رواية دلال حرمت علي قلبك الفصل الثالث والعشرين 23 بقلم شيما سعيد – تحميل الرواية pdf

_ يعني إيه مشيت ؟!..
أخذت فوزية نفسها بهدوء وقالت:
_ يعني لمت هدومها ومشيت يا أيوب هعمل لها إيه يعني؟!..
ذهبت ؟!.. أخذت ملابسها وذهبت دون أن تعطي إليه أي إهتمام ؟!.. هل حبها إليه ضعيف لدرجة إن نسمة هواء خفيفة قسمته لألف قطعة ؟!.. حدق بعمته مردفاً:
_ راحت فين يا فوزية ؟!..
هربت السيدة فوزية بعينيها منه مردفة:
_ وأنا أعرف راحت فين منين يا أيوب ؟!..
_ بلاش استفزاز لأن عارف كويس أوي إن مفيش حد لعب في دماغها غيرك وديتي مراتي فين؟!..
وقفت أمامه فوزية وقالت بنفس الغضب:
_ مراتك مين واحنا كنا نعرف منين إنها مراتك أساساً غير صدفة مين في البلد يعرف إنها مراتك يا أيوب ؟!..
ضرب المقعد المقابل إليه بقوة ليسقط على الأرض ثم قال بجنون:
_ أنا لا يهمني أنتِ تعرفي ولا غيرك دلال مراتي قدام ربنا خليني أعرف مكانها منك احسنلك يا فوزية لأني لو عرفتها من غيرك هنزعل من بعض..
أتسعت عينيها من تهديده الصريح ثم أشارت على نفسها وقالت:
_ هي حصلت يا أيوب واقف قدامي وبتهددني؟!..
أومأ إليها بقسوة مردفاً:
_ مش بهددك أنا بعرفك اللي هعمله وحطي في دماغك إن أي حد هيفكر يبعد دلال عني ولو خطوة واحدة هتفنوا مكانه..
ذهب من أمامها دون كلمة فقالت إليها حنين بخوف:
_ ليه عملتي كده يا تيته عمو مش هيسكت، قوليله مكانها وهما يتصرفوا مع بعض أنا شايفة إنه بيحبها وأكيد مش هيعمل لها حاجة وحشة حتى لما البيبي نزل ما عملهاش حاجة وحشة، تقدري تقوليلي ساعدتيها تمشي ليه وهي أصلا مشيت ليه؟!..
صمتت فوزية وهي لا تعلم لما وقفت أمام أيوب من أجل دلال، مسحت على وجهها وقالت بحيرة:
_ مش عارفة يا حنين مش عارفة بجد يمكن لأنها طلبت مني المساعدة وملهاش حد في البيت ده غيري ويمكن لأني شايفة إنها اتظلمت من خالد وكفايه ظلم عليها لحد كده….
إبتسمت حنين بحسرة وقالت:
_ محدش فينا بيتظلم من حد يا تيته كل واحد فينا عنده عقله اللي بيفكر بيه ولما اتظلم اتظلم بمزاجه، نصيحه مني روحي قولي لعمو مكانها فين خليهم يحلوا مشاكلهم مع بعض بدل ما بيتهم يتخرب عن اذنك..
تركتها بمفردها منذ متي وصلت حنين لهذا الكم من النضج ؟!.. أخذت نفسها بتعب وهي لا تعلم ما بيدها فعله خصوصا مع حالة دلال..
______ شيما سعيد _____
بالمساء بغرفة المكتب الخاصة بأيوب لكم كبير الحراس وقال بجنون:
_ ما هو أنا حمار عشان مشغل معايا شوية بهايم زيكم، خرجت قدام عينيكم من بيتي من غير ما حد فيكم يأخد باله ودلوقتي حتى 12 ساعه ومعرفش مراتي فين..
تدخل مصطفي بالمنتصف مردفاً:
_ اهدى بس يا باشا الرجاله عاملين اللي عليهم وزيادة من الصبح..
ضرب أيوب المكتب بقوة وقال:
_ محدش عامل اللي عليه يا مصطفى لو كانوا عاملين اللي عليهم مكانتش خرجت وهما زي البهايم، ساعة واحدة كمان ولو محدش فيكم عرف مكانها فين هخلص عليكم كلكم وأنتوا عارفين اني اعملها..
من ناحية إنه يفعلها فهو يفعلها دون أن ترمش إليه عين، أشار مصطفي للراجل بالذهاب ثم قال بجدية:
_ اهدى يا أيوب الراجل ده شغال معانا هو ورجالته من سنين وطول عمرهم عينيهم في نص راسهم، والهانم خرجت لأنك ما قلتلهمش ان ممنوع خروجها، زائد ان فوزيه هانم موصلاها بنفسها للباب ده مش ذنبهم..
نعم هذا ذنبه هو لأنه أعطي إليها الثقة والأمان ، للمرة المليون يكثر أي شيء أمامه لعله يرتاح ومع ذلك يزيد جنونه أضعاف، دقات رقيقة على باب الغرفة جعلت مصطفي يقول بهدوء:
دلفت حنين بخطوات خائفة، رفع أيوب عينيه إليها وقبل أن ينطق بكلمة قالت بسرعة:
_ أنا عارفة مكان دلال يا عمو..
أسرع إليها بلهفة مردفاً:
أبتلعت ريقها بمرارة تتمني لو تقدر على طلب عناق منه مثل الماضي ولكن وبكل أسف لا تستطيع، قالت بتعب:
_ عند اونكل عادل في الصعيد طنط فوزية طلبت منه يجي ياخدها الصبح عند محطة القطر وهو جه اخدها ومشي..
عند عدوه اللدود الذي أخذ عمته منه رغماً عنه ، عض على أسنانه بقسوة:
_ هجيبك من شعرك يا دلال وأشرب من دمك.. .
______ شيما سعيد ______
كانت دلال تجلس بحديقة منزل شقيق السيد عادل، أخذت نفسها بتعب تعب نفسي وجسدي شديد، من ساعات قليلا اشتاقت إليه ولدفء أحضانه، اقتربت منها امرأة بأواخر الأربعين كلمة جميلة قليلاً عليها جلست بجوارها وقالت:
_ جاعدة لوحدك ليه يا بتي ؟!..
لا تود أن تكون ضيفة ثقيلة من أول يوم فقالت:
_ كدة أحسن يا طنط عشان تعرفي راحتكم في البيت..
قالت السيدة بعتاب:
_ وه إيه الحديت الماسخ ده؟!.. بصي يا بتي أنتِ من ريحة فوزية ودي مش بس سلفتي دي في مجام خيتي جوليلي مالك يمكن يكون في حديتك معايا الشفا..
هل بالفعل تحتاج للحديث مع أحد لا يعرفها يسمع منها دون عتاب أو لوم أخذت نفسها بتعب وقالت:
_ أنا وشي فقر أبويا وأمي ماتوا وأنا صغيرة جداً، مرات عمي اقتنعت إني فقر عشان كده عمي رماني في ملجا واخد كل فلوس أبويا، ولما حبيت واحد مات مني قبل حتي ما أفرح بيه وبحبه ليا، ولما الدنيا ضحكت ليا شوية واتجوزت أيوب ابني منه مات أنا فعلاً فقر وكل ما أحب حاجة لأزم تموت، بس والله العظيم مش هقدر أتحمل لو حصل حاجة لأيوب أبعد عنه أحسن ما يحصل له حاجة بسببي..
ضربت السيدة على صدرها بقوة وقالت:
_ أستغفر الله العظيم كيف تطلعي الحديت ده من خشمك استغفري ربك يا بتي حرام..
_ متخافيش يا حجة المعاق ربنا مش بيحاسبه..
انتفضت دلال بفزع على أثر وصول نبرته الحادة من خلفها، أتسعت عينيها وهي تراه يقف أمامها بغضب لو خرج عليها لتحترق بمكانها، ابتسمت السيدة وقالت بحب:
_ الصعيد كله نور يا أيوب باشا..
جذبها بقوة من ذراعها لتقف بجواره ثم رسم على وجهه ابتسامة خفيفة مردفاً:
_ الصعيد منورة بأهلها يا أم سعد..
_ أدخل يا ولدي..
أومأ إليها بهدوء وقال:
_ هتكلم مع دلال خمس دقايق وهدخل أسلم على الكل..
نظرت برجاء للمرأة حتى تأخذ من بين أسنانه أو على الأقل تقف بجوارها لكن ما باليد حيلة ليس بيدها شئ لتفعله من أجلها الا قول:
_ أتكلم معاها براحة يا ولدي دي غلبانة..
أومأ إليها بصمت فذهبت السيدة، ضغط على كف دلال بقوة مردفاً:
_ قوليلي أعمل فيكي إيه يمكن أرتاح منك ومن دماغك ؟!..
سقطت دموعها وقالت بحزن:
_ أنا بحبك يا أيوب..
_ أنتِ مجنونة عمرك شوفتي ست في الدنيا بتحب جوزها تهرب من حضنه وهو نايم زي الحلوف جنبها؟!..
لا تعلم حقا لا تعلم كيف تشرح إليه ما بداخلها بكت بقهر وأشارت إليه مردفة:
_ والله العظيم بحبك وخايفة عليك أنا مش عايزة أخسرك يا أيوب زي ما خسرت كل حاجه كان نفسي فيها..
انطفت نار المشتعلة وأصبح قلبه يود عناقها، حدق بها بحنان وهو مشفق على حالها، وجهها شاحب وعينيها ذابلة ملامحها الجميلة متعبة، جذبها لتبقي بين أحضانه ويديه ضمت وجهها مردفاً بحنان:
_ اللي أنتِ بتقوليه ده حرام يا دلال أنا عارف أنك شوفتي في حياتك كتير بس عشان ربنا بيحبك بيختبرك خليكي راضية وصابورة، وبعدين يا ستي مين الحمار اللي قالك انك فقر؟!..
إجابته بحزن طفلة صغيرة تشكو لوالدها ما يؤلمها:
_ كنتي بتحبي الولية دي؟!..
نفت بحركة بسيطة من رأسها فقال بمرح:
_ طيب ما تحبيها يا دلال يمكن تموت ونخلص منها..
اتسعت عينيها من جملته وضربته بصدره مردفة:
_ أنت بتقول إيه أنت ؟!..
ضربها بخفة على رأسها وقال:
_ بقول إيه يعني؟!.. متجوز واحدة مجنونه خليتني طول النهار بلف حوالين نفسي عشان كلام عبيط زي ده تعرفي يا دلال لو كنتي في حاله تانية غير حالتك دي كنت قسمتك نصين عشان تعرفي بعد كده تستغفليني..
بالفعل حالتها بشعة كثرت الضغوطات عليها جعلتها تفقد جزء كبير من عقلها، ضربته بصدره بغضب مردفة:
_ أنت ليك ان تتكلم بعد ما كذبت عليا يا كذاب..
_ كذبت عليكي في إيه يا آخر صبري ؟!..
_ قولتلي ان البيبي هيقف يشفعلي على باب الجنة ولما دخلت سألت على النت طلع إن البيبي لسه صغير ومفيهوش روح ومش هيشفعلي كمان..
يا الله ماذا يفعل معها الآن ؟!.. مسح على خصلاته بعصبية وقال:
_ ما تلمي نفسك بقى يا دلال أنتِ شايفاني أمام مسجد وبعدين أنا وأنتِ بصراحه منستحقش حد يشفع لنا..
_ أتكلم عن نفسك يا بتاع الجوازات العرفي أنت واليخت..
_ حوشي يا بت الجواز الرسمي اللي بيجري في دمك..
أتسعت عينيها بذهول هل عايرها الآن ام إنها تتوهم ؟!.. أشارت على نفسها مردفة:
_ أنت بتعايرني يا أيوب صح مش كده؟!..
للمرة الثانية يضربها على رأسها مردفاً:
_ لا تعايريني ولا عايرك غوري قدامي خلينا نمشي من هنا..
سحبها خلفه للداخل ليجد السيد عادل وشقيقه السيد حسن فقال بقوة للسيد حسن:
_ انا مش هتكلم مع أخوك لأني مش طايقه من ساعة ما اتجوز عمتي لكن هتكلم معاك أنت عشان أنت راجل محترم، يرضيك إن حد يأخد مراتك من وراك ويمشي؟!..
حدق السيد حسن لعادل بعتاب وقال:
_ لع يا ولدي ميرضنيش..
_ أنا مش هقولك أقدر أعمل إيه لانكم عارفين بس اللي هقوله ان عمتي في بيتي مش هياخدها لو دخل بالبوليس..
تدخل عادل بالحديث بغضب:
_ ما بتحترم نفسك واعمل حساب إني أكبر منك وبعدين مراتك عندها حق بصراحة أنت راجل لا تطاق أنا أخدتها قولت أرحم البنت يومين من وشك ده..
قبل أن يقترب منه أيوب خطوة واحدة وقف السيد حسن بالمنتصف مردفاً:
_ حقك على رأسي أنا يا ولدي بس أنت خابر عقد عادل وفوزية التنين دماغهم خربانة امسحها فيا المره دي..
ليكون صادق هذا الرجل محترم جداً ولا يقدر على كسر كلمة إليه، أومأ إليه بضيق مردفاً:
_ كلامك على رأسي يا حاج حسن بس برضو أخوك مش هياخد عمتي غير بمزاجي يلا يا دلال..
قالت السيدة أم سعد وهي تنزل من فوق الدرج:
_ يلا فين يا باشا أنت رايد تشتمنا ولا إيه مش هتمشوا من أهنى غير الصبح، ولا أنت جولك إيه يا حاج؟!..
_ من غير جول يا حاجة ايوب باشا بيعرف في الاصول ومش هيخرج من اهني غير لما ياخد وجبه كامل، حضري لهم العشا في جناحهم موافج ولا هتكسر بخاطري يا باشا..
حدق بها أيوب وجدها منكمشه على حالها بخوف فاخذ نفسه وقال بهدوء:
_ ما عاش اللي يكسر بخاطرك يا حاج حسن.. .
أبتسم السيد حسن مردفا:
_ تسلم يا ولد الأصول..
صعد أيوب ودلال مع السيدة أم سعد فقال حسن بغضب لعادل:
_ عقلك اتهف ولا إيه عاد، كيف تخلي المراه تطلع من دارها من غير ما جوزها يعرف..
زفر عادل بحنق من سماعه لحديث زوجته وقال:
_ فوزيه اتحالت عليا والبنت شكلها الصبح كان يصعب على الكافر..
_ البت كان شكلها يصعب على الكافر برضك ولا أنت اللي متقدرش تجول لفوزيه لا..
_ بحبها يا حسن..
_ منكم لله أنتوا التنين خليتوا راسي في الارض جدام الراجل..
_____ شيما سعيد _____
أغلق عليهما الباب ثم جذبها ليضمها إليه بحنان مردفاً:
_ عايزة تموتيني يا دلال ؟!..
رفعت راسها إليه برعب مردفة:
_ لأ طبعاً مستحيل أنا بحبك..
مرر يده على خصلاتها بنعومة وسألها بنبرة حنونة:
أومات إليه بصدق مردفة:
أبتسم إليها بحب وهمس:
_ يبقي لأزم تعرفي حاجة واحدة يا دلال أنا روحي متعلقة بيكي لو بعدتي عني خطوة واحدة روحي تطلع..
وضعت يدها على فمه تمنعه من إكمال الحديث وقالت بخوف:
_ بعد الشر عنك بلاش توجع قلبي وتقول الكلام ده تاني..
أبعد يدها عنه وبخفة كملها بذراع واحد فوق كتفه ثم سار بها للفراش ألقي بها فوقه وقال:
_ تعرفي أنا مستغرب نفسي أوي..
عقدت حاجبها بتعجب مردفة:
ألقي بجسده على الفراش بجوارها وحدق بالسقف قائلا:
_ كنت جاي وأنا ناوي أعلمك الأدب أول ما شوفتك نسيت الدنيا كلها، خلتيني بني آدم تاني يا دلال أنا نفسي مش عارفه ولا عمري تخيلت إني اكونه..
بكلمات بسيطة منه قدر على إعادة ثقتها بنفسها، ضمت نفسها إليه ووضعت رأسها فوق صدره مردفة:
_ ربنا يباركلي فيك..
أغلق يده على خصرها وأخذ نفسه براحة شديدة، تذكر حديثه مع أحد الأطباء النفسيين عبر الهاتف وهو بطريقه إليها ” زي ما حضرتك شايف حالة المدام من زمان جدا وفاة الأب والام والملجا وبعدين وفاة زوجها الأول بعد جوازهم على طول والنهاية نزول الجنين، كل الحاجات دي فوق طاقتها وفوق قدرة عقلها على الاستيعاب، المطلوب حاليا من حضرتك يا باشا أنك تكون حنين عليها أول ما تشوفها ترجع لها ثقتها في نفسها أي عنف ممكن يخليها تنهار ودي حاجة عايزين نبعد عنها كل البعد”..
شعر بأنفاسها المتوترة على عنقه فسألها بهدوء:
_ عمك ومراته عملوا فيكي إيه أحكي لي..
تخشب جسدها فوقه، رفعت عينيها إليه بضياع مردفة:
_ بتسأل ليه ؟!..
لأول مرة أحد يطلب منها أن يسمعها، لأول مرة تقول ما عاشته وما يطاردها بنومها، أغلقت عينيها لتري كل شيء أمامها يتكرر فشددت على ضمها إليه وقالت:
_ كان عندي تمن سنين لما بابا وماما ماتوا وقتها بقيت في الدنيا لوحدي، بنت صغيرة شايلة عروسة ومعاها أراضي وفلوس كتير أوي مش فاهمة حتي ممكن تعمل بيهم إيه، اخدني عمي أعيش معاه هو ومراته وعياله، كنت هادية والله يا أيوب ومش بعمل أي حاجة غلط بس مرات عمي كانت دايما تقول عليا فقر ولو فضلت عايشة معاهم هتسيب البيت..
بكت بقهر وجسدها أرتجف أغلق ذراعيه الإثنين عليها بقوة ثم قبل رأسها مردفاً:
_ خلاص لو مش قادرة تكملي كفاية..
نفت وقالت من بين شهقاتها:
_ لأ عايزة أكمل بس خليني دايما في حضنك بحس بالأمان وأنا شمة ريحتك..
_ قولي يا حبيبتي طول ما أنا عايش هتفضلي في حضني..
مسحت وجهها بصدره ببراءة طفلة صغيرة ضائعة قائلة بتعب:
_ اخدني من أيدي عشان نجيب لبس العيد، قولت له ليه نروح لوحدنا يا عمو هاتي سمر وكريم معانا، قالي لأ أمهم هتجيب لهم لكن أنتِ يا بنت الغالي هجيب لك بنفسي، فرحت زي العبيطة ما دي أول مرة عمي يتعامل فيها كويس معايا لحد ما وصل بيا على باب الملجا خبط على الباب فتحت واحدة ست أخدتني منه وقفلت الباب تاني، كانت آخر مرة اشوف فيها الشارع لحد ما خالد جه زيادة لأنك بعته بتبرعات شافني..
يرفض قلبه سماع الجزء الخاص بخالد، لا يود أن يري بعينيها نظرة حب أو ذكرى واحدة تجمع بينهما ومع ذلك تركها تكمل فقالت بإبتسامة هادئة:
_ أول حد يهتم بيا ويخاف عليا، بقي ييجي على طول وأول ما خلصت الثانوية جه اخدني أنا ومسعد وخلود، مسعد وخلود كانوا اكبر مني بس فضلوا عشاني بأوامر من خالد لمديرة الدار، أخد لينا شقة جابها من وراك ودفع ليا مصاريف الجامعة معاه الباقي أنت عارفه..
نعم الباقي هو يعلمه ولا يرغب بقول أي كلمة إضافية، أغلق عينيه بقوة لعله ينسي الجزء الأخير من القصة ثم قال بجدية:
_ نامي أنتِ أكيد تعبانة..
______ شيما سعيد _____
بصباح يوم جديد كانت بجواره بالسيارة الخاصة به، عقدت حاجبها بتعجب مردفة:
_ إحنا رايحين فين على ما أعتقد ده مش طريق القاهرة ؟!..
أجابها بهدوء وعينيه على الطريق أمامه:
_ عشان إحنا مش رايحين القاهرة..
_ آمال رايحين فين ؟!..
ألقي عليها نظرة حنونة ثم وضع كفه فوق كفها ليرفعه إليه مقبلاً إياه قبلة طويلة ثم قال:
_ رايحين بينك ؟!..
_ بيتي اللي هو فين هو أنا عندي بيت غير بيتك يا أيوب..
قرص أنفها بالقليل من القوة وقال:
_ عندك يا بنت المحظوظة بيت أبوكي والأراضي والحاجات إللي قولتي عليها إمبارح بصراحة أنا راجل زبالة وعيني على فلوس مراتي عشان كدة هنروح سوا نجيب حقك..
أتسعت عينيها بذهول، هل حقاً سيعيد أموال والدها إليها؟!.. شعرت بسعادة غامرة تسير بأعماق سألته برجاء شديد:
_ إللي أنا فهمته صح هترجع ليا حقي إللي مع عمي ؟!..
_ اممم يا دلوعة هرجع حقك وأرجع أسرقه منك..
فلتت منها ضحكة على حديثه المرح وقالت:
_ مش مهم أهو أنت تسرقني أحسن منه المعفن ومراته الجربانة..
قهقه بحب ثم جذبها ليضمها إليه، مرت الساعة وراء الأخري حتي وصل أمام منزل عمها، فقال:
_ انزلي يا دلوعة وصلنا..
أين الدلوعة يا باشا فهي منذ أن ضمتها إليك ذهبت إلي أرض الأحلام بصدر رحب، أبتسم بحب ثم مسح على وجهها بحنان مردفاً:
_ دودو اصحي يا حبيبتي إحنا وصلنا..
فتحت عينيها بتعب ومررت يدها على عينيها تزيح عنها أثر النوم مردفة:
_ وصلنا عند عمك المعفن ومراته الجربانة..
دق قلبها بخوف لا تستطيع أن تنكر ذلك، فهي أتت لهذا المنزل من قبل وتم طردها منه بقوة، همست إليه بخوف:
_ بلاش أنزل معاك أنا بخاف من الراجل ده ومراته أوي..
عقد حاجبه بغضب مردفاً:
_ أنتِ بتشتميني يا دلال ؟!..
حركت رأسها برفض مردفة بتعجب:
_ أنا لأ طبعاً عملت كدة أمتي ؟!.
أخذ نفسه لعله يسيطر على غضبه وقال:
_ لما تخافي وأنا جانبك يبقي بتشتميني يا دلال وبتقلي من قيمتي ومش أيوب رسلان إللي يسمح بحاجة زي دي..
لا هي لم تقصد أبدا ما وصل إليه، قبل أن تفتح شفتيها للحديث أشار إليها بقوة مردفاً:
_ مش عايز أسمع منك كلمة زيادة انزلي…
نفذت أمره على عينها أغلقت باب السيارة خلفها لتجد عشرون سيارة بها رجال أيوب وباب بيت عمها مفتوح، وضعت يدها بيده مردفة بقلق:
_ هو في ايه بالظبط ؟!..
جذبها لتسير معه للداخل مردفاً بقوة:
_ مفيش الرجالة وصلوا قبلنا بشوية يعرفوا عمك أننا جايين أهوزعلى الاقل يعمل لنا واجب ضيافة..
دلفت لمنزل والدها بعد سنوات طويلة من خروجها منه، توقفت عينيها على باب غرفة ثم قالت ببراءة:
_ دي كانت أوضتي يا أيوب..
_ كل حاجة هترجع لك يا قلب أيوب أقعدي عشان رجلك متوجعكيش..
جلست على الأريكة الكبيرة بمنتصف الصالة لتجد أمامها عمها وزوجته وابنه كريم مقيدين فقالت بتوتر:
_ بلاش كريم يا أيوب هو معمليش أي حاجة وحشه بالعكس لما عمو طردني آخر مرة جيت فيها هنا اداني أجرة القطر..
أشار لأحد رجاله بعينه ليفك قيد كريم الذي قال بتعب:
_ أيوة دلال اللي أبوك وأمك رموها في الشارع وعاشين دلوقتي في خيرها، لولا إنها طلبت تطلعك بره الحساب كنت دفنتك جنبهم..
أشار للرجال مردفاً:
_ خرجوه بره وفكوا لي الراجل والوليه دول..
قال كريم بغضب:
_ إيه اللي أنت بتقوله ده أنت فاكرها سايبة؟!.. مش هسمح لك تقرب من أبويا وأمي واذا كان على فلوس دلال فأنا وعدت نفسي اني هرجعها لها..
نظر إليها أيوب وقال:
_ قولي لابن عمك يشتري عمره ويطلع لأني لحد دلوقتي عامل لكلمتك حساب..
لا تعلم حقا ما بيدها فعله ولكنها قالت برجاء:
_ أطلع يا كريم أيوب مش وحش ومش هيعمل لهم حاجه وحشة إحنا هنتكلم معاهم وناخد حقي بس..
_ ولما الحكاية كده ما تتكلموا وأنا واقف ولا البيه خايف..
إلي هنا وكفى أشار بأحد أصابعه مردفاً:
_ طلعوا الواد ده بره ولو نطق بكلمة زيادة اقسموا له دماغه نصين..
مع اسم أيوب منها بكل أسف أثرت عليه وعاد خطوة للخلف فمال على رأسها مقبلاً إياها بحنان وهمس:
_ اششش ارتاحي أنتِ يا دلوعة..
جلس بجوارها ليفك الرجال عمها وزوجته فقال بقوة:
_ معايا شوية ورق كل اللي عايزه منكم تمضوا عليهم بهدوء وبعدين هسيبكم تروحوا في 60 داهية..
صرخ عمها بغضب:
_ بس ده مكانش اتفاقنا من الأول يا باشا أنت طلبتها مني وأنا اديتها لك الفلوس برة كلامنا، كفاية إني مخدتش منك مهر ليها..
أبتسم أيوب بسخرية وقال:
_ شوف يا راجل يا عرة حق مراتي أنا كده كده مش هطلع من هنا غير بيه، فبدل ما تجيب لنفسك الضرب وأنت قدامك يومين وتموت لم الدور، مش لمصلحتك إن الورق اللي معايا بتاع الحشيش اللي أنت بتبيعه يوصل للحكومة، تمضي بأدب ولا اتعامل معاك أنا بقلة أدب..
أتسعت عينيها وهي تري عمها يوقع أخذ منه أيوب الأوراق ثم قدمها إليها مردفاً:
_ من هنا ورايح مش هنعرف نكلمك يا دلال بقى معاكي قرش في ايدك وانا مكاني بقى في خطر..
فلتت منها ضحكة سعيدة وبعينيها الكثير من الدموع، قام وأخذها ثم قال للرجاله:
_ عايز الحاج والحاجة ياكلوا ضرب يفضلوا الباقي من عمرهم يوجعهم، وبعد ما تخلصه تلموا شويه الكراكيب بتوعهم دول وترموهم في الشارع..
خرجت منه لتجد إن كريم فر من المكان فقالت:
_ هو كريم راح فين؟!..
_ هرب وساب بابا ومامته كده؟!.
مسح على خصلاتها بحنان مردفاً:
_ ما تبطلي عبط وطيبة بقى يا دلال واحد زي عمك هيخلف إيه غير واحد زي كريم يلا يا حبيبتي اركبي..
صعدت معه للسيارة فقال بحب:
_ الطريق قدامنا طويل نامي لحد ما نوصل..
بالفعل مرهقة وتحتاج إلي الكثير من النوم، مر من الوقت ما مر لتفتح عينيها على صوته الدافئ يقول:
_ وصلنا يا دلوعه اصحي..
نظرت أمامها بتعجب:
_ المطار ؟!.. احنا بنعمل إيه هنا؟!..
أخذ نفس عميق قبل أن يقول بإبتسامة هادئة:
_ أنا غلطت في حياتي كتير يا دلال وأنتِ كمان غلطتي وعشان نبدأ من جديد لأزم نبدأ على ورقة بيضا والورقه البيضا دي عشان نفتحها يبقى نعمل ايه ؟!..
_ نعمل عمرة يا دلال…
______ شيما سعيد _______
أستغفروا الله لعلها تكون ساعة استجابة

