Uncategorized

رواية الم بدون صوت الفصل التاسع 9 بقلم خديجة احمد – تحميل الرواية pdf


البارت التاسع

وف وسط كل ده، صوته خرج متقطع من الغضب:

__انتي السبب… انتي السبب ف كل اللي أنا فيه ده!

اتصدمت، وعيوني كانت حُمر من كتر البُكا،

ردّيت وأنا شهقاتي بتكتم كلماتي:

__أنا السبب؟ أنا عملت إيه؟ ذنبي إيه؟.

ردّ عليا وهو بيكمّل ضرب:

__انتي السبب في موت أمّك!

وقتها كل حاجة جوايا وقفت.

اسمها لوحده وجع قلبي،

قلتلُه بصوت مخنوق ومصدوم:

__انت بتخرف؟ بتقول إيه؟.

وياريتني ما قلت الكلمة دي.

وشه احمَرّ أكتر،

عصّب، ومسك فيا بكل غضبه،

وخبطني ف الدولاب بقوة!

محسّتش بنفسي غير وأنا واقعة على الأرض،

الدم حواليّا،

ونفَسي بيتقطع…

والدنيا بقت سودة ف عيني.

ساعتها الدنيا لفّت بيا،

كل حاجة بقت سودة…

وأنا بحسّ إن الوجع بيطفي حواسي واحدة واحدة،

لحد ما فقدت الوعي تمامًا.

مش عارفة بعد قد إيه فوقت،

بس أول حاجة شُفتها كانت هو…

قاعد قدامي،

كأنه مستنيني أفوق لوحدي من غير ما يمد إيده.

بصّيتله بوجع،

وعيني كانت بتحكي اللي لساني مش قادر يقوله.

كل الدموع اللي محبوسة جوايا كانت بتصرخ من غير صوت.

بكل قسوة الدنيا قالها وهو بيشيح بوشه عني:

__مش عايز أشوف وشك هنا،

هخرج ومرجعش ألاقيكي.

كلماته كانت أوجع من الحزام،

خرج وسابني والدم لسه بينزل من دماغي.

بس الغريب… إني مكنتش مصدومة،

اتعودت على الغُدر ده.

هو دايمًا لما بيتضايق جامد بيطردني.

وعادي… كنت كل مرة بروح أقعد عند سارة يوم ولا يومين،

وبعدها أرجع كأني ما عملتش حاجة،

كأني أنا الغلطانة دايمًا.

اتحاملت على نفسي وقمت،

ماسكه راسي اللي الدم مغرقها،

كل خطوة كانت بتوجعني كأن الأرض بتلسع رجلي.

ماكانش عندي لا قطن ولا شاش أداري بيه الجرح،

ولو رُحت الصيدلية الناس هتشوفني بالشكل ده…

هيندهشوا، وهيتكلموا.

وانا خلاص، مش ناقصة نظرات شفقه تاني.

قررت أروح لسارة،

هي الوحيدة اللي ممكن تساعدني،

والوحيدة اللي تعرف كل اللي بيحصل.

حطيت منديل فوق الجرح،

ولبست الطرحة ع السريع،

ونزلت الشارع وأنا بحاول أمشي عادي…

بس نظرات الناس كانت سكاكين بتغرز فيا.

كل حد بيبصلي بخوف،

وأنا قلبي بيوجعني أكتر من راسي.

وجعي مش من الدم…

وجعي من حالي، من اللي وصلت له.

وصلت تحت بيتها،

طلعت وأنا نفسي تقطع،

وخبطت على الباب وأنا باصه للأرض.

كنت محرجة،

مش عارفة أقول لمين إني رجعت تاني لنفس المشهد.

الباب اتفتح،

طلعت مامتها.

أول ما شافتني اتبدل لون وشها،

مدت إيدها تسندني وقالت بخضّة:

– نور! إيه اللي حصلك يا بنتي؟

همست بصوت مبحوح:

– ممكن أشوف سارة؟

دخلتني بسرعة،

قعدتني على الكرسي وهي بتنده:

– سارة! سارة، تعالي بسرعة!

خرجت سارة من أوضتها،

ولما عينيها وقعت عليا شهقت بصوت عالي،

جريت نحوي وهي بتقول:

– يا نهار أبيض! نور، هو اللي عمل فيكي كدا؟

مقدرتش أرد…

دموعي هي اللي اتكلمت مكاني.

مامتها جابت قطن وشاش ومطهر،

وبصتلي بحرقة وهي بتقول:

– ده مين اللي يقدر يرفع إيده على بنته كده؟

ده مفيش قلب!

كنت سامعاها بس مش قادرة أرد،

كل اللي في دماغي وقتها إن الجرح الخارجي ممكن يتلملم،

لكن جوايا…

اللي اتكسر صعب يتصلح.

وسارة كانت بتنضف الجرح بإيدها اللي بترتعش،

وأنا ساكته…

مش حاسة بالوجع،

لأن اللي وجعني بجد مش الجرح…

اللي وجعني إني بقيت ضيفة على الأمان.

خلصت سارة تطهير الجرح وربطته ليّ،

وأنا ساكتة على الكرسي، حاسة إن قلبي بيتقطع من التعب والوجع.

فجأة الباب خبط،

ومامت سارة قالت بتنهيدة:

– ادخلي يا سارة وخدي نور معاكي… عقبال ما أشوف مين!

دخلنا جوا، أنا وسارة،

بصّتلي بهدوء وقالت:

– لحد إمتى يا نور؟

بصيت لفوق، بحاول دموعي متنزّلش، وقلت بغصة:

– مش عارفة… أنا تعبت.

قربت مني، كانت هتحضني،

لكن أول ما لمست ضهري اتوجعت،

اتفزعت عليا وقالت:

– انتي بخير؟

هزيت راسي بوجع وقلت:

– له.

ردت بشك:

– هو ضربك بالحزام؟

سكتت، ومتكلمتش،

وبعدين قالت وهي بتحاول متتعصبش:

– خليكي هنا لحد ما أجيب مرهم للكدمات.

قعدت سرحانة على السرير

وأنا مغمضة عيني شوية، بدأت أدندن بصوتي الحلو… أغنية المفروض تكون فرحة،

بس أنا بغنيها بكل الحزن اللي جوا قلبي… بكل التعب والخوف والوجع اللي مريت بيه.

الليل حواليا ساكت، بس كل كلمة كنت بغنيها كانت بتطلع كأنها بتلسع جروحي.

كنت بغني كلمات الأغنية :

“بيقولولي إنّي شبهك، إنّي زيك…

حته منك، روحي روحك…

واخده عقلك ف المشاعر والكلام…

بنت أبوكي… يا سلام.”

كانت الكلمات زي سهم بيرجع بي لكل ذكريات اللي حصل…

كنت نفسي أغني الأغنية من قلبي،

بس قلبي مكسور، وكل نغمة بتطلع كانت بتوجع أكتر.

عيوني كانت بتدمع، حطيت إيدي على وشي وبكيت بحرقة،

الدموع مش بس من الألم الجسدي، لكن من كل اللي أنا فيه.

فجأة، لقيت حد بيخبط على باب الأوضة.

ضحكت وانا بتنهد:

– ادخلي.

لكن المفاجأة كانت لما الباب اتفتح ولقيت يوسف واقف قدامي!

أول ما شافني، تنح شويه وكأنه اتفاجئ.

بعد لحظة، استوعب إني من غير حجابي…

فبسرعة حط راسه على الأرض، كأنه عايز يتجنب أي موقف محرج.

أنا اتوترت على طول، قلبي بدأ يدق بسرعة،

ودورت حواليّ على أي حاجة أقدر أعملها،

مسكت الطرحة وحطيتها بسرعة على راسي،

أحاول أرتّب نفسي وأحميه من الإحراج،

لكن التوتر كان واضح بينا كلنا.

يوسف رفع راسه شويّة،

بصلي بعينين فيها خجل وحرص وهو بيقول بهدوء:

ــ أنا آسف… جالي فضول أشوف مين اللي صوتها حلو كدا، مكنتش أعرف إنك هنا.

ردّيت وأنا بحاول أخفي توتري وارتباكي:

ــ حصل خير.

لسه الكلمه طالعه من بقي،

الباب اتفتح فجأه ودخلت ساره وهي ماسكه المرهم في إيدها.

قالت باستغراب:

ــ إيه دا؟ انت جيت امتى؟

يوسف رد وهو بيحاول يخفف الموقف:

ــ من حوالي عشر دقايق كده.

رجع يبصلي بنظره فيها قلق واستغراب،

وأنا حسّيت بدمي بيجري ف عروقي من التوتر.

نظره كانت بتسأل من غير ما يتكلم،

وبصوته الهادي قال وهو بيشاور على راسي:

ــ إيه اللي حصل هنا؟

ردّيت بسرعة قبل حتى ما ساره تفتح بقها:

ــ خبطه بسيطة… اتخبطت بالغلط.

فضل ساكت ثواني، عينه بتفحصني كأنه مش مصدّق كلمة،

وبعدين بص لساره بنظره كأنه مستنى منها تأكيد.

ساره تنفست بعمق وقالت بصوت واطي:

ــ باباها.

شفت عينه وهي بتتبدل،

نظره غضب مكتوم ووجع ماعرفتش أواجهه.

قلبي كان بيترعش،

وساره بسرعة قالت عشان تكسر الصمت:

ــ أنا كنت لسه هحطلها مرهم للكدمات مش هتاخد وقت.

يوسف حاول يهدّى نفسه وقال وهو بيبعد نظره عني:

ــ تمام… لما تخلصوا تعالوا لي بره

وبصلي تاني بنظره خفيفة فيها خوف عليا:

__عشان محتاج اتكلم معاكي ي نور

وساب الأوضة وخرج

____________

طلعت من الأوضة وقلبي مولع نار من الغضب.

إزاي يقدر يعمل كده فيها؟ ده مستحيل يبقى أب.

قعدت على الكنبة وراسي مليان أفكار: الضرب، الدم، وحزن عينيها ما بتطلعش من بالي.

مرات عمي جت ومعاها فنجان قهوة وحطته قدامي، وشها كله حسرة.

سألتها بهدوء:

__نور بتجي لكم هنا كتير؟.

ردّت بصوت مكسور:

__أيوه… بتيجي لما أبوها يزعل ويطردها. جايه ورأسها بينزف — اتخبطت في حاجة.

قبّضت إيدي جامد، وكان هاين على أروح اجيبه من هدومه واهريه ضرب، بس ركّزت وفكّرت: لازم أتصرف بحكمة عشان ما أضيعش الأمان القليل اللي لسه باقيلها.

أخدت نفس عميق وقلت لنفسي بهدوء:

__مش هسيبها… مهما حصل.





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى