رواية قارئة الفنجان الفصل الخامس عشر 15 بقلم مني لطفي – تحميل الرواية pdf

قارئة الفنجان
الفصل (15)
بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
وقفوا جميعهم وكاءن على رؤوسهم الطير بعد ان اطلق عبد العزيز كلمته التي كانت كدوي الرصاص، نظرت اليه عفاف في صدمة بالغة فيما حاكى وجهها شحوب الموتى وهي تتمتم بذهول شديد:
_ عبد العزيز… انت… طلقت… طلقتني!!!..
طالعها عبد العزيز بغضب عنيف واجاب بقسوة بالغة:
– دي اقل حاجة اعملها لواحدة زيك، لا راعت حرمة بيت ولا الراجل اللي هي شايله اسمه ، انتي ما تستاهليش انك تفضلي على ذمتى او تشيلي اسمي ثانية واحدة بعد كدا.. واذا كنت ندمان على حاجة فعلى السنين اللي انحسبتي عليا فيهم… مراتي!!!!!
عفاف بحقد اسود وكراهية تقطر من احرف كلماتها:
– كل دا عشان وافقت ترجع لك؟.. تحكم على عيالي باليتم وانت على وش الدنيا عشانها؟
ابتسم عبد العزيز واجاب بسخرية ومرارة:
– مين اللي قالك انها وافقت؟
قطبت عفاف متساءلة بتوجس فيما انصبت الاعين على فريدة التي تسمرت واقفة كالتمثال الشمعي:
– قصدك ايه؟
عبد العزيز بمرارة وهو ينظر الى فريدة باسف وحزن عميقين:
– فريدة رفضتني، قالت لي مش هي اللي تخرب حياة غيرها وما تقبلش تكون زوجة تانية ومرات اب، دا غير انها لا يمكن توافق ان ولادي يمروا بنفس التجربة االي مرت بيها رنا بنتنا.. لانك اكيد مش هتقبلي انه يكون ليكي ضرة… شوفتي هي اتصرفت ازاي وانتي يا مراتي اتصرفتي ازاي؟..
ابتعد عبد العزيز عن عفاف مقتربا من فريدة ووقف على بعد خطوات منها مكملا باءسى عميق:
– انا على اد ما انا ندمان على طلاقي من فريدة….
سكت ثم التفت يطالع عفاف بشراسة مردفا بصدق موجع:
– ندمان اكتر على جوازي منك.. وولادي هيتربوا في حضني، انتي متنفعيش تبقي ام.. هتعلميهم ايه، هتغرسي فيهم اي قيم؟.. انت للاسف فاشلة كزوجة وافشل كاءم!!!
لم يترك لعفاف المذهولة المجال لترد فقد التفت ثانية لفريدة وتابع باسف عميق:
– انا اسف ، سامحيني يا فريدة، انا كنت اناني جدا ، واوعدك مش هسمح لاي حاجة او اي حد انه يمسك بكلمة… انتي حاجة كبيرة اوي يا فريدة… اوي….
تقدم انور من عفاف وقال بصرامة مشيرا بيده الى الباب:
– اتفضلي… البيت دا له احترامه، وصاحبته طالما معرفتيش تحترميها يبقى ما تخطيش عتبته تاني…..
سارت عفاف الى الخارج براس مرفوعة فقد رفضت اظهار اي علامة حزن او ضعف وما ان وصلت الباب حتى وقفت على عتبته ونظرت لعبد العزيز قاءلة بجدية شديدة:
– على جثتي انك تاخد ولادي مني… والايام بيننا….
وانصرفت تاركة خلفها قلبا ينزف، نظرت رنا لفريدة الشاحبة وامسكت بيدها هامسة بقلق عظيم:
– ماما… تعالي حبيبتي ريحي في اودتك… انتي شكلك تعبان..
لم تكد فريدة تخطو خطوة واحدة حتى سقطت بين يدي ابنتها التي صرخت عاليا باسم امها فهرول اليها كلا من انور ووالدها ولكن كان انور اسرع فحملها متجها الى غرفتها فيما حاولت رنا ايقاظ امها، ليسارع جارهم الطبيب والذي كان مدعوا الى حفل عقد القران لفحص فريدة، وقد طلب من الجميع اخلاء الغرفة ما عدا رن،. بينما اتجهت زوجته من فورها الى شقتهما لإحضار حقيبته الطبية.
خرج الطبيب من الغرفة تلحق به رنا بينما هرع اليه عبد العزيز وانور فيما انصرف الجميع ولم يبقى سوى ندى واسرتها وسعادات ويوسف ، سأل عبد العزيز في لهفة الطبيب عن حال فريدة ليجيب الاخير بمهنية وان كانت عيناه حملت نظرة شفقة:
– الحمد لله اطمنوا، بس انا عاوزها تدخل المستسفى تعمل شوية تحاليل وفحوصات مهمة، انا كلمت فعلا عربية الاسعاف للمستشفى اللي بشتغل فيها وهي على وصول!…
هتفت رنا بقلق عظيم:
– ليه يا دكتور؟.. حضرتك شاكك في حاجة؟ ماما مالها؟..
زفر الطبيب بعمق واحاب باسف:
– للاسف يا رنا يا بنتي.. فريدة هانم اغمي عليها بسبب ارتفاع شديد في.. السكر!!.. انا قسته بالجهاز بتاعي، نسبة السكر عالية جدا.. ولازم مستشفى… ربنا يطمنا عليها…
لم يصدق عبد العزيز ما تسمعه اذناه فاسرع للداخل فيما صرخت رنا بهلع هاتفة:
– مامااااا…
ليسارع انور باحتضانها بينما ترنحت ندى في وقفتها لتفاجأ بمن يسارع باسنادها فاستندت عليه بعد ان طالعته بنظرة مشتتة.. خائفة.. مضطربة.. فهمس لها يوسف بحنان غمرها قائلا:
– ما تخافيش يا ندى، فريدة هانم هتبقى كويسة ان شاء الله.. ما تخافيش يا حبيبتي..
نظرت اليه ندى بتضرع هامسة برجاء:
– اكيد يا يوسف؟
يوسف بثقة وان كان القلق على حال فريدة يساوره ولكنه لن يفصح عنه امام ندى:
– اكيد يا حبيبتي…. ان شاء الله اكيد…
فارتاح راس ندى على كتف يوسف وهي تؤكد هامسة برجاء:
– ياااارب…..
فيما بالداخل كان هناك قلب عاشق مكلوم يخشى فقدان حبيبته التي احتواها بين ذراعيه لتتوسد صدره فيما يهمس لها ودموعه تجاهد للخروج من مقلتيه:
– انا السبب.. انا السبب.. ما تسيبينيش يا فريدة… ما تسيبينيش، انا اسف.. اسف.. اسف..
وانحدرت دمعة ألم صامتة تجري فوق لحيته الناعمة… وما اقسى دموع الرجال!!!….
أوقف يوسف السيارة أمام منزل عائلة ندى وأبطل المحرك، وكان قد استأذن من والدها أن ترافقه ندى هو وسعادات في طريق العودة فوافق الوالد والذي رأى تصرف يوسف تجاه صغيرته وكيف أنه وببضعة كلمات بسيطة كان قد امتص قلقها على والدة رفيقة عمرها، فقد أصابه القلق الشديد على ندى والطبيب يخبرهم بسوء حالة فريدة الصحية، فمنذ حادثة معتز رحمه الله وهم يتحاشون الإتيان على التحدث بأي أمر قد يفتح جروحها ثانية بعد أن تنفسا الصعداء عند مرور أزمتها الصحية بسلام..
دعا عز الدين يوسف لاحتساء الشاي ولكن الأخير رفض نظرا لتأخر الوقت كما أن سعادات قد تأخرت عن موعد رجوعها، تفهم والد ندى اعتذاره فيما قالت له كريمة وهي تودعه بابتسامة هادئة:
– ميرسي يا يوسف على تعبك معنا..
يوسف بابتسامة مماثلة:
– ما فيش أي تعب خالص..
ثم حانت منه نظرة مختلسة الى ندى التي وقفت جانبا تنتظر والدتها وقد ارتسمت علامات التعب والشرود الحزين على وجهها الملائكي فأكسبتها فتنة لم تنتبه لها ولكنها كانت موجعة لدرجة الألم لعاشقها الذي وقف يطالعها كمن يشاهد نجمة عالية في السماء يتمنى الحصول عليها!!…. ثم أردف وهو شارد في شمسه التي أشرقت ليل حياته البهيم:
– تعبكم راحة يا هانم..
نظرت اليه كريمة بلوم وعاتبته بحنان أمومي:
– أزعل منك يعني؟.. إيه هانم دي؟.. انت زي ابني، حد يقول لـ.. حماته هانم؟!!!
ونظرت اليه مبتسمة بمكر لتخونه عيناه وهي تطير لتحط على آسرته ويردد بأمل:
– حماتي!..
كريمة بمرح خفيف:
– إيه.. غيرت رأيك؟..
يوسف بلهفة نافيا بحزم:
– أكيد لأ…
كريمة بمعنى مبطن:
– بس أكيد أنت عارف أنه الموضوع مش سهل؟..
تنهد يوسف بعمق وأجاب بجدية:
– طبعا، وأنا مستعد لأي حاجة، المهم أني أوصلها في الآخر.. وبما أن حضرتك فتحت الموضوع ففيه حاجة كنت عاوز أقولها لحضرتك وعز بيه، عشان أكون صريح معكم..
قطبت كريمة وأجابت بهدوء يخفي قلقا بدأ يساورها:
– حاجة؟.. حاجة أيه دي؟.. نبرتك قلقتني يا يوسف..
يوسف بزفرة عميقة وابتسامة صغيرة:
– ان شاء الله ما فيش حاجة، لكن أنا عاوز أبدأ حياتي مع ندى وما فيش بيننا أي علامات استفهام، وحضرتك زي ما أنتي شايفه هي رفضاني لغاية دلوقتي فأكيد أي حاجة هقولها لها أو هتعرفها عني مش هتفكر فيها بعقلانية بالعكس.. هتخليها تبعد أكتر وتعاند أكتر وأكتر..
كريمة بحيرة وتوجس:
+
– أنت اللي كدا قلقتني أكتر وأكتر، عموما خلينا نتقابل أنا وأنت الأول لوحدنا وأعرف منك الموضوع بالظبط قبل ما تقوله لعز أو لندى..
+
يوسف بحماس:
+
– تمام… شوفي حضرتك المكان والوقت اللي يناسبك وأنا جاهز..
+
كريمة بابتسامة صغيرة:
+
– أوكي، هشوف وقتي وأكلمك في التليفون أعرّفك…
+
ثم انصرفت بعد أن تبادلت معه تحية المساء، وتبعتها ندى التي وقفت منتظرة لوداع يوسف فهو في نظرها من عدم اللياقة الانصراف دون وداعه خاصة وهي لن تنكر أنه استطاع بهدوئه الواثق امتصاص قلقها، كما أنها كانت متشبثة بالذهاب مع رنا الى المشفى ولكنه أقنعها هو وأنور أنه لا ضرورة لذلك كما أن عبد العزيز أصر على مرافقة فريدة في سيارة الاسعاف واشترط على رنا التي صممت على الذهاب معهما أنها ما أن تطمئن على والدتها فهي ستعود الى المنزل مع أنور وهو فقط من سيبقى مع فريدة… لا غيره!!..
+
وقفت ندى أمامه مبتسمة بتعب ليقول لها في هدوء وابتسامة تزين محياه الرجولي الوسيم:
+
– مش عاوزك تشغلي بالك بأي حاجة… نامي فورا، وأنا الصبح ان شاء الله هفوت عليكي ونروح المستشفى سوا….
+
هزت ندى رأسها بالايجاب وقالت بشبح ابتسامة ضعيفة:
+
– أن شاء الله، هطلع آخد شاور دافي وأنام على طول…
+
كانت تتحدث بمنتهى البراءة والتلقائية ولكن عبارتها لم تقع على أذنا هذا العاشق بنفس البراءة والبساطة التي قيلت بها!!.. فما أن سمع كلمة “شاور”.. حتى تتابعت له الصور في مخيلته وهي تقوم بهذا الـ.. “شاور”.. حتى شعر بدرجة حرارة جسمه ترتفع ليصبح شديد السخونة، بينما تفصد العرق من جبينه ليزفر أنفاسا غاية في السخونة من فمه كفيلة بتحميص رغيف مثلج من الخبز تحميصا تاما.. ليصبح كمن أخرج لتوّه من فرن شديد السخونة!!…
2
نادته عدة مرات حتى انتبه لها، لينظر اليها فيما قالت هي برقة:
+
– إيه يا يوسف.. اللي واخد عقلك؟…
+
ليجيبها صوت ساخط قادم من داخل السيارة حيث وقفت معه يتبادلا الحديث:
+
– هتفضل واقف عندك كتير كدا يا جو؟..
+
كان جو قد فتح فمه يهم بالاجابة على سؤال ندى والابتسامة تزين محياه فما أن سمع عبارة سعادات الساخطة حتى زمّ شفتيه زافرا بحنق ثم انخفض ليطالعها من خلال نافذتها في المقعد الخلفي وقال من بين أسنانه المطبقة:
+
– مش وقتك خالص يا سعادات، عاوزة إيه أنتي دلوقتي يا عملي السيء في حياتي؟..
+
زفرت سعادات هاتفة بحنق:
+
– أوووف.. مش هنخلص من الموال دا، عملي السيء وعملي السيء، بكرة تعرف أني أنا…
+
أكمل يوسف بسخرية غاضبة:
+
– عملي البمبي الوحيد في حياتي والباقي كله أسود… حفظتها خلاص!!!
+
سعادات ببساطة:
+
– لا وفيه كاروهات… بس على كحلي!!!!!..
+
عدّ يوسف في سرّه من 1 إلى 10 حتى يهدأ، ثم رسم ابتسامة صفراء وقال:
+
– عاوزة إيه يا عملي البمبي اللي في حياتي؟..
+
سعادات بغرور:
+
– أيوة كدا.. بمبي ومشجّر كمان!!!..
+
يوسف بصوت منخفض حاد:
+
– اخلصي يا سعادات… فيه إيه؟..
+
سعادات هاتفة:
+
– فيه أني عاوزة أروّح، هو أي نعم أبويا عمره ما هيقلق عليا عشان أنا معاك لكن بردو.. لازم يكون فيه شوية أحمر… مينفعش أرجع له في انصاص الليالي كدا!!!
+
حدق فيها يوسف بذهول وهو يقول:
+
– مين دا اللي المفروض يكون عنده أحمر؟… انت اتجننتي يا سعادات؟..
+
زفرت سعادات بيأس هاتفة:
+
– جرى إيه يا جو… تعبتك في إيه دي؟.. ما المفروض كلنا يكون عندنا أحمر.. إيه العجيبة في دي عاوزة أفهم أنا؟.. وبعدين خد بالك أنت ناقص تتحايل عليها يا أما تروّح معاك يا إما تطلع أنت معاها، هو أنت يا تتقل تبقى زي الشاي الصعيدي الحِبر يا تكون خفيف زي الشاي اللي لون وبس أنما من غير طعم؟!!!!!!…
+
فغر يوسف فاه في دهشة بالغة فلأول مرة سعادات تتحدث معه بهذه الطريقة ليقول بعدها متسائلا باستغراب بالغ:
+
– شاي!!!!!!!… هي حصلت يا سعادات؟.. أنا… شاي؟!!!!!!!
+
سعادات بتنهيدة تعب عميقة وكأنها تهادن طفلا صغيرا:
+
– من أبو فتلة ولا تزعل، خلصني يا جو بقه هموت عاوزة أنام، أنا من الصبح وأنا ما فصلتش، عاوزة أصحى بدري عشان أروح المستشفى لأبلة رنا، مش كفاية اللي حصل الليلة من العجوز أم منقار دي.. عارف يا جو.. أنا كنت بشبّه ع الست دي أول ما لاقيتها دخلت زي الوابور اللي بيطلع مرة واحدة كدا، لكن لما اتكلمت وقالت السم بتاعها عرفت تبقى مين؟..
+
يوسف بسخرية:
+
– مين يا عملي البمبي؟..
+
سعادات ببساطة وهي تحرك كتفيها:
+
– أكيد من عيلة مخسوفة الذكر اللي اسمها مايسة لادوس، دا أن ما كانتش هي أمها الروحية زي ما بيقولوا.. أياكشي ترومبيل سايقه سواق أحول لما يبقى يقصف عمرها هي وهي!!!!..
+
زفر يوسف بتعب وأغمض عينيه وهي يحرك رأسه يسارا ويمينا بيأس ثم فتحهما ونظر الى سعادات قائلا بصبر لا يشعر حقيقة به:
+
– حاضر يا سعادات… حاااااااااضر… ثواني بس..
+
ثم اعتدل واقفا متنهدا بعمق قبل أن ينظر الى ندى الواقفة أمامه تنظر الى الفراغ وقد ارتسم على وجهها شرود حزين، همس باسمها وكأنه يخشى كسر هالة الجمال الحزين التي أمامه:
+
– ندى…
+
انتبهت مجيبة برقة ونعومة أذابت دواخله بشدة:
+
– اممم.. أيوة يا يوسف..
+
كاد يصرخ عاليا أن “يوسف” أخرى تخرج من بين شفتيها بهذه الطريقة ولن يكون مسئولا عن تصرفاته، فببساطة سيلتقط اسمه من على شفتيها ليتذوقه حرفا حرفا، فيما يرتشف من شهد ثغرها الذي يسم أنه سيسكره بعدها وبقوة!!!!..
+
أجاب بصوت خشن من فرط انفعالاته الثائرة التي استطاع وبصعوبة اخفائها عنها:
+
– أنا همشي.. والصبح ان شاء الله هفوت عليكي نروح سوا…
+
اعترضت هامسة:
+
– مالوش لزوم….
+
ليسارع بوضع أصابعه فوق شفتيها لتصيبه صاعقة كهربائية عنيفة ما أن لمس طراوتهماـ فغمقت عيناه اللتان أرسلتا اليها نظرة أشاعت الفوضى بداخلها، ليمتقع وجهها خجلا فيما همس مزدردا ريقه بصعوبة وقد وشت أنفاسه اللاهثة بما يدور في داخله من صراع عميق بين عقله الذي يطالبه بالهدوء وقلبه الذي يأمره بالاقتحام:
+
– هششش… ما فيش داعي انتي للرسميات دي بيننا.. هكلمك الصبح ان شاء الله قبل ما آجي.. تصبحي على خير…
+
اكتفت ندى بهزة موافقة بسيطة من رأسها، قبل أن تبتعد سريعا فهي تشعر بأحاسيس غريبة عليها، والغريب في الأمر أنها أبدا ليست أحاسيس نفور أو كراهية!!..
+
راقبها يوسف حتى اختفت عن ناظريه قبل أن يرفع أصابعه التي لمست شفتيها فيقبلها مستنشقا بعمق فهو يكاد يشتم رائحتها عالقة بين أنامله، مغمضا عينيه على صورتها الخجلى التي أسرت لبّه للمرة الألف فوق المائة، ليفيق من هيامه الواضح على صوت ساخر يقول:
+
– أنا اسمع انه الواحد بياكل صوابعه بعد الاكل دا لما يبقى الاكل طعم ولذيذ كدا، لكن ياكلها بعد البوسة…. دي اللي عمري ما سمعتها قبل كدا!!!!!!!!
+
فتح يوسف عينيه ثم سحب نفسا عميقا ويشد نفسه قبل أن يلتفت الى مصدر الصوت والذي لم يكن بالطبع سوى.. سعادات، ليجدها وقد أخرجت جذعها العلوي من النافذة الملاصقة لمقعدها، فمد يده ليفتح الباب في الوقت الذي نظرت اليه قاطبة في توجس وريبة، لتفاجأ به وهو يشير اليها قائلا بهدوء شديد:
+
– سعادات… انزلي!!!
+
وكانت قد ابتعدت عن الباب حينما باغتها بفتحه فقد كادت تهوى الى الامام لتتماسك في آخر لحظة، فجلست على مقعدها ورفعت عينيها اليه تطالعه في ريبة وهي ترفع حاجبها الايمن في شكّ مكررة بحيرة وتوجس:
+
– أنزل!!!!… أنزل ليه إذا كنت أنت هتطلع دلوقتي؟…
+
يوسف مقطبا مجيبا بنفاذ صبر واضح:
+
– هطلع فين؟..
+
سعادات ببساطة مشيرة بيدها:
+
– هتطلع بالعربية… مش هنروّح ولا ناوي تبيّت هنا؟.. ويبقى انت محمد فوزي وهي ليلى مراد وشحّات الغرام أشوفه على الهوا بقه!!!!!!!…
+
يوسف باستنكار:
+
– نعم!!!!.. شحات الغرام؟..
+
أومأت سعادات قائلة بثقة تامة:
+
– أيون.. شحات الغرام، بس خلي بالك أحسن تاخد برد!!!!
+
قطب يوسف عميقا ثم رفع يده يتجسس درجة حرارة جبهتها قبل أن يخفضها ثانية وهو يقول:
+
– مش سخنة يعني ولا حاجة… سعادات… انت بتهلفطي تقولي إيه؟..
+
سعادات ببساطة:
+
– مش الفيلم هيبقى ع الهوا؟.. يعني ممكن جدا ييجي لك لطشة برد في الهوا بتاع الليل دا!!!!!!!!!
+
طحن يوسف ضروسه غيظا ورفع رأسه للسماء وهو يقول:
+
– يعني أدعي عليكي بإيه دلوقتي؟..
+
سعادات شاهقة بقوة:
+
– هاااااااااااا.. هي حصلت يا جو؟!!.. بترفع راسك وتتجه وتدعي عليّا؟… عموما مششكريين أوي.. هدي نفسك يا أبو صلاح.. مش هتكلم.. اتفضل بقه عاوزة أروح وابقى اعمل شحات الغرام براحتك، على الهوا ولا في البحر ولا الجو حتى… ولاااااا يهمني!!!!!!!!
+
تمتم يوسف بعمق:
+
– اللهم طوّلك يا روح… أنما هقول إيه.. أنا اللي جبت دا كله لنفسي!!!
+
سعادات متبرمة بصوت منخفض تحدث نفسها ولكنه مسموع كالعادة:
+
– مش هرد عليك، انت حلالك مايسة حيزبون دي، هي دي اللي انت جبتها لنفسك فعلا.. و ياما جاب الغراب لأمه!!…
+
طالعها يوسف فاتحا عينيه على وسعهما ثم هز رأسه بيأس قبل أن يصفع بابها بعنف ثم يتجه ليصعد الى مقعد السائق، قطبت سعادات ودون أن تتلفظ بحرف واحد فوجئ يوسف بمن يقفز الى جانبه ليطالعها بحدة فأجابته ببساطة وابتسامة بلهاء تعلو وجهها الصبوح:
+
– مارضهاش ليك يا جو… مهما كان أنت أبويا الروحي بردو يعني.. مينفعش أركب أنا ورا وأنت تسوق.. الناس تقول إيه.. اشتغلي سوّاقة حذْرَتُكُمْ!!!!!.. (مقلّدة اللهجة التركية في الحديث)…
+
لم يكن من يوسف الا أن تنهد بعنف ثم انطلق بالسيارة في سرعة شديدة جعلت عجلات السيارة تصدر صريرا عاليا، لتقطب سعادات وهي ترمقه بتوجس وحذر فيما رماها يوسف بنظرة مهددة صااارمة جعلتها تبتلع لسانها طوال رحلة العودة خوفا من أن يقذفها جو المرة القادمة ليس خارج السيارة فحسب بل وأسفل عجلاتها الأربعة!!!..
+
**************************
+
جلست رنا ساندة رأسها الى الخلف فوق الحائط البارد في غرفة استراحة زوّار المرضى في ذلك المشفى الشهير وقد غرقت في ذكرياتها مع والدتها منذ أن وعت إلى الدنيا، أغمضت عينيها لتسيل دمعة صامتة تخدش حرير بشرتها، سمعت صوتا أموميّا هادئا يهمس بجانب أذنها بحنان دافق:
+
– ما تقلقيش يا بنتي، أن شاء الله ماما هتبقى بخير وهتقوم لنا بالسلامة…
+
أدارت رأسها لمصدر الصوت وفتحت عينيها ليطالعها وجه فاطيما والدة أنور والتي أصرت على مرافقتهم الى المشفى في سيارة ابنها، أجابتها بصوت يقطر حزنا وألما:
+
– مش هسامح نفسي يا طنط لو ماما بعد الشر جرالها حاجة، أنا جيت عليها أوي.. أوووي…
+
لتنخرط بعدها في بكاء ناعم فاحتضنتها فاطيما بين ذراعيها مربتة على كتفيها وهي تهدهدها قائلة:
+
– هششش.. حبيبتي، ما تعمليش في نفسك كدا، ماما هتبقى كويسة أن شاء الله، بس انتي بطلي عياط.. دا فال وحش..
+
ابتعدت رنا قليلا عن أحضان حماتها وأومأت برأسها إيجابا وهي تتمتم برقة موجعة فيما أناملها البيضاء تمسح دموعها:
+
– حا.. حاضر.. مش هعيط.. هسكت أهو..
+
ابتسمت فاطيما وقالت:
+
– أيوة كدا يا حبيبتي، عياطك مش هيعمل حاجة، اقري اللي انتي حافظاه من القرآن وادعي لها، دا ربنا كبير وقادر سبحانه وتعالى يشفيها ويقومها بالسلامة..
+
سحبت رنا نفسا عميقا وقالت بشبح ابتسامة خفيفة:
+
– حاضر يا طنط…
+
قالت فاطيما بعتاب حانٍ:
+
– لما ماما تقوم بالسلامة هنتكلم في حكاية طنط دي..
+
قاطعهما صوتا يقول بهدوء فيما عنيا صاحبه تتفرسان في معشوقتهما قلقا على حالها:
+
– اطمني يا رنا.. ان شاء الله طنط فريدة هتبقى كويسة وهتقوم لنا بالسلامة….
+
أومأت رنا برأسها بهدوء ليتنهد أنور بعمق والتفت لأمه متابعا:
+
– وأنتي يا طمطم.. مش ياللا عشان تروحي؟.. أنتي أكيد تعبانة دلوقتي..
+
فاطيما باستنكار:
+
– أروّح وأسيب مراتك ومامتها في الظروف دي؟..
+
رغما عنه فرضت بسمة سعادة نفسها على وجهه ولكنه سرعان ما أخفاها، ولكنه لم يستطع اخفاء فرحته عند سماعه نسبها له.. “مراتك”… يا الله.. ما أحلاها من كلمة وما أجمله من معنى، هي أصبحت شرعا وقانونا له، أصبحت تنتسب إليه هو دون غيره، لا تعلم أمه ما الذي فعلته به بتلك الكلمة البسيطة في نطقها العظيمة في معناها، يريد الصراخ عاليا فرحة بفوزه أخيرا بحلم عمره… رنا حبيبته الوحيدة، والتي كثيرا ما حلم بها، لم ينكر أن اليوم انتهى بطريقة ليست التي خطط لها ولكن يكفيه الآن أنها معه، ويجوز له البقاء معها بدون أي اعتراضات سواء من قبل أهلها أو من قبلها هي شخصيا!!….
+
حاول احتواء فرحته فلا الزمان ولا المكان مناسبان لإظهارها، ليتنحنح قليلا ثم يقول:
+
– رنا كمان هتروّح معنا، أنا كنت حالا مع عمي عبد العزيز وصمم أننا كلنا نمشي، هو بس اللي هيقعد، طنط فريدة الحمد لله حالتها اتحسنت، وهو طلب يقعد معها في الأودة مرافق ليها..
+
قطبت رنا وهتفت بصوت منخفض بحدة فهي لن تنسى أن زوجته العقربة هي السبب فيما آل إليه حال والدتها:
+
– أزاي يقعد معها مرافق؟.. مينفعش طبعا، أنا اللي هفضل هنا وهو يمشي… كفاية اللي حصل أوي لحد كدا…
+
“وهو حصل إيه يا رنا؟”…
+
صدح هذا السؤال من عبد العزيز الذي تقدم منها حتى وقف غير بعيد عنها وهو يكرر بحزم فيما أشاحت هي ببصرها بعيدا عنه:
+
– ما جاوبتيش يعني؟!!… إيه اللي حصل بالظبط؟.. ومن أمتى وأنت اللي بتقرر يمين يقعد ومين يمشي؟..
+
حاولت رنا تمالك نفسها فمهما كان هو والدها واحترامه واجب فقالت وهي تتلاشى النظر الى عينيه:
+
– معلهش يا بابا، لو سمحت، أنا مش عاوزة أتكلم في اللي حصل.. على الأقل دلوقتي، ولو على مين اللي المفروض يفضل مع ماما فأعتقد حضرتك عارف أن اللي بقوله صح، مينفعش حضرتك تقعد معها..
+
قطب عبد العزيز وقال بحدة:
+
– نعم؟.. وليه ان شاء الله؟..
+
لتسحب رنا نفسا عميقا ثم ترفع عينيها تطالعه قبل أن تجيبه بثقة تامة:
+
– لأن حضرتك مش محرم ليها… مينفعش تقعدوا مع بعض في مكان واحد.. حرام!!..
+
بهت عبد العزيز ونظر الى ابنته التي كانت تطالعه بمنتهى الجدية، هتف عيد العزيز بذهول بالغ:
+
– أنتي بتقولي إيه يا رنا؟… أنتي بتحرمي فريدة عليا؟.. دي أمك، أنتي فاكرة أنا لما قأعد معها هعمل إيه عشان تقولي حاجة زي كدا؟..
1
همّ أنور بالحديث فرفع عبد العزيز يده لاسكاته فاحترم رغبته وصمت فيما تابع عبد العزيز بقوة:
+
– ما تتكلمي يا هانم، أنتي فاكرة أبوكي إيه؟.. واحد مضيّع دينه؟.. ميعرفش الفرق بين الحلال والحرام؟… اللي انتي بتتكلمي عليها دي قبل ما تكون أمك فهي مراتي..
+
لم تحتمل رنا الصمت أكثر من ذلك، فهي كانت تجاهد بصعوبة في تهدئة أعصابها التي تهدد بالافلات، لتتهاوى مقاومتها في النهاية وتهتف بمرارة وحزن:
+
– طليقتك!!!!!!!!!!!..
+
سكت عبد العزيز لتردف رنا وهي تطالعه بعنين يغشاهما الدمع:
+
– أيوة يا بابا… ماما طليقتك.. مش مراتك، أنت نسيت؟.. وسواء كان مغمى عليها أو نايمة، قعادك معها في مكان واحد غلط!!!!
+
هدر عبد العزيز والذي كانت أعصابه هو أيضا على المحك فقد استنفذته أحداث هذه الليلة:
+
– انتي اكيد اتجننتي!!!…
+
ثم رفع سبابته مشيرا اليها مردفا بغضب ولم يبعد عيناه عنها فيما يوجه حديثه الى أنور:
+
– أنور.. خد مراتك روّحها، مش عاوز أشوفها هنا…
+
عندما ذهب اليها في الاستراحة كان يريد احتوائها بين ذراعيه وطمأنتها أن أمها ستكون بخير، كان يريد أن يشتم رائحة فريدة في ابنته، لتباغته تلك بأن مجرد مكوثه مع فريدته.. حرام!!!… ، وهو لم يكن في وضع يسمح له بالتفكير في كلامها وإن كان صحيحا أم خاطئا، ففي الداخل ترقد حب عمره، الوحيدة التي خفق لها قلبه وأيضا الوحيدة التي كان هو السبب في الآلام التي مرت بها وآخرها تلك الحقود وكلماتها المسممة، لذا كان قراره بأنصراف ابنته، فهو لا يريد من يذر الملح فوق جرحه فيكفيه ما يشعر به من ندم وتأنيب ضمير، فابنته محقة في عتابها له ونظراتها اللائمة… فهو السبب فيما حدث لفريدة ولها هي أيضا.. كما أنه أيضا قد تسبب في دمار حياة طفلين لا يزالن عودا أخضر لم يختبرا قساوة الحياة بعد، وأن كانت فريدة قد أنشئت ابنتها على القيم والأخلاق الحميدة فهو على يقين أن عفاف ليست فريدة مطلقا ولا تقرب اليها، وأكيد أن وليده سيكبران على كرهه وبغض أختهما الكبرى، ويعلم الله أي أفكار سوداء ستزرعها في رأسيهما، ولهذا فهو يريد التحرك بسرعة وانتشالهما من بين يدي تلك الحقود المسممة، فهي حتى وأن كانت أمهما فضررها أكبر من نفعها لهما، ولكن الآن جلّ اهتمامه هو الاطمئنان على فريدة استقرار حالتها الصحية وبعدها.. أوضاع كثيرة ستتغيّر لا محالة!!!..
+
نظر الى ابنته وقال محاولا استعادة هدوئه:
+
– روحي مع جوزك يا رنا ومامته، والصبح أنور هيجيبك هنا..
+
رنا برفض:
+
– بس يا بابا…
+
لينهرها عبد العزيز بحزم:
+
– رنا!!!!!!!!..
+
تأففت رنا بصوت منخفض قبل أن تقول بحنق لم تستطع اخفائه كلية:
+
– طيب أنا همشي بس أطمن على ماما الأول..
+
زفر عبد العزيز بتعب ادخلي شوفيها قبل ما تمشي..
+
رنا بطفولية:
+
– لا أنا كمان هتكلم مع الدكتور، لازم أطمن عليها..
+
عبد العزيز بنفاذ صبر:
+
– حاضر يا رنا… أي أوامر تانية ؟…
+
سكتت رنا وقد خجلت من نفسها في حين نظر عبد العزيز لأنور وقال بتعب:
+
– خدها يا بني تشوف أمها…
+
همهمت فاطيما بدعاء الشفاء لفريدة لعبد العزيز الذي أجابها بابتسامة صغيرة مؤمنا على دعائها، في حين اتجهت رنا الى غرفة امها بصحبة أنور..
+
دلفت رنا الى الداخل حيث كانت الاضاءة خافتة، تقدمت الى الداخل لتقف بجوار سرير المرضة الذي ترقد عليه أمها وكانوا في المشفى قد نزعوا عنها ثيابها وألبسوها ثياب المرضى وقاموا بتغطية شعرها بقبعة بلاستيكية..
+
كانت فريدة ترقد في سكون فيما المحلول المغذي يسير في أوردتها عبر محقن صغير في ظاهر يدها اليمين، مالت رنا عليها تقبلها برقة فيما لم تستطع حبس دموعها التي جرت على خدّيها، تقدم أنور منها وربت على ظهرها وهمس لها:
+
– كفاية دموع يا حبيبتي، ما هي كويسة قوجامك أهي والحمد لله، يعني تفتكري لو كانت تعبانة لا سمح الله كانوا حطّوها في أودة عادية؟.. احمدي ربنا يا رنا وقولي الحمد لله..
+
كررت رنا خلفه فيما أصابعها تمسح دموعها اللؤلؤية:
+
– الحمد لله..
+
ثم نظرت الى أنور مردفة:
+
– عاوزة أشوف الدكتور يا أنور…
+
– المهم أنك تطمني خالص، ماما الحمد لله بخير، احنا بس هنقعدها معنا يومين السكر يتظبط خالص ونعمل شوية تحاليل وفحوصات يعني check-up كامل.. عشان نطمن..
+
زفر أنور للمرة الألف في ضيق فهو ومنذ أن دلفا الى هذا الطبيب الشاب المتحذلق وهو لم يعره أي التفاتة بل انصب كامل انتباهه على رنا التي وقفت أمامه تستمع إليه وكأنها تريد حفظ كل كلمة وحرف تصدر منه وعن ظهر قلب!!!….
+
رنا بأمل وقد شعّت عيناها فرحة:
+
– يعني ماما الحمد لله عدّت الخطر يا دكتور؟..
+
الطبيب بابتسامته الجذابة:
+
– يا ستي اطمني والله، ماما ان شاء الله بخير، الدكتور علي كان كلمني في التليفون أول ما وصلتوا وفهمني الموضوع سريعا كدا، واضح أنه مامتك مرت بانفعال عصبي شديد جدا هو اللي أدى لكدا، بس دا ا يمنعش أنه السكر كان عالي من قبلها، أكيد كانت بتمر بضغوط معينة ممكن جدا تكون هي السبب في ارتفاع السكر بالشكل دا، السكر والضغط بيتعلقوا جدا بالحالة العصبية للمريض، يعني ممكن جدا واحد يجي له سكر أو ضغط لما يمر بحالة نفسية وعصبية سيئة، عشان كدا بنقول للانسان العصبي يخف من عصبيته شوية عشان هو عرضة أكتر من غيره أنه يمرض بالسكر والضغط!!
+
قاطعه أنور بحنق خفي:
+
– والمرارة.. إيه رأيك فيها يا دكتور؟..
+
قطب الطبيب وكرر باستغراب:
+
– المرارة؟!!!!
+
أومأ أنور برأسه وقال مؤكدا:
+
– أيوة.. المرارة… كتير سمعنا عن ناس مرارتهم اتفقعت من ناس، يا رتى صح الكلام دا ولا غلط؟..
+
ليضحك الطبيب فيزداد غيظ أنور أكثر، يعلم أن الظروف لا تسمح بشعوره هذا ولكنه يغاااااااااار عليها، خاصة وهو يرى ابتاسمة ذلك المتحذلق ونظرات عينيه التي لا يمكن أن يخطئها فهو رجل مثله ويستطيع أن يفهم نظراته جيدا، كما أن هذه الغبية لا تساعده في ايقاف هذا الأبله عند حده، فهي ببساطة لم تعرفه له على أنه زوجها!!.. بل لم تخبره بهويته أساسا، هو أحمق لتفكيره هذا يعلم، ولكنه لا يستطيع الصبر أكثر من ذلك، يقسم أنه هو من سيجلب لذلك الأرعن الضغط والسكر والملح وكافة التوابل وفوقها المرارة أيضا أن لم يحتفظ بابتسامته السمجة تلك لنفسه!!!..
+
الطبيب الشاب بابتسامة وصبر:
+
– لا طبعا، المرارة دي لها أسباب كتيرة أوي، دا مجرد كلام عن فقع المرارة.. ضحك يعني…
+
أنور هاتفا بين وبين نفسه يطالع الطبيب بغيظ شديد:
+
– هيبقى جدّ وجد الجد كمان وأنت الصادق…
+
لينهي أنور الحديث وهو ينهض فحذت رنا حذوه وقال:
+
– تمام يا دكتور..
+
وأشار لرنا بالانصراف، سارت رنا وهو بجانبها حتى إذا وصلا الى الباب نادى الطبيب عاليا وقال:
+
– لحظة من فضلكم..
+
ساعر الطبيب بالاقتراب منهما فيما قطب أنور في ريبة بينما وقف الطبيب أمامهما وقال بابتسامة شكّ موجها كلامه الى رنا:
+
– من ساعة ما شوفتك وأنا بشبّه عليكي…
+
ثم رفع سبابته مردفا بابتسامة نصر:
+
– رنا عبد العزيز؟…
+
قطبت رنا تطالعه بتركيز فيما هتف أنور بغلظة:
+
– أيه يا دوك… أنا هنا…
+
ليهز الطبيب رأسه بابتسامة صفراء الى أنور قائلا:
+
– آه ما أنا عارف.. أهلا وسهلا…
+
قطب أنور مكررا باستنكار:
+
– أهلا وسهلا…
+
ثم أردف باستهجان:
+
– احنا هنتعرّف؟.. أهلا وسهلا!!!!!!
+
زفر الطبيب بضيق لتقاطع رنا أنور قائلة بتردد وابتسامة صغيرة تعتلي ثغرها مشيرة بدورها الى الطبيب الشاب:
+
– كرم الحسيني؟!!!!!!!!
+
ليصفق الطبيب هاتفا بنصر:
+
– أيوة!!!!!… أزيك يا رنا، عاملة إيه؟…
+
رنا بابتسامتها:
+
– الحمد لله.. أزيك أنت يا كرم، أخبارك إيه؟..
+
كرم بفرحة عارمة لرؤية رفيقة الطفولة من لازمته فوق مقاعد الدراسة حتى الشهادة الابتدائية لينقل هو بعدها الى مدرسة أخرى:
+
– الحمد لله.. أنا من وقت ما شوفتك وأنا بشبّه عليكي، الأول شكيت من الاسم بس قلت يمكن تشابه في الاسماء، لكن لما شوفتك قلت مش معقولة تشابه في الأسماء والوشوُش كمان!!..
+
رنا بابتسامة هادئة غير واعية لذلك البركان الذي يغلي بجانبها وعلى وشك لفظ حممه خارجا:
+
– مبروك يا كرم، طول عمرك شاطر وكان نفسك تدرس طب..
+
كرم بحماس:
+
– وقلت لك لما أكبر وأكون دكتور هعالجك ببلاش…
+
رنا بهمسة حزينة:
+
– أديك بتعالج ماما يا كرم…
+
كرم بتأنيب:
+
– لا لا لا.. لازمته إيه الحزن دا اللي شايفه في عينيكي دا ؟.. فريدة هانم بخير ان شاء الله، بس أنتي..
+
إلى هنا وبلغ السيل الزبد كما يقولون لدى أنور، أيقف متفرجا فيما هذا الوقح يخبرها أنه يرى الحزن في عينيها؟.. بل هو من سيجعله لا يرى من الأساس، فسيفقأ له عينيه تلك التي تنظران لما في يد غيره، يقسم أنه عندما ينتهي منه فأنه سيرى الدنيا من حوله أسود من السواد ذاته!!!!!!!!!!… وقف أنور بقامته التي تجاوزت قامة كرم المتوسط الطول بينهما وهدر بغلظة:
+
– خلاص!!!!!!!..
+
وجلا الاثنان من صوته الغاضب فيما تابع هو وهو يرمي كرم بشرارات من لهيب عينيه:
+
– ما عرفنا أنه فريدة هانم بئيت بخير والحمد لله، وبعدين أنا كم مرة أقول أنا.. هنا!!!!
+
قطب كرم بغير فهم ثم حرك كتفيه بلا مبالاة قائلا بابتسامة باردة:
+
– طيب ماشي، عرفنا أنك هنا!!!!!!!!!!
+
كتم أنور شتيمة نابية كادت تنطق بها شفتاه، في حين رمقته رنا بعتاب فبادلها النظر بأخرى متحدية، لتشيح رنا ببصرها بعيدا عنه فيما قال كرم الذي لم ينتبه بعد للبركان الذي يهدد بالانفجار في أية لحظة بجانبه:
+
– بس تصدقي أنك لسه زي ما أنتي ما تغيرتيش أوي؟…
+
رنا والتي لاحظت صعوبة تحكم أنور في أعصابه ولم تكن تريد أضافة المزيد من المتاعب الى هذه الليلة الليلاء فيكفيها ما مرت به من صعاب:
+
– بجد؟.. ميرسي!!!
+
كرم بحماس فائض:
+
– لا فعلا… هو طبعا حصل تغيير، بس ضحكتك زي ما هي، دا غير أنه أكتر حاجة خليتني متأكد أنه أنتي.. عينيكي!!!!!!!!!
+
ليهدر أنور والذي قبض على يده متحفزا:
+
– نعم!!!!!!!!!!!!!!!!…. ما قلت.. أنا ززززفت هنا!!!!!!!!!!!…
+
قطب كرم وأجاب ببرودة:
+
– إيه مشكلتك أنت مش فاهم أنا؟.. أنا هنا.. أنا هنا…. نعمل إيه يعني يا أستاذ هنا؟.. حصل لنا الشرف ارتحت؟!!!!!!
+
ثم أولى اهتمامه لرنا في حين فتح أنور عينيه على اتساعهما محدقا فيه بذهول غاضب فيما ينفث لهيبا ناريّا من أنفه التي تضخمت فتحتاه بينما ارتعشت عضلة فكه دليلا على غضبه الوحشي!!!..
1
ابتسم كرم وهو ينهي الحوار فقد سأم هو أيضا السيد… “هِنا”!!!.. لا يدري ما حكايته تماما:
+
– عموما أنا سعيد أوي أني شوفتك، طمنيني على أخبارك على طول، صحيح.. أكيد لسه بتكلمي ندى مش كدا؟..
+
هزة رأس بسيطة بالايجاب من رنا تابع بعدها بابتسامة:
+
– سلميلي عليها، وأن شاء الله أشوفكم قريب..
+
ثم رفع يده لمصافحة رنا ليباغته أنور بالقبض على يده مبتسما ابتسامة صفراء فيما قبضته تشتد بقوة على يد كرم الذي شعر وكأنه ينوي أن يحطم أصابعه، ليترك أنور يده بعدها مبتسما بتشفٍّ فها هو السمج لا يحتمل مجرد مصافحة قوية، فماذا لو جعل يده تصافح وجهه وبالتحديد عيناه رأساً؟!!!!!!!!!!…
+
أشار أنور لرنا لتسبقه وتبعها هو بعد أن أشار للطبيب برأسه بابتسامة استهزاء وسخرية وما أن غابت رنا عن ناظريهما حتى قال أنور قبل خروجه لكرم:
+
– هنبقى نعزمك ع الفرح أكيد… أصل الليلة دي كان كتب كتابي أنا ورنا.. مراتي!!!!!!!….
+
شحب وجه كرم وقد فهم تلميحات أنور فيما أردف الأخير باستهزاء وهو يرفع اصبعيه السبابة والوسطى بتحية الكشافة ملامسا جبهته:
+
– سلام يا…. دوك!!!!!!!!..
+
********************
+
دلفت فاطيما الى غرفة الضيوف بمنزلها وهي تبتسم وتقول لرنا التي وقفت في منتصف الغرفة تطالع الأثاث من حولها:
+
– انتى نورتينا يا رنا والله، معلهش بقه، معنديش حاجة تنفع تلبسيها، هتضطري وأمرك لله تلبسي هدوم عواجيز من هدومي..
+
ابتسمت رنا وأجابت بهدوء وهي تتقدم الى فاطيما تتناول منها قميص النوم القطني الخاص بها:
+
– ميرسي يا طنط، أنا اللي آسفة أنى تعبتكم معايا وعملت إزعاج، أنا كنت عاوزة أروح على البيت لكن بابا وأنور صمموا أني آجي هنا..
+
وكان عبد العزيز قد أخبرها بعدة كلمات مقتضبة تشي بأنه لا يزال غاضبا منها بأنها ستقضي الليلة بمنزل ندى ليتدخل أنور من فوره رافضا وهو يخبره بمنطقية أن رنا الآن تعد زوجته شرعا وقانونا وأنها لن تبيت سوى بمنزل هو كما وأن والدته معهما، فوافق عبد العزيز والذي ما أن انصرفوا جميعا حتى طلب من الممرضة المناوبة أن تنتبه لفريدة وأخبرها أنه سيكون في غرفة استراحة الزوار أن طرأ أي جديد، وكان يدلف الى فريدة بين كل آن وآخر ليطمئن عليها بينما عبارة ابنته ما فتئت تتردد في ذهنه..”أصبحت محرمة عليك… لم تعد محرم لها، هي طليقتك وليست زوجتك.. خلوتك بها… حرام!!”… وفكرة وحيدة تتبلور في ذهنه كلما تعمق بالتفكير بها تشبث بها أقوى، لتبرق عيناه بعزم، ولكن… ليطمئن على حال فريدة أولا وبعدها لك حادث حديث…
+
فاطيما بعتاب أمومي:
+
– أزعل منك بقه يا رنا؟.. دا بيتك يا حبيبتي، بيت أنور يبقى بيتك تمام..
+
رنا بابتسامة صغيرة:
+
– ميرسي يا طنط، ربنا يخليكي..
+
قالت فاطيما بابتسامة:
+
– على ما تغيري هدومك أكون حضرت لك العشا..
+
رفضت رنا بتهذيب قائلة:
+
– لا.. ميرسي يا طنط.. مش جعانة..
+
همت فاطيما بالاعتراض عندما ارتفع صوت من أمام الباب المفتوح يهتف قائلا:
+
– لكن أنا بقه جعان..
+
ودلف أنور اليهما وهو يتعمد رسم ابتسامة عريضة على وجهه فهما لم يتبادلا أي حديث بعد خروجهما من لدى ذلك الطبيب… المتحذلق، حيث قرر أنور ألّا يناقشها في أي شأن الآن فهي تبدو كمن سيسقط من فرط تعبها..
+
وقف أنور بجانبها وقال لوالدته فيما عيناه تطالعان رنا:
+
– اعملي العشا يا ماما.. هتتعشى معايا..
+
رنا باعتراض:
+
– والله ما هقدر أحط لقمة في بؤي.. عشان خاطري ما تغصبوش عليا..
+
فاطيما باستسلام:
+
– طيب كوباية لبن دافي على الأقل عشان تعرفي تنامي كويس؟..
+
أذعنت رنا فهي لا تريد إخجال هذه السيدة الطيبة أكثر من هذا، خرجت فاطيما لاحضار كوب الحليب، فيما قال أنور بابتسامة وهو عاقدا ذراعيه:
+
– إيه رأيك في الأودة؟..
+
رنا بنظرة سريعة لما حولها:
+
– كويسة… زوقها حلو.. دي أودة الضيوف مش كدا؟..
+
أومأ أنور بالإيجاب قائلا:
+
– آه، بصراحة أنا كنت عاوزك تاخدي الأودة التانية لكن ماما قالت أنك هتتكسفي ومش هتوافقي!..
+
قطبت رنا وتساءلت:
+
– هتكسف؟.. ليه؟.. أودة إيه دي؟..
+
نظر اليها بعمق لتنجلي الاجابة واضحة أمام عينيها فشهقت بخفة وهي تقول فيما امتقع وجهها خجلا:
+
– أود.. أودتك!!..
+
أنور بابتسامة:
+
– أيوة… بس أنا قلت لها عادي ما هي أودتي هي أودتك مش أنتي مراتي، لكن هي رفضت!!!
هتفت رنا بحدة وقد تضاعف خجلها:
+
– أكيد طبعا ترفض، عموما شكرا لاهتمامك.. ممكن بقه تتفضل عشان عاوزة أغير هدومي..
+
ليقترب أنور أكثر حتى كاد يلتصق بها ومال عليها لتلفحه رائحتها الأنثوية الخاصة فيهمس مركزا نظراته على عينيها لتأسرها عيناه:
+
– لو عاوزة مساعدة.. ما تكسفيش.. أنا جوزك بردو…
+
كاد الدم أن يتفجر من وجهها وهي تجيبه:
+
– فيك الخير والله، لكن شكرا… ممكن بقه تمشي… تعبانة وعاوزة أرتاح…
+
قاطعه دخول والدته تحمل كأس الحليب الدافئ المحلى بالعسل وهي تقول بابتسامة:
+
– ياللا يا ستي، كوباية لبن دافي بعسل النحل هتخليكي تنامي على طول…
+
وضعت الكأس فوق الطاولة الصغيرة ثم أرفدت وهي تتجه إلى أنور تدفعه أمامها الى الخارج:
+
– ياللا يا أنور.. سيب رنا ترتاح، الليلة كانت طويلة أوي….
+
لينصرف أنور وهو يرمقها بأسف وخيبة أمل..
+
بعد قليل…
+
دقتين اثنين تبعهما فتح الباب وصوت أنور يهتف وهو يدلف الى الداخل دون أن ينتبه لتلك الواقفة في منتصف الغرفة:
+
– رنا حبيبي.. كنت عاوز…
+
ليرفع رأسه وقتها فتصطدم عيناه بأكثر جمالا موجعا قد يراه يوما!!!..
+
كانت رنا تقف في منتصف الغرفة بعد أن أبدلت ثوب سهرتها وقد وضعت سترته التي ظلت ترتديها طوال الوقت جانبا، كانت كالغارقة وسط ثوب والدته القطني، والذي كان قميص نوم عاديّ، زهري اللون، واسعا حتى أخمص قدميها، مزموما عند معصميها، فيما ياقته مقفولة حتى عنقها تنتهي برباط على هيئة فراشة، وقد انتثر شعرها حولها لتنسدل سنابل القمح خاصتها حتى خصرها، فيما وقفت تطالعه بنظرات تيّه أسرت لبّه وجعلته يتقدم إليها بخطوات بطيئة فيما بدا هو أشبه بالمنوّم مغناطيسيا، حتى وصل إليها فرفعت عينيها إليه لتتيه في دخاني عينيه، همست رنا بنعومة:
+
– شكلي يضحك صح؟..
+
لم يعرف أنور كيف يجيبها، أتقول أن شكلها مضحك؟.. كيف ذلك وهو يكاد يقسم أنها مغرية وكأنها ترتدي ثوبا خاصا بالاغراء!!!.. تراها ستسخر منه لو علمت أنه يراها كذلك؟.. رباه.. ستصيبه بأزمة قلبية لا محالة أن مكثت تنظر اليه بهذه النظرات التائهة وكأنها طفلة ضائعة تستنجد به!!!…
+
رفع يديه ليمسك بيديها بحرص ثم رفعهما الى شفتيه ليقبلهما وسط نظراتها الذاهلة قبل أن يخفضهما ويهمس مقربا وجهه منها:
+
– شكلك برنسيسة في فستان الأميرات!!!
+
حدقت فيه رنا بذهول، لتنتبه بعدها وتقول وهي تحاول الافلات من قبضته باضطراب واضح:
+
– أنا.. أنت.. أنت كنت عاوز حاجة؟..
+
ترك أنور يديها ولم تكد تلتقط أنفاسها راحة حتى باغتها بإحاطة خصرها بين ذراعيه القويتين ليفر الدم من وجهها وتزداد دقات قلبها باضطراد بينما يحتويها أنور إليه أقرب وأقرب وهو يدنو بوجهه منها لتضع يديها على صدره الواسع بغرض دفعه بعيدا عنها وقد بسطت راحتيها فوقه لتفاجأ بتلك المضخة القوية التي تطرق بقوة أسفل راحتيها في حين أجاب أنور بصوت أجش دغدغ أوصالها:
+
– لو قلت لك على اللي عاوزه.. هتوافقي؟..
+
قطبت رنا تطالعه في حيرة، لينتشلها من حيرتها هذه وهو يردف وقد اختلطت أنفاسهما ببعضهما البعض:
+
– ما تشغليش بالك بالاجابة دلوقتي… أنا كنت جاي أشوفك محتاجة حاجة ولا لأ، لكن لاقيتني أنا اللي محتاج… وأوووي كمان!!!!!!!
+
همست رنا لتضرب رائحة أنفاسها وجهه فيغمض عينيه مستنشقا عبير أنفاسها:
+
– محتاج؟!!!.. محتاج إيه يا أنور؟..
+
فتح أنور عينيه وطالعها بنظرة جعلت الدم يجري ساخنا في عروقها أشبه بالعسل الدافئ، وهمس وهو يميل يقرب وجهها أكثر إليها حتى تلامست أرنبتي أنفهما:
+
– محتاااااااج……
+
وبتر عبارته وقد بلغ شوقه مداه ليخبرها بطريقة أكثر فاعلية عن مدى احتياجه لها، وقد اعتصرتها ذراعاه، فيما حاولت دفعه بعيدا ولكنه أبى التزحزح، لتهمد مقاومتها بعدها بثوان، وترفع ذراعيها تطوق بهما عنقه، فيقربها أكثر وأكثر إليه راغبا في إخفائها بين ضلوعه، بينما يرتشف رحيق شهدها الذي أسكره حتى الثمالة وكلما نهل منه رغب في المزيد، فهي كالماء العذب الرقراق الذي لا يُشبع منه أبدا…..
+
تركها بعد وقت ليس بالقصير، ليسندها بعد أن شعر بها تترنح فقد غدت ساقيها هلاميتين تحتها، بينما أسندت هي جبهتها على صدره تلتقط أنفاسها المتعثرة بصعوبة، أبعد وجهها عنه يحيطه براحتيه الكبيرتين ونظر الى عينيها اللامعتين بلمعة العشق فيما ثغرها المنتفخ يحمل آثار ملكيته الواضحة،وافترشت وجهه ابتسامة واسعة وهمس بحب صاف:
+
– بحبك يا رنا… بحبك…….
+
ابتسمت بخجل أسره ليحتويها بين ذراعيه ويرفعها حتى أصبح وجهها أمام وجهه وأردف بعشق سرمدي يلمع بين مقلتيه يسرد على مسامعها شعر لشاعر الرومانسية نزار قباني:
+
– وتسأليني ما الحب؟… الحب أن أكتفي بك.. ولا أكتفي منك!!!…
+
ليتابع بصدق مس شغاف قلبها:
+
– أبدا يا رنا قلبي… لن أكتفي منك!!!!!!!..
+
فرفعت ذراعيها تحيط بهما رقبته ثم دفنت رأسها في تجويف عنقه بينما قلبها يصرخ عاليا بصوت لم يصل اليه:
+
– وأبدا… أنا الأخرى…. لن أكتفي منك… يا حبيبي!!!
+
– يتبع-
+

