رواية اكرهك الفصل السابع والعشرين 27 بقلم ميريام عريفه – تحميل الرواية pdf

رواية اكرهك الفصل السابع والعشرين 27 بقلم ميريام عريفه
الحلقة 27
عند الاطلاع على النتائج النهائية ، قام المدير بمدّ نبيل بقائمة الثلاث طلبة المتفوقين : سالي عبد السلام ، ادم الوافي ، رشا حسين.
” دول المتفوقين حسب الترتيب. والاختيار الاخير هيكون ليك “
” خلاص ، انا اطلعت على ملفاتهم قبل كده، و النتيجه عززت رأي. “
” يعني ننشر القايمه دي “
” ايوا “
” تمام انا بشكر سعادتك على اللفته الكريمه دي “
“ده واجبنا بردو “
تبادلا التحية وغادر نبيل ، عند نزوله من مكتب المدير ، رأى رشا تجلس وحيدة ، فوقف من بعيد يتابعها. هو لايعرفها بعيدا عن البيت ، أراد أن يعرف أكثر. فالآن رشا هي مفتاح كل شيء.
حينها رنّ هاتفه
” اتفضل “
” هههههه استمتع بحريتك ، مش فاضلها كتير “
ردّ بصوت عادي ” رجعت تهدد تاني !”
” مش تهديد، انا خلاص في مرحلة التنفيذ، كلّها كم يوم وخلاص قضية دعاره والأدلّه موجودة .”
” تمام ” وأغلق الهاتف في وجهه مجددا . وأعاد النظر لكن لم يجدها. عليه ان يحلّ بعض الأمور . فقضية كهذه يدرك أنها ستسبب له مشاكل مع الوسط الذي يعمل فيه. سمعته لا يمكن ان تمسّ. وعليه ان يتصرّف. اما الان ، فأين ذهبت الأخرى . لن تأخذ تاكسي ولم تهاتفه لكي ينتظرها.
أين هي ؟ عليه أن يجدها ليذهب لعمله ويجد طريقة يوقف فيها جميل الوافي قبل ان يؤثر على سمعته..
أخرج هاتفه و طلب رقمها ، لا تردّ. أعاد الكرّة ثلاث مرات حين قرر أن يغادر الجامعة. ربما غيرت رأيها وتنتظر تاكسي . لكنه لم يجدها . ركب سيارته وانطلق.
في طريقه ، لمحها تمشي بخطوات متعثرة ، أوقف السيارة ومن مكانه
” رشا، اطلعي “
التفتت له ، ومن بين دموعها أرسلت نظرة غاضبة وحرّكت رأسها نافية
” اطلعي ، ” يقولها ببرود استفزّها
” لا مش عايزه ، ماتعطلشي شغلك ، روح “
” اطلعي والا انزل اشيلك ” ليس لديه الوقت ليستمرّ في هذه اللعبة السخيفه عليها ان تعود الى البيت وعليه ان ينهي تهديد جميل الوافي
اما هي فتسمرت في مكانها ، ونظرت اليه بصدمة
” وانت يهمك في ايه ؟ ها؟ أروح ، أضيع ؟ أموت ؟” الى هنا وكفى فتح باب السيارة وانطلق نحوها ، أسرع حتى حاصرها رجعت الى الوراء حتى التصقت بباب السيارة
” اطلعي والا اشيلك !”
لا يمزح، ! وعليها ان تنقذ نفسها
” ماشي “
صعدا السيارة وانطلق نحو البيت ، لكنه رأى حالتها ودموعها التي لم تكف عن النزول .
” ماتعيطيش “
لم تلتفت له ولكنها نظرت أمامها وكأنها تنظر الى ما وراء السماء و تكلّمت ، تحادث نفسها أو تحادثه لا يهم
” دي المره التانيه ، تطلب مني ماعيّطش. بس انا لاقيه نفسي بعيط كل شويه. الناس مابترحمش وانت ماترحمش نفسك . والعمل ايه؟ تفضل تعيط لانك لو ماعيطش حتموت فيك حاجه من جوا ، “
” انت كنت مبسوطه الصبح جرا ايه ؟” سألها لأن ذاك الاحساس في صدره عاوده.
” انا كنت مبسوطه، بس اطمن و اخيرا فهمت درسي كويس ، انا مش من حقي انبسط. “
” ليه ؟”
” بتسأل بصوره عاديّه ، ومش حاسس بالمصيبه الى انا فيها. “
صمت ولم يسألها . حتى وصلا الى البيت . حينها فقط تراقصت امامه فكرة ، أنفّذ جميل الوافي تهديده ؟ .
تركته وصعدت الى غرفتها منهارة ، من البكاء ، تحدّثت معه بهدوء في السيارة لأنها تعبت من كلّ شيء لم يكن لها ذرّة قوّة لتنفعل.
ارتمت على فراشها ، فتناثر شعرها حولها وتبللت أطرافه بدموعها .
” ايه المصيبه اللي انت فيها ؟” . انتفضت فجأة . ونظرة مصدومة اليه . متى دخل الغرفة وكيف وقف هناك
” وانت ازاي تدخل من غير اذن ؟”
” الباب كان مفتوح ” ، من شدة انهيارها لم تغلق الباب.
” وعايز ايه ؟ جاي تشمت ؟ “
مالذي تتحدّث عنه؟ مامعنى ” تشمت ” عليه ان يبحث عنها لاحقا لكن الان . فليواجه ماتسبب به جميل الوافي
” عايز اعرف ايه المصيبه الي انت فيها ؟”
بركانها الخامد انطلق حين تفكرت كلام منى وتلميحاتها
” انت المصيبه ! عايز تعرف ؟ دي الحقيقه ! أنا عايزه أعرف عملتلك ايه ؟ أذيتك في ايه ؟ “
أجابها ساخرا ” أوبا ، و أنا السبب ازاي بقى ؟”
” لانك حرمتني من لحظة فرحي، لاني تعبت عشان أنجح وأحقق طموحي ، وانت كسرت الفرحه دي ، فاهم يعني ايه كسرتها ؟ لما حتة بنت تتهمني اني مصحباك عشان تساعدني و تنجحني ، فانت كسرت فرحتي ” وانطلقت اليه تدفعه وتضربه بقبضتيها على صدره. ” كسرت فرحتي وكسرتني ! انت ايه ؟ مش هامك اللي حواليك ؟ هما مفكريني بنت مش كويسه عشان بعرفك ، بس انا دخلي ايه؟ هما مفكريني قدمت نفسي ليك عشان اشتغل عندك ” استمرّت تضربه و تعيد نفس الكلام ” أنا ماغلطش ، انا والنبي بنت كويسه ، انا ماغلطتش، انا تعبت عشان انجح.انا بنت كويسه” مع كل ضربة من يدها يزداد ذاك الشعور بداخله. ليست الدقة اللعينه ولكن ذاك الشعور الذي لم يفهمه ، وقد ابتدأ بالسيطرة عليه ، أخذ قبضتيها في يديه ووضعها خلف ظهرها وتحرّك بسرعة حتى ألصقها الحائط واقترب أكثر حتى تلامس جسداهما. ثم اقترب منها حتى تلامس أنفاهما ، هنا شعرت رشا بقشعريرة تسري في جسدها و ارتعشت بين يديه . تجاوز فمها ليتكلّم في أذنها وتلامس شفتيه خدّها الملتهب من ثورتها والمبلل بدموعها ” خلاص ، اهدي ” . تغيّر نسق تنفسه ، لم يعد عاديا رتيبا بل تسارع ، وها هي ترتعش من قربه ومن أنفاسه التي أفقدتها سيطرتها على نفسهالم يتحرّك بل بقي هناك ، بروده قد التقى بدفئها ورغم ٱنه قد عرف نساء كثيرات الا ان جسده لم ينفعل هكذا الا وهو بالقرب منها. لذلك لم يرد التفريط بهذا الشعور. مفتاح الصندوق بين يديه. لم يتراجع وظلّ يشعر بارتعاشتها بين يديه. عليه ان يستغلّ الوضع. أما هي فقد حاولت لملمة شتاتها وحين حاولت دفعه لم يتحرّك لذا صرخت فيه
” ابعد عني ! ابعد! ابعد ” هنا انقطع ذلك الشعور ورجع البرود سيّدا في مملكته . عادت نظرة الفراغ في عينيه وابتعد عنها ، وتكلّم بسخريه
” طريقه مفيده عشان تسكتي ” وغادر . تاركا وراءه رشا على الأرضية تبكي و تنعل حضّها. أما هو فغادر وقد عاودته حالة البرود.
فهم ما سبب غضبها ، لم يكن تهديد الوافي ولكن المصيبتان مرتبطتان . وقد وجد لهما حلا واحدا.
أخذ هاتفه واتصل بالسكريتيره .
” احجزيلي في اوتيل بعد بكره عندي احتفال ، هعلن زواجي للناس. عايز كل حاجه تبقى كويسه وتليق بنبيل حسين “
——————————————-
لا داعي لانتظار الليل، ستأخذ حبتين لترتاح من هذا اليوم الذي تحوّل الى كابوس . غيرت ثيابها لملابس النوم رغم أن اليوم لازال في أوله، تناولت حبتي المنوّم . لكن كلام تلك الفتاة لم يتركها ، فأخذت تتقلب في فراشها . لأوّل مرة ترى شيئا في عيني نبيل . لم يكن فراغا، كان شيئا آخر عليها أن تبتعد عنه. لن تسمح له بالقرب منها مرّة أخرى. كرهت نفسها ، لأنها لم تبتعد مبكرا، كرهت استسلامها. مالذي يكونه نبيل حتى يجعلها لا تتصرف معه كما تتصرف مع باقي الرجال. عليها ان تأخذ حذرها لن تسمح له باستغلال ضعفها.
بدأت الحبتان في اعطاء مفعولهما حينما طرق الباب ، وبعينين شبه مغلقتين قالت
” ادخل”
دخل غرفتها وكأن ماحدث بينهما لم يكن شيئا يذكر. وجدها مستلقية على فراشها بين النوم واليقضة ولم يرد المكوث طويلا ، عليه أن يحرص على أمور الحفل ، لذلك تكلم بسرعة
” الحل الانسب لمصيبتك ، اننا نعلن زواجنا للناس . بعد بكره حنعمل حفله في الاوتيل .” وغادر دون الاستماع الى اجابتها .
اما هي فكانت تسمع صوته وتحلم انه قد طلب منها حضور حفل ما . زواج صديقه ربما في الأوتيل. ثم أكملت نوما أفاقت منه غدا صباحا .
——————————————-
صباحا، افاقت رشا من نومها متكاسلة. استغربت من نفسها
” غريبه اول مرّه بحلم بيه عادي ومش كابوس “.
حضرت نفسها ونزلت الى غرفة الطعام، لن تشعره بأنه أخافها البارحة ، ستثبت انها اقوى.
لذلك ابتسمت انتصارا، رغم أن الخوف يسيطر عليها. كالعاده ، تجده يشرب قهوته بصمت وكأنه منفصل عن هذا العالم .
” صباح الخير “
” صباح النور ” ردّ ببروده
وجلست ، محاولة السيطرة على انفعالها. انهمكت في تقليب الطعام
” حبعتلك مصممة ازياء و خبيرة مكياج وانت شوفي عايزه ايه “
أيتحدث معها ؟ لا ، أكيد يتكلّم عبر الهاتف. لذلك لم ترفع رأسها ولم تردّ عليه
” لما حد يكلمك ، من باب الأدب تردي عليه”
رفعت رأسها، لم يكن يتحدث عبر الهاتف ، كان يقصدها هي
” نعم ؟ بتكلمني “
” لا، بكلم ظلّك ” . نبرته لا تبشر بخير، فقد عادت اليها السخرية القاتله.
“ام، كنت عايز ايه ؟ “
” اللي سمعتيه ” لن يعيد كلامه.
هل زواج صديقه مهم لهذا الحد ، ثم من قال انها سترافقه
” مش ضروري “
” يعني عندك هدوم شيك ، تليق بالحفله ؟ ” عليه ان يُسكت جميل الوافي مرة واحدة ولذلك عليه ان يحرص على سير الامور كما يريد. فهو نبيل حسين ولن يسمح لاسمه بالاقتران بزوجة لا تعرف من الموضة الا اسمها.
” ومن قلّك اني عايزه اروح اساسا.”
ضحك ساخرا ثم أردف ” وايه المانع ان شاء الله ؟”
” وانا داخلي ايه ؟ مااعرفوش ومش حمشي معاك لاي حته “
” تعرفي مين ؟”
” صاحبك اللي عايز يتجوّز “
” ماعنديش صاحب عايز يتجوز “
” امال بتتكلم عن ايه من الصبح؟ “
” يعني ، بعرف خريجي المحاماة عندهم كده نسبه من الذكاء ، بس الظاهر انك لا مؤاخذه !”
” قصدك ايه ؟ والزم حدودك ، ماتتكلمشي عني كده”
نظر لها نظرته المعتادة ، فذهبت شجاعتها أدراج الرياح ، بل و حاربت دموعها كي لا تفضحها امامه
” ماعنديش اليوم بطولو ، بكره حفلتنا نحنا ” ونظر لها مطولا ، نظرة أرعبتها ” أنا وانت وحنعلن زواجنا للناس .”
اذا لم يكن حلما ، لقد حدّثها فعلا عن حفلة زواج ولكن حفلتها هي . تسارعت دقات قلبها ، وسقط كوب القهوة من يدها وتهشم. لم يهمها الزجاج الذي استقرّ معضمه في يدها . ولكن ما يهمها هو نبيل ، لما الان ؟ لقد تزوجا منذ أشهر طويلة ، لما يريد اعلان زواجهما الان ؟ فقط الان أتتها الاجابه. ” عايز يخلي الزواج حقيقي ” تمتمت بها وقد بدأ جسدها بالانتفاظ و دموعها تحرّرت .
كان ينظر لها وقد عاوده ذاك الشعور ، دموعها وانتفاظها أمامه، ثم يدها التي تنزف . نهض من كرسيّه هكذا بدون سبب واتجه نحو كرسيها ، جذبه نحوه حتى اصبحت رشا في مواجهته، لم تنظر له ، كانت نظرتها الى الامام ، نظرة تعكس رعبا دفينا.
” رشا ، رشا ، ” لم تنظر له ، ستدخل في حالة هستيريا ، هذه هي العوارض . أوقفها وأخذ يحركها بذراعيه
” رشا بصّيلي “
” ماقدرش، مش ممكن، “
” ايه بتقولي ايه ؟”
” ماقدرش ، مش ممكن “
عليه ان يتصرف الآن والا ستدخل في انهيار عصبي و لن يستطيع اكمال خطته غدا.
” رشا ” قالها بصوت أعلى لكنها لم تتجاوب بل ظلت ترتجف و تبكي وتعض على شفتها . نظر لتلك الحبيسة والتي ستُجرح من دون شك. تذكر كيف هدأت حين اقترب منها ، الطريقة الوحيدة لانتشالها من انهيارها هي، انقضّ على شفتها . قبّلها محررا تلك الشفة المسكينة بشفتيه. وكما توقع تماما ، مع شعور رشا بقبلته الحارقة والتي عوّضت بروده بنار مشتعلة ، أبعدته بيديها و صفعته بقوه
” ابعد عني ، ” وأخذت تمسح فمها حتى أدمت شفتها السفلى.
ابتعد متنفسا بصعوبة ، جسده يتفاعل معها بشكل غريب، يفقد بروده بين يديها والان شفتيها ، آه من شفتين خلقتا من عسل. ليست كجميع النساء. هنّ عاديات ، مهما حاولن اثارته ، لا يتفاعل معهن . فقط علاقة باردة لا مشاعر فيها.
عاد الى بروده مجددا بمجرّد الابتعاد عنها . ولكنها ترمقه بنظرة نارية
” كان لازم ترجعي لوعيك بأي طريقه “
” ومالقتشي الا الطريقه دي ؟” ونظرت له بتقزز.
” يا بوسك ، يا اضربك قلم “
” كنت ضربتني ، كان أهونلي من انك..انك “
” ابوسك؟ لا انا مارفعشي ايدي على وحده ست “
سكتت، لا فائده منه ، في قمة غضبها وهو ببرود تام، عليها ان تفهمه انه لا سبيل لاتمام الزواج . تنفست مطولا وقالت بجدية
” مافيش داعي تعلن زواجنا ، نحنا ، قصدي انا كويسه كده “
” لازم نعلنو، الناس مش عارفه اننا متجوزين من سبع شهور “
” مش مهم، “
” بس ده لمصلحتك .” نظرت له بخوف ” انت خايفه ليه “
” وجاي دلوقت تفتكر تعلنو؟”
” أولا انا ليا اسبابي ومافيش داعي تعرفيهم، وثانيا وده الأهم، انت اللي انهرت من يومين عشان في وحده اتهمتك انك مصحباني”
حسنا، النصف الثاني من كلامه معقول. ان أعلنا زواجهما ، لن تظطرّ لسماع الكلام المهين من أي احد. وستثبت أنها زوجته وليست مجرّد فتاة سيئة. ولكن . تسارعت دقات قلبها. النصف الأول من كلامه ! هنا يكمن الاشكال ماذا يقصد ب” ليا اسبابي” . عليها ان تضع النقاط على الحروف.
” ايه هما اسبابك ! “
” مش مظطر اقلك “
” اذا عايزني اشارك في الحفل تقلي”
أيخبرها ، أنه تهديد ؟ وكيف ستتصرف ان علمت ان هناك من يضنها بائعة هواء وسيرفع قضية دعارة . ستنهار ، ماذا يفعل الان ، لا يستطيع خسارة المزيد من الوقت
” عندي صحاب رجال أعمال وكل مرة يعرفوني على بناتهم فقصد الزواج. فعايزهم يعرفو اني متجوز” . كذبة بيضاء .
” متأكد ؟ مافيش سبب تاني ؟”
هنا ضحك بسخرية تامة ، اخيرا فهم سبب انفعالها واسئلتها .
” الامور حتفضل على حالها، بس عايزهم مايضايقونيش تاني ” وكأن هناك مخلوق على وجه الأرض قادر على مضايقته.
أحست بالراحة ، حتى ان ابتسامة قد خانتها ، ابتسامة ارتياح.
” والا انت عايزه حاجه تتغير ؟”
” اه ، لا ابدا، انت معاك حق. خلاص ابعت اللي انت عايزو . ” وانطلقت الى غرفتها تركض.
أما هو ولأول مرّة في حياته يتحرّك فمه ليرسم ابتسامة. ابتسامة لا تنبع من سخرية مريرة .


