Uncategorized

رواية قارئة الفنجان الفصل الخامس والعشرين 25 بقلم مني لطفي – تحميل الرواية pdf


رواية قارئة الفنجان الفصل الخامس والعشرين 25 بقلم مني لطفي 

 

                              

قارئة الفنجان

+

                              

الفصل (25)

+

                              

بقلمي/ احكي ياشهرزاد (منى لطفي)

+

                              

دلفت اليه تتهادى في خطوات رقيقة حيث يجلس بانتظارها في غرفة الصالون بمنزلها، وقف ما أن أبصرها تقبل عليه وابتسامة ناعمة تزيّن ثغرها، ليرفع والدها رأسه وقتها وترتسم على وجهه ابتسامة حانية ووقف وهو يقول موجها كلامه الى ذلك الواقف الصامت كمتعّبد يقف في محراب عبادة:

+

                              

– طيب عن إذنك أنا يا يوسف، هسيبكم تتكلموا براحتكم..

+

                              

وسار مغادرا ليقف بجوار ابنته للحظات مربتا على كتفها يمنحها ابتسامة واثقة هامسا لها:

+

                              

– أنا معاكي في أي قرار تاخديه..

+

                              

داعما قوله بابتسامته وهزة رأس مؤكدة وانصرف وقد تركها وعبارته الأخيرة جعلتها تزداد ثقة بنفسها بأنها ليست بمفردها وأن والدها أبدا لن يتركها..

+

                              

أشار لها بالجلوس فاختارت الجلوس الى مقعد منفرد مكسو بقماش مطرز تطريزا يدويا فاخرا، فيما تبعها هو مستريحا فوق الأريكة المذهبة المقابلة لها، وقد انتبه من انشداهه لها، لا يعلم ما الذي رآه تحديدا وأصابه بالتيبس الشديد والانشداه، ولكن ما يعلمه جيدا أن ندى بها شيئا مختلفا اليوم!!.. قد تكون لمعة الثقة التي تبرق بها عيناها، أو تلك الابتسامة الناعمة التي تزين كرز شفتيها باستفزاز شديد له يجعله يتوق لمحوها بثغره العطش لارتشاف شهدهما!..

+

                              

بادلته ندى النظرات بثقة مشعة من عينيها ووجهها على حد سواء، وكانت أول من تكلمت لتقطع الصمت السائد بقولها وهي تهم برن جرس استدعاء الخدم:

+

                              

– تشرب إيه؟..

+

                              

ليسعل يوسف مجليا حنجرته قبل أن يقول وهو يحاول نفض تلك التخيلات التي لم تنجح سوى في رفع درجة حرارته الداخلية والخارجية:

+

                              

– لا شكرا، شربت شاي مع عمي عز..

+

                              

هزت رأسها برقة فيما أردف هو بجدية:

+

                              

– ندخل في الموضوع على طول.. أنا عاوز كتب الكتاب بالكتير في ظرف أسبوع، وأنتي قولتيلي اننا لازم نتكلم الأول، وأنا هنا عشان كدا.. اتفضلي..

+

                              

وأشار بيده لها كي تبدأ في الكلام، فيما زمّت ندى عينيها وهي تدقق النظر اليه، فهي تشعر بأن به شيئا مختلفا، ليس هذا هو يوسف الساخر العابث، فمن يجلس أمامها الآن بعيدا عن كل البعد عمّن تعرفه منذ أشهر، فالماثل أمامها يتحدث بجدية شديدة بلهجة رجال الأعمال وكأنهما في غمار خوض صفقة ما أو ما شابه، لتلمع عينيها بتحد وتهمس في سرّها:

+

                              

– أتراه يظن أنه لو خاطبني بلهجة الرئيس والمرؤوس هذه أنني سأتراجع عن موقفي مثلا؟.. إذن فقد أخطأت يوسف بك وستتأكد من خطئك ذاك حالا!!!…

+

          

                

تراجعت بظهرها الى الوراء الى الخلف ونظرت اليه تجيبه بهدوء وثقة:

+

– أوكي، عندك حق، مش لازم نضيّع وقت… أول سؤال عاوزة أعرف اجابته بجد… – سكتت هنيهة تطالعه بقوة ثم واصلت بجدية شديدة – ليه؟!!!!!..

+

قطب يوسف ومال الى الامام شابكا يديه وهو يجيب مكررا بتساؤل:

+

– ليه!!!!… ليه.. إيه؟!!!!!!!..

+

ندى بوضوح:

+

– ليه أنا؟.. ليه عاوز تتجوزني؟.. ليه عاوز تربط نفسك بأسرة وزوجة وانت كنت رافض دا ورافض أي حاجة تقيدك من وجهة نظرك؟..

+

استراح يوسف بظهره الى الخلف وبادلها نظراتها بنظرات أقوى منها وأجابها بنبرة واثقة حاسمة:

+

– عشان بحبك!!..

+

فتحت عيناها دهشة فلم تكن تظن انه سيكون سريعا وحاسما في ردّه على سؤالها بهذا الشكل بل توقعت منه المراوغة قليلا، لتتدارك نفسها سريعا مخفية دهشتها تطالعه بثبات أثار اعجابه، قالت وهي تركز عينيها عليه:

+

– وانت شايف الحب دا كفاية انك تعمل الشيء اللي كنت بتهرب منه؟.. ولو كفاية بالنسبة لك يا ترى يقدر يخليني أتغلب على قلقي وخوفي من ماضي زي ماضيك؟.. أيه اللي يضمن لي أنك ما تزهقش وتمل وتكتشف أنك مش عاوز تكمل في القيد اللي طول عمرك رافضه؟

+

طالعها يوسف بصمت لثوان خالتها دهرا قبل أن يجيبها بهدوء وثقة وهو يخرج علبة سجائره من جيب سترته الداخلي:

+

– أيوة للسؤال الأول.. الحب اللي أنا حاسس بيه دا هو الحافز ليا أني أقدم على الشيء اللي طول عمري بهرب منه، ودا يجيبنا للسؤال التاني.. – نظرت اليه بتساؤل في حين مال هو ناحيتها وتابع بجدية – رفضي للجواز أو القيد زي ما سميتيه مش لاني مش مؤمن بيه ولا حاجة، لأ.. رفضي ليه نابع من خوف جوايا أني أتجوز وأخلف ولأي سبب أسيب ورايا زوجة وأولاد يتعذبوا بفراقي، أنا دقت طعم الفراق وقاسيت مرارة جحود الأهل، وعشان كدا كبرت وأنا عندي قناعة أني مهما عشت فأنا هفارق، يبقى ليه أكون السبب في حزن يدخل قلب زوجة وأطفال؟.. فتلاقيني كنت عايش حياتي بالطول والعرض، اتجوزت عرفي؟.. مش بنكر.. – رمته بنظرة حادة بينما شعرت بلسعة حارقة تلهب قلبها بينما تابع هو وهو يطالعها بتركيز شديد – لكن اللي اتجوزتهم كلهم كنت واضح وصريح معهم من الأول، لا عمري وعدت وخلفت ولا ضحكت عليهم، كانوا عارفين انه الجواز دا عمره ما هيكون بشكل رسمي، وكلهم بلا استثناء أنا ما كونتش أول زوج ليهم، في منهم اللي ضربت الرقم القياسي في الجواز العرفي!!

+

شعرت ندى بغثيان شديد وهو يتحدث عن هؤلاء النساء اللاتي فقدن أي معنى من معاني الاحترام، بل ويقمن ببيع أجسادهن طلبا لاشباع رغبة حيوانية تحت مسمى “زواج”.. حتى وأن كان هذا النوع من الزواج ما هو إلا “زنا مقنّع”.. وانقدن خلف وسوسة الشيطان والذي زين لهن الخطيئة تحت مسمى “الحلال”.. حتى وأن كان هذا “الحلال”.. في الأصل ليس سوى غطاءا للـ.. “الحرام”!!!!!!….

+

        

          

                

أخرج يوسف سيجارة أشعلها بقداحته الفضية ومجّ منها نفسا عميقا ثم أخرجه من فمه وهو يتابع بينما سبحت دوائر سحب الدخان في الهواء بينهما ليطالع يوسف من خلالها وجه ندى الصامت أمامه، فتابع بوضوح:

+

– أنا عارف أنك رافضة من جواكي النوع دا من الجواز، لكن أنا كان عندي قناعة أنه اللي بعمله دا مش بأذي بيه حد خصوصا وأني واضح وصريح من الأول، وكل ما الايام بتمر كل ما كانت قناعتي بتزيد أكتر أني صح، خصوصا أني معظم البنات اللي عرفتهم كانوا اكتر من مرحبين بالنوع دا من العلاقة، وأنا ما لاقيتش اللي يخليني أغيّر من فكري.. لغاية ما لاقيتك انتي يا ندى!!!!

+

امتقع وجهها خجلا وقد بدأت نظراته تضطرم بمشاعره الملتهبة ناحيتها ليردف بصوت أجش:

+

– من أول لحظة شوفتك فيها واحساس غريب حاسيت بيه!!!.. – نصف ضحكة صدرت عنه وهو يردف – حاجة كدا زي الكهربا مرّت في جسمي كله!!.. ومع الوقت، وكل ما كنت بقرب منك أكتر كنت بتشد لك أكتر وأكترـ ولما عرفت.. – سكت مبتلعا غصة في حلقه ثم أجبر نفسه على المتابعة قائلا – حكايتك لاقيتني نفسي أنه حد يحبني كدا، ما انكرش اني اندهشت في الاول وداريت دهشتي و… – رفع عينيه مكملا ونظراته مسلطة عليها تأسران عينيها العنبريتين – غيرتي!!!… أيوة ما تستغربيش – ابتسم في سخرية خفيفة مردفا – أنا حاسيت بالغيرة!!.. واتفاجئت أني عاوز الحب دا!.. عاوز الوفاء والاخلاص دا، ولاقيتني ملهوف للشيء اللي كنت بهرب منه، اكتشفت ان حياتي باردة جدا، ومحتاج دفا، والدفا دا مش هيكون غير في حضن قلب بيحبني وبحبه وبيخاف عليا بجد…

+

ضحك باضطراب غريب عليه وتابع وهو يمرر اصابعه في شعره وهو يسحب نفسا عميقا من سيجارته المشتعلة:

+

– ندى.. أنا عمري ما آمنت بالحب، كنت دايما بسخر من انور لما كان بيقول لي أنه عمره ما هيسلم حياته وقلبه غلا للي تقدر تكسب حبه بجد، لكن لما عرفتك، ويوم عن يوم بيقربني منك، لاقيت أني مستعد أتنازل عن أي شيء في الدنيا.. إلا حاجة واحدة بس..

+

نظرت اليه بتساؤل ليجيبها بصوت غلفه الشوق:

+

– أنتي يا ندى!!… مش مستعد أتنازل عن حبك اللي حياني من أول وجديد.. عشان كدا.. أنا بعترف قودامك أني غلطت، حسبتها غلط من الآخر، لكن أنا عمري ما كنت جبان، أنا بواجه أي مشكلة أتعرض لها، وكون أني كدبت عليكي أنا مش بعتبره كدب، تقدري تقولي أنه استراتيجية حرب!!.. أو تكتكيك!!!.

+

فتحت عينيها مذهولة من وصفه لعلاقتهما وكررت بصدمة:

+

– حرب!!!!!!

 أومأ وهو يميل ليطفأ السيجارة في المنفضة الكريستال أمامه:

+

– أيوة.. وكل شيء مباح في الحب والحرب، وأنتي الحصول على قلبك دا كان ولا زال هدفي..

+

رفع رأسه ناظرا اليها بعمق وهو يردف بعزيمة كبرى:

+

        

          

                

– وهوصلُّه.. مهما طال الوقت بينا!!!!!!…

+

سكت قليلا لتستوعب كلماته جيدا ثم أردف بوضوح:

+

– عشان كدا أنا مصمم على كتب الكتاب، عشان أهدم الحواجز اللي بيننا، طول ما احنا كدا مش هعرف أقرّب منك خطوة واحدة، لأني عارف أنه فيه حدود ليكي مهما كان في التعامل، والشيء دا على أد ما هو بيغيظني، لكن.. – وابتسم لها بحب مردفا – بيزيد من احترامي وحبي ليكي، ندى.. أنا عاوزك تكوني مراتي وأم أولادي، عاوز لما أكبر ألاقيكي جنبي، عاوز دفا قلبك لأني تعبت جدا من الصقيع اللي في حياتي، أديني فرصة يا ندى، ما تحكميش عليّ بناءا على ماضي أنتي ما كنتيش فيه، وكان ليا ظروفي ساعتها مهما كانت مبررة أو لأ من وجهة نظرك، ممكن تدينا الفرصة دي؟…

+

سكتت ولم تعقّب لوهلة، لقد قلب يوسف الطاولة عليها وهو يكشف أوراقه كلها أمامها، اعتراف بالخطأ لم تكن تتوقعه بل ظنّـت أنه سيبرر أفعاله بغرور وعنجهية ذكورية، قائلا لها بأنها كانت حياته الماضية التي ليس لها دخلا بها، ولكنه صرّح بحبه القوي، ووضّح أسباب علاقاته تلك، واعترف بخطئه، وفي الأخير.. رمى الكرة بملعبها وهو يطلب منها أن تمنحه فرصة أخيرة ليفوز بقلبها وحبها، ومع تصريحه الصادق بأنه يريدها هي زوجة له وأما لأولاده كان يخلخل آخر حصن من حصون مقاومتها، فأنّى لامرأة أن ترفض رجلا يضع قلبه أسفل قدميها كما فعل وهو يعرض عليها قلبه وحبّه؟.. أين هي تلك التي تستطيع الصمود أمام لهجته الحارة وهو يصرّح برغبته بأن تكون زوجته.. امرأته.. وأمًّا لأولاده!!..

+

أن يكون لها أطفال من يوسف أمرا جعل دماء الخجل ترتفع بقوة الى وجهها حتى غدا كثمرة الفراولة الطازجة، سكتت لدقائق تحاول استجماع شتات نفسها التي بعثرها بكلماته الصادقة التي لمست عمق داخلها، قبل أن تسحب نفسا عميقا ثم قالت وهي تنظر اليه بعينيها النجلاوين:

+

– زي ما أنت صريح معايا، أنا كمان لازم أكون صريحة معاك يا يوسف – أولاها يوسف كامل انتباهه في حين أكملت هي – أنا كنت شِيلت من دماغي موضوع الارتباط دا خالص من بعد وفاة معتز الله يرحمه – طعم لاسع شعر به وهو يسمع اسمه من بين شفتيها الناعمتين فيما تابعت هي دون ان تنتبه لوجومه – واللي حصل انك اتقدمت لي، وقدرت تكسب ماما في صفّك، وبابا زيّ أي أب عاوز يطمن على بنته دا غير أنك صديق أنور الروح بالروح زي ما بيقولوا، ووافقت عليك، وافقت أني أدّي نفسي الفرصة اللي بتقول عليها، وبعدها اتفاجئت بحقيقة علاقتك بمايسة، وبعدين بماضيك كله، اكتشفت أن الانسان اللي وافقت أرتبط بيه.. واحد معرفوش!!.. 

+

زفر يوسف بتعب فيما تابعت ندى:

+

– وكانت النتيجة الطبيعية أني أقارن!!!…

+

رفع رأسه هنا وقد تحفّزت جميع حواسه وهو يسمعها تقول بجدية ووضوح:

+

– أيوة يا يوسف.. أقارن!!.. أقارن بين واحد أنا كنت كل شيء في حياته، وواحد عنده قائمة طويلة ببنات من كل مكان، حتى لو كنت أنا آخر أسم في القائمة دي عندك، أنا كنت عنده الاسم الأول والأخير والوحيد!!!… 

+

        

          

                

قبض على أصابعه حتى ابيضت سلامياته وهو يسمعها تكمل بحزن شفاف:

+

– أول كلمة حب، أول همسة، أول لمسة، أول…….

+

صرخ يوسف وهو يقفز واقفا:

+

– بس خلااااااااص!!!!!!!!..

+

رفعت عينيها إليه وقالت بابتسامة مرة:

+

– مالك يا يوسف؟.. اتضايقت من كلامي؟!!

+

مال عليها يزرع عينيه من عينيها وأجابها بهمس خطر:

+

– لما تقارني بيني وبين راجل تاني.. أكيد مش هكون مبسوط!!!!

+

احتدت قائلة:

+

– وأنا!!!!… مفكرتش أني أكيد في كل مرة هكون معاك فيها مش هقارن بيني وبين كل واحدة عرفتها قبلي؟.. أي كلمة هتقولها لي هفكّ{ مليون مرة أنك قلتها لغيري قبل كدا..

+

أطبق على مرفقيها يرفعها من مقعدها ويوقفها أمامه وهو يشدد على ذراعيها هادرا بغضب:

+

– أنا عمري ما قلت لحد غيرك.. بحبك!!!… 

+

سكتت ليردف بتصميم قوي:

+

– أنتي الوحيدة اللي خلّيتي قلبي يدق، والأولى والوحيدة بردو اللي قلت لها بحبك!!.. عمري ما قلت الكلمة دي لأي حد تحت أي سبب!!.. ولو فكرتي شوية.. هتلاقي أنه العذاب اللي بتتكلمي عنه لما بتفكري في اللي عرفتهم قبلك، أنا بعاني أضعافه لما بفكّر أنه فيه قبلي امتلك قلبك.. – وضغط بدون وعي منه على مرفقيها حتى كادت تئن من فرط ألمها فيما تابع هو بأسى يقطر من أحرف كلماته – حتى لو الانسان دا.. مات!!!!.. لكن هيفضل أنه أول شخص قلبك يدق له، عرفتي بقه أنه عذابك اللي بتقولي عليه ما يجيش نقطة في بحر من عذابي أنا؟!!!.. كفاية أنه انهرده والمفروض إني جاي لك عشان نتكلم ونحدد معاد الفرح، لاقيتك.. روحتي له!!!

+

شهقت ندى في ذهول ليتابع هو بمرارة وهو يطالعها بعينين معذبتين:

+

– أنا جيت الصبح يا ندى زي ما قلت لك امبارح، قلت فرصة أنّـا نازلي هتكون نايمة عشان أعرف أتكلم معاكي براحتي، وقبل ما أنزل بالعربية لمحتك وأنتي خارجة من البوابة بعربيتك، لاقيتها فرصة أني أحصّلك ونقعد في أي مكان بعيد عن الكل ونتكلم زي ما احنا عاوزين، لكن للأسف، اتفاجئت أنك رايحة المقابر، وبالتحديد مدفن عائلة زيدان، وطبعا مش محتاجة ذكاء عشان أعرف أنك روحتي له!!..

+

سكت لثوان فيما شحب وجهها وهي ترى العذاب مرسوما على وجهه ويقطر من نظراته فيما أردف هو بحنق وأسى:

+

– روحتي له ليه يا ندى؟.. احساس بالذنب؟.. ولّا اشتياق وحنين لواحد غاب عنك وبتقارني بينه وبيني زي ما قلتي دلوقتي؟..

+

سكتت ندى ليصيح غاضبا:

+

– ردي يا ندى أنا هتجنن!!!!

+

ولحظتها علمت ندى سبب التغيّر الذي شعرته ما أن رأته اليوم، لم يكن هو يوسف الساخر العابث بل انسان بارد غامض، أجابته وهي تحاول تمالك نفسها:

+

        

          

                

– أنا ما روحتش لا إحساس بالذنب زي ما انت فاكر، ولا بقارن بينه وبينك، الموضوع أني حاسيت أني محتاجة حد أتكلم معه… يوسف… أنا طول عمري ماليش اصحاب غير رنا وأنور ومعتز الله يرحمه، رنا وأنور مش موجودين دلوقتي، مالاقيتش غيره هو.. أكلمه وأفضفض له، حتى لو كان مش هيقدر يرد عليا لكن أنا متأكدة أني هرتاح بعد ما أتكلم معاه!!!

+

صرخ يوسف بشراسة وعيناه محمرتان بقوة:

+

– أنتي فاكرة أنه دا مبرر؟.. المفروض أني أكون أنا أول واحد ييجي في بالك أنك تتكلمي معه، لو فاكرة أنك بكلامك دا هتخليني أهدى تبقي غلطانة.. أنت كدا ضاعفتي عذابي أكتر وأكتر!!

+

صاحت ندى والتي يئست من الافلات من قبضته التي تشتد وبقوة دون وعي منه:

+

– أتكلم معاك إزاي وأنت سبب حيرتي؟.. إزاي وأنت السبب في المتاهة اللي أنا حاسة أني دخلتها برجليّا؟.. مينفعش!!!!!!!

+

هدر بغضب عنيف:

+

– المتاهة دي انتي السبب فيها!!.. انتي اللي مصممة تعاندي قلبك وتقفي قودام مشاعرك الحقيقية، حطي عينك في عيني يا ندى وقوليلي السبب الحقيقي اللي خلّاكي توافقي عليّا!..

+

همدت مقاومة ندى وقالت بتلعثم بسيط:

+

– سبب؟!!.. سبب إيه دا؟..

+

ولكن يوسف أبى أن يفلتها أو أن تهرب منه ليديرها ناحيته فيما تحاول هي الاشاحة بنظرها بعيدا وهو يهتف بحنق:

+

– أنا قلت لك السبب اللي خلاني عاوز أتجوزك أنتي بالذات يا ندى، وكنت صريح معاكي،لأني بحبك، وأظن من حقي أنا كمان أني أعرف أنتي ليه وافقتي عليه من الأساس؟.. وما تقوليش بابا وماما وضغطوا عليكي لآنك عارفة ومتأكدة زي ما أنا عارف ومتأكد أنك لو رافضة فمن رابع المستحيلات أنهم يقدروا يجبروكي على الموافقة!!!!!..

+

لعقت ندى بطرف لسانها شفتيها الجافتين وأجابت وهي تحاول ادعاء الثبات:

+

– أنا مش فاهمه أنت عاوز توصل لإيه بالظبط؟!!

 ليباغتها بوضعه راحة يده اليمنى فوق موضع قلبها تماما هاتفا بحرقة:

+

– لـ.. دا!!!.. أنا عاوز أوصل لـ دا يا ندى، لقلبك، وهوصله، تأكدي من كدا!!!!!

+

صوت جلبة واضحة قاطع استرسال نظراتهما ثم صوت حانق يهتف بغضب:

+

– أنتي فالاد سيس خرسيس.. أزاي امسكي بنتنا كدا؟.. كمان أنا مش قلت أني لازم أنّا ناولي كون موجود؟.. فيش أسمع كلام ليه؟..

+

زفر بضيق واضح مغمض عينيه ثم هتف من بين أسنانه بنزق تام:

+

– ما أنا جيت في الوقت اللي حددتيه يا أنـا، أنتي اللي اتأخرتي، وبعدين أنا عاوز أتكلم مع ندى… فين المشكلة؟..

+

صزت خطوات مختلطة بطرق عصاها العاجية فوق الأرضية الرخام يقترب منهما تبعها صوت حانق يهتف بغلظة:

+

        

          

                

– أول روحي هناك يوسف، وقوف كدا غلط!!!!!

+

ولم تترك له المجال للمجادلة اذ سرعان ما دفعته بقاعدة عصاها في ظهره وهي تردف بصرامة:

+

– شيل ايدِك عن ابنتنا!!!!!..

+

هتف يوسف من بين أسنانه رافعا رأسه الى الأعلى:

+

– الصبر ياااارب…

+

فيما هتف صوت آخر يعلمه جيدا يقول بسخرية:

+

– سلّم نفسك يا جو، ارفع إيدك لفوق!!!!!!!!!!…

+

ليكتم شتيمة نابية كادت تخرج من شفتيه وهو ينطق اسم صاحبة الصوت ضاغطا على أسنانه:

+

– سعادات!!!!!!!!!!!!!!!…

+

قالت سعادات ببراءة:

+

– نعم يا جو!!!!!!!!!!…

+

أفلت ندى وهو ينظر اليها ببؤس جلب البسمة الى شفتيها، بينما تشكر الله بداخلها على دخول الجدة نازلي في اللحظة المناسبة فأنقذتها من استجواب يوسف والذي تعلم جيدا أنه قد تأجّل فقط.. ولكنه لم يلغى!!!!..

+

يوسف بحنق هامس:

+

– بتضحكي!!!. فرحانة انتي طبعا مش كدا؟..

+

اكتفت بإيماءة رأس موافقة في حين أردف هو بسخط:

+

– عشان تعرفي أنا كنت عاوز ليه في وقت هي فيه نايمة، لا ويا ريتها لوحدها، دي معها عملي السيئ اللي في حياتي، هو ناقص؟!!!!!!…

+

نازلي بأمر:

+

– ابعدي فالاد.. بعدين أنتي حسابك عسير معايا عشان جيت في موعد أنا رفضته!!!

+

قطب كلا من يوسف وندى في تساؤل وتبادلا النظرات الحائرة قبل أن يستدير يوسف ليواجه نازلي في حين وضعت سعادات يدها على فمها وهي تنظر اليه بعينين واسعتين، قال يوسف بريبة:

+

– وأنتي عرفتي منين أنـّا أني جيت في معاد تاني؟.. أنتي قلتي بعد المغرب وأنا هنا فعلا بعد المغرب!!!

+

سعادات ساخرة:

+

– لمّع أوكر حضرتك!!..

+

في حين هتفت ازلي بظفر ولم تفطن للمعنى المبطن وراء سؤاله:

+

– أها.. أنتي جيتي الصبح قبل كدا، أنا مش نايم على وداني!!..

+

سعادات بهمس مسموع مستهجن:

+

– مش نايم على ودانك لكن دقّة عصافير حضرتك!!!!!!!..

+

ما أن أنهت عبارتها حتى هتفت فيها نازلي بحنق:

+

– بنت مصيبات.. مين دق عصافير دي؟.. أنا أقتل عصافير؟.. أزاي أنت قول كدا بغلة خنازؤورة؟.. عصافير دي كائنات صغيرة رقيقة وأنا مش أقدر أقتلها، أنت مش بس مصيبات.. لا… أنت بلوات كبيرات!!!!!!!!..

+

ندى وهي تدنو من نازلي:

+

– يا أنـّا ما تزعليش سعادات مش قصدها اللي فهمتيه!!

+

        

          

                

نازلي بسخط:

+

– هو قال دق عصافير، أنا مش ممكن أدق عصافير!!

+

سعادات باستنكار:

+

– هو أنا قلت أنك هتدقيهم في الهون!!.. جرى إيه يا حاجة؟.. دي كلمة معناها أنك بتصدقي أي حاجة ارتحتي كدا؟!!!!!!!

+

عينان واسعتان قابلتاها بصدمة جلية فيهما وهتفت صاحبتهما بجزع:

+

– أمان ربي أمان… يعني مش بس افتري على أنـّا وقول دق لا.. وحاجة وكمان اسخر من حظرتونا أنا بنصدّق كل حاجة؟!!!..

+

يوسف هادرا بقوة:

+

– بس!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!..

+

ليسكت الجميع بما فيهم نازلي التي قطبت لصيحته المدوية وما لبث أن نفخ باختناق مردفا باعتراض:

+

– أظن أني هنا عشان موضوعي أنا وندى، يبقى يا ريت تسيبونا عشان احنا لسه ما حددناش المعاد!!!!

+

سعادات باعتذار:

+

– معلهش يا جو أنا آسفة، أنا جيت انهرده بالصدفة عشان أبلة ندى تشوف لي حل في المجنون اللي اتحدف عليا معرفش منين، ولما انت جيت أبلة ندى نزلت لك و.. – ونظرت الى نازلي التي كانت تبادلها النظرات بأخرى ساخطة – أنّـا نازلي كانت في أودتها ولما عرفت أنك هنا صممت أنها تنزل، ومقدرتش أمنعها، عموما أنا هسيبكو لوحدكم لكن مش هقدر أمشي قبل ما أبلة ندى تقولي أعمل إيه؟..

+

قبل أن يتثنى ليوسف الكلام قالت نازلي بحزم:

+

– كتب كتاب لسه مافيش معاد ليه؟.. بنت ندى.. – ونظرت الى ندى بصرامة متابعة – أنت عاوز إدي يوسف فرصة تاني؟..

+

ابتلعت ندى ريقها بتوتر وقالت بتلعثم:

+

– يا أنـّا احنا فيه حاجات كتير لسه ما اتفقناش عليها و…

+

هتف يوسف وهو يقترب منها بخطوات واسعة:

+

– أي حاجة أنا موافق عليها بس نكتب!!!

+

سعادات بتحسّر:

+

– يا عيني يا جو.. دا هيكتب على نفسه!!!!!!!!

+

وكالعادة همستها الغير مسموعة كانت.. مسموعة!!.. لتقابل بنظرات ساخطة من يوسف ونازلي التي تحدثت مخاطبة ندى:

+

– قول ندى شروطك..

+

ندى وهي تحاول شحذ همتها:

+

– كتب كتاب مش معناه جواز لا.. كتب كتاب يعني خطوبة!!!

+

قطب يوسف وقال بحيرة:

+

– كتب كتاب يعني خطوبة إزاي مش فاهم أنا؟..

+

ندى وهو تنظر اليه محاولة بث الثقة في نفسها وطرد الخوف الذي أرسلته نظراته اليها:

+

– يعني الممنوع في الخطوبة ممنوع في كتب الكتاب!!!!.

+

صوت ضحكة كنقار الخشب تعالت:

+

– هـ. آو آو آو!!!!!…

4

نظرة قاتلة رماها لسعادات التى غطت فمها براحتها وهي ترفع يدها لأعلى في اعتذار هامسة:

+

        

          

                

– سوري يا جو… 

+

ثم أردفت:

+

– ناس طيبين أوي يا خال!!..

+

هتف يوسف بكلمة واحدة وكان قد بلغ صبره منتهاه ولم يجد غيرها أمامه ليهتف فيها منفّسا عن بعض من غضبه:

+

– اخرسي!!!!!!!!!!!!…

+

لتخرس بالفعل.. سعادات نهائيا!!!!!!!!!!!!..

+

يوسف بضيق موجها كلامه الى ندى:

+

– يعني بذمتك دا كلام ناس عاقلين؟.. إزاي نكون مكتوب كتابنا يعني انتي شرعا مراتي لكن لسه مخطوبين؟.. أفهمها إزاي دي؟..

+

ندى بسخط:

+

– أولا كتب الكتاب عندنا مش يعني جواز، كتب الكتاب خطوبة بس في اطار شرعي، تاني حاجة بقه أنت بتقولي شروطك إيه وأنا بقولك أهو.. مش عجبك..

+

همست سعادات ساخرة:

+

– إوزن برّه!!!!…

3

يوسف هادرا:

+

– برّه!!!!!!!!!!..

+

فتحت سعادات عينيها واسعا ليردف يوسف بصرامة:

+

– برّه يا سعادات، ما هو مش هنيفع تفضلي قاعده عاملة زي المعلّق الرياضي اللي بيذيع ماتش ويعلق ع اللعبة الحلوة!!!!!.

1

نازلى باعتراض:

+

– هايْ هايْ.. انتي فالاد.. بيت أبوكي هو عشان اطرد منه زي ما انتى عاوزة؟…

2

حدق يوسف بنازلي بانشداه وفقد قدرته على النطق لثوان لتقترب منه سعادات وتلوّح بيدها كالمروحة أمام وجهه وهي تهتف:

+

– حصل خير.. حصل خير، روّق يا جو.. اعمل نفسك مش واخد بالك!!!!..

+

في حين أردفت نازلي:

+

– بس أنت مصيبات.. أبعد عنها، أما نشوف آخر ندى وهي إيه؟..

+

ابتعدت سعادات في حين أردفت ندى ببرود:

+

– مش أنت قلت لي أنك موافق على شروطي؟.. هما شرطين.. دا أول واحد..

+

قطب يوسف متسائلا في ريبة:

+

– والتاني؟..

+

ندى بهزة من كتفيها الدقيقتين:

+

– السجاير!!!..

+

قطب مستفهما:

+

– مالها السجاير؟!!!!..

+

ندى بوضوح:

+

– مش بحبها ولا بطيق ريحتها، دا غير أنها خطر وحرام كمان..

+

اقترب منها يوسف هامسا أمام وجهها فلم يتخطى صوته إلا سمعها هي:

+

– أفهم من كدا أنك قلقانه عليا؟.. عموما.. أنا موافق.. بس بشرط!!!

+

قطبت ندى متسائلة:

+

– شرط؟.. شرط إيه دا أن شاء الله؟..

+

يوسف ساخرا:

+

– يعني انتى عمالى تتشرطي عليا مش من نفسي أنا كمان..

+

        

          

                

نفخت ندى بضيق هاتفة:

+

– طيب اتفضل قول..

+

مال يوسف على أذنها هامسا:

+

– أنا بشرب تقريبا تلات علب سجاير في اليوم، يعني تقريبا 36 سيجارة، أنا بقه عاوز قودام كل سيجارة هسيبها… بوسة!!!!!!!!!!!!!..

4

شهقة ناعمة صدرت عنها كادت تطير بصوابه في حين أجابت حانقة:

+

– نعم؟!!!!!!!!!!… دا أنا لسه بقولك كتب كتاب بس خطوبة تقولي.. بوسة؟!!!!!!!!!…

+

يوسف وهو يحرك كتفيه صعودا وهبوطا:

+

– والله اللي أوله شرط آخره نور!!

+

ندى بتحد:

+

– لا يا يوسف!!.. هتبطل السجاير وما فيش قلة أدب!!!!!!

+

لتصدح ضحكته عاليا قطبت لها سعادات ونازلي التي هتفت بسخط:

+

– انتي اضحكي ليه فالاد يوسف؟..

+

يوسف من بين ضحكاته وهو يطالع ندى التي امتقع وجهها خجلا وكادت تسبه:

+

– أبدا يا أنـّا.. 

+

نازلي نافخة بضيق:

+

– أنت فالاد.. عاوز فعلا جوز ندى؟!!!

+

يوسف بلهفة وعيناه مسلطتان على أميرة أحلامه:

+

– عاوز وبس؟!!!.. دا حلم عمري يا أنـّا!!!

+

هزت نازلي رأسها بمعنى الموافقة وقالت:

+

– ايفيت… خلاص.. يبقى كتب كتاب أنتم مع كتب كتاب مصيبات ولؤيات، يعني يوم الخميس الجايات!!!!!!

1

هتفت سعادات بصدمة:

+

– إيه؟!!!!! يوم الخميس الجايات!!!! 

+

و.. سقطت مغشيا عليها ليسارع يوسف برفعها في حين قالت نازلي بحزن:

+

– مات؟!!!!..

+

ثم أصدرت صوتا متحسرا وتابعت:

+

– كان طيب مصيبات دي…

2

وكانت سعادات قد أفاقت من اغماءتها القصيرة على إثر صفعات يوسف الخفيفة لها وقالت بوهن وكانت قد سمعت سؤال نازلي :

+

– لا مش مات… لسّه في العمر بقيّات… يا… – تابعت بصوت منخفض ضعيف – تيزات!!!

+

ولكن بالطبع همسة سعادات مسموعة، لتقف سعادات أمام يوسف وتقول بجدية:

+

– يوسف..

+

نظر اليها يوسف في تساؤل فتابعت بحزم:

+

– اقتليها!!!!!!!!!!!…

1

لتجحظ عينا يوسف بغير تصديق وهو يتبادل النظرات المذهولة مع ندى في حين شحب وجه سعادات التي أغشى عليها هذه المرة ولمدة طوييلة!!!!!!!!..

+

*******************

+

– انت اتفقت خلاص مع أبو عروستك يا لؤي؟..

+

أومأ لؤي وابتلع طعامه حيث جلست لعائلة تتناول طعام الافطار في الحديقة:

+

        

          

                

– أيوة يا بابا، امبارح بعد ما وصلتكم روحت له واتفقنا على المعاد، يوم الخميس اللي جاي ان شاء الله..

+

دولت باعتراض:

+

– أنا مش فاهمه ليه السرعة دي؟.. مش هنلحق نعزم حد كدا..

+

لؤي بهدوء:

+

– حفلة كتب الكتاب هتكون صغيرة يا ماما يعني يدوب أهلنا وأصحابنا المقربين، في الفرح ابقي اعزمي اللي انتي عاوزاه، وأنا بقولك من دلوقتي أهو.. الفرح في خلال شهرين عشان تعملي حسابك..

+

شهقت دولت وهتفت:

+

– ليه السرعة دي؟.. هي الدنيا هتطير؟!!

 لؤي بهمس منخفض:

+

– لا وانتي الصادقة يا ماما.. سعادتي هي اللي هتطير!!

+

وسكت متذكرا أحداث الليلة السابقة حينما وصلت سعادات ودلفت الى منزلها لتفاجئ بوجوده مع والدها لتحديد موعد عقد القرآن وكان قد أخبر أبوها بموافقتها والدليل على ذلك رجوعها مع يوسف فقد خجلت من مرافقته وأهله بعد أن استطاع اقناعها، ليتفقا على أن يفاتح هو أبوها!!

 وبالطبع لم تستطع تكذيبه، وهذا الشيء ما أثار التساؤلات بداخلها، لما لم تصرخ به بأنه كاذب وتخبر والدها بأنها لا علم لها بما يقول؟.. بل أنها قد اعترضت على تقديم موعد عقد القرآن؟.. ولكنه ذلك الاحساس اللذيذ الذي يشبه المخدّر الذي يصيبها ما أن تتواجد بجواره، وعزّت ذلك الى نوع العطر الذي يستخدمه والذي لم يسبق لها وأن اشتمت مثيلا له!!!…

+

لتنقضي أحداث تلك الليلة وقد وصلتها الرسالة، “لا تتحديني.. فأنت الخاسرة دوما”!!..

+

صوت أمه ونداءاتها المتكررة أيقظه من شروده ليقول بابتسامة:

+

– جرى أيه يا دولت هانم.. مش عاوزة تفرحي بابنك ويبقى لك أنتي وفاضل بيه حفيد ولا حفيدة؟..

+

علم لؤي حين رأى لمعة عيني والدته أنه أصاب في اختيار كلماته التي لاقت هوى في نفس والدته التي تحلم برؤية أحفادها تقفز وتركض حولها، ليقول فاضل الذي فطن لغرض ولده من القائه بتلك الكلمات ليحصل على موافقة والدته:

+

– شوف مامتك سكتت ازاي؟.. أنا متأكد أنها دلوقتي بتتخيل شكلهم إيه!!..

+

دولت بابتسامة ساهمة وعينان شاردتان الى الامام:

+

– أكيد هيبقوا زي القمر، وهيتنططوا حوالينا هنا وهناك، ياس لام يا لؤي..

+

لتستدير الى ابنها المبتسم وهي تهتف بحماس:

+

– أوكي يا لؤي، أنا هبدأ من دلوقتي أعمل قائمة بأسامي الناس اللي هندعيهم للفرح، وبالمرة نشوف القاعات، فرحك لازم يكون أحلى فرح في مصر كلها..

+

ثم وجهت كلامه الى رشا التي جلست تتلاعب بطعامها في الصحن أمامها دون أن تأكل فعليّأ كما أنها لم تبادلهم كلمة منذ جلوسهم:

+

        

          

                

– وأنتي هتدوري معايا على القاعة يا رشا اوكي؟..

+

تركت رشا الشوكة من يدها وأجابت ببرود:

+

– أنا شايفة أنه العريس والعروسة هما اللي يختاروا، ولو أني متأكدة أني العروسة مش هتعرف بس لؤي أكتر واحد بيعرف..

+

لؤي ببرود:

+

– بيعرف إيه يا رشا؟..

+

رشا وهي تستعد لمغادرة المائدة وببرود أشد:

+

– يختار!!!

 ونهضت من مقعدها واستدارت لتنصرف ليوقفها صوت أبوها وهو يأمرها باللحاق به إلى مكتبه وسط نظرات الحنق من لؤي والحيرة من دولت!!!..

+

اغلقت رشا الباب خلفها تماما كما طلب والدها، وسارت حتى وقفت أمامه وكان هو يقف مستندا على حافة المكتب، ما أن وصلت اليه ووقفت أمامه حتى ارتفعت يده لتهوى على وجهها في صفعة مؤلمة مباغتة جعلتها تشهق ألما وصدمة، بينما هتف والدها بغضب ناري مكتوم:

+

– مين اللي دخل البيت في غيابي يا.. بنت الأكابر؟!!!!!!!..

+

شحوب وجهها والدم الهارب منها وارتعاشة شفتيها كلها كانت أكثر من كافية ليعلم فاضل أن هناك من دخل بيته بالفعل، ليستشيط غضبا ويهتف بانفعال خطير:

+

– مين اللي دخل بيتي يا بنت فاضل؟..

+

رشا متلعثمة:

+

– والله العظيم يا دادي أنا ما سمحتش لحد أنه يدخل وحضرتك مش موجود..

+

فاضل بشراسة:

+

– لآخر مرة بسألك يا رشا… مين اللي جه هنا ليلة ما سافرنا نخطب لأخوكي؟..

+

رشا بتلعثم واضطراب بينما ازدادت ضربات قلبها:

+

– دا.. تيمو يا دادي، صاحبي من الشلة، لكن – ورفعت سبابتها تكمل بيأس – والله أنا ما كنت أعرف، دا حتى أنا افتكرته حرامي وضربته بالمدق الخشب بتاع اللحمة كان هيموت فيها!!

+

قطب فاضل في ريبة متسائلا في توجس:

+

– ضربتيه بالمدق الخشب؟!!!!

+

هزت رشا برأسها موافقة فأكمل فاضل:

+

– محدش كان معاكي وقتها؟..

+

لتتنحنح رشا قبل أن تجيب فلا بد لها من الاجابة وبصدق، ولكنها لا تعلم ترى هل سيؤكد ذلك الجلف كلامها أم سيزيد من غضب والدها عليها؟.. ولكن ما يشغلها حقا.. ترى.. كيف علم والدها بمجيء حاتم للمزرعة؟.. هل من المعقول أن يكون لـ.. “دكتور البهايم” دخل في هذا؟..

+

ناداها والدها بصرامة قائلا:

+

– رشا… أنا سألتك سؤال ومستني إجابته.. حد كان معاكي وقتها؟.. من الخدامين مثلا؟!!

+

رشا بحيرة:

+

– الخدامين كانوا نايمين الوقت كان متأخر وجناحهم في الناحية التانية، هو دخل من باب المطبخ اللي بيطل على الجنينة، بس بليز دادي.. ممكن أعرف الأول قبل ما أجاوب على سؤالك مين اللي قال لك انه حاتم جه هنا؟..

+

        

          

                

فاضل بغضب ساخر:

+

– هو بنفسه!!!

+

شهقت رشا بغير تصديق:

+

– أوه نو!!!.. هو؟… حاتم اللي قال لك أنه جه هنا؟..

+

أومأ فاضل بالايجاب وأردف باستهزاء:

+

– بجاحة بقه!!… يتهجم على بيتي وييجي لغاية عندي يقول لي أنه كان هيموت وهو بيزورك هنا!!

 قطبت رشا وهتفت بسخط:

+

– بيزورني؟.. دا كداب؟.. وبعدين ما هو مش مات أهو، هو كان يقصد إيه أنه يروح ليك؟.

+

فاضل بسخرية:

+

– والله قولي أنتي!!.. واحد اتهجم على بيتي في غيابي، وبنتي ضربته على نافوخه كان هيموت، وبعد دا كله ييجي لغاية عندي وبكل بجاحة يقول لي أنه كان بيزورك وأنه واحد من الخدامين حاول يقتله!!!

 شهقة أعنف صدرت عنها هتفت بحدة بعدها:

+

– دا كداب!!!.. مش كان فيه خدامين، أنا و….

+

وسكتت ليسألها أبوها بصرامة:

+

– أنتي ومين يا رشا؟..

+

رشا برجاء:

+

– هقول دادي.. بس بليز اسمعني كويس، أنا مش كنت أعرف أنه جاي، هو قالي في الفون بس أنا رفضت، ولما سمعت صوت افتكرته حرامي خبطته بالمدق الخشب وقع، وبعدين.. حازم جه وكنت افتكرته مات طمني أنه لسه عايش!!!

+

فاضل باستغراب:

+

– حازم!!!!!..

+

أومأت رشا بالايجاب:

+

– أها…

+

ايرفع فاضل هاتفه المحمول ويضغط بضعة أرقام ثم تحدث بصوت حازم باتر:

+

– عاوزك قودامي.. حالا!!!!

 قطبت رشا وما هي الا ثوان وكان باب الغرفة يطرق فسمح فاضل للطارق بالدخول ليدلف حازم مغلقا الباب خلفه!!!!!

+

تقدم حازم من فاضل الواقف يستند الى حافة المكتب فيما تقف أمامه رشا والتي أشاحت بوجهها بعيدا عنه، وقف حازم على مسافة قريبة وبعد أن ألقى السلام قال:

+

– حضرتك طلبتني؟..

+

فاضل بجدية:

+

– انت اللي كنت موجود يوم ما الهانم ضربت زميلها كانت هتموته؟..

+

نظرة حازم المفاجئة كانت كفيلة بازالة أية شكوك ساورتها عن كونه هو من وشى بها قبل أن يخبرها والدها بأنه حاتم ذلك الغبي، قال حازم بهدوء:

+

– أيوة يا فندم..

+

فاضل وهو يهز رأسه موجها نظراته الى رشا:

+

– عارفة الفرفور دا جاي يقول لي إيه؟… 

+

نظرت اليه بتساؤل فأردف بسخط:

+

– بيساومني، يا إما أوافق على جوازكم يا يقول للناس كلها أنك كنت هتموتيه لما…

+

        

          

                

وسكت وقد وجد صعوبة في المتابعة ولكنه ضغط على نفسه وأردف:

+

– لما ظبطك مع واحد من عمال المزرعة في وضع مريب!!!!!!!!!!

+

كتم حازم لفظ نابي كاد يطلقه في حين تكفّلت رشا هي بهذا اللفظ وهي تنطقه بالانجليزية وبغلّ تام:

+

– son of the beach!!!…

4

هتف والدها بغضب:

+

– رشا!!!!!!!!!!!!

+

في حين رماها حازم بنظرة مزدرية، قالت رشا بعدم شعور بالأسف الفعلي:

+

– sorry dad, but he deserves it!!..

1

في حين قال حازم بجدية:

+

– اسمح لي يا فاضل بيه… البني آدم دا حقير، وأفضل شيء تعمله أنك تتجاهله، دا واحد كداب..

+

فاضل بيأس:

+

– الناس للأسف مالهاش إلا الظاهر بس يا حازم يا بني، وبنتي.. – وأشار الى ابنته متابعا بخيبة أمل واضحة – أي حد يسمع عنها حاجة مش كويسة هيصدقها، كفاية لبسها وطريقتها، هتخليهم يصدقوا أي حاجة من غير ذرة شك واحدة!!!..

+

نظر اليها حازم لتستعيد في ذاكرتها كلماته التي أطلقها في وجهها ذاك اليوم وهو يهاجمها بأنها جعلت من نفسها “لحم رخيص”.. وأن عائلتها تحمل همّها ويشعرون بعدم الراحة وبالقلق المزمن تجاهها!

 اقتربت من والدها وقالت بعينين تغطيهما طبقة كريستالية من الدموع الشفافة:

+

– دادي بليز.. صدقني، أنا مش عملت أي حاجة غلط، أنا حافظت على اسمك داد، ومش ممكن أبدا أخون ثقتك دي..

+

فاضل بعتاب:

+

– لا يا رشا، للأسف. أنتي خونتيها!!.. خونتيها في أصحابك اللي نعرفتيش تختاريهم صح، خونتيها يوم ما فهمتي الحرية الزايدة غلط، خونتيها وأنتي بتسمحي لنفسك أنك تتعاملي مع أحط أنواع البشر والاسم صداقة!!… عشان كدا كان القلم دا!!.. عشان أنتي كنتي السبب أني أقف قودام عيّل مش راجل، يساومني وفاكر نفسه هيبيع ويشتري في بنتي براحته!!.. أنا عاوز أسألك سؤال.. الواد دا قالي انه بينكم – وقلّد طريقة حاتم الصبيانية – love story وانكم كنت متفقين على الجواز، صح؟..

+

لم تستطع الكذب فاكتفت بهزة موافقة من رأسها وهي تدنو به إلى الأسفل ففاتها رؤية علامات الغضب الاسود وهي ترتسم بكل وضوح على وجه حازم في حين تابع والدها بأسى:

+

– الغلط مش غلطك انتي على فكرة، أنا اللي اخدتكم وسافرت لبلاد غريبة عننا في كل حاجة، وهناك انشغلت أني أكبر شغلي، وأخوكي كان معايا، ومامتك حياة المجتمع المخملي استهوتها، وسبناكي كلنا للمدرسة والاصحاب هما اللي يشكلوا شخصيتك، لكن أنا كنت معتمد أنه الاساس صح، احنا حطينا البذرة الصح، لكن واضح كدا اننا نسينا نهتم بيها ونرعاها عشان تكبر، فأهملناها.. وبالتالي دبلت.. و..

+

هتفت رشا ودموعها تبلل رموشها البنية اللون:

+

– لا يا دادي، بليز مش تكمل، أنا متربية كويس داد، ولو استايل لبسي دا مضايقك no problem هغيره، لكن أنا اتعودت أنه اللبس دا حرية شخصية..

+

هتف فاضل:

+

– في أمريكا مش في مصر!!!.. احنا هنا لينا عاداتنا وتقاليدنا وديننا.. اللي كان هناك عادي وبيعديه الناس هنا مش عادي ومش ممكن يعدي!!.. بدليل لبسك!!.. خلّا واحد زي دا المفروض أنه الاستايل بتاعك دا عادي عنده، لكنه طمع فيكي، عارفة ليه؟. لأنه جوّاه رجل شرقي..

1

رشا وهي تمسح خيط اللؤلؤ المنساب على حرير بشرتها بينما تنظران بعينيها تتضرع الى والدها فهي لا تقوى على غضبه منها فهو الوالد الحنون الذي أغدق عليها من حنانه:

+

– خلاص دادي، أنا هعمل كل اللي أنت تقول عليه، بس مش تغضب دادي، أنا مش أقدر على زعلك… I can’t stand it any more!!

+

فاضل بحزم:

+

– مستعدة لأي حاجة يا رشا؟..

+

أومأت رشا بالايجاب فقال وهو يشير الى حازم الواقف يراقب من بعيد الموقف بين الاب وابنته:

+

– حازم خطبك مني وأنا وافقت.. والخطوبة وكتب الكتاب مع لؤي أخوك.. يوم الخميس اللي جاي!!!

+

لتهتف رشا في صدمة بالغة:

+

– what!!!!!!!!!!!!!!!!!

3

ثم التفتت لحازم تنظر اليه لأول مرة منذ تواجده معهما بالغرفة وأردفت بذهول وهي تشير اليه:

+

– مش.. مش معقول، أنا مش مصدقة.. أنت وأنا…

+

وسكتت ليتقدم منها حازم يكمل عبارتها وهو يبتسم بسخرية يهز برأسه بالإيجاب:

+

– هنتجوز…. مبروك يا.. عروسة!!!!!!!!!!…

5

فشهقت رشا عاليا ونظرت إلى عينيه لتصعق مما هو مرسوم فيهما، فقد أبلغتها نظراته أنه آن الأوان لتدفع ثمن تطاولها عليه.. وبالكامل!!!!!!!!!

1

                – يتبع –

+

السادس والعشرين من هنا 





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى