رواية حبيسة قصر الوحش الفصل الثاني والعشرين 22 بقلم رحاب عمر – تحميل الرواية pdf

رواية حبيسة قصر الوحش الفصل الثاني والعشرين 22 بقلم رحاب عمر
الفصل الثاني والعشرون
لم يستطع حازم تمالك اعصابه اكثر و هجم علي نور و رفع يده في الهواء و انزلها علي وجه (حسناء)
فقد اسرعت تقف حاجز بين نور وحازم فكان من نصيبها تلك الصفعه المدويه التي خرجت من بين تشنجات حازم و افرغ بها كل غضبه
رفع يده بعيدا بسرعه , وقبض كفه بفزع و ظل يحدق بصدمه داخل عيني حسناء والتي قبضت ملامح وجهها بشدة و وضعت كفها مكان الصفعه ,
كل العيون مصوبه تجاه حازم بدهشه , متيبسين و كأن علي رؤوسهم الطير , تصلب من هول المفاجأه , بل و تجمد كل شئ حوله , خيم الصمت المكان, لم يكن يسمع سوي صوت xxxxب الساعه المنتظة تك تك تك
كانت سناء اول من فكت قيود صدمتها و اسرعت نحو نور تجرها من ذراعها و ادخلتها غرفة و اغلقت خلفة الباب بسرعه حتي لا يزيد الأمر سوءاً بسبب تزايدها في إلقاء الاتهام لأخيها بالبخل و عدم حبه لفرحتها و انه يزعم فقط انه بضيقه كي لا يهدر المال علي سعادتها و سناء تزيدها تعنيفا علي كلامها و اتهماتها الباطله و انانيتها في كل مواقفها
ولحسن حظها ان حازم لم يسمع اي كلمه من كلماتها الجارحه و الا كان عمرها و صل منتهاه في تلك الساعه
فقد كان حازم مازال أسير لتلك العيون التي تقف قريبا منه جدا تحدق بداخل عينيه لتزيب جليد تماسكه و تسحر عقله ببريقها الأزرق الخلاب و تبعث به لعالم روحاني لم يعيشه من قبل
كانت حسناء هي الأخري تسبح داخل عيونه لا تشعر بأي شئ حولها , شعرت بأنفاسه تلفح وجهها و هو يلهث بشدة من صدمته
ابتعدا عن بعضهما للخلف خطوتين , ثم التفتت حازم و اتجه نحو الخارج تحت عيني حسناء
خرج و تراكها وحدها , تلفتت حولها فلم تجد حولها سوي مكان فارغ من البشر
يصلها صوت نورو هي مازالت تمارس موهبتها في التوبيخ و عدم احترام اخيها الكبير و سناء تحاول ان توقفها دون جدوي
وقفت دقائق لا تعلم ما يجب عليها ان تفعل , اتجلس مكانها و تنتظر , ام ماذا ؟
وقبل ان تجلس قالت بنفسها : المفروض حازم ميجيش هنا دلوقتي علشان ميسمعهاش و يزيد الأمر سوء, انا هشوف لو بره هخليه يروحني البيت , وجودي اصلا هيزيد الغضب لأنه زمانه محروج من كلامها قدامي
اتجهت نحو المكان الذي اتجه اليه حازم من دقيقه , خرجت للحديقة فوجدته يجلس علي احد المقاعد بوجوم و يحدق للارض بملامح منقبضة بشدة و علامات الغضب تملأ وجهه بشكل مريب
دنت منه بخطوات مرتابه , نظرت نحوه فوجدته مازال شاردا في الارض و لم يلحظ قدومها نحوه , وجدت يدها ترفع لا اراديا و تتحسس وجنتها الملتهبه مما حل بها منذ قليل
وقفت علي بعد خطوات منه و قالت بصوت ضعيف و ربما بتردد مخافة من ثورته : بعد اذنك عاوزة ارجع البيت
مجرد ان سمع طلبها حتي هم واقفا و اتجه نحو سيارته التي علي بعد مترات قليله دون ان ينظر لها او يوجه نحوها ولا كلمة و صعد السياره و جلس ينتظرها
ظلت مكانها لدقيقه , لاتعرف اهذا رفض لطلبها ام موافقه و لكنها خمنت ان يكون موافقه و اتجهت نحوه تجرب ظنها و عواقبه
فتحت الباب و جلست بجواره , بدأت السياره تتحرك بهم ,
كان الصمت هو الحديث القائم بينهم طوال الطريق , سوي من بعض تنهيدات حازم النارية التي توضح مدي ثورته الداخليه و غضبه من الموقف الذي حدث
وصلوا لطريق تسير به السيارات مثل السلحفاه بسبب ازدحامة خاصة في ذلك الوقت من النهار , كانت حسناء تجلس بجوار حازم منكمشه علي نفسها , قلبها يدق بخوف طفلة الروضه , وزاد خوفها بعدما صدر منه تنهيدة قويه تبعها بضربه خفيفه من قبضته لعجله القياده , لمحها تخطف نظره سريعه نحوه , ثم تفلتت منها بسمة لا اراديا
نظر لها بغيظ فلم تلتفت له و ظلت محتفظة بوجتها للطريق امامها ولكن زادت بسمتها
قال لها بلهجة مخيفه : بتضحكي علي ايه؟
زادت بسمتها اكثر و اكثر و صدر لها صوت ضحكة خفيف ولكنها لم تجيب
اعاد سؤاله بغيظ فردت و هي تضحك و تضع يدها علي خدها : لا مش مستغنيه عن نفسي
عندما و جدها تضع يدها علي وجهها ففهم مقصدها فنظر أمامه و ابتسم من بين تجاعيد غضبه التي تملأ وجهه , فتشجعت حسناء عندما رأته يبتسم و قالت : بصراحة , ايدك تقيلة قوي
فزادت ابتسامته ولكنه لم يتكلم و أكمل تركيزه في القيادة
فقالت حسناء : علي فكرة انت اللي غلطان
نظر لها شذرا و قال لها بغضب : تقريبا عاوزة تعلمي علي خدك التاني كمان مش صح ؟ , اومال لو مكنتيش فاهمة وضعي و ظروفي كنتي قلتي ايه
حسناء: ماشي موافقاك الكلام لكن المفروض مكنتش صدمتها كده و ضيعت فرحتها , يعني واحده واحده و بتفاهم
وقف حازم بالسياره علي جانب الطريق حتي يستطيع التحدث و قال ببعض الغضب : نور معندهاش تفاهم , نور اهم حاجه عندها مزاجها و بس , ولو اللي قدامها يموت المهم انها تستمتع و تتمنظر قدام الناس , غير انها دايما ناكرة للجميل , نور انا اللي مربيها و معلمها و عمري مأخرتلها طلب و لو حتي رفاهي و ككل من صحتي و تعبي ة و قلة راحتي و مع ذلك عمرها ما شافت اني كويس و ان من حقي انها تقدرني او تشكرمي او تعترف ان ليا فضل عليه , نور أنانيه جدا
كانت كلماته منبعثه من داخل نقطة ظلماء داخل قلبه , تحمل بين طياتها حزن دفين متراكم من سنين , استشعرته حسناء بشدة , دخلت كلماته لتهز غلاف قلبها الخارجي , رقت لحاله , تألمت لإحساسه , ودت لو تستطيع ان تمد أناملها داخل قلبه و تخرج تلك الاحزان منه , انه حبيبها , مصدر سعادتها في الحياه , فكيف تتحمل رؤيته حزين , مثقل بصدر ملئ بالهموم اضافة لمتاعب تحدياته لتحقيق احلامه بالحياه , عزمت علي الفور علي مساعدته و لن تسمح لنفسها ان تعيش و هي تراه هكذا
حسناء : طيب خليني اساعدك
حازم : انا مش هاخد من اي حد فلوس علشان شويه مناظر
حسناء : مش فلوس , بس ممكن افصلها الفستان بدل ما تشتريه و ممكن نـ…
قاطعها حازم بعصبيه و هو يعود قيادة السيارة : حسناء , مش علشان عملتيلي طقمين عيال صغيرة يبقي هتقدري تفصلي فستان , فوقي من الاوهام دي , انا كلمتي هتمشي , شبكة علي الضيق و لو مش عاجبها تخبط راسها في الحيط
كلماته ضربت رأسها لتحدث داخله صدع عميق , أهذه وجه نظره عنها , لا لقد تهاوت احلامها امامها فجأه , ألهذه الدرجه هي قليلة بنظره
حسناء : ايا كان , واجب تفرح في شبكتها و 00
حازم و بدأ صوته يعلو : حسناء متعصبنيش
كانت لهجة حازم و طريقته كافية لكتم صوت حسناء داخلها حتي نهاية الطريق , ولكن ذلك لم يمنعها بالتحدث داخل نفسها و اتفاقها مع نفسها علي اتخاذ بعض القرارات
…………………………….
فتحت نور باب الغرفة التي تحتبس بها هو ووالدتها و اسرعت الخطي نحو غرفتها بعدما أصرت لوالدتها علي رأيها في عدم اتمام خطبيتها بسبب اهدار حازم لفرحتها و عدم اهتمامه بما تريده
اغلقت باب غرفتها خلفها بعنف و بدأت في اكمال نوبة بكائها , وبعدما هدأت قامت و مسكت بهاتفها ثم فتحت رسالة اسامة و التي وعدها بالزواج بها
ظلت تمرر عينيها علي حروفها المتتاليه و عينيها تتزايد في نزف دموع حسرة مع كل حرف تقرأه
ارجعت رأسها للخلف تستند بها علي ظهر السرير و هي تغمض عينيها بألم روحي و يهتز جسدها بسبب بكاءها التي تحاول ان تكتمه داخلها
قالت من بين دموعها : انت فين يا نسرين تنقذيني من اللي انا فيه
اتصلت بها علي الفور و كالعادة في الفترة الاخيرة لم تجد منها ردا , فأعادت المحاوله مرات و مرات حتي أتاها صوت صديقتها الناعس و الذي يخرج من بين الأغطيه : ازيك يا نور
نور ببكاء: قومي يا نسرين كلميني , محتجاكي
نسرين بقلق : خير يا نور في ايه
نور: فوقي كده و كلميني عوزاكي ضرورري
نسرين : طيب بس اهدي كده و قوليلي مالك , انا فايقة اهو
نور : عوزاكي تكلميلي اسامة ضروري ضروري و تقوليله الرساله…
قاطعتها نسرين بحنق و تحذير : لا يا نور , فوقي بقي , اسامة مش بيحبك , انا و مي و هبه شيفينه بعنينا قاعد مع بنت ولازق فيها و حاطط دراعه في كتفها , اسامة كان بيعمل ده كله مش علشان تسمعي كلامه و لا علشان زعلان منك , اسامة طلع بيلعب بيكي و لما زهق راح شاف غيرك
كانت كلمات نسرين كرصاصات ناريه تخترق قلب نور بلا رحمة , تفجر منها الدماء تميتها مرارا و مرارا في اللحظة الواحدة
شعرت ان جميع اطرافها سحبت منها الدماء و جسدها بدأ يشعر ببروده شديده , بدأت دموعها هي الاخري تتجمد من أثر صدمة ما تسمعه , وظلت تقارن بين ما تسمعه و بين ما كان يوهمها به اسامة الفترة الماضيه و كيف كان يريد ان يتقابلا , ألهذه الدرجه وصلت دناءته , وما يؤكد كلام نسرين هو تجاهله لها عندما اخبرته بأن يأتي لخطبتها من المنزل مباشرة دون مقابلة
انتهت نسرين من حديثها و انتظرت اجابه من نور و لكن لم تسمع شئ
قالت : نور انت معايا علي الخط
نور وعلامات الصدمة تؤثر علي صوتها : اه
نسرين بشفقه : معلش يا نور , عارفه اني كلامي صعب , بس مش عاوزاكي تفضلي عايشه الوهم و مصدقاه و هو بيلعب عليكي , معلشي متزعليش
نور بلا مبالاه : لا مش زعلانه ولا حاجه
نسرين : ويلا سيبيني بقي انام احسن انا نايمة الساعه 9 الصبح وهبقي اكلمك لما اصحي
نور : ماشي يا نسرين مع السلامة
نسرين : سلام
…………………………
خرجت حسناء من منزلها بعد انصراف حازم بنصف ساعه , فتحت البوابه الخارجيه للحديقه و قلبها يدق بشدة من خوفها , فتلك المره الاولي التي تخرج بها وحدها منذ فتره طويله و لكن الحب يفعل الافاعيل و يصنع المعجزات
خرجت من أجل من اصبح يتحكم بتوجهات قلبها و ايضا عقلها , خرجت من أجل ان تثبت ذاتها له , من أجل ان تصنع من نفسها الفتاه التي يريدها , من اجل ان تشفي نار قلبها المشتعل بحبه , خرجت لإسعاف روحها الجريحه بسبب حلمها من اجل الحصول عليه , خرجت لإعادة بناء ابراج احلامها التي تهدمت بعدما سمعت كلماته من قليل
اغلقت البوابه و سارت بخطي متخبطه تتلفت حولها و كأن أحد الاشرار يراقبها كي يستغل الفرصه و يهجم عليها ليفترسها
رأت سياره اجره تقترب , نظرت للسائق فوجدته رجل في العقد الخامس من عمره تظهر عليه هيبة شيبه , ويبدو عليه الاحترام
لوحت له ليتوقف لها ففعل , فإنطلقت لوجهتها لتحاول من جديد لكسب قلب حبيبها و انقاذ قلبها
………………………………………….. .
مر حازم علي شركته الجديده و تابع سير الامور بشكل جيد , ثم اتجه لشركته القديمة و دخل مباشرة لغرفته و اغلق الباب علي نفسه
جلس خلف المكتب , وضع مرفقيه علي المكتب و قبضتيه علي جبهته
كانت الافكار تتضارب داخل عقله , كلها أفكار غاضبه هائجه , هاهي نور تصر علي عدم شكرها ابدا له و عدم مراعاتها لكل ما يقدمه لها , و اهتمامها فقط بما يمتعها و رفاهيتها , ونهاية ترفض شخص لا يعوض بسببه و سيكون هو المجرم الآن امام الجميع
ثم جاء بخاطره حسناء و اسلوبه الفظ الغليظ معها , قال بنبره تحمل الكثير من الهم : اوف و أدي حسناء هي كمان عاوزة اللي يصالحها … انا معدش عندي بال
ظل علي وضعه بعض الوقت , تستعر الهموم بداخله مع مررور الوقت
شعر بالاختاق , قام من مكتبه و اتجه للخارج , لا يعرف له وجهة محدده و لكنه كان يريد الاختلاء بنفسه
ركب سيارته و بدأ يسير بهدوء, وجد سيارته تقوده تجاه من ملكت قلبه , لربما اصيبت سيارته هي الاخري بحبها
دخل البوابه الخارجيه و اوقف السياره مقابل منزل حسناء حتي تعلم انه من دخل الفيلا وليس احد غريب
ترجل منها , ثم دخل إلي الفيلا التي لم تكتمل بعد , ظل يطوف في حجراتها و التي تحتاج القليل من التشطيبات و بعض الاثاث لتكون مهيأة للعيش الآدمي
وقف عند الحجره الواسعه , المكونه من عدة حجرات متحده و حمام كبير و شرفة واسعه مطله علي الحديقه , ستكون في المستقبل غرفته المخصصه لنومه هو وشريكة حياته
دائما ما كان يأتي لتلك الغرفه خصيصا و يتخيل بها فتاه احلامه , ترتدي الفستان الابيض , كانت ملامحها مبهمه بالنسبه له , ولكنه لم يحاول تخيلها من قبل , فليس وجهها ما يهمه و يشغل تفكيره , ولكن عقلها ثم قلبها , يريدها سند له في الحياه , تعينه علي اعباء يومه , تساعده علي اتمام مسيرة نجاحه , تخفف عنه أتعاب مجهوده , تربت علي ظهره وقت ضيقه , تكون له الحياه بأثرها داخل منزله عندما يلجأ طالبا راحة لجسده بعد يوم مرهق , واخيرا تكون له دعما روحيا تشهد له بنجاحاته , تقدر مجهود تعذر تقصيره….
وقف علي باب الغرفه شامخا برأسه , وضع يديه في جيب بنطاله , تذكره ايامه الخوالي عندما كان يأتي هنا و يتخيلها تأتي نحوه بلهفه و شوق لكي يستريح في كنفها
تلك المره أيضا تخيلها تأتي نحوه و بنفس اللهفه و نفس الشوق و لكن تلك المرة كان بها شئ مختلفا عن كل مره , وهي ملامحها … ملامحها تلك المره واضحه بشدة , ترتسم بدقه أمام عينيه , كانت ملامحه تسحر قلبه , تأثر عقله , تجذب روحه , تحول عالمه كله , تقلب توازنه رأس علي عقب , شعر بحبها يسير عبر ذرات جسده تحدث شلل في تفكيره في اي سوي طيفها القادم نحوه
تقدم بخطوات لا اراديه يستقبلها بلهفه , تلاقوا في منتصف الغرفه , غلف وجهها بكفيه , نظر للشرفتين الزرقاوتين بهيام , شرفتان تطلعانه علي عالم أخر , عالم نقي مختلف , عالم سامي صافي , تتعانق به القلوب و تتحد به الارواح و تلتحم به الأحاسيس المشتركة لتغذي من يعيشها بمذاق الحياه الحلو و يمحي كل سئ في هذه الدنيا لتحول حياته لجنه مليئة بالنعيم الحقيقي , قال لها و هو يضم يديها بشدة علي صدره و يغلفها بكفيه و يهمس لتلك الملامح التي دائمة ما تسحره : انتي اللي غيرتي معني الحياه بعيني , كنت محتاجك سند و عقل , دلوقتي محتجك قلب وروح و احساس , محتاجك حضن دافي يضمني ليه , حضن ينسني الدنيا بقربك , حضن اعيش بوجوده , اموت ببعده
كنت منتظرك تكملي معايا مشوار نجاحي , لكن دلوقتي عاوزك تكملي قلبي , تغذي احساسي بالوجود , ترسمي الجزء الملون في حياتي , الجزء اللي افتقدته طول حياتي في وسط زحمة الشغل و الاعباء و نسيت ان من حقي استمتع بيه زي اي انسان , لحد ما تحولت من انسان بشري لانساني ألي , اشبع رغبات غيري , و اشبع إحساسي اني انسان في وسط الناس , لكن نسيت اني محتاج اني اكون انسان لنفسي , انسان بمعني الكلمة … كنت فاهم الحياه غلط , لكن بوجودك بدأت اعرف معني الحياه الحقيقيه , اعرف ان الدنيا ليها مذاق حلو بوجودك , وان مش كل …..
افاق من شروده علي صوت صرير البوابه الخارجية
انتفض ذعرا , وقال بقلق : مين بيفتح البوابه
اسرع مهرولا للشرفه ليستطلع من القادم , اتسعت مقلتيه و هو يري حسناء تدلف من البوابه و بيدها الكثير من الاكياس المنتفخه , ثم اغلقت البوابه خلفها , التفتت لتتجه للداخل , ولكنها وقفت مصدومه و وضعت يدها علي فمها و تركت مابيدها يسقط ارضا عندما رأت أمامها سيارة حازم
وقفت تتلفتت تبحث عنه و قلبها يعلو صوته خوفا منه , وعندما لم تراه أسرعت تحمل الاكياس لتدخل قبل ان يراها , ولكنها لم تخطو الا خطوتين حتي سمعت صوته من خلفها , صوته ملبدا بكل غيوم الغضب منذر بقرب عاصفه حارقه شديدة : حسناء
تصلبت مكانها , ولم تستطع ان تلفت له او ترد عليه , يابسه , ساكنه , جامدة و لا يتحرك بها سوي العضو القابع داخل صدرها و الذي بدأ يعمل بعنف و اضطراب شديد
اقترب منها هو , ووقف أمامها مباشرة و قال لها بعنف : كنت فين؟
ابتلعت الغصه الغليظة المعلقه بحلقها وقالت بصوت مهزو : كنت بشتري بشويه طلبات
زادت نبرته حده : وليه مقولتليش قبل ما تروحي , ولا طلبتي اوديكي
حاولت ان ترد ولكن نبرته ألجمت لسانها داخل فمها فتابع هو الحديث : ازاي تخرجي من غير استئذان , انتي ازاي تخرجي من غير ما تعرفيني
لم تكن يتحرك بها ساكن , تقف بخوف تهتز من الرياح الخفيفه للأمام و الخلف بشكل بسيط
تابع ثانيه بنبره غريبه : انتي بتخرجي كتير من غير ماتعرفيني , انا غلطان اني سبت المفاح معاكي
انتفضت حسناء من ذلك السؤال و قالت بصدمه : انا عمري ما خرجت من غير ما عرفك , دي أول مره اخرج
لم يرد عليها و لكن نظر لها نظرة مرعبه فعادت تدافع عن نفسها و لكن تلك المره دموعها شاركتها الدفاع : والله عمري ما خرجت ابدا , انا هخرج اروح فين اساسا , …
قاطعها بنبره حازم و هو يشير بسبابته و كامل ذراعه لمنزلها : طيب ادخلي
حاولت ان تعيد كلامها ولكنه قال بصوت اشبه للصراخ الغليظ : ادخلي جوة من غير ولا كلمة .
قالت ببكاء شديد : حازم والله..
اعاد كلامه ثانيه : ادخلي يا حسناء دلوقتي متعصبنش
ثم حمل الاكياس عنها و سبقها علي منزلها بخطوات و اسعه عنيفه و قال لها : ورايا
تبعته حسناء و دموعها تنساب بغزاره علي وجنيها , دموع مختلطه برجاء شديد لذلك الوحش الحبيب الذي يعد لها حياتها بأثرها , والذي لم يستمع اليها و لا لعذرها ليتركها يتألم وسط غليان قلقها مخافة من ان تفقده او ان يتخلي عنها , او…. الا يكون لها و تتحطم كل احلامها معه
فتحت حسناء الباب بمفتاحها فأدخل لها الاكياس للداخل خطوتين فقط ثم تركهم و خرج
كانت مازالت تقف أمام الباب ترتجف بجسدها النحيف من شدة البكاء , قال دون ان ينظر لها : هاتي المفتاح و ادخلي
اعطته المفتاح و صوت بائها يتزايد
دخلت النزل , فأغلق هو الباب عليها بالمفتاح و انصرف
ارتمت بثقل جسدها علي الباب و كأنها تحاول اللحاق به من خلف الباب , استدارت و هي مازالت ملاصقه للباب و تركت جسدها ينساب تدريجا علي الأرض
ظلت مكانها ملقاه علي الارض تبكي بحرقه , علي حظها التعش , الذي كلما خلقت لنفسها بصيص أمل ضعيف لشئ حلو يعطي معني لحياتها يأتي ذلك الحظ ليسد عنها اي شعاع لضوء الأمل و يترك قلبها يتألم في عتمة الأحزان و خيبة الأمل
اتجه حازم وهي لا يشعر بلا شئ و جلس داخل سيارته , كان يشعر بأن رأسه سيطير من شدة غضبه , حقاً ان غضبه عمي قلبه في تلك اللحظة , او لربما غيرته الشديده عليها و خوفه عليها من ذلك العالم المتوحش , سابقا استشاط غضبا من اجل ان رجل نظر لها عدة مرات , وضحي من اجل الحفاظ عليها و بدأ في قيادة السيارة و تحامل علي نفسه متغافل خوفه من القيادة فكيف يتخيلها الآن تخرج و تسير و تركب سيارة مع رجل اجنبي و تتعامل مع اخرون وحدها
ضرب عجله القياه بقبضة يده بعنف و قال موبخا نفسه علي زلة لسانه القبيحة و ردة فعله الوحشي معها : ايا كان متوصلش اني اتهما و اشك فيها بالشكل ده
نظر علي باب منزلها ثم أعاد النظر علي الشرفه التي كان يقف بها من دقائق , تخيل طيفها معه داخل تلك الحجره مندقائق
شعر بخنجر سام يدس داخل قلبه , وهو يتذكر كلمته لها و تعنيفه لها بهمجيه , قال بصوت محشرج : لا لا لايمكن تكوني كده يا حسناء , انتي انقي و اطهر انسان في الوجود كله , انا يتقطع لساني لو قلت كلمة زي دي تاني ليكي , اسف يا حسناء
رنت بأذنه صوتها و هي توقل له برجاء شديد ” حازم , ارجوك و الله….”
كانت تلك المره الأولي التي يسمع اسمه يخرج من فمها , فدائما ما كانت تتحاشي ذكر اسمه اثناء حديثها و ان اضطرت فإنها تناديها برسمية ” يا بشمهندس”
ذبذبات صوتها و هي تنطق بإسمه لم تذهب نحو اذنه بل استقبلها قلبه مباشرة ليترجمها علي شكل نبضات قويه تغذي شرايين جسده , تشعل حبها بقطرات دمه و تفجر حنينه لها داخل خلاياه
شعر بدموعه تتدفق لعنينه بشدة , وضع كفه علي عينيه يخبأ دموعه من نفسه , فما اصعب دموع الرجل , انها اصعب من نزف دماءه , لا تزرف إلا لعزيز غالي صاحب مكانه خاصة جدا في القلب , مكانه لا يصل لها سوي شخص واحد لا يتكرر
مسح دموعه و تنهد بشده ثم خرج من اسياره و اتجه نحو المنزل و لا يعلم تلك العيون التي تراقبه من خلف النافذه الخشبيه بصمت
أدخل المفتاح من تحت باب المنزل , وبعدها عاد أدراجه للسياه و هي يعبث بأنامله في شاشه هاتفه يكتب رساله ثم أرسالها لـ .. حسناء
اعاد كلامه ثانيه : ادخلي يا حسناء دلوقتي متعصبنش
ثم حمل الاكياس عنها و سبقها علي منزلها بخطوات و اسعه عنيفه و قال لها : ورايا
تبعته حسناء و دموعها تنساب بغزاره علي وجنيها , دموع مختلطه برجاء شديد لذلك الوحش الحبيب الذي يعد لها حياتها بأثرها , والذي لم يستمع اليها و لا لعذرها ليتركها يتألم وسط غليان قلقها مخافة من ان تفقده او ان يتخلي عنها , او…. الا يكون لها و تتحطم كل احلامها معه
فتحت حسناء الباب بمفتاحها فأدخل لها الاكياس للداخل خطوتين فقط ثم تركهم و خرج
كانت مازالت تقف أمام الباب ترتجف بجسدها النحيف من شدة البكاء , قال دون ان ينظر لها : هاتي المفتاح و ادخلي
اعطته المفتاح و صوت بائها يتزايد
دخلت النزل , فأغلق هو الباب عليها بالمفتاح و انصرف
ارتمت بثقل جسدها علي الباب و كأنها تحاول اللحاق به من خلف الباب , استدارت و هي مازالت ملاصقه للباب و تركت جسدها ينساب تدريجا علي الأرض
ظلت مكانها ملقاه علي الارض تبكي بحرقه , علي حظها التعش , الذي كلما خلقت لنفسها بصيص أمل ضعيف لشئ حلو يعطي معني لحياتها يأتي ذلك الحظ ليسد عنها اي شعاع لضوء الأمل و يترك قلبها يتألم في عتمة الأحزان و خيبة الأمل
اتجه حازم وهي لا يشعر بلا شئ و جلس داخل سيارته , كان يشعر بأن رأسه سيطير من شدة غضبه , حقاً ان غضبه عمي قلبه في تلك اللحظة , او لربما غيرته الشديده عليها و خوفه عليها من ذلك العالم المتوحش , سابقا استشاط غضبا من اجل ان رجل نظر لها عدة مرات , وضحي من اجل الحفاظ عليها و بدأ في قيادة السيارة و تحامل علي نفسه متغافل خوفه من القيادة فكيف يتخيلها الآن تخرج و تسير و تركب سيارة مع رجل اجنبي و تتعامل مع اخرون وحدها
ضرب عجله القياه بقبضة يده بعنف و قال موبخا نفسه علي زلة لسانه القبيحة و ردة فعله الوحشي معها : ايا كان متوصلش اني اتهما و اشك فيها بالشكل ده
نظر علي باب منزلها ثم أعاد النظر علي الشرفه التي كان يقف بها من دقائق , تخيل طيفها معه داخل تلك الحجره مندقائق
شعر بخنجر سام يدس داخل قلبه , وهو يتذكر كلمته لها و تعنيفه لها بهمجيه , قال بصوت محشرج : لا لا لايمكن تكوني كده يا حسناء , انتي انقي و اطهر انسان في الوجود كله , انا يتقطع لساني لو قلت كلمة زي دي تاني ليكي , اسف يا حسناء
رنت بأذنه صوتها و هي توقل له برجاء شديد ” حازم , ارجوك و الله….”
كانت تلك المره الأولي التي يسمع اسمه يخرج من فمها , فدائما ما كانت تتحاشي ذكر اسمه اثناء حديثها و ان اضطرت فإنها تناديها برسمية ” يا بشمهندس”
ذبذبات صوتها و هي تنطق بإسمه لم تذهب نحو اذنه بل استقبلها قلبه مباشرة ليترجمها علي شكل نبضات قويه تغذي شرايين جسده , تشعل حبها بقطرات دمه و تفجر حنينه لها داخل خلاياه
شعر بدموعه تتدفق لعنينه بشدة , وضع كفه علي عينيه يخبأ دموعه من نفسه , فما اصعب دموع الرجل , انها اصعب من نزف دماءه , لا تزرف إلا لعزيز غالي صاحب مكانه خاصة جدا في القلب , مكانه لا يصل لها سوي شخص واحد لا يتكرر
مسح دموعه و تنهد بشده ثم خرج من اسياره و اتجه نحو المنزل و لا يعلم تلك العيون التي تراقبه من خلف النافذه الخشبيه بصمت
أدخل المفتاح من تحت باب المنزل , وبعدها عاد أدراجه للسياه و هي يعبث بأنامله في شاشه هاتفه يكتب رساله ثم أرسالها لـ .. حسناء
كانت حسناء تراقبه من خلف النافذة المغلقة , وما ان رأته يتجه نحو الباب حتي اسرعت له , توقعت ان يدق الباب , وضعت يدها علي المقبض حتي تسرع بالفتح و توضح له موقفها و تشرح له سبب ذهابا دون اذنه و تؤكد له انها المره الاولي التي تخرج دون اذنه
التقطت اذنها اصوات خطواته ثم بعدها وجدت المفتاح يدس من تحت الباب و يستقر بجانب رجلها , انتظرت ان يطرق الباب و لكنها سمعت اصوات خطواته ثانية و لكن مبتعده بعيدا
شعرت بأن قلبها يتحجر من شدة خوفها من ان يكون ظن بها سوء و ان يكون مقصده من كلامه سئ , شعرت بالعالم يدور سريعا لا تعرف احزن منه و من كلامه ام تخاف علي احلامها التي تنهار امامها
همت ان تفتح الباب و لكنها سمعت صوت وصول رساله لهاتفها , قالت بنره مليئه بذبذبات البكاء : اكيد هو , واكيد هيتأسف زي كل مره , يطينها و يرجع يتأسف و معندوش ذرة تحكم بأعصابه
فتحت الرساله و لكنها للأسف صدمت للمره الثانية علي التالي اذ وجدت كل ما بها ” المفتاح جنب الباب” فقط
نظرت بخيبة أمل , ترفع احدي شفتيها و قالت : يعني ايه , شايف انه مش غلطان , ثم اكملت بخوف: يعني ممكن يكون يقصد كلامه مش تهور و تعصب , لا انا لازم اوضحله قبل ما يمشي
هرولت تجاه الباب تلحق به ولكنها عندما فتحت الباب لمحته و هو يغلق البوابه و اسرع بعدها و انطلق بسيارته
سارت بخطوات تائهة في الحديقه الخاوية كجزء من صحراء قاحله , وصلت للبوابه الضخمة , نظرت من خلف قضبانها فرأت سيارته ابتعدت كثيرا
عادت ادراجها بخطي مثقلهة و صدر مكتوم من كثرة حزنها , رغم صعوبة الكلمة التي القاها علي مسامعها و لكن حبها له أصم اذنها عنها , وقلبها تغافل عن ترجمة تأثيرها عليها و كان كل ما يشغله هو الخوف من ان يغير حازم وجهة نظره عنها و تحرم من أحلامها من أجله
عادت لمنزلها و اغلقت خلفها الباب ,اسرعت بالاتصال عليه حتي توضح موقفها و لكنه لم يرد عليها مما زاد نار قلبها استعارا و ملئ عقلها بالقلق و الخوف , قالت بحسرة : هو مال المواقف كلها ماشية عكس ما بتمني كده , يعني بقول اني بدأت اثبتله اني قد المسؤليه يقولي اني مش هقدر افصل الفستان و يستهزأ بيا و يقول انتي مفكره علشان فصلتي هودم عيال صغير و ودلوقتي يفكرني بخرج من غير اذنه علطول و الله اعلم مخه بيفكر في ايه دلوقتي
جلست علي الكرسي و بدأت تسقي وجنتيها بالدموع , ظلت صامته ساكته لا يتحرك بها سوي عينيها التي تعتصر من وقت لأخر لتزيد من تدفق دموعها الحزينة
سمعت أذان المغرب فقامت لتؤدي فريضتها , وموقف حازم ما زال عالق بعقلها يملأه هواجس مخيفة و توقعات سيئة, وقعت عينيها علي الاكياس التي جلبتها وسببت لها تلك المشكله
وزنت الافكار برأسها ثم قالت بتحدي كبير: عياطي مش هيغير حاجة , اكيد موقف و هيعدي بس لازم اخلص تفصيل الفستان , علشان اثبتله انا كنت خارجه ليه واني كنت خارجه علشان اقف جنبه في زنقته و اساعده مش اني خارجه بهدف غلط
مسحت دموعها , واسرعت تحضر ماكينة الحياكة و جهزت المكان , ثم صلت الفريضة و بدأت عملها و هي تحاول انبات أملها بحازم ثانية ترويه بدعاءها و تسمده بعملها الذي بين يديها الذي هو من اجله خصيصا
……………………………
خرج حازم من الحديقة , لمح حسناء في أخر لحظة فهرب سريعا بوجهه عنها , فكيف له ان يريها وجهه بعدما اطلق في وجهها تلك التهمة البشعة , وكيف يأتي بالجرأه كي يواجهها بعدما مزق قلبها بتلك الكلمة
شعر بشعور متخبط , شعور صعب لم يشعره من قبل ,لكنه شعور صعب التحمل , يكوي القلب و يجلد الروح
شعور ان تعرف انك ظلمت برئ أكبر ظلم , فكيف ان كان المظلوم هو من يسكن القلب , اذن ظلمه يمثل طعنات من خنجر مسموم يدس في القلب لكي يصل له
سمع صوت هاتفه , نظر للشاشه فوجدها تتصل , بالتأكيد تريد تبرير موقفها و ازالة التهمة السامة عن عرضها , شعر بألم يجتاح صدره كله , ليصل لقلبة فيؤذية بشدة , اعتصر قبضة يديه بشدة و قال بلهجة حامضية : غبي غبي و هفضل طول عمري غبي, اندفع و ااموت اللي قدامي بكلامي علشان مش عارف اتحكم في غضبي , شكلي مش هبطل اندفاع و عصبية و افوق الا لما ألاقيني خسرت كل اللي حوليا , مش عارف هوريكي وشي ازاي يا حسناء , ومش عارف هتسامحين ازاي , كلمة اسف بقيت بايته قوي , كل شويه ازعلها و ارجع اقولها اسف , زمانها زهقت , ها بقول مش هتحبني بسبب شكلي , فمابالك بقي شكلي و طبعي الوحش و عصبيتي , حرام اظلمها معايا
كان يعيش ليلا و نهارا داخل دوامة افكاره التي تصب جميعها في موقفه مع حسناء و امانيه تجاهها, بالاضافه لمتابعته لتطور شركته و قرب حلمة الذي وضعت حسناء اللبنة الاولي به بعقلها و حكمتها , واتصال محمد و استأذانه بتأجيل الخطبه لمدة اسبوعين بسبب سفره لمؤتمر جامعي خارج البلاد مما اعطي له الفرصه بأن يترك نور تفكر بتأني في اتجاذها لقرارها
ولن يبدو ان موقف نور ليس قرارا بل كانت مطالب رفاهيه متوقف عليها مصيرها
………………………
مر اسبوع مرير علي الجميع , نور قابعه داخل قوقعه احلامها المتهدمة فوق رأسها , فطالما ظلت سنين تحلم بتلك الليله و تجهيزاتها التي ستبهر بها كل صديقاتها و تكيد بها كل من لا تحبة , وهاهو حازم يقلب الامور رأس علي عقب ببخله من وجة نظرها و ها هو اسامة تكتشف اخيرا انه كان يتلاعب بعواطفها و يستغل حبها له ليزيد ازلالا لقلبها و يضعف ثقتها بنفسها
حازم ظل يصارع احساسه بتأنيب الضمير و جلده لذاته العصبية الاندفاعية , بالاضافه لنار الشوق التي تلتهم قلبه علي حسناء , وقلقه من اجلها كيف تعيش ايامها حبيسة وحدها برفقه دموعها و قلبها المجروح بسبب قذائفه اللفظة الحارقة
كان كل يوم بل كل لحظة يقرر بأن يذهب لها يسترضيها و لكن يبدو ان حبه لها عظم كلمته لها مما اشعره بالخزي و الحرج من مواجهتها
أما حسناء , يبدو انها اكثرهم تعلما من أيام الحياه و اكثرهم تلقنيا لدروسها , فقد علمت ان التفكير لا يعطي حلا نافعا بل العمل و اخذ خطوات فعليه علي ارض الواقع هي الحل الحقيقي بالاضافة للاستعانة بالله و الدعاء له فهو وحده من بيده تسير الأمور
ظلت قائمة علي حياكتها ليلا و نهارا , بحثت عبر الانترنت عن الفستان الذي حلمت به نور و بدأت تحيكه بنفسها , حتي مر الاسبوع وانتهت مهمتها بنجاح فائق
وضعت الفستان مقابلها , لم تستطع ان تمنع نفسها من تخيلها داخل هذا الفستان الذي يحول الفتاه من وحيدة إلي مرتبطه و مخطوبة ويمهد لها طريق جديد للحياه ملئ بالاحلام السعيدة مع من تحب
قالت و هي تبتسم : هقيسه عليا
حملته واسرعت لغرفة نومها , ثم ارتدته و اسدلت شعرها الحرير علي ظهرها و ضعت بعضه علي رقبتها , وضعت بعض اللمسات الخفيفه من الزينة ثم نظرت لنفسها نظرة اعجاب مبالغ فيها
وقفت مقابل صورتها تأملها بفرحة و قلب مكتظ من كثرة الاحلام التي توافدت عليه دفعة واحده عندما شاهدت نفسها بذلك الفستان
حملت صورة حازم التي كانت تنتظرها ككالعادة تحت الوسادة حتي يأتي موعد السهره الخياليه عندما تذهب لسريرها ليلا , رفعته مقابل عينيها و ظلت تصوب نحو نظرات مليئة بالحب و الشوق الشديد و قالت له , شوفت يا حازم , انا عروسة … يااااه امتي يجي اليوم ده , بجد نفسي يجي بقي يا حازم و والبس الفستان ده ليك انت , واكون منتظراك انت تيجي تاخدني علشان نقضي احلي يوم في عمرنا
حضر بخيالها موقفها الاخير مع حازم , وفي الحال تعكر صفو افكارها و غشت احلامها غشاوه ضبابية
قالت بقلق: يا تري حازم هيتفهم سبب خروجي و لا هيفضل شايفني غلطانه
أمسكت بالهاتف و همت ان تتصل به , ولكنها تراجعت , فقد لا يرد علي اتصالها فقررت ان تبعث له برساله و لكن بعد ان تصلي ركعتي قضاء حاجه لله كي يوفق بينهما في الحلال و يزيل من بينهم الحزن
وبعد ان انتهت من صلاتها , بعثت له برساله مبهمة الهدف و لكنها بلغة استنجاد كي تجبره بأن يأتي
” حازم لو سمحت تعالي محتجاك في امر ضروري ضروري جدا , بليز متتأخرش عليا”
كان حازم وقتها يقف بجوار سياج الحديقة , يراقب نوافذ المنزل , يصارع نفسه بأن يدخل و يسترضيها و لكنه كان حائر في كيفية استرضائها
ولكن رسالتها وفرت عليه الكثر من الحيرة و انهت صراعه وبدلته بومضة خوفو قلق من لهجة رسالتها
وفي الحال فتح البوابه و دلف بسيارته و ظل يضغط علي بوق السياره كي تعلم بوجوده
سمعت حسناء بوق السياره فتعجبت و قالت : معقوله لحق يوصل بسرعه كده
نظرت من خلف النافذة فرأته يرتجل من سيارته , ثم وقف واضعا يديه بجيب بنطاله رافعا نظره نحو منزلها ينتظرها
لم تستطع ان تتحرك من مكانها و ظلت تحدق به تخمد نيران الشوق التي انتبابتها من يوم ان تشاجرا , وتغافلت عن انتظاره لها
وجدته يتصل عليها عبر هاتفه وقلقه يشع من عينيه
اسرعت تقف امام المراه تتأكد من مظهرها و لكنها نظرت بحسره لوجها الملئ بعلامات الارهاق و السهر المتواصل وقالت : شكلك هتغير رأيك النهارده يا حازم
سمعت صوت هاتفها فأسرعت طائرة نحو حبيبها بقلب مرفرف و روح محلقه من شدة فرحتها
فتحت البوابه فوجدته يقف امامها , وعلامات القلق تملأ وجهه ونظره معلق بالب ينتظر قدومها ولكن ما ان رآها حتي غض بصره عنها بحرج و هرب بوجهه للجهه الاخري , فهربت هي الاخر بعنيها بعيدا
قال لها بصوت مرتبك : خير يا حسناء في ايه
حسناء : مفيش كنت عاوزة اعطيك حاجه
حازم و هو يعاود خطف نظه لوجهها الشاحب : انتي تعبانة ؟
حسناء / مرهقه بس من السهر
ثم تركته و اتجهت للداخل لتجلب له ما سهرت من اجله اسبوع يزورها النوم ساعات قلائل في اليوم
انتفض قلبه ذعرا من كلمتهاو خيل له الشيطان انها تريد ان تعطيه المفتاح و انها ما بينهما
وقبل ان تتسرب باقي الفكره اللعينه داخل رأسه و جدها تقبل نحوه و هي تحمل الفستان
قال لها بتعجب : ايه ده
حسناء وهي تغض بصرها عنه و نبرة التحدي تملأ كلامها : ده الفستان اللي نور كانت عاوزة تشتريه انا فصلته
حازم بتعجب : ده انتي فصلتيه ؟
حسناء بتحدي اكثر : ايوا و استني كمان هجيبلك حاجه
ثم غابت بالداخل قليلا و عادت تحمل بيدها زوج من الكاسات الزجاجية و حامل لهما يستقران عليه مرصعين ببعض الزينه التي تشبه زينة الفستان
وبيدها الاخري كرسي يشبه الكراسي التي مخصصه لقاعات الافراح
قال :اوعي تقولي انك اللي عامله الحاجات دي كمان
حسناء بتحدي و لهجه مكونه من مزيج من العتاب و لسخة : ايوا لأن عقلي مش واقف علي قد شوية هدوم عيال وكمان انا خرجت علشان ككده و مقلتش ليك لان انت مكنتش مقتنع اني هقدر اعمل حاجه من دي
زاد احراج حازم و لم يستطع نطق اي كلمه
تهرب من موقفه المحرج +هذا بتفحصه لللأشياء التي انجزتها حسناء
و ظلت هي الاخري ملتزمه بصمتها تتابع تعبيرات وجهه بنظرات مختطفه بين لحظة و اخري
اقترب منها حازم قليلا حتي صار بعد خطوتين و قال لها بلهجة مازحه و هو ينظر للارض امامه : ممكن اسأل سؤال
حسناء : اتفضل
حازم و هو يبتسم : انتي لسه قلبك اسود
حسناء بعناد : اه لسه اسود
ضحك اكثر و هو مازال محتفظ بوجهة نظره / بس انا مش شايف ككده يعني الحاجات دي بتثبت ان قلبك معدش اسود
نظرت له حسناء بجانب عينها بعتاب و هي تزم شفتيها خاصة بعدما تأكدت انه نادما علي ككلامه لها و تحول الموقف في صالحها
اختطف حازم نحوها نظرة ثم قال : لا فعلا لسة اسود
ظلت حسناء تتابع نظرتها المعاتبه له لأستغلال احساسه بالذنب تجاهها
فقال لها بجد و هي ينظر للأرض : معلش يا حسناء , والله انا كنت بس قلقان من خروجك لواحدك و مش قصدي حاجه
نظرت حسناء للجهة الاخري و كأنها تحمل منه حزنا , وليس خوفا من ان يغضب هو منها فتايع كلامه : انا لا يمكن اظنك فيكي ظن سئ , انا عارف انك محترمة يا حسناء و عارف انك قد المسؤليه و انتي سبب الخير اللي انا فيه دلوقتي بافكارك و دعمك و انتي و الله يا حسناء الوحيده اللي بستأمنها علي اسراري و لا يمكن افضفض لحد عن شغلي غيرك و لا اخد برأيه غيرك
كانت كلماته تحدث داخل اهتزازات عذبه تجلع جميع ما بداخلها يتراقص بفرح
صمت حازم ينتظر منها اي ردة فعل يوضح له اسامحته ام مازال غاضبه , لاحظت صمته و انتظاره لحديثها فقالت تهربا من الموقف ك طيب عاوزين نشوف رأي نور في الفستان , بس متعرفهاش اني اللي مفصلاه و قولها شاريه ….
قاطعها بنفاذ صبر : يعني قلبك لونه ايه دلوقتي
ضحكت حسناء بصمت وقالت له بخجل و صوت منخفض: ابيض
قال و هو يفرك يديه بحماس : طيب الحمد لله نشوف بقي ايه ورانا , وريني كده اللي انتي عملاه
حسناء بصدمه : ليه من ساعتها وهم قدامك
حازم : كنت مركز في قلبك الاسود و اركز بقي فيهم دلوقتي
ضحكت عليه و قالت بنفسها : هتبلني يا حازم قريب
قال لها دون ان يتفحص بدقه : ده الفستان , طيب و ايه الكوبيات دي
حسناء : دي الكاسات اللي هتشرب فيها العصير
حازم باستنككار: طيب ما اي كوبايه تقضي و بعدين مش هيبقي فيه كانز
حسناء : نور بتحب الرسميات و المظاهر فإحنا هنحاول قدر الامان نصنعلها جو القاعه و احلامها كل قدر امكانيتنا
حازم : ربنا يهديكي يا نور , دماغك فاضيه
سحب الكرسي الذي زينته حسناء بقماش حريري ناعم و جلس عليه و قال : والكرسي ده انتي اللي عمله الغطا ده
حسناء : اه نفس ديكور القاعه اللي عاوزة تعمل فيها , اللي هي ب60 ألف غير التورته و البوفيه و غير , انا اشتريت قماش رخيص خالص يكفي 300 كرسي و هنفصلهم وتأجر كراسي عاديه رخيصه يوم الشبكه و نكون مجهيزين الغطا و نركبه , الاكل انا هعملك احسن من احلي مطعم و نحاول نقدمه بشكل شيكككككككككك زي القاعه و يبقي لسه الانوار
حازم خلاص قومي باللي قولتي عليه و سيبي الانوار لو علي قدها تبقي سهله
حسناء باستجاد : لاااااااااا ايدك معايا , انا بقالي اسبوع مدقتش النوم بسبب الفستان , تقعد معايا هنا في الحديقه تقص معايا القماش بتاع الكراسي دول 300 كرسي , بابقي انا اخيطهم و الاكل هجهز وجبه منه و تدوق منه و تدوقها هي و مامتك و لو اخد الاوكيه يبقي اتفق مع نرمين تيجي معايا نجهز هنا و نقولها جايبينه جاهز من مطعم
حازم بفرحة : تحت أمرك يا باشا , يلا ادخلي هاتي و نبدأ حالا
حسناء : لاااااا مش هقدر لنهاردة نهائيا , ده انا محتاجه يوم كامل نوم و راحه وبعدين اكمل
حازم بإمتنان : والله يا حسناء كتر خيرك , مش عارف اشكر ازاي , ربنا يقدرني و اردلك جمايلك اللي كترت قوي دي
حسناء بخجلك ده انت صاحب الجميل ولو قدمتلك ل شئ مش هقدر اوفيكي
حازم ك طيب يلا ادخلي ريحي و هاتي الفستان هروح اعطيه لنور و اشوف رد فعله
أخد منها الفستان و ذهب لنور و هو معلق برأسه حسناء و متشوق للغد الذي سيجمعم معا



