Uncategorized

رواية ملاك السيف الفصل الثالث عشر 13 بقلم ايمان صلاح – تحميل الرواية pdf


هتفت وفاء بصرامة بعد أن أبعدت يديها عنه ورجعت خطوة إلى الوراء ..
أفرغت به ما بداخلها من ضيق، و حسرة، و ألم، و عذاب الأيام الماضية التي مرت عليها من فراق زوجها ..
_ عاوز إيه يا نادر

كان يلهث مما فعلته به .. يحاول أن يأخذ أنفاس منتظمة .. يمرر يديه على رقبته موضع الألم ..
_ عاوز ماما .. هي فين

أردفت وفاء بنفاذ صبر وهي تشاور له بيدها إلى الداخل بعد أن ابتعدت عن الباب
_ اتفضل يا أستاذ في أوضتها جوه نايمة ..

ثم هتفت بألم حقيقي وهي تضرب كفا يديها ببعضهم البعض
_ أقسم بالله يا نادر أقسم بالله خسارة الست اللي نايمة جوه دي تبقى أمك خسارة بجد ..

لم يرد ..بل انسحب إلى داخل المنزل ..
أحس بالأمان والحنين يغزو قلبه أقوى وأقوى .. رائحة المكان ما زالت كما هي .. لم يتغير شيء به .. رائحة مثل المسك وكيف لا تكون وهي رائحة والدته ..

نظر في أرجاء المنزل .. ما زال كما هو .. كما تركه آخر مرة عتبت أرجله بداخله .. لم يتغير به إنش واحد ..

مرت الذكريات أمام عينيه واحدة تليها الأخرى .. ذكريات سعيدة، حزينة ..

كان يركض في أنحاء المنزل ورائها والضحكات تصاحب وجودهم ..

تبدلت ملامحه إلى حزن عميق وهو ينظر إلى تلك الغرفة وذاك اليوم المشئوم يوم تركه لها يمر أمام عينيه ..
هز رأسه بعنف محاولًا نسيان ذلك الآن ولكن كيف بدخوله لها ..

فتح الباب بتوتر شديد مع ازدياد ضربات قلبه بشدة ..
أغلق الباب وراءه بعد دخوله وهو ينظر إلى زوجة عمه التي دخلت إلى غرفتها ..

بدأ يقترب منها وهو يبتسم بعشق .. نائمة بهدوء على السرير ..

_ نادر
هتفت هند بذلك في نومها مع ابتسامة صافية ..

رمش عدة مرات يحاول تصديق ذلك نطقت بإسمه .. الذي تمنى سماعه منذ زمن ها هو يسمعه …
يقولون بأن الأم تشعر بأبنائها .. هل شعرت مجيئه ووجوده بجانبها الآن؟

تمدد بجوارها على السرير بنصف جسده الأيسر وهو ينظر إلى كل إنش في وجهها .. وظهور علامات الكبر عليها .. ولكنها مازالت وستظل أجمل إمرأة وقعت عيناه عليها ..

رفع يده اليمنى يمررها على وجهها بحنان دفين ويرجع خصلات شعرها إلى الخلف ..
ثواني وفتحت عينيها بإبتسامة صافية وهي تقول بعشق
_ نادر وحشتني يا حبيبي .. أنا عارفة إنك مش حقيقي وإن ده حلم وهيخلص ..
هصحى ألاقيك مش موجود زي كل مرة بحلم بيك فيها ..
هصحى دموعي على خدي كل لما افتكر عدم وجودم جنبي ..
بس عارف أجمل حاجة إني بشوفك حتى لو في أحلامي مش هقدر استكتر على كده ..
أنا راضية والله .. راضية يا حبيبي ..
هستنى إنك تسامحني و تيجي ليا من تاني ..
تيجي لأمك يا نادر لأنها عاوزة تشوفك ..
تيجي لأمك وتسامحها على حاجة حصلت غصب عنها .. والله مش كان قصدي بس ألاء هي اللي فهمت غلط ..

أزال نادر الدموع من عيني والدته وهو يزرف الدموع من عينيه المتألمه .. على ما مرت به والدته بسببه .. كان قاسي بشدة عليها .. وأردف بتردد وندم وخزى وأحاسيس مختلف تمامًا ..

_ أنا.. أنا حقيقي .. أمي أنا آسف بجد .. أنا أنا مش عارف أقول إيه ولا أعمل إيه .. ومش عارف ليه فضلت السنين دي كله من غير ما اجي ليكِ .. بس واللهِ يا أمي واللهِ كنت عاوز أجي من زمان ليكِ بس .. بس الموضوع مش كان سهل إنتِ عارفة إني كنت بين نارين ومش عارف أعمل إيه .. من جهة إنتِ ومن جهة تانية ألاء ..
ماما ممكن تسامحيني .. والله والله أنا آسف بجد ..

إنتي عارفة إيه اللي خلاني أرجع خلاص .. من يومين كده كنت في المول بشتري حاجات لقيت بنت صغيرة بتعيط وبتدور على والدتها ساعدتها .. فرحت مامتها وقتها حركت جوايا مشاعر كنت ناسيها خالص .. خلتني أخد قرار أن خلاص هاجي اشوفك .. لأنك وحشتني أوي أوي أوي.. ممكن تسامحيني

نظرت إليه بصدمة هل هو حقيقي الآن؟
ألا تحلم حقَا!
لقد جاء بعد تلك السنوات أخيرًا .. بعد طول إنتظار مرت عليها .. بعد ليالي قاسية ..
كانت تعد اليالي في إنتظار عودته ..
تسهر حتى بروز الفجر في الشرفه عله يأتي أو يمر بجوار المنزل .. لم تيأس يومًا ..
بل أن ذاك القابع بين الضلوع كان يخبرها بعودته .. وها هو قد عاد لها بعد طيلة غياب طويلة دامت لسنوات ..

ضحكت وبكت في آنٍ واحد .. مررت يديها على وجهه وجسده .. عليها تتأكد من وجوده حقَا بجانبها .. وأن لا يكون ذلك سرابًا .. تفعله عند اشتياقها له ..

فهي ليست المرة الأولى التي تراه أمامها ولكنها أول مرة يتحدث معها ..
لذلك صدقت ذلك ..

تطلعت إلى كل مكان تمر عليه يديها لتراه سالمَا معافًا من أي شيء .. بل إنه إزداد وسامه وجمالًا وطغى عليه الجاذبية ..

اقتربت منه وهي تحتضنه مع بكاءها الذي إزداد أكثر فلذة كبدها ها هو بين أحضانها ..

آه يا أيها القلب صدقت في ظنك بعودته
جاء إلي نادمًا يريد السماح مني .. قد وعدت نفسي بنسيان ما مضى عند عودته فها أنا أنسى ذلك الحدث وذاك اليوم المشئوم بالنسبة لي فلتبتعد أيها العقل عني الآن لا أريد أفكارك أن تمحو عليّ لحظة كنت أتمناها منذ زمن ..
بل فلتضغو أيها القلب ..

بعد عناق طويل وبكاء واشتياق أبتعدت هند عنه واعتدلت في جلستها مسندة ظهرها على السرير .. ليعتدل نادر هو الأخر ناظرًا إليها ..

هتفت بأسف لكي تمحو آثار الماضي في حياتهم
_ نادر يا حبيبي واللهِ إللي حصل كان غصب عني .. أنا يا إبني والله مش كان قصدي اقول لمراتك كده .. هي اللي فهمت غلط …
مش كان قصدي اتهمها بالسرقة ..

رفعت يديها التي تهتز من ما بدر منها وهي تنظر إليهم بتوهان والدموع ما زالت مستمرة في النزول

_ والله ما كان قصدي اضربها ولا أمد إيدي عليها .. ولا قصدي اوقعها و اخليها تخسر اللي في بطنها .. هي اللي عصبتني ..
أنا .. أنا مش عارفة عملت كده إزاي ..
ده مهما كان حفيدي عمري ما أتمنى ليه الشر ..

وضعت يدها اليمنى على قلبها وبيدها اليسرى تزيل الدموع من عينيها التي تمنعها من الرؤية

_ قلبي كان بيوجعني ديمًا من اللي حصل .. كنت بلوم نفسي ديمًا .. عشان أنا السبب أيوه أنا السبب .. أنا اللي خسرتك أبنك وتهمت مراتك بالسرقة

ضمت يدها اليسرى بقوة وهي تضرب جبينها بقسوة

_ دماغي دي هي السبب .. هي اللي خلتني أنسى أنا حطيت الفلوس فين وقتها ..
هي السبب في كل حاجة

أمسك نادر يديها محاولًا تهدئتها … ضمها بين أحضانه ..
لتردف من بين شهقاتها التي ملئت الغرفة وقد أخرجت وفاء من غرفتها خوفًا عليها .. كادت تدخل وتخرجه .. ولكنها نهرت نفسها بشدة فهذا شيء خارج إرادة هند شيء مخزن منذ زمن وها هو يخرج بقوة .. فمن هي حتى تبعد أبنها عنها .. لتعود مرة أخرى إلى غرفتها ..

هتفت هند بخنقة من داخلها ..

_ واللهِ يا إبني مش كنت فكرة فين الفلوس ولا كنت قصدي أتهم مراتك بحاجة .. حاولت أدور عليك كتير بس مش عرفت ألاقيك .. أنت اختفيت خالص .. صدقني يا نادر واللهِ مكنت أعرف فين أسفه يا إبني أسفه ..

أزال نادر الدموع من عينيها بعد أن ابتعد عنها هاتفًا بوجع .. مكنسًا الرأس بخزى

_ انتي بتتأسفي يا أمي مني .. مني أنا .. أنا اللي لازم أطلب منك السماح مش إنتي .. إنتي مش عملتي حاجة ..
أنا الغبي اللي بعدت عنك ..
وأنا الغبي اللي سابك طول السنين دي كلها لوحدك .. وأنا الغبي اللي مش استاهل إنك تسامحيني ..

رفع رأسه متطلع إلى عينيها بترجي بعيون دامعه

_ إنتي هتسامحيني مش كده يا أمي .. أيوه زي زمان مش كده

هزت هند رأسها وهي تقترب منه وتزيل الدموع من عينيه

_ أيوه أكيد أنت إبني الصغير مهما كان .. وأنا أمك هسامحك وأنت تسامحني ماشي

أبتسم نادر بإتساع وهو يزيل الدموع من عينيها .. أمسك يديها الأثنين مقبلًا إياهم بحب ..

_ هسامحك بس بشرط عاوز أنام في حضنك

ابتسمت هند بسعادة وهي تتمدد على السرير محتضنه إياه بقوة تخشى ذهابه ..
وبين الحين والأخر تنظر إليه تحاول تصديق ذلك أنه بين أحضانها حقًا …

******☆******

عند منتصف الليل
كان جالسًا على الكرسي الموضوع بجوار السرير في المستشفى .. النائمة عليه بسلام ..
ينتظر أن تستيقظ حتى يعلم من هي، لما فعلت ذلك بنفسها ..
يعلم ما هي مشكلتها حتى يساعدها إن أمكن له ذلك ..
ساعدته الشمس على الوصول لها في البحر ولم تكن المياه عميقة ..
أخرجها بسرعة عندما أمسك بها ..
أخذها بسرعة إلى المستشفى بعد أن فعل تنفس لتخرج المياه من جوفها ..
عندما سأله الأطباء ماذا حدث لها قال سقطت من البحر لم يقل انتحرت ..
وها هي نائمة لم تستيقظ بعد .. وهو يريد النوم أيضًا .. أخبره الأطباء أنها ستستيقظ صباحًا ..
تمدد على الاريكة وعينيه عليها .. وهو يفكر لما تفعل فتاة بريئة مثل ذلك ..

******☆******

جالسًا على الكرسي .. يدخن بشراسة ..
مادًا أرجله بطولها على الطاولة .. وبجوارها المطفأة الممتلئة ببقايا السجائر..
أخرج دخانًا من شفتيه مع زفير عالي .. أطفأ السيجارة التي كانت بين يديه ..
التقط علبة السجائر ليرى أنه إنتهى منها .. وأن آخر واحدة كانت بين يديه خلال لحظات .. حتى آخر واحدة منهم لم يقدر أن يحافظ عليها ..

ابتسم بتهكم من أمره ألتلك الدرجة وصل إهماله؟
مد يديه داخل جيب بنطاله .. يخرج ذاك الشيء المزعج .. الذي لا يريحه في الجلوس ..

نظر إليه بانتصار وهو يمرره بين يديه .. حقق جزء كبير بإحضاره .. وأخيرا سيبعدهم عن بعضهم البعض لكن لن يستغله الآن بل سينتظر حدوث أشياء أفضل تثبت حديثه ..

وقف من مجلسه وأصوله بالتلفاز .. التقط جهاز التحكم بين يديه .. ثم نام على الأريكة المقابلة للتلفاز ..
بدأ بتشغيل الفيديو مع خروج قهقهات عالية في أرجاء المكان ..

******☆******

أندفعت إلى الخارج بسرعة بعد أن استيقظت من نومها ولم تجده بجوارها ..
تريد اللحاق به قبل خروجه .. تريد العفو والسماح .. تريد رجوع الأمان لها .. تريد أحضانه .. تريد الكثير والكثير ..
ظلت تبحث هنا وهناك عنه .. لم تجده ..

جلست على الاريكة وبدأت الدموع بالتجمع حول عينيها لتجهش في البكاء ..
لقد ذهب قبل أن تراه .. قبل أن تعتذر له وتطلب السماح منه ..
وهو بدوره يعفوا عنها يطمئنها بوجوده بجانبها دائمًا مهما فعلت .. لكنه ليس هنا ..

ثواني وكان بجوارها منحني على قدميه ليصل إلى مستواها ينظر لها بحزن ..
رمشت عدة مرات هل ما زال في المنزل ولم يغادر ..
أحست بأنها حمقاء فلم تقترب ناحية الحمام ..

زمت شفتيها بعدم رضا .. وهي تنظر إلى صدره ..
ليتفهم ما تريد من غير أن تقول ..
كادت تضع رأسها على صدره موضوع قلبه ..
طامعه ترغب بالكثير ..

لكنه أقترب منها وأخذها بين أحضانه وهو يربت على ظهرها بحنو ..
لتبدأ بالبكاء مرة أخرى أقوى من زي قبل وشهقاتها تملئ المكان ..
تشبثت به بقوة وهي تسقط إلى مستواه ..

أحاطها بين أحضانه وهو يجلس على الأرض مجلسًا إياها على قدميه ..
أحساسه بتأنيب ضميره ..
لما أستمر في الخصام لتلك المدة ..
وهي في هذه الحالة .. هذا خطر عليها ..
ظل يوسف يلقي عليها كلمات حانية ممزوجة بالأسف ..
_ خلاص .. إهدي .. أنا جنبك .. طب أسف .. أنا إللي غلطان .. مش هعمل كده تاني .. أنا واحد غبي وحمار إني زعلتك .. رضاكِ يا ست الغاليه عني

ضربته حنين بقبضة يديها على ظهره بحنق بعد أن توقفت عن البكاء
_ مش تشتم جوزي .. أنا بس إللي اشتمه

رفع حاجبيه بإعتراض لصاحبة الهرمونات المتقلبة إلى حد كبير تلك ..
ولكن ماذا يعفل عليه أن يأخذها على قد عقلها في فترتها تلك
_ خلاص يا حبيبتي ولا تزعلي نفسك حقك عليّ .. إللي تؤمري بيه يا أستاذة حنين هيتنفذ

ابتعدت حنين عن أحضانه و هي تنظر له بسعادة وتزيل الدموع المجتمعه حول عينيها
_ عاوزة كبدة

كاد يهتف ويبرئ نفسه من هذا ..
لم يقصد طلبات أو ما شابه ..
إنما ألا يغلط في نفسه ولكنها فهمت بطريقة أخرى ..
ولكنه سيجلب ما تريده برحاب صدر
_ عيون ليكِ يا ست الكل .. أجيبها دلوقتي ليكِ

هزت حنين رأسها بنفي وهي تنظر له بعشق
_ لا و أنت جاي من الشغل عشان ناكل سوى أنا و إنت والأستاذ إللي في بطني ده

مرر يوسف يديه على بطنها البارزة وهو يبتسم بعشق .. ثم هتف بغيرة
_ المرة الجايه أنا إللي هاجي معاكِ مش والدتك تمام

قهقت حنين وهي تقف من مجلسها وهو يساعدها على ذلك
_ عيوني هخدكم انتو الإتنين

هتف يوسف بهدوء وهو يعدل ثيابه
_ تمام همشي أنا بقى .. سلام يا حبيبتي

هتفت حنين بسؤال
_ أنت عارف هتجيب الكبدة من فين

تطلع يوسف إليها باستخفاف
_ أكيد من عند أي حد بيبيع كبدة

هتفت بشهية
_ لا أنا عاوزاها من عند أبو يعقوب الكبدة بتاعته فظيعه أوي وجميلة وإيه ..

ثم هتفت بحنق ..
_ أمشي يا يوسف عشان جوعتني

قهقه يوسف بسعادة عليها .. أقترب منها وقبلها من جبينها ثم غادر المنزل بإبتسامة باقية على شفتيه لتذكره ذاك الرجل الرائع المخلص لحب زوجته على مدار سنوات .. برغم وفاتها .. ولكن العشق يظل قابع دائمًا بين القلوب ..

بقلم إيمان صلاح
******يتبع**





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى