رواية حبيسة قصر الوحش الفصل السادس 6 بقلم رحاب عمر – تحميل الرواية pdf

الجزء السادس
………………………………………….. ………………………
اصوات خطوات مسرعه مرتبكة تصدر من ارضية احدي المستفيات تصحبها شهقات و اصوات بكاء مع دعاء ورجاء شديد
كانت تلك الفوضي تصدر من سناء و ابنتيها نور ونرمين اللاتي اتو مسرعين بعد ان تلقوا اتصالا من ابراهيم يخبرهم ان حازم محجوز بإحدي المستشفيات بسبب حادث فظيع
وصلوا مصطحبين نواحهم وفوضي النساء التي تراها في كل المستشفيات و لكن عندما وقعت اعينهم علي ابراهيم الذي كان يبكي كالأطفال تملك الهلع جميع ذرات اجسادهم و علي بكائهم اكثر و اكثر وازداد نواحهم
سناء: ايه اللي حصل يا ابراهيم
ابراهيم وهو يتمالك نفسه بالكاد: مفيش , حازم استأذن من الافتتاح وخرج وبعد 3 ساعات لقيت حد بيتصل و بيقولي انه لقي كارت الشركة في العربية ومكتوب عليه رقمي و رقم حازم واتصل و قالي انه دخل في حادث و نقلوه للمستشفي
سناء: طيب و الدكاتره قالوا ايه , يعني كويس و لا في حاجه حصلتله طمني ارجوك
ابراهيم و هو يعاود البكاء: مش عارف لسه واصل قبلكم بعشر دقايق
فانضمت لهم سناء ليكملوا البكاء حتي ظهر احد الاطباء , جروا نحوهم جميعا كأنهم علي وشك ان يلتهموه
ابراهيم : ايه الاخبار يا دكتور
الطبيب و علامات ليست مطمئنه علي وجهه: ادعوله يا جماعه
سناء بصراخ : يعني حصله ايه
الطبيب: فيه نزيف شديد بالمخ و شرخ بالجمجمة و طبعا غيبوبه فهنعمله عمليه و هيفضل في العناية المركزة لحد ما ربنا يشفيه بس محتاجين الدعاااااء و ياريت حد ينزل قسم الحسابات و يشوف مصاريف العمليه لان حالته خطيييييرة و مينفعش نأجل او نطول بالنا
ارتمت سناء أرضا لا تشعر بشئ حولها . اسرعت فتاتاها نحوها و بكاءهم يملأ اركان الردهه , وانتشرت فوضي استنجادهم بأحد الأطباء لينقذ والدتهم
اسرعت احدي الممرضات و معها طبيبة و ساعدوا نرمين و نور و وضعوا و الدتهم علي سرير و بدأ الاطباء في انعاشها حتي استقظت
وبعد ان اطمئنوا عليها عاودوا البكاء علي حازم وظلوا يرددون الدعاء له بأن ينجيه الله وينجو بحياته من هذا الحادث
ابراهيم من بين بكاءه : طيب هنزل اشوف التكاليف كده و هرجع خلوكم هنا علي ما اجي
واثناء سير ابراهيم تجاه قسم الحسابات قابل الطبيب الذي تحدث معه من دقائق فتحدث معه عله يزداد اطمئنان و لكن للاسف لم يضيف حديثه معه سوي المزيد من القلق
ابراهيم : اسف يا دكتر هدوش حضرتك , بس عاوز اطمن
الطبيب بأسي علي عجله : انا مرضتش اقولك قدام مامته بس للأسف اني هقولك ان نسيبة نجاته أقل من 5% , يعني ممكن اقولك اننا مستنين معجزة من ربنا في حالته دي
………………………………………….. ……………………….
وفي قصر الحبيسه التي لا تعلم اي شئ عما حدث , كانت تبكي بسبب عدم احساسها بالامان في ذلك المكان , ولو تعلم ما حدث بالخارج لتبدلت تلك الدموع دماً بسبب ما سيلم بها قريبا
يبدو انها امتهنت البكاء و أو بالأحري نقول هوته و اتقنته , ولما لا تتقنه و أقد ذاقت من مرارة الزمان ما لا يتحمله غيرها و لا يستطيع البعير الصبر عليه
ويبدو ان الأيام هي الأخري هوت و اتقنت أذاقتها اشد انواع المرارة و الألم ولن وما زالت تنوي تزويدها بجرعات اضافية من الألم و الحزن
قالت حسناء من بين دموعها: لا …. لا….وألف لا , ثم وقفت بعصبيه و ألقت المنديل الذي بيدها بعصبيه و قالت : لا الوضع ده معدش نافع و والله لو حصل ده تاني هسيب المكان و امشي لو هترمي في وسط نار أحسن من الفزع اللي كل شويه يعملهولي و تهديد و وعيد و شك و قرف , بناقص الامان
كفكفت دموعها و حاولت طمئنت نفسها و هي تقول : بإذن الله في مخرج و هعرف اعيش لوحدي و بناقص مساعدته
ولكن انذار شديد دوي بعقلها يحذرها من هذا فما رأته من قبل يجبرها ان تنتظر هنا , أو علي الاقل تصبر قليلا حتي تري ما النهاية
………………………………………….. …………….
وفي المشفي لم تتوقف شلالات الدموع المتدفقه من عيون الأربعه ( سناء و ابنتيها و زوج ابنتها ) , كان يقفون لا يستطيع احدهم ان يجلس في انتظار خروج احد الاطباء من غرفة العمليات ليعطيهم خبر نجاح العملية القائمة بالدخال في رأس من اكتشفوا للتو انه اعز شئ عندهم
كان جسد سناء يهتز بشدة و اطرافها متجمده تبعث بالبروده لكل من يقترب منها من كثرة القلق و ضغطها ارتفع بشدة , تناولت بعض العقاقير للحفاظ علي ضغط دمها و لكن دون جدوي
وبعد ما يقرب من ال4 ساعات مرت كدهر بأكمله, فتح باب غرفة العمليات , اندفعوا بسرعه و قلوبهم تكاد تقف خوفا من شئ لا يحبون سماعه , ولكن…….. ولله الحمد كان رد الطبيب تلك المرة يحمل بشارة
الطبيب: الحمد لله العملية نجحت و هيتنقل لغرفة العنايه علشان يتحط تحت الأجهزة
علي بكاء الجميع المخلوط بالحمد و الشكر لله و ايضا الدعاء بالشفاء
وبعد ان اطمأن الجميع نوعا ما طلب الاطباء منهم المغادرة للمنزل ويبقي مرافق و احد فتمسكت سناء بأن تبقي بجوار ابنها و فلذة كبدها رغم محاولة ابراهيم من ان يبقي هو ولكن كيف لها ان تعود و تترك روحها هنا
وقبل ان يهم الجميع بالمغادرة قالت سناء: معلش يا ابراهيم هتقل عليك
ابراهيم : تتقلي ايه بس شوفي عاوزة ايه و هعملهولك
سناء: خلوكم مع نور الايام دي علي ما ربنا يقوم حازم بالسلامة
ابراهيم : من غير ما تقولي يا طنط
سناء: وياريت لو تقدر تمشي الشركة الجديدة و تتابع القديمة ثم تابعت ببكاء: ابني تعب طول عمره علشان يحقق حلمه مش عاوزاه يقوم يلاقي تعبه راح
نرمين : متخافيش ياماما انا كمان هنزل اتابع الشركة مع ابراهيم و بإذن الله حازم هيقوم و هيلاقي كل حاجه ماشيه تمام
نور: وانا كمان لو هتحتاجوني
سناء: خلصي بس امتحانك بتاع بكرة ده و ابقي روحي معاهم
نور: حاضر
………………………………………….. ….
وفي صباح اليوم التالي , لم يذق أحدقم للنوم طعما في الليله الماضيه و لم تغمض لهم عين بسبب دموعهم المتواصله
قامت نور و ارتدت اسدالها رغم نيتها المبيته بأن تخلف أوامر حازم و ترتدي ما تريده و لكنها لم تفعل ذلك وارتدت اسدالها و كأنها تريد ان يبقي اخيها معها ,ذهبت للجامعه بعد ان استقلت تاكسي وعندما دخلت وجدت زميلاتها بإنتظارها,ما ان رأتهم حتي انفجرت باكيه وارتمت بحضن صديقتها هبه
فزعت زميلاتها و التفوا حولها عدا نسرين التي ظنتها تبكي هجر اسامة عشيقتها, فطعنها بمزاحها السخيف دون ان تدري
نسرين : بتعيطي زي العيال الصغيره كده ليه يا هبله
نظرت لها هبه و مي بغيظ وتوعد حتي تكف عن سخافتها و وجهوا حديثهم لنور
هبه بقلق : مالك يا نور خير؟
مي : اهدي بس يا حببتي اكيد في حل
لم تستطع نور الرد الا بعد فتره و قالت من بين تشنجاتها : حازم دخل في حادثه
هبه بفزع : و حصله حاجه
مي بقلق : لا حول ولا قوة الا بالله
نور ببكاء: في غيبوبه و في العناية المركزة
اقبلت نحوها نسرين و علاما ت الخجل تكسو ملامحها : والله فكرتك بتعيطي علي اسامة , ربنا يشفيه يا نور و يقوم بالسلامة
وظلت الاربعه تدعو لحازم بالشفاء و النجاة مما هو علية , حتي أتي موعد دخول لجنة الاختبارات واتجهوا الاربعه نحو قاعتهم
وفي طريقهم كان اسامة يقف كصنم جامد لا يلتفت لنور في انتظار لهفتها عليه و ترجيها له حتي ينزل سياط الكلمات الجارحه لها , ولكن تلك المره لم يحدث المعتاد
فقد مرت نور بجواره دون ان تبدي اي علامات الاهتمام نحوه , ولو يكن ينظر نحوها حتي يري علامات البكاء علي وجهها فظن انها اعلنت العصيان عليه فأعلن هو حرب الجفاء و الهجران ضدها
………………………………………….. ……….
ومرت الأيام تتلوها الايام و حازم نائما في غيبوبته لا يحرك رمش, محاط بالأجهزة و الخراطيم من كل جهه, وأمل الأطباء بدأ يقل و قلق أهله بدا يتزايد ولكن رجائهم لله و دعائهم له بالنجاه لم يتوقف ثانية
يبدو ان حازم كان يمثل عمود الاساس بالنسبه لكثير و وجوده يعد حياه لجميع من حوله , فقد توقف العمل في فيلته و ايضا البواب و اغلقت الفيلا علي من فيها, والتي لا يعلم أمرها احدا قط , سوي ذلك الشخص الذي يعد حاليا في تعداد الأموات
تلك الحبيسة التي لا تدري بما يحدث حولها و ما زالت غارقه بين حيرتها في ان تبقي هنا تحت حماية ذلك الضخم ام ان ترحل و تستغني عنه وعن مساعدته , ولكنها لو تعلم ما هو عليه الآن لكفت عن التفكير و الحيرة وفكرت في النجاه من سجنها
أتي يوم الجمعه و قد كانت ذائبة في خليط من الاحاسيس المختلفه من خوف و قلق و حيرة ……
وهاهي دقات الرابعه قد اقتربت , جلست مقابل الساعه تتابعها بوجل, ماذا سيحدث ياتري , هل سيأتي لها بالمزيد من الأشياء ليعبر عن اسفه كما بالمرة السابقه والتي لم تعد تعرف أين تضعها و لا متي ستأكلها أو سيأتي مصطحب معه غيوم ملبدة بالرعب و التهديد
وهاهي xxxxب الساعه تقترب من الرابعه و تزداد دقات قلبها المفزوع و قلقها يبلغ منتهاه ولكن يبدو ان القدر يتلاعب بها تلك المره ايضا و ستهزأ الايام من قلقها الصغير
وبعد مرور عقرب الساعه من فوق الرقم 4 , لم يأتي الضخم بالأكياس كالعادة و لم تسمع اي شئ بالخارج, ظلت حسناء مكانها تتابع الساعه عله سيتأخر تلك المرة , ولكن لا شئ , حتي نهاية اليوم لا شئ
بدأ القلق يغلف عقلها وبدأت هواجس الرعب تدب في قلبها , هل سيبدأ معها صفحه جديده و لكن بلون مختلف عن سابقتها , صفحه يلونها الحرمان والسجن و سطورها مكتوبه من حروف التهديد و الشك
بدأـ نوبة بكاء ثانية , هل ستبقي طوال حياتها تخرج من ألم لتقع في غيره , ولأول مرة منذ دخولها ذلك المنزل تشعر بالخوف و القلق , بل واشتاقت للخروج من بين جدرانه و العودة لماضيها الأليم , فعلي الاقل هناك شخص به اشتاقت اليه كثير , ألأا وهي ((امها))
وبعد ان اجهدت من كثرة البكاء , كفكفت دموعها و حاولت بث الطمئنينه في قلبها
قالت بنفسها : انا مش هظن سوء , جايز هو عامل حسابه انه جابلي اكل كتير يكفيني شهور فمش لازم المره دي يجيب يعني , عامة انا برضه هدخر في الاكل و هبدأ بأكل الحاجات اللي ممكن تبوظ الاول و بعدين ابقي اكل الحاجات التانية , واهم حاجه اوفر حتي اظبط جسمي تاني احسن بدأت ازيد
بدأت في تدبير أمورها و توفير الطعام قدر المستطاع و لكن ذلك لم يمنع قلقها الذي بدأ يتزايد كلما مرت جمعه دون ان يحضر اليها حازم بالطعام
فقد مر شهر بأكمله ولم تسمع صوت تلك السيارة و جرس البوابه و نداء الضخم الكريم
كانت كمن يقلي في زيت ساخن من شدة القلق, ماذا حدث يا تري , هل فعلا ستلقي حتفها هنا , يبدو ان خطب ما حدث وليس عمدا منه , نعم هي تحاول اقناع نفسها بذلك , نعم فقد كان توقف اصوات العمال و الاجهزة في الفيلا دليل كافيا علي اقناع نفسها بذلك
ولكن , حتي لو ان هناك أمر ما فماذا هي فاعله , اتستسلم للقدر و تظل مكانها تنتظر ابشع انواع النهايات التي ستودي بها للموت حتما
……………………………………….
ومع مرور هذا الشهر فقد زاد قلق الجميع و ليست حسناء و حدها , فإن كان قلق حسناء مرتبط بنفسها و حياتها و لكن بالنسبه لأخرون كان قلق علي حازم نفسه , فكيف لسناء أن تغمض جفونها او يرتاح لها بالا و ابنها ما زال معلق ممد بين الأجهزة و لا يتحرك فيه سوي انفاسه وقلبه من تحت اجهزة التنفس و وجهاز القلب
كان قلبها مجزوع كقلب أي ام علي ابنها و أول فرحتها و حامل مسؤليتها و مسئولية ابنتيها , فقد كان يمثل لهم الأمان بين امواج الحياه العاتيه
كانت تبكي و نرمين تربت علي ظهرها و تبكي هي الاخري عندما دخل عليهم ابراهيم حاملا بيده بعض الاطعمة ثم قدمها لسناء
سناء وهي تمسح دموعهاا: لا يا حبيبي مش جعانه
ابراهيم : طيب حاولي كده تاكلي انتي خلصتي من قلة الاكل
سناء ببكاء: يارتني اخلص بس حازم يقوم لشبابه و يكمل حياته
ابراهيم : بعيد الشر عليكي يا طنط ان شاء الله حازم هيقوم و هيبقي زي الفل
سناء: يارب يارب يا ابراهيم , يا حبيبي ملحقش يرتاح و لا يستمتع بشبابه زي الناس , من صغره شايل المسؤليه و اهم حاجه عنده انا و اخواته , كان بيكافح علشان منحسش في يوم اننا ناقصنا حاجه , مكنش بيهون عليه يزعل واحده من اخواته ولا يقولها مش معايا و لا ده طلب مش مهم ابدا ,ولو هيسهر و يشتغل ليل و نهار علشان اخواته ميتأخرلهمش طلب
ابراهيم : علشان كده ربنا يهقف جنبه و هيقوم بالسلامه
سناء ببكاء: نفسي يا ابني , نفسي حتي يحرك ولو رمش علشان يبقي عندي أمل , او حتي رد دكتور يريحني و يطمن قلبي , يا حبيبي يا ابني
ابراهيم : ………………….
لم يستطع الرد فقد سأل طبيب للتو عن حالة حازم و لكن رد الطبيب كان مزعجا
الطبيب : بصراحه …….. انا مش عاوز احبطك بس مضطر اقولك الحقيقه هو الامل في حالته ضعيف جداجداجدا , وانت شايف بنفسك هو بقاله شهر كامل تحت الاجهزة وما زال في غيبوبه كامله و مفيش اي تحسن
ابراهيم بحزن: طيب بس ارجوك متعرفش اي حد سواء مامته او البنات
عاد ابراهيم من داخل ذاكرته علي صوت سناء و هي تسأله: الشركه عامله ايه يا ابراهيم
ابراهيم : والله تمام يا طنط , والشغل بسم الله ما شاء الله , افضل بكتيييير من توقعتنا انا و حازم , وطلبت طلبية كمان
سناء: والشركة القديمة
ابراهيم : نرمين هي اللي قايمة بالعمل فيها و انا متابعها و الحمد لله العمل تمام برضه
سناء: ربنا يباركلكم و يقومه بالسلامه و يكمل حلمه , معلش انا متقله عليكم بس يصعب عليا يكون تعب سنين و سهر ليالي علشان يحقق حلمه و لما يقوم يلا قي كل حاجه راحت , يارب تقوم بالسلامه يا ابني و ارجع اسمع صوتك بودني و اشوفك و اشوف عيالك و يتربوا في عزك يارب يارب مدوقنيش ناره يارب
ابراهيم بشرود وهواجس الخوف علي حياة حازم: ربنا يقومه بالسلامه
………………………………………….. ……………….
بداية فصل دراسي جديد , ساحة الكلية مليئة بالفرح و قبلات و احضان الاصدقاء بعد غياب عن بعضهما لمدة شهر
دخلت نور بوابه الجامعه بإسدالها و وجهها الخالي من اي زينه , تخبئ داخلها قلبها المفزوع المكلوم , سواء علي اخيها الراقد بالمشفي و لا أحد يعلم ما مصيره أو علي هجر حبيبها الذي بدا كالشمس في السماء يعلن نهاية علاقتهما
اتجهت نحو صديقاتها اللاتي كن في انتظارها وبعد سلام و عبارات شوق دامت دقائق جلست بينهم بهدوء و شرود
نسرين : هو انتي لسه مصممه تلبسي اسدالك يا نور , هو اخوكي مش شايف حاجه اهو و بعدين انتي كده بتعاندي اسامة و هو بيعاند و هضيعوا من بعض
نظرت لها نور نظرة تحدي و قالت : والله مهما هيحصل عمري ما هغير الاسدال اللي حازم لبسهولي علشان خايف عليا واللي عاوزني كده اهلا و سهلا و اللي مش عاوزني يبقي بيثبتلي انه مش خايف عليا – ثم اكملت بصوت يوحي بالتردد- ويبقي بألأف سلامة السكة اللي تودي
هبه : واخوكي عامل ايه دلوقتي
نور و بدأت الدموع تنبت علي اطراف جفونها: ربنا يشفيه و يقومه بالسلامه و ما يدوقنا مرارة فقده ابدا
مي و هبه و نسرين : اللهم امين
ثم ساد الصمت دقائق قبل ان يقطعه صوت بكاء نور الشديد التي خبأت وجهها بكفيها و ظلت تتشنج بشدة من كثرة البكاء خوفا علي اخيها , وبدأت صديقتها مشاركتها في البكاء بهدوء, هاهو حال جميع الفتيات لا يستطيعون التحكم في دموعهم
شعرت نسرين بأن حال صديقته الحميمة يستدعي المساعدة بأي شكل , فإن كانت لا تستطيع تقديم شئ لها تجاه اخيها فعلي الاقل تحاول ان تستعطف قلب حبيبها عليها
فقامت من جوارها و ظلت تجول بعينيها الحمروتين و جفونها المتورمه في ارجاء الكلية بحثا عن اسامة و لكنها للأسف لم تجده مطلقا فعادت ادراجها نحو صديقاته الثلاثه و انضمت لهم في حديثهم القائم
وكانت نور المتحدثه : وحشني قوي قوي, حتي زعيقه و نرفزته وحشتني , دلوقتي عرفت انه كل عصبيته كانت خوف علينا و علي مستقبلنا…..انا خايفه عليه قوي
مي: طيب يلا يا جماعه نقوم , معاد السكشن يا دوب
اتجهوا الثلاثة نحو قاعة المحاضرات و جلسوا ينتظرون المعيد , حتي دخل عليهم ذلك المبتسم الوسيم , الذي يجذب اليه قلوب جميع من تقع اعينهم عليه
نسرين : اوبااااااااا ………. ثم تابعت بشكل كوميدي : اعملوا حسابكم بقي كده السكشن ده مش هنفوته و لا مره
مي : جاي علي هواكي خالص اهو
هبه : ارحمي عينك شويه يا نسرين , ده انتي بتشتالي ذنوب بسبب الدكتور ده
نسرين : نعم يا اختي , محسساني اني الوحيده اللي ببص , طيب بالله عليكي شوفي كل البنات كده هتلاقي عيونهم هتتقلع عليه
مررت الفتيات الاربعه عيونهم علي جميع الفتيات الجالسات فكان كلام نسرين صحيح فغلب الضحك تمسكهم و بدأوا يحاولون كتم ضحكاتهم مما لفت انتباه الدكتور محمد مسعد فنظر تجاههم بغضب و هم ان يطردهم خارجا لولا انتباهه لوجود نور والتي علم انها اخت زميله و صديق طفولته حازم , فتراجع عن طردهم و اكتفي بنظرة تحذير شديده
فالتزم الفتيات الاربعه و ظلوا صامتين حتي نهاية المحاضرة منتبهين لكل حرف يخرج من فمه سوي نور التي كانت تعاني من الشرود من فتره طويله
واثناء شرح الدكتور محمد مالت نور علي اذن نسرين و قالت لها بحزن شديد شعرته نسرين بين طيات كلامها : هو اسامه مجاش و لا ايه انا مش شيفاه في القاعه
نسرين : جايز يكون عنده ظروف
نور بفزع : يارب استر , انا اول ما هطلع هرن عليه اطمن الواحد بقي بيخاف من يوم حادثة حازم , ولا اقولك اتصلي عليه انتي بالله عليكي يا نسرين علشان انا عارفه انه مش هيرد عليا
نسرين : حاضر حاضر بس بطلي كلام احسن نطرد
وبالفعل وجدوا الدكتور محمد ينظر نحوهم للمره الثانيه نظرة تحذير فعادوا الي الصمت حتي اخر السكشن
وبعد خروج الدكتور وبدأ الطلاب في الانصراف , قالت نور لنسرين : نسرين بالله عليكي يلا اتصلي علي اسامه من رقمك
نسرين : طيب يلا و احنا في طريقنا للمدرج , انتي عارفه ان الدكتوره أمل مش بتدخل حد بعدها
وعندما خرجوا و جدوا الدكتور محمد ينتظرهم بالخارج ناظرا للأرض غاضا لبصره وما ان لمحهم حتي اتجه نحوهم , توقفت الدماء في عروقهم خوفا من ان يوبخهم بسبب ضحكهم داخل السكشن, وقفوا الاربعه كالاصنام
وقف محمد علي بعد مناسب منهم و قال بحياء و احترام : السلام عليكم
البنات : وعليكم السلام
همت هبه بالاعتذار و لكنه سبقها قائلا : حضرتك اخت البشمهندس حازم
نور بحزن بعد ان تذكرت حال اخيها : اه
محمد : هو غير رقمه و لا ايه , اصلي بتصل عليه تليفونه مغلق
لم ترد نور سوي بالدموع الغزيره و صوت لم يفهم منه و لا حرف
نظر لها محمد بتعجب و علامات استفهام كثيرة مرسومه علي تقاسيم وجهه
ردت هبه : هو عمل حادثه وفي غيبوبه
محمد بفزع : من امتي الكلام ده
هبه : تقريبا من شهر
محمد : كل ده في غيبوبه ؟ وبعدين ازاي و انا كنت شايفه يوم اففتاح شركته من شهر تقريبا
ردت نور من بين شهقاتها العالية : ما الحادثة كانت يوم الافتتاح بالليل
محمد : لا حول و لا قوة الا بالله , طيب هو في مستشفي ايه
نور: .مستشفي ………….
محمد بحزن : انا هروحله النهاردة, ربنا يشفيه يارب و يقومه بالسلامة , وعامة انا موجود هنا لو احتجتي اي حاجه يا انسة تعاليلي
نور: شكرا
ثم استأذنت نور منه و رحلت بدموعها تاركة محمد في حالة اندهاش و حزن علي صديقه
………………………………………….. ………….
ثلاجه شبه فارغة تقف أمامها حسناء بقلب مفزوع قالت بقلق : يا رب استر معدتش غير الحاجات اللي مش بحبها , ياتري ايه اللي حصل , هل فعل هو متعمد يعمل كده و لا حصل ظروف , ده بقاله شهر و نص مجاش , ثم اخرجت علبة من اللبن و عسل ابيض علها تسد جوعها القارص
وبعد ان ارتشفت كوبا من اللبن علي مضض أخذت تلعق ملعقتان من العسل , فمع انها لا تحبهم و دائما ما كانت تهرب منهم و لكنها لا تمتلك سواهم الآن
و بعد ان انتهت و ضعتهم بالثلاجه و نظرت داخلها ثم قالت: لا بالشكل ده اسبوع بالكتير و هشطب اكل , اغلقت الثلاجه و التفتت تفتح في الخزائن تبحث عن اي شئ وقالت : نفسي في كوباية شاي مكنش ناسيه حاجه هنا و لا هناك
ولكنها للاسف اغلقتهم ثانيه بعد ان خاب أملها , خرجت من المطبخ متجه نحو الاسفل و هي تقول:انزل اقعد في التكييف شويه احسن الجو حر و الهدوم دي تقيله قوي مش طايقه نفسي
فتحت المكيف وجلست بملل شديد مقابل التلفاز , ظلت تقلب بفتور بين القنوات وبعد دقائق أغلقت التلفاز و قامت تبحث عن كتاب تقرأه ولكن من كثرة مللها لم تجد نفسها تهوي القراءة في هذا الوقت , فتركت المكتبه و جلست شارده علي كرسي
للأسف فمع كثرة الوعود التي قطعتها علي نفسها ان تتناسي ماضيها و تحاول ان تتعايش في الواقع و لكنها عادت للماضي بل حنت إليه كثيرا, فيبدوا انها أخطأت عندما لجأت لهذا الرجل و رحيلها عن منزل والدها وتركها لأمها المريضه و ان كانت الاسباب اقوي منها و لكن اي كان فبالتاكد ان هناك حل , افضل من ان تلجأ للانتحار ثم الإلتجاء لغريب دون ان تعلم شئ عنه
ظلت تردد عبارات الندم الشديد و هي تبكي بحرقة و تدعو الله ان ينجيها لكي تري والدتها ثانية و تقببل قدمها
ظلت علي حالها هذا حتي تعبت من كثرة البكاء و ضعف قوتها بسبب قلة الطعام حتي استقظت بعد مده لا تعلمها
فركت عينيها وقامت بكسل وهي تضع يدها علي رقبتها وقالت : اه رقبتي , يظهر نمت من غير ما احس
نظرت في الساعه فوجدتها الثانية بعد منتصف الليل فقالت بفتور: اطلع انام عالسرير
وبعد ان تمدد علي السرير و همت بأن تستعد لوصول النوم قامت ثانية وقالت : انا هفضل نايمة كده لحد ما اموت و اعفن هنا
انا هقوم اصلي طول الليل لحد ما ربنا يستجبلي ان شاء الله و ينجيني , -ثم اكملت ببكاء – نفسي بس اشوف ماما , علي قد ما كنت زعلانه منها علي قد ما نفسي اشوفها قوي
ثم توضأت من فورها ونزلت بالاسفل و ضبطت المكيف و امتثلت بين يدي الله تضرع بين يديه برجاء

