اقصوصة – الرسالة الأخيرة (خاص بمسابقة الأقصوصة) – سكس جديد 2026
رسالة جيب المعطف
كان “يوسف” يفرغ محتويات خزانة والده الراحل، مهمة صعبة يملؤها الشجن. وصل إلى معطف صوفي رمادي كان الوالد لا يرتدي سواه في الشتاء. وبينما كان يطويه، شعر بكتلة ورقية صغيرة في جيب داخلي ممزق الحواف. كانت رسالة مطوية بعناية فائقة، لم تُرسل قط.
كان العنوان مكتوبًا بخط والده الأنيق، ولكن الاسم المرسل إليه صدم يوسف: “إلى ندى”. لم تكن ندى سوى جارتهم القديمة، التي عاشت وحيدة وماتت قبل عشر سنوات دون أن يتحدث إليها والده كلمة واحدة في العلن، باستثناء تحية عابرة.
فتح يوسف الرسالة ويداه ترتجفان. كانت قصيرة، لا تتجاوز بضعة أسطر:
“ندى، لقد أمضيت سنوات أراقب شجاعتك من خلف النافذة. صدقيني، لم أستطع العيش يومًا دون التفكير فيكِ. لم أستطع أن أكون رجلًا لائقًا أطرق بابكِ. كنت جبانًا جدًا لأعترف أنني أردت أن أكون لكِ وطنًا. هذا المنزل، هذه الحياة… كلها لم تكتمل بدون صوت ضحكتكِ. أعتذر عن صمتي الطويل.
أحمد”
شعر يوسف بدوار خفيف. والده، الرجل الصامت، البارد أحيانًا، كان يحمل قصة حب سرية وعميقة لعقد من الزمان. نظر إلى النافذة المقابلة، حيث كانت ندى تعيش وتُنهي حياتها وحيدة، بينما كان أحمد ينتظر… أو يخشى.
أدرك يوسف أن هذه الرسالة ليست مجرد اعتراف، بل هي مفتاح اللغز وراء حزن والده الدائم وصمته غير المبرر. لم يترك له والده مالًا أو وصية مادية، بل ترك له حقيقة أن أعظم ندم في الحياة هو الكلمات التي لم تُقال.
أعاد يوسف طي الرسالة بعناية ووضعها في جيبه. لن يتحدث عنها أبدًا، ولكنها ستكون دائمًا تذكيرًا له: الشجاعة ليست في مواجهة العالم، بل في قول الحقيقة التي في قلبك.
