رواية اكرهك الفصل السادس عشر 16 بقلم ميريام عريفه – تحميل الرواية pdf

رواية اكرهك الفصل السادس عشر 16 بقلم ميريام عريفه
لحلقة 16
بعد المشادة الكلامية بين نبيل ومراد بيه ، لم يعقب اي من قاطني المنزل عن ما جرى كلٌّ تظاهر بأن ما حدث لم يكن. في تلك الليلة عاد حسام الى قوقعته ولم يخاطب رشا ببنت شفة وانما اكتفى بالصمت رفيقا.
وظهر التأثر على مراد بيه الذي قرر وللأيام الموالية أن يتناول طعامه في غرفته ، تشاركه صورة زوجته وابنته وِحْدته. لم يتركاه وحيدا ، فقط يراقبانه من مكان أبعد بقليل.
رشا ، لم تجرأ على مخاطبة حسام أو الاستفسار عن جامعتها التي تحدّث عنها في ذاك اليوم المشؤوم.
ولكنها استجمعت قوتها الليلة لتتحدث معه. بعد أن عاد من العمل وحان وقت النوم ، نظرت له مترددة
أحسّ بها ، فهو يعرفها جيدا يعرف كيف تتصرف وكيف تعضّ على تلك الشفة المسكينه حين تتوتر . اندفع بصوته
” سبيها .. مسكينه ذنبها ايه “
تركتها واسرعت بالقول ” اسفه ” لم تدري لماذا تعتذر . لكنها وجدتها فرصة للحديث
” حسام انت فاكر لما قلتلي عايز تكلمني فموضوع الجامعه ؟”
” ايوا ، اسف ، فاكر طبعا “
” انا سمعاك “
” فاضل اسبوع بالكتير وترجعي لجامعتك ، انا ظبطت كل حاجة وشوية ناس صحابي ماخلوش نتايج السنة اللي فاتت تأثر كتير . فانت ترجعي عادي وماتشيليش هم “
قفزت من مكانها وانطلقت تحضنه بشدة وهي تقفز . ” ياااي ، مبسوطه اني اخيرا ححقق حلمي ، “
ثم تركته وجعلت تلتف حول نفسها وهي تصرخ فرحا ثم توقفت بعد أن شعرت بدوخة خفيفة لتجد نفسها في أحضان حسام ، كلاهما يتنفسان بصعوبة ، هي من القفز والدوران وهو لأنه خسر معركة ظبط النفس معها ، فراشة تقفز أمامه وشعرها يتساقط متمردا على ظهرها ووجهها . رفع يده نحو خصلة حجبت عنه وجهها، أخذها بيده وبقي يتلمسها بحنية بالغة . استكانت رشا في أحضانه وتذكرت كيف كان حاميها في نوبات الهستيريا . كفى تعذيبا للذات ، تمالك نفسه أكثر لكنها كالعادة عضت على شفتها ، كانت تلك اشارته الخضراء ، من تحدث عن ظبط النفس ؟ اختلطت أنفاسهما المتسارعة ، سيحرر شفتها كما أراد منذ اليوم الأول ، أقترب أكثر بعد أن جعل يده تنغمس في شعرها ترتب ثورته. القليل بعد ويروي عطشا مميتا ، تمتم بصوت كسته الرغبة ” رشا..”
انتفظت رشا من أحضانه وظلت تبتعد عنه حتى التصقت بالحائط وهي تتنفس بصعوبة . وتنظر له برعب حقيقي وخوف. عندما تذكرت كيف كان يحميها ، تذكرت أيضا أنه السبب في نوبات فزعها وكوابيسها التي لم تنتهي . طوقت نفسها بذراعيها.
وقف حسام مذهولا من تصرفها لما تبتعد عنه ؟ وعندما سيطر على نفسه وخمدت نيران رغبته رفع عينيه نحوها ليرى نظرة الرعب في عينيها .
صُدِم من ردة فعلها لم يتصور أن بعد كل مافعله وتَغيّره من أجلها ستقابله بالنفور . احساس غريب اجتاحه ، ولم يعرف كيف نطق بكلمات ودّ لو سحبها في حينها ، لكنها سبقته وخرجت ” انت لسه خايفه مني ؟” سألها ولم يكن متأكد من أنه يريد الاستماع الى الاجابة ف” نعم ” كَفِيلة بقتله حيًّا .
لم تجبه رشا ولم تكن تستمع اليه أساسا، بل ذهبت في عالمها الخاص ، عيناها تنظران الى اللا شيء .
لم يعد من داعٍ للبقاء حمل مفاتيحه وغادر الغرفة .
أخذ سيارته إلى من لا تؤذيه بل تتطوقه بحنانها.
—————————————–
شقته الجديدة تطل على البحر ، أصبح البحر رفيقه الدائم ، فبعد العودة من العمل يحمل نفسه ويجلس على الكرسي في نافذته ويراقب البحر ، يقضي ساعات وهو هناك ، يتحرك ليغيّر الموسيقى أو يطفئ النور . هذا الفراغ الذي يعيشه سيقتله يوما ولكنه لن يُحسّ به ، أترى سخرية القدر ؟
لماذا لا يعيد الكرّة ؟ لماذا لا يرتمي في أحضان البحر مجددا ؟ لكنّ البحر أمامه تغيّر ليصوّر عينيها ، عينان خائفتان تنظران له وكأنه وحش كاسر وهما ضحيته .
” خايفه مني ؟ ” دقّة أخرى على غير العادة ، وضع يده على صدره ، صاحَبتها دقات أخريات مختلفة . سحب يده سريعا . ظن في نفسه أن هواء البحر قد أثر في تنفسه وستصيبه نزلة بردٍ.
وقف من مجلسه وأغلق النافذة .
عرف وجهته ، ملهى ليلي و فتاة لا تسأل كثيرا . أخذ سيارته وغادر .
——————————————-
سارعت الى الحمام تُفرغ معدتها. شعور بالاشمئزاز عاودها ، خلعت ثيابها وارتمت في حوض الاستحمام ، تجعلها المياه تحس بالراحة ، تجعلها تشعر أن برائتها لم تدنّس . بعد نصف ساعة خرجت من الحوض ووقفت أمام المرآة ، تتسابق دموعها وقطرات الماء على النزول ، من يصل ذقنها أولا ، فازت الدموع ، فبعد دقائق جفت قطرات الماء لكن أنهار الوجع بقيت تتدفق حتى رسمت منحاها على وجنتيها، نظرت الى نفسها في المرآة ، عادت رشا المكسورة . ضحكت بمرارة وبصوت هستيري .
” اللي تكسّر مايتصلحش يا رشا ، اعترفي ، انت انسانة مكسوره ، زي الكاس ، مهما حاولت تصلّح واتركب الزجاج ، بردو حيفضل مشوّه. ايوا ، انت مش مكسورة ، انت مشوّهه. انت ماعدتيش مناسبة لأي حاجة خلاص . مهما حاولتي . “
كفى ملاما ، كفى فجَلْدُ ذاتها أدماها. غسلت وجهها للمرة العاشرة وخرجت متوجهة الى خزانة الملابس اختارت بيجامة النوم وتوجهت نحو الفراش . حاولت النوم متقلبة يمنة ويسرة ، ولكن لم يُسعفها الحظ . أخذت كتاب الله بين يديها و بدأت تقرؤ حتى سكنت روحها . هو الشافي و هو الحامي . حمدت الله مرات ومرات ثم وضعته بجانبها وأغمضت عينيها . دقائق وغمرتها راحة جعلتها تسبح في أعماق النوم.
——————————————
يصرُخ بأعلى صوته، ” خايفه مني ؟ برضو لسا بتخاف ! ، أنا السبب ، أنا السبب ” نزلت دموعه متتالية ثم مسحها بكفه وقال ” ريما .. حبيبتي أنا تعبت ، بس خلاص ، ححققلها حلمها انها تتخرج وتكون أشطر محاميه في البلد وبعدها .” تراجع صوته ” خديني ليكي، بترجاكي يا ريما ! أخوك عايز مساعده فساعديني . انت ماتعرفيش اازاي انا حسيت لما بصتلي بخوف ورعب . ريما انا شفت النظره دي ، والنظره دي بتوجع ، بتقتل. وأنا خلاص وربنا تعبت . أبويا موجود ومش موجود ، أخويا … لا دي حكايه تانيه خالص ، انا بتعذب لما بشوفو مش قادر اساعدو ولا غيّر فيه . حيبقى وحيد وتعيس ومش حيحس بدا بس انا بموت كل يوم عشانو. ريما .. انا أخوك ، حبيبك .. مش كنت ديما تقولي لو أطول النجوم أجيبهالك ؟ خلاص انا عايز حاحة وحدة ودي مش مستحيلة ” تنهد طويلا ، رفع رأسه نحو السماء نظر الى النجوم الساطعة و قال بصوت جدي وكأنه يلخص حديثا مهما ” أنا تعبت وعايز أرتاح “
ثم التفت وصعد الى سيارته وانطلق عائدا الى بيته.
——————————————-
” خلاص عملتي اللي عليك ، دول تعبك ، سلام “
” انت ليه كده ، ماتخلينا مع بعض كمان “
” انا كنت عايز حاجه وخدتها ، روحي. “
” بس انا عايزه افضل معاك “
ابتعد من السرير ارتدى ملابسه فتح باب غرفة النوم ونظر لها ببروده المعتاد
” اخرجي بمزاجك والا عادي ارميك في الشارع ومن غير هدوم كمان “
” أهون عليك طيب ؟”
نظر لها مطولا ، ما رأته ، والأصح مالم تره أفزعها ، لم تعكس عينيه شيئا سوى الفراغ . لذلك حملت نفسها وارتدت ثيابها وغادرت .
عاد ينظر الى النافذة أمامه . ضحك ضحكته الساخرة وقال يحدث البحر ” فراغ .. “


