رواية وجمعتنا الغربة الفصل الثالث 3 بقلم اماني عمر – تحميل الرواية pdf

رواية وجمعتنا الغربة الفصل الثالث 3 بقلم اماني عمر
شعرت مريم أن أحد ما يحاول فتح الباب الذى أغلقته بالمفتاح فور دخولها الغرفة عنوة فاقتربت من الباب وقالت بالفرنسية
أنت مين؟
لم يجيبها أحد ثم سمعت صوت خطواته وهو يبثعد فتنفست الصعداء
ثم ألقت بنفسها على الفراش وأجهشت بالبكاء وقد شعرت في هذه اللحظة بمرارة الغربة والوحدة وتمنت لو أرتمت في أحضان والدتها الآن
رن جرس الهاتف وبدون وعى أجابت وهى تنتحب
وحشتني أوى يا ماما خلاص مش قادرة أبعد عنك أكتر من كدة
رد عليها الطرف الآخر بصوته الرخيم
مالك يا مريم ؟ فى حاجة تانية حصلت؟
تفاجأت به ولم تكن تريده أن يشعر بضعفها فمسحت دموعها براحة يدها واستجمعت شجاعتها ثم ردت عليه بثبات
مفيش حاجة 0 بس كنت فاكراك ماما اصلى وحشتني أوى
طب أنا خت ميعاد من الراجل اللي كلمتك عنه بكره الظهر حوالى الساعة واحدة كونى جاهزة وهعدى اخدك بالعربية
ثم أغلق الخط بدون أن ينتظر الرد0 آلمها معاملته لها بهذه الطريقة فعلى الرغم من انه يساعدها ولكن يعاملها بطريقة جافة جدا يصعب عليها تقبلها
وهى الآن فى أمس الحاجة لشخص يحنو عليها ويحتويها ليخفف عنها عبء الوحدة والغربة
****************
القاهرة
ذهبت نهى صديقة منار لعايدة لتعرف منها اذا كان هناك أخبارجديدة عن منار واستقبلتها عايدة بترحاب
أهلا يا حبيبتي تعرفي انى بشم فيكي ريحة منار ثم أجهشت بالبكاء
لسه بردوا مفيش أخبار عن منار؟
والله لسه يانهى وبفكر أخلى مريم ترجع بقى عشان خلاص مش قادرة على فراقهم هما الاثنين
ترددت نهى قليلا ثم قالت
فى حاجة كنت عايزة أقولك عليها بس فى الحقيقة أنا مش عارفة اذا كانت حاجة مفيدة ولا لأ
نظرت اليها عايدة بقلق
قولي يا بنتي وقعتي قلبي
أنتى عارفة ان منار بتخاف من الحقن اوى
آه طبعا عارفة
عشان كدة لما سمير طلب منها تعمل شوية تحاليل وأشعة لزوم السفر طلبت منى أعمل التحاليل بدالها بس باسمها هي وأنا ترددت في الأول وبعدين قلت زي بعضه أهه أطمن على نفسى بالمرة
نظرت اليها عايدة ويبدو أنها لم تستوعب شئ مما قالته
تقصدي ايه بكلامك ده ؟وليه منار ما قلتليش حاجة زى كده؟
ولا حاجة أنا قلت أقولك وخلاص
****************
دخلت مريم لتأخذ حمام ساخن لتحسن من مزاجها قليلا قبل مقابلة محمد ثم ارتدت ملابسها وكانت على وشك الخروج من الغرفة ولكن اصطدمت برجل ضخم الجثة يدفعها الى الداخل عنوة ثم أغلق الباب بقدمة وعندما حاولت الصراخ وضع يده على فمها وبيده الأخرى كان يتحسس جسدها حاولت بكل جهدها أن تدفعه بعيدا عنها ولكن لم تستطع ثم دفعها على الفراش وانقض عليها بجسده فرأت وقتها زجاجة الماء الموضوعة بجانب الفراش فأمسكتها وضربته بها على رأسه فوقع على الأرض والدماء تسيل من رأسه فارتعدت أوصالها وركضت الى الخارج بلا وعى وهى تنظر الى الخلف فى ذعر فاصطدمت به مجددا
فقال بحدة
يظهر كده باقت عادتك الأيام تمشى من غير ما تبصى قدامك
اطمأنت حين سمعت صوته الرخيم وألقت بنفسها في أحضانه وهى تبكى
تبدلت ملامحه فى هذه اللحظة من الجمود والغضب الى القلق واللهفة ثم قال وهو يملس على شعرها بحنان
فى ايه يا مريم طمنينى عليكى؟
أجابته من خلال دموعها
ضربت واحد على راسه ويمكن يكون مات
ركض معها محمد الى غرفتها وتحسس نبضه ثم ظفر بارتياح
متقلقيش بس مغمى عليه من الخبطة
جذبته من ذراعه
طب يله بسرعة نمشى قبل ما يفوق ويعملنا مشكلة
منقدرش نسيبه كده ممكن يتصفى دمه ويموت بجد
طلب منها شنطة الاسعافات الأولية فجلبتها له ثم سألها وهو يضمم جراحه
ضربتيه ليه؟ ثم استطرد بسخرية
ليكون عايز يتجوزك
نظرت مريم اليه بغضب لأنه يسخر منها حتى فى هذا الظرف بالرغم انها تعلم ماذا يقصد بتلميحاته فردت عليه ايضا بسخرية
– لأ بس كان عايز يغتصبني
وقع الضماد الذى كان يلفه على الجرح من يده ثم نهض وترك الرجل قبل أن ينهى عمله ثم ركله فى معدته فتأوه الرجل ألما وقد فاق فى تلك اللحظة وشعر بالخوف الشديد عندما رأى محمد أمامه ينظر اليه بعيون نارية يملأها الغضب فسحبه محمد من ياقة قميصه حتى وقف على قدميه وقال له بالفرنسية
اعتذر منها
أعتذر الرجل من مريم ثم ركض مسرعا الى الخارج
التفت محمد اليها وقال بلهجة الأمر
يله لمى حاجتك بسرعة ملكيش قاعدة هنا تأنى
امتثلت مريم لرغبته بالرغم من انها لا تعلم الى أين سيأخذها ولكن وجوده بجانبها كان يشعرها بالأمان وكانت ممتنة من داخلها لشعورها بخوفه عليها
******************
في القاهرة في شقة نهى صديقة منار
فتحت باب شقتها ووجدت زوجها جمال بانتظارها
– ها قلتلها اللى احنا شاكين فيه ؟
– مقدرتش يا جمال 0 أي أم هتستحمل الكلام ده وخصوصا انى احنا مش متأكدين بس أنا لمحتلها
– و مشكتش في حاجة ؟
– لأ وأنا كنت متوقعة كدة لأن أم منار دى ست طيبة وعلى قديمه ولا يمكن تتخيل أن في حاجات زي دي بتحصل الأيام دى في الدنيا
– طب لازم على الأقل تقولي لمريم عشان تاخد بالها وتعرف هى ممكن تكون رايحة فين ولا ايه اللى مستنيها وتاخد بالها
– معاك حق هنزل اشترى كارت وهكلمها
*****************
اتصل محمد بالشخص المدعو شيخ العرب وأجل الموعد الى المساء بحجة أن لديه عملية مهمة لا يستطيع تأجيلها
نظرت اليه مريم نظرة جانبية وهى تجلس بجانبه فى السيارة
ياريت تدلني على أى أوتيل يكون محترم وأسعاره معقولة
رد محمد بلهجة قطعية
مش هتر وحى أي أوتيل تانى
نظرت اليه باستغراب
– قصدك ايه؟
– هتيجى معايا على بيتي
صاحت مريم عليه بغضب
ايه عايزنى أقعد مع راجل غريب عنى فى شقة لوحدنا عمرى ما اتوقعت تكون دي أخلاقك
اهدى بس شوية أنا مش قاعد لوحدي معايا صاحبي اياد وفى كمان كاترين الشغالة ست كبيرة فى الخامسين ودى بتيجى يومين فى الاسبوع بس لو وافقتى تعيشى معانا هخليها هي كمان تفضل معانا مظنش هترفض
ردت عليه بحده
وليه دا كله ايه اللى يخليك تغير نظام حياتك عشانى وكمان ابه اللى يجبرنى أعيش مع اتنين شباب أغراب عنى
الأمور دى عادية جدا هنا وبتلاقي ناس كتير ولاد وبنات حاجزين كل واحد غرفة وعايشين عادى فى نفس البيت
بس احنا مصريين مش أجانب والحاجات دي عيب عندنا
أوقف محمد السيارة ثم التفت اليها وقال بغضب
اذا موافقتيش على الحل ده هخدك أوديكى لبيت عمك بنفسي وغير كده مش هقدر أطمن عليكى
تذكرت مريم زوجة عمها وهى تلقى بملابسها من الشرفة ومنظر عمها وهو يبدو مكسورا ولا يستطيع فعل شيء أمام جبروت زوجته الفرنسية
وكل اللي قدر يعمله أنه أعطاها مبلغ من المال لتدبر به أمورها حتى تعود الى مصر
لأ لأ عمى لأ
يبقى نروح للحل التانئ وتيجى معايا على بيتي ومتخافيش أنا واياد هنعاملك كأخت لينا وأكثر
شعرت مريم بغصة فى قلبها عندما قال انه سيعاملها مثل أخته ولكنها لم تظهر له ذلك
لكن مش المفروض تاخد رأى شريكك فى الأول وكمان
صمتت ولم تكمل جملتها
وكمان ايه
المبلغ اللى باقى معايا مش كبير أوى يعنى لو قدرت أدفع معاكم الإيجار الشهر ده مش هقدر أدفع الشهر الجاى وبقالي مده بدور على شغل ومش لاقيه
مش سهل تلاقى شغل هنا وكمان انتى ممعكيش تصريح عمل ولو اتقبض عليكى هيرحلوكى مصر فورا
ردت عليه بيأس
يعنى أعمل ايه
وكمان دى عندى ليها حل
برقت عينيها
ازاى يعنى عندك شغل مناسب ليا؟
أنت بتكلمي وتكتبي فرنساوى كويس مش كده
ايوة
عظيم جدا هتكوني مساعدة ليا في كتابة رسالة الماجستير
احست مريم انه فقط يريد مساعدتها وشعرت بالإهانة وبدون أن تنطق بكلمة فتحت باب السيارة وركضت الى الخارج والدموع تنهمر من عينيها
*****************
ظل اياد طوال اليوم يبحث عن عمل ولكن بسبب لغته الفرنسية الضعيفة لم يستطع أيجاد عمل مناسب فجلس في أحد الكافيهات يلتقط أنفاسه ولحسن حظه وجد اعلان معلق على لافتة الكافية استطاع بصعوبة أن يفهم بعض الكلمات منه انه مطلوب جرسون وعامل لغسل الأواني فسأل عن مدير الكافية لعله يستطيع أن يقوم بتوظيفه في أحدى العملين
***************************
ركض محمد وراء مريم ثم استطاع اللحاق بها وأمسكها من معصمها ولكنها أفلتته منه بعصبية
– سبنى
– ماشى بس ممكن أعرف ايه اللى زعلك كدة
أجابت من خلال دموعها
– أنت بس قاصد تهنى وتحسسنى بالضعف عايزتنتقم منى عشان اللى عملته معاك قبل كده
زفر محمد بضيق
– ده اللى فهمتيه من عرضي ليكى
ثم أردف بغضب
– أنتى غبية وهتفضلى طول عمرك غبية
– يجوزأكون غبية بس عمري ما هقبل احسان من حد
تنهد محمد بنفاذ صبر
– صدقينى أنا محتاجلك بجد عشان فيه ملاحظات كتير بكتبها بخط اليد وبالعربى وبتبقى محتاجة انقلها على اللاب توب وأترجمها بعد كدة ودة بياخد منى مجهود ووقت كبير وطبعا اذا قدرت أنجز الرسالة بوقت أسرع درجتى العلمية هتزيد وبالتالي مرتبي ثم استطرد
– يبقى كده ساعدتينى ولا لأ
مسحت دموعها براحة يدها ثم قالت
– ماشي بس على شرط
أومأ لها برأسه مستسلما
– ماشى ايه هو شرطك
– دي هتبقى مساعدة منى لصديق ومش هاخد عليها أجر والإيجار هدفعه زيي زيكم
زفر محمد بضيق من تعنتها
– براحتك
– بس تفتكر زميلك في السكن هيوافق على وجودي
ابتسم محمد ضاحكا
– ده ما هيصدق عشان يلاقى حد يخف من عليه المصاريف
ترددت مريم قليلا ثم سألته
– طب ومراتك مش هتضايق لو في واحدة جت تعيش معاك في بيتك
تطلع محمد عليها باستغراب قبل أن يلاحظ نظرها مثبت على دبلة الزواج الذى يضعها في يده اليسرى فرد بلا مبالاة
– احنا انفصلنا خلاص وكل واحد راح لحاله
لم تستطع مريم اخفاء ابتساماتها عندما سمعت ذلك
ثم قالت بخبث
انفصلتوا ليه؟ ده اذا كنت تسمحلى اسأل ؟
لأنها غبية وجبله ومقدرتش حبى ليها
طب ليه لسه لابس الدبلة لغاية دلوقت مع انكم انفصلتم
نظر اليها محمد بنفاذ صبر
أجليلى فضولك ده شويه وخلينا في اللى احنا فيه
**********************
*** حاولت نهى الاتصال بمريم عدة مرات ولكن كان هاتفها دائما خارج الخدمة فقد نسيت مريم مع كل الأحداث التى مرت بها طوال اليوم أن تشحنه فالتفتت الى جمال
– هتصل بيها بعدين يمكن مش فاضية دلوقتى
قال لها جمال محذرا
– بس قبل ما تقوليها أي حاجة اتاكدى الأول أنها لسة معرفتش اى حاجة عن منار بدل ما تفزعيها على الفاضي
أومأت برأسها بإيجاب
– أكيد
******************
نظرت مريم باعجاب الى حديقة المنزل الرائعة والى مساحة البيت الشاسعة فهى لم تكن تظن أبدا ان البيت بهذا الجمال
فتح محمد الباب بمفتاحه ثم طلب من مريم الدلوف الى الداخل فدخلت على استحياء لا تدرى هل اتخاذها هذه الخطوة كان صوابا أو خطأ ولكن كان هناك شعور بالخوف يعتريها
قال محمد بسخرية
– ادخلى برجلك اليمين
ابتسمت مريم ونفذت ما طلبه
ثم أخذ ينادى على اياد ولكن لم يرد عليه أحد
– يمكن راح يدور على شغل
شهقت مريم
– يعنى هو كمان ما بيشتغلش .
– مش كده بالضبط بس كل يومين يترك الشغل أو بمعنى أصح بيترفد وبعدين يرجع يدور على شغل من جديد
نظرت مريم اليه بعينين تفيض بالحنان وقد أدركت انها ليست هى فقط من يساعدها ولكن هذه هى طبيعته فهو شهم وكريم مع الجميع
كانت تنظر اليه بامتنان ولكن نظرتها تخللت أوصال محمد حتى آشاح ببصره عنها وهو يقول
– بتبصيلي كده ليه؟
– ولاحاجة بس كل شوية بعرفك أكتر وبحب اللي بعرفه
– لو سمحتى يا مريم أنتى هنا بس عشان بنت بلدى وفى غربة ولما عرفت حكايتك حبيت أساعدك مش أكترمن كده وأي واحدة غيرك كنت هعمل معاها كده بردو أما بالنسبة للى حصل زمان فدى كانت غلطة ومش عايز أفتكرها
وقع كلامه عليها كالصفعة وحاولت بكل جهدها أن تمنع الدموع أن تسقط من عينيها كانت تريد أن تخبره أنها ندمت أشد الندم على ما فعلته معه بالماضي وأن تطلب منه السماح ولكن كبريائها منعها وخاصة وهو يتعامل معها بهذا الجفاء
– اتفضلى .دي هتبقى أوضتك من النها ردة
آشار لها على احدى الغرف ثم حمل حقيبتها ودلف بها الى داخل الغرفة وهى ورائه
أعطاها مفتاح الغرفة
– هسيبك بقى تستريحي شوية على ما يجى ميعادنا
*******************
–
أخذت مريم حمام ساخن وأستعدت للخروج مع محمد لمقابلة شيخ العرب وكانت على وشك الخروج من الغرفة في نفس الوقت الذى كان محمد يقف على باب غرفتها يطرق على الباب
– يله أنا جاهزة
– غريبة ؟
نظرت له مريم بدهشة
– هو أيه اللى غريب؟
– يعنى أول مرة ألا قى بنت مواعيدها مظبوطة.
ظنت مريم أنه يشير الى زوجته بهذا الحديث فلم تعلق على الأمر
– طب يلة بينا علشان منتأخرش والمرادي الراجل مش هيدينا ميعاد تأنى
********************
في حوالى الثامنة دلف اياد الى داخل الشقة واستنشق رائحة غريبة
– أقطع ايدى لو مكنتش دى ريحة برفان حريمى0 وشكل الدكتور بيلعب بديله في الشقة من ورايا
سار وراء الرائحة حتى وصل لغرفة مريم ووجد بعض مستحضرات التجميل تعلوالمزينة فأخذه الفضول أكثر وفتح خزانة الملابس فوجدها مليئة بالملابس النسائية
عقد اياد حاجبيه باستغراب
– هوفى ايه بالظبط؟
أخرج قطعة من الملابس واستنشق رائحتها بغبطة
– ريحتها حلوة أوى يا ترى مين صاحبتهم
*******************

