Uncategorized

رواية الم بدون صوت الفصل العاشر 10 بقلم خديجة احمد – تحميل الرواية pdf


البارت العاشر

بصيت لمرات عمي بقلق وقلت بهدوء:

– هفتح أنا.

قمت وأنا حاسس بحاجة مش مريحة ف صدري ……

فتحت… ولقيت راجل نحيف، وشه شاحب، تحت عينه سمار كأنه ما نامش بقاله أيام، والغضب مالي ملامحه.

قلت باستغراب:

– مين حضرتك؟.

لكن قبل ما أكمل كلمتي، زقني بعنف لورا ودخل بخطوات سريعة، وهو بيزعق بصوت غليظ:

– فين بنت الك**دي؟ أنا شفتها داخله من هنا!.

اتجمدت في مكاني لحظة، الصدمة شدتني.

الكلمات وقفت في حلقي، والدم بدأ يغلي في عروقي.

مين البنت اللي بيتكلم عنها؟ وليه الأسلوب ده؟

بص لي بنظره كلها اتهام وقال بسخرية جارحة:

– هي جايالك هنا بقى؟!.

نغزني كلامه، حسيت بقلبي بيولع من الغضب.

بس قبل ما أرد، كانت مرات عمي دخلت بخطوات سريعة وهي مرعوبة وبتقول:

– انت بتقول إيه؟! إزاي تتكلم كده عن بنتك؟! إنت جاي تفضحها ولا إيه؟!.

صوتها كان بيرتعش بين الغضب والوجع،

والراجل وشه زاد احمرار، وصوته بيعلى كل ثانية.

كنت واقف أتابع المشهد، والغضب بيغلي جوايا كبركان على وشك الانفجار.

هو ده الأب اللي المفروض يحمي؟ اللي المفروض يكون الأمان؟

ده حتى الحيوان بيراعي ولاده.

ما استحملتش أكتر.

خطوت ناحيته وأنا صوّتي بدأ يعلو من غير ما أحس:

– وطي صوتك، وإوعى تكرر الكلام ده تاني!.

بصلي باستغراب وعيونه فيها تحدي واضح،

قال بسخرية:

– وأنت مالك؟ دي بنتي وأنا حر فيها!

قربت منه خطوتين، المسافة بينا بقت نفس واحد.

عيناي مسابتش عينه،

كل خلية في جسمي كانت بتصرخ: حرام اللي بتعمله فيها!

قلتله وأنا ماسك نفسي بالعافية:

– حر؟ الحرية إنك تربيها مش تكسرها.

الرجولة مش في إنك ترفع صوتك، ولا في إنك تمد إيدك!.

صوته علي أكتر وقال:

– أنا بربيها بطريقتي، مالكش دعوة!.

في اللحظة دي، حسيت بدمي بيغلي حرفيًا،

مديت إيدي عليه وزقيته بعيد عني وأنا بقول بحدة:

– تربيها؟ ده اسمه تعذيب مش تربية!.

مرات عمي صرخت:

– كفاية يا يوسف!.

لكن أنا كنت فقدت السيطرة،

كل اللي كنت شايفه قدامي هو وش البنت دي، نور،

وهي عينيها مليانة خوف ودموع.

بصيت له وقلبي بيتخبط في صدري من الغضب:

– لو رجعت تمد إيدك عليها تاني… ساعتها أنا اللي هربيك.

سكت المكان كله للحظة،

فجأة خرجت نور و ساره من الأوضة على صوت الزعيق،

بصّيت في وشها ولقيت وشها مصدوم ويدها بترتعش من الخوف، وبصوت متقطع نطقت:

ـ بابا؟

هو اتقدّم ليها وعايز يمسك طرحتها وقال بنبرة خشنة:

ـ آه يا روحي أمّ…

ماقدرتش أسيبه يقرب لها. مسكته من إيده وضغطت عليها جامد وقلت بعنف:

ـ مش هسمحلك.

الغضب انتفخ في وشّه تاني وهو بيصيح:

ـ إنتِ مجنون ولا إيه؟ دي بنتي وأنا أبوها!

ردّيت عليه بغضب مكبوت:

ـ الأب مش كلمة، الأب أفعال. وإنت مفيش منك فعل يخلّي منك أب أصلاً.

ضحك بسخرية قاسية وقال:

ـ طول ما إسمي مكتوب في بطاقتها يبقى أنا أبوها، وليا الحق أربي بنتي بالطريقة اللي تعجبني.

نقل نظره لنور بتهديد واضح وهو بيشاور عليا:

ـ والواد اللي إنتِ ماشيه معاه دا لو مجاش واتقدم لك، اعرفي إنك إنتِ ولا بنتي، ولا أعرفك — وهدفنك بالحياه. و إنتِ عارفة إني أقدر أعملها.

نورت ردّت بصوت مرتعش:

ـ والله يا بابا، إنت فاهم غلط…

لسه كانت هتكمل لكن قاطعها بصوت حاد وانتهى الكلام:

ـ كفاية كدب وتبرير ملوش لازمه، أنا قلت اللي عندي.

خرج ورزع الباب وراه،

ماكنش شاغل بالي غير رد فعل نور.

بصيت لها ولقيتها قاعدة على الكرسي،

عيونها مليانة دموع، ووشها محمر من البكاء،

وإيدها بترتعش من الخوف والارتباك.

سارة قربت منها ووضعت إيديها على كتفها بحنان وقالت:

– اهدي… هنلاقي حل، صدقيني.

لكن نور كانت غارقة في بكائها، مش سامعة أي كلمة، دموعها نزلت بغزارة.

حاولت أقرب منها وأخفف عنها، وقلت بصوت هادي:

– متخافيش… مش هيعملك حاجة.

ردّت عليّ بصوت عالي ومتوهج:

– انت مش فاهم… متعرفوش… متعرفش ممكن يعمل أي … ولا يأذيني إزاي!..

كملت نور بصوت منخفض، مبحوح من البكاء:

– مش عارفة… مش عارفة أعمل إيه، كل حاجة وقعت فوق راسي.

مش هقدر أروح البيت تاني…

مين هيهتم بيه؟ مين هيأكله ويشربه؟

مفيش غيري كنت بعمل كده.

سارة انفجرت فيها بصوت عالي، والعبرة خانقاها:

– برضه بتفكّري فيه؟ برضه!

طب وانتي يا نور؟ عمرك فكرتي في نفسك؟

في وجعك؟ في جسمك اللي كله علامات وزرقة؟

نور بكت أكتر، ودموعها نازلة بحرقة، وقالت بين شهقاتها:

– أنا مش مهمّة… المهم هو… المهم بابا.

مرات عمي بصتلها بحزن عميق وقالت:

– لسه بتقولي عليه “بابا” يا نور؟

بعد كل اللي عمله فيكي؟ بعد ضربه وإهانته؟

برضه متمسكة بيه؟

نور ما ردتش…

سكتت، والكلام وقف في حلقها، كأن نفسها اتقطع من كتر اللي جواها.

الصمت كان تقيل، محدش قادر ينطق.

قطعت أنا الصمت وقلت بهدوء:

– يلا يا نور… هاخدك معايا.

سارة بصتلي باستغراب وقالت:

– تاخدها معاك فين؟

رديت وأنا بحاول أخلي صوتي ثابت:

– أنا مأجرلها شقة صغيرة قريب من هنا، تروح هناك وتستريح شوية.

مرات عمي قالت بسرعة، وهي باينة عليها القلق:

– سيبها يا ابني، خليها هنا… مالهاش لازمة تروح تقعد لوحدها.

بصيت لها بهدوء وقلت:

– لأ، مش هينفع.

أبوها عرف مكانها، وممكن ييجي في أي وقت…

ومحدش عارف ممكن يعمل فيها إيه.

الأامن إنها تبقى في مكان ميعرفش عنه حاجة.

هزت راسها باقتناع..

فقلت بصوت هادي:

– هاتي شنطتك يا نور، يلا.

كانت تايهة، عينيها شبه غايبة…

هزت راسها تاني ودخلت تجيب شنطتها.

ودّعت سارة ومرات عمي، وخرجت معايا.

فتحتلها باب العربية،

قعدت وهي باصة في الفراغ،

وأنا سايق كنت كل شوية ببص عليها من غير ما تحس.

كانت ملامحها ساكتة… متجمدة،

حتى التعب كان ظاهر في كل تفصيلة في وشها.

بعد شوية، غلبها النوم،

وهي نايمة دموعها ناشفة ع خدها.

لما وصلنا تحت البيت، ناديت عليها بهدوء:

– نور… اصحي، إحنا وصلنا.

بعد كذا نداء، فتحت عينيها بصعوبة،

كانت جعانة نوم بجد.

ابتسمت وقلت بلطف:

– فوقي… تقدري تكملي نوم فوق براحتك .

حاولت تبتسم وقالت بصوت واطي:

– شكراً.

هزّيت راسي بابتسامة صغيرة،

ونزلت فتحتلها باب العربية.

كنت ماشي جنبها فسألتني باستغراب:

– انت رايح فين؟

رديت بعفوية:

– شقتي.

بصّتلي بعدم فهم، فقلت وأنا بحاول أخفف الموقف:

– أنا مأجرلك شقة جمب شقتي، يعني لو احتجتي حاجة… أكون قريب منك.

ضحكت بخفة وقالت:

– بجد؟

ابتسمت وأنا بحك راسي بخجل:

– أيوه، عشان تبقي مطمنة.

ابتسمت ابتسامة دافية وطلعنا.

قبل ما أدخل شقتي قلت وأنا ببتسم:

– تصبحي على خير يا نور.

ردت وهي بتحاول تثبت ابتسامتها:

– وانت من أهل الخير.

دخلت شقتها، ودخلت أنا شقتي…

بس وأنا بقفل الباب، لقيت نفسي سامع صوت تنفسها في دماغي،

كأنها لسه هنا …. جنبي.

_________________

دخلت الشقة،

كان إحساس غريب كل مرة بدخلها…

كأن المكان بيحضني.

فيها أمان، وهدوء، وريحة راحة أنا مفتقداها من سنين.

رميت الشنطة على الكرسي،

وقعدت على السرير،

شلت الطرحة وفردت ضهري بتنهيدة تعب.

حاولت أنام… لكن عينيّ مش راضية تقفل،

كل ما أغمضها، تتزاحم الصور في دماغي.

قعدت أتقلّب كتير،

لحد ما قررت أخرج البلكونة، يمكن الهوا يهديني شوية.

لبست الطرحة بسرعة، وفتحت الباب،

الهواء البارد لمس وشي بهدوء خفيف،

قعدت أبص للسما…

كانت صافية، وساكتة كأنها بتطبطب عليّا.

بعد كام دقيقة،

سمعت صوت باب بيتفتح جنبي،

بصّيت، لقيته — يوسف.

ماسك كتاب ف إيده، والتانية فيها كباية شاي سخنة،

وبصلي بابتسامة دافية وقال بنغمة هادية:

– الأنسة نور… شكلك مش جايلِك نوم.

ابتسمت بخفة وردّيت:

– تقريبًا كده.

ضحك وقال وهو بيرفع الكباية:

– طب أعملك شاي؟ ونرغي شويه بدل النوم دا.

هزّيت راسي بلُطف:

– لا شكراً، متتعبش نفسك.

هو ما سابنيش أرفض،

ضحك وقال بنفس الهدوء اللي بيطمن:

– دي كباية شاي بس، مش مأدبة… هروح أعملها.

وقبل ما يدخل، بصلي وهو بيقول بنبرة خفيفة:

– سكرك؟

ضحكت رغم تعبي وقلت:

– معلقتين.

ابتسم وقال:

– تمام… جاي حالاً.





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى