رواية قارئة الفنجان الفصل الحادي والعشرين 21 بقلم مني لطفي – تحميل الرواية pdf

رواية قارئة الفنجان الفصل الحادي والعشرين 21 بقلم مني لطفي
قارئة الفنجان
+
الفصل (21)
+
بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
+
تأففت للمرة المائة بعد الألف وهي تتنقل في أرجاء غرفتها لتجلس على الفراش قليلا ثم تسير لتقف أمام مرآة الزينة فتعدل من خصلات شعرها الأشقر المصبوغ المتعرّج مع أن ملمسه حريري ولكنها أبت إلا أن تساير أحدث صيحة في تصفيف الشعر حيث قامت بتجعيده ليقل طوله الذي يبلغ في الحقيقة كتفيها بينما الآن يصل إلى نهاية عنقها..
+
همست وهي تحدث صورتها المنعكسة أمامها فيما تجذب إحدى خصلاتها إلى الأمام:
+
– لازم أصبغ تاني، اللون ابتدى يخف من عند راسي… أووف يا ربي، هروح فين أنا بس في المنفى دا؟..
+
ثم ضربت بسبابتها على ذقنها الصغير مردفة بتفكير عميق:
+
– يا ترى عندهم هنا بيوتي سنتر؟..
+
لتنفخ بضيق متابعة:
+
– ..of course not بفكر إزاي أنا مش فاهمه… أراهن أنه حتى كوافير رجالي ما فيش…
+
كادت تبكي وهي تتابع بيأس تخبط الأرض بقدميها كالأطفال:
+
– أووه.. what can I do?.. I fed up, really I can’t stand it any more
+
أعمل إيه بس يا ربي، خلاص مش قادرة أستحمل!!!!..
+
قاطع استرسالها في الحديث الى نفسها رؤيتها لنفسها في المرآة لتهتف بحنق:
+
– لا.. أنا لو قعدت أكتر من كدا هتجنن، أنا بقيت بكلم نفسي!!!…
+
لتدلف خارج غرفتها وقد عزمت على إخبار والديها برغبتها في العودة الى القاهرة فتلك الحياة الهادئة الساكنة لم تعد تطاق بالنسبة لها…
+
هبطت الدرج سريعا وهي تنادي والدتها، لتقبل عليها الأخيرة وتقف أمامها مستفهمة بلوم:
+
– جرى إيه يا رشا؟.. أنت طفلة صغيرة؟.. بتنادي عليّا بالشكل دا ليه؟..
+
رشت برجاء حار:
+
– مامي بليييز.. أنا لازم أمشي من هنا I have to go !!…
+
دولت ببساطة:
+
– والله الكلام مش معايا مع باباكي، اللي عاوزة أعرفه بس أنتي عملتي إيه خلّا أخوكي يصمم أنك تفضلي هنا؟..
+
رشا بتلعثم بسيط:
+
– وأنا.. هعمل إيه يعني؟..
+
دولت مقطبة في ريبة:
+
– مش عارفة ليه حاسّة أنه الموضوع له علاقة بالزيارة اللي كانت عندنا الجمعة اللي فاتت!!!…
+
رشا بتوتر عصبي:
+
– هكون عملت إيه يعني؟.. وبعدين أنا بشوف لؤي بيه خالص؟. ثم ما أنا كنت قاعده معاه في مصر مش قاعده لوحدي يعني عشان يتحجج ويقول لي أنه أفضل معكم هنا أحسن!!!
+
دولت وهي تحرك كتفيها علامة الجهل:
+
– معرفش بصراحة.. عاوزة عندك باباكي اتكلمي معه ولو أني حاسّة أنه رأيه من رأي ؤي واتبسط جدا لما قعدتي معنا لأنه كان قلقان عليكي وأنت في مصر..
+
رشا بعزم:
+
– اوكي.. أنا هكلم بابي..
+
واتجهت الى الشرفة حيث يجلس والدها في جلسته المفضلة على المقاعد الخيزران المنتشرة هناك وسط النباتات المحيطة به ورائحة الزهور والورود التي تعبق في الجو، فدلفت إليه ووقفت أمامه تلقي عليه بتحية المساء التي ردها بابتسامته الحنون لتتشجع رشا وتفاتحه في رغبتها بالعودة الى مصر فقال لها بهدوء وهو يشير إليها بالجلوس فجلست على المقعد المواجه له:
+
– أنا دلوقتي عاوز أعرف.. أنتي هناك لا فيه شغل ولا دراسة ولا أي حاجة، ممكن أعرف تنزلي ليه؟..
+
رشا باستغراب:
+
– my friends dad!!.. أصحابي كلهم هناك دادي، أنا هنا زهقت، ما فيش جديد، محبوسة مش بروح مكان..
+
فاضل بتعجب:
+
– والله أنا قلت أنك لما تيجي وتشوفي الاصطبل اللي عندنا مش هتبقي عاوزة تتحركي خطوة واحدة برّه المزرعة!!… دا أنتي حتى ما روحتيش هناك غير يوم ما جيتي وبس، إيه كرهت الخيل خلاص؟…
+
رشا وهي تهرب بعينيها بعيدا عن والدها:
+
– لا.. هكره الخيل ليه، انت عارف يا دادي أد إيه أنا بحبها، لكن عادي يعني… الجو عموما هنا ممل…
+
ضحك فاضل معلّقاً:
+
– ممل!!!… بقه الجو الصحي دا والطبيعة الجميلة مملين ومصر بزحمتها وهواها الملوث مش مملين؟.. ما زهقتيش من خروجاتك مع اصحابك يا رشا؟.. كل يوم نفس الروتين بتاعك سهر ونوم لغاية العصر عشان تقومي تفكري هتسهري فين ولو صحيتي بدري يبقى عشان تخرجي مع اصحابك تعملي شوبينج وتتغدوا برّه، والبدر يدا بردو بيكون متأخر مش قبل 2، 3 العصر، وتقولي لي هنا ملل!!!…
+
رشا بضيق:
+
– أيوة يا دادي ما هو أنا أعمل إيه؟.. انتو عارفين أن أنا حياتي كلها في الـ states هناك في أمريكا، وأنا أساسا مش كنت عاوزة ارجع مصر، لكن أنتم صممتم وقولتوا بلدنا ولازم نرجع لها، والغربة والشغل وبـِلا بـِلا بـِلا بـِلااااه… ومحدش فيكم حاول يتناقش معايا، يبقى لما آجي أحاول أتأقلم على حياتي هنا ما تضايقوش!!
فاضل بصبر:
+
– يا حبيبتي أحنا مش مضايقين غير عشانك أنتي، أجمل أيامك بتضيع منك وأنتي مش حاسّة بيها، مش معقول الشهور اللي فاتت دي كلها تعدي عليكي بنفس الطريقة؟!!.. وفتح يده اليمنى يعدد على أصابعه بسبابة اليسرى:
+
– لا شغل، لا دراسات أكاديمية أخدتيها تطوري فيها من شهادتك الجامعية اللي حضرتك أخدتيها هناك بالعافية، ولا ]أ خبرة تذكر في أي شيء ولا عمل مفيد واحد!!!.. اللهم إلا أذا كنت بتعتبري أنك تكوني أول واحدة تروح افتتاح مول أو بيوتي سنتر دا أنجاز!!!!!
+
رشا باعتراض:
+
– دادي… خلي بالك أنك كدا بتسخر منّي.. u making fun of me!!
+
فاضل بزفرة عميقة:
+
– يا حبيبتي أنا لا بتريق ولا حاجة… لكن أنا بنصحك، ومن الآخر عشان تكوني عارفة أنا مقتنع جدا بكلام أخوك، نزول مصر وقعدتك هناك من غير سبب قوي مش صح، عشان كدا قودامك حل من اتنين يا أنك تقبلي أنك تشتغلي في شركتنا زي ما لؤي عرض عليكي من أول ما رجعنا مصر، يا إما تشوفي لك شغل أو أي حاجة مفيدة تعمليها ولغاية ما تقرري أنت عاوزة إيه هتفضلي قاعده معنا هنا… وغير كدا معنديش!!
+
رشا واحساس بالقهر يتعاظم بداخلها:
+
– يعني يا أوافق أكون تحت رحمة لؤي بيه في الشغل يا إما أشتغل عند ناس يتحكموا فيّا واتأخرتي ليه ومعملتيش دا صح ليه يا إما أتحبس هنا في المنفى دا؟!!!
+
فاضل مستخدما خصلة البرود الانجليزي الذي تعملها من الحياة هناك وكثرة الاحتكاك بهم:
+
– منفى!!… عموما براحتك.. أنا قلت لك كلامي النهائي، ومعنديش كلام تاني..
+
نهضت رشا وهي تكاد تبكي ليناديها فاضل قبل أن تنصرف:
+
– على فكرة.. فيه خيل جديدة جات انهرده الصبح، خيل عربي أصيل، ابقي روحي شوفيها، وبالمرة اختاري منها فرس ليكي.. عاوزك المرة الجاية تيجي تطلبي مني أني أتفرج عليكي وأنت بتجري بيها تمام زي ما كنت بتعملي واحنا هناك في لوس أنجلوس..
+
لمعت عينا رشا بحماس، فوحدها الخيل التي تستطيع اخراجها من مزاجها السيء، ووالدها يعلم تماما مدى حب ابنته للخيل لذا فقد أمر بإحضار فرسها المفضل إلى هنا وكان قد تم وضعه في إحدى العنابر المخصصة للخيل بنادي الفروسية في أمريكا مدفوعة الأجر لحين استقدامها إلى مصر، ولكنه لم يرد أن يقوم بحرق المفاجأة فوحده “سلطان” جوادها العربي الأصيل من ستخرج صاحبتها من الكآبة المسيطرة عليها، وقبع فوق مقعده ينتظر عودة ابنته التي ركضت من فورها باتجاه الاصطبلات ناسية السبب الرئيسي لعزوفها عن الذهاب الى هناك ثانية والذي يتمثل في صورة واحدة لم تبارح ذهنها منذ ما يزيد عن أسبوع.. صورة حمل صاحبها لقب “دكتور البهائم”.. وعن جدارة!!…
+
بينما ابتسم والدها براحة فهو على يقين من أن ابنته سرعان ما ستأتيه ممتطية حصانها المفضّل وقد فارقها أي حزن أو غضب!!!.
+
***********************
+
صوت رنين متواصل لجرس الباب أعقبه صوت حسنات الخادمة وهي تهتف عاليا:
+
– حاضر.. حاضر أنا جاية أهو…
+
وفتحت الباب لتطالعها هيئة يوسف ولكنه في حال يرثى له، فشهقت عميقا وخبطت راحتها على صدرها قائلة في جزع:
– هييييه.. بسم الله الرحمن الرحيم، إيه يا سي يوسف، مالك كفانا الله الشر؟.. إيه اللي حصل؟…
+
أجابها يوسف دون أن يكلف نفسه عناء الاجابة عن أسئلتها وكان مرتكزا بمرفقه الى إطار الباب الخشبي بجمود:
+
– أنور موجود؟..
+
حسنات وهي تفسح له المجال للدخول:
+
– أيوة، اتفضل حضرتك..
+
دلف يوسف بينما تابعت هي تقول ببساطة وهي تغلق الباب خلفه مشيرة بيدها الى الداخل:
+
– أهو هو كمان شكله عامل زيّ حضرتك كدا تمام، مهموم كدا وتعبان زي ما يكون زرعها شمام طلعت فجل!!!!..
+
زفر يوسف بضيق وقال:
+
– طيب أنا داخله، فاطيما هانم موجودة؟..
+
حسنات نافية:
+
– لا.. ست فاطيما راحت عند الست كريمة، أصل الست ندى بعافية شوية وراحت تشوفها، اللاه… هي شوطة ولا إيه؟… حضرتك وأنور بيه والست ندى!!…
+
نغز عميق شعر به يوسف في صدره الأيسر عند سماعه لاسمها، ليتابع سيره الى غرفة أنور في حين أردفت حسنات بتفكير عميق:
+
– ما داهية يكون دور وماشي في البلد اليومين دول، لا أنا لازمن أبعد عنهم خالص لا أتعدي وهقول كمان لعم أيوب وأم صابر دول ناس كبار.. آه إذا كان سي يوسف وسي أنور والست ندى متدهملين الدوهميلة دي اومال دول بقه ايه اللي هيرجالهم؟!!!!!!..
+
وانصرف حسنات من فورها متجهة لعم أيوب البواب وزوجته أم صابر للقيام بما أزمعت عليه!!…
+
طرقات بسيطة تعالت تجاهلها أنور كعادته وهو يجلس فوق مقعد هزاز بملابسه المنزلية المكونة من سروال قطني كحلي اللون وبلوزة بيتية باللون الأحمر الداكن، وقد دلّت هيئته على أنه لم يحلق ذقنه طوال المدة السابقة فقد نمت شعيراتها بشكل غير مستو كما أشارت الهالات السوداء التي أحاطت بعينيه علاوة على احمرار مقلتيه نفسيهما على الأرق الذي لازمه طيلة تلك الفترة..
2
دلف يوسف دون أن ينتظر الإذن بالدخول، وكان أنور يمسك بهاتفه الشخصي كمن يشاهد منظرا ممتعا، فقد ارتسمت ابتسامة شاردة على وجهه، وما أن سمع صوت الباب وهو يصفق بقوة حيث أغلقه يوسف خلفه حتى رفع رأسه ليقطب وهو يرى الأخير واقفا يطالعه بغموض، ليتنهد بضيق وينهض قائلا بجمود:
+
– خير يا جو؟.. فيه مصيبة تاني حصلت؟..
+
اقترب منه يوسف بخطوات بطيئة قبل أن يقف أمامه يطالعه في غموض لثوان ثم ينقض على فكّه بلكمة قوية مباغتة أطاحت به إلى الخلف عدة خطوات وكاد أن يسقط لولا أن استند إلى ظهر المقعد واعتدل وهو يصرخ بذهول غاضب:
+
– إيه يا بني آدم أنت.. أنت اتجننت؟..
+
يوسف بغضب أعنف:
+
– دا الرد المناسب على واحد زيّك!!!
صاح أنور بقوة:
+
– إيه؟.. واحد زيي!!!.. ليه يعني، أكون أنا اللي قلت لك اكذب على ندى واتصور مع مايسة ومعرفش؟!!!..
+
يوسف وهو يدنو منه وبهدوء خطر:
+
– سؤال واحد وعاوز إجابة واضحة منك… مين اللي فهّم ندى أنه ارتباطي بيها دا كان لاتفاق بينك وبين خطيبتك؟..
+
جمد أنور للحظات قبل أن ينطق متمتما كمن لم يسمع جيّدا:
+
– إيه؟.. قلت إيه؟.. مين اللي فهّم مين إيه؟..
+
زفر يوسف باختناق وارتفع صوته وهو يجيب بحدة بالغة:
+
– ندى فاهمه انه طول الفترة اللي فاتت دي واللي عملته عشان أقرّب منها ورغبتي في الارتباط بيها كل دا عن خطة بينك أنت ورنا وأنتم اللي حطيتوني في طريقها عشان على كلامها هي تخرجوها من الدايرة اللي كانت حابسة نفسها فيها!!!!!..
+
شحب وجه أنور وقد وعى لسوء الفهم الحاصل ليغمض عينيه هامسا بيأس:
+
– لا.. لا.. مش ممكن.. هو فيه إيه بس يا ربي؟!!!!..
+
ثم فتح عينيه يطالع يوسف مردفا بقوة:
+
– مش ممكن اللي أنت بتقوله دا يا جو، أنا ورنا عمرنا ما نفكّر بالاسلوب دا، واللي حصل بالظبط أننا لاحظنا أنك ميّال لندى وبتحاول تقرّب منها، ولو تفتكر أنا وقتها كنت واضح وصريح معك إزاي وحذرتك انك تقرّب منها لأنها مش واحدة من إياهم اللي تعرفهم، وما وافقتش على انك تتقدم خطوة واحدة ناحيتها إلا لما اتأكدت أنك بتحبها بجد، ورنا كمان.. كانت خايفة وقلقانة على صاحبتها وما اطمنتش ليك إلا لما أنا أكدت لها أنك بتحبها بجد ساعتها هي شافت أنه علاج ندى انها تخرج من الشرنقة اللي هيا فيها عشان تشوف أنه فيه لسّه حب وأنها ممكن تحب وتتحب، واللي شجعنا هي ندى نفسها، ندى اتغيّرت سوء في شخصيتها أو ردود أفعالها، فقلنا أنه دا شيء كويس، التغيير في حد ذاته بيكون إيجابي سواء بقه كملتوا مع بعض أو لأ، وبعدين حتى لو خطة مش معقول هتوصل للجواز!!!.. انت مين اللي قالك الكلام الغريب دا؟..
+
زفر يوسف بضيق وأجاب وهو يقع جالسا فوق الفراش خلفه:
+
– ندى نفسها!!… اتهمتني اني كنت متفق معكم اننا نخرجها من اللي هيا فيه، وانكم انت ورنا افتكرتوا انها مجنونة ولازم تتعالج وأنه أنا علاجها اللي للأسف بقه انتكاسة أسوأ من المرض ذاته!!!!!!!!…
+
صمت أنور قليلا قبل أن يجيب بهدوء وتفكير:
+
– انتكاسة إزاي لو انت مفرقتش معها فعلا؟!!!!…
+
رفع يوسف رأسه إلى الآعلى مطالعا في أنور الواقف أمامه رافعا لحاجبه في تساؤل ليجيب يوسف بتردد:
+
– قصدك….
+
قاطعه أنور ببساطة:
+
– قصدي أنه العلاج نجح يا جو، واللي في ندى دا حلاوة روح مش أكتر، لأنه أبسط حاجة لو أنت مش مهم عندها فعلا ما كانش هيفرق معها سواء طلعت خاين ولا كداب ولا لأ، الواحد بيفرق معه الناس اللي لهم مكانة خاصة عنده، لكن اللي مش بيحس ناحيتهم بأي شيء الموضوع بيكون عادي…
+
نظر أنور الى يوسف ليجد الأخير يقف فاغرا فاه مقطبا جبينه في حيرة وتوجس ليتابع متأففا بحنق:
+
– يعني من الآخر لو أنت عادي عندها وشافت صورتك مع البت دي كانت ببساطة هتهز أكتافها ولا تسأل.. هتبقى ساعتها عندها كلب وراح!!!!!!!!..
+
انتبه يوسف إلى كلام أنور لتثير حنقه عبارته الأخيرة فصاح به بسخط:
+
– كلب إيه يا ززفت أنت؟.. انت هتشتم كمان؟!!!..
2
أنور بابتسامة ساخرة وهو يقترب من يوسف حتى وقف أمامه تماما:
+
– اللاه.. مش أحسن من اللي بيضرب؟.. يعني الحق عليّا أني ما طولتش إيدي طوّلت لساني بس؟.. عموما ولا تزعل… ملحوقة!!!!!!!!
+
وقبل أن يفطن يوسف لنوايا أنور كان الأخير يلكمه بقبضته اليمنى في وجنته اليسرى بقوة لتزين صدغه كدمة زرقاء كبيرة في حين هتف يوسف بغضب:
+
– آآآخ… أنت أد الضربة دي يا أنور؟!!!
+
أنور وهو يبتعد إلى الخلف رافعا قبضتيه أمام وجهه في وضع الاستعداد وكأنه ينازل في مباراة ملاكمة:
+
– طبعا لأ… بس مش أنا اللي أتضرب وأسكت، وبعدين واحدة بواحدة.. خالصين!!..
+
زفر يوسف بضيق وقال وهو يسحب علبة السجائر من جيب سترته الداخلي ليتناول واحدة منها بأسنانه:
+
– ماشي يا… صاحبي، تقدر بقه تقولي هنقنعها بكدا إزاي؟..
+
أطرق أنور برأسه في تفكير عميق في حين أخرج يوسف قداحته ليشعل سيجارته ويمج منها نفسا طويلا عميقا وهو يرفع القداحة المشتعلة أمام عينيه حيث سلّط عينيه على ألسنة اللهب المتراقص مفكّرا بعمق لينتبه على صوت أنور فيطفأ القداحة ويولي اهتمامه لأنور الذي كان يقول:
+
– شوف مش هينفع كدا، أنا هلبس وننزل نقعد في المكان بتاعنا، على قهوة الفيشاوي، ونفكّر إزاي نفهّم ندى الحقيقة، حاكم بنت خالتي وعارفها راسها ناشفة ومش بتقتنع بسهولة….
+
أومأ يوسف برأسه إيجابا ليتجه أنور الى الحمام الداخلي ولكن وقف فجأة ونظر إليه من فوق كتفه وأردف بتحذير مبطن:
+
– لكن خلي بالك يا جو.. أنا المرة دي هكون مع ندى، واللي هي عاوزاه أنا هنفّذه لها، يعني من الآخر أنا مش هضغط عليها، كفاية اللي هي فيه…
+
همّ بالدخول عندما التفت ثانية عاقدا جبينه وهو يسأله يوسف في حيرة:
+
– إنما صحيح.. مين اللي قال لك على الحكاية دي بتاعت اتفاقي أنا ورنا؟..
+
يوسف وهو ينفث دخان سيجارته عاليا بزفرة عميقة:
+
– ندى نفسها!!!…
+
حدق أنور في استغراب وأجاب وقد التفت بكليّته إليه:
+
– ندى!!!… أنت شوفتها؟..
+
أومأ يوسف بنعم فاسترسل أنور مستفهما:
+
– أنما إزاي؟.. وافقت تقابلك كدا بسهولة؟..
+
يوسف وهو ينفض رماد سيجارته في المنفضة فوق المكتب الخشبي وببساطة:
+
– لا طبعا، البركة في أنـّا نازلي هي اللي رتبت مقابلتي معها!!!..
+
أنور بذهول:
+
– أنـّا نازلي!!!.. هي جات من تركيا؟!!!
+
هز يوسف رأسه موفقا وهو يتناول سيجارة أخرى بينما خبط أنور جبهته براحته وهو يقول:
+
– يااااه.. تصدق فعلا، عمي عز قال لي على معاد وصوصهل لكن أنا من اللي حصل نسيت، تلاقيها دلوقتي مستغربة أني ما روحتش لغاية دلوقتي سلمت عليها، مش هخلص منها أنا عارف…
+
ثم أشار ليوسف متابعا:
+
– هدخل آخد شاور وأجهز وأرجع لك…
+
ودلف مغلقا الباب خلفه تاركا يوسف وملامحه تسبح في غيمة كثيفة من الدخان الأسود فيما برقت عيناه بعزيمة لا تُقهر وهو يهمس كمن يتلو قسما عظيما:
+
– وأنا مش هسيبها مهما عملت، حتى لو اختارت البعاد… تبعد.. بس وهي تحت عيني!!..
+
*****************
+
وصلت حيث حظائر الخيل، واتجهت من فورها الى عنبر ذاك الفرس التي سرقت فؤادها منذ رأتها، دلفت بعد أن دفعت الباب الخشبي الى الداخل، لتجدها تقف في شموخ رافعة رأسها إلى الأعلى وكأنها تنأى بنفسها عن النظر إلى الأسفل، بينما تمضغ بكل هدوء ووقار طعامها العشبي!!!…. ابتسمت رشا وتقدمت إليها وهي تبتسم ثم رفعت يدها تربت على عنقها الطويل وهي تدفن رأسها في خصلاتها الكستنائية المنسابة على ظهرها، لتفاجئها الفرس بانحناءة رقبتها ناحيتها وكأنها تعانقها بدورها، رفعت رشا رأسها وهمست بصوت ناعم أنثوي فيه نغمة جذابة:
+
– أنا عارفة أنك زعلانة مني عشان مش جيت ولا مرة من بعد المرة اللي فاتت.. لكن أعمل إيه؟..
+
ثم تلفتت حولها وكأنها تطمئن إلى عدم وجود ثالث معها قبل أن تميل عليها هامسة في أذنها بصوت منخفض ولكنه مسموع:
+
– دكتور البهايم اللي بيعالجكم دا مش عاوز أشوف وشّه، أنا فاكرة مثَل سمعته من نجيّة الشغالة هنا بتقول.. – ووضعت سبابتها على جانب صدغها لتتذكر وما لبثت أن فرقعت بأصبعيها الابهام والسبابة في جزل متابعة – أيوة… افتكرت… وشّه يقطع العيش من الفرن…
+
ثم سكتت رافعة حاجبها عندما سمعت صهيل الفرس وكأنها لم يعجبها كلماتها فقطبت وهمست تسألها:
+
– إيه غلط؟.. مش مهم.. anyway.. أهو وشّه بيقطع حاجة.. لا ومش حاجة واحدة.. بيقطع كل حاجة، هو والعضلات اللي نافخهم بيخوفني بيهم….
+
ثم رمت برأسها الى الخلف متابعة في ثقة شديدة وشموخ:
+
– ها.. ولا يهمني… عضلاته على نفسه يا درتي مش عليّا!!!..
+
ابتسمت للفرس التي ركزت عينيها عليها وتابعت:
+
– إيه مستغرب الاسم؟.. أصلي بصراحة النقطة البيضا دي اللي في جبينك شكل اللؤلؤ بالظبط.. عشان كدا أنا هسميكي دُرّة.. عارفة يا درة… أنا عندي فرس في ststes أنما إيه… فرس بجد!!.. أنا متأكدة لو شوفتيه هيرسق قلبك من أول نظرة!!!
+
صهلت الفرس وأشاحت برأسها وكأنها خجلى!!.. لتضحك رشا عاليا وتقول وهي تدخل يدها في جيبها ثم تخرجها وهي تقبض على قطع من السكر وتمدها الى الفرس:
+
– شوفي أنا جبت لك هدية الصلح إيه؟.. ياللا يا درة هانم.. ممكن تقبلي عربون الصلح؟..
+
لتنحني الفرس ب{أسها على راحة رشا وتلتهم قطع السكر فيما شفتيها الغليظتين تداعبان باطن يدها فتشعر رشا بالدغدغة والتي كانت ولا تزال نقطة ضعفها التي مهما كبرت فأنها لا تستطيع التخلص منها، وأخذت تمسد خصلات الفرس بيدها الحرة وابتسامة جميلة تزيّن ثغرها الوردي..
+
صوت عال انطلق من ورائها جعلها تشهق عاليا وتنتفض ملتفة إلى الخلف:
+
– أنتي فاكرة نفسك بتعملي إيه بالظبط؟..
+
شهقت رشا وهي تلتفت إليه وما أن وقعت نظراتها عليه حتى كشّرت عن أنيابها وهتفت بسخط:
+
– هو أنت!!!.. فيه حد يدخل على حد كدا؟.. مش المفروض تسلّم ولا شغلك مع البهايم خلّاك تنسى إزاي تتعامل مع البني آدمين!!!!!!!…
+
أنهت عبارتها بنظرة تحد قابلها بنظرة غامضة قبل أن يخطو ناحيتها ببطء وتمهّل جعلها تقطب في توجس وريبة وقد بدأ ناقوس الخطر يقرع في عقلها، فالمكان بعيد ولا يوجد غيرها حيث أن هذا الوقت هو استراحة العمّال، إذن فليس هناك من يستطيع نجدتها إن هجم عليها، فشكله لا ينبأ بخير..
+
كان يتقدم ناحيتها وهي تتراجع حتى اصطدم ظهرها بالحائط ليحاصرها ساندا يديه الاثنتين بجوار رأسها فوق الحائط، ومال عليها مسلطا عينيه على سماء عينيها قبل أن يقول بصوت هادئ خافت كان يبدو كالسكون الذي يسود قبل العاصفة:
+
– آخر مرة أسمح لك تطولي لسانك عليّا، والبهايم اللي مش عجبينك دول عندهم أدب وذوق وأخلاق أكتر من بني آدمين فاهمين نفسهم غلط أنهم بني آدمين وهما حتى البهايم ما وصولش ليها!!!!.
+
قطبت رشا تطالعه بريبة وقالت بنغمة صوتها المعهودة:
+
– أنت بتغلط فيا؟.. are u crazy?.. u don’t know who I am?
+
ابتسم حازم بسخرية وهو يميل على وجهها فتضربها رائحة أنفاسه مختلطة برائحة عرقه الرجولي لتثير داخلها زوبعة من أحاسيس جعلتها تشعر بالغرابة ولكنها فسرتها على أنها ولا شك “قرف واشمئزاز” من تلك الرائحة الـ.. الـ.. الجذابة!!!!!!!!.. نعم أنها جذابة بشكل لعين!!…
+
وكان هذا بعينه هو الوصف الذي أطلقه حازم على عينيها اللتين بلون السماء وهو يتابع التحديق فيهما بينما خبت ابتسامته رويدا رويدا وهو يتيه في سمائهما معترفا بينه وبين نفسه بأنهما.. فاتنتين بشكل مستفزٍّ لعين!!!!…
+
ليبتعد الى الخلف فجأة منتفضا كالملسوع وأجاب معتمدا البرود والسخرية فيما هناك في أعماقه بدأت جذوة من نار تشتعل ببطء:
+
– هتكوني مين يعني؟.. حتة بنت دلوعة ، مولودة وفـ بؤها معلقة دهب، متعرفش أي حاجة في دنيتها غير أنها تتنطط على مخاليق ربنا، وتعايب على دا، وتتريق على دي، وهي مليانه عِبر الدنيا كلها!!!!!..
+
شهقت رشا غير مصدقة وقد طار شعورها الغريب به أدراج الرياح وهتفت بحنق:
+
– أنا فيا عبر الدنيا كلها؟!!!!.. يا دكتور البهايم يا حلّاق الحمير يا……
+
لتبتلع باقي كلماتها البذيئة بفعل يده التي أسرعت بكتم فمها، لتفتح عينيها واسعا بذهول وصدمة فيما مال على وجهها وهتف من بين أسنانه المطبقة:
+
– يعني مش ناوية تحرمي؟.. أعمل فيكي إيه؟.. أورّيكي دكتور البهايم دا ممكن يعمل إيه بالظبط؟.. تحبي تشوفي؟… ها؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!…
+
وصرخ صرخة عالية جعلت بؤبؤيها تتوسع خوفا وقلقا، ثم أبعد يده ولكن قبل أن تأتي بحركة واحدة كان قد مال عليها ثانية وهمس في أذنها:
+
– اسمها وشّه يقطع الخميرة من البيت يا… كوكي!!!!!
+
وسار بثقة عالية ليخرج، وما أن وقف أمام الباب حتى نظر اليها من فوق كتفه وقال:
+
– على فكرة… فيه خيل جديدة جات انهرده، ولولا أنه فاضل بيه أصرّ أنك تشوفيها ما كنتش هرزيها بطلّـك البهيّة.. لو عاوزة.. هتلاقيها في العنبر التاني… سلام يا.. بهيّة!!!…
+
لتطالعه في صدمة ومن ثم خبطت بقدمها في الأرض بغيظ بينما وقف هو في الخارج يزفر في اختناق هامسا بضيق:
+
– يخرب بيت جمالك يا شيخه، يعني حلاوة وش وزفارة لسان، توليفة عجيبة!!!!!!..
+
ثم انصرف الى العنبر الثاني حيث الخيل الجديد فهو على يقين من أنها ستسارع برؤية الخيل ولا بد له أن يكون شاهدا على هذا اللقاء!..
+
************************
+
جلست على الكرسي في الشرفة الملحقة بغرفتها تتطلع الى الحديقة المحيطة بالمنزل، بينما تتطاير خصلات شعرها الذي استطال عن آخر مرة ليصل الى كتفيها والذي جمعته على هيئة ذيل فرس لينسدل بنعومة نائما فوق كتفها، بينما تطل الشمس تمسح بأشعتها الذهبية على بشرتها الشاحبة علّها تعيد لها بعضا من نضارتها السابقة..
+
تقدمت تتوكأ على عصاها الأبنوسية لتجلس على الكرسي المقابل لها، مدت يدا متغضنة بالتجاعيد تشي بسنوات عمرها التي شارفت الثمانين تربت بها على يدها وقالت بصوتها الحنون:
+
– بعدين معاكي ندى.. أنتي كدا زعليني أَفي (أوي).. كلم معايا قطر الندى..
+
ابتسمت ندى ابتسامة شاحبة وهمست:
+
– يااه يا أنّـا.. من زمان ما سمعتش اسم قطر الندى!!!…
+
ابتسمت نازلي وقالت وهي تسحب يدها:
+
– ولا يهمك ندى… احنا نقول لك قطر الندى على طول… احكيلي حبيبتي.. ليه زعل دا كله؟…
+
نظرت اليها ندى بتساؤل فأجابت نازلي سؤالها الصامت بابتسامة رقيقة:
+
– أيوة ندى أنا مستغرب كتير، فالد يوسف مش كان يهمك مش كنت حزنت كتير عليه كدا!!..
+
هتفت ندى باعتراض:
+
– مين قال أني زعلانه عليه؟… أنا متضايقة عشان نفسي!!!..
+
الجدة مسلطة عينيها عليها:
+
– وليه اتضايق عشان نفسَك؟.. مش فيه أي شيء يستحق تزعَل نفسَك عشانه، أنت لو مش كان يفرق معاك يوسف مش كنت زعلت وغضبت بالشكل دا، عادي.. واحد خطب أنت وطلع مش كويس.. خلاص… حكاية خلصت، لكن أنك تقفل على نفسك بالشكل دا، وممنوع أكل، ممنوع كلام، ممنوع حتى تشوف باباك ومامتك وزعلان منهم عشان نفس الموضوع.. يوسف… كل دا وتقول أنه نافيش حاجة وأنك مش زعلان؟!!!…
+
هزت نالي رأسها برفض متابعة بحنان:
+
– لا قطر الندى… أنا مش اتعوّد أنه أنت تكون جبان!!!!!!
+
شهقت ندى وقالت بعتاب:
+
– كدا يا أنـّا؟… أنا جبانة!!!!
+
نازلي ببساطة:
+
– إيفيت، وغبي كمان.. قطر!!!!!
+
قطبت ندى هاتفة بحنق:
+
– أنـّا!!!… حضرتك أول مرة تشتميني!!!
الجدة بحنان:
+
– عشان أنا أفِلْ (أول) مرة أشوفك ضعيف بالشكل دا!!!..
+
سكتت لتدع لها المجال كي تفهم كلماتها جيدا ثم أردفت:
+
– شوف حبيبي… مش عيب أننا نغلط، لكن العيب كله أننا نستمر في الغلط، وكمان مش عيب أبدا أننا نحب… لكن أكبر عيب أننا نكدب وعلى نفسنا قبل أي حد تاني… فهمت ندى؟!!!!
+
ندى بشحوب:
+
– قصدك إيه يا أنـّا؟!!!…
+
الجدة وهي تربت على يدها ثانية:
+
– اسمعني قطر… ولازم تعرف أنه أنتي المهم عندي مش يوسف!… هو آه له معزة عندي عشان اسمه على اسم حبيبي يوسف الله يرحمه، لكن أنت بنتنا، عشان كدا عاوزك تسمع وتفكر في كلامي قبل ما تعمل أي شيء….
+
أرهفت ندى أذنيها لجدتها التي واصلت بحكمة قائلة:
+
– أنت طول عمرك وانت متربي مع معتز الله يرحمه، كبرتوا سفا سفا (سوا سوا).. واتخطبتوا وحصل كتب كتاب، بعدين ربنا أراد أنه يروح له، أنت زعلت، وحزنت وكلنا زعلنا كتير عليه عشان هو كان لسه شباب صغير، لكن دا أمر ربنا، مش نقدر نقول فيه حاجة، لكن أنت ندى زعلك كان قاسي أوي، على نفسَك وعلى باباك ومامتك، وبعد انهيار ومستشفى خرجت منها ابتديت مرحلة جديدة من الحياة بتاعك، ابتديت تتعامل أنه معتز موجود، اتكلم معه، روح أماكن فسحات معاه، كل حياتك بئيت معه، طبيعي أنه عز وكريمة يقلقوا، لأنه اللي كنت بتعمله ندى هو دا اللي مش طبيعي!!!.. لما حصل وقابلت يوسف كان عكس معتز في كل شيء، وحاسيت انك مشدود ليه، أو معجب بيه، وفجأة لاقيتيها بتقولك أنها بتحبك وعاوز يتجوزك!!!
+
ندى بحيرة مقاطعة لها:
+
– وحضرتك عرفتي منين يا أنـّا؟..
+
نازلي بابتسامة:
+
– أنت ناسي أنه أنا اللي سمحت له أنه يزورك هنا؟.. وأنا مش كنت هعمل كدا قبل ما أتكلم معه ويحكي لي على كل حاجة..
+
ندى مبتلعى ريقها بصعوبة:
+
– وهو اللي قال لحضرتك أني معجبة بيه و….
+
ضحكت الجدة وقاطعتها قائلة:
+
– لا لا ندى، دا استنتاج حظرتونا!… المهم… أنت حاسيت بيوسف، وعشان حاسيت بيه.. أنت تعبت منه!!.. من اللي عرفته عنه، يوسف غلط أنا مش بنكر، لكن حرام أنك تضحي بحب كبير زي حبكم ندى، أنت ممكن تاخد بتارك لكن من غير ما تسيبه!!..
+
ندى منفعلة:
+
– أنا مش بحبه.. ومش معجبة بيه، ومش بفكر في كلامه ليّا كل يوم، وما يهمنيش أني مش هشوفه تاني، أنا.. أنا هرجع لمعتز، معتز عمره ما خاني، ولا خدعني، أنما يوسف… يوسف..
+
وتهدّج صوتها في آخر كلماتها وهي تهتف بحرقة قبل أن تنخرط في نوبة بكاء حار:
+
– يوسف قتلني.. قتلني يا أنـّا قتلني!!!!!!
+
احتوت نازلي ندى بين ذراعيها وهدهدتها حتى هدأت نوبة بكائها ثم قالت بحنان أمومي فيّاض:
+
– يوسف بيحبك ندى، أنا قريتها في عينيها، هي مش بس بتحبك، هي مجنونة بيك!!!..
+
ابتعدت ندى عن أحضان جدتها ومسحت وجهها براحتها فيما تابعت نازلي ببساطة:
+
– صدّق ندى… أجمل حب.. حب.. المجانين!!!!!!!!!..
+
ونظرت الى ندى التي ابتسمت ببطء أول الأمر ثم ما لبثت أن انخرطت في الضحك تشاركها جدتها حتى أدمعت أعينهما، لتقول الجدة بعد أن هدأت عاصفة الضحكة التي ألمت بهما فجأة:
+
– عاقب هي قطر الندى، لكن مش تسيبه، لازم تكون زكي.. وقبل أي حاجة… لازم تعترف باللي هنا – وأشارت الى قلبها – مش تخبي أبدا!!!!!..
+
وأنهت عبارتها بنظرة متواطئة لتقابلها ندى بأخرى مفكرة قبل أن تومئ برأسها.. وقبل أن تتحدث كان هناك من يدلف اليهما ويتجه ناحيتهما، فرفعت ندى وجهها إليها بينما قالت كريمة وعينيها تسبحان بغلالة من الدموع:
+
– ما صدقتش نفسي لما سمعت ضحكتك..
+
أشاحت ندى برأسها بعيدا، فأردفت كريمة بعتاب:
+
– لسّه مش عاوزة تكلميني يا ندى؟.. يا حبيبتي أنتي بنتي الوحيدة اللي أخاف عليها أكتر من أي حد في الدنيا دي، يوسف صارحني يا ندى، لكن أنتي وقتها كنت مترددة مش عاوزة ترسي لك على بر، كأنك كنت مستنية له على أقل غلطة عشان ترفضيه أو تسيبيه، خاف أنه يصارحك وصارحني أنا، وأنا قدرت صراحته دي، آه طبعا لومته على اللي عمله لكن هو في الأول والآخر كان ارتباط حبر على ورق خصوصا أنه أهلها مش هنا عشان يكتب رسمي، ندى باباكي زعلان مني من يوم الموضوع دا يا ندى…
+
شهقت ندى ونهضت تقف أمام والدتها متسائلة بدهشة:
+
– زعلان!!!… بابا عمره ما زعل من حضرتك أبدا!!…
+
كريمة ورموشها مبللة بدموعها المحبوسة:
+
– دا مقاطعني كمان يا ندى من وقتها، بيقول لي أني اتصرفت من دماغي وما عملتش ليه أي اعتبار، بس أنا ما كانش قصدي لا أتجاهله ولا أطنّشه زي ما هو فاهم، أنا كل الحكاية أني أم.. أم وشوفت بنتي بتدبل قودامي يوم بعد يوم، لحد ما لاقيتها فجأة ابتدت ترجع ندى بنتي.. ضحكتها وعنادها وشقاوتها، عرفت يا ندى.. عرفت أنه حبه كان علاجك… سامحيني يا بنتي.. سامحيـ…
+
لتسارع ندى بالارتماء بين ذراعيها وهي تشهق بعنف:
+
– لا يا ماما ما تقوليش كدا، أنتي اللي سامحيني، سامحيني حبيبتي، لا عشت ولا كنت يوم ما أكون سبب في دمعة واحدة تنزل من عينيكي، أو أكون سبب لأي حزن يدخل قلبك، سامحيني يا جنتي وناري…
+
فاحتوتها كريمة بين ذراعيها مربتة على كتفيها بينما قالت نازلي التي كانت تمسح دموعها خفية عنهما:
+
– خلاص كريمة.. خلاص قطر ندى.. كفاية بكاء ودموع، نفكر في المهم..
+
كريمة بتقطيبة:
+
– إيه هو المهم يا أنـّا؟..
+
نازلي ببديهية:
+
– إزاي قطر الندى ربي يوسف من أول وجديد!..
+
نظرت كريمة الى ابنتها باستفهام متسائلة بريبة:
+
– أفهم من كدا أنك مش هتسيبي يوسف؟..
+
أجابتها نازلي بتأفف:
+
– أومال كنا بنقول في إيه من صبح كريمة؟.. ندى مش هتسيب يوسف، ندى… حب يوسف… ندى.. – وسكتت غامزة بمكر قبل أن تتابع – ربّـي يوسف!!!!!!…
+
ضحكت كريمة قبل أن تشهق قائلة:
+
– أووف.. نسيت!!!!
ندى عاقدة جبينها وبتساؤل:
+
– نسيتي إيه يا ماما؟..
+
كريمة بابتسامة:
+
– فيه ناس عاوزين يشوفوكي؟..
+
وقبل أن تتساءل ندى عن شخصيتهم كانت كريمة تنادي بمرح:
+
– اظهر وبان عليك الأمان…
+
لتظهر رنا من خلال الباب الذي تركته كريمة مفتوح وهي تتقدم الى الداخل بخطوات مترددة، حتى وقفت في منتصف الغرفة وهمست وهي تفكر باصابعها بتوتر هاربة بعينيها:
+
– ممكن.. ممكن أدخل؟..
+
أشاحت ندى بوجهها لتدنو منها رنا حتى وقفت أمام ندى تماما مردفة وشفتها السفلى ترتعش رغبة في البكاء:
+
– أنا… أنا آسفة يا ندى… أرجوكي ما تسيبينيش، طنط كريمة قالت لي أنك سمعتيني أنا وأنور، والله العظيم يا ندى أنا ما كنت بتفق عليكي من وراكي ولا حاجة أبدا، كل الحكاية أني أخدت بالي من اللي طنط كريمة قالته، لاقيت مرة واحدة ندى صاحبتي ابتدت ترجع تاني، وأنور عشان تبقي عارفة ما وافقش أنه يوسف يقرب منك إلا لما اتأكد منه أنه بيحبك، يوسف عمره ما حب يا ندى، أنور قالي أنه شايف يوسف تاني غير اللي هو يعرفه، وأنا عمري ما كنت هفرّط فيكي ولا أنور هيسلّمك ليه، أنا آسفة يا ندى.. أرجوكي سامحيني…
+
وانهمرت دموعها تغسل وجنتيها بينما تابعت بشهقات متقطعة:
+
– أنا.. أنا محتاجاكي أوي يا ندى.. أنـ.. أنور هيـ.. هيسيبني يا ندى، ولا أنور سابني.. أنا هـ.. هموت.. هموت يا ندى!!!!!!!!!!!!..
+
لتنهار باكية بين ذراعي ندى التي ضمتها اليها بقوة وهي تربت عليها قائلة بغضب زائف:
+
– أنور مين دا اللي يسيبك؟.. أنتي عارفة هو عمل إيه عشانك؟.. أنور عمره ما يسيبك يا رنا..
+
ابتعدت رنا عنها ورفعت عينين منتفختين من شدة البكاء وأجابت:
+
– لا يا ندى، أنا غلطت فيه جامد، وقلت له كلام مينفعش أقوله، وكان ردّه عليّا..
+
ندى بابتسامة:
+
– أنك تشوفي هو محتاج إيه وتعمليه، أنك تحسي هو بيعمل إيه عشان يثبت حبه ليكي مرة بعد مرة في الوقت اللي انتى واقفة فيه عندك مش بتقابليه ولو بخطوة واحدة!!
+
نظرت اليها رنا بذهول لتجيب ندى سؤالها الصامت بابتسامة صغيرة:
+
– أيوة يا رنا، أنا سمعت كل كلامكم، ما هو أنا زي ما سمعت اتفاقكم أنه يوسف يكون علاجي سمعت كمان كلامك الجارح ليه، بس بيني وبينك وقتها ما رضيتش أطلع أهدي بينكم، كنت متغاظة أوي منه، أنور مش ابن خالتي وبس.. لا، وأخويا كمان، فرحت فيه وقلت أحسن.. خليكي تفشي غلي شوية!!!!
+
ابتسمت رنا قائلة:
+
– أنا أفش غلّك!!.. المهم فشّيته ولا لأ؟..
+
ندى بابتسامة مماثلة:
+
– فشيتيه وزيادة شوية، المهم أنك لازم تروحي لأنور، صارحيه باللي أنتي قولتيه دلوقتي، قولي له انك بتحبيه وانه لو بعد عنك هتموتي، صدقيني أنور راجل أوي، وبيحبك أوي أوي…
+
لتتصاعد لثالث مرة طرقات على الباب المفتوح ويطل هذه المرة وجه.. سعادات وهي تقول مرتبكة:
+
– السلام عليكم، ممكن أدخل يا أبلة؟!!!
كريمة باعتذار:
+
– معلهش يا سعادات قلت رنا هتدخل الأول عشان عاوزة ندى في موضوع ونسيتك أنتي خالص!!..
+
سعادات بابتسامة:
+
– لا ما حصلش حاجة حضرتك..
+
ثم نظرت الى ندى مردفة:
+
– إزيك يا أبلة ندى؟..
+
ندى ببرود فسعادات أيضا من المؤكد أنها على علم بعلاقة تلك الحرباء بيوسف وقد أخفت عنها تلك الحقيقة:
+
– أهلا يا سعادات..
+
قطبت سعادات والتي شعرت ببرود ندى فقالت معتذرة:
+
– أنا.. أنا آسفة، واضح كدا أني جيت في وقت مش مناسب.. أنا ماشية…
+
ليتعالى صوت يقول بعربية مكسرة وصاحبته ترفع العصا في وجه سعادات:
+
– أنت هنا.. رايح فين من غير ما سلّم على أنـّا؟.. أهلك علّموك كدا؟..
+
نظرت اليها سعادات بذهول ثم رفعت رأسها تطالع ندى مرددة كالبغبغاء:
+
– أهلك وعلموك؟!!!.. هي الحاجة مش واخده بالها أني هي مش هو ولا إيه؟…
+
كادت ندى أن تتهاوى ضاحكة ولكنها تمسكت بقوة بقناع الغضب بينما داخلها يكاد ينفجر من شدة الضحك على شكل سعادات المذهول!!!..
+
نازلي بجدية:
+
– تعالى هنا.. سلّم..
+
لتتجه إليها سعادات وتصافحها فيما تقول نازلي وهي تتفحصها جيدا:
+
– امممم… شو جوزال.. شو جوزال… أنت كويس كتير!!!…
+
قطبت سعادات باستهجان وسحبت يدها وهي تتمتم:
+
– شكرا يا حاجة!!!..
+
رنا بابتسامة:
+
– أنّـأ نازلي.. جدة ندى!..
+
لتتبدل تعابير وجه سعادات الى الفرح وتهتف قائلة وهي تتجه لتحيي الجدة بحرارة:
+
– أهلا وسهلا، طيب مش تقولوا كدا، إزيك يا تيزة كدا وأزي صحتك…
+
لتقطب الجدة وهي تقول بسخط:
+
– تيزة!!!!!.. إيه تيزة دي؟.. تيزة في عينك قليلة أدب خنزاؤورة!!!!!!..
+
لتشهق سعادات هاتفة:
+
– هااااا.. ليه كدا بس يا تيزة؟.. دا أنا برحّب بيكي تقومي تقولي خازووق وقليلة أدب ومعرفش إيه؟..
+
ندى وهي تميل على سعادات:
+
– لا يا سعادات أنّا مش تقصد، هي بس ما فهمتش تيزة، وبعدين خنزؤورة مش خازوق… دي لها معنى تاني كدا.. بعدين أقولهولك..
1
سعادات وهي تقلب شفتيها:
+
– ماشي.. عموما طالما جدة حضرتك أي حاجة مقبولة منها، أنما قوليلي حضرتك زعلانة مني ليه؟..
+
ندى وهي تضع عينيها في عيني سعادات وبجدية:
+
– عشان عارفة كل حاجة عن يوسف وما قولتليش!!..
+
شهقت سعادات بعنف ووقعت جالسة على المقعد خلفها وهي تقول بغير تصديق:
+
– انتي عرفتي؟.. إزاي ومني اللي قالك؟..
+
تنهدت ندى بعمق في حين أجابت رنا بغيظ:
+
– البتاعة دي اللي اسمها مايسة.. هي اللي..
+
لتقاطعها سعادات وهي تقفز واقفة هاتفة بحدة:
+
– بنت التييييت…. أنا كنت عارفة انها حرباية وسحلابة كمان… وجو ما صدقنيش، أنا عارفة عقله كان فين لما بصّ لها؟.. يعني عرف كتير وقليل مقدرش يفهمها من أول مرة؟!!.. دا انا اللي اسمي أنا أهو وعلى نياتي زي ما بيقولوا فهمتها من أول مرة، وانت يا جو يا اللي كنت بتغير البنات زي ما بتغير الكرافتة بتاعتك تتغش فيها؟!!.. لا لا صحيح غلطة الشاطر بألف!!!!!!!!!!..
2
همست ندى بوجه شاحب وبذهول تام مصدومة مما تسمع:
+
– سعادات.. هو يوسف.. عرف بنات تانيين صح؟..
+
سعادات ولم تنتبه بعد لزلة لسانها وبكل بساطة:
+
– ييييه… دا بنات تانيين وتالتين، جو كان زي شهريار كدا يا أبلة بالظبط، أنما من شاعة ماشاف شهرزاد وهو تاب وأناب…
+
ندى متمتمة:
+
– شهرزاد!!!!
سعادات بإيماءة:
+
– أيوة.. هو فيه شهر زاد غيرك أنتي يا أبلة؟!!!..
+
رنا بتساؤل وهي ترمق ندى بحذر في حين جلسة كريمة وعلامات الصدمة تبدو جليّة على ملامحها أما أنـّا نازلي فقد اعتلى وجهها نظرة غااااامضة:
+
– يعني كلهم كانوا زي مايسة كدا ولا…
+
سعادات وهي متسمرة في ثرثرتها التي ستكون نتيجتها وبالا على يوسف دون أن تدري:
+
– تقريبا يا أبلة، بس مايسة لادوس دي بالذات ما قربلهاش خالص، لأني من كم يوم كدا كنت طالعه عنده عاوزاه في موضوع لاقيت بوز الاخص دي هناك وكان الباب مفتوح وقفت على جنب قلت لو لاقيتها ما مشيتش بالزوق هروح أنا أحدفها في بير السلم ويبقى لا من شاف ولا من دري ونخلص، وقتها سمعتها وهي بتقوله طالما مش عاوزني كنت بتتجوزني ليه، دا انت ما لمستنيش خالص – وهزت رأسها بأسف زائف مردفة – سافلة!!!!.. حد يقول لراجل حتى لو جوزه كدا؟!!!.. المهم وراحت طابقة في…
+
وسكتت بغتة وقد انتبهت إلى أنها كادت تفضح يوسف حين أكملت ندى بابتسامة مريرة:
+
– راحت حاضناه وباسته هي صح؟..
+
سعادات بذهول:
+
– أنتي عرفتي يا أبلة؟..
+
ندى بسخرية مرة:
+
– عرفت يا سعادات، ويا ريتني ما كنت عرفت، دا انتي طلعت الصندوق الأسود بتاع يوسف وأنا معرفش!!!..
+
قطبت سعادات مفكرة بريبة ثم قالت بتردد:
+
– إيه يا أبلة.. أنتي مش قلتي لي أنك عرفتي….
+
رنا مكملة بوجوم:
+
– عرفنا بمايسة بس يا سعادات مش بحريم السلطان اللي انتي قلتي عليهم!!!!!!!
+
شهقت سعادات وغطت فمها براحتيها تكتم شهقتها هلعا مما زل به لسانها ومن المؤكد أن يوسف لن يسامحها لتهرع الى ندى هاتفة:
+
– أبلة ندى.. والله جو بيحبك يا أبلة… وبعدين هو ما كانش بيعمل حاجة في الحرام، كله جواز، أي نعم عرفي لكن اسمه جواز وبعدين في شيوخ بتحلل له!!!!!!!!!
1
صاحت نازلي بقوة:
+
– بنت سعاداااااااااااات… اسكت!!!!!!!!!!!!!… إيه… كلام كلام كلام.. خد نفس، مبسوط كدا؟.. قطر الندى كان خلاص هتسامح يوسف عشان تيجي أنت وبلسانك اللي أطول منك دا تلخبط كل حاجة!.. اعمل فيك أيه أنا دلوقتي؟.. يا مسروووووور!!!!!..
+
ونادت على مسرور السياف بكل ثقة لتنظر اليها أعين الجميع في تساؤل ممزوج بصدمة لتجيب بسخرية:
+
– ما هو يوسف شهريار وشهرزاد يبقى ندى… يعني أكيد فيه مسرور ولازم ييجي يقطع راس ولسان بنت اسمه سعادات دي.. لا لا لا أنت مش سعادات.. أنت مُصيبات، حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا مُصيبات أنتي!!!
2
ثم التفتت الى ندى وقالت بجدية:
+
– ندى.. قبل أي تهوّر منك.. يوسف قال لي على كل شيء، الفالد عاوز يتطهر من كل شيء عمله قبل ما يشوفك ويحبّك.. أنا صدقته ندى.. صدقته..
+
كريمة بذهول:
+
– هو ما قاليش غير أنه عرف بنات زي أي شاب لكن عمره ما غلط وأنه ندى الوحيد اللي فكّر يتجوزها، كل اللي جِه في بالي وقتها أنه عادي زي الشباب أيام طيشهم، خصوصا أنه صارحني بمايسة، لكن يكون متجوز..
+
قاطعتها نازلي بجدية:
+
– اتجوز قبل ما يعرف ندى أو يشوفه، وقال لك على مايسة لأنه كان عرف ندى فعلا، عشان كدا قال على كلبة حقيرة دي، ندى مش من حقه تحاسبه على ماضي ما كانت فيه معه..
+
قاطعتها ندى بقوة:
+
– لكن من حقي أحاسبه على استغفاله ليّا يا أنـّا!!!..
+
نازلي بابتسامة ماكرة:
+
– وأنا مش قلت أنك مش تحاسبه!!!.. لا .. أنت لازم تحاسبه حساب عسير، وبعد ما يخلص الحساب… وتتأكد أنه فعلا خلاص كله كان ماضي وأنها هتكون مخلصة ليك، وقتها لازم أنت كمان تنسى عشان تتمتعوا بحب كبير بينكم!!!…
+
مالت سعادات على أذن رنا وهمست بجدية وهي مقطبة جبينها:
+
– هي الجدة لا سمح الله عندها حَوَلْ في الضمائر!!!!!!!!!
+
طالعتها رنا بتساؤل فأردفت سعادات موضحة:
+
– أصلها بتتكلم عن جو بصيغة المؤنث.. أنتي، وتتكمل مع ندى بصيغة المذكر.. أنتَ… مادام عارفة أنت وأنتي ما تتكلم صح، ليه خليفة خلف خلف الله خلف خلاف المحامي دا؟!!!!!
رنا بتأنيب وهي تطالعها بحدة:
+
– هشششش!!!..
+
وضعت سعادات يدها على فمها وهي تومئ برأسها بالايجاب بينما همست بينها وبين نفسها:
+
– قال وأنا اللي جاية آخد رأيها في الكابتن لؤي اللي متقدم لي دا، ومستني رأيي بكرة، أتاريني جيت بس لقضا جو!!!!.. أنا أظّاهر كدا طلعت عمله السيء في حياته، وشكلي كدا مش هلحق أدخل دنيا.. هخرج منها وبالمستعجل وعلى إيدين جو!!!..
2
لترفع عينيها إلى الأعلى مردفة في صمت:
+
– اللهم أنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه..
+
بينما وقفت ندى رافعة رأسها بشموخ معلقة على كلام جدتها:
+
– فعلا يا أنـّا.. يوسف لازم يتحاسب على كل حاجة عملها، من غير يمين يا يوسف.. أما خلّصت منك القديم والجديد وطلعته كله عليك، وتوّبتك الصنف كله ما بقاش أنا… قطر الندى، وبكرة تشوف!!!!!.
1
ولمعت عينا ندى ببريق عزم قوي في حين ازدرت سعادات ريقها بصعوبة وهي تهمس في نفسها:
+
– دي باينها أيام كحلي مخططة ببني اللي جاية دي، يا عيني عليك يا جو وعلى شبابك، أنما هقول إيه، ياللا.. اللي أكلته بط بط.. هتطلعه أبلة ندى عليك.. وِز وِز!.
+
أما الجدة فقد علقت بحماس:
+
– عفارم عليك قطر الندى، وأنا معاك… اسمع مني ونفذ كل اللي هقوله، وبكرة تشوف..
+
رنا بقوة:
+
– وأنا كمان معاكي يا ندى..
+
كريمة باستسلام:
+
– ولو أني مش عارفة أنتم هتعملوا إيه لكن طالما أنّـا نازلي موافقة يبقى أنا كمان موافقة!!
سعادات وقد وجدت الانظار تتحلق عليها:
+
– يعني هي جات عليّا أنا؟.. أنا كمان معكم..
+
ثم وجهت حديثها ال الجدة:
+
– بس أنا ليا طلب صغير، أنا هساعدكم في تربية جو من أول وجديد، وعاوزاكم تساعدوني في المصيبة اللي هتحصل بكرة!!!
+
قطبن جميعهن لتصرح سعادات بما يشبه النواح:
+
– لؤي هانم اتقدم لي ومصمم أنه هييجي بكرة مع أهله يقروا الفاتحة ويحددوا معاد كتب الكتاب والفرح..
+
ثم نقلت أنظارها بين الوجوه المذهولة حولها قبل أن تصرخ عاليا!
+
– آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه….. يا ني يا أمّاااااااااااااااااا…
1
– يتبع –
+

