رواية اكرهك الفصل التاسع عشر 19 بقلم ميريام عريفه – تحميل الرواية pdf

رواية اكرهك الفصل التاسع عشر 19 بقلم ميريام عريفه
الحلقة 19
” مستحيل “
” انا عايز اطمن عليك “
” ماتخفش ، بابا مراد معايا ، وحتى لو هو كمان سبني ، حفضل قويه لنفسي وحعتمد على نفسي باي حاجه . “
” نفسك ، نفسك ، لحد امتى حتعيشي معتمده على نفسك ووحيده ملكيش سند وظهر “
” قادره على كده ، حكون قد مسؤولية نفسي ، انا مش ضعيفة !”
” انت مكسوره، ولازم مين يساعدك ترجعي زي زمان ، عايزه مين يداوي الجرح “
” انا مش محتاجه مساعده من حد ، انا كويسه “
” ههههههه غريب ، هو كمان قال كده “
لم يهمها ان تسأل ، عرفت عن من يتحدث . ولم تجرا على النطق باسمه
” رشا .”
” المره دي ، انا اللي اسفه ، انا مش ممكن اوافق “
” حتى لو كان دا آخر طلب ليا ؟”
” انت طالب المستحيل ، “
” انا ماقلتش بكره اتجوزيه ، قلت لما بابا مايعدش قادر يكون معاك ، اتجوزيه “
” مستحيل “
” عشان خاطري ، لو كان عندك ليا خاطر “
” انا مش ممكن ، انت عارف ، حسام انا ماقدرش اعيش المأساة تاني. لو اتجوزتو حيطلب حاجات …” وبدأت دموعها بالنزول .
” اطمني ، عارف اخويا ، مستحيل ياذيكي ، او يطلب اي حاجه . “
” ومين يضمنلي ؟”
تنهد وقال في نفسه ، دا مابيعرفشي يحس ، حيتقرب منك ازاي .” انا تكلمت معاه وهو فاهم كده كويس ، ماتخافيش، دا لمصلحتك ، لو كنت شاكك واحد في الميه انو حياذيكي ماكنتش طلبت منك كده. “
” مش قادره، مش قادره ، “
اضطربت دقات قلبه وبدأ يتنفس بصعوبه
” ريحيني.. رشا .. عايز اروح وانا مطمن “
” حسام .. ماتسبنيش.. حتغير .. ححاول بس اوعى تسيبني .. “
” ريحيني ، عايز اطمن “
” حسام .. انا رايحه نادي الدكتور “
امسك يدها بضعف ” ريحيني .. “
” نزلت دموعها تباعا ” حاضر .. بس ماتسبنيش “
ضحك بصعوبة ” بحبك، لو كنت غالي عليكي خدي بالك من روحك بعدي وعشان خاطري عيشي.. حبّي واتحبّ..”
وأغلق عينيه ، لتنطلق هي كالمجنونة تنادي الطبيب .
لم يفتح عينيه لكنه عرف انها هناك ، ريما الفراشه . تمتم بينه وبين نفسه ” انا جاهز ، خلصت المهمه. أشهد أن لا أله الا الله وأشهد ان محمدا عبده ورسوله.”
في سرعة البرق دخل الطبيب الى الغرفة وقام بواجبه.
كان الجميع ينتظر الخبر ورشا في. هستيريا من البكاء ، لن يرحل ويتركها ، هناك كلام كثير لم تقله وهناك أمور عالقه يجب حلّها .اما مراد بيه فلم يتوقف عن الدعاء بأعين حمراء من شدة البكاء.
نبيل، نبيل الممثل الذي لا ينتمي الى هذا المشهد. مكانه في مشهد حرب لا يهمه ما أمامه . ليس مكانه مشهد مستشفى وأخوه أقرب الى الموت.
كان يقف هناك يشاهد ردود أفعالهم . ولكنه لايفهم لما لا يتأثر ، صرخ بداخله ان يستفيق ، لكن لايوجد سوى الفراغ القاتل . يحلل عقله الواقعة ولكن احساسه لا يفهم ولا يتفاعل .
خرج الطبيب من الغرفة وقد عكست عينيه المأساة قبل ان ينطق بها لسانه ” انا اسف ، البقاء لله “
سقطت رشا على الارض باكية ، ومراد بيه مصدوم يتمتم ” ان للله وان اليه راجعون ” أعادها مرات ومرات .
وقف نبيل ، لا يعرف ماذا يفعل . مالعمل ؟ هو هكذا في هكذا مواقف يبقى شاهدا محايدا لا يقف في صف احد ، لأنه لا يعرف كيف يتعاطف كي يتصرف.
——————————————-
أسبوع قد مرّ على رحيل حسام . وكأنه قرر ان يأخذ السعادة معه. كان البيت كئيبا. لا حياة فيه ، يرفض مراد بيه الأكل ، ورشا تصر عليه كي لا يتعب فصدمة موت ابنه قد تسببت له بذبحة قلبية وعليها ان تنتبه له، فحاولت ان تتناسى حزنها من اجل مصلحته ، فبعد كل شي ، لم يتبقى لها سواه.
نبيل لم يزر البيت منذ العزاء . لم يسأل ولم يتصل ولا حياة لمن تنادي.
بعد مرور شهرٍ على موت حسام ، اتصل مراد بيه بنبيل لكي يحضر الى البيت .
في غرفة الجلوس ، جلس مراد بيه ورشا بجانب بعضهما وجلس نبيل على الأريكة امامهما، وضعت كريمة القهوة وغادرت بصمت. لم يعد مراد بيه يغيضها من اجل السكر او الملح ، حتى انها لم تضع في مرة من المرات الملح في الطعام متعمدة ، لكنه اكله ولم ينطق ببنت شفة . فعرفت حينها ان رجلا مثله خسر زوجته وابنته ثم ابنه لم يعد يريد شيئا من الحياة.
اخذ مراد بيه القهوة ، شرب القليل و تكلم
” انا اتصلت بيك لاني عايز اوضح حاجه نحنا التلاته معنيين بيها”
لم يتكلم اي منهما فتابع
” حسام الله يرحمه ، قبل مايموت طلب مننا طلب ، وانا عايز اتكلم معاكو في الموضوع ده “
تكلم نبيل أولا ، اراد لهذا الموضوع ان ينتهي ، فمواجهته مع جميل الوافي ةفي اوجها وعليه ان ينهيها وليس لديه الكثير من الوقت ليضيعه
” طلب مني اتجوز مراتو لما يموت”
انتفضت رشا وشدت على شفتها السفلى ، وانكمشت على نفسها
” ايوا ، هو ده كان طلبو ، وحدد كمان الزمان “
هذه تفاصيل لم يعرف بها نبيل . لذلك انصت جيدا
” طلب انك تتجوز رشا لما انا ، لما صاحب الأمانه ياخد امانتو “
أومأ نبيل برأسه ، سيضطر للزواج بها حين يموت والده . طيب.
” رشا ، انت كمان وعيه بده، حسام عايز… كان عايز كده .”
لم تتحرك وكأنها لم تكن معهم ، شعور يقلقها وخوف من المجهول يحاصرها
وقف نبيل وقال
” تمام ، انا رايح ، فهمت المطلوب “
” ماكملتش كلامي ، انا مش موافق على عملو بس مضطر أعملو ، عشان كده انا كمان حضيف شرط، وجودك هنا مالوش داعي . قبل ماموت”
” أظن ان انت عارف . يا بابا .. اننا مش قاتل نفسي عشان اكون هنا . سلام ” وغادر
“التفت مراد بيه لرشا وقال وهو يحتضنها
” انا معاك ، ومش حسيبك ، حنفض عايشين لبعض . انت بنتي. قطعة من روحي وانت عارفه كده ،”
” بس انا مش عايزاه ، انا بخاف منو “
” عشان كده انا بعّتو عنك مش حيجي جمبك ولا حتشوفيه اطمني. “
اطمنت قليلا لما قاله ، صحيح ان نبيل وحش كاسر وشيطان لكنه يحتفظ بوعوده. فعندما طرده والده لم يعد الى البيت مطلقا ، لذلك تنفست الصعداء وقالت
” ربنا مايحرمنيش منك يا بابا. حندير بالنا من بعض ، ربنا حيساعدنا نتجاوز كل حاجه “
” ونعم بالله ” .
——————————————-
ثلاث سنين، قد مرّت ، بحلوها ومرها. عاشت رشا مع مراد بيه والد وابنته ، عائلة واجهت مأساة و تجاوزتها بأقل الأضرار، حزن دفين دائم عند رشا. و ذبحة قلبية لمراد بيه. غير هذا كل شيء في طبيعته.
أكملت رشا دراستها ، وهاهي في سنتها الاخيرة ، عزمت على تحقيق حلمها وحلم حسام، كم شهر يفصلها عن التخرج فتصبح محاميه مختصة في قانون المؤسسات. لم يتبقى الكثير ستنجح وتتفوق من اجلها ومن أجل حسام.
كانت الجامعه ، كابوسا صغيرا بالنسبة لها ففتاة بجمالها تجلب المعجبين الذين لم بتثانو عن طلب صحبتها، لكنها كانت تتوتر دائما ويصيبها الهلع ان تقدم منها اي شاب، فهمت ماذا قصد حسام يومها ” انت مكسوره” . لم تستطع تجاوز الحادثة ولازال خوفها من الجنس الاخر يسيطر عليها.
فهم بعضهم انها غريبة الاطوار ومتخلفه ، اما الاخرون فظنوها فتاة خجولة تصلح ان تكون حبيبة ، فبرائتها تشع من وجهها. أما هو فكان من الشق الثاني. كان دائما ينظر لها على انها الحبيبة التي انتظرها دائما ، ونظرة الحزن في عينيها زادته تعلقا بها ، وعندما فاتحها بالموضوع ، ابتعدت عنه ركضا وكأنه وباء سيصيبها، ولم يزده هذا الا اصرارا عليها . لن ينكر هذا ، هو لعوب و الفتيات اللاتي عرفهن اكثر من شعر رأس والده.
لكنها مختلفة واختلافها جذبه . ولن يتركها فالفضول يقتله . وهي تقتله بلا مبالاتها .
——————————————-
” يلا بقى يا بابا ، بقالك اسبوع كده وانت مش على بعضك ،”
” انا كويس ، شوية تعب وحيروح “
” ماتعاندش يلا ناكل ، انا جعانه “
” هههه يلا ، عشان خاطرك “
” ربنا يخليك “
لم يخبرها انه شعر بألم حاد في صدره منذ اسبوع وان التنفس قد اصبح شيئا مؤلما.
ولم يخبرها انه منذ يومين اغمي عليه في مكتبه ، وطلب من الجميع كتمان الامر.
ولم يخبرها انه قد تكلم مع نبيل في مكتبه البارحه
” نبيل ، انا بقالي كم يوم مش كويس “
اومأ برأسه ، هذا رد الفعل الذي صدر منه.
” انا حاسس ان النهاية قربت ، وعلى قد ماانا مش خايف من الموت لان اللي راحو ماكانوش اغلى مني ، انا خايف على رشا “
” ليه ؟ “
” انت عارف ليه “
” لا مش عارف ، انا نسيت اصلا وشها عامل ازاي ، “
” موضوع جوازكو “
” ماتجوزتش لحد دلوقت ؟ “
” نبيل بلاش سخريتك انت عارف ظروف جوازها من حسام، الله يرحمه، كانت ايه؟ البنت لسه مصدومه من الرجاله “
” وانا مطلوب مني ايه “
” خد بالك عليها ، وماتجرحاش، و اتعامل معاها عادي يعني انت فاهمني .. “
” لا مش فاهم “
” هي مش هتكون زوجه ليك بالمعني التام ، فبلاش ترغمها “
لم يفهم لما يتهمه والده دائما بانه سيزعجها ، وكيف يزعجها وهو لا يهتم بها ؟ نظر الى والده واردف
” مراد بيه، انت فاهم الموضوع غلط، انا حتجوزها لان ابنك ، اللي هو اخويا طلب مني دا . انا مش بتاع جواز ، بالمعنى التام او الناقص . “
” تمام ، نبيل ، احميها ، دي محتاجه حمايه دي مهما بينت انها قويه ، رشا ضعيفه اوي وحساسه ، “
” تمام فهمت ” لم يفهم شيئا , اراد لوالده ان يغادر ، كذب الان وكذب حين قال انه نسي وجهها .
“مع السلامة ماتنساش وعدك ” أومأ برأسه وغادر.
نفض عن رأسه هذه الفكرة و تبعها ليتناول فطوره.




