رواية افراح منقوصة الفصل الثاني عشر 12 بقلم امل صالح – تحميل الرواية pdf

_ حمد الله على السلامة يا عم مختار، إن شاء الله اللي يكرهوك!
مخليها واقفة بتبصله في عينه بشكل مباشر بدون ما تتهتز فيها شعرة واحدة، وهو نايم على السرير قصادها، عاجز حتى عن رفع صابع واحد من أصابعه اللي كانت بتتغرز في دراعها، عاجز عن النطق بحرف واحد بلسانه اللي ياما تعدى عليها لفظيًا بيه وأهانها، عاجز عن تحريك رأسه والنظر ليها بعيونه اللي ياما كتير رعبتها، عاجز تمامًا.!
كان واقف جنبها سراج، ماسك ايدها ماسبهاش من وقت ما دخلوا البيت، عارف إنه لو فلت ايدها هتخاف وترجع تتشوش تاني، متأكد إنها مش بالقوة اللي بتدعيها قصادهم دلوقتي، وإن جواها مرعوبة من الموقف اللي هي فيه.
وكان خير دليل على ده، ايدها اللي بتضغط بيه على كفه مع كل كلمة بتخرجها.
وفي ركن من أركان الغرفة كان واقف نديم ساند على الحيطة وراه وحاطط ايده اليمين ورا ضهره، بيبصلها بصمت وهو أكثر من يعرف مدى كذبها بإدعاء قوة واهية لا تملكها، رغم ملامح وشها الجامدة، حاجبها المرفوع وابتسامة شفايفها الصغير بشبه شماتة على وضع أبوه إلا إنه أكتر واحد عارف إن جواها نفسها تهرب من المكان بالكامل حالًا..
مش سهل إن الإنسان تتغير شخصيته في ليلة وضحاها، ودي فاتن! فاتن اللي كان أكتر حاجة أهلها كارهينها فيها هو ضعفها، فمهما كان اللي مَرت بيه من فقد جنينها صعب إلا إنه مش هيخليها بالقوة – المصطنعة – دي بين يوم والتاني!
وهي من وقت ما دخلت هي وسراج وشافهم ولقى سراج بيقوله إنهم جايين يطمنوا على عمهم مختار وهو فهم إن اللي جابها لهنا سراج، مش هي…
كان ممكن بسهولة يمنعهم بأي شكل من الأشكال أو يرفض وجودهم في الوقت الحالي ومكنش حد هيقوله حاجة لأن سراج هو السبب في اللي أبوه فيه، إلا إنه أول ما اتكلم سراج وقاله كدا وسع ليهم الطريق عشان يدخلوا…
يمكن زيارتها لأبوه تخليها أحسن!
يمكن تخليها أهدى!
هو خلاص بقى مدرك لحقيقة أبوه الكاملة السيئة، بقى مدرك إنه فعلًا يستحق اللي حصل ليه مرة واتنين على ايد أهل فاتن، عارف إنه يستحق الأسوء ولكن ما يقدرش يصرح بده، مهما كان أبوه … وله الحق بأن يُوفَىٰ بره كاملًا، ربنا يحاسبه كيفما يريد ولكن هو كإبنه فواجب عليه بره، دون ذلك فهو على دراية كاملة بمدى سوءه!
اتنهد نديم وهو بيرفع رأسه للسقف، بيفكر … مش آن الأوان ياخد خطوة لصالح زوجته؟! آن الأوان إنه يسترد كرامتها … مش بالصوت العالي والزعيق واللوم والعتاب زي ما سبق وعمل وماجبش نتيجة، لأ .. يسترد كرامتها عملي، فعلًا وليس قولًا.
وخلال ما كان بيفكر لمعت فكرة فجأة في دماغه، خليته يمسك تلفونه ويخرج من الأوضة وهو بيقلب فيه بلهفة بدون ما يلتفت حواليه لأي حد، ولا حتى ليها هي!
رأسها كانت بتتحرك معاه لحد ما اختفى من قدامها، بدون ما يرفع عينه عن التلفون ليها، بلعت فاتن ريقها بصعوبة وهي بتمنع نفسها من العياط، صوّر ليها عقلها إنه بيتجاهلها، من وقت ما دخلت وهو ماحاولش مرة واحدة بس يتكلم معاها أو يوجهلها كلام ولو بالغلط!!
_ أختي بتقولك حمد الله على السلامة، مابتردش عليها ليه يا راجل يا كركوب أنت؟؟
وبص سراج لفاتن اللي لأول مرة ماتعلقش على كلام أخوها أو تحذره بعيونها زي العادة: ضايقتِك الحركة دي صح؟؟ آخدلِك حقِك؟؟
بصتله فاتن بدهشة وهو كان على وشك يقرب من مختار بعد ما شمر أكمامه بإستعداد لكن قبل ما يلمسه كانت هي بتشده لورا: ياخي منك لله أنت ودماغك المتكلفة دي، بس يا سراج بس!
بصلها سراج بنظرة ضيق زي الطفل الصغير المعاقب قبل ما يرجع يقف جنبها، مكنش هيعمل حاجة على كل حال، لكنه لاحظ نظرتها لنديم وطبقة الدموع اللي لمعت جوة عيونها، فحب يخرجها من حالتها دي قبل ما تتطور، بطريقته!
بصت فاتن لمختار بشرود وصمت لما يقارب الدقيقة،
أهو قدامها أهو!
طريح الفراش مسلوب القوة!
ليه مش قادرة تردله ولو جزء بسيط من اللي عمله فيها؟!
ليه لسة في حاجز مانعها حتى من الإساءة ليه بكلمة!
رفعت عينها وبصت لسراج اللي كانت عينه عليها بترقب، بيحاول يخمن هي بتفكر في إيه!
وتوقع أي حاجة منها، إلا جملتها المريبة وهي بتبصله بأكتر نظراتها براءة واللي تنافي تمامًا مضمون كلامها وهي بتشاور على دماغ مختار الملفوفة بشاش أبيض:
_ ينفع أضغط عليها؟؟
ولأول مرة سراج عينه هي اللي توسع بدهشة!
دهشة ماطالتش كتير، تلاشت فورًا وحل مكانها إبتسامة عريضة كلها مكر وهو بيجاوبها: ينفع أوي..
بصت حواليها الأول، الأوضة فاضية من كل الأشخاص إلا هي وسراج، نديم لسة خارج، وأمه خرجت وراه وقبلهم خرج مجدي بعد ما اتأكد إن أبوه نايم في سريره بأمان..
رجعت تبص لمختار تاني وهي بتقرب ايدها منه بتردد،
لحد ما بقت على دماغه، فوق الشاش..
رفعت راسها لسراج اللي شجعها بعينه، فضغطت!
ضغطة طويلة، كل شوية تزيد قوة ايدها فوق راسه، عيونها بتملع بنظرة غريبة، هي كمان عايزة تشوفه بيتوجع، عايزة تشوفه مرعوب وخايف..
صرخة خرجت من مختار،
صرخة وجع لشدة ضغطها على رأسه،
صرخة ماهزتهاش ولا خليتها تتراجع.
مكنتش خايفة زي العادة،
مارجعتش لورا بخوف لما فتح عينه وبصلها،
كملت عادي!
مكنتش حاسة بأي حاجة حواليها، فقدت وعيها بشكل مؤقت، بيمر قصاد عينها مشاهد كتير ليها مع مختار تمنت يكون رد فعلها فيها مختلف، أقوى وأكثر تماسكًا..
لحد ما فجأة لقت حد بيبعد ايدها عن مختار وبيلفها ليه، كان نديم، اللي خلص مكالمته من دقايق ورجع تاني فاتفاجئ باللي بتعمله، فضل واقف مكانه وهو مستني يشوف هتوصل لإيه، لكن طولت! وصريخ أبوه تعبه!
فاتن عينها توترت لوهلة وهي بتبص لكل حاجة حواليها إلا ليه، استنت يزعق أو يتعصب، لكن ماتوقعتش صوته الهادي وهو بيتكلم بإرهاق: خلاص يا فاتن كفاية!
كان هيتكلم سراج ولكن نديم قاطعه بنظرة حادة: ممكن ملكش دعوة؟؟ اسكت دلوقتي لو سمحت!
ورجع يبص لفاتن، اللي سحبت ايدها من ايده بهدوء وهي بتتحرك ناحية الباب: يلا يا سراج..
عدى من جنب نديم وهو بيرد عليها ببسمة مستفزة قاصد بيها يضايقه: يلا يا قلبه.
خرجوا الإتنين من البيت، كانت بتتحرك بخطوات أشبه للجري، وقفت قصاد البيت بعد ما خرجت وبصت لسراج باستنكار:
_ ليه ما نبهتنيش؟؟ ليه سيبتني أعمل كدا يا سراج؟!!
بصلها سراج بدهشة: أنتِ عبيطة؟؟ مش أنتِ اللي طلبتي!
_ بس .. بس مش كدا؟؟ ده إنسان مريض وحرام اللي عملته ده، حتى لو عايزة اخد حقي مش بالطريقة دي وهو لا حول له ولا قوة، كان لازم تفوقني!
اتعصب سراج وهو بيرد عليها: يعني هو حرام اللي عملتيه ومش حرام اللي هو عمله فيكِ؟؟
_ أنت باللي عملته فيه ده خدت حقي وزيادة، مكنش ناقصه حاجة مني عشان يتوجع أو يندم أساسًا.
غمض عينه وهو بيحاول يمسك اعصابه: امشي يا فاتن قدامي، امشي من سكات لحد ما نوصل عشان ماتجننش عليكِ.
ولحسن الحظ سمع نديم حوارهم القصير،
ابتسم … فاتن هي فاتن، حبيبته الطيبة، الرقيقة واللي حتى لو الأذية حق فلا ترتضيها..
وكمان أسبوع مر عليهم، ولسة كل طرف في جانب خاص به رافض أن يتحرك خطوة واحدة للطرف التاني.
في بيت نديم، الباب خبط فجأة بعنف وقوة بشكل يثير القلق، وقف فتحه بعد ما كان على وشك النوم فاتفاجئ بمجدي أخوه في وشه..
الرعب والخوف مرسومين على وشه، واضحين في نبرة صوتها المهزوزة: الحق يا نديم، مصيبة!!
_ مصيبة ايه؟؟؟ في ايه يا مجدي؟!!!
_ الأرض بتاعتنا في كفر *** قاعد فيها ناس غريبة، بيقولوا أرضنا.!! ومعاهم ورق وعقود بالملكية وبيع وشرا!!!
وحط ايده في شعره وهو بيكمل بتوتر وعدم فهم للمصيبة اللي حلت فوق دماغهم: أبوك هيبهدل الدنيا لما يفوق ويعرف، هيجراله حاجة فيها..
بص لنديم لقاه بيحط ايده على قلبه وبيتنفس براحة: خضتني يا مجدي!! حرام عليك؟!!
رجع مجدي يصرخ بجنون: أنت بتهبب ايه، بقولك الأرض اتباعت بورق ومصيبة سودا تقولي خضتني!! أنت صاحي يا نديم!
صدمة مجدي بهذه المصيبة من وجهة نظره لا تساوي شيء بصدمته لما رد عليه نديم بأكثر ابتساماته برودًا ولامبالاة:
_ ماتقلقش .. أنا اللي بعت الأرض، اشتريت بيها شقة .. بإسم مراتي.
يتبع…ᥫ᭡
الثالث عشر من هنا
