رواية بين الامس واليوم الفصل الرابع عشر 14 بقلم انفاس قطر – تحميل الرواية pdf

عل كل الجبهات
رماد معارك انجلت.. ومعارك مازال غبارها يثور ينتظر لحظة الإنجلاء
***************************
رحلة العودة
تبقى القليل من الوقت للهبوط في مطار الدوحة
الصمت مطبق.. وحزن مجهول خانق يطبق على قلب اعتاد الحزن..
فلماذا يبدو لها هذا الحزن عصيا على الاحتمال؟!
ما الجديد في هذا الحزن حتى تشعر أنها غير قادرة على التنفس
وهي من اعتادت على تنفس الأحزان شهيقا وزفيرا لسنوات
حتى باتت لا تعرف أنفاسا ليس لها لون الحزن ونكهته
تتذكر الآن سعادتها الطفولية المبتورة وهي تركب الطائرة قبل ساعات قلائل
حينها لا تعلم هل خدعت نفسها؟! أو كانت ترسم لنفسها فرحة في خيالها لم تنطبق أبدا على الواقع؟!
قبل أربع سنوات تحدت الكل لتكون هنا.. أرادت التراجع ولم تستطع..
وظلت طوال السنوات الماضية تقنع نفسها أنها حينما تركب الطائرة لأول مرة ككابتن فعلي
حينما تتحسس الأزرار بإحساس الكابتن.. وترى الأرض تبتعد لتنفصل عنها وتحلق في سموات لا يحدها حدود
حينها سينتهي الحزن كما لو كانت في حلقة أخيرة من مسلسل طويل طال انتظار حلقته الأخيرة..
أقنعت نفسها بذلك.. حتى تصمد!!
” حلمي سيضمد جراحي!!
حلمي سيضمد جراحي!!
حلمي حين يتحقق سيضمد جراحي!!”
هاهو الحلم تحقق.. تحقق
فلماذا تشعر أن الجروح لم تتضمد.. لم تنغلق.. ولكن تنفتح باتساع..ليذر عليها الملح
لماذا لم تقنع بسعادتها المسروقة من بين الأحزان؟!!
لماذا هي عاجزة عن إقناع نفسها إنها سعيدة؟!
لماذا هي عاجزة عن الإحساس بسعادتها المفترضة؟!
لماذا تشعر أن كل هذا لا يوازي حتى ساعة واحدة من أيام جلوسها بجوار كسّاب حتى وإن كان غارقا في القراءة بصمت؟!!
بعد انتهاء حوارها السابق مع غانم.. بدأت تغرق في إحساس سوداوي بالحزن والاختناق
“أنا من سمحت لنفسي أن أكون في هذا الموقف
أنا من سمحت له بالتطاول عليّ بوجودي في هذا الموقع
كما سمحت قبله لمهاب ان يتجرأ على إهانتي
فمن يصنع بنفسه شيئا يستحق ما يلاقيه
ولكن ماعاد بي صبر!!
ما عاد بي صبر !!”
حينما وصلوا لمطار أبوظبي
قضت ساعتي الانتظار في استراحة الطيارين لا تلتفتت يمينا ولا يسارا ونظرها الغائم مثبت على جهاز الحاسوب أمامها
تكاد تقسم أنها حفظت كل درجات الحرارة وكل إحداثيات الطريق
وهي تشعر أن عرقها يتصبب غزيرا
وإحساسها بالحزن والاختناق والغربة يتزايد ويتزايد ويتزايد
حتى أنها كادت أن تتوجه لعيادة المطار لترى مشكلتها.. ولكنها تراجعت
فما بها لن يعالجه كل أطباء العالم!!
في الاستراحة كان غانم كان يجلس قريبا منها
لا تعلم لِـمَ توارد لذهنها الذي كان مثقلا بالأسى إحساسا أنه في اختياره لهذا المكان بالتحديد كأنه يهدف لحمايتها.. أو مراقبتها!!
لكنها نفضت أفكارها الغريبة عن رأسها وهي تعاود التركيز في حاسوبها والإنشغال بحزنها الخاص
وغانم وكل ما يرتبط به يتقزم في ذاكرتها!!
وهاهي تنتظر انتهاء الرحلة بعد عدة دقائق
وهي تتمنى أن يحدث شيئا ما يقنعها أن هذا الأمر معجزة
هاهي تطير ومحلقة ومشبعة بالسعادة
ولكنها لا تشعر بشيء من ذلك.. كل ما تشعر به الاختناق
الاختناق.. الاختناق..
الاخـــتـــنــــــاق!!!!
“سهى الأكسجين بسرعة.. بسرعة”
كانت هذه صرخات غانم الجزعة وهو يسمع صوت الحشرجة الصادر عن مزون
والذي بدأ لأذنه الخبيرة عجزا عن التنفس
سهى قفزت وهي تنزل قناع الأكسجين
وهي تقترب من مزون التي بدت فعلا تعاني من ضيق من التنفس
بينما غانم ثبت وضعية الطيار الآلي ثم وقف وتأخر وهو يوليهما ظهره
+
سهى نزعت النقاب عن وجه مزون.. ووضعت القناع عليها.. وهي تصرخ في أذنها: اسحبي نفس.. اسحبي نفس
+
ياربي البنت بتموت.. ياكابتن.. وجهها صار أزرق
+
كان غانم يعاني في قهر نفسه حتى لا يلتفت أو يساعد..
+
يعلم أنها يستحيل أن تتقبل رؤيته لوجهها… لذا صرخ بسهى وهو مازال يوليهما ظهره: زيدي دفع الأكسجين..
+
بعد ثانيتين.. شعر غانم براحة عميقة تجتاح أعصابة المشدودة وهو يسمع صوت كحتها..
+
مزون أخذت نفسا عميقا ثم صرخت بجزع: وين نقابي؟؟
+
سهى ناولتها النقاب ومزون تنظر بجزع وحرج لغانم.. لتتنفس بعض أنفاسها الذاهبة.. وهي تراه يقف موليا ظهره لهما..
+
عاودت وضع نقابها بسرعة والسماعات على أذنها وهي تشعر بحرجها يتزايد.. لتصرخ بعدها: كابتن برج المطار يتصلون
+
غانم عاود الجلوس بسرعة وهو يضع سماعاته بسرعة.. وبرج الاتصالات يطالب بتوضيح لعدم ردهم عليهم مع أن الهبوط اقترب
+
ومازال نظام الطيار الآلي هو من يقود الطائرة..
+
هتف غانم بثقة: مافيه شيء.. الحين نضبط الوضع..
+
وهو يحول القيادة للملاحة للعادية
+
غانم هتف بحزم لمساعداته الاثنتين: مافيه داعي حد يعرف اللي صار قبل شوي..
+
كابتن مزون هذي رحلتها الأولى.. واللي صار بيكون مهوب في مصلحتها
+
لتهتف مزون بحزم أكثر شدة: وأنا ما أبي حد يتستر علي.. أنا بنفسي بارفع تقرير عن اللي صار لي..
+
غانم هز كتفيه : مثل ما تبين يا كابتن.. ولا تعتقدين إنه أنا أتستر عليش لكن هذا من باب الموأزرة بين أهل الكار الواحد
+
لأنه غالبا في الرحلة الأولى للكابتن تصير مشاكل.. كلنا صار لنا
+
وصار عُرف إنه الكابتن يمشيها لحد الرحلة الثانية.. لو تكررت حينها يرفع تقرير
+
صح كابتن سهى أو أنا غلطان؟؟
+
سهي بثقة وهي مشغولة بما أمامها: صحيح كابتن..
+
مزون لم ترد عليهما فهي في عالم آخر من ألم عاود اجتياحها حتى نخر النخاع عالم أعادها له المنظر الذي بدأ تحتها.. وكأنها غادرت الألم الساكن في حناياها أصلا!!
+
كانت مشغولة بالنظر إلى معالم الدوحة التي بدأت تتضح..
+
البحر.. الشطآن..المباني..
+
والــوجـــع.. الكثير من الوجع
+
كان هبوطه رائعا ثابتا ومحترفا.. ولكنها لم تنتبه حتى شعرت باحتكاك العجلات بأرض المطار
+
لم يوجه لها مطلقا أي حديث وهو يتناول جاكيته وقبعته ويعاود ارتداءها وينزل لأرض المطار
+
تنهدت مزون بعمق.. تشعر بصداع متزايد
+
ووجع متزايد
+
وحزن متزايد
+
لا تشعر حتى بأدنى رغبة أن تعود لهذا المكان مرة أخرى
+
كم بدا لها هذا المكان باهتا…باهتا جدا
+
لا يستحق حتى ألق عيني كسّاب اللتين تشعان بحنان حينما يراها بعد غياب
+
لتفتقد لهذا الألق.. وذاك الحنان..
+
بل لتفقد كسّاب نفسه!!
+
أنهت مزون اجراءتها لتتفاجأ أن عمها ينتظرها في الداخل
+
وكان غانم خلفها مباشرة
+
منصور حين رأى غانم أشار لمزون أن تذهب لمواقف السيارت… بينما بقي هو للسلام عليه
+
وهاهي مزون تقف بجوار السيارة وهي تدعي الله بعمق ألا يكون غانم قد أخبر عمها أنه من كان معها على متن الطائرة
+
أو يخبره بما حدث لها
+
تشعر بذنب يخنق روحها أنها مضطرة أن تكذب على عمها
+
ولكنها ليست مستعدة لغضبه.. فما بها من الحزن اليوم يكفيها عن كل شيء
+
منصور وصلها بعد دقيقة.. وهو يفتح السيارة ويهتف بالثقة: تأخرت عليش يا أبيش؟؟
+
شفت واحد من عيال الجماعة… الله يعينه جاي من الرباط.. رحلة طويلة والله
+
مزون ركبت بصمت دون أن ترد بكلمة
+
هتف لها منصور بحنان حازم: أفا .. مافيه أشلونك ياعمي.. وحشتني.. أي شيء؟؟
+
مزون بسكون: تعبانة شوي فديت قلبك..
+
منصور بقلق: وش فيش يالغالية؟؟
+
حينها انفجرت مزون في بكاء مفاجئ مكتوم.. منصور حينها أعاد إيقاف سيارته في موقفها قبل أن يتحرك بها
+
فهو لن يستطيع أن يقود مطلقا وقلقه يتفجر عليها: وش فيش يأبيش؟؟ حد قال لش شيء؟؟
+
مزون بين شهقاتها: مافيه شيء يستاهل.. مافيه شيء يستاهل..
+
منصور بقلق: وشو اللي ما يستاهل؟؟
+
مزون الباكية: ذا السالفة كلها.. ماكانت تستاهل زعل كساب ولا زعلك.. ولا هروب علي.. ما تستاهل.. ما تستاهل
+
منصور بحنان يربت على كفها: خلاص يأبيش.. وش لش بذا السالفة كلها.. خليها..
+
مزون تحاول تهدئة نفسها: بأخليها.. بس كسّاب اللي يطلب مني.. تكفى ياعمي.. قل له.. أبيه يدري إني خليتها عشانه..
2
منصور يحرك سيارته ويهتف لها بحنان: أبشري.. ما يصير خاطرش إلا طيب…
+
******************************
+
“متى تبي ترجع؟؟”
+
كساب يجيب والده بهدوء : بكرة على الطيارة اللي بتنزل باريس شوي..وعقب الدوحة إن شاء الله
+
زايد بهدوء حازم: أنا طالع الليلة لباريس عندي شغل هناك.. وبكرة بأكون معكم
+
فأكد حجزي معك..
+
كساب هز كتفيه وهو يهمس بنبرة اعتيادية: تامر
+
بينما علي انتفض بخفة وهو يهتف بخيبة أمل: يعني كلكم بتخلوني
+
زايد بحزم: ما يخليك ربك.. لو أنك تبي قربنا.. كان دليته..
+
علي ينهض ليقبل رأس والده.. ويهتف بحزم ودود: يبه ذا السالفة انتهت من زمان
+
أنا خلاص صرت تبع مكاتب التمثيل الدبلوماسي الخارجي..
+
زايد بحزم يخفي خلفه رجاء لا يكل ولا يمل: خل الموضوع علي ولا لك شغل
+
علي يعاود تقبيل رأسه ويهتف باحترام: أنا واعد خالتي أطلعها إذا راحو الرياجيل اللي كانوا عندنا
+
وهذا هم راحوا.. ما يحتاج أقول البيت بيتكم
+
ثم أردف وهو يوجه الحديث لكسّاب: كسّاب تكفى لا تطلع مكان
+
باقي ماجد ماجاء.. وأكيد إنه على وصول.. مهيب زينة يأتي ما يلاقي حد عند إبي
+
كسّاب استرخى في جلسته وهو يهتف بحزم: وين بأروح؟؟ حياه الله
1
وهو يتبادل نظرات حذرة مع والده.. فغالبا ما ينتهي لقاءهما منفردين بتحفز جاهز من كسّاب
+
وكان ينقذه من والده ادعاءه بالانشغال.. ولكن هنا في جنيف
+
وفي شقة مغلقة… بماذا سيتحجج هذه المرة؟؟
+
*****************************
+
“نجول قلبي.. وش فيش فديت عينش.. من يوم جبتي الشواذي من المدرسة وانتي سكتم بكتم.. طلعي لسانس أشوفه
+
لا تكون القطاوة كلته والا شيء”
+
نجلاء بضيق عميق: تكفين سميرة انا ماني بناقصتش… اللي فيني مكفيني
+
سميرة تبتسم وهي تجلس جوارها ثم تحتضن عضدها: أفا ام خلودي.. قولي لي من اللي مزعل الغالية عشانه أحطه في الخلاط
+
نجلاء بذات الضيق العميق: صالح
+
جينها وقفت سميرة وهتفت بمرح: حسبت عندش سالفة.. ليه فيه سبب أصلا للضيقة غير صويلح
+
ولو أنه صويلح فلة.. ودهينه على الكبود.. بس وش نسوي بالناس اللي ما يقدرون
+
نجلاء وكأنها لم تسمع شيئا مما تقوله: يبي يأخذ عيالي يا سميرة..
+
سميرة حينها قفزت وانتفضت بغضب: ليه هي فوضى والا على كيفه ياخذهم
+
خله يسويها عشان أقول لأبي وغانم وحتى عمي خالد على سواياه الشينة
+
يعني شافش دسيتي سواد وجهه يبي يحرمش عيالش
+
نجلاء تشير بيدها : وين راح مخش.. يبي يأخذهم يوديهم ديزني لاند أسبوعين
+
حينها انقلبت سميرة لتنفجر بالضحك: حسبت عندش سالفة.. صبيتي قلبي
+
وخليتيني أقلب الموجة على الموجة القشرا
+
حرام خويلد وعزوز من السنة اللي فاتت ميتين على الروحة.. خلهم يروحون يستانسون
+
وبعدين ماشاء الله لا حد منهم يلبس حفاظة ولا يشرب مرضاعة عشان تقلبين وجهش تراجيديا كذا
+
حينها انتفضت نجلاء بغضب مليء بالضيق: وأشلون أصبر من غيرهم..أنا حتى يوم واحد ما أقدر أبعد عنهم.. تبينه يأخذهم أسبوعين
+
حينها همست سميرة بخبث: روحي مع عيالش.. وأدبي صويلح.. وطلعي اللي هو سواه من عينه
+
حينها همست نجلاء بحرج: تدرين إنش خبلة.. والشرهة على اللي يشتكي لش
+
حينها جلست سميرة وهي تبتسم وتحاول بطريقة فاشلة أن تتكلم بجدية:
+
نجول خلينا من خبالش وأنتي صار لش معسكرة عندنا 9 شهور وأنتي محلش سر
+
لا أنتوا اللي حليتوا المشكلة
+
ولا أنتي اللي خليتي حد يتدخل في السالفة
+
ولا أنتي اللي حتى رضيتي تقولين لأحد شيء
+
كل ما حد سألش (مشكلة بيني وبين رجالي.. مضايقتكم قعدتي عندكم يعني؟؟)
+
يعني تحدين إبي وغانم على أقصاهم عشان يتنافضون وهم مسوين فيها حاتم الطائي وولده
+
(إذا ماشالتش الأرض تشيلش عيوننا.. والعين أوسع لش من الخاطر)
+
ويخلونش فترة ويرجعون يفتحون الموضوع ونفس الموال ينعاد
+
نجلاء بخجل وحرج وضيق: وش تبين أقول لهم (ولد أخيك وولد عمك يعاير أم عياله بأمها)
+
أنتي عارفة أشلون العلاقة قوية بينهم وبين عمي خالد وعياله..أموت ولا أكون أنا السبب في خرابها..
+
حينها غمزت سميرة بخبث: تحبينه وإلا لا؟؟
+
نجلاء بخجلها الشفاف: عيب يابنت..
+
سميرة تضحك: علي يا بنت.. أدري إنش تموتين عليه..
+
نجلاء حينها هزت كتفيها وهمست بيأس: زين وأموت عليه..بس ما أقدر أعيش معه على ذا الوضع.. نفسي شانت من ذا الحالة
+
الإنسان يقدر يعيش من غير حب.. بس ما يقدر يعيش من غير احترام
+
سميرة بنبرة من يلقي سرا: نجول عمرش ما قلتي لي يوم تزعلين عليه وأنتي في بيته.. أشلون تتعاملين معه..
+
نجلاء باستغراب: وش تقصدين؟؟
+
سميرة تبتسم: عن الخبال.. وحدة عمرها 29 وقد هي داخلة الثلاثين.. تبي وحدة مثلي بيبي تعلمها
+
نجلاء تبتسم: أنتي اللي عن الخبال يالعجوز..وش تقصدين؟؟
+
سميرة تهمس بخفوت خبيث: أقص يدي أنش يوم تزعلين عليه.. أقصى ما تسوينه تكشرين في وجهه..
+
وهو يقول لش: أسف حبيبتي سامحيني آخر مرة
+
وعقب تقولين مثل الرسوم المتحركة: سامحتك حبيبي.. ورأسش تدور حوالينه قلوب تولع
+
لأنش خبلة وعند صويلح عظامش ما تشلش… عشان كذا قاعدة معسكرة عندنا وطاقة منه.. وحتى الشوفة ما تبين تشوفينه
+
أنتي كان ممكن تخلصين السالفة كلها وتحلينها في بيتش لو أنش قويتي قلبش على صالح..
+
نجلاء صمتت وهي تشعر بحرج متزايد.. لأن سميرة تقريبا وصفت ببراعة ما يحدث بينها وبين زوجها في كل مرة تغضب منه
+
تغضب منه.. تعتزله في غرفة أبنائها.. فيأتي معتذرا.. فتكره أن تراه بهذه الصورة التي تؤلم قلبها.. فتدعي أنها رضيت رغم جراح القلب المتزايدة
+
وجرح تلاه جرح فجرح..
+
حتى شعرت أنها ماعادت قادرة على الصبر .. وروحها مثقلة بالجروح..
+
وماعاد بها قدرة على احتمال المزيد وخصوصا أن أبنائها كبروا..
+
حينها قررت أن تهرب منه.. وهي مصممة على ألا تعود له
+
سميرة أكملت كلامها بابتسامتها المرسومة على الدوام: الحين يالخبلة أنتي من جدش تبين صالح يطلقش ويتزوج وحدة غيرش؟!!
+
زمان سألوا جحا: قالوا له وين ديرتك يا جحا.. قال ديرتي اللي فيها مرتي
+
والله إنه حكيم ذا الرجّال.. شكلي بأخليه مثلي الأعلى
+
يعني يا بنت أمي وأبي.. بكرة صالح لا تزوج بيتفل في عينش .. والغلا كله بيصير لمرته وعياله اللي في حضنه
+
نجول ركزي معي يالمفهية.. صالح رجّال فيه مميزات واجد.. كريم وحنون وفيه خير وبعدين عنده استعداد يقول لش أحبش طول اليوم
+
وين تلاقين واحد مثله..
+
أكيد إنه لسانه يبي قص.. وعيب عليه اللي سواه.. لكنه مالقى من يسنعه
+
وأنتي أصلا ما وريتيه العين الحمراء..
+
وعلى قولت جدي جابر قصدي جد وضوح (اللي ما يخلا خوف ما يخلى حشمة)
+
وريه إنش حتى لو رجعتي له مهوب معناه إنش سامحتيه.. وريه وش ممكن تسوين فيه وأنتي عنده..
+
عشان يحرم.. ويفكر مليون مرة قبل لسانه يجيب طاري شيخته أم غانم..
+
نجلاء صامتة وسميرة مازالت مسترسلة في كلامها بذات النبرة الضاحكة والمنطقية: دامش على كذا…والله ما يمشي حالش…
+
اصطلبي يا مرة… صويلح يعشق الأرض اللي تمشين عليها..
+
أنتي في موقع القوة.. اشلون لحد الحين ما سيطرتي على الوضع
+
حينها لمست سميرة رأس نجلاء ثم لمست قلبها وهي تهمس بهدوء باسم:
+
نظفي هذا.. ثم قوي هذا
+
وإذا ما مشيتي صويلح على العجين ما يلخبطه..
+
قولي سميرة قالت..
+
********************************
+
نـــــام ..
+
صــحــى مــن نــومــه..
+
دار في نواحي أنسي
+
سلم على كل طفل رآه.. وتحدث مع كل عجوز..
+
جميلة هذه المدينة لأبعد حد…ولكنه عاجز عن تذوق جمالها
+
يريد التوجه للمصحة.. ليس لأنه يريد ذلك….ولكن لأنه لا شيء يفعله عدا ذلك..
+
هاهو متغرب.. بل مثقل بالغربة .. ومن أجلها
+
أينما هرب.. ستبقى هي المكان الأخير العودة!!
+
انتظر اتصال داليا.. ولكن الوقت تمدد وتمدد والاتصال لم يصله
+
أ يعقل أنها مازالت مخدرة حتى الآن؟!
+
أو ربما ببساطة لا تريد رؤيته.. كما هو لا يريد رؤيتها
+
هو لا يستطيع التهرب من واجبه
+
ولكن ربما هي طلبت من داليا أن تعفيها من رؤية وجهه اليوم
+
وكم كان محقا في توقعه!!
+
حينما عاد طرق الباب بخفة ودخل.. ليجد داليا تجلس جوارها
+
وجميلة تخبئ رأسها في كتفها
+
ودموع صامتة تسيل بكثافة على عظمتي خديها البارزتين
+
أشارت له داليا ان يخرج قبل أن تنتبه جميلة لوجوده
+
أنزلت جميلة بخفة ولكن جميلة تمسكت بها وهي تهمس بجزع حقيقي:
+
وين بتروحين؟؟
+
داليا همست لها بحنان: دقيقتين للحمام وراجعة
+
خرجت لتقابل خليفة خارجا… همس خليفة بسكون أشبه بسكون صحراء هامدة: شاخبارها؟؟
+
داليا بحذر: وضعها سيء كثير.. بكت كثير.. وما تبي تشوفك
+
كنت أعرف تعلقها بأمها.. بس ما تخيلت لذا الدرجة
+
وخصوصا إنها وافقت إنها تسافر بدونها
+
أم جميلة الله يهديها أخطئت كثير بهذي الزيارة.. لأنها حاسة الحين إنها ممكن تضغط علينا نجيب أمها
+
بما أن أمها ما كان عندها مانع تجي من الأساس
+
خليفة بذات السكون: طيب والحل؟؟
+
داليا بحذر أكبر: أنت أشلون أعصابك؟؟ مستعد تتحملها لحد أخر الخط
+
هز خليفة كتفيه وهو يهمس بنبرة من يسخر نفسه: لا تخافين على اعصابي.. لين عقب آخر الخط بعد..
+
ثم أردف باهتمام: أشلونها الحين.. وكيف معصمها؟؟ من وين جاء هالدم كله.. أنا مستغرب أشلون باقي في جسمها دم أساسا
+
داليا بمهنية وهي تبتسم: عادي.. كمية الدم في جسمها مش قليلة بالشكل اللي أنت متصوره..
+
بس الدم اللي في جسمها بدون فايدة يعني بكلام الناس العاديين.. كأنه ماي وبس.. مافيه كريات حمراء مافيه حديد..
+
وعلى العموم ترا اللي نزل مو كثير.. ما يجي حتى 100 ملي..
+
بس إن شاء الله هي بتتحسن قريب… بس همتك معنا.. لأنه أنا بعد قريب بأنزل الدوحة
+
خليفة بجزع: أنتي بعد يا دكتورة تبين تخلينا..
+
داليا بذات النبرة المهنية: جميلة دايما محتاجة حد يسوي لها حماية.. يعني لما كنا في الدوحة ما كانت متعلقة فيني بهالطريقة
+
لكن بما أن أمها غير موجودة.. فهي خلتني مكانها
+
فأنا حابة إنها تحس إنك أنت حمايتها الوحيدة وفي نفس الوقت أريدك تشد عليها في قضية الأكل..
+
خليفة تنهد: طيب ممكن أشوفها..
+
داليا بحذر: أكيد.. بس حط في بالك إنها ممكن تثور عليك..
+
خليفة هز كتفيه: عادي يا بنت الحلال..
+
وبالفعل فتح خليفة الباب بخفة ودخل.. التقت عيناه بعينيها.. لم تقل شيء ولكنها اشاحت نظرها عنه
+
استغرب أنها لم تصرخ حين رأته…لم تثر.. اقترب وجلس قريبا منها
+
همس بهدوء حان: أشلونج الحين؟؟
+
جميلة بهدوء عميق ساكن: تدري أني أكرهك.. ومستحيل أحبك في يوم
+
وبأموت وأنا أكرهك..
+
انتفض خليفة بعنف.. لا يعلم لِـمَ بدت له كلمة “أكرهك” مؤلمة وموجعة وهي تقولها بهذه الطريقة
+
رغم أنها سبق وقالتها له.. ولكنها قالتها وهي في حالة غضب
+
ولكن أن تقولها بهذا الهدوء والتصميم
+
كان أمرا جارحا لأبعد حد
+
رغم أنه فعلا لا يبحث عن أي نوع مشاعر مع هذه المخلوقة
+
ولكن قسوة الكراهية جارحة.. جارحة!!
+
ومع ذلك أجابها بكل هدوء: عادي بتكرهيني اليوم وبتحبيني بكرة.. ماني مستعيل.. حبيني على راحتج وعلى أقل من مهلج..
+
حينها سالت دموعها وبدأت تشهق شهقات خافتة متقطعة.. وبين كل شهقة وأخرى تهتف بخفوت ” أكرهك”
+
خليفة لم يرد عليها بقي معتصما بالصمت جالسا على مقعده
+
وهي تصفعه بكراهيتها المتكررة!!
+
***************************
+
“مساكم الله بالخير”
+
غانم العائد من المطار.. ينحني على رأس والده ورأس عمه الذي يتقهوى قهوة العصر مع والده في مجلسهم
+
شبه رائع بين الشقيقين.. ولكن أبو غانم كان أطول وقامته أكثر اشتدادا ويبدو عليه بالفعل أنه أصغر من أبي صالح كما هو فعلا
+
ولكن الفرق بينهما يبدو كما لو كان يتسع مع أثر السنوات الذي بدأ يبرز على أبي صالح بوضوح
+
وكأنه مع كل سنة تمر يكتسب سنوات.. ولحيته الطويلة البيضاء تمنحه هيبة وألما وعمرا !!
+
في الوقت الذي راشد مازال محتفظا بألق خاص يشع من روحه المشبعة بالحنان
+
أبو صالح هتف بحزم: مساك الله بالنور والسرور
+
اقعد يأبيك احضر سالفتنا..
+
غانم جلس تنفيذا لأمر عمه.. رغم أنه لا يحب أن يجلس في المجلس بلبس الطيارين دون ثوبه وغترته
+
وهتف باحترام ودود: آمرني يبه
+
أبو صالح بحزم: عاجبك حال صالح ومرته.. وابيك يقول ماني بجابر بنتي على شيء
+
غانم بحزم هادئ: اللي إبي يقوله تم.. مالي رأي عقب رأيه..
+
ابو صالح بغضب: وش ذا الخبال اللي عندك أنت وإبيك.. ما يسوى علي كل يوم أكلمكم في ذا السالفة
+
ولا لي حشمة ولا تقدير عندكم..
+
راشد انتفض جزعا: ماعاش من لا يحشمك
+
قدرك وحشمتك على رأسي ورأس ولدي… بس يا خالد جعلني فدا لحيتك
+
نجلاء كل ما قلت لها ارجعي لبيتش.. قالت أنتوا ضايقين مني؟؟
+
وأنا وأنت عارفين نجلاء زين.. نجلاء مرة عاقلة.. وقد لها حول عشر سنين عند صالح ما عمرها زعلت منه
+
ما حدها على الطلعة من بيتها إلا شيء(ن) كايد.. فأنت شوف صالح وشو مزعلها فيه؟؟
+
وأنا ماني بغاصب بنتي بكري وأول فرحتي على شيء هي ما تبيه.. ولاني بقاهرها..
+
لأني أعرف نجلاء ماحدها على ذا إلا وجيعة كايدة…ولاني بموجعها فوق وجيعتها
+
إذا بغت ترجع رجعت من كيفها وإلا والله ما أغصبها على شيء
+
غانم اعتصم بالصمت احتراما لوالده ولعمه بينما كان أبو صالح يتنهد:
+
والله أني قلته لصالح.. قلت له نجلاء عاقلة وماحدها تطلع من بيتها إلا شيء(ن) كايد.. بس هو بعد يقول مثلها (شي(ن) بيني وبين مرتي)
+
دام ماحد (ن) منهم راضي يعلمنا… نخليهم على كيفهم وعلى خبالهم؟!!
+
لازم نشوف سالفتهم عشان عيالهم.. ما يصير ذا الحال..
+
حينها وقف غانم ليتجه للداخل وهتف لعمه باحترام: يبه أنت وصالح على رأسي
+
وانا بنفسي واجد حكيت نجلاء وهي ملزمة على اللي في رأسها
+
وأم خالد ماحد بغاصبها على شيء هي ما تبيه
+
أم خالد شيختنا.. وتمون على رقبتي
+
*************************
+
” خالتي عندش إنش لو قعدتي منزلة طرف الشيلة على نقابش..
+
إني ماني بعارف إنش تبكين من قبل حتى ما نطلع من الشقة حتى”
+
عفراء بصوت مبحوح تحاول بعث التماسك فيه: لا تلومني يأمك.. اللي فيني يهد جبال
+
علي بحنان وهو يمسك بذراعها ويدخلها في ذراعه وهما يمشيان في ساحة بورغ دي فور قلب مدينة جنيف القديمة:
+
نعنبو لا يمش.. ومن أقول ألومش.. أنا ودي لو أقدر بس أشيل منش شوي
+
عفراء حنان موجوع: فيك ما يكفيك يأمك..
+
ابتسم علي وهو يحتضن ذراعها أكثر ويهتف بعمق متجذر: أقدر اشل عني وعنش
+
حينها همست عفراء برجاء عميق: علي تكفى يامك خلاص ارجع الدوحة
+
والله إن حن محتاجينك هناك.. الجو بين أبيك وأخوانك تحس إنه على طول فيه توتر
+
أنت كنت نسمة الهوا اللي بينهم..
+
تنهد علي بعمق: خالتي بيني وبينش.. أنا مقرر أرجع.. بس مهوب الحين.. شوي..
+
عفراء شهقت بفرحة مبتورة: صحيح يأمك وإلا تسكتني..
+
علي بذات نبرة الحنان العميقة: إلا صحيح.. يعني ظنش باكذب عليش في موضوع مثل ذا
+
عفراء بتساؤل محموم: زين متى؟؟
+
أيعقل أنه سيعود إلى احضانها أخيرا بعد كل هذا الغياب..؟!
+
أ يعقل أنه سيرتاح بالها ولو قليلا من بعض الهم؟!
+
ماعاد بها قدرة على احتمال هذا القدر من الغياب والغائبين
+
تعبت من الهموم.. ولا يوجد من يسندها.. ولا حتى يخفف عنها!!
+
علي بهدوء عميق: عطيني كم شهر بس.. ومثل ما قلت لش.. خلي الموضوع بيننا لين يصير..
+
****************************
+
“هلا والله بفاطمة..
+
وين عيالش يا بنتي؟؟ ليه ما جبتيهم معش؟؟”
+
فاطمة بمودة صافية: مع أبيهم ياخالتي.. نزلني هنا ووداهم الألعاب
+
مزنة تقف وهي تهمس بمودة: بأخليش أنتي وخويتش تقعدون براحتكم وأنا بأروح أشوف أشغالي..
+
فاطمة برجاء: اقعدي خالتي ماشبعنا من قعدتش
+
مزنة بعذوبة حازمة: باروح وخلكم براحتكم
+
كاسرة بذات عذوبة أمها الحازمة: يمه الله يهداش اقعدي.. وش بنقول يعني
+
ابتسمت مزنة وهي تجيب كاسرة: يمكن تقنعش فاطمة بالخطيب الجديد..
+
حينها ابتسمت فاطمة: قريب خالتي..قريب.. أنا متحلمة لكاسرة بحلم والله ماله من التفسير إلا إنه معرس
+
تحلمت ياخالتي بكاسرة واقفة في حوشكم.. ويأتي ذاك الصقر الكبير ويلقطها من كتوفها ويطير بها.. جيت بالحقها.. ضربني جدي جابر بالعصا
+
يمكن إن شاء الله بتوافق على ذا العريس الصقر العود
+
ثم انخرطت فاطمة في الضحك
+
حينها ضحكت كاسرة: حشا فيلم أكشن مهوب حلم.. وبعدين وش صقره يا الله خلايفك
+
بزر عمره 27 سنة.. أول خل هله يفطمونه من المرضاعة.. وعقب يزوجونه..
+
مزنة وقفت استعدادا للخروج وهي تهمس بحزم: أما يافاطمة خويتش ذي مافيها فود ولا تسمع شور…
+
ثم أردفت بحزم لطيف: ترا عشاش عندنا يأمش
+
فاطمة باستنكار مهذب: لا خالتي تكفين.. تو حن العصّير.. وين حن ووين العشا..
+
مزنة خرجت وهي تهتف بذات الحزم: خلصنا يأمش عشاش عندنا أنتي وعيالش وأبو عيالش
+
مهاب الليلة موجود ماعنده رحلات
+
حين أغلقت مزنة الباب التفتت فاطمة لكاسرة وهي تهتف بحماس: تدرين سوسو خاطري أشوف شكل أمش من غير ذا الجلال اللي هي متلفلفة فيه 24 ساعة
+
بصراحة أمش تجنن.. خاطري أشوف الصورة كاملة
+
حينها ابتسمت كاسرة: لو تشوفينها في الليل ببيجامة الحرير بس وشعرها على كتوفها تنسطلين..
+
فاطمة باستغراب: أمش تلبس بيجامات.. ما أتخيلها!!
+
حينها ضحكت كاسرة برقة: ليه إن شاء الله.. أمي توها.. توش تقولين تجنن.. يعني جينا عند البيجامات صارت غريبة
+
حينها أردفت كاسرة بعمق باسم: تدرين فطوم.. حرام أمي ما تهنت بشبابها
+
أحس عمي فيصل أبو امهاب وأبي الله يرحمهم جميع.. ماحد منهم استحمل إن ذا الجمال كله بين يديه
+
كنه كثير عليهم..
+
حينها ضحكت فاطمة: إذا أنتي تقولين كذا على أمش.. أجل من هي في زينش رجالها بيودع من أول يوم.. لأنه بتجيه سكتة قلبية أول ما يشوفش
+
ابتسمت كاسرة: ياذا الرجّال اللي منتي بمرتاحة لين تذبحينه..
+
فاطمة تضحك: خليه يأتي ومهمة الذبح عليش.. أدري منتي بمقصرة فيه…
+
ثم أردفت بابتسامة: وين وضوح؟؟ أبي أسلم عليها
+
كاسرة بهدوء: الحين تدرس.. بناديها حل العشاء
+
فاطمة باستنكار: من جدش أنتي وأمش عشا.. بتمسكوني عندكم خمس ساعات بأروح لبيتي ياناس
+
كاسرة تبتسم: والله أوامر أم امهاب.. تنفذين وأنتي ساكتة
+
فاطمة تضحك: يا سلام يعني أنا اللي أنفذ الاوامر وأنتي لا… يالله وافقي على صقر حوران اللي جايش
+
كاسرة بعذوبة باسمة: أخييييه.. وش صقره أنتي الثانية.. صدقت خرابيطها وحلمها..
+
أقول لش بزر عمره 27 سنة.. اللي خطبني قبله عمره 30 وما وافقت.. أوافق على ذا
+
فاطمة باستغراب باسم: تدرين كاسرة على أن تفكيرش دايما منطقي.. إلا في ذا السالفة.. ما أدري ليش إصرارش على العمر بذا الطريقة
+
هذا أنا رجّالي أكبر مني بشهور بس.. وامشيني على الصراط المستقيم.. ولا عمري قدرت أفرض عليه شيء
+
كاسرة بابتسامة عذبة: هذا عشانش أنتي يا قلبي اللي سويتيه كذا.. مهوب من شخصيته اللي تهز الجبال..
+
بزر يوم خذتيته عمره 23 سنة والله أنش كنتي تقدرين تحطينه تحت باطش.. بس أنتي اللي خليتيه ينفش ريشه عليه..
+
فاطمة تهز كتفيها بمرح: حلاله خله ينفش ريشه.. عقبال ما أشوف ريشش مقصوص.. قاصه طيري اللي أنا تحلمت فيه
+
كاسرة بغرور لطيف: قلنا لش ألف مرة.. لا عاش ولا كان.. ولا بعد جابته أمه..
+
فاطمة تضحك: على قولت خالتي الحكي معش ضايع… قولي لي وضحى وافقت على الدكتور الدحمي
+
كاسرة هزت كتفيها وهمست بحزم: كل ما سألتها تهربت مني
+
تدرين فطوم إن أمي قالت لي اليوم إنه خطبها أول مرة قبل حتى ما يخطبني وأمي علمتها بعد.. وش له مترددة ما أدري
+
فاطمة باستغراب: غريبة ذا السالفة…
+
بس على العموم من حقها تفكر..
+
كاسرة بحزم: إلا قولي تبي لها من يهزها شوي.. البنت ذي غبية وبتقعد غبية.. شكلها تبي تضيع عبدالرحمن من يدها
+
فاطمة تضحك: وليه تأخذ واحد أنتي عايفته..
+
كاسرة بجدية: فاطمة لا تدخليني في السالفة.. أنا كنت مقررة ما أحاول أقنعها.. لكن بما أن أمي تقول إنها هي أول وحدة خطبها
+
وهي كانت رغبته الأولى… فيكون غباء منها تدخلني في السالفة..
+
ويكون غباء أكبر ترفضه عشان تفكير عاطفي ماله معنى..
+
زين وخطبني كم مرة.. بس هي كانت في الاول والأخير.. خلها تشوفني محطة انتظار.. وفي الأخير وصل لها
+
والله وهذا أنا حلفت لش.. لو كان عبدالرحمن أكبر بكم سنة.. أني أوافق عليه بدون تردد
+
لكن عبدالرحمن وحتى شخصيته أنسب لها بواجد مني.. الرجّال كله مميزات.. فليش تضيعه من يدها..
+
وأنا مستحيل أخليها على كيفها الخبلة.. وراها وراها لين توافق..
+
*************************
+
“مهوب كأن علي وخالتي تاخروا؟!”
+
زايد يسترخي ويهمس بمباشرة: تمللت من قعدتي؟؟
+
كساب بهدوء مباشر كهدوءه: محشوم جعلني فداك.. أنا أسأل بس..
+
زايد بعمق: خلهم يوسعون خاطرهم..
+
حينها هتف كسّاب بنبرة سخرية ذات مغزى: محتاجين يبه وساعة الخاطر.. اثنينهم جرحهم واحد..
+
نظر له زايد نظرة مباشرة وهتف بعمق حازم: يعني دامك ما وصلتني في الحكي منت بمرتاح..
+
خلنا يأبيك من الحكي المغطى.. أنا وأنت فاهمين بعض زين..
+
لمتى وأنت زعلان علي.. متى بترتاح وتريحني
+
كساب بهدوء أقرب لليأس: ومن قال زعلان.. ما يحق لي أزعل عليك حتى لو كان ودي
+
زايد بنبرة عميقة حازمة: ذا الحكي ما يوكل خبز يأبيك..
+
خلنا نتصارح كود ترتاح وتريحني..
+
كسّاب بعمق شفاف: يبه مهوب زعل ومايحق لي أزعل عليك جعلني فداك
+
لكنه كسر يبه.. يبه أنت كسرتني.. يوم أشوفك وإلا حتى اسمع اسمك.. ما يطري علي إلا أشلون كسرتني..
+
يبه كسر الروح ما ينجبر.. وأنت كسرت روحي..
+
حينها انتفض زايد بجزع: المكسور غيرك يأبيك..
+
ثم هتف زايد بعمق متجذر أشبه باليقين: لو أنك انكسرت مثل ما تقول.. كان نخيت.. خذت الأمور ببساطة.. كذا المكسور يسوي..
+
لكن أنت يأبيك حر.. والحر ما ينكسر.. أنا ذا الحين ما أفاخر في المجالس إلا بك..
+
حينها هتف كسّاب بسخرية مرة: وحضرت الكابتن الطيار ما تفاخر فيها بعد؟!!
4
زايد بحزم: لا تدخل أختك في السالفة.. الموضوع بيني وبينك..
+
كسّاب هز كتفيه: يبه مزون هي كل السالفة.. ذا اللي تقوله كله ماصار إلا عقب ما وافقتها أنت على خبالها
+
زايد بذات الحزم: سالفة وانتهت.. وحكي في الفايت نقصان في العقل
+
خلنا فيك.. حالك مهوب عاجبني.. وأنا سكتت لك واجد
+
حينها هتف كساب باحترام مبطن بسخرية مهذبة: وأشلون ممكن تصلح حالي اللي مهوب عاجبك؟!
+
زايد بحزم شديد: بأزوجك..
+
حينها هز كسّاب كتفيه: والحين المره صارت هي السلاح السحري اللي بيحل مشاكل الكون..
+
كان انتهت المشاكل من زمان لو أن هذا هو الحل..
+
زايد بحزم أشد: أنا ماعلي من مشاكل الكون ذا الحين.. أنا عليّ منك أنت
+
واحنا نتكلم عنك.. فلا تلف ولا تدور..
+
تعبت وأنا أترجى فيك كنك بزر.. يا ولدي خاطري على الأقل بحفيد مثل ذا العالم..
+
حينها هتف كسّاب بذات احترامه الملغوم: هذا علي كان بيعرس وما خليته.. وش معنى عرسي هو اللي بيونسك جعلني فدا خشمك
+
حينها بدأ زايد يعاني غضبا يحاول كبته.. يعلم أن هذا هو ما يهدف له كسّاب
+
فهما لا يفتحان هذا الموضوع حتى يجعله كسّاب يحتد.. ويضيع الموضوع بين الهجوم والهجوم المضاد
+
لذا هتف زايد بهدوء احترافي: حتى لو خليت علي يتزوج جميلة.. عبارت إنه ما تزوج لأنها مريضة
+
لكن أنت ولدي الكبير..وأنا أبي أشوف عيالك.
+
حينها ابتسم كسّاب: يبه من جد.. على إلحاحك علي كذا.. عندك وحدة معينة في بالك
+
حينها صمت زايد.. وهو يدرس المعطيات في ذهنه.. يعرف ابنه جيدا.. قد يكون اقتناعه هو بواحدة هو السبب الوحيد ليرفضها كسّاب
+
لمجرد أن يعانده
+
فكيف يقنعه؟! كيف يحضر ابنتها لبيته؟! كيف يرى بعضا من أطيافها أمام عينيه؟!!
5
إن كانت هي أصبحت حلما مستحيلا؟!!
+
فليحقق ابنه ما عجز هو أن تحقيقه!!
3
يحضر تلك المهرة المستحيلة التي لطالما رأها بجوار جدها وهي صغيرة
+
ومازال كلما جاء جدها يهذي بها وكأنه ليس في الحياة سواها.. وكأنه يسمع في أوصافها طيف أوصاف مزنة
+
وهي ترفض الخُطاب واحدا تلو الآخر دون أن تقتنع بأحد
+
يعلم إن كان هناك من يستطيع إخضاع مهرة مثلها فليس سوى ابنه..
+
هذا المتفاخر المتكبر.. الذي حتى وإن كان يظن نفسه مكسورا فهو لا يعرف نفسه كما يعرفه والده.. قد يحطم هو العالم بينما هو عصي على الانقياد أو حتى الخدش..
+
لأنه كالشجرة التي لا تعرف الانحناء.. رفض أن ينحني للريح.. أو أن ينزل رأسه حتى تمر العاصفة..
+
انتزع زايد من أفكاره صوت كساب العميق: ها يبه.. من هي سعيدة الحظ اللي حضرتك تبيها لولدك الكبير على قولتك؟؟
+
حينها هتف زايد بنبرة مدروسة تماما تخبئ خلفها خبثا كبيرا: والله يأبيك كان فيه بنت في بالي
+
بس عقب غيرت رأيي لأنها مستحيل توافق عليك..
+
حينها احمر وجه كساب وهو يغالب ثورة قادمة: أكيد إنه أهلها مستحيل يوافقون عشان سواد وجه بنتك..
+
حينها هتف زايد بحزم: سواد الوجه مهوب لبنتي.. بنتي تكرم عن الدنايس..
+
الرفض لك أنت ولشخصك.. وإلا أهلها أنا متاكد أنهم مستحيل يردوني وأنا جاي أخطب لولدي..
+
حينها ثار كسّاب بالفعل.. وابتسامة مخفية ترتسم في روح زايد..
+
يعرف هذا الفتى كما يعرف نفسه.. ولكن الحوار دائما كان يقف قبل أن يصلا لهذه المرحلة
+


