحنان مردفاً:
_ ضربوكي جامد؟!..
ها هي الآن أمامه مثلما تمنت، فتحت ذراعيها إليه وعينيها متعلق بها الدموع، فهمها فأقترب منها أكثر ووضع رأسها على صدره، بكت بحرقة تخرج كل ما عاشته من خوف مردفة:
_ بعد ما الظابط الطيب مشي جه ظابط تاني شرير وصمم ينزلني الحجز، كنت خايفة أوي يا أيوب وأول ما دخلت لقيت ناس شكلهم غريب قربوا عليا وشتموني ولما جيت اتكلم راحوا ضربوني، الضرب كان بيوجعني جامد فضلت انادي عليك بس أنت مسمعتنيش ولا جيت كنت خايفه أوي من غيرك يا ايوب..
يا الله كم يود البكاء الآن ولكنه بكل أسف لم يقدر، وضع عدة قبلات معتذرة فوق رأسها مردفاً:
_ اشششش خلاص كل ده خلص وأنتِ دلوقتي في حضني وفي أمان..
أبتعد عنه قليلاً وقالت بإبتسامة متعبة:
_ مش مشكلة طالما ابننا بخير أنا مش زعلانة..
ضم وجهها بين يديه مردفاً بحنان:
_ ابننا بخير يا دلال بس مش هيبقى معانا..
_ آمال هيبقى فين ؟!..
______ شيما سعيد _____
الثاني والعشرين من هنا




