رواية موعدنا في زمن آخر الفصل الثاني عشر 12 بقلم مريم الشهاوي – تحميل الرواية pdf

|12-محتالة قلبي!|
فرانكو: We’ve moved, boss… Peter is with us alone. He didn’t bring his wife and daughter as you mentioned.”
“لقد تحركنا يا زعيم… بيتر معنا بمفرده، لم يحضر زوجته وطفلته كما ذكرت.”
ضحك ستيفن، وقال:”Didn’t I tell you? His wife will never leave her home and country for him, especially knowing he wants to hide away for years until his case is completely erased from court.”
“ألم أخبرك؟ زوجته لن تترك بيتها وبلدها من أجله، خاصةً وأنه يود الهرب لسنوات حتى تنتشل قضيته تمامًا من المحكمة.”
همس فرانكو بصوت خافت:”But tell me, boss… why did you let him stay with us when you’ve known he’s Noah since the second year he was here?”
“ولكن، أخبرني يا زعيم، لمَ جعلته يكمل معنا وأنت تعلم بأنه نوح منذ السنة الثانية وهو بيننا؟”
ضحك ستيفن مرة أخرى، قائلاً:”First, because Peter has been achieving in a few years what you all had been trying to accomplish for much longer — our gang’s fortune has doubled since he joined us. And second… I truly intended for him to know his family and return to them. I found out his family is in Egypt, his real name is Noah, and he works as a captain. But then… someone contacted me from there and told me…”
“أولًا، لأن بيتر كان يحقق في ما كنتم تحقّقونه بسنوات، وثروة عصابتنا ازدادت الضعف منذ انضمامه إلينا. وثانيًا… كنت أنوي حقًا أن يعرف عائلته ويعود إليهم، وقد علمت أن عائلته في مصر، وأن اسمه الحقيقي نوح، ويعمل قبطانًا. ولكن هناك من تواصل معي من هناك، وقال لي…”
____
عودة إلى الماضي لدقائق*
ستيفن:”Do you know Noah?”
“هل تعرف نوح؟”
المتصل: “Yes, I know him very well… and because I know him, I don’t want you to let him go back.”
“نعم، أعرفه جيدًا… ولأنني أعرفه، أريد منك ألا تجعله يعود.”
ستيفن:”Why?”
“لماذا؟”
المتصل: “Because that’s what I want… Noah is an obstacle in my life, and if he disappears, I’ll finally have peace.”
“لأن هذا ما أريده… نوح عائق في حياتي، وإذا اختفى فسأرتاح.”
ستيفن: “But how could I keep him away from his family so you can ‘have peace’? Who are you, anyway?”
“ولكن كيف سأبعده عن عائلته لتستريح؟ من أنت بالأساس؟”
المتصل:It doesn’t matter who I am… what matters is, how much do you want to keep Noah with you?”
“لا يهم أن تعرف من أنا… المهم هو كم تريد كي تبقي نوح عندك.”
ابتسم ستيفن بمكر، وكان واضحًا أنه يدبر شيئًا ما.
واصل ستيفن حديثه مع فرانكو:”He sent me money for two years in exchange for me not revealing Noah’s truth to him. Then suddenly, this strange man vanished… all his numbers disconnected. I gave him three months, but I couldn’t reach him. So, I sent Noah back — just to remind him that I can’t be fooled.”
“كان يرسل لي المال لمدة سنتين، والمقابل هو أنني لم أصرح لنوح بحقيقته. ثم فجأة، وجدت هذا الرجل الغريب اختفى… جميع أرقامه غير موجودة، لقد أعطيته فرصة ثلاثة أشهر، ولكني لم أتمكن من الوصول إليه. لذا، أرسلت له نوحًا ليعلم أنني لا يمكن أن يُخدع بي.”
ضحك فرانكو، قائلًا:”And why did you bring Noah back again? Wouldn’t you be happier if he stayed with his family?”
“ولمَ أعدت نوح مرة أخرى؟ ألا يسعدك أن يبقى مع عائلته؟”
ستيفن:”No… I’m happier when that fool pays me to keep Noah here and away from his family. Money is what matters now — loyalty doesn’t mean anything in this game anymore.”
“لا… بل يسعدني أن يدفع لي هذا المغفل المال مقابل بقاء نوح عندي، وعدم رجوعه إلى أهله. المال هو ما يهم، والولاء لم يعد له قيمة في هذه اللعبة.”
رد فرانكو، بلهجة مشوبة بالذكاء: Ah, I see… when you returned Noah to his family, that man contacted you and said he’d start sending money again.”
“أها، فهمت… عندما أعدت نوح إلى أهله، قد تواصل معك هذا الرجل، وقال لك بأنه سيعاود إرسال المال مجددًا.”
ابتسم ستيفن بمكر قائلًا:”Exactly. Every move is calculated, every action carefully planned. It’s like a chessboard — every piece plays its role in securing our gains.”
“بالضبط. كل خطوة محسوبة، وكل فعل مُدبر بعناية. إنه مثل رقعة الشطرنج، حيث كل قطعة تلعب دورها في تحقيق مكاسبنا.”
أضاف فرانكو، مشددًا على كلماته:But you need to be careful. If you play with fire, don’t be surprised if your fingers get burned.”
“لكن عليك أن تكون حذرًا. إن كنت تلعب بالنار، فلا تتفاجأ إن احترقت أصابعك.”
ستيفن:”I know exactly what I’m doing.”
“أعلم تمامًا ما أفعل.”
ردَّ فرانكو، مُعبِّرًا عن قلقه العميق:We must make sure Noah never learns about any of this; I fear him. If he discovers the whole game, he won’t spare us. This man has abilities that can’t be underestimated, and a resolve strong enough to bring down mountains. If he feels threatened, he’ll become a relentless enemy — not just seeking revenge, but total destruction.”
“يجب أن نكون حذرين من أن يعلم نوح بكل هذا؛ فأنا أخاف منه. إذا اكتشف حقيقة اللعبة كاملة، فلن يرحمنا بتاتًا. إن لدى هذا الرجل قدرات لا يُستهان بها، وعزيمة تُسقط الجبال. إذا شعر بالتهديد، فسيصبح خصمًا شرسًا، لا يكتفي بالانتقام بل يسعى إلى التدمير الكامل.”
قال ستيفن بابتسامة مملوءة بالثقة والغموض:And how would he find out?”
“وكيف سيعرف؟”
تجهم وجه فرانكو قليلًا، وكأنه يعبر عن قلقه المتزايد وقال بصوت خافت:I don’t know how… but I’m afraid of that moment when he does. A moment like that could turn everything upside down.”
“لا أعرف كيف، لكني قلق من تلك اللحظة التي قد يكتشف فيها كل شيء… لحظة كهذه قد تقلب الأمور رأسًا على عقب.”
أغمض ستيفن عينيه للحظة وكأنه يتأمل مدى هشاشة الموقف، ثم عاود الحديث قائلًا:Don’t worry. Everything is meticulously planned, every step measured to perfection. Franco, there’s something I want you to do.”
“لا تقلق. كل شيء مدبّر بعناية فائقة، وكل خطوة محسوبة بدقة. فرانكو، هناك أمر أريدك أن تقوم به.”
ارتفع رأس فرانكو على الفور، مستجيبًا للأمر:Your command, boss. What do you need from me?”
“أمرك يا زعيم، ماذا تريد مني؟”
ابتسم ستيفن ابتسامة باردة وأضاف بصوت منخفض كأنه ينسج خيوط الخديعة:
“Tonight, we’ll throw a party to celebrate Noah’s return to us. Everyone will be there, everyone will think things are going smoothly… but I want you to give Noah a special assignment. I want you to…”
“الليلة، سنقيم حفلة بمناسبة عودة نوح إلينا مرة أخرى. الجميع سيكون حاضرًا، والجميع سيتوقع أن الأمور تسير على ما يرام… لكني أريد منك أن تُنفذ بنوح مهمة خاصة، أريدك أن تفعل………
ارتسمت ملامح التعب على وجه حمزة وهو يقود سيارته عائدًا إلى منزله، وقد أمسك بهاتفه يتحدث إلى صديقه سمير، فقال بنبرةٍ مازحة:
“ولا يا سمير شيل عني في الكام يوم الجايين.”
فجاءه صوت سمير متعجِّبًا:
قهقه حمزة، وتابع حديثه عبر الهاتف، وعيناه تتابعان الطريق الممتد أمامه:
“لا يا خفيف، عندنا طلعة في طوكيو.”
اعتدل سمير من جلسته فجأة، وقد تهللت ملامحه:
“احلف اجي معاك؟”
فقال حمزة ضاحكًا:
“تيجي معايا آه يلا… وتولّع الشركة.”
أطرق سمير متأففًا، ثم قال:
“يا عم هي هتطير… نفسي نخرج في سفرية سوا، بقالنا كتير متبسطناش… وبعدين انت هتسيبني في ضغط الشغل ده كله لوحدي!”
ابتسم حمزة وهو يدرك حجم العتاب المختبئ في كلام صديقه:
“يابني أنا واخد رهف وعمتي وبنتها معايا، يعني مش سفرية صحاب.”
فعلا حاجبا سمير بدهشةٍ مازحة، وقال:
“وطبعا الغندورة هتكون معاك!”
توقّف حمزة لحظة قبل أن يجيب:
“غندورة مين؟… آه… سمر… أكيد معايا.”
تبدّل وجه سمير، واشتعل الغضب في نبرته:
“خلاص ياعم براحتك، سلام… روح انت بقى قضيها هناك وسيبني أنا هنا، وتتهنى بالسفرية.”
ضحك حمزة يحاول تلطيف الموقف:
“لا وحياة أبوك ما تبصلي فيها.”
لكن سمير لم يهدأ:
“لا هبصلك في السفرية يا حمزة، عشان بقالي شهرين وأكتر بتحايل عليك نسافر، وانت تقولي نفسيتي مش ألطف حاجة! نفسيّتك دلوقتي بقت جميلة لما سمر جات، مش كده؟”
تنهد حمزة ثم قال جادًا:
“عيد ميلاد لوجي يا بني، هنعمله في DisneySea عشان أفرّحها، لأن نوح سافر تاني وسابها.”
رد سمير محاولًا أن يجد لنفسه موطئ قدم:
“طب مانا روحت طوكيو قبل كده، وهعرف أفسّحكوا هناك.”
قهقه حمزة طويلًا:
“ده على أساس إنك روحتها لوحدك! مانا كنت معاك يا بني.”
فزفر سمير بعنف وقد ضاق صدره:
“خلاص يا حمزة، بترن عليا ليه.”
أجاب حمزة بجديةٍ هذه المرة:
“عشان ابلغك اني مسافر وعايزك تخلصلي حوار باسبور سمر.”
-اخلصه بتاع ايه هو انا جني… البت ولا معاها بطاقة ولا شهادة ميلاد.
-اتصرف يا سمير اعملها بطاقة مزورة نعمل بيها الباسبور بسرعة.
-حمزة دي فيها حبس سيبها في مصر وسافر انت.
-لا مش هسيبها لوحدها دي مريضة.
-اسألها عن بطاقتها او شهادة ميلادها اكيد اهل جوزها معاهم كل ده استحالة تمشي منغير بطاقتها.
صمتَ حمزةُ قليلًا، واسترجع في خاطره أنّه يوم حادثة سمر أعطته الممرضة أشياء كانت بحوزتها، فأخذها ووضعها في جيبه. ولمّا فارق المستشفى وغادرها، ألقى بتلك الأشياء في درج سيارته.أوقف سيارته على جنب،و مدّ يده إلى الدرج، فإذا به يعثر على ما تركته سمر وراءها. فأوقف السيارة، والتفت إلى سمير قائلًا عبر الهاتف:
“ولا يا سمير… الممرضة يوم ما خبطت سمر ادتني شوية ورق في بعض كده كانوا معاها هدور فيهم يمكن الاقي بطاقتها يلا سلام…”
-سلام وابقى طمني عليك اول ما توصلوا.
أمسك حمزة بالأوراق، فإذا بها تضمّ قسيمة زواج بينها وبين خالد، فاتّسعت ابتسامته وقال:
“يا ولاد النصابة… ده انتو مجهزين كل حاجة.”
راح يتفحّص الأوراق باحثًا عن شهادة ميلادها، فوجدها، ووجد كذلك بطاقتها الشخصية، وكانت المفاجأة حين وقع بيده جواز سفر باسمها. فانفجر ضاحكًا وهو يقول:
“ده انا اتعلم منكو النصب كل ده متزور.. ده انا اوديكِ في داهية يا سمر… يالهوي ده باين زي الحقيقي بالظبط.. على الله بس منتقفش في جوازات السفر وتحبسينا يا سمر.”
دخل حمزةُ المنزل وهو ينادي غزل، غير أنّ صوته ارتدّ إليه بلا مجيب. راح يجوب الغرف مهرولًا حتى أبصرها في الخارج، جالسةً تحت غطاءٍ يلفّ جسدها، تحتسي قهوةً ساخنة وتُحدّق في شاشة التلفاز. اقترب منها وهو يصيح:
“خضيتيني عليكِ… ايه اللي مقعدك في البرد ده؟؟”
رفعت غزل بصرها نحوه مبتسمة، وقد ارتدت قبعةً صوفية صغيرة “آيس كاب”، تتدلّى من تحتها خُصلات شعرها فتنسدل على عينيها. أجابته بحماس:
“انا بحب الاجواء الشتوية دي… وبعدين لقيتك عامل قعدة برا في الجنينة ولحاف وتلفزيون فقولت اتفرج على فيلم واقعد اشرب قهوتي بمزاج.”
خلع حمزة سترته وحذاءه، وقال ضاحكًا:
“يا مزاجك… خوديني معاكِ.”
فتحت غزل ذراعيها الاثنتين، فاندسّ حمزة تحت الغطاء معها، وأطبقت ذراعيها عليه ليصيرا في دفءٍ واحد. نظر إلى شاشة التلفاز وقال متعجبًا:
“فيلم هندي!”
أشرق وجه غزل بابتسامة عريضة:
“بعشق الافلام الهندي… خلي بالك انا وانا صغيرة كنت مدمنة هندي وبعمل طرح امي كلها كإنها ساري.”
قهقه حمزة: “ازاي..؟”
وقفت غزل بحماسة وقد خطرت ببالها فكرة:
“عندك طرحة؟”
“وانا هيبقى عندي طرحة ليه.”
صمتت قليلًا، ثم قالت:
“ممكن ملاية سرير… استنى هروح اجيب ملاية سرير واجي.”
ضحك حمزة، واتكأ بظهره إلى الوراء يتأمل السماء وقد ازدانت بالنجوم، والهواء يهبّ عليه بنسماتٍ ندية. أغمض عينيه مطمئنًا، ولم يفق إلا على وقع موسيقى صاخبة أيقظته بفزع. اعتدل في جلسته فإذا بغزل أمامه، وقد لفت نفسها بمِلاءة السرير على هيئة الساري الهندي، تتمايل بخطواتٍ راقصة تحاكي راقصات بوليوود، حركات يديها وانحناءات جسدها متقنة، وعيناها تلتمعان ببريق المرح.
ضحك قائلًا بدهشة:
“سمر ايه ده ونبي انتِ ما صدقتي تعالي اقعدي وفكي الهبل ده.”
أمسكت غزل بالريموت وأوقفت الأغنية بغضبٍ طفولي:
“عيل بومة.”
جلست بجواره وهي تنفخ بضيق، فرفع حاجبه مستنكرًا:
“انا بومة؟”
قامت غزل وهي تتمتم بشتائمٍ خافتة، ثم قالت في حدة:
“قطعت عليا مزاجي وانبساطي… انا قايمة تصبح على خير.”
غير أنّها ما إن خطت خطوات نحو الداخل حتى انطفأت أنوار المنزل كلها، فارتجفت واقفةً مكانها. فجأةً انبثق ضوء التلفاز، وإذا بأغنية هندية حماسية تُبثّ، وظهر حمزة أمامها يحمل في فمه وردة، يقترب منها ممسكًا خصرها، وامسك الوردة من فمه وضعها فوق اذنها واسدل عليها خصلاتها المموجة كان شكلها لطيفا بتلك الوردة الحمراء وبدأ حمزة يراقصها بخفة ويومئ بعينيه وحاجبيه على إيقاع الموسيقى. ابتعد عنها قليلًا وأخذ يرقص بلياقة جسده، فشاهدته غزل مدهوشة، عيناها تتسعان من فرط المفاجأة. انه ماهر بالرقص! شكله جذابا وهو يرقص.. ثم ركع على ركبتيه، مادًّا يده نحوها، داعيًا إياها إلى الرقص.
لم تتردّد طويلًا، فانطلقت معه ترقص، تتمايل بخطواتٍ رشيقة وتردد كلمات الأغنية، حتى صارت قريبة منه تلامس أنفه بأنفها. شعر حمزة بحرارةٍ تعصف بصدره، ودقات قلبه تتسارع بجنون، فحملها بين ذراعيه مع نهاية الأغنية، وضحكاتهما تتعالى وهما يلهثان من الرقص. لكن سرعان ما خبت ضحكة حمزة، إذ ظلّ يحدّق في عينيها بوجلٍ صامت، وغزل تردّ له النظرات نفسها، لا تملك قلبها أمامه.
أنزلها ببطءٍ على الأرض، وحين همّت بالابتعاد، أوقفها واضعًا جبهته على جبهتها هامسًا:
“خليكِ.”
وانطلقت أغنية هندية رومانسية هادئة وكأن القدر يعلم أن تلك اللحظة ينقصها أغنية رومانسية لتشعل حرارة الجو أكثر بينهم، فشدّها من خصرها لتقترب أكثر، ورقصا معًا كعاشقين. ومع كل خطوةٍ يقترب فيها حمزة، كانت وجنتا غزل تتورّدان وتشيح برأسها حياءً، وهو لا يملك السيطرة على قلبه. اقترب أكثر وأكثر حتى كاد أن يلامس شفتيها، غير أنّ طيف أميرة ارتسم فجأة في ذهنه، وتذكّر أول قبلة جمعته بها، فارتدّ بعيدًا عنها متوترًا، يُدير لها ظهره وهو ينهج بشدة.
ارتبكت غزل، ورفعت خصلاتها عن وجهها بخجلٍ وهي تقول متلعثمة:
“انا.. هطلع انام… تصبح على خير.”
ركضت إلى غرفتها وأغلقت الباب، وضعت يدها على قلبها المضطرب، لا تدري لمَ اجتاحتها تلك المشاعر تجاه حمزة. ارتمت على سريرها تتقلّب بين الذكرى والخيال، صورته لا تفارقها، وحرارة قلبها لا تهدأ. أمّا حمزة، فقد قضى ليلته مؤرقًا، مثقلًا بالذنب والحيرة؛ يعلم أنّه لم يكن يقصد أن يوترها هذه المرّة مثلما يخطط، بل كان يريد الاقتراب منها حقًا. غزل، هذه المحتالة التي قلبت كيانه، بدأت تزاحم أميرة في قلبه، أفهو خائنٌ الآن؟ لا يعلم. غير أنّه يدرك أنّ تلك الليلة أعادته إلى شبابٍ دفين، وجعلته يحسّ أنه فتى مراهق بين يديها، لا رجلاً جاوز الثلاثين.
_________________________
وصل نوح ورفاقه إلى روما، واستقبلهم الزعيم ستيفن بحفاوة بالغة. نظر إلى فرانكو وأشار إليه ليكون مستعدًا لبداية الخطة.
قال ستيفن بصوت عالٍ، وهو يبتسم:”And for your safe return, especially you, Peter, we’re going to have a party at the **** bar.”
“وبمناسبة عودتكم سالمين، خاصةً أنت يا بيتر، سنعد حفلة في بار ****.”
رد نوح بتعب ظاهر:But I feel tired from traveling, boss. Can we postpone it for another day?”
“لكنني أشعر بالإرهاق من السفر يا زعيم. أيمكننا تأجيلها ليوم آخر؟”
لكن ستيفن رفض بشدّة، فتقدم نوح هو وفرانكو وتوم إلى غرفتهم رمى نوح جسده المتعب على السرير، وتبعه فرانكو وجون.
قال فرانكو، وهو يزفر بقوة:”It’s been tough days, but we’re finally okay.”
“لقد كانت أيامًا صعبة، لكننا أخيرًا بخير.”
همس نوح بصوت متقطع، يعصر صدره الألم:But I’m not okay
“لكنني لست بخير.”
نهض فرانكو لينظر إليه وأطلق ضحكة ساخرة:Yes, you would like to be thrown in prison to be okay, right?! “You’re sick, Peter.”
“نعم، كنت تود أن تُرمى في السجن لتكون بخير، أليس كذلك؟! يالك من مريض، يا بيتر.”
خرج فرانكو من الغرفة بعد أن أخذ حمامًا دافئًا، تاركًا نوح وتوم في صمت ملبد.
نهض نوح وجلس بجوار نافذة غرفته، يحدق في الفضاء البعيد، وكأن أعماقه غارقة في بحر من التفكير. اقترب منه توم، وألقى السؤال بلطف:You love her…so why did you choose to leave her?”
“أنت تحبها… فلماذا اخترت أن تفارقها؟”
تمتم نوح وهو يحاول كتم حزنه، دموعه تكاد تنفجر:I did not choose… I did not choose anything, and I do not understand anything. It’s like I was in a dream and then suddenly woke up. “I dreamed that I had a family and a mother, and suddenly I woke up and the dream became a mirage.”
“لم اختر… لم أختار شيئًا، ولا أفهم شيئًا. كأنني كنت في حلم ثم استيقظت فجأة. حلمت أن لدي عائلة وأم، وفجأة استيقظت ليصبح الحلم سرابًا.”
ربت جون على كتفه بحزن عميق، وتابع بنبرة تعاطف:But she loves you. Talk to her, tell her you still carry her in your heart.”
“لكنها تحبك. تحدث معها، أخبرها أنك لا تزال تحملها في قلبك.”
أجابه بضيق يخترق صوته: She will hang up the phone on me if she hears my voice… She is sad because of the change in me. “But she doesn’t understand that I’m not Noah anymore, I’m Peter now, and I can’t even remember what I was like.”
“ستغلق الهاتف في وجهي إذا سمعت صوتي… هي حزينة بسبب التغيير الذي طرأ عليّ. لكنها لا تفهم أنني لم أعد نوح، أنا بيتر الآن، ولا أستطيع حتى أن أتذكر كيف كنت.”
-But she still loves you… Try to call her.”
“ولكنها لا تزال تحبك… حاول أن تهاتفها.”
أغمض نوح عينيه ليقول بهدوء: “I can’t. “
“لا أستطيع.”
نوح كان في حالة يرثى لها. جسده كان متهالكًا من الصدمات التي عاشها، وعقله لا يكاد يلتقط لحظة من الراحة. وعيه ضاع بين ماضٍ لا يتذكره وحاضر مليء بالأسئلة. كان يعاني من الفراغ الذي خلفته ذاكرته المفقودة، محاصرًا بين أطياف ماضٍ لم يعد يملك القدرة على تذكر تفاصيله، وصوت داخلي يصرخ في وجهه: “من أنت؟ ومن كنت؟”
كان نوح غارقًا في صراع داخلي يلتهم ما تبقى من روحه. لم يرغب في حضور حفلة زعيمه، لكن التزامه الصامت تجاه هذا العالم المظلم الذي وجد نفسه فيه لم يسمح له برفض الدعوة. دخل إلى القاعة المليئة بالصخب والوجوه المتعددة، لكنه لم يشعر بالانتماء. كانت عيناه تبحثان عن شيء غائب، شيء يخصه، بعيدًا عن هذه الزينة الزائفة والمظاهر الكاذبة.
كان ذهنه مشغولًا برهف وابنته. قلبه كان يئن بوجع، كم مرة أراد أن يمد يده ليعود إليهما، ليعيش الحياة كما يجب أن تُعاش، لكنه وجد نفسه محاصرًا في واقع أشد قسوة من السجن ذاته. أدرك متأخرًا أن الحرية لم تكن في الهروب من الزنازين ولا في الفِراش الحريري الذي ينام عليه الآن، بل كانت في دفء العائلة التي ابتعد عنها. كان يظن أنه يهرب نحو الحرية، لكنه اكتشف أن حريته الحقيقة تكمن بين أحضان زوجته أو حتى بالنظر إليها.
اقترب منه الزعيم، يحمل كأسًا ممتلئًا، وقدمه له بابتسامة خبيثة تخفي خلفها شيئًا غير مفهوم. أخذ نوح الكأس دون تفكير وبدأ يشرب، ربما لينسى، ربما ليهرب من ثقل هذا الحفل ومن نفسه التي تثقلها الذكريات.
في زاوية أخرى من القاعة، كان فرانكو يراقب المشهد بعينين لا تفوتهما التفاصيل. مال برأسه نحو ستيفن، في إشارة واضحة، وكأنه يؤكد له أن كل شيء يسير حسب الخطة. ثم التفت نحو جين وقال بصوت بارد يحمل شيئًا من السخرية:Today, I will prove to you that Peter loves you.
“اليوم، سأثبت لكِ أن بيتر يحبك.”
عبست جين، وكأن كلماته لا تصدقها. التفتت نحو نوح الذي بدا عليه السكر بشكل غريب. همست بتعجب، وكأنها تخاطب نفسها:I’ve never seen him drink like that before…it’s the first time. How can he drink two bottles in a few minutes?
“أنا لم أره يشرب هكذا من قبل… إنها المرة الأولى. كيف يشرب زجاجتين في دقائق قليلة؟”
رد فرانكو بابتسامة خبيثة، وهو يضع يده على كتفها:Maybe he feels free for the first time. He escaped from the police before he was arrested in Egypt, and now he sleeps peacefully on a mattress, far from the cells. But don’t stay standing like that, don’t you love it? If you love him, this is your chance to attach him to you. Here in Rome, there is no wife and daughter, just you, so take advantage of the opportunity before you lose him forever. Opportunity only comes once.”
“ربما يشعر بالحرية لأول مرة. لقد هرب من الشرطة قبل أن يُقبض عليه في مصر، والآن ينام على فراش مطمئنًا، بعيدًا عن الزنازين. لكن لا تبقي واقفة هكذا، ألا تحبينه؟ إذا كنتِ تحبينه، إنها فرصتك لتعلقيه بك هنا في روما لا وجود لزوجته وابنته أنت وفقط فلتستغلي الفرصة قبل أن تفقديه للأبد، الفرصة لا تأتي إلا مرة واحدة.”
كلماته كانت كالسُمّ، تغلغلت في ذهنها، لكنها لم تستطع تجاهلها. اقتربت جين من نوح، محاولًة الانخراط معه في رقصة، كأنها تمد يدها لانتزاعه من نفسه ومن شروده. لكنها صُدمت، لم يكن نوح الذي تعرفه. استجاب لها، لكن بطريقة غريبة، غير طبيعية، وكأن شخصًا آخر يرقص معها.
ما الذي حدث له؟ أين الرجل الذي تعرفه؟ كان نوح هناك جسدًا، لكن روحه، كانت في مكان آخر.
كان نوح يرقص مع جين، مغمورًا في لحظة من السعادة، غارقًا في ضحكٍ مجنون وكأن العالم حوله قد تلاشى. لكن في لحظة مفاجئة، اختلطت أمام عينيه الوجوه، فظهرت رهف أمامه. لحظة التقاء عينيه بعينيها، تأكد من أن صورتهما تداخلت في عقله، وكأن رهف كانت هي التي تقف أمامه الآن، وليس جين.
ابتسم نوح ابتسامة عميقة، ابتسامة لا تعرف سوى الفرح الهائل، وكأن الحلم قد تحقق. كأنما الزمن توقف، إذ شعر بموجة من العاطفة تغمره وتغرقه في لحظة مكثفة من الارتباك. فجأة، وبدون إرادة منه، جذب جين إليه من خصرها بقوة، وغطاها بقبلة مفاجئة.
صُدمت جين في البداية، لكن قلبها بدأ ينبض بسرعة غير مفهومة. غمرتها مشاعر متناقضة بين الارتباك والدهشة. فجأة، لم تجد نفسها تمانع. تذكرت كلمات فرانكو التي تحدثت عن الرغبة في أن يكون لها مكان في قلبه، لتلتف ذراعيها حول رقبته في حركة لا شعورية، وقلبها يدق بعنفٍ، وكأنها تشعر أخيرًا بأن نوح أصبح لها، وأنه بدأ يبادلها نفس مشاعرها.
امسكها نوح من يديها وقرر ان يسحبها لغرفته كان منزلهم قريب جدا من الملهى وجين فرحتها لا تسعها دخل غرفته ودفعها على السرير ثم وضع يده على قميصه ليبدأ بفك ازراره وضاع نوح بين احضانها وهو يرى وجه رهف امامه ولكن…
نظر نوح إلى جين بدقة، بينما تداخلت الصور أمام عينيه كأطيافٍ ضبابية. تتابعت أمامه صور جين ورهف، كل صورة تلو الأخرى.
شعر بصداع رهيب يجتاحه، فأصبح غير قادر على التمييز بين ما هو حقيقي وما هو خيال. كان عقله يغرق في دوامةٍ عميقة، كلما تذكر وجه رهف، ظهر له وجه جين، وكلما سمع صوت جين، تبعه صوت رهف يكمل الحديث. حتى بدأت عينيه تغلق ببطء.
سقط على الأرض مغشيًا عليه، جسده ينهار في صمتٍ مطلق، وعينيه تغلقان تدريجيًا، وكأن العالم من حوله قد تلاشى.
صرخت جين بأعلى صوتها، تهزّ نوح محاولةً إفاقته، ثم هرولت إلى خارج الغرفة تنادي من ينجدها. فأسرع توم بالدخول اذ به غادر الحفل منذ قليل، غير أنّ بصره وقع على أثر الحمرة لدى جين بشفتيها وقد انزاح عن موضعه، فتجمّد في مكانه، ونظر إليها بعينين مشدوهتين وقال بنبرةٍ متسائلة:
“Did you kiss together”
“أتبـادلتما القُبُلات؟!”
أجابته جين مرتجفة:
There’s no time for this question… Help me, Peter’s fainted!”
“ليس هناك وقت لهذا السؤال… ساعدني، لقد فقد بيتر وعيه!”
دخل توم مسرعًا، وانحنى على نوح الملقى أرضًا، ثم أدنى أنفه من فمه، فإذا بالرائحة تنفذ إليه بقوة، فانتفض صارخًا:
He’s drunk! Since when has Peter known how to drink?!”
“إنّه مخمور!.. منذ متى وبيتر يعرف الشراب؟!”
حمله على كتفه، فيما كان نوح يتمايل كالهائم، يتمتم بلسانٍ أثقلته الغيبوبة:
“رهف… بحبك.. رهف… رهف…”
تجمّدت جين في مكانها، وقد أذهلتها كلماته، فالتفتت إلى توم تسأله بصوتٍ مبحوح:
“What does he mean?”
“ما معنى ما يقول؟”
ابتسم توم ابتسامةً حزينة، وقال بمرارةٍ عميقة:
He repeats his wife’s name and tells her he loves her… What did you think?? If you kiss together, it means he loves you!… Peter adores his wife.
“انه يردد اسم زوجته ويقول لها انه يحبها… ماذا ظننتِ؟؟ إن تبادلتما القبلات فهذا يعني انه يحبك!… بيتر يعشق زوجته.”
ثم وضعه على فراشه، وأخذ يتفحّصه بعناية، قبل أن يهرع للاتصال بطبيب الحيّ. حضر الطبيب سريعًا، وبعد أن فحصه مليًّا قال مطمئنًا:
“It’s okay, he just drank too much and his weak body couldn’t take it anymore.”
“لا بأس، لقد أفرط في الشراب ولم يحتمله جسده الواهن.”
ناولوه دواءً يسكّن اضطرابه، حتى لفظت معدته ما أرهقها من سموم الشراب. ثم جلس توم إلى جواره مثقلاً بالهمّ، وأسند رأسه بين كفّيه يناظر جين من بعيد بلوم، بينما وقفت جين في ركن الغرفة باكيةً بصمت، تنظر إلى نوح بعينين كسيرتين… لقد أهانت كرامتها معه… كم بدت رخيصة أمام نفسها!
__________________________
وقف التوتر حائلاً بينهما، حين ارتفع صوت تمارا وهي تصرخ متحدية:
“ابني هينام معايا.”
فأجابها رحيم ببرودٍ نافذ:
“انا قولت اللي عندي… اخرجي برا شقتي بدل ما اخرجك بالعافية.”
ازدادت نظراتها صلابة، وردّت بعنادٍ لا يلين:
“وانا مش ماشية ولا متحركة من جنب ابني ووريني هتعمل ايه؟ “
ابتسم رحيم ابتسامة هادئة، وقال كمن يملك زمام الموقف:
“حاضر.”
ثم تقدّم نحوها، وحملها بين ذراعيه ليضعها خارج شقته، وأغلق الباب في وجهها. علت صرخة تمارا من خلف الباب:
“رحيم افتح… رحيم متتغاباش ده ابني وهيحتاجني.”
فردّ من الداخل بلهجةٍ ساخرة:
“متخافيش عليه انا بعرف في تربية الاطفال… اكلته وشربته لبن والواد نايم… اتكلي على الله انتِ.”
انفجرت دموع تمارا، وخرج صوتها متهدجًا بغصّةٍ خنقتها:
“يا رحيم مش هعرف انام منغيره… افتح والا كسرت الباب فوق دماغك… هولعلك في الشقة يا رحيم… افتح.”
فأتاها صوته حازمًا:
“لما تتكلمي باحترام وبأدب ابقى افتحلك.”
؛-لو سمحت افتح.
قهقه رحيم بضحكةٍ قصيرة وقال:
“ده اكتر احترام عندك!”
-يا رحيم افتح بقى.
تنفست تمارا بعمقٍ ثم قالت بلهجةٍ أكثر هدوءًا:
“ممكت يا استاذ رحيم تفتح الباب بعد اذنك؟”
ابتسم رحيم، وفتح لها الباب، فاندفعت إلى الداخل متجهة نحو الغرفة حيث يرقد سليم، لكنها تمتمت بصوتٍ خافت:
“كتك البلا في شكلك.”
فما كان منه إلا أن قبض على شعرها ممسكا بخصلاتها لتلتفت اليه ويجعلها تقف أمامه من جديد، فنظر بعينيها قائلا:
“بتبرطمي بتقولي ايه؟”
صرخت وهي تمسك بيده لتفك قبضته:
“اوعى… سيب شعري.”
وفجأة دوّى بكاء سليم في الغرفة، فانطلق كلاهما نحوه. أسرع رحيم، ولحقت به تمارا، فأخذت طفلها بين ذراعيها وبدأت تربت عليه بحنانٍ نادر، تهدهده بنغمةٍ هادئة حتى عاد سكونه. وقف رحيم مشدوهًا من النبرة الحنونة التي لم يتخيّلها تخرج يومًا من فم تمارا.
انسحب إلى الخارج وأغلق الباب عليهما، ثم ناداها من وراءه:
“الشباك اللي عندك مقفول… عشان لو فكرتي تنطي زي القرود.”
ضحكت تمارا بخفةٍ وهي تنظر إلى طفلها بين ذراعيها، ثم واصلت تهدهده حتى غفا. في الخارج جلس رحيم بالصالة، يتأمل هاتفه، يحاول الاتصال بغزل، لكنه وجد الخط كعادته غير متاح. اجتاحه قلق عميق، ونفخ بضيق، ثم حدّث نفسه بعزم: غدًا سيذهب إلى منزل حمزة، وليحدث ما يحدث، فلا بدّ أن يطمئن على غزل.
في صباح اليوم التالي، أيقظت أصوات رحيم المرتفعة حمزة من نومه، فخرج إليه ثائرًا:
“انت بتزعق كده ليه يا بني آدم؟”
أجابه رحيم بحنقٍ مكتوم:
انا بدور على مرات اخويا.. وعرفت انها عندك.
في تلك اللحظة، أطلت غزل من شرفتها، وما إن أبصرت رحيم حتى هرعت إليه مسرعةً، تعانقه بحرارةٍ كمن استعاد نفسه. احتواها بين ذراعيه، وحين ابتعدت عنه وقع بصره على جرحٍ عند حاجبها، فانفجر في داخله غضبٌ جارف، والتفت نحو حمزة بعينين متقدتين:
“انت عملت فيها ايه.”
لكن غزل أسرعت تهمس له برجاء:
رحيم اهدى… دي خبطة… متبوظش المهمة… انا تليفوني ضايع.
ظل رحيم يرمقها وعينيه تلتهبان، ثم نظر إلى حمزة الذي وقف هادئًا، ساكن الملامح، لا ينبس بكلمة. ابتسم حمزة ابتسامةٍ متعمّدة وقال:
“خدها معاك مش تعرفها؟ خدها.”
التفت رحيم إلى غزل قائلاً بحزمٍ لا يقبل النقاش:
اتسعت عيناها، وهمست له بتردد:
رحيم انا مجبتش جنيه لسه.
شدّد على نظرته، وصوته يقطر إصرارًا:
يلا يا سمر… يلااا.
رمقت غزل حمزة بنظرةٍ خاطفة، فإذا به يرسم ابتسامةً ساخرة، ويرسل لها قبلةً في الهواء وهو يقول:
“باي باي.”


