رواية موعدنا في زمن آخر الفصل الحادي عشر 11 بقلم مريم الشهاوي – تحميل الرواية pdf

|11-أنت لست زوجي… أنت بيتر|
بينما كانت رهف تتكئ على صدر نوح، متشابكة معه في لحظة مفعمة بالرومانسية، كسر نوح الصمت الذي طالما أجله وهمس إليها بحديث ثقيل على قلبه: “رهف أنا كنت عاوز أتكلم معاكِ بخصوص سفري لروما.”
تجمدت رهف في مكانها، وقد أصابها الذهول من كلماته، ترفرف الدهشة في عينيها وهي تسأله: “روما ايه؟؟.. انت مش قولت مش راجع تاني؟!”
اقترب نوح منها أكثر، وكأنما يسعى لكسر المسافة بين الحقيقة والمشاعر، وقال بلهجة حادة وجدية: “أنتِ عارفة إني لو فضلت في مصر هتحبس.”
ابتسمت رهف بسخرية مريرة، وكأنها تحاول إخفاء ألمها خلف تلك الابتسامة، قائلة: “لا وأنت خايف أوي تتحبس؟؟”
“أكيد يا رهف…” صوته انخفض وهو يحاول تبرير موقفه.
اجتمعت الدموع في عينيها، لتكشف عن خوفها الذي طالما حاولت قمعه، وتكلمت بنبرة مفعمة بالعاطفة: “نوح… أنا هقف جنبك، هنلاقي حل… هنثبت إنك فاقد للذاكرة، التحاليل ممكن تبين الحقيقة… وحتى لو اتحكم عليك، الظروف الصحية هتخفف الحكم.”
أدار نوح وجهه عنها قليلاً، وصوته أصبح أشد صلابة: “دا مش حل ولا هيناسبني.”
-اومال إيه الحل بقى؟
أخذ نوح نفسًا عميقًا، ثم حدق في عيني رهف، وكأنه يبحث عن شيء عالق بينهما، ثم نطق بصوت يحمل أثقال الماضي والمستقبل: “تيجي معايا… هاخدك إنتِ ولوجي، ونسافر سوا نعيش في روما لحد ما ملف القضية يتقفل وينمحي تمامًا… وإلا…”
توقفت رهف عن الحركة للحظة، بنظرات ثابتة تخفي خلفها صراعًا عميقًا، ثم سألته بهدوء يشوبه الترقب: “وإلا؟”
تنهد نوح بعمق، وكأن الكلمات تثقل على لسانه، وأجاب بحزن عميق يشق قلبه: “وإلا هسافر لوحدي.”
نظرت إليه رهف بملامح محطمة، ثم تساءلت بصوت مختنق بالعاطفة: “وهتسيبني؟”
أجاب نوح بسرعة، وكأنه يحاول اللحاق بظل هروبه: “لا… عشان كده قلتلك تيجي معايا، أنا مش عايز أسيبك، مش هقدر.”
ابتسمت رهف ابتسامة مفعمة بالمرارة، وكأنما قد أدركت الحقيقة التي لطالما كانت تخشاها، وقالت بنبرة هادئة لكنها مشحونة بالألم: “حبيبي…. أنت ليه بتقولها بمصطلح تسافر…. ما تقول هتهرب.”
ابتعدت عنه لتنهض من السرير وتبتعد بخطى بطيئة نحو النافذة، واحتضنت ذراعيها إلى صدرها، بينما بدأت عيناها تغمرهما الدموع. ظل نوح يراقبها من بعيد، قبل أن ينهض من السرير، واقترب منها بخطى ثقيلة. وضع يديه على ذراعيها، وضغط عليهما بخفة، وكأن لمسة يديه تحمل رجاءه الأخير، ثم قال بصوت مشحون: “يعني يا رهف… يرضيكي أتحط في السجن ظلم؟”
استدارت رهف ببطء، وعيناها تغمرهما الدموع، وقالت بصوت ممزوج بالحزن والألم: “وهو يرضيني جوزي يعيش باقي حياته هربان؟”
هز نوح رأسه بشدة، وكأنما يحاول إنكار الواقع: “مش هربان.”
ردت رهف بنبرة حازمة، وكأنها تحاول مواجهة ما لا يريد أن يراه: “لا… هربان. ومين قال لك إن الحكومة هتسيبك تسافر أصلاً؟”
نظر إليها نوح بحيرة، ثم حاول طمأنتها: “لا، فرانكو ليه ناس هنا، وهيعرفوا يظبطولي الورق، وأسافر باسم مزيف وهوية مختلفة، وهاخدكم معايا.”
مسحت رهف دموعها بأناملها المرتجفة، وكأنها تحاول مسح ثقل العالم الذي بدأ ينهار أمام عينيها، وقالت بنبرة مشوبة بالدهشة والاستهجان: “آه… دانتو مدبرينها بقى… طيب، وانا إيه المطلوب مني؟ مادمت مش جاي تاخد رأيي أصلاً، أنت خلاص أخدت قرار إنك تهرب…. أو سوري.. تسافر.”
تنهد نوح بعمق، وكأنه يحاول التخلص من ثقل القرار الذي اتخذه، ثم قال بصوت يحمل تناقضات الحب والخوف: “أنا جايلك عشان أقولك إني هحتاجك معايا… مش هقدر أبعد عنك، يا رهف.”
التفتت رهف بعيدًا عنه، وكأنها تحاول الهروب من الحقيقة التي تهدد كل شيء تعرفه، وبدأت دموعها تنهمر مرة أخرى، ثم ردت بصوت مكسور: “وأنا اللي هعرف أبعد؟”
اقترب نوح منها مجددًا، عانقها من الخلف برقة، وكأنما يحاول إقناعها بعالمه المليء بالوهم، وهمس إليها بسعادة مشوبة بالحب: “خلاص… تعالي معايا، نعيش في روما، أنا وانتِ ولوجي، ونرجع مصر لما القضية تتقفل، هنعيش بعيد لفترة. “
لكن رهف كانت قد قررت بالفعل، فأمسكت ذراعه التي تطوق جسدها، وأبعدتها بحزم، ثم استدارت إليه ونظرت في عينيه، قائلة بصوت صارم يحمل بين طياته قوة قرار لا رجعة فيه: “ومين قالك إني هرضى أسافر معاك؟”
تغيرت تعابير وجه نوح، وكأنما تحطمت آماله أمامه، فتوسل إليها بعينيه وصوته قائلاً بترجي يائس: “لا يا رهف… أرجوكِ ما تقولي كده… أنا عايزك معايا، مش هقدر أكمل من غيرك.”
رفعت يدها بخفة لتربت على كتفه، وكأنها تلومه بشدة، ثم قالت بنبرة حازمة ممزوجة بالمرارة: “لا يا حبيبي… اهرب لوحدك. أنا مش هساعدك، ولا هطاوعك على الغلط… وامشي يا نوح… امشي. لكن، والله، المرة دي ما مسمحاك، لأن الأولى كانت غصب عنك، لكن المرة دي بإرادتك. امشي يا نوح… اهرب زي ما أنت عايز، وابعد.”
تركته، وبدأت تتحرك بعيدًا عنه، والدموع تغمر وجهها، وكأنها تترك خلفها كل شيء. لكن نوح، غير قادر على تحمل خسارتها، أمسك بذراعها بقوة، وصاح بصوت يائس مفعم بالعشق الغارق: “مش هقدر أرجع لحياتي القديمة تاني بعد ما ظهرتِ! أرجوكِ، متعمليش فينا كده….”
كلماته كانت مثل سكاكين تمزق الصمت، ولكن رهف كانت قد قررت أن تسلك طريقها، حتى لو كان ذلك يعني فراق القلب الذي أحبته.
حاولت رهف كبح أنفاسها المتسارعة، وهي تنظر إلى نوح بنظرة تحمل بين طياتها الحزن والخيبة: “حبك بالنسبالي ولا شيء، لو بتفكر في الحرام يا نوح، ومصمم تكمل فيه…. مهو تقدر تقولي لما نروح روما أنت هتشتغل إيه هناك غير حرامي زي مانت؟”
توقف نوح للحظة، نظر إليها بنظرة تائهة، ثم قال بنبرة مرتجفة: “لفترة مؤقتة… لفترة مؤقتة بس يا رهف. أنا… أنا متلغبط ومش عارف أعمل إيه. مش مستعد إني أتحمل السجن، أنا اصلًا مش مصدق إني عندي زوجة وبنت، وعندي عيلة هنا في مصر… كل دا ضغط عليا مرة واحدة. لما الزعيم قالي إني هتحبس هنا، خفت… آه يا رهف، خفت… أنا مش عاوز أتحبس. بتحبيني إزاي وانتِ راضية إني أتعذب كده وأتظلم وأنا هنا؟”
ردّت رهف بحزم: “لا طبعًا، أنا بحب نوح… مش بيتر.”
تفاجأ نوح ورد بارتباك: “بس أنتِ بنفسك قولتي إن بيتر هو نوح.”
هزّت رأسها وهي تقول: “لا انا قولت نوح هو بيتر لكن بيتر عمره ما هيكون نوح بيتر ده اسم الشخصية الجديدة اللي قدامي… شخصية أنا ما أعرفهاش.”
تأمل نوح كلماتها متسائلًا: “يعني إيه؟”
تنهدت رهف بعمق، وكأنها تنطق بحقيقة أليمة: “يعني البني آدم اللي حبيته نوح القبطان اللي كان بيخاف من الحرام وبيعمله حساب ودايما بيخاف من ربنا وكل اللي همه اللي هيعمله دا هيرضي ربه ولا لا…. مش شخص عاوز يكمل في طريق الحرام عشان بس يهرب من عقاب الدنيا عن اللي عمله… طب ولو هربت فعلًا هتهرب إزاي من عقاب الآخرة؟ ربنا لما يسألك إزاي عصيته وأنت عارف إن دا حرام هترد تقوله إيه؟؟… اتضطريت؟خوفت من السجن؟”
توقّف نوح عن الكلام، وكأن كلماتها أصابته في الصميم، فأكملت رهف حديثها وهي تمسك دموعها التي تهدد بالسقوط: “الشخص اللي قدامي دلوقتي… ده بيتر، مش نوح. بيتر، اللي شكله انعكس على ملامح جماعتك بهتوا عليك طباعهم المقرفة. إنما نوح، اللي أنا حبيته، اللي كان بيخاف الله، اختفى… ما عدش موجود عندك. لما تلاقيه، ارجعلي. وساعتها، أنا هبقى مستعدة أواجه أي حاجة معاك… إنما لا يمكن أساعدك وأنت لسه بشخصية بيتر ومش راضي تتخلى عنها ولا حتى بتحاول تنضف…. أنت بيتر.. مش نوح… دي حقيقة أنا كنت غافلة عنها بس الحمد لله فوقت…. روح اهرب يا نوح… اهرب وانساني وانسى بنتك…. لما تبقى نوح جوزي الحقيقي وأبو لوجي فعلًا ابقى ارجع.”
كلماتها سقطت على قلب نوح كصواعق، لكن رهف كانت قد حسمت قرارها، تركته واقفًا وسط بحر من مشاعره المضطربة.
تضرجت عروق نوح بالغضب، وبرزت في رقبته وجبينه، كأنما انبثق من أعماقه بركان لم يكن يستطيع إخماده. قبض على هاتفه، الذي كان يهتز بين يديه، ليجد اسم “فرانكو” يضيء الشاشة.
“Come on, Peter… Didn’t you say you would come now? You, your wife, and your baby, let’s all go? The flight is about to start, boy, hurry!”
“هيّا يا بيتر… ألم تقل إنك ستأتي الآن؟ أنت وزوجتك وطفلتك، لنرحل جميعًا؟ الرحلة على وشك الانطلاق، يا فتى، أسرع!”
بصوت متقطع من الانفعال قال نوح:
“Franco… I’m leaving alone. I’ll come to you alone. Bye.”
“فرانكو… سأرحل وحدي، سآتي إليك بمفردي. مع السلامة.”
أغلق المكالمة بعصبية، ثم حوّل نظره إلى رهف، التي كانت تعطيه ظهرها وتنظر من النافذة، ودموعها تنهمر دون توقف.
قال لها بنبرة محملة بالحزن والألم: “المرة دي… أنتِ اللي اتخليتي عني، مش أنا. لو كنتِ بتحبيني فعلًا، كنتِ جيتي معايا… لكن للأسف يا رهف، أنتِ مش فاهماني…ولأول مرة اشوفني غريب فعلًا في عينيكِ…. “
استدارت رهف إليه فجأة، ودموعها تتساقط بغزارة، صرخت وهي تشعر بحرقة الفراق: “انا عشان بحبك فعلًا… مش هاجي معاك واسايرك في غفلتك دي… لما تفوق من اللي أنت فيه… هتفهم أنا عملت كده ليه… ويا ريت لو تمشي دلوقتي قبل ما البنت تصحى… مش عارفة هقولها إيه… بس هتتعود على غيابك زي السنين اللي فاتت… مفيش جديد غير إنك جيت عشمتنا إنك هتكون معانا ومشيت.”
أدار نوح ظهره، يمشي في الغرفة وكأنه تائه بين أركانها، بينما كانت شهقات رهف تتردد في أذنيه كخناجر تغوص في قلبه. اقترب من باب غرفة ابنته الصغيرة، نظر إليها من بعيد، ثم اقترب من سريرها ليطبع قبلة دافئة على خدها الناعم. كانت تلك القبلة ممتزجة بشوقه وندمه، وكأنها آخر بصمة له قبل رحيله.
خرج من الغرفة، ليجد رهف تنتظره عند الباب، واقفة، متحجرة مثل صخرة تمنع انفجار مشاعرها. وقف للحظة، مترددًا، ثم خرج من المنزل. وقبل أن يغادر المكان بالكامل، أدار وجهه إليها للمرة الأخيرة، وقال بصوت منهك، وعينيه تفيضان عشقا لا حدود له: “رهف أنا بحبك.”
تلألأت عينا رهف بدمعٍ حبيس، فمضى هو في حديثه وصوته يختنق، يكابح انهمار العَبرات، وغصّةٌ مريرة تعتصر حنجرتَه، وفي عينيه احمرارٌ توشك معه المدامع أن تنفلت:”انا لقيت نفسي بين ايديكِ…تعالي معايا واوعدك هتغير..وجودي في مصر هيحرمني منكوا زي ما كنت في روما…انا مش عايز اتحرم منك بعد ما لقيتك…ارجوكِ وافقي انا بحبك.”
ادارا رهف وجهها عنه وهي تقول ببرود: “هبقى اخلي لوجي تكلمك فديو كول لما توحشك.. وابقى كلمها واتس هي معاها رقمها على الاي باد بتاعها هبعتلك رقمها تكلمها من عليه وقت ما تحب.”
مسح نوح دموعه بكفيه وهو يستجمع انفاسه من جديد ثم خرج، وأغلقت رهف الباب خلفه بسرعة، وكأنها تحاول أن تسد فجوة أوجاعها. أسندت ظهرها على الباب، وغرقت في البكاء، دموعها تتساقط كالمطر، وصرخاتها المكتومة كانت تتردد في أذني نوح. رفع يده نحو الباب، وكأنه يناديها بصوت قلبه، لكنه لم يستطع العودة. سمع شهقاتها تلك… وكأنها صدى آلامه. ولكنه اضطر، بتثاقل، أن يدير ظهره وينزل السلم، ليذهب إلى رفاقه وينطلق إلى روما، تاركًا خلفه كل ما كان يعنيه شيئًا.
_________________________
-شوف الشنطة دي فيها كام؟
جلب الفتى الحقيبة محاولًا فتحها، لكن عجزت يده عن ذلك ونظر إلى رحيم بقلة حيلة، فهمس رحيم في أذن تمارا:
“بتتفتح ازاي؟”
صاحت تمارا: “معرفش… أنا مكنتش هفتحها، هما بيفتحوها هناك بأداة.”
تأمل رحيم وكان يشكك في كل كلمة تخرج من فمها. غلبت عليه مشاعر الغضب والاشمئزاز، فقال بحدة:
“انتِ هتستعبطي… ولا معتبراني أهبل؟ عايزة تقوليلي إنك مش هتعرفي تفتحيها؟”
شدد يده على قدميها، يدفعهما للأمام، فأصدرت تمارا صرخة ألم، كأنها تشعر بأن جزءها السفلي يتمزق ببطء، فقالت بصراخ :
“بعرف، خلاص… بعرففف.”
أرجع رحيم قدميها إلى الوراء، فانزاح الضغط قليلًا عليها وبدأت تأخذ أنفاسها بعنف، فهدأت وتلمست الأرض بعينيها المرتعشتين. نظر إليها رحيم بجدية متزايدة:
“يلا قولي… بتتفتح ازاي؟”
حاولت تمارا استجماع شجاعتها، لكن الكلمات تاهت في لجة الخوف:
“مينفعش تتقال… مش هيفهم… ليها حركة بتتعمل وبتتفتح، مش الكل بيعرف يعملها… سيبني، وأنا هفتحهالك.”
تعلقت نظراتها به، بينما كانت عواطفها تمور تحت سطح وجهها، مزيجٌ من الخوف والقلق يلفها كغلافٍ من حرير. أدرك رحيم أنها تستغفله مرة أخرى، فقال بحنق:
“تاني بتستغباني… تاني!”
وفجأة، أحست تمارا بذراعيه تلتفان حول جسدها، رافعتها كأنها ريشة تتلاعب بها نسائم خفيفة. للحظة، توقف الزمن عندما التقت أعينهما، وكأن تلك اللحظة انطوت على سرٍّ عتيقٍ لا يُفصح عنه. نبضة واحدة ضربت في قلب كلٍّ منهما، ليست كباقي النبضات، نبضة أخرجتهما عن الطبيعي، حبستهما في سحر تلك النظرة المتبادلة. كان الزمن يتلاشى حولهما، وثقل اللحظة جعل الثواني تمتد كأنها أبدية. رحيم، الذي أضعفته عينيها في السابق، كاد يغرق من جديد، لكن بسرعة اختلس نظرة بعيدة، وكأنه يهرب من تلك القوة التي تملكت روحه. بحركة متقنة، وضعها برفق على مقعد السيارة.
خطا نحو مقعده بجانبها، ونظر بجمود إلى الفتى الواقف قربهما، وقال بصوت ينضح بالسيطرة:
“حط الشنطة جوا العربية… خد المفاتيح، واقفل علينا من برا.”
استجاب الفتى على الفور، وبعد أن أغلق الباب وتركهم وحدهم، غمر الصمت السيارة، كأنه غطاء ثقيل من الرهبة.وقد انعقد قلب تمارا بالخوف، رفعت عينيها المرتعشتين نحو رحيم، الذي بدا وكأنه سيد هذا السكون. بصوت هادئ وبارد كالجليد، قال لها:
“يلا افتحيها، مستنية إيه؟”
بنبرة مرتعشة، وبعجز ظاهر، ردت:
“هفتحها إزاي وأنا مربوطة؟”
أدرك رحيم مكرها، وابتسم ابتسامة صغيرة، تحمل في طياتها خليطًا من الاستهزاء واليقين، ثم قال ببرود:
“لا، طبعًا هفكك.”
مد يده نحو درج خفي في السيارة، وأخرج منه مسدسًا. حين وقع نظر تمارا على السلاح، شعرت بأن الهواء في رئتيها قد تجمد، وابتلعت ريقها بصعوبة. بيدٍ محكمة، وجه رحيم المسدس نحوها، وبيده الأخرى، فكّ الحبل الذي قيد معصميها. تحررت يديها، لكنها لم تشعر بأي حرية؛ كان المسدس سلاسل جديدة، سلاسل من الخوف والرعب.
نظرت إلى الحقيبة أمامها، ثم عادت بنظرها إلى السلاح الموجه نحوها، شعرت بالعجز يغمرها كما لم تشعر به من قبل. تلك الورطة التي وجدت نفسها فيها لم تكن مجرد حادث عابر. رحيم لم يكن الرجل السهل الذي ظنت أنها تستطيع التلاعب به. لقد أدركت، في تلك اللحظة الصامتة التي تخفي الكثير من العواصف، أن ذكاءه كان يفوق توقعاتها، وأنه يملك القوة التي تكبلها أكثر من أي حبل مادي.
“روحتي فين؟” جاء صوته يوقظ تمارا من تيهها.
رفعت رأسها بارتباك قائلة: “ها…؟”
لكن جسدها اهتز فجأة حينما ارتفع صوته بالصراخ، وكأنه قد فاض به الصبر:
“افتحي الشنطة بقول!”
أسرعت تمارا بالاستجابة لأمره ويداها كانت ترتعشان من شدة الخوف، أدخلت يدها في جيب بنطالها لتمسك بأداة حديدية رفيعة، وبمهارة مكتسبة من سنوات لها في هذا العمل الكريه، فتحت الشنطة بلمسة خفيفة، لتكشف أمامهما أكوام المال المتراصة. كانت أوراق النقود مرتصة بنظام وتعطي لمعانًا دافئ. لم يخفِ رحيم ابتسامته، بل حدّق في المال بلمعان طامع وقال بنبرة منخفضة: “كام دول؟”
أجابته بصوت خافت : “ربع مليون..دولار.”
أومأ برأسه، ونبرات صوته تحمل رضا باردًا: “مبلغ زي ده ميسواش قشة في وسط ال500 مليون دولار بتوع خزنة اشرف بس حلو برضو لان مبلغ زي ده الزعيم هيزعل اوي لو مرجعش ليه!”
تجعد جبين تمارا باستغراب، وقد شعرت بشيء مبهم في حديثه: “انا مش فاهمة حاجة! “
أخذ رحيم نفسًا طويلًا، وزفر بقوة ثم استند إلى مقعده، لكن يده بقيت ثابتة، مُمسكة بالسلاح، مُوجهة نحوه بصرامة لم تخفَّ بعد. بلهجة واثقة، قال: “اسمعي يا تمارا…هي كلمة ومش هتنيها…هترجعيلي شنطتي في يومين مش اكتر هسيبك ومعاهم الربع مليون بتوعك. “
-رحيم لا…رحيم انت عارف ممكن اتإذي ازاي لو مرجعتش الشنطة خصوصا انه شافني اخدتها يعني كده هعتبر غدرت بيهم وهيإذوني انا!
-بالظبط وهو ده اللي انا عايزه لو مرجعتيش الفلوس هتبقي كده غدرتي وعقابها انتِ عارفاه.. لكن لو رجعتيلي شنطتي فيا دار ما دخلك شر وهرجعلك فلوسك.
نظرت تمارا إليه بعينين تفيض بالحيرة والقلق، وقالت بحنق مكبوت:
“هجيبها منين أنا؟ فلوسك أخدها الزعيم… وإحنا خدنا نسبتنا، واتصرفت… إزاي هرجعهم ليك؟ شنطتك بح خلاص… مادام اتحطت في ايد الزعيم بتاعنا صعب نرجعها.”
ضاقت عيناه بنظرة جامدة، وجاء صوته كما لو كان يخرج من أعماق بئر مظلم: “بس انا مش بكلم عيلة… انا بكلم خبيرة في الاحتيال وهتعرف تتصرف وتجيبلي الشنطة حتى لو وقعت في ايد الزعيم..”
تنفست تمارا بصوت مسموع، وكأنها تعاني من عبء الحديث مع رحيم، وقالت بلهجة مرهقة: “لا طبعا… وانا هعملك إيه؟ بإيدي إيه؟… أنت اللي مغفل!”
ضحك رحيم، لكن ضحكته كانت ممتزجة بشيء من السخرية، وكأن كل جملة نطقتها تمارا كانت تشعل نيرانًا قديمة داخله. ثم قال بصوت مبحوح يمزج بين الجدية والتحدي: “يا بنتي، أنا ماسك المسدس، وفي ثانية أخلص عليكِ… مش خايفة؟”
نظرت تمارا إليه بثبات، وبابتسامة ساخرة كمن يعرف أسرارًا لا تُقال: “لو كنت هتقتلني، كنت عملت كده من بدري… بس كونك لحد دلوقتي ما قتلتنيش، حتى بعد ما فتحت الشنطة، يبقى أنتَ كده عايزني في خدمة ومحتاجني… فأنا متأكدة إنك بتهدد بيه مش أكتر.”
ارتسم على وجه رحيم تعبير من الغيظ المكبوت، وعضَّ على شفتيه، وكأنه لا يريد الاعتراف بصحة كلامها، لكنها بمهارتها المعتادة استطاعت أن تقرأ ما وراء صمته، وتفهم ما كان يحاول إخفاءه. رد عليها بصوت يشوبه الحنق والتقدير في آنٍ واحد: “طيب… انتِ صح… انا محتاجلك فعلا.. ويظهر حوار الفلوس ده مش واكل معاكِ فهننقل لplan B. ”
ضمت تمارا ذراعيها نحو صدرها، وكأنها تبني حائطًا منيعًا بينها وبين رحيم، وقالت بنبرة متحفظة تفيض بالشك: “وايه هي بقى؟”
نظر إليها رحيم ببرود، وعيناه تشعان بنور المكر والخديعة: “انتِ هتجيبلي الشنطة ورجلك فوق رقبتك. “
ابتسمت تمارا ابتسامة خفيفة، لكنها لم تخلُ من تحدٍ ظاهر: “ده اللي هو ازاي يعني انا ببساطة هروح للزعيم واحكيله على كل اللي حصل وهو اللي هيجيبك بالربع مليون دولار ورجلك فوق رقبتك.”
زفر رحيم زفرةً عميقة وهو يميل بجسده إلى الأمام، ثم قال بصوت خافت تتخلله نبرة تهديد مستتر: “يبقى متعرفيش رحيم كويس… يابنتي انا طالما داخل لعبة فانا اكيد اللي كسبان فيها.”
ضحكت تمارا قائلة بسخرية: “ياختي بطة.”
حاول رحيم أن يتمالك أعصابه أمام استهزائها السخيف، فقال ببرود ممزوج بالوعيد: “انتِ هتخسري اهم حد في حياتك…”
ابتسمت تمارا باستهزاء وأجابت: “انسى… مفيش حد مهم في حياتي…”
سكت رحيم برهة، ثم أفشى السر الذي أخفته تمارا عن العالم بأسره: “سليم مش مهم؟؟”
تبدّلت ملامح تمارا فجأة، وصاحت به: “سليم!!”
عندها فتح رحيم نافذة السيارة، ليُظهر الفتى المرافق له وهو يجر عربةً أمامه، بداخلها طفل صغير لم يتجاوز الثالثة من عمره.
اتّسعت عينا تمارا دهشةً وارتجافًا، وحدّقت في رحيم الذي قال بابتسامة مملوءة بالخبث: “مش ده ابنك اللي مخبياه عن الكل؟… اتوقع لو الزعيم عرف ان معاكِ ابن كان لا يمكن يشغلك عشان كده مخبياه.”
امتلأت عينا تمارا بالدموع، فاهتزّ قلب رحيم لمشهدها، وكاد يندم على فعلته، لكنه استجمع قواه أمامها، وشدّ إصبعه على زناد المسدس الذي ما زال مصوَّبًا نحوها: “الشنطة… تجيلي.. وتاخدي ابنك بعدها.”
انزلقت دمعة من عينها اليمنى، فسارعت بمسحها وهي تقول بغضب مكتوم: “بس انا استحالة اسيب ابني معاك.”
قال رحيم محاولًا الحفاظ على بروده: “لا هتسيبيه… مش بمزاجك… انا محتاج الشنطة وانت محتاجة ابنك… معتقدش حد فينا هيغدر او هيقدر يغدر بالتاني…”
أعادت تمارا النظر إليه بعد أن ألقت نظرة طويلة على ابنها:
“قولتلي كام يوم والشنطة تكون عندك.”
ابتسم رحيم بانتصار:
-لو تسمع صوتها قلبك يتقطع عليها.
فقال حمزة بأسى شديد وقد غشّى الحزن ملامحه: “ربنا يصبرك يا عمتو انتِ ورهف.. ياريتني ما روحت الشغل…ياريتني عديت عليه من الصبح وقضينا اليوم سوا انا مالحقتش اشوفه حتى…”
فانسكبت دموع هبة قهرا، فعانقها حمزة مواسيًا وهو يقول:
“اهدي يا عمتو… مش ده نوح اللي نعرفه… هيرجع صدقيني…. وقت ما يعرف غلطته هيرجع…”
تحدثت هبة من بين شهقاتها:
“لوجي يا حبت عيني صحيت مبسوطة ان عيد ميلادها بعد بكرة وكانت عازمة كل اصحابها وبتقولهم بابا رجع من السفر وهيطفي معايا الشمع… والله حاسة ان قلبي بيتقطع على حفيدتي الوحيدة…”
حاول حمزة كبح عبراته، وربت على ظهرها محاولاً التخفيف عنها:
“هنعملها احلى عيد ميلاد…”
خرجت لوجي من حجرتها، تمشي بخطى صغيرة نحو حمزة لتلقي السلام عليه:
“ازيك يا عمو حمزة..”
فضمّها حمزة إلى صدره وهو يبتسم:
“حبيبة عمو… مين هيكبر سنة بعد بكرة؟ ”
حاولت الصغيرة أن ترسم ابتسامة، لكن الدموع غلبتها وهي بين ذراعيه: “بس بابا مش هيكون معانا… بابا سافر تاني.”
ربت حمزة على رأسها بحنو:
“مش بابا بيسافر عشان شغله… مش انتِ عارفة ان بابا قبطان وبيسافر كتير اوي.”
أكملت الصغيرة وهي مازالت تبكي وتذكر ما يضايقها ببراءة: “ايوة بس هو ملحقش يقعد معايا ده حتى مستناش عيد ميلادي… انا كنت.. عايزاه معايا… كنت عايزاه يغنيلي يلا حالم بالم حيا ابو الفصاد. “
فابتسم حمزة وهو يقول:
“طب ايه رأيك بقى اننا هنغنيها كلنا وان بابا الخسران لاننا هنغنيها في اكتر مكان انتِ بتحبيه.”
ابتعدت لوجي وتوقفت عن البكاء ونظرت له بفضول تتساءل: “ايه هو؟ ”
مسح حمزة دموعها باصبعه، وداعب انفها بخفة وهو يبتسم:
“ايه هي اكتر مدينة نفسك تروحيها؟… ونفسك تقابلي روبانزل. ”
أجابت لوجي بضحكة عفوية وهي تفرك عينيها باصبعها الصغير: “مدينة الأميراات.”
-ايوة المدينة بتاعتهم دي فين؟؟
صمتت لوجي قليلا لتفكر وبعد ثوانٍ كانت صائحة بقولها:
امسك حمزة بخدها مداعبا اياها بمرح: “شاطرة.”
عبس وجه لوجي قليلا وهي تقول: “بس دي مش في مصر.”
-هنروحها بالطيارة، انتِ مش من سنتين روحتي مع ماما وجدو السعودية وكنتِ مش خايفة من الطيارة؟
صمتت لوجي لتستوعب الامر وفجأة التفتت له وقالت بحماس: “عمو احنا هنسافر اليابان ونعمل عيد ميلادي هناك في ديزني مع الاميرات؟؟ ”
-ايوة يا روح قلب عمو…
قفزت لوجي من الفرحة وتعالت اصوات ضحكاتها وهي تعانق حمزة بقوة وتصرخ من الفرحة:
“انا بحبك اوي يا عمو حمزة… ده هيكون احلى عيد ميلاد في حياتي.”
نظرت هبة إلى حفيدتها ودموع الفرح تلمع في عينيها، ثم التفتت إلى حمزة الذي رد بابتسامة مطمئنة. ركضت لوجي إلى والدتها لتخبرها بالخبر السعيد، فقالت هبة: “ياه يا حمزة مش متصور فرّحتها قد ايه… ربنا يخليك ليها يا حبيبي…بس مش بعيدة شوية يا حمزة دي في مدينة طوكيو في اليابان! ”
-ولو بعيدة يا ست الكل المكان اللي تشاور عليه ونفسها تروحه نوديهولها.
خرجت رهف من غرفتها غاضبة:
“انت معندكش دم يا حمزة؟؟.. طوكيو ايه اللي اروحها !! شايف اني كويسة اني اسافر واهيص؟! ”
فنهض حمزة من مكانه يتقدم نحوها وامسكها من ذراعها وخرج من المنزل مغلقا باب الشقة خلفه كي لا تسمعهم لوجي وقال:
“رهف… انا مقدّر حالتك بس مش هنعيد الغلط مرة تانية!… حرام عليكِ اللي هتعمليه في البنت… محدش كان عارف يسيطر عليكِ زمان لما قعدتي البنت معاكِ في الكابوس ده اربع سنين…. رهف البنت ملهاش ذنب في اللي انتِ بتمري بيه لو ده جوزك اللي سابك فده برضو ابوها اللي متعلقة بيه… بطلي انانية… وفكري في حد غير نفسك.”
“انا انانية يا حمزة !!! انا !! ولا هو اللي اناني؟؟!.”
-انتِ انانية بتصرفاتك مع بنتك… مبتفكريش حالتها هتكون عاملة ازاي وهي خسرانة أب… وأم كمان!… فوقي يا رهف…. فوقي عشان البنت بدأت تكبر ويتزرع كل حاجة في مخها خلينا نطلعها سوية نفسيا حتى لو ابوها بعيد عنها…يعني البنت ابوها بعد عنها قبل عيد ميلادها بيوم! فطبعا انتِ لا يمكن تخرجي من حالتك دي قبل سنة علأقل وهتخليه يوم كابوس ليها… لا… لا… دي مش بنته لوحده دي بنتك انتِ كمان… يعني مسؤوليتك… لازم نخرجها من حساباتنا الشخصية… دي مطالبة مننا نسعدها نعملها كل حاجة نقدر عليه عشان نطلع بنت كويسة متإذيش غيرها الطفل الاناني والمتنمر واللي بيإذي ونفسه يشوف كل الناس تعيسة بيكون مش طفل اتخلق كده بالفطرة لا.. دي بتكون غلطة الاهل من البداية مش غلطة الطفل…مفيش طفل بيتخلق طباعه سيئة ومؤذية غير لما بيكون اتأذى مع اهله… متضيعيش مستقبلها دي طفلة… ولسه بتبدأ حياتها صاحبيها قربي منها لو خسرتي جوزك فمتخسريش بنتك هي الاخرى.. لو مش قادرة تفرحي فافرحي عشانها… متحسسيهاش بزعلك… روحي لدكتور نفسي.. اتعالجي يا رهف لو نوح غيابه مأثر اوي كده متتكسفيش تروحي لدكتور نفسي عشان تعرفي متإذيش اللي حواليكِ من كتر التعب اللي جواكِ… لكن متإذيهاش نفسيا لمجرد انك مبقتيش مهتمة بحياتك من بعده… بنتك يا رهف ملهاش ذنب… البنت برا كل الهم ده دلوقتي احنا نفكر فيها هي وبس وازاي نخلي اليوم ده اسعد يوم في حياتها…. والله ما قصدي اضايقك او ازعلك بس اول مرة اخد بالي ان البنت فعلا بدأت تكبر يا رهف وده في حد ذاته كارثة..لان اي حاجة بتبوظ مننا في العيل نقدر نصلحها وهو صغير لكن لو كبر صعب نصلحها وهتتبني عليها شخصيته العمر كله.
كانت رهف تُسقِط دموعها مدرارًا وهي تُصغي إليه، وكل كلمة نطق بها كانت كالسهم يصيب لبَّ الحقيقة. أكانَت حقًّا أمًّا قاسية إلى هذا الحد؟ نعم… كثيرًا ما كانت تُفزع صغيرتها، وترفع صوتها عليها، لا لذنبٍ جَنتْه، بل لأن روحها المُثقلة لم تَعُد على سجيتها، ونفسها لم تعد كما كانت.
حمدت ربَّها أن قيَّض لها من أيقظها من غفلتها، وكأن صفعةً أيقظت قلبها قبل وجنتها، لتراها من منظورٍ آخر. فلتعِش إذًا من أجل “لوجي”، ولإسعادها فحسب؛ علَّها تجد في ابتسامة صغيرتها السلوى التي افتقدتها، وفي ضحكتها عزاءً يُطفئ حرقة قلبها.
وأما نوح… فليعد أو لا يعد، لم يعد لغيابه أو حضوره سلطانٌ على قلبها. لقد آلت حياتها إلى معادلة واحدة: هي وابنتها… وحدهما، في مواجهة هذا العالم.
ابتسمت بعد ان مسحت دموعها ونظرت لحمزة بنظرة امتنان:
“شكرا يا حمزة… على كل حاجة… شكرا انك بتفكر في لوجي وبتعاملها زي بنتك…”
أردف حمزة ممازحًا إياها:
“بتشكريني على ايه يا عبيطة؟؟… انتِ اختي يا رهف… ولوجي بنتي طالما نوح مش موجود فانا ابوها لحد ما هيرجع وانا متأكد انه المرة دي راجع قريب اوي صدقيني.”
ضحكت رهف معه وقالت بلطف:
“أنت هتطلع أب حنين أوي… ربنا يرزقك باطفال.”
فقال حمزة وهو يفتح باب الشقة بالمفتاح:
“منين يا حسرة؟… هجيب عيال مش لما اتجوز الاول؟”
فضخكت رهف بمكر:
“لا مهو شكلك هتعملها يا بوب قريب… وهتغفلنا كلنا.”
ضحك حمزة وهو يفتح باب الشقة ويجعلها تدخل ثم دخل وراءها واغلقه خلفه:
“فكك بس المهم تكونوا جاهزين بكرة الصبح هاتيلي بس ورق لوجي وباسبورها وهاتي باسبورك انتِ وعمتو دلوقتي عشان الحق احجز اقرب طيارة لينا.”
فقالت هبة من داخل غرفة لوجي لانها كانت تلعب معها لتلهيها عن اصوات رهف وحمزة :
“باسبور ايه يا ولا وانا هسافر طوكيو واتفسح وانا في السن ده! ”
-متتفسحيش ليه ياعمتو دي هتبقى سفرية زي العسل مش يمكن نلاقيلك عريس حلو يا قمر انت وامشي اتخانق معاهم هناك بسببك يا هوبا. “
خرجت لتقف امامه ضاحكة بقولها: “بطل بكش يا ولا… ايه اقنعتها؟؟ ”
نظرت رهف لحمزة وضحكت: “اقنعني!!… ده غسلني برا.”
فابتسم حمزة وهو يستعد للرحيل على استعجال بقوله: “يلا بس يا رهف هاتي كل اللي قولتلك عليه عشان استأذن وامشي انا عشان الحق احضر حاجتي انا كمان.”
فسألته هبة باستغراب وفضول:
“وهتعمل ايه في سمر؟؟
ابتسم حمزة وهو يقول بمكر:
“سمر معانا كده كده مش هينفع اسيبها في مصر.”


