رواية الم بدون صوت الفصل الثاني عشر 12 بقلم خديجة احمد – تحميل الرواية pdf

الناس جريت ناحيتي، والممرضات أخدوها بسرعة على السرير المتحرك.
كنت ماشي وراهم زي المجنون، كل ثانية بتعدي كنت حاسس إنها بتبعد أكتر.
قلبي بيخبط في صدري، وإيدي بتترعش وأنا مش عارف أعمل إيه.
الطبيبة وقفتني وقالت:
– استنى برا لو سمحت.
قولتلها بصوت مبحوح:
– دي كانت كويسة … لقيتها مرمية ع الأرض!
دخلت وهي بتنده على طاقم التمريض، وأنا فضلت واقف قدام الباب،
عينيا على الزجاج الصغير، بشوفهم بيشبكوا ليها الأجهزة، بيقيسوا الضغط والسكر…
سمعت كلمة “غيبوبة سكر” وقلبي وقع.
رجعت خطوة لورا، حسيت إن الأرض بتتهز تحت رجلي.
غمضت عيني وحطيت إيدي على وشي،
مش مصدق اللي سمعته…
هي كان عندها سكر؟ ازاي؟ ليه ماقالتش؟
كانت بتخبي ده عني زي ما بتخبي وجعها كله.
بعد شوية خرجت الطبيبة،
جريت ناحيتها وسألتها بسرعة:
– طمنيني عليها؟
ردت بهدوء مهني:
– هي دخلت في غيبوبة سكر حادة، بس الحمد لله جينا في الوقت المناسب، حالتها مستقرة دلوقتي، بس محتاجين نتابعها الساعات الجاية.
ساعتها حسيت بنفَس بيرجعلي بعد ما كنت ناسي إزاي أتنفس.
قعدت على الكرسي اللي قدام الأوضة، وقلبي لسه بيرتعش.
ببص من الزجاج وبهمس لنفسي:
– كل ده وجع ساكته؟ حتى مرضها مخبياه عني؟
قعدت على الكرسي اللي قدام سريرها،
كل دقيقة بتعدّي كنت حاسس إنها ساعة.
ماكنش فارق معايا شغلي ولا الوقت اللي ضاع…
كل اللي في دماغي هو هي تفوق إمتى،
وصوت أنفاسي كان هو الوحيد اللي بيكسر سكون الأوضة.
بعد وقت طويل،
بدأت تتحرك بهدوء، تفتح عينيها،
قلبي ساعتها خبط جامد وأنا بقرب منها بسرعة:
– حمد لله على السلامة يا نور.
بصّت حواليها بارتباك، وصوتها كان متكسر:
– أنا فين؟ إيه اللي حصل؟
ردّيت وأنا بحاول أهدّيها:
– انتي في المستشفى… لقيتك مغمى عليكي في البيت،
بس متخافيش، انتي بخير دلوقتي.
اتنهدت وأنا مكمل بصوت مليان وجع:
– ليه يا نور؟ ليه عملتي في نفسك كده؟
رجعتي ليه البيت؟ كنتي عارفة ممكن يؤذيكي.
بصّتلي،
وعينيها اتغرقت دموع من غير ما تنزل،
الوجع كله كان واضح على وشها،
وإيديها بدأت ترتعش بخوف.
من غير ما أحس، مدّيت إيدي وطبطبت عليها بلُطف:
– خلاص، متقلقيش… كل حاجة عدّت.
لكنها تنحت كدا ، وبعد لحظة، شيلت إيدي بحرج ….
افتكرت كلام الممرضة، فقولت وأنا باخد نفس عميق:
– ليه ماقولتيش إن عندك سكر يا نور؟
بصّتلي بصدمة حقيقية:
– سكر؟! أنا معنديش سكر !
بصيتلها باستغراب:
– بس الممرضة قالت كده.
ردّت بملامح حيرة،
واضح إنها فعلاً أول مرة تسمع الكلمة دي عن نفسها،
فحاولت أهدّي الموقف وقلت بهدوء:
– خلاص، متفكريش في كده دلوقتي،
هنعمل التحاليل ونتأكد بنفسنا.
بعدها سكتت لحظة وقالت بخجل واضح:
– ممكن تتصل بسارة… تيجي؟
بصيتلها ثواني،
ولوهلة افتكرت صوت سارة البارد في مكالمتنا اللي فاتت،
بس برضه قررت أعمل اللي طلبته.
خرجت من الأوضة واتصلت.
ردّت بعد رنّتين:
– ألو؟
قولت بصوت متماسك:
– نور في المستشفى… تعالي.
سمعت شهقة خفيفة من الناحية التانية:
– مالها؟
ردّيت بسخرية خفيفة وأنا مش قادر أسيطر على غضبي:
– فارقالك أوي يا سارة؟
قالت بهدوء غريب:
– نور دي صحبتي وأختي، أكيد فرقالي.
سكت شوية، مش عارف أفهمها.
إزاي تبقى “أختها” وتسيبها تروح لباباها وهي عارفة اللي بيعمله فيها؟
قفلت الموبايل وأنا نفسي مشوشة،
ورجعت الأوضة …
الممرضة خدت عينة من دمها علشان التحليل.
عدّى وقت حسّيته أطول من عمر.
لحد ما سارة دخلت، عيونها كانت مليانة قلق وخوف.
جريت على نور، حضنتها بقوة كأنها بتحاول تطمن نفسها قبلها.
قالت بصوت مرتعش:
__انتي بخير؟..
نور بصّت لي لحظة، بعدين رجعت تبص لسارة وتهز راسها بمعنى “لا” بخفة.
ساعتها فهمت إنها محتاجة وقت معاها، من غير وجودي.
طلعت من الأوضة بهدوء، والباب ورايا اتقفل على صوت أنفاسهم الاتنين… تقيلة ومليانة خوف.
وقفت برّه، وإيدي متجمدة وأنا مستني التحليل.
سارة:
كان قلبي مقبوض خوفًا عليها.
أنا مش وحشة… نور دي أقرب صاحبة ليا، بس الغيرة كانت بتاكل فيا لمجرد إن فكرة إنها ممكن تاخد مكان في قلب يوسف بتوجعني.
وده مش معناه إني بكرها أو بتمنى لها الأذى، بالعكس… يمكن بخاف عليها أكتر من نفسي.
استنيت شوية، لحد ما بدأت تحكي بصوت متقطع:
__بـ.. بابا… لما رجعت، لقيته نايم.
دخلت أوضتي، كنت فاكرة كالعادة مش هيهتم باني رجعت وهيسيبني اقعد عادي، بس المرة دي وشه كان مليان غضب.
قالي بصوت عالي: إيه اللي جابك؟
وبدأ يضربني… ضرب جامد، من غير ما يفكر أو يسمعني.
وبعد ما خلص، قال وهو بيبصلي بكره: اطلعي بره، ومترجعيش غير ومعاكي المحروس بتاعك… عشان تستري على نفسك.
سكتت لحظة، وبعدين كملت وهي بتشهق:
__وفجأة… الدنيا لفت بيا، وكل حاجة اسودّت… وقعت ومحستش بنفسي غير وانا هنا.
قلبي كان بيتقطع وأنا بسمعها.
كل كلمة كانت وجع، كانت خنجر بيغرز في قلبي وأنا مش قادرة أعمل حاجة.
حضنتها جامد، دموعي نزلت مع بكاها،
وحاولت أهديها، أطمنها، أقولها إنها بأمان دلوقتي…
بس كانت بتترعش،
خوفها مسيطر عليها،
زي طفلة لسه خارجة من كابوس طويل.
_______
التحليل طلع…
وأول ما عرفت النتيجة، اتصدمت!
الطبيبة قالتلي بهدوء: “مستوى السكر عندها عالي جدًا، واضح إنها كانت في غيبوبة سكر.”
وقتها حسيت الدنيا وقفت لحظة.
نور؟ عندها سكر؟
إزاي ما كانتش عارفة؟ وإزاي محدش لاحظ؟
الأسئلة كانت بتخبط في دماغي وأنا مش لاقي إجابة.
حسيت بخنقة…
بنوته لسه ف العشرينات، يجيلها سكر؟
اللي زيها المفروض لسه بتبدأ حياتها، مش تعيش وسط تحاليل وأدوية!
فضلت واقف برا الأوضة كام دقيقة،
مش عارف أواجهها ولا أقولها إزاي،
بس في الآخر جمعت شجاعتي…
وفتحت الباب، دخلت بخطوات بطيئة.
كانت قاعدة ع السرير، وشها باهت،
وعينيها فيها مية ألف سؤال.
قربت منها بهدوء،
وقلت بصوت خافت وأنا بحاول أسيطر على نفسي:
__نور… التحليل طلع.
الثالث عشر من هنا


