قصص قصيرة – اقصوصة – عربية فصحي – واقعية – عربة من ذهب (خاص بمسابقة الأقصوصة لعام 2025) – سكس جديد 2026
كبر نادر، وتغيرت مسارات حياته، لكن ظل يمر على عم حسن كلما زار أهله. في إحدى المرات، وجده حزينًا، فسأله: “إيه الأخبار يا عم حسن؟”
همس الرجل العجوز:”العمارة الجديدة هناك… هيدموها ويدوسوا على العربة. أربعين سنة وأنا في نفس المكان، ماعنديش غير ده.”
نظر نادر إلى المبنى القديم المقرر هدمه، ثم إلى عيون عم حسن اليائسة. لم يقل شيئًا.
بعد أسبوع، وصل عم حسن إلى مكانه المعتاد فوجئ بـ “مفاجأة”. مجموعة من الشباب – أصدقاء نادر – يحملون فرش الألوان واللوحات. على حائط المبنى العتيص، بدأوا يرسمون.
رسموا “عربة عم حسن” بكل تفاصيلها: صحن الفول، والطبق الزجاجي بالسلطة، وإبريق الشاي. جعلوها تبدو كأنها جزء أصيل من جدار العمارة، محاطة بألوان زاهية وكلمات مثل “ذاكرة” و “نكهة زمان”.
قال له نادر وهو يمسك بالفرشاة: “محدش هيدمرها يا عمنا. هنخليها لوحة يشوفها كل ماشي، ويتذكر إن في حاجات جميلة تستحق تفضل.”
لم تكن مجرد رسومة. كانت رسالة. انتشرت الصورة على مواقع أهل المنطقة، وتحول المكان إلى “مَعلم” صغير، وتراجعت الشركة عن فكرة الهدم في النهاية.
في المساء، بينما كان نادر وأصحابه يجلسون على الرصيف يشربون شاي عم حسن، قال أحدهم: “عملت إيه علشان تخليهم يتراجعوا؟”
ابتسم نادر: “مافيش حاجة مستحيلة… أنا بس راجعت رئيس الشركة، وعرضت عليه الصورة وقصته. قلتله: ‘إنت ممكن تبيع شقق، لكن مين يبيعلك قلب الناس؟’ الراجل طيب، وفهم.”
قال عم حسن وهو يمسح دموعه بكم جلبابه: “العالم بتتصلح يا ولاد، لما تلاقي الصغير بيحمي كبير، والغريب أصبح أخ.”
من ذلك اليوم، لم يعد “عربة فول”، بل أصبح “نُصْب عم حسن التذكاري” الحي، الذي يذكر كل من يراه أن الخير ما زال بيننا، وأن أصغر فعل بإنسانية ممكن يغير أكبر قرار.
