Uncategorized

رواية حبيسة قصر الوحش الفصل الثامن 8 بقلم رحاب عمر – تحميل الرواية pdf


الفصل الثامن

نرمين ببكاء : ابراهيم انا شامة ريحة حاجه معفنه

ابراهيم ليطمئنها مع ان الرائحة العفنه تكاد تخنقه : انا مش شامم حاجه انتي اللي بيتهيقلك

نرمين : لا والله مش بتهيقي دي ريحة فظيع , وبدأت تبكي بشدة و هي تقول : ربنا يسترها عليك يا حازم

فتح البوابه و هموا ان يدخلوا و لكن وقفوا فجأة مزعورين

وقف ابراهيم متجمدا مكانه محدق العينين من الزعر , ارتدت نرمين للخلف و هي تقول بفزع : ايه ده

ابراهيم و هو يدقق النظر وسط الظلام الدامس : دي البنت , السلام عليكم

دققت نرمين النظر هي الاخري في الظلام وقالت و هي تتشبث في ذراع زوجها بخوف: دي مش انسانه يا ابراهيم , دي باين ملاك

ابتسمت حسناء بضعف مما ادي الي ظهور تلك الغمازتين في وجنتيها لتجعلها فعلا كالملاك او كاحدي نساء الجنه و الحور العين والتي تبث نورا ابيض من وسط ذلك الاسدال الاسود وتلك اللؤلؤتين الزرقاوتين التي تكمل لوحة الفن الرباني الباهر الذي تملكه حسناء

ابتسم ابراهيم هو الاخر وقال لزوجته : بس يا هبله

ردت حسناء بصوت لا يكاد يسمع من ضعفه : و عليكم السلام

ثم وجه كلامه لحسناء: طيب وقاعدة في الضلمة دي ما تفتحي الكهرباء

ردت حسناء بالكاد : الكهربا قاطعه من اول امبارح

وهنا ايقنت نرمين انها ليست ملاك و انها فتاه و تتحدث مثل البشر فتحول نظرات الرعب الي نظرات نارية توجهها صوب زوجها و التي اشعلتها الغيرة من تلك الفاتنة الماثلة امامها

فقالت لزوجها بحزم : طيب استني بره يا ابراهيم و اتصل عليهم طمنهم

لاحظ زوجها تلك المدافع النارية المصوبة تجاهه من عين زوجتة

كانت حسناء ترتدي اسدالها الاسود منذ ان ايقنت ان الموت في طريقه اليها , حتي تكون مستورة بجسدها لمن يكتشف جثتها و كانت تنام علي اريكة الصالون لشعورها بالدوران و عندما سمعت صوت السيارة جاهدت ضعفها و جلست تنتظر القادم , حينها شعرت و ان روحها عادت لجسدها بعد ان كادت تفارقه

دنت نرمين من حسناء و بسطت امامها الاطعمة التي جلبتها لها وقالت : معلش يا حببتي والله ظروف, ثم قدمت تجاهها علبة من العصير و قالت لها : اشربي زمانك مش شايف قدامك

نظرت لها حسسناء بخجل ثم قالت : شكرا مش جعانه , بس انتي مين

نرمين : انا نرمين اخت حازم

حسناء: حازم مين ؟

نرمين : حازم… حازم , انتي متعرفيهوش

نظرت لها حسناء بتعجب ثم قالت بتخمين : صاحب البيت؟

نرمين : ايوا

نظرت حسناء ارضا بحزن شديد ثم قالت لنرمين : ممكن اطلب منك طلب

نرمين : اتفضلي

حسناء وهي تجاهد دموعها : لو مش هتقل عليكي , بس توصلينس بيتي

نرمين : طيب بس اشربي كده و كلي و هروحك

حسناء و هي تبعد الاكل بظهر يدها : شكرا مش جعانه

ادركت نرمين ان حسناء تظن ان حازم حبسها عمدا بدون طعام فقالت لها : طيب علشان خاطري اشربي بس العصير ده احسن تدوخي و تقعي ولا حاججه و هروحك

انصاعت حسناء لطلب نرمين فقد كانت تشعر ان مخزون طاقتها الاحتياطي قد نفذ بالفعل

فبدأت في ارتشاف العصير وقبل ان تنهيها قدمت لها نرمين قطعة من الكيك ولكن لم تتناولها حسناء الا بعد إلحاح من نرمين

واثناء تناولها قالت نرمين : ريحة ايه الوحشة دي

حسناء: دي الزباله كنت برميها من شباك المطبخ و حد بياخدها بس بعد ما …… صمتت برهه ثم اكملت بصوت تحاول كتم بكاءها فيه …. بعد لما معدتش حد بيجي ريحتها بدأت تطلع

نرمين و هي تبتسم لظنها انها رائحة جثة حسناء: علي فكرة حازم مش قاصدة…..

قاطعتها حسناء : ارجوكي خلاص متجبيش سيرته , هو كتر خيره قام بالواجب وزيادة فتره , علي قد مقدرته , بس انا هرجع بيتي و كأن شئ لم يكن

نرمين : طيب بس اسمعي , والله غصب…..

حسناء: ارجوكي خلاص , غصب و لا عمد , خلاص انا هرجع بيتي و مش هتقل عليه اكتر من كده

عندما سمعت نرمين اسلوب كلام حسناء ايقنت انها تحمل الكثير من الغضب تجاه اخيها و ليست مستعدة بأن تسمع اي شئ عنه فقررت الا تتحدث حتي تري بعينيها اولا ما حل بحازم

نرمين : صحيح اسمك ايه

اجابتها : حسناء

نرمين : اسم علي مسمي , ما شاء الله عليكي

انتهت حسناء من تناول الكعكة و قالت و هي تنهض بضعف: ربنا يخليكي, ياريت لو حضرتك فاضية توصليني لبيتي بس

نرمين : طبعا يا حببتي انا تحت امرك تعالي , بس اسمحيلي هعدي بس اخد طلب من مستشفي في الطريق و نكمل مشوارنا

حسناء: ماشي

خرجوا من المبني , توجهوا ناحية السيارة و عقل نرمين يدور ويدور, تحدث نفسها بتعجب: كيف لحازم ألا يفتن بتلك الحسناء حسناء , يا له من أعمي, أنا امرأه و كدت ان افتن بها , لم أري و لن اري بمثل ذلك الجمال الرباني قط

ركبت نرمين بجوار زوجها و حسناء بالخلف و اثناء سيرهم كان الصمت ملازمهم فقد كانت نرمين منشغله بمتابعة عيون زوجها المحروس و الذي لاحظ ذلك بشدة , فحاول جاهدا تفادي ان يقع نظره عن طريق الخطأ تجاه حسناء , مخافة من اي ثورة دامية ستقيمها نرمين ضدة و تحكم عليه بأبشع انواع التعذيب , وهو يحاول جاهدا كبت ابتسامته بسبب نظرات نرمين المتلصصه تجاه عينه

قطعت نرمين الصمت حين وجهت كلامها لإبراهيم : كلمتهم ؟

ابراهيم : اه

وعندما وصلوا للمشفي ترجلوا من السيارة بعد ان طلبت نرمين من حسناء مرافقتها للاعلي خمس دقائق فقط , ووافقت حسناء و صعدوا جميعا

وعندما وصلوا للاستراحه لم يجدوا احد فتوجهوا إلي غرفة حازم , طرق ابراهيم الباب و دلف داخل الغرفة و من بعده نرمين مصطحبه بيدها كف حسناء خلفها

وقفت سناء و نور و شوقي في لهفه ليطمئنوا علي الفتاه المجهوله وما ان رآها شوقي حتي اصيب بالاندهاش الشديد و وقف يحدق لحنساء و هو يقول : حسناء؟…حسناء؟

رفعت حسناء ناظرها فوجدت شوقي فأنفجرت ينابيع الدموع من عينيها بغزاره و همت بأن ترجع ولكن نرمين جذبتها للداخل حينما سمعت شوقي يقول: تعالي يا حسناء متخافيش يا بنتي

دخلت حسناء بخوف فقام شوقي من مكانه و هو لا يكاد يصدق انه يري حسناء وظل يردد : الحمد لله الحمد لله انك بخير و الله ما بطلت ادعيلك في الحرم ان ربنا يحفظ و يعوضك , الحمد لله يا بنتي

كان الجميع يتابع الموقف بإندهاش شديد

قالت نور بصوت عالي: انا مش فاهمه حاجه

ابراهيم : طيب اقعدوا كده يا جماعه و فهمونا الحكايه

هدأ الجميع و جلسوا وقبل ان يتحدث شوقي و قفت حسناء بصدمة مره اخري عندما وقعت عينيها علي حازم الملقي علي السرير بين الاجهزة و الخراطيم و ينظر لها بعيون دامعه و كأنه يحاول ان يستسمحها

قالت ببكاء وهي تشير نحوه و جسدها يهتز مع صوتها : أ…أ…أ…: هو ده أ ..أ …

فهمت نرمين مقصدها فقالت لها : ايوا ده حازم , انتي كنتي فكراه قاصد ميجيش بس و الله كان في غيبوبه ولسه فايق أول امبارح

جلست حسناء وخبأت وجهها بكفيها و ظلت تبكي بشدة , جلست نرمين بجوارها و ظلت تربت علي ظهرها و هي تقول : خلاص يا حسناء علشان الدكاتره قايلين نص ساعه والزياره هتخلص

سناء: معلش يا حببتي زمانك قضيتي شهرين صعبين بس و الله مكنش حد يعرف بموضوعك خالص غير الاستاذ شوقي و لسه قايلنا حالا

شوقي: بس مكنتش اعرف انك يا حسناء

هدأت حسناء و مسحت دموعها بأناملها الرقيقه و هي تخطف نظره سريعه علي حازم الذي بدأت دموعه هو الآخر في الانسياب

وبعد ان هدأ الوضع نسبيا قال شوقي: طيب يا جماعه علشان منتقلش علي حازم علشان يرتاح , احنا يا حسناء كنا جيبنك هنا علشان نتعرف عليكي و نرجعك لأهلك , بس بما انك حسناء هحكي انا حكايتك

أكمل كلامه : حسناء دي جارتي في نفس العمارة , ابوها الله يرحمه كان اعز صديق ليا , بل كان بمثابة اخ , وعمري ما هلاقي حد في طيابته و اخلاصه و وفاءه , الشيخ اسماعيل الله يرحمه , كان ,كان وكان وكان( يبدو ان من شدة حب شوقي لذلك الرجل نسي الموضوع الاساسي و ظل يسرد موضوع انشاءي في اخلاق ذلك الرجل و نبله و اثره العظيم الذي تركه في نفس كل من تعرف عليه) , هو كان أمام و خطيب مسجد الحي , ومحفظ قرآن , , بس الله يرحمه دخل في حادثة من حوالي 17 سنه , كانت حسناء ايامها لسه صغيرة

ثم وجه كلامه لحسناء: كنتي في سنه كام يا حسناء

ردت حسناء من بين بحر دموعها بعد ان تذكرت والداها : كنت في 3 ابتدائي

شوقي: والدة حسناء رفضت الجواز و بدأت تشتغل في مصنع ملابس لكن بعد سنتين مرضت بالسكر ولما كشفت لقيت حالتها متأخر جدا و بدأت يجيلها غيبوبه سكر و اهلها غصبوا عليها تتجوز

ثم صمت قليلا و كأنه يتحدث إلي نفسه بخطب ما واكمل قائلا: بسحسناء متقبلتش جوز امها ابدا و لا ان حد ياخد مكان والدها و راحت قعدت عند جدتها لحد ما ربنا توفي جدتها وكانت ايامها حسناء في الثانوي , رجعت قعدت مع مامتها وجوزها , بس دايما كان فيه مشاكل وكانت حسناء دايما بتتهرب منه و بتطلع تشتغل في الاجازة علشان متضطرش ايام الدراسة تاخد منه فلوس و لا تحتاجله , لكن لما كبرت المشاكل كترت بينها و بين جوز مامتها خاصة لما مامتها كانت بتتحجز في المستشفي فتره طويله و جوزها كان بيجيب صحابه الشقه يلعبوا قمار

كان الجميع يتابع حسناء بعيون مشفقه مما يسمعونه عنها ونرمين تجلس بجوارها و تربت علي ظهرها

أكمل شوقي : وفي يوم لقيت جوز امها بيقولي ان حسناء هربت و هيبلغ عنها وحاول يقنع والدتها انها ماشية غلط و كده بس كنت متأكد انك مشيتي من البيت هروبا من جوز امك و برضه علشان مامتك مش ببتصدقك و دايما واقفه في صفه وان عمرك ما تكوني ماشية غلط و لا هربتي علشان حاجه تانية و كنت فرحان انك مشيتي بس كنت قلقان جدا جدا عليكي و علطول بدعيلك ليل و نهار انك تكوني في مكان امن و مترجعيش للكلب جوز امك ده

قالت حسناء ببكاء: لا انا هرجع

شوقي برجاء: لا يا حسناء جوز امك زا د و فاض قوي قوي و مش هيجبها البر لو رجعتي اصبري بس كده

ثم وجه كلامه لحازم : تقدر يا حازم تكمل جميلك و تخليها عندك ما دام انت مش محتاج البيت ده

اومأت حازم برأسه دلاله علي الموافقه ولكن حسناء قالت ببكاء: لا مش عاوزة ارجع

سناء بلطف و حنان : متخافيش يا حببتي احنا معاكي ولا يمكن نسيبك وهنتابعك علطول و اعتبري نفسك واحده مننا واني مامتك

نرمين : و هاخدك معايا الشركه علشان زمانك مليتي من الحبسه …متخافيش مش هيحصل اللي حصل ده تاني

سناء: واحنا والله لو حازم كان قايل لنا علي موضوعك مكناش سبناكي كده و كنا خدناكي معانا في بيتنا كمان

حسناء لشوقي ببكاء: بس انا عاوزة اشوف ماما

شوقي: انا لسه راجع من الحج يا حسناء و لما هرجع البيت هشوف الوضع و هكلمك , لو ينفع تيجي في وقت ميكنش جوز امك هناك هاجي اخدك بالعربيه تشوفي امك وهقنعها انك تفضلي هنا في امان بعيد عن جوز امك بس يارب تقتنع برأيي

نرمين : انتي معاكي موبيل

حسناء: لا ضاع مع شنطتي يوم ما كنت راجعه بالليل

شوقي: وايه اللي مرجعك بالليل كده

حسناء: صاحب الصيدليه صمم اني اروح بدري علشان يومها كان فيه مطر ولما لقيت نفسي هروح بدري و هيكون جوز امي في البيت قلت امشي بدل ما اركب علشان اتأخر حبه علي ما يكون راح شغله بس اتأخرت قوي

شوقي: عامة علشان منطولش علي حازم : افضلي هنا يا حسناء علي ما اشوف الوضع, وارجوكم ارجوكم يا جماعه خلوا بالكم منها واعتبروها بنتكم و انا تحت امركم في اللي تطلبوه بس خلوا بالكم منها وانا لو اضمن اخدها عندي الشقه من غير ما جوز امها يعرف كنت خدتها

سناء: عيب يا استاذ شوقي متقلش كده اعتبرها بنتي من النهارده و اللي تحتاجه انا تحت امرها , وخليكي مع البنات في الفيلا لحد ما حازم يرجع بالسلامه علشان متفضليش لواحدك و حتي نرمين تاخد بالها منك احسن شكلك ضعفانه قوي

نرمين لتنقذ الموقف و لا تسكن حسناء معهم في الفيلا حتي لا تتواجد مع ابراهيم في نفس المكان: لا خليها يا ماما في البييت وانا هعدي عليها كل يوم اخدها معايا الشركه علشان تاخد راحتها احسن شكلها بتتكسف قوي , وهكون معاها علطول واللي تحتاجه هكون معاها وهي بتشتريه مش هسيبها

شوقي : طيب انا هستأذن يا جماعه علشان الجماعه في البيت بيتصلوا عليا و هتابعك بالتليفون يا حسناء

ثم قدم لها كارت وقال لها : هشتريلك تليفون و هعديه عليكي بكره علشان اقدر اتابعك

ثم وجه كلامه لنرمين : مش انتوا شغالين في الشركة القديمة

نرمين : ايوا انا ماسكة شغل الشركة القديمة و هاخدها معايا

شوقي: ماشي هعدي عليكم بكرة

سناء: طيب تعالوا نكمل كلام في الاستراحه علشان حازم يا جماعه ,

انصرفوا للخارج و قبل ان يخرجوا لمحت نرمين حازم يتحدث فاتجهت ناحيته وسألته عما يريد

حازم : الفيزا

نرمين : اه صحيح كنت هنسي, خد اهي

حازم : نادي البنت

نرمين وهي تميل جهته وتتحدث بصوت منخفض وتمازحه : ألا قولي , انت جايب البنت المستورده دي منين يخرب بيت جمالها, وبعدين انت متأكد انها هي اللي طلبت تحبسها و لا انت اللي تقصد تحجزها لنفسك لحد ما تقررر تتجوز وتخلصنا منك

نظر لها حازم بتوعد فقالت نرمين بسرعه : حاضر هناديها حالا

وبعد ان غادرت نرمين الغرفة ظل حازم يجمع ملامح حسناء في عقله , فكانت تلك المره الاولي التي ينتبه فيها لجمال تلك الفتاه , انها لحقا ساحرة الجمال, ولكنه لم ينتبه لذلك لأنه دائما ما كان ينظر لها نظرة استحقار و اشمئزاز و تخوين , لكن بعد ذلك الموقف تبدلت تلك النظرة إلي نظرة اشفاق و رحمة

دخلت عليه حسناء منكسة رأسها بخجل , دنت منه قليلا , نظرت تجاهه وقالت بصوت مهتز وهي تفرك يديها بتوتر : ربنا يشفيك

نظر لها حازم بوهن وقال لها : انا اسف غصب عني و الله

حسناء : المهم ربنا يشفيك

مد حازم يده اليها بالفيزا و قال لها مجاهدا في تجميع صوته الضعيف: خدي دي معاكي ورقمها السري……..

وقفت حسناء بحيرة شديدة , لا تعلم بما ترد عليه , فهي محرجه ان تأخذ منه , وفي نفس الوقت موقفها حرج لا تعلم ممن تأخذ لتستطيع اكمال حياتها و ممن تجلب المال

وعندما وجدها حازم لا ترد نظر نحوها فلمح داخل تلك الؤلؤتين الزرقاوتين الساحرتين ما يدور بعقلها فقال لها: خدي دي علي ما اقوم اصرفي منها علشان متاخديش من حد فلوس

ردت حسناء بحياء: شكرا انا هشتغل , كفايه اللي قدمتهولي

نظر لها حازم و قال برجاء: ارجوكي مش قادر اتكلم ………, متأوحيش معايا , ….. خديها علشان ابقي مطمن عليكي

مدت حسناء يدها و اخذت منه الفيزا و قالت له : شكرا , وربنا يتم شفاك علي خير

حازم : خدي بالك من نفسك

حسناء : حاضر

ثم خرجت من الغرفه تاركة خلفها أجمل ملامح لذلك الوجه الملائكي طبعت داخل جفون حازم , والذي لم يستطع ان يبعد صورتها عن مخيلته لحظة بعد ان غادرت , صورة دموعها و اهتزاز جسدها عندما ذكر اسم والدتها , صورتها عندما اندفعت في طلبها للعوده لمنزلها لهروبها من الجحيم الذي مكثت في لشهرين كاملين بسببه , وخيبة الامل التي تملكتها عندما رفض شوقي طلبها في العودة الي منزلها , ونظرة الانكسار داخلها عندما طلب شوقي من سناء ان ترعي حسناء و تحيطها برعايتها, ونظرة الخجل الاحتياج وهو يقدم لها الفيزا حتي تستطيع الانفاق ومواصلة حياتها , لم تكن نظرته اكثر من نظرة شفقه , فمع ان حازم يمتلك شخصية قويه و طباع حادة و قناع الجد لا يغادر ملامح وجه و لكن خلف ذلك كله قلب رحيم , متفاني من اجل اسعاد كل من يحيطه و تقديم العون لكل من مال عليه الزمن

وبعد ان تيقن من انها فتاه بريئة من ظنونه السيئة براءة الذئب من دم يوسف , عزم نيته بينه و بين الله ان لا يفتر عن تقديم لها العون بكل ما يمكن ان يقدمه سواء مادي او معنوي, وشجهه علي ذلك ترحيب امه و اخته نرمين بها و تعاطفهم مع موقفها بشدة , عكس تلك المتمردة نور و التي كست ملامح وجهها الغيرة المكبوته

خرجت حسناء متجهه نحو الجميع , جلست بينهم بخجل و ظل صامتة تتابعهم بعيونها و عقلها يملأه الشرود , كم كانت قاسية بفكرها عن حازم , عندما ظنت انه يتعمد حبسها بعد تلك الموجه العاصفه من الغضب و التهديد الذي صوبه تجاهها منذ شهرين , ولكن من الليله بالتأكيد غيرت نظرتها نحوه, نظرت للفيزا القابعه في كفيها , ثم عادت بفكرها له ثانية وهي علي يقين ان ذلك الشخص بمثابة معين من العطاء لا ينضب ابدا وانه يتمتع بكل معاني الانسانية

واثناء حديث الجميع وجهت نرمين لحسناء الكلام : انتي كنت قاعده في الضلمة لوحدك ازاي

حسناء بخجل و بصوت ناعم يشبه سمفونية عذبه : كنت هعمل ايه يعني؟

سناء بحنان : يا حببتي ليه هو مفيش كهرباء في البيت

حسناء: لا الكهرباء قطعت يوم العيد الصبح

سناء: يا حببتي , طيب خلاص علي ما اجازة العيد تخلص و شركة الكهربا تفتح خليكي مع البنات في الفيلا

تجمدت الدماء في عروق نرمين , وتعلقت غصه في حلقها , وهمت بأن تنطق بأي حجه تنقذها من تلك المصيبه و لكن حسناء سبقتها بقولها

حسناء: لا شكرا يا طنط, انا هشتري كشاف يقضيني اليومين دول

سناء: اللي ريحك , انا هنا امك و نرمين و نور اخواتك و اللي تحتاجيه متتكسفيش و قوليلنا علطول

حسناء: متحرمش يا طنط ربنا يخليكم و يشفي ابن حضرتك

سناء: اللهم امين يااااارب , والله يا بنتي مكنش يقصد يحبسك ولا حاجه و اديكي شفتي بعينك عامل ازاي , والله والله يا بنتي اول كلمة قالها اول ما نظق البنت , البنت , شوقي وكلنا مكناش فاهمين حاجه , يلا الحمد لله ان ربنا نجاكي

حسناء : الحمد لله

نرمين : طيب يلا نقوم بقي علشان نلحق نشتريلك اللي ناقصك

حسناء و هي تنهض: ماشي

ثم اتجهت نحو سناء: طيب هستأذن يا طنط , مش عاوزة حاجه

قامت سناء و احتضنتها و سلمت عليها سلاما حارا و كأنها تبث داخلها بعض الحنان لتشعرها بالامان الذي شعرت بحاجتها اليه بعدما سمعت حكايتها من شوقي

وقالت لها : عاوزة سلامتك يا حببتي , خدي بالك من نفسك

ثم وجهت كلامها لنرمين : حطيها في عنيكي يا نرمين علي ما ربنا يشفي حازم و نخرج بالسلامة من المستشفي

نرمين : متقلقيش يا ماما

ثم خرج الجميع واتجهوا نحو احد المولات القريبه و لكن حسناء استأذنت منهم بأن يذهبوا الي اقرب ماكينه صرف ألي , وبعد ان سحبت بعض المال ذهبوا اليالمول و اقتنت حسناء كل ما تحتاجه بمرافقه نور و نرمين , بعض الاطعمة القليلة و هاتفا جولا و كشافا كهربائيا وماكينية خياطه و توبا كاملا من القماش الاسود و بعض مستلزمات الخياطة و اكسسوار

وبعد ان انتهوا سألت المشاكسه نور: هو انتي هتعملي ايه بكل الحاجات دي

نرمين : وانتي مالك يا نور , هي حره فلوسها وهي حره فيها

نور: مش قصدي , بس مستغربه يعني انها لسه قايلانا من شويه انها صيدلانيه و جايبه ماكينه خياطه و بعدين القماش ده كتير قوي

حسنا: انا بعرف اخيط , زي ما تقولي هوايه اسلي نفسي فيها

نرمين : طيب كويس علشان لما احب اطبق حاجه من علي النت ابقي اجيلك

حسناء: عنيا ليكي

نرمين : تسلم عينك

, وعندما انتهوا ذهبوا للسيارة حيث كان ابراهيم ينتظرهم بأمر من نرمين الغيورة

………………………………………….. ……………

أوصلوا حسناء لمنزلها و تركوا معها المفتاح , وعدتها نرمين بأن تأتي اليها بعد الغد لتصطحبها معها للشركة و تسلمها عمل بالشركة بمرتب , ددخلت حسناء المنزل و قبل ان تفعل اي شيء , قامت بالاتصال علي شوق يمن هاتفهاالجديد الذي اشترته للتو

شوقي : السلام عليكم

حسناء: وعليكم السلام ازيك يا عمو شوقي

شوقي : مين معايا

حسناء: انا حسناء

شوقي : طيب دقايق خليكي معايا

وبعد دقائق اكمل كلامه معها بصوت منخفض نسبيا

شوقي: حسناء , صدقيني احسنلك خليكي عند الجماعه دول و الله ما هتلاقي اكرم منهم و هيحطوكي في عنيهم, بس اهم حاجه متحاوليش تحكيلهم عن اي حاجه خالص عن حياة بيتكم

حسناء: ليه؟

شوقي: اسمع يكلامي و متجادليش بس

حسناء برجاء: طيب مش هعرف اشوف ماما

شوقي: للاسف الكلب جوزها لقيته مالي دماغها كلام فاضي , حسبي الله و نعم الوكيل , وشويه كده و هحاول اقعد معاها و هقنعها , بس خليكي مع حازم و اهله لحد ما اشوف الوضع , واحمدي ربنا انه سخرلك الناس دول و وصلك ليهم

حسناء بخيبة امل: ماشي يا عمو

شوقي: ماشي يا بنتي و انا هتابعك علطول متقلقيش

أغلقت حسناء الخط و هي تشعر بشعور اللاشئ, فهاهي مضطره بأن تبقي باقي عمرها مع اناس لا تعرفهم , وتحرم من حضن والدتها , بسبب من ايقنت انه لا ينتمي للانسانيه بشيء , ولكنها لم تكن تريد جحد فضل الله عليها في ان هيأ لها الاوضاع الي ان وصلت لتك الاسرة الكريمة

………………………………………….. ………………………

كانت نور تجلس بجوار صديقاتها ككل مره , ولكن تلك المرة بملامح مختلفه , تظهر الفرحه في ملامحها بشكل واضح

انحنت نسرين نحوها و قالت لها بصوت منخفض : حمدالله علي سلامة حازم و عقبال رجوع اسامة

تبدلت ملامح نور للكآبة ثانية ثم قالت : اظن ده مش هيرجع ابدا

نسرين : انتي اللي منشفه مخك يا نور و بتعاندي قصده , انا اخر مره كلمته قالي كده , قالي هي مصممه تعاندني و تلغي كلامي

ضربت نور بمرفقها ذراع نسرين كي تكف عن الكلام بسبب نظرة الدكتور المحذرة , فصمتتا مباشرة

وبعد انتهاء السكشن , ظل الدكتور محمد منتظر نور أمام باب القاعه حتي يطمئن علي حال صديقه

واثناء نهوضهم من المقعد قالت نور: قولي تاني اسامة كان بيقولك ايه

نسرين : سيبك من بوز الاخص اسامة ده , خلينا الاول نشوف ميدو

نور بتعجب: ميدو مين ؟

نسرين و هي تغمز لها : ميدو الجو بتاعي, يارب يكون مستني يسأل علي اخوكي

وعنما خرجتا بالفعل وجدوه ينتظرهم بالخارج فلم تستطيعا كبت ابتسامتهم, فظهرت علامات الحرج علي وجه محمد و لكنه تحدث إلي نور دون ان ينظر نحوها

محمد : السلام عليكم

نور بحرج : وعليكم السلام

محمد : حازم اخباره ايه دلوقتي

نور بفرحه: الحمد لله فاق أول يوم العيد بس لسه محجوز في المستشفي و ممنوع عنه الزيارة لمدة اسبوع

محمد : الحمد لله , ربنا يتم شفاه علي خير, وامانه عليكي اول ما يسمحوا بالزيارة تعالي عرفيني علطول





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى