Uncategorized

رواية اكرهك الفصل الثاني عشر 12 بقلم ميريام عريفه – تحميل الرواية pdf


رواية اكرهك الفصل الثاني عشر 12 بقلم ميريام عريفه

الحلقة 12
عندما رفع رأسه لم يرى والده ، مؤكد أنه غادر دون أن يشعر به .رشا متشبثة به . حملها برفق وتوجه نحو السرير ، وضعها بعناية شديدة لكنها لم تترك قميصه. تساءل في نفسه ” والعمل دلوقت؟ أنا لو سبتها ممكن ترجع لحالة الهستيريا ولو فضلت ممكن تزعل لأني نايم جمبها، أعمل ايه بس ؟ ” حسم أمره ، فلتغضب كما تشاء لن يتركها وحيدة .
إرتمى بجانبها وكأنه إنتظر هذه اللحظة طويلا. كانت نائمة بجانبه متمسكة به. شعور يختبره لأول مرة معها. في تلك اللحظة فقط وَدّ لو كانا مجرد حبيبين يتقاسمان قيلولة منتصف النهار وَدّ لو إنمحى الماضي بينهما . تنهد عميقا ، تسبب تغير تنفسه لتململ رشا النائمة لترفع رأسها وتضعه على صدره. إلى هنا وكفى ، فلتغضب كما تريد ، طوقها بذراعيه وأراح نومها على صدره ووضع ذقنه على شعرها ، يتنفس رائحتها.خلقنا من أجل لحظات كهذه . لحظات سعادة وطمأنينة. تمتم بين خصلات شعرها” من الأول قلتلك انت بتاعتي ولازم أرجعك ليا بآي تمن” قبّل رأسها و أغلق عينيه مستمتعا بسويعات قد تسبق عاصفة غضب قادمة.
حل الظلام ، والأصوات المرتفعة جزئيا أيقضتها. منذ أكثر من شهرين لم تنم هكذا ، لا كوابيس هذه المرة فقط راحة وطمأنينة ودفء و.. أنتفضت من مكانها حين أدركت أن وسادتها الدافئة صدره وأن الموسيقى التي أغوتها للنوم دقات قلبه .
لم تستطع الابتعاد عنه ، خوفه من خسارتها جعله يشدد قبضته . حين أحس بحركتها فتح عينيه و قد تحضر لنزال معها. لكنها بقيت ترمقه بدهشة غريبة محاولة التملص من قبضته. لن يتركها ليس مستعدا لخسارة دفئها، ولكنها نظرت له الان بنظرة رجاء ” أرجوك تسيبني ” ليس هذا ما توقعه منها لكنه تركها لن يزعجها أكثر. أرخى قبضته فابتعدت نحو حافة السرير ووقفت مترنحة
“حاسبي” صرخ هو لا إراديا.
عدلت وقفتها وتوجهت نحو الحمام . بقيت مايقارب النصف ساعة ثم خرجت مرتدية عباية سوداء وحجاب
” ممكن تاخدني ازور قبر بابا وماما”
فورا ، كان واقفا ” طبعا، اغير هدومي وجاي، استنيني تحت”
لم تعقب على كلامه و لم يرد ان يَرُدّ لها طلبها رغم توصيات الطبيب بالراحة .
——————————————-
خرجت من الغرفة ، خطواتها أشبه بطفل صغير تعلم المشي منذ أيام كل خطوة تأخذها تتطلب منها مجهودا مضاعفا. وجهها كمصباح قديم صار لونه أقرب للصفرة. لم ترفع رأسها كعادتها ولم تنظر حولها بترقب، كل جهد يستوجب طاقة لا تملكها.
اصطدمت بشيئ لم تعرف ماهو ولم تكلف نفسها عناء رفع رأسها. كانت ترفع رأسها لأن والدها يصرّ على ذلك كان يردد دوما ” ماتوطيش راسك ابدا، لحد . خليه ديما مرفوع عشان خاطري ” والأن مات صاحب الخاطر فلن ترفعه هربت حروف من شفتيها ” اسفة ، ” كان تأسفها لوالدها لأنها مطأطأة الرأس الأن ولكنه سمعها وظنها تقصده .
“مافيش داعي انك تعتذري، كان لازم اخلي بالي من خطواتي”
هذا صوته لاشك ، لم تملك الجرأة لترفع رأسها لتنظر لعينين أصبحت تخافهما أكثر من كوابيسها.
لذلك تحركت خطوة للوراء . وخطوة اخرى ، وخطوة اخرى . هنا تكلم صاحب الصوت
” البقية في حياتك ” ثلاث كلمات لا غير . لم ترفع رأسها وتمتمت بالشكر او هكذا ظنت .
اما هو فلم يسمع شيئا ولم يهتم ، الأن قد ادى الواجب لزوجة اخيه و تحرر من محاضرة اخرى لوالده . فقد أصر عليه أن يعزيها رغم اصراره أن ماسيقوله لن يغير شيئا فهو لم يشعر بالأسى لا على رشا ولا على والديها فلما يتعب نفسه. خرج حسام من غرفته ليجد زوجته وأخاه واقفان . كره أن يرى نبيل الأن فأكيد أن نظرة الاستخفاف بعينيه سيجعلان رشا تظن أن موت والديها حدث تافه لا يستحق من نبيل نظرة عطف، ليتها تدرك . لكنها الان مهددة بانهيار أخر وأي ضغط سيؤذيها تقدم مسرعا وضع يده على كتفها وللمرة الثانية لا تمانع وتوجه لنبيل بالكلام” احنا رايحين المقبرة عن إذنك” لم يعرف لما أعلمه بوجهتهما، لكنه أراد له ان يتخلى عن ذاك الفراغ في عينيه حتى لا تتأثر به رشا. تأخر قليلا، صوت نبيل قادر على ارعابها . وهذا ما تجلاه من قسمات وجهها.
لم يجب نبيل وتركهما يتخطيانه نحو الدرج وتوجه إلى غرفته ، فتح الباب وأغلقه وارتمى على فراشه . نظر للسقف مطولا . أطلق نفسا حارا و ذهب مباشرة الى الحمام. سينسى نفسه مع قطرات الماء الباردة ، مع نزول الماء فوق راسه أحس بشيئ في صدره. وضع يده على موضع الاحساس وسكن قليلا ، لاشيء ؟ فراغ، يستطيع ان يلمس الفراغ داخله. تابع حمامه الذي استمر اكثر من ساعة . وخرج ليجد والده في غرفته . تابع نحوه وقال
“خير؟”
” انت عملت اللي قلتلك عليه ؟”
” ايوه. بالحرف. “
اطمأن مراد بيه وتوجه نحو الباب ليقاطعه نبيل بضحكة ساخرة
” مش دا نفاق ، او كدب مش عارف احدد! يعني كان لازم اقلها البقاء للله؟ و”
” لا، انا ماكنتش قصدك انت، انا كنت عايز رشا تعرف ان احنا بنشاركها حزنها وان احنا عيلتها”
” انتو بتشاركوها، مش نحنا ، انتو . انا ماعرفش اشارك حد اي حاجة ” قالها بصفة عادية وبنبرة ساخرة حتى ، لكن والده تألم لسماعه
” عارف ، عارف. بس هي مش عارفة انك … احم يعني خليها فاكرة انك كمان متأسف على موت اهلها. هي ملهاش حد دلوقت فاهمني يا نبيل؟ بلاش تزود جرحها” وخرج مراد بيه من الغرفة .
لم يفهم لما يتحدث والده هكذا ؟ لما يظن انه سيتعمد قول مايزعجها؟ .
ولكنه سرعان ما أخذ السماعات وأغلق عينيه. كفى اصواتا وضجيجا . أصبحت هذه الحياة مملة جدا. رقصت فكرة جديدة أمامه . سيجربها في القريب العاجل ، فلينتهي من ملف المناقصة أولا .
——————————————-
من المقبرة الى البيت ، كان الصمت سيد الموقف بينهما، فقط شهقات رشا بين الفينة والاخرى ، بكت كثيرا على قبر والديها ودعت أكثر . دعت لهما ودعت لها بالصبر . أراحت رأسها على النافذة وبدأت تتكلم، ظن حسام أنها تخاطبه لكنها كانت تخاطب نفسها.
” خلاص، هما راحو. الله يرحمهم. مافيش داعي تخافي على زعلهم دلوقت. راحو . “
وسكتت كما تكلمت فجأة . لم يفهم حسام شيئا لكن هذا مؤشر جيد، تقبل وفاة والديها مؤشر جيد قاطعت تفكيره.
” انا عايزة اروحلهم كل يوم ، على الأقل الفترة دي . ممكن ؟”
كان تخاطبه أفاق من شروده ” احم، ايوا طبعا كل انت حددي الميعاد وانا حخدك كل يوم.”
” مش عايزة حسنات منك. يعني مش عايزة أسببلك اي ازعاج”
تغاضى عن إهانتها وردّ بهدوء ” ما فيهاش ازعاج انا.. عايز أساعد بأي حاجة”
لم تعقب على كلامه بل أغمضت عيناها و دخلت قوقعتها. بقي ينظر لها تارة وتارة أخرى للطريق.حتى وصلا. عند توقف السيارة نزلت دون ان تنطق بحرف ودخلت المنزل. ظل هو يراقبها . ظرب المقود مرة ومرة وأخرى ولم يتوقف حتى شعر بألم حاد في يديه.
” حالتها عمّال بتسوء أنا أخدت فرحتها وكسرتها و أهلها خدو فرحتها لما ماتو. انا مش ممكن اسمح بانها تخسر فرحتها تاني ، انا خلاص حكون السند والظهر ولازم أتحمل عنادها وشقاوتها . انا.. ماقدرتش اكرها” تنهد مطولا وأردف ” ريما.. أنا حبيتها. قلب اخوكي الحجر حَنْ . ” ابتسم الان وكأنه يهنؤ نفسه. خىرج من السيارة واتجه نحو المنزل . وصل امام غرفته لكن عدل عن الدخول ، تذكر نبيل ووجب ان يتحدث معه.
طرق الباب مطولا ، لم يفتح . الساعة الثامنة ، مازال الوقت باكرا على النوم. فتح الباب قليلا ليجد أخاه مستلقيا على فراشه ينظر للسقف وسماعاته تصدحان بالموسيقى . اغلق الباب وتوجه نحوه.
لمس ساقه ، هنا احس نبيل بوجوده.
” أسف أزعجتك”
نزع سماعاته و” مافيش مشكلة. خير ،؟”
” انا عايز منك طلب ، ممكن؟”
” سامع..”
” ممكن لو سمحت تحاول ماتحتكش برشا؟ “
” هو انت غيران على مراتك من أخوك؟ ” سأله بنبرة عادية . هكذا هو .
شهق حسام مستغربا و أردف قائلا ” أبدا ! أنا مش متخلف للدرجه دي . أنا .. أنا بس عارف إنك .. عارف حالتك و هي مش عارفة فإنت حاول ماتخليهاش تحس انك مش مهتم يعني هي هتفهم ان موت اهلها شي تافه و مش مهم بالنسبالك. فممكن ترجع حالتها تتعكر !”
توجه نحو نافذته وفتحها ” هو بابا اللي بعتك ، وألا انت اللي بعتو ؟ “
” انت بتتكلم عن ايه “
” هو كمان قالي نفس الكلام . “
” انا ماتكلمتش مع بابا في الموضوع، انت عارف بيحب رشا قد ايه”
” أنا ماعرفش حاجة . “
“نبيل مش وقت سخريتك ولا سخافاتك”
” مش سخافة، انت قلت ان انا عارف قد ايه بابا بيحب ر.. مراتك. وانا بقلك انا ماعرفش ايه معنى انسان يحب انسان فيعني انا ماعرفشي حاجة “
عليه ان يسكت الان ، لن يتحدث هكذا عن نفسه، لن يتوسل شفقتهم.
ظهر شبح الحزن على ملامح حسام ، مايعانيه أخاه، انه أعمق مما كان يتصوره.
” خلاص ، خلاص أسف اني ازعجتك بس ، خلي بالك”
“حاضر. أنا هبتعد عن سكتها و طريقها وغرفتها وبيتها و “
” انت بتتكلم عن ايه”
” انا عندي شغل كام يوم كدا وبعدها هسافر .”
” انا ماكنتش قاصد دا “
” مافيش داعي تبرر ، راحة مراتك مسؤوليتك وٱنا ماقدرش أخليك تتخلى عن مسؤولياتك”
” ايوا بس دا بيتك انت كمان ، انا كنت بس عايزك تتحاشى انك تشوفها، مش تسيب البي وتمشي “
” انت عارف ان انا ما يهمنيش كلام حد، دا قرار كنت أخدتو من يومين. “
تنهد حسام وتوجه نحو الباب ، وقبل أن يخرج ” نبيل، انت عارف اني بحبك و بفديك بروحي لو أقدر. بلاش المعاملة دي معايا أنا أخوك اللي عايز سند معاه”
وقبل ان يتحكم بلسانه خرجت الكلمات تباعا ” أنا ماعرفش أتعامل غير بكدا.. “
طأطأ حسام رأسه ، محاولته باءت بالفشل ، لن يستعيد أخاه ، أيقن الان أنه خسره وإلى الأبد. أغلق الباب وغادر
أخذ نبيل سماعاته ووضعهما ونظر مطولا الى السماء المكتسية بالسواد. ” رشا … ر..شا “
وبقي واقفا حتى ادرك أن الأوان قد حان … ليغادر، ليس له مكان بينهم، ليغادر الان ولاحقا سيغادر نهائيا… لم يعد هناك سبب للبقاء 





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى