رواية بين الامس واليوم الفصل الخامس والعشرين 25 بقلم انفاس قطر – تحميل الرواية pdf

بين الأمس واليوم/ الجزء الخامس والعشرون
+
كفاه يسكنان طوفان شعرها وهو يهمس بصوت خافت عميق النبرات: كلنا بنقوم نتوضأ ونصلي مع بعض ركعتين الحين
+
بس أول شيء أنا كنت وعدت نفسي بشي صغير من زمان..
+
ولحد الحين ماصار
+
عفراء جفت الكلمات في حنجرتها مع تلميحاته الغامضة التي لم تفهمها
+
منصور أكمل بعمق: تدرين وش وعدت نفسي..؟؟
+
أشوف عيونش
+
عفراء بحرج: تشوف عيوني؟؟
+
منصور يبتسم: من أول ماخذ زايد أختش وأنتي عمرش 7 سنين وعقبها بسنة ماتوا هلش الله يرحمهم..وجيتي بيت زايد
+
وأنا خاطري أشوف عيونش..
+
عفراء عاجزة عن رفع عينيها وهي تهمس باختناق خجول: وأنت شفتهم.. وواجد مهوب شوي
+
منصور بابتسامة ذات مغزى: مثل ما أنا شايفهم الحين يعني..
+
عفراء صمتت بحرج.. بينما منصور مد يده ليرفع وجهها له وهو يهمس بثقل فخم:
+
تدرين إنش من يوم أنتي بزر.. عمرش ما حطيتي عينش في عيني.. كان خاطري أشوف عيونش عدل
+
حينها نظرت عفراء له ثم عادت لتنزل عينيها وهي تهمس بخجل عميق:
+
أمي الله يرحمها كانت دايما تقول لي البنت ما تكاسر الرجّال حتى لو هو إبيها وإلا أخيها
+
وذا الشي عمره ما راح من بالي..
+
(تكاسر= تنظر إلى العين بشكل مباشر)
+
منصور همس لها بتلاعب: زين أنا أبيش تكاسريني..ارفعي عيونش خلني أشوفها يا بنت الحلال
1
عفراء لم ترد عليه.. وارتباكها يتزايد
+
ولكنها أدخلت يديها في شعرها وهي تمسك بيدي منصور الاثنتين وتبعدها عن شعرها..
+
بدت لها ضخامة كفيه لصغر كفيها مرعبة.. ومع ذلك أبعدتها وهي تقف مبتعدة
+
وتهمس بخجل: أبو زايد.. خلنا نصلي
+
منصور وقف وهو يردد في داخله (زين يا عفرا.. وين بتروحين مني)
+
رد عليها وهو بتسم: نصلي أول..
+
أنا على وضي العشا.. توضي أنتي..
+
عفراء همست بحرج: أبي لي ربع ساعة.. عادي؟؟
+
منصور جلس: خذي راحتش..
+
عفراء متوترة بالفعل.. هذا القرب الرجولي الباذخ يشعرها بالارتباك.. لا تعرف حتى كيف تتعامل معه..
+
اعتادت التعامل مع كساب وعلي كابناء.. ولا تعرف كيف يكون التصرف مع رجل من هذا القرب خارج إطار دورها كأم..
+
مسحت مكياجها.. وخلعت ملابسها.. توضأت ثم بقيت محتارة ماذا ترتدي.. لتستقر لها جلابية حرير مغربية بما أنها تريد أن تصلي أولا
+
تناولت سجادتها وجلال الصلاة من دولاب الملابس ثم خرجت..
+
منصور وقف حين رآها وهتف بحزم :نصلي..
+
اجابته بخفوت: نصلي..
+
وقفت خلفه وصليا.. وحينما أنهى الصلاة التفت لها ووضع يده فوق راسها ودعا بالدعاء المأثور
+
“اللهم أني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه.. وأعوذ بك من شرها وشر ماجبلتها عليه”
+
ثم ردد في داخله بعمق شفاف( صليت ودعيت الدعاء مع كل وحدة تزوجتها.. وما الله كتب لي التوفيق
+
يا الله أنك تكتبه لي ذا المرة)
+
حينما أنهى الدعاء رفع وجهها ثم ابتسم: تدرين لا عاد تحطين مكياج أبد.. ما تحتاجينه.. وانا أحب أشوف شكلش طبيعي قدامي
+
عفراء وقفت بخجل همست وهي تخلع جلالها: إن شاء الله..
+
كانت توشك على الاتجاه لأي مكان بعيدا عنه ولكنه شدها ناحيته: وين بتروحين؟؟
+
عفراء بخجل عميق: ولا مكان.. بقعد
+
وكانت بالفعل بحاجة إلى أن تجلس.. فطوله جوارها أشعرها بالضآلة
+
وإحساسها بقربه يوترها ويجعلها عاجزة عن التفكير
+
شدها وأجلسها وجلس جوارها.. ثم هتف بثقة وهو يسند كتفيه للخلف:
+
حاسة إني استعجلت عليش في موضوع العرس؟؟
+
عفراء ابتلعت ريقها الجاف ولم ترد.. منصور أكمل بذات الثقة: من يوم دخلنا هنا حتى كلمتين على بعض ما قلتيها
+
أدري إني استعجلت عليش .. وانش أكيد متوترة ومستحية..
+
بس تدرين عفرا.. ماعاد حد منا بصغير وإلا يمكن يأخذ قرار مهوب عقلاني..
+
يعني ما اعتقد إنش وافقتي علي وأنتي مترددة لو واحد في المية..
+
صح وإلا أنا غلطان؟؟
+
عفراء تهمس بصوت مبحوح: أكيد إني ما وافقت إلا وانا مقتنعة
+
أنا يا ابو زايد محتاجة بالفعل لشريك حياة
+
منصور قاطعها بفخامة: قلنا منصور..
+
ولكن عفراء لم تستطع أن تنطق اسمه مجردا لذا أكملت حديثها بذات صوتها المبحوح الجاف:
+
بس أنا طول عمري ويمكن من طفولتي وأنا أم.. ربيت مع وسمية الله يرحمها عيالها كلهم.. من أول واحد كساب وأنا عمري 8 سنين
+
وأنا حاسة إني أمه مهوب خالته لين علي ومزون ثم بنتي.. عمري ما كنت أنثى بمعنى أنثى
+
فسامحني لو ماعرفت أتصرف معك في البداية بالطريقة اللي ترضيك
+
حينها مد منصور اصبعه ومسح على طرف خدها نزولا لعنقها وهو يهمس بثقل خافت: هذا كله ومنتي بأنثى.. أجل الأنثى من تكون؟؟
+
****************************
+
قبل ذلك بساعتين
+
” عالية حبيبتي.. فيه عجوز تحت تقول لش عمتي أم صالح تقهوينها لين تجيش”
+
عالية تلتفت لباب غرفتها حيث تقف نجلاء وهي تخلع عباءتها بعد عودتها للتو مع نايف:
+
الحين أنتو منتظريني أرجع عشان تنطون في حلقي.. أقهوي عجوز النار.. قهويها يا بنت الحلال.. لين أخذ شاور.. وعقب يصير خير..
+
نجلاء تغمز وتبتسم : عجوز النار ذي جايه تخطب.. تعدلي بسرعة وانزلي سلمي وخلش ذوق معها..
+
أمش مادرت أنها بتجي ذا الحزة…وهي رايحة مع أمي يسلمون على جارتنا الوالدة..
+
فقالت لي خل عالية تقويها لين أجي
+
حينها قفزت عالية بمرح: والله فلة.. وأخيرا حد تذكر يخطبني..
+
خلني أروح أشوف أم المعرس لا بارك الله فيه ولا في أمه..وش فيه أبطأ الخايس..
+
ومهوب لازم أتعدل.. واجد عليها شوف خشتي..
+
عالية تقفز الدرج وهي ترى الموضوع كله من زاوية مرحة.. بينما نجلاء تهتف وراءها: لا تفضحينا في المرة تراها غريبة شوي
+
عالية تكاد تصل أسفل الدرج: أشلون غريبة لها قرون يعني… القرون أنا الحين بأطلعها لها هي وولدها..
+
عالية دخلت مجلس الحريم.. وهي ترحب بالطريقة المعتادة: ياهلا والله ومرحبا..حياش الله.. أمي على وصول مهيب مبطية
+
اقتربت من الطاولة التي وضعت دلال القهوة عليها وهي تتمعن في العجوز التي لا يكاد يظهر منها شيء
+
وهي ترتدي قفازات سوداء.. وتلبس نظارات عريضة وسميكة جدا فوق برقعها
+
عالية همست لنفسها بصوت خافت: شكلها عميا مرة وحدة.. الله يستر لا يكون ولدها مثلها
+
ثم أردفت بصوت عال: أشلونش يمه؟؟ أشلون صحتش؟؟
+
ولكن العجوز لم ترد عليها مطلقا….عالية صبت لها فنجان قهوة ومدته لها وهي تستغرب أن العجوز لم تتحدث مطلقا..
+
العجوز وضعت الفنجان على الطاولة الصغيرة أمامها..
+
ثم شدت عالية لتجلسها جوارها.. عالية اُحرجت من تصرف العجوز ومع ذلك بقيت جالسة جوارها
+
ولكن ما لم تحتمله مطلقا أن العجوز بدئت في تحسس جسدها بطريقة محرجة..
+
حينها تفجر غضبها وقفزت وهي تصرخ بغضب:
+
أنتي شتسوين؟؟ لا تكونين قاعدة تستكشفيني لولدش..
+
برا.. يا الله اطلعي برا.. لا بارك الله فيش من عجوز
+
العجوز مدت عصاها وضربت عالية بخفة على فخذها.. عالية حينها صرخت بغضب:
+
لولا إنش عجوز كبر جدتي وفي بيتنا و إلا والله لا تشوفين شي عمرش ماشفتيه..
+
أنهت جملتها واتجهت للباب.. لتفجع أن الباب انغلق عليهما..
2
التفتت ناحية العجوز.. لتجد العجوز تتقدم ناحيتها بظهرها المنحني تلوح بعصاها
+
عالية صرخت: قسما بالله منتي بصاحية.. ياعجوز روحي وراش.. تراش منتي بمستحملة كفين.. خايفة من الله تموتين في يدي..
+
ولكن العجوز استمرت في التقدم لتهرب عالية منها ورعبها بدأ يتصاعد لأنها ايقنت العجوز يستحيل أن تكون طبيعية
+
بدأت سلسلة من المطاردات عالية تركض والعجوز خلفها وهي تضربها بالعصا كلما تمكنت منها..
+
وعالية تصرخ برعب حقيقي: يمه.. نجلا.. افزعوا لي..
+
كانت عالية على وشك أن تصعد فوق طرف الأريكة حتى تصعب على العجوز الوصول لها
+
لكن حينها لمحت ساقي العجوز التي رفعت عباءتها لتصعد خلف عالية
+
كانتا ساقين ناعمتين مصقولتين ناصعتي البياض..
1
حينها نزلت وهي تغافل العجوز لتشد البرقع عن وجهها..
+
لتنفجر سميرة ضاحكة وهي تهتف بين ضحكاتها الهستيرية: عادي يا بنت الحلال تكفير عن مقالبش فيني أنا واختي طول ذا السنين
+
وعلى إنش طولتي لسانش علي أنا ورجالي..
+
عالية بدأت تضربها وهي تضحك بصوت عال: صبيتي قلبي.. جعل رجالش يطلقش..
+
وحينها فُتح الباب لتظهر نجلاء التي كانت تسمع عبر الباب وهي تضحك أيضا بشكل هستيري: ها أكيد انبسطتوا.. خوش مقلب ياهل المقالب
+
عالية تضحك ووجهها احمر من كثرة الضحك: أنا التالية ما تقعد فيني.. إذا مارديتها دبل فأنا ما أنا بنت خالد آل ليث..
+
سميرة مازالت تضحك : لا تكفين.. مافيه دبل لذي إلا لو أنتي ناوية تذبحيننا
+
حينها التفتت عالية لسميرة وهمست برجاء لطيف شفاف: منتي بزعلانة علي.. صح؟؟
+
سميرة ابتسمت: لا.. خلاص.. تعرفينني أنسى بسرعة
+
عالية حينها همست بضيق عميق: بس أنا زودتها..زودتها واجد بعد.. بس والله من غلاش عندي.. آجعني الموقف كله
+
نجلاء تهمس بمودة: خلاص من غير عتب.. يالله اطلعوا لغرفة عالية.. وأنا بأروح أسوي لكم خوش عشا
+
المهم لاعبوا عيالي وونسوهم معكم
+
*******************************
+
“ماشاء الله طولتوا في السهرة؟؟”
+
انتفضت وهي تسمع صوته الساخر وتراه جالسا على الأريكة ممدا ساقيه الطويلتين على طول الأريكة
+
قالت بهدوء وهي تشيح بنظرها عنه وتتجه لدولابها: غانم توه جا وخذ سميرة..
+
تناولت بيجامتها واستحمت لتصلي قيامها.. وهو مازال جالسا على نفس الوضعية
+
صالح أصبح مخلوقا غريبا بالنسبة لها.. أصبحت تشعر بعدم الأمان الفعلي
+
فهي تجهل هذا الرجل الصامت المثقل بالغموض
+
لا يشبه أبدا الرجل الذي عاشت معه ما يقارب عشر سنوات
+
باتت عاجزة عن التفكير.. لأنها لا تعلم كيف ستكون نتائج التفكير
+
سابقا كانت حينما تتصرف تصرفا ما.. كانت تتوقع تماما ردة فعل صالح..
+
ولكن الآن ردات فعله غير متوقعة مطلقا..
+
سابقا حينما كانت تغضب منه.. وتنام وهي توليه ظهرها.. كان يشدها ناحيته وهو يهمس لها بعمق عاشق:
+
حتى لو زعلانة علي.. نامي على ذراعي.. تبين تعذبيني بزعلش وبعدش.. كفاية علي عذاب واحد..
+
ولكن هذه الأيام هاهي تنام جواره.. ويبدو كما لو كان لا يشعر بوجودها مطلقا..
+
يظل معتصما بطرف السرير.. حتى ينهض لصلاة الفجر ثم يعود ليتمدد قليلا حتى يحين موعد ذهابه لعمله
+
ثم لا يعود بعد ذلك إلا ليلا..
+
حينما رسمت مخططها الفاشل مع سميرة.. كانت ستعذب صالح بالصد والبرود بينما هو سيظل يرتجي ويتودد
+
ولكنها لن تلين حتى يشعر بفداحة الذنب الذي ارتكبه في حقها
+
ويجعله هذا الأمر يفكر كثيرا قبل أن يكرر ذات التصرف
+
ولكن لا شيء من هذا حدث.. فالمخطط انهار من أساسه لأنه رُسم من أجل صالح القديم.. ولكن هذا الصالح المريب مجهول التصرفات تماما
+
مثلما فعل الآن وهو يتجه للنوم دون أن يقول لها حتى (تصبحين على خير)
+
نجلاء تنهدت بحيرة وهي تتجه لتتمدد جواره وتغرق في أفكارها الخاصة..
+
****************************
+
” يا أبو زايد قوم.. ماعاد باقي على صلاة الظهر إلا ساعة “
+
وصلها صوته الناعس العميق: قلنا منصور..
+
عفراء بحرج: قوم الله يهداك.. يا الله تلحق تتريق وتتوضأ وتروح للصلاة
+
منصور يفتح عينيه بتثاقل وهو يبتسم: الذنب ذنبش انتي اللي سهرتيني لين صلينا الفجر
+
عفراء تراجعت بحرج: أنا؟؟
+
منصور بذات الابتسامة: إيه أنتي.. وش ذا الهذرة اللي عندش كلها؟؟
+
تقولين صار لش سنين محرومة من الكلام
+
حينها ابتسمت عفراء: والله أنت اللي تسأل وأنا كنت أجاوب بس..
+
ابتسم منصور وهمس بغزل رائق: أحلى ابتسامة في أحلى صبح مر علي بحياتي كلها..
+
عفراء تقوم من جواره وهي تهمس بعذوبة: يكونون يعلمونكم النصب في العسكرية..
+
شدها ليعيدها جواره وهو يعتدل جالسا: علمونا أشياء واجد.. بس النصب مهوب من ضمنها..
+
ثم أردف وهو يحتضن كفها: تبين نسافر مكان؟؟
+
عفراء ردت بحرج رقيق: لا طال عمرك.. الحين ماباقي شيء على نهاية الفصل
+
أبي أخلص مع طالباتي..
+
ثم عقب لو ماعندك مانع.. أبي اسافر لبنتي إذا دكتورتها قالت إن حالتها تسمح
+
تصلبت يد منصور التي تحتضن كفها..وهو يستعيد شرطها الوحيد للموافقة عليه..
+
البارحة تحدثا كثيرا وحدثته عن ابنتها مطولا.. بدت له ابنتها مدللة وعنيدة وبها كم كبير من الأنانية
+
رغم أن عفراء كانت تتكلم عنها بحنان شاسع وهي تحاول إظهارها الابنة الأفضل في الكون
+
ولكن لم يفت ذكاءه التقاط الإشارات بين السطور
+
لا يعلم لِـمَ تصاعد قلق مر في روحه.. أ يعقل أن ابنتها قد تطلب مثل هذا الطلب؟؟
+
والمأساة أنه وافق طلبها ووعدها به..
+
ولكنه لأول مرة يشعر بالراحة مع مخلوق ما كما يشعر به معها
+
بها كم حنان مهول.. وقدرة هائلة على الاحتواء
+
ورغم أنه لم يعتد عليها بعد.. ولكن بدت له فكرة خسارتها.. غير مقبولة أبدا
+
طوال حديثهما الطويل البارحة كان رأسه يتوسد فخذيها.. بدت له محرجة من جرأته وتحاول التفلت..
+
ولكنه لم يسمح لها بالافلات أو الابتعاد وهو يحاصرها بلمساته وبأسئلته
+
كان يستحثها أن تتحدث بأسئلته التي لا تتوقف عن كل شيء في حياتها.. ابنتها أبناء شقيقتها.. عملها..
+
كان يشعر كما لو كان يعاني العطش طوال عمره.. ثم وجد نبعا متدفقا من الماء الأصفى والأعذب في الكون
+
طريقتها في الكلام تصب في عمق الروح بحنانها واحتواءها..
+
شعر أنه مستعد أن يعيش حياته كلها رأسه في حجرها.. مكتفيا بالاستماع لأحاديثها وتنفس عبق أنفاسها من قرب
+
عفراء همست له باستغرابخجول : منصور أشفيك؟؟
+
منصور شدها ليدفنها بين أضلاعه ثم همس في أذنها بعمق فيه نبرة حزن لا يعلم لها سببا: أول مرة أدري إن اسمي حلو كذا
3
***********************************
+
“صباح الخير ياحلوة”
+
مزون تنظر لعلي وتبتسم: الله يحلي أيامك
+
علي يجلس وهو يضع غترته بحرص على الأريكة حتى لا تتجعد ثم يهتف بتساؤل: وين أبي وكساب؟؟
+
مزون أجابت وهي تسكب له فنجانا من القهوة: إبي طلع من بدري.. وكساب توه طلع من شوي..
+
ثم أردفت بألم: ماشرب إلا فنجان قهوة هو اللي صبه لنفسه
+
وزين إنه سلّم على الكرسي اللي كانت قاعدة هنا..
+
علي يربت على كتفها ويهتف بحنان: مسيره يرضي.. تعرفين يباس رأسه..
+
مزون بألم: تعبت ياعلي من ذا الوضع.. الطيران وخليته.. وسجلت في شيء جديد.. أبي أعرف وش عاد اللي مزعله مني
+
والله العظيم تعبت أدور رضاه وهو يتمنن به علي..
+
شكلي بأموت وهو ما رضى..
+
علي يحتضن كتفيها ويهتف بذات حنانه الخالص: بسم الله عليش.. صدقيني بيرضى.. ولو ما رضى هو الخسران
+
حد يلقى له أخت مثلش ويزعلها.. والله ماعنده سالفة..
2
مزون تسند رأسها لكتفه وهي تحتضن خصره وتهمس برجاء عميق:
+
تكفى علي وأنت بعد كفاية هربان منا… هذا أنا خليت اللي كان مزعلك مني أنتي بعد
+
تكفى علي أنا محتاجتك جنبي.. كفاية علي اللي كساب يسويه فيني
+
علي يشدد احتضانه لكتفيها ويهمس بعمق: يصير خير ياخيش.. يصير خير… ادعي بس الله يسهل
+
*********************************
+
” أنا باروح أتوضأ ماعاد باقي على صلاة الظهر إلا شوي
+
جهزي محضر اجتماع بكرة لين أجي”
+
فاطمة تستوقف كاسرة وهي تقلب اوراق في يدها: لا تروحين الحمام.. الحمام بابه خربان
+
قبل شوي تسكر علي.. ماحد فتحه إلا البوي الفراش مستخدم سكين..
+
كاسرة تقف لترتدي نقابها وتهتف بثقة: عادي لو تقفل علي.. ناديه يفتح لي..
+
وكلمي حد من تحت يجي يصلحه..
+
فاطمة تهز رأسها وهي مشغولة بالورق أمامها.. مرت عدة دقائق قبل أن تبدأ بشم رائحة دخان.. استغربت ولكنها لم تهتم
+
ثم دقيقتين أخريين قبل أن تسمع جرس الأنذار وسماح تقتحم عليها الباب وهي تصرخ بجزع: المبنى يحترق.. يا الله بسرعة..
+
فاطمة قفزت وكل ما يشغل بالها كاسرة.. ارتدت هي أبضا نقابها على عجل وهي تركض لباب الحمام الخاص الموجود بجانب مكتبهم
+
كانت ترى الجميع ينزلون ركضا والطابق يكاد يخلو
+
صرخت برعب وهي تطرق الباب بهستيرية: كاسرة.. كاسرة.. كـــاســـــرة
+
كاسرة همست بهدوء مستغرب: وش ذا الإزعاج اللي برا.. وش فيش روعتيني.. توني خلصت وضي الحين
+
خلني لين ألبس عباتي
+
فاطمة بدأت تبكي وهي تحاول فتح الباب وتصرخ: كاسرة المبنى يحترق.. بأروح أدور حد يفتح الباب
+
حينها صرخت بها كاسرة بحزم: لا تدورين حد.. انزلي بسرعة.. أكيد المطافي على وصول..
+
فاطمة ركضت تدور بين المكاتب ولم تجد بالفعل أحد..
+
توجهت للمطبخ وأحضرت لها سكينا وبدأت تحاول معالجة قفل الباب وهي تصرخ وتكح: كاسرة أنا هنا
+
الحين بافتح الباب..
+
كاسرة تصرخ بها بانفعال: أقول لش روحي.. أنا صرت أشم الدخان قريب.. أنا مسكر علي في حمام مهوب جايني شيء إن شاء ربي
+
بس انتي في الممر.. والله إن قد تروحين.. حلفت.. يالله روحي
+
فاطمة تعالى نشيجها وهي تحاول فتح الباب وتكح من رائحة الدخان بعد أن انتقل الحريق من الطابق الثالث للثاني حيث مكتبهم
+
كاسرة تصرخ بها بانفعال أشد: فاطمة والله العظيم لو مارحتي الحين إنه عمري في حياتي كلها لساني ما يخاطب لسانش
+
يا الخبلة عندش ولدين.. تبين ترجعين لهم ميتة وإلا محترقة..
+
كاسرة سكبت على نفسها الكثير من الماء وجلست في الزاوية على الارض
+
وهي تحاول الاعتصام بالجَلد ومنع الرعب من التسلل لقلبها الذي تعالت دقاته بشكل هستيري خوفا وجزعا..
+
وهي تهتف في داخلها بلوعة حقيقية :
+
” أشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
+
يا ربي لو كان ذا آخر يوم عمري
+
موتني مختنقة.. لا تموتني محترقة
+
لا تفجع أمي فيني بذا الفجيعة!!”
1
بينما فاطمة بدأت تنشج بهستيرية وهي ترمي بالسكين وتنزل راكضة للاسفل لتجد أن الحرق انتقل للسلم وتلسع يدها من النار وهي تركض للخارج
+
حين رأت رجال الأطفاء بدأت تصرخ فيهم بهستيرية: فيه وحدة متسكر عليها في الطابق الثاني
+
الإطفائي يصرخ بحزم: الطابق الثاني الحين انتقل له الحريق.. احنا الحين بنطفي الحريق.. وخبير اقتحام الحرايق الحين على وصول
+
فاطمة لم تشعر بنفسها إلا وهي تهزه بعنف وتصرخ: يعني تبونها تتفحم لين يأتي خبيركم ذا
+
الرجل يزيحها جانبا: مايصير إلا خير.. هذا هو على وصول
+
****************************
+
قبل ذلك بدقائق
+
كساب في سيارته متوجها لشركته.. رأى الدخان المتصاعد من المبنى الذي عرفه فورا.. مكان عمل زوجته
2
وفي وقت الدوام الرسمي أيضا..
+
أوقف سيارته بعيدا لأنه رأى ازدحام الشارع بالسيارات المتوقفة.. وركض متجها للمبنى دون تفكير..
+
إحساس فطري بالشهامة والمسؤولية
+
حاولوا منعه من الاقتراب لكنهم لم يفلحوا وهو يتعرف على السيدة التي كانت تبكي بهستيرية..
+
يتوجه لها بحزم ويسألها بنبرة أقرب للأمر العالي النبرة: شاللي صار؟؟ وفيه حد باقي فوق؟؟؟
+
فاطمة حينما تعرفت على صاحب الصوت تعالى صراخها: كاسرة فوق تقفل عليها الحمام.. وهم يقولون ينتظرون خبير يطلعها
+
والحريق وصل للطابق اللي هي فيه… بتموت.. بتموت
+
حينها صرخ فيها كسّاب بحدة: وين الحمام؟؟
+
فاطمة وهي تشهق: جنب مكتبنا على طول..
+
كساب توجه للمبنى وهو يركض.. حاول رجال الإطفاء منعه ولكنهم لم يستطيعوا أبدا إيقافه.. أوتثبيته في مكانه
+
لم يكن لكون كاسرة زوجته أي اهتمام عنده.. ربما لو قالوا له أن هناك قطة في الأعلى لصعد لإنقاذها
+
هناك روح تحتاج للإنقاذ ولن يتوانى هو عن تقديم المساعدة
+
وخصوصا ان الموضوع كان هينا بل غاية في السهولة بالنسبة له وهو يدرس احداثيات المبنى ومعطيات المهمة في عقله بسرعة فائقة..
+
مبنى من ثلاثة طوابق.. بدأ الحريق في الطابق الثالث وانتقل للثاني ولجزء من الاول.. وهناك ضحية محتجزة في حمام في الطابق الثاني
+
( مهمة غاية في البساطة..)
+
صعد متحركا بدقة وهو يدرس هندسة المبنى مع حركته البارعة..
+
فهناك أماكن تتأثر بالحريق أكثر من غيرها.. لذا كانت حركته مدروسة..لا تردد فيها
+
وهو يتجاوز الأماكن التي يعلم أنها قد تنهار..
+
لسعت النار أطراف ثوبه وغترته ولكنه لم يصب مطلقا
1
وهو يقفز ببراعة مذهلة من مكان لآخر ليصل في دقيقة واحدة لباب الحمام
+
ويخلع قفله بركلة واحدة..
+
#أنفاس_قطر#
+
السادس والعشرين من هنا

