رواية قارئة الفنجان الفصل العشرين 20 بقلم مني لطفي – تحميل الرواية pdf

قارئة الفنجان
الفصل (20)
بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
قبيل تلقي ندى لرسالة الهاتف المسمومة بساعات:
كانت تجلس إلى أحد مقاعد الصالون المذهب بينما يجلس أمامها يوسف وقد تركهما والديها علّهما يستطيعا الوصول لحل في مسألة عقد القرآن والذي يصر عليه يوسف وبقوة فيما ترفضه ندى وبشدة!!..
يوسف باصرار:
– أنا مش فاهم انتي ليه معاندة؟.. إذا كان بابكي ومامتك موافقين؟.. يعني فكرك لو كانت حاجة مش في مصلحتك كانوا هيوافقوا؟..
ندى بعناد شديد:
– لأ… بابا وماما عاوزين يفرحوا بيّا زي أي أب وأم وعشان أنت صاحب أنور الأنتيم هما مطمنين لك وحبّوك زي ابنهم بالظبط، لكن أنا اللي هعيش معاك، ولازم أكون متأكدة من اختياري دا!!..
يوسف بجمود:
– وأنتي شايفاني أنه كل مقوماتي عشان أهلك وافقوا عليا أني صاحب أنور وبس؟.. يعني يوسف طاهر دا ولا حاجة من غير صداقته لأنور؟!!!
ندى بتململ:
– يوسف ما تحطش كلام على لساني، أنا كلامي واضح، بقول أنهم وافقوا على كتب كتاب سريع عشان كدا، أي أب وأم تانيين كانوا هيشترطوا خطوبة طويلة قبل كتب الكتاب، ودا اللي أنا عاوزاه..
قاطعها يوسف بحزم:
– أنتي بتقولي أنك عاوزة فرصة تعرفيني كويس قبل ما الجواز يتم، طيب والمعرفة دي هتيجي إزاي ان شاء الله وانت قافلة أي طريق بيننا..
وعدد على أصابعه مردفا:
– لا كلام ولا مقابلات، ولا حتى زيارات في الشغلـ هتعرفيني إزاي عاوز أفهم أنا؟.. بالمراسلة!!!..
زفرت ندى بضيق وقالت:
– يوسف افهمني..
قاطعها قائلا:
– افهميني أنتي..
سكتت تطالعه لتقطب وهي تراه وقد نهض من مكانه وسار حتى وقف أمامها ثم مد يده يوقفها أمامه ويقول بهدوء حازم:
– لازم علاقتنا تكون رسمي أكتر، عشان أنتي ما تحسيش بأن فيها أي عيب أو حرام، كتب الكتاب مش هو الضمان أنه الجواز هيتم لكن هو الضمان أنك هتتأكدي من حبي ليكي!..
ندى وقد امتقع وجهها خجلا:
– يوسف أرجوك..
وضع أصابعه على شفتيها وهمس:
– أرجوكي أنتي يا ندى.. أنا بحبك، أديني فرصة أثبت لك دا وأنا متأكد أنك هتتأكدي من حبي ليكي ووقتها هتعرفي أنه كان عندي حق أني ألحّ في كتب الكتاب..
أبعدت ندى وجهها عن أصابعه لتهمس بتساؤل وعينيها تطالعانه بترقب:
– طيب افرض كتبنا الكتاب وما قدرناش نكمّل سوا، توعدني أنك مش هتاخده ورق ضغط عليّأ أني أكمل معاك غصب عني؟!!!
سكت يوسف قليلا يطالع عينيها بغموض قبل أن يجيبها بهمس مشابه:
– أوعدك أني مش هعمل حاجة قلبك رافضها…
لا تعلم ندى لما لم تطمئنها إجابته ولكن إذا لم ترغب في الاستمرار فمعنى هذا أن قلبها لم يميل بالوجه الكافي إليه، أليس كذلك؟… همس يوسف أيقظها من شرودها وهو يقول بإلحاح كبير:
– ها.. نقول مبروك؟…
أسبلت ندى أهدابها وأومأت بخفة بنعم ليصيح يوسف هاتفا وهو يضمها بقوة إلأيه:
– مبروووووووك عليّا أنتي يا نِدايا!!…
ضربته بقبضتيها الصغيرتين في صدره وهي تهتف بحنق وخجل:
– سيبني يا يوسف، عارف لو ما بطلتش حركاتك دي هرجع في كلامي!..
ليتركها يوسف وهو يقول ضاحكا:
– لا يا حبيبتي، لا تراجع في كلامك..
ندى بزهو:
– ما تكملها.. ولا استسلام!!..
مال عليها يوسف هامسا بغمزة ماكرة:
– لا دا هيبقى فيه استسلام واستسلام كمان، وبكرة تشوفي…
وركض ينادي والدها وسط وصفها له بـ “الوقح” بينما تعالت ضحكاته عاليا، وتم الاتفاق أن يكون عقد القرآن بعد مجيء الجدة نازلي والتي من المقرر قدومها في اليوم التالي، ليسارع يوسف باقتراح أن يكون الاحتفال بعقد القرآن بعد عشرة أيام من الآن، ولم تقف اعتراضات ندى أمامه فقد أخبرها أنه كما استطاع تنفيذ حفل خطوبتهما في أسبوع فسيستطيع التحضير لعقد القرآن كذلك خاصة وأنه سيكون في مسجد الأزهر…
لتأتيها تلك الرسالة القاتلة بعد انصرافه مباشرة وكانت لا تزال تشعر بالغرابة من نفسها والتي سرعان ما تستسلم لإلحاحه والأغرب أنها بعدها تشعر براحة وسعادة لاستسلامها هذا وكأنه باصراره وتشبثه بها يقدم لها مبررا كي تقبل بما يريده وهي تقنع نفسها أنه هو من يدفعها لذلك غافلة عن أن ما يحدث لا يتم إلا برضاها هي!!!…
هرع والدها إليها على إثر صرختها والتي كانت كالاستغاثة، ليصرخ مناديا زوجته التي أتت من فورها، ليهالها منظر ابنتها المنهار وسط أحضان والدها، وسرعان ما كانت تهاتف يوسف ليعود أدراجه ثانية ولكن ما أن سمعت ندى اسمه حتى صاحت عاليا ليصله صوتها:
– لاااااااااا.. مش عاوزة أشوفه، ما تخلهوش ييجي، هو السبب.. هو السبب… آآآآآآه..
وانهارت في بكاء حار وهي تردد كلمة “هو السبب”.. حتى سقطت في اغماءة عميقة!!…
لم يمض سوى وقت قصير قبل أن يعود يوسف ثانية والذي هرع الى الداخل ليفاجأ بوجود ندى مغمى عليها بين ذراعي والدها الذي لم يستطع حملها إلى الأعلى، اتجه يوسف اليهما بينما ركعت كريمة بجانب ابنتها تربت على شعرها وتناديها ودموعها تغرق وجهها، يوسف بلهفة وخوف:
+
– إيه اللي حصل يا عمي؟…
+
عز وبذهول بالغ:
+
– مش عارف يا يوسف يا بني، انت مشيت وهي كانت زي الفل، وسبناها لوحدها هنا فجأة سمعنا صوتها بتصرخ ومرة واحدة أغمى عليها زي ما أنت شايف..
+
حملها يوسف وهو يقول:
+
– عن إذنك يا عمي..
+
وحملا ليصعد بها إلى غرفتها يرافقه والديها، أسرعت كريمة بفتح باب الغرفة ليدلف يوسف إلى الداخل ويضع ندى فوق فراشها ثم أخذ بالتربيت على وجنتيها، ولكن ما من فائدة، أتت سميرة تركض حاملة قارورة العطر في يدها، ليتناولها يوسف ويرش بها على راحته ثم يقربها من أنفها فتصدر صوت أنينا ضعيفا ليهتف بلهفة:
+
– ندى حبيبتي، ندى.. أنا يوسف يا ندى فوقي حبيبتي..
+
فتحت عينيها ببطء وقد انتبهت الى رائحة تبدو لها مألوفة، عبارة عن مزيج بين عطر رجولي فخم ورائحة التبغ لتنجلي الغشاوة عن عينيها ويطالعها عينان تنضحان بقلق عميق، حركت رأسها ببطء من اليسار الى اليمين وهي تهمس بـ “لا”.. خافتة قبل أن تصيح عاليا وهي تحاول الابتعاد عن ذراعيه صارخة بانهيار تام:
+
– لاااااا.. ابعد عني، ابعد عني، أنا مش عاوزة أشوفك، مش عاوزة أشوفك…
+
شحب وجه يوسف وهو يرى انهيار ندى وصراخها عليه، بينما هرع والدها إليها وهو يأمر يوسف بكلمات مقتضبة بالانصراف من أمامها، ليدلف خارجا ولكن لم يرحل بل قبع في انتظار والدها علّه يعلم ما سبب انهيارها الواضح؟…
+
بعد دقائق خالها ساعات حضر أنور مصطحبا الطبيب حيث هاتفته كريمة تطلب منه إحضار الطبيب على وجه السرعة، دلف الطبيب الى الداخل ووقف أنور يسأل يوسف عمّا حدث ليجيبه الأخير بأنه لا علم له بأي شيء، بعد قليل خرج الطبيب يرافقه عز بينما مكثت كريمة بجوار ابنتها، أعطى الطبيب وصفة طبية لعز وأوصى بالراحة التامة وعدم الانفعال فهي تعاني من صدمة عصبية بالغة، ليقف يوسف كالمذهول وسؤال وحيد يتردد في ذهنه “ترى ما السبب فيما آل إليه حال حبيبته؟”….
+
لمح يوسف عز وهو يعود بعد أن أعطى الوصفة للسائق الخاص لابتياعها وقال له برجاء:
+
– عمي أرجوك، أنا عاوز أشوف ندى، لازم أفهم إيه اللي جرى بالظبط؟.. ما احنا قودام حضرتك اتفقنا على معاد كتب الكتاب ومشيت وهي مبسوطة، إيه اللي جد وخلاها تنهار بالشكل دا؟..
+
عز بجدية:
+
– معرفش يا يوسف، أنا زيّك تمام، لكن واضح انه اللي حصل له علاقة بيك، لأنها مش عاوزة تشوفك ولا تسمع اسمك حتى، ولا عاوزة تقولي أنا ولا مامتها إيه اللي حصل لكل دا، كل اللي طالع عليها هو السبب!!!…
+
أنور بلهفة:
+
– طيب إيه رأي حضرتك يا عمي أجيب لها رنا، هما مهما كان أصحاب وجايز جدا تقدر تعرف إيه اللي حصل؟..
+
عز موافقا:
+
– تمام يا أنور، كلمها تيجي، يمكن فعلا هي اللي تقدر تعرف منها إيه اللي حصل؟..
+
وبعد أقل من نصف ساعة كانت رنا تدق جرس الباب لتفتح لها سميرة وعينيها منتفختان من البكاء حزنا على ندى تلك الصغيرة التي كانت لها بمثابة الابنة التي لم تلدها، اتجهت رنا من فورها إلى غرفة ندى وتغيب بالداخل لمدة مرت على يوسف كأنها دهرا وقد تركتهما كريمة بناءا على طلب رنا، لتدلف رنا خارجا بعدها فهرع يوسف وأنور إليها في حين كانت كريمة تقوم بإعداد الحساء المفضل لندى علّها تتناوله وكان عز يتحدث مع ابن عمه عثمان والذي اتصل به ليعلمه بميعاد وصول طائرة والدته في الغد، وقف يوسف أمام رنا يأسلها بلهفة عن حال ندى لتفاجئه بأن نظرت إليه بسخط هاتفة:
+
– عمري ما كنت أتصوّر أنك تعمل في ندى كدا، ولما أنت مقضيها زي ما بيقولوا يبقى تعلّق بنات الناس بيك ليه؟.. ولا عشان هي مالهاش سكة إلا كدا؟!!!!
+
نهرها أنور بحدة:
+
– رنا!!!.. اللاه مش كدا، خلي بالك من كلامك، إيه اللي جرى يعني لكل دا؟..
+
رنا بحنق تام:
+
– يعني مش عارف جرى إيه يا سي أنور؟.. بس هقول إيه ما هو صاحبك وأنت أكيد زيّه ومش بعيد أنا كما اكتشف عنك اللي اكتشفته ندى عليه!!..
+
أنور صائحا في حين قطب يوسف بريبة وقلق:
+
– هو إيه دا اللي اكتشفته؟…
+
رنا بقوة:
+
– خيانته ليها!!!!!!!!!!!…
+
ليهتف يوسف وقتها بغير تصديق:
+
– إيه؟!!!!!!!!!!… خيانة مين؟… رنا انت بتقولي إيه؟..
+
رنا بحزن على حال صديقتها:
+
– بقول اللي شافته بعينيها، لما سألتك ما كنتش صريح معها ليه؟.. إيه اللي يخليك تكدب عليها؟..
+
هدر يوسف بقوة:
+
– هو إيه دا اللي شافته وأنا كدبت في إيه؟.. ما تتكلمي على طول بلاش الألغاز دي!!..
+
رنا بصرامة:
+
– كدبت لما سألتك عن حقيقة علاقتك بالهانم اللي اسمها مايسة!!!!!!!!!..
+
ليدق ناقوس الخطر داخل عقل يوسف والذي تبادل النظرات مع أنور فعلقت رنا ساخرة:
+
– واضح كدا أنه فعلا في إن وأخواتها كمان في الموضوع، عموما أحب أبشّرك أنك تنسى أي شيء كان بينك أنت وندى في يوم من الأيام، لأنها مهما غفرت وسامحت حاجة واحدة عمرها ما بتسامح فيها ولا بتغفر… الكدب!…
+
واستدارت بغيّة الانصراف حينما هتف فيها يوسف قائلا:
+
– أنا فعلا كنت صريح معها، وقلت لها أنه كان مشروع ارتباط وفشل، أقسم بالله ما بكدب..
+
قطبت رنا واستدارت إليه لتسأله بريبة:
+
– أومال الصور اللي شافتها ندى دي حصلت إزاي؟..
+
شحب وجه يوسف وهو يردد ناظرا الى أنور الحائر بدوره:
+
– صور!!!.. صور إيه دي؟…
+
أخرجت رنا هاتف ندى من جيبها وناولته له مشيرة إليه بفتح الرسالة ليصعق بما يرى أمامه، فهو يرى نفسه هو وتلك الحية في عناق قوي كاد يثير غثيانه، قطب أنور الذي لاحظ شحوب صاحبه واقترب منه لتجحظ عيناه ما أن طالعته الصورة في حين قبض يوسف على الهاتف بقوة حتى ابيضت مفاصل أصابعه وهدر بشراسة من بين أسنانه المطبقة:
+
– بنت الـ… ، أقسم باله ما هسيبها..
+
ثم رفع عينيه الى رنا وهو يردف بقوة:
+
– الموضوع مش زي ما هي فهمت يا رنا، لازم أدخل لها..
+
رنا بهزة رافضة:
+
– للأسف يا يوسف رافضة أي كلام معاك خالص، دا غير أنها بـ..
+
قطب يوسف قائلا:
+
– بـ.. إيه يا رنا؟..
+
رفعت رنا يدها أمامه ليرى خاتم خطبته لندى بين أصابعها فتيبس في مكانه في حين قالت رنا وهي تمد يدها إليه:
+
– بترجع لك دبلتك يا يوسف، وبتطلب منك أنك تنساها خالص!…
+
يوسف بحزم:
+
– على جثتي!!!…
+
وما أن همّ بالانصراف حتى نظر الى رنا ثانية مردفا بصرامة:
+
– الدبلة دي تفضل معها، وقولي لها تنسى خالص أي كلام عن أني أسيبها وأنا هثبت لها أني بريء، لكن أنى أبعد عنها مستحيل يحصل، سامعه يا رنا.. مستحيييييل!!!..
+
وخرج راكضا والشياطين تتقافز أمام عينيه وهو ينوي الفتك بتلك الحية الرقطاء وفصل رأسها عن جسدها!!..
+
نظرت رنا إلى أنور وقالت بخيبة واضحة:
+
– كنت عارف عنه كدا يا أنور وسكت؟..
+
ذهل أنور من هجوم رنا وأجاب بحيرة:
+
– وهو إيه كدا اللي أنا عرفته؟.. أنه بيحب ندى؟.. أنه بينام ويقوم يحلم باليوم اللي هيتقفل فيه عليهم باب واحد؟.. رنا.. انت بتلوميني على إيه ولا بتتهميني بإيه بالظبط؟..
+
رنا ساخرة:
+
– لا أبدا.. بس أصلها حاجة بالعقل كدا، فاكر يوم ما شوفنا يوسف مع البتاعة اللي اسمها مايسة دي في المطعم، يومها أنا شكيت في علاقتهم، وأنت وقتها توّهت في الكلام، لما أفكر دلوقتي وأرص الكلام جنب بعضه ألاقي أنه فعلا كان على علاقة بيها ولما ندى ظهرت في الصورة واتجاهلته حط عينه عليها، والتانية غيرة بقه ولا عاوزة ترد له القلم بعتت لندى القرف اللي انتش وفته دا، يعني ندى هي اللي دفعت التمن، واللي هيجنني أنك طول الوقت عارف هو إيه ومش بتقول، دا أنا حتى لما لاحظت أنه ميّال ليها قلت لك نسيبه يمكن يكون علاج ندى وخروجها من الحالة اللي هي فيها عنده، ما كنتش أعرف أنه هيكون السبب في انتكاستها!!
+
اقترب أنور منها ووقف أمامها يسألها بتوجس:
+
– رنا كلامك فيه نبرة اتهام مش فاهمها!!..
+
رنا باتهام صريح وواضح:
+
– قصدي أنك عارف أخلاق صاحبك كويس، وعلاقته مع مايسة دي بدأت من زمان، يبقى ليه ما صارحتش ندى من الأول انها تبعد عنه؟.. لا واللي مجننيني أنك لما قلت لك نسيب يوسف يقرب منها وافقتني!!.. وأقطع دراعي أمّأ كان يوسف دا له تاريخ أسود وهبب وأنت كالعادة بتداري عليه!!.. أد كدا صاحبك مأثر عليك لدرجة أنك ممكن تسلّمه بنت خالتك بسهولة كدا!!!
ليهدر فيها أنور غاضبا:
+
– رنا!!!!!!!!!!!!!!… ولا كلمة زيادة بعد كدا!.. أنت بتشتميني ولا إيه؟.. أنا بسلّم بنت خالتي اللي هي أختي لصاحبي!!… عارفة دا معناه إيه يا هانم؟.. أنا مش مركب إريل يا مدام، جووزك راجل، وأنا ما طاوعتش جو إلا لما عرفتى أد إيه هو بيحبها فعلا، الحب اللي أنتو للأسف مش بتحسوا بيه وبتهربوا منه، حب حقيقي مش بيقابلنا منكم غير الشك والتخوين!!!..
+
شحب وجه رنا فقد علمت أنها قد ابتعدت في اتهاماتها له كثيرا لتسأله بارتياب:
+
– وأنا بتجمعنا ليه؟..
+
أنور بابتسامة ساخرة:
+
– فكري فيها شوية يا مدام، أنا قدمت لك كل حبي وأثبت لك الحب دا مرة بعد مرة كان إيه المقابل له؟.. واقفة حضرتك دلوقتي قودامي وبكل بجاحة بتشتيميني وتتهميني أني بعت أختي لصاحبي!.. لا ومش بس كدا بتخونيني وبتشكي فيا وبتقوليلي مش بعيد أطلع زيّه وتطلعي أنتي يا حرام الزوجة آخر من يعلم مش كدا؟…
+
سكتت رنا لم تعرف كيف تجيبه في حين واصل هو وقد سأم الأمر كله:
+
– عارفة يا رنا.. أنتي عندك حق، خليكي موسوسة كدا، بس خلي بالك أني مش هستحمل كتير، ولغاية ما تعرفي أنتي غلطتي في أيه بالظبط وأنا محتاج منك إيه.. أوعدك أنك مش هتشوفي وشي تاني، ولما تعرفي أبقي كلميني لأني مش هدوّر عليكي يا رنا!!!!..
+
وتركها وانصرف لتهمس باسمه بوجع:
+
– أنـ.. أنور!!!..
+
ولكن أنور كان انصرف وتركها لتحارب هي أشباحها!!..
+
***************************
+
فتش أنور كثيرا عن يوسف وكان يرغي ويزبد ويسب ويلعن في اليوم الذي صادقه فيه وفي الساعة التي أحب فيها تلك المجنونة، فلم يكد يمر على فراقهما ساعة وها هو قد اشتاق اليها كالطفل الوليد الذي يحن لحضن أمه!!!…
+
لمح سيارته تقف أمام شركتهم ليسارع بصف سيارته خلفها، ويصعد الى الطابق حيث مكتبهم الدعائي، كان اليوم أجازة فاستخدم مفاتيحه ليدلف إليه وأوصد الباب خلفه، ليتجه بعدها حيث غرفة مكتب يوسف ليجده وهو يقف أمام النافذة المطلة على الشارع الرئيسي أمامه، فيما يحيط به سحابة من دخان سيجارته، فاقترب منه ليقف على بعد خطوات بسيطة ويناديه قائلا:
+
– عملت كدا ليه يا جو؟…
+
تسمّر يوسف في مكانه لوهلة ثم اتجه ليطفئ سيجارته في منفضة السجائر أمامه قبل أن يعتدل مواجها أنور وهو يسأله في هدوء ينذر باقتراب اعصار جامح:
+
– أنت كمان يا أنور؟.. أنت تصدّق أني أخون ندى؟!!.. ندى!!… دي الحاجة الوحيدة الطاهرة في حياتي معقول ألوثّها بالشكل دا؟..
+
أنور بريبة:
+
– يعني..
+
قاطعه يوسف هادرا بغضب وعيناه حمراوين وشحوب يعتلي وجهه:
+
– يعني ما حصلش، مش أنا يا أنور، أنا يمكن فيا عيوب كتير لكن عمر الخيانة ما كانت من طبعي!…
+
وقف أنور يطالعه بتقطيبة شك وريبة بينما يوسف ترتسم على وجهه أسمى آيات العذاب، ولأول مرة يرى دموعا توشك على الانهمار في عينيه، مما جعله يشعر بصدمة بالغة، فصديقه لم يبك مطلقا حتى عندما فقد عائلته، فقد تحجرت دموعه في عينيه الى درجة أن الطبيب نصحه بالبكاء كي يخفف من انفعالاته الداخلية ولكنه لم يستجيب، يوسف ذلك الصخر الصلد القوي تفتته صرخة ندى الموجوعة وهي تصرّح بأنها لم تعد تريده!!!!!…. ليقرر أنور وقتها أنه لا بد وأن يعلم الحقيقة فكرر معيدا صياغة سؤاله ثانية:
+
– لآخر مرة بسألك يا جو، وعاوزك تجاوبني بصراحة، أنت محصلش حاجة بينك وبين بنت الـ….. (وسكت راغما نفسه على كتم شتيمته البذيئة التي كادت تنطلق بقوة ثم تابع)… متأكد؟…
+
صرخ يوسف بانهيار:
+
– بردو بيقول لي متاكد؟.. يا بني أنا مقربتلهاش، ما جيتش ناحيتها، لو كنت اتجوزتها فعلا إيه اللي كان يخيلني أكدب وعليك أنت بالذات ما أنت عارفني يا أنور، أنا مش بعمل حساب لحد ولا عمري كدبت، حتى لما ندى سألتني عنها قلت لها كان ارتباط، لأنه فعلا كان ارتباط.. محصلش حاجة بيننا…
+
أنور بحدة:
+
– يبقى فوتو شوب أكيد..
+
يوسف بتعب:
+
– لا مش فوتو شوب، أنت ناسي أني مخرج اعلانات وأفهم كويس في الحاجات دي؟.. عشان كدا فاتت عليك لأنها …. للأسف حقيقية!!!!
+
أنور هادرا:
+
– أزاي؟؟؟ أزاي وانت بتقول عمرك ما قربت لها؟
+
صرخ يوسف:
+
– ما هو دا اللي هيجنني يا أنور، أنا عمري ما حطيت صباع عليها غير لما…
+
وسكت بغتة ليسأله أنور بلهفة:
+
– غير لما إيه يا جو؟..
+
يوسف وعيناه تبرقان بوعيد:
+
– غير لما جات لي البيت يوم ما رجعت من الاجازة وأنا هزئتها هنا، جات اعتذرت لي وأنا قابلتها ناشف جدا، لدرجة انها مقعدتش والباب كمان كان مفتوح لكن اتفاجئت بيها وهي خارجة لفت رجعت تاني وحضنتني وباستني بالشكل دا، ولما زعقت لها قالت لي أنه حضن الوداع..
+
حينها أطلق أنور شتيمته بقوة في حين هدر يوسف وعيناه تبرقان بوحشية:
+
– أقسم بالله ما هسيبها، مايسة الشرقاوي لعبت في عداد عمرها معايا، وكتبت نهايتها بإيديها!!..
+
وانطلق يركض بسرعة شديدة وكأن الشياطين تجري في أعقابه ولم يلتفت لنداءات أنور عليه ولا هرولته خلفه فلم يكن يرى ولا يسمع سوى صرخة ندى وهي تطرده من غرفتها وتلفظه من حياتها تماما، ليرتسم أمامه صورة مايسة ويعلم أنه لن يهدأ له بال حتى يشفي غليله منها ويقتص لما فعلته، فلو كان ما فعلته تلك الحرباء تسميه انتقاما إذن فلتتحضر لانتقام أشد من انتقام الشيطان ذاته!!!!!!!!!…
+
*************************
+
كانت تحدق فيه غير مستوعبة بعد لوجوده ببيتها بل وأمام والدها يتكلم معه بألفة تامة وكأنه يعرفه منذ سنوات وليس منذ ما يقل عن ساعة واحدة!!!…
+
صوت والدتها نبهها من شرودها لتنهض إليها حيث تقف في المطبخ الذي بالكاد يسع فردا واحدا، همست والدتها قائلة:
+
– بقولك إيه يا سعادات هو البيه اللي قاعد مع أبوك يدا مش أصول نغديه؟..
+
قطبت سعادات مرددة بغير فهم:
+
– نغدّيه؟!!!.. نغد يمين يا أم سعادات؟..
+
أم سعادات ببساطة:
+
– الضيف!!!!..
+
هتفت سعادات بيأس:
+
– وكمان عملتوه ضيف؟!!!..
+
الأم بتأنيب:
+
– هو مش في بيتنا؟.. يبقى ضيف ولا لأ؟!!!
+
سعادات وهي تكاد تبكي:
+
– آه صح، ضيف..
+
الأم بابتسامة نصر:
+
– يبقى لازم نضايفه!!!..
+
سعادات بغباء:
+
– نضايف مين؟..
+
زفرت الأم بحنق:
+
– الضيف!!.. اللاه.. جرالك إيه يا سعادات مالك؟!!!
+
سعادات بنواح من غير دموع:
+
– مالي في الشنطة والشنطة ضاعت!!!.. آه يا أنا يا أمّا!!!!!!!!!..
1
نهرتها الأم بقوة:
+
– هش هش، الراجل في بيتنا يقول علينا إيه؟.. مش كدا أومال!!..
+
قالت سعادات برجاء:
+
– طيب ممكن تسيبيني أروح أشوف بيعك.. قصدي بيقول إيه؟..
+
الأم وهي تشدها من يدها تعيق خروجها:
+
– استني هنا بس، بقولك إيه يا بت سعادات البيه دا يبقى بيشتغل معكم أنتي وسي يوسف زي ما قال لأبوكي؟..
+
سعادات بهزة رأس ومن بين أسنانها:
+
– آه يا أمي، يعني هو بالظبط يبقى شريك لأبلة ندى، وبيننا شركة أبلة ندى وجو شغل..
+
الأم بفهم عميق:
+
– آآآآآآآآآآه.. قولتيلي…
+
همّت سعادات بالانصراف لتؤخرها أمها قائلة:
+
– هو متجوز؟!!!!!!!!!
+
ارتابت سعادات من السؤال ونظرت الى أمها رافعة حاجبها بتوجس ولكنها نفضت هذا الخاطر عن ذهنها فأمها من سابع المستحيلات أن تظنه عريسا محتملا فيكفي حلّته الثمينة التي تشي بمدى ثرائه فثمنا وحده كفيلا بسد احتياجاتهم شهرا بأكمله!!!!
+
أجابت سعادات بابتسامة صغيرة:
+
– معرفش يا أم جابر ومش عاوزة أعرف!!!
لوت الأم شفتيها جانبا وقالت بتذمر:
+
– طالما قلتي أم جابر يبقى اتقمصتي!!.. هو السؤال حُرُم يا بت؟!!..
+
سعادات بابتسامة صفراء:
+
– لا محرومش يا أم سعادات… عن إذنك…
+
هتفت فيها أمها من خلفها:
+
– يووه صحيح.. دا أنا عماله أقولك نغديه بقلب جامد وناسيه أنه غدانا انهرده بصارة (أكلة شعبية من الفول المقشور والخضرة)… معقول هنأكله بصارة؟.. لا لالا خلاص يا سعادات ما تعزميش بالغدا!!..
+
سعادات بغل:
+
– طيب إيه رأيك بقه لاكون عازمة بالغدا وهأكله مش بس بصراة لا.. وبصل أخضر كمان!!..
+
والتفتت خارجة وهي تردف بصوت منخفض:
+
– على الله القولون يقوم عليه يحرّمه يقف لي في طريق تاني!!!
+
عادت اليهما ثانية، وما أن جلست حتى التفت إليها والدها وقال بابتسامة:
+
– الأستاذ بيشكّر في شغلك أوي، بيقول عليكي فنانة بصحيح!!..
+
سعادات ببلادة:
+
– بيشكّر في شغلي؟.. ليه يعني؟. أكون خيطت له بدلة ما أقولكش ولا قميص ما أعرفكشي؟!!!
+
ليجيبها لؤي بمرح ساخر:
+
– لا وأنتي الصادقة خيطتي لي بنطلون ما أوعدكشي!!!!!!!!!!!!..
+
رمقته سعادات بنظرة ساخطة في حين انفجر والدها ضاحكا وهو يقول:
+
– انت حفظتها بالسرعة دي؟.. دي مغلبانّا في كلامها، محدش بيقدر عليها إلا جو!!..
+
اختفت الابتسامة من على وجه لؤي وهو يكتم لعنة كادت تخرج من بين شفتيه، يا لهذا الـ.. جو، من الواضح أن علاقته بعائلة سعادات عميقة بدليل عملها لديه بل حتى حركاتها وسكناتها هو أجدر من يستطيع التصرف معها!!!.
+
الأب بابتسامة:
+
– قولي لأمك يا سعادات يا بنتي تجهز الغدا، البيه هيتغدى معنا الأول عشان يبقى عيش وملح وبعدين نشوف سبب تشريفك لينا بالزيارة دي؟..
+
لؤي معتذرا:
+
– مالوش لزوم غدا، أنا جاي لحضرتك في موضوع كدا عاوز أتلكم معاك فيه..
+
الأب مصرا:
+
– لا لازم تتغدى الأول، وما تخافش أم سعادات نفسها حلو أوي في الأكل، حتى لو عامالك طبق فول مدمس بيبقى أطعم من طبق بامية باللحمة الضاني!!..
+
سعادات بابتسامة:
+
– لا طبعا ما يجيش، لااااازم تتغدى، دا الغدا حتى مفاجأة انهرده..
+
وضعت سعادات صحون الطعام على الطاولة الخشبية القصيرة الأرجل ودعت والدها ولؤي للغداء وفي داخلها تتشفى فيه فهو لن يستطيع الجلوس على الأرض مثلهم وتلك هي الخطوة الأولى في تعذيب الكابتن.. لؤي!!!…
+
وكأن لؤي يقرأ أفكارها فقد حذا حذو والدها بعد أن خلع حذائه على عتبة الباب وجلس كما فعل أبوها، لتطالعه بوجوم فغمز لها خفية عن أهلها، ما أن استقر وا حول طاولة الطعام حتى استفسر لؤي عن أخواتها فأخبرته أمها أنهم في المدرسة المسائية، وموعد قدومهم لم يحن بعد!!!
+
وضعت سعادات صحن البصارة أمام لؤي ومعه رغيفا من الخبز البلدي الساخن وعودا من البصل الأخضر، همست له قائلة:
+
– البصارة من غير البصل الأخضر ما تتاكلش.. اقضم بقه وادعي لي!!..
+
لا يعلم لؤي لما يرتاب من هدوئها الغير معتاد وابتسامتها التي يجزم أنها تخفي ورائها مصيبة كعادتها معه، أمسك لؤي بالملعقة وغرف قليلا من البصارة ليضعها في فمه وأتبعها بقطعة من الخبز الساخن ليتلذذ بها مغمضا عينيه:
+
– اممممم..
+
سعادات بتعجب:
+
– امممم إيه؟.. حد ياكل البصارة كدا؟.. كُلها زي ما بتاكل الملوخية ولا ما بتاكلوش الملوخية عندكم؟..
+
لؤي ببساطة:
+
– لا بناكلها بالرز، قصدك أكلها بالرز؟. ما أنا مش شايف رز على السفرة!!!..
+
زفرت سعادات بيأس وقالت:
+
– أولا دي مش اسمها سفرة.. دي اسمها.. طبلية!!.. ثانيا بقه لا بتتاكل بالعيش بس، والملوخية كمان ممكن رز وممكن عيش، شوف..
+
وقطعت قطعة من الخبز وأمسكتها على هيئة شكل مخروطي وقالت:
+
– بتعمل العيش كدا ودن قطة، وتروح غارف بيها كدا – وغمستها بصحن البصارة – وشايل وعلى بؤك همممم.. – ووضعتها في فمها – وبعدين كدا – وقضمت قطعة من البصل الأخضر لتطالعه بعدها مبتسمة وهي تلوك الأكل في فمها قائلة وقد امتلئ فمها بالطعام – بس!!!!!!..
+
تحمّس لؤي لمحاكاتها فقام بما قامت به تماما ولكن ما أن قضم قضمة من عود البصل الأخضر حتى ادمعت عيناه وشعر بحرارة شديدة قادمة من جوفه وسعل حتى كاد يغص بالطعام فناوله الأب كوب ماء ليرتشف منه، وبعد أن هدأت نوبة سعاله وطمئن الرجل عليه التفت لسعادات التي كانت تحاول اخفاء ابتسامتها الساخرة منه وفشلت في ذلك فشلا ذريعا، ليكشر عن أنيابه وهو يميل ناحيتها هامسا لها:
1
– ماشي يا جمع سعادة، بتتشطري عليالا علشان في حتتكم؟.. بس مردودة لك.. وهخلي البصل يطلع من عينيكي وودانك كمان!!!..
+
بعد أن انتهوا من تناول الغداء قامت سعادات بإحضار الشاي وتركتهما بناءا على رغبة والدها، وانصرفت لتقف خارجا محاولة التصنت لتقف مذهولة فاغرة فاها فاللعين يجلس أمام والدها بمنتهى الوادعة طالبا القرب منه!!!!!!!!!!!!..
+
انصرف لؤي بعد أن طلب منه والد سعادات مهلة للتفكير بالأمر، لتنتهز سعادات فرصة انشغال والدها بسرد ما حدث بينه وبين لؤي لأمها وتلحق به قبل أن يصعد إلى سيارته لتقف أمامه هاتفة به بحنق:
+
– أنت إزاي تعمل كدا؟.. وصل بيك الاستخفاف بيا وبأهلي أنك تطلب من بابا الطلب دا؟..
+
أغلق لؤي باب السيارة واتجه اليها ووقف أمامها مكررا باستنكار:
+
– استخفاف؟!!!.. لما أطلب إيدك من أبوكي أبقى بستخف بيكي وبعيلتك؟.. أومال لو قلت له أمشي معاكي شوية دا يبقى إيه؟..
+
صاحت سعادات بحنق:
+
– أنت عارف كويس أوي أنه محدش هيوافق على جنانك دا، وأولهم أهلك، والدليل أهو.. حضرتك جاي لوحدك من غير والدك ووالدتك، معنى كدا أنك متأكد أنهم مش هيوافقوا، دا غير أني معرفكش عشان أواصل عليك أصلا، وغير كمان أنه ما فيش واحد عاقل يوافقك على الجنان دا، لأنه أبسط أسس التكافؤ مش موجودة بيننا!!!!..
+
قال لؤي ببرودة مفنّدا حديثها:
+
– أولا أنا جاي الأول لوحدي أخد رأيكم قبل ما أجيب معايا والدي ووالدتي اللي أكيد هيكونوا موجودين المرة الجاية أن شاء الله، ثانيا أنا مش ولد سيس مالوش كلمة، أنا راجل عدّى التلاتين من عمره وأنا اللي ماسك شغل والدي كله واللي بالمناسبة ما اتولدش وفي بؤه معلقة دهب، لا.. دا راجل عصامي بنى نفسه بنفسه، والبصارة اللي أكلتها عندكم انهرده كلتها قبل كدا كتير بس أنا اللي كنت بستفزّك عشان أشوف آخرك إيه، وأهم حاجة بقه التكافؤ موجود مين قال أنه مش موجود، أنتي مش متعلمة وجامعية وبتدرسي في كلية قمة كمان وكلها شهرين وتتخرجي وتبقي مخرجة اعلانات مشهورة؟.. هو دا التكافؤ اللي أنا بؤمن بيه، العلم والعمل، دا غير أنك بنت ناس كويسين وعرفوا يربوكي كويس ويخلوكي زوجة وأم صالحة، ولو على العاقل اللي مش هيوافقني على جناني..
+
ووقف أمامها فاردا ذراعيه أمامها مردفا ببساطة:
+
– كفاية أكون أنا العاقل دا… أنا مش عاوز أكتر من كدا!!!!
تأففت سعادات وخبطت بقدمها الأرض كالأطفال ليردف لؤي بحزم:
+
– جمع سعادة.. هما يومين بس وهاجي آخد الموافقة، ولازم تعرفي أني مش هقبل غير الموافقة.. سلام يا… سعادتي!!!!!!!!.
+
وانصرف وهو يغمزها بمكر تاركا إياها وهي تطالع في إثره بفم مفتوح مرددة بغير استيعاب:
+
– سعادتي!!!!. الراجل دا شكل البصل عامل معاه شغل جامد أوي!!!…
+
**************************
+
يومين لم يستطع فيهما يوسف الاهتداء على مكان مايسة، وكان قد طلب من صديق له في المطار إخباره إذا ما حاولت السفر خارج البلاد، ومن ناحية أخرى لم يستطع الوصول الى ندى، إلى أن جاءته مكالمة هاتفية قلبت الموازين كلها!!!…
+
تصاعد رنين جرس الهاتف ليميل يوسف مطفئا سيجارته في المنفضة أمامه متناولا أخرى وقبل أن يشعلها تطلع الى الرقم المتصل ليجده رقما غريبا فلم يبالي به، ولكن تكرر الاتصال ليضطر في الأخير بتلقي المكالمة وهو يقول بتعب:
+
– آلو..
+
ليجيبه الصوت الآخر قائلا بحزم:
+
– أنتي يوسف؟!!!
1
فتح يوسف عينيه واسعا وردد بذهول:
+
– أنتي إيه؟..
+
الصوت بحزم أكبر:
+
– احنا بنقول أنتي يوسف يا يوسف؟..
+
يوسف بحدة:
+
– إيه أنتي دي؟.. آه أنا يوسف أقدر أعرف أنتَ مين؟..
+
متقصدا أن يخاطبها بلهجة المذكر لتفاجئه بما أسكته:
+
– أنا أنّا نازلي يوسف، عاوز يشوف أنت ضروري.. لازم أنت ادفع تمن جريمة عملها في بنتنا ندى!!!!!!!!!!
+
هتف يوسف بذهول:
+
– جريمة!!!!!!!!!!..
+
نازلي بتأكيد:
+
– إيفيت، جريمة، ندى بنتنا مش هي ندى اللي احنا نعرفها، ولازم أشوف أنت عشان أعرف أنت عملت إيه فيها يا كلبة!!!!!!!!…
1
قفز يوسف عاليا وكاد يصرخ ولكنه منع نفسه بصعوبة فهي أول من يتحدث إليه من طرف ندى فقد رفض عز الحديث معه وغضبت منه كريمة ظنّا منها أنه قد كذب عليها في علاقته بمايسة، كما أن أنور لم يعد يراه كما السابق فهو منذ شجاره مع رنا الذي لم يعلم سوى أنه بسببه هو وندى وهو يعتزل الناس ويميل الى الوحدة، لتأتي تلك الجدة التركية بلسانها السليط فتصبح بالنسبة إليه أول الغيث، قال يوسف موافقا:
+
– شوفي حضرتك أمتى وأنا جاهز..
+
نازلي بصرامة:
+
– بعد ساعة في النادي، سوّاق هييجب حظرتونا وأنتي تروّحي أنّا بعدين، أنا مش قول لإز هنا حاجة.. مفهوم كلام حظرتونا؟!!!
+
يوسف بزفرة عميقة:
+
– مفهوم حظرتكوم!!
+
نازلي بجدية:
+
– إيفيت…
+
********************
+
سار يوسف في النادي يتلفت يمينا ويسارا وهو يحدث نفسه قائلا:
+
– يعني هعرفها إزاي دلوقتي أنا دي؟..
+
ليقاطعه صوت رنين الهاتف فتلقى المكالمة التي أعلمته فيها بمكانها فاتجه من فوره اليها..
+
وصل الى المكان ليجد سيدة تبدو في مشارف الثمانين وقد اكتسى رأسها باللون الأبيض كلون الثلج، ترتدي طقما مكونا من تنورة طويلة وبلوزة حريرية ذت أكمان طويلة، بينما تحيط خصلاتها البيضاء بوجهها الأبيض المشرب بحمرة بينما غزته التجاعيد التي تشي بعمرها، وأخفت عينيها بمنظارها الطبي ذو الاطار الرقيق، بينما أمسكت بعصا عاجية لتتوكأ عليها في سيرها..
+
وقف يوسف أمامها لتطالعه من اسفل منظارها الطبي الذي أنزلته قليلا فوق أنفها الطويل، أشارت بعده إليه بعكازها بالجلوس فجلس في صمت بينما طالعته لدقائق أخرى وما أن همّ بفتح فمه حتى قالت ببرود:
+
– شكلك مش بطّال.. أنما نقول إيه.. جسم بغل وعقل عصفور!!!!!!!!
+
هتف يوسف باعتراض:
+
– أنّا لو سمحتي من غير غلط!!..
+
أشارت اليه بيدها اليمنى التي تمسك بعصاها قائلة بسخط:
+
– وليكي عين كمان تعترضي؟.. أنتي مش عارفة أنتي عكلتي إيه في بنتنا ندى؟.. أنتي المفروض نضربك بالرصاص يا كلبة!!!!!!!!
7
هتف يوسف عاليا:
+
– يييييه.. بردوه تقول أنتى وكلبة!!!!..
+
ثم التفت اليها وأردف:
+
– بقولك إيه يا أنّا لو مافيش عندك غير الشتيمة أنا ماشي..
+
وهمّ بالنهوض حين هتفت فيه بحدتها التركية:
+
– اقعدي مكانك فالد.. أدب سيس خرسيس!!!!..
+
يوسف بصدمة:
+
– هي حصلت لولد وسيس خرسيس كمان؟!!!
+
نازلي موافقة بهزة من رأسها:
+
– إيفيت… واقعدي وقوليلي الحكاية كلها… من .. – وسكتت محاولة تذكر المثل الشعبي لتهتف بعدها وكأنها وجدتها – الطقطوقة لمع السلامة!!!..
+
يوسف ساخرا:
+
– قصد حظرتكوم من طق طق لسلام عليكم!!!
هزت برأسها بنعم قائلة:
+
– أها… قولي فالد!!..
+
زفر يوسف بيأس، ثم قال:
+
– طيب يعني حضرتك بعد ما أحكي لك متأكدة أنك ممكن تقنعي ندى تسمعني؟..
+
وكأنه قد عاب في الذات الملكية لها!!… فقد ضيقت عينيها تطالعه بشرارات من غضب ناري وهتفت فيه بترفّع:
+
– مين كلّم مين عشان اقنع؟.. أنا مش اقنع فالد… أنّا نازلي أؤمر فورا!!!!..
+
يوسف بابتسامة:
+
– إيدي على كتفك يا أنّا… اسمعي يا ستي…
+
وطفق يسرد عليها الحكاية من أولها وأنّا نازلي تتسع عينيها شيئا فشيئا حتى هتفت في نهاية الحكاية:
+
– أمان ربي أمان!!!!!!!!!!… دي فيلم فالد مش حكاية حقيقي؟!!!..
+
يوسف بيأس:
+
– والله حكاية بحقيقي أنّا، ممكن تقوليلي بقه أعمل إيه؟..
+
ناولي بسؤال حازم:
+
– أول جاوبي على سؤال… أنتي حبي ندى فعلا؟..
+
يوسف بلهفة:
+
– أنا مش بس حبيها أنا بموت فيها كمان..
+
نازلي بتفكير:
+
– امممم.. وفعلا مش هترجعي لكل اللي فات دي يا خلبوصة أنتي؟…
2
يوسف نافيا بحماس:
+
– أبدا يا أنّا… عمري ما هرجع تاني، أنا ما صدقت لاقيت ندى..
+
نازلي باستحسان:
+
– ايفيت، يبقى اسمعيني كويس، واعملي اللي هقولك عليه!!..
+
*******************
+
أنهت ندى اغتسالها بالماء الدافئ كما طلبت منها جدتها نازلي، وجلست أمام مرآة زينتها تمشط شعرها، كان والديها لدى رنا يطمئنا على حال عبد العزيز التي تحسنت بشكل ملحوظ بينما حالة رنا النفسية في تدهور ملحوظ، ولم تستطع هي الذهاب إليها فهي ليست في حالة تسمح لها بإبداء النصح للآخرين خاصة وأن كان الطرف الآخر هو أنور صديق ذلك الوغد، ناسية أو متناسية أنه ابن خالتها وكانت في يوم من الأيام تعد شقيقا لها!!!…
+
شردت بعينيها قليلا وهي تجلس في انتظار كوب الكاكاو الذي وعدتها به الجدة، سمعت طرقا على الباب فأذنت للطارق بالدخول وهي منشغلة بالنظر لنفسها في المرآة في ترتيب خصلة فارة أمام وجهها، حينما رأت الصورة المنعكسة أمامها في المرآة ففغرت فمها ذاهلة واستدارت بكاملها تهتف بذهول وصدمة:
+
– أنت دخلت إزاي؟.. وبتعمل إيه هنا؟..
+
تقدم منها يوسف بخطوات واثقة حتى وصل إليها فمال عليها يهمس أمام وجهها:
+
– دخلت إزاي من الباب.. خبطت وأنتي قلتي لي أدخل، أنما بعمل إيه بتكلم معاكي عشان لازم تسمعيني… وما فيش خروج من غير ما تسمعيني يا نِدايا!!!..
+
دفعته بكلتا يديها في صدره بقوة وقفزت واقفة متجهة الى الباب حيث حاولت فتحه عدة مرات لتفاجأ به موصد بالمفتاح، لتنخفض بنظرها حيث قفل الباب فتفاجأ بعدم وجود المفتاح، وعلا صوت يوسف يقول ببساطة:
+
– أنا قلت لك مافيش خروج… ما تتعبيش نفسك.. المفتاح أهو…
+
فالتفتت إليه لتجده يمسك به بين أنامله فكشرت عن أنيابها واتجهت اليه ركضا وهي تحاول الوصول الى المفتاح حيث كان يرفع يده إلى الأعلى ثم قبض على خصرها بغتة ليصبح ظهرها ملتصقا بصدره فشهقت وصاحت به:
+
– سيبني يا يوسف.. سيبني..
+
ولكنه أدارها ناحيته وهتف فيها بقوة ووعد:
+
– على جثتي… عمري ما هسيبك يا ندى، وأنا انهرده يا قاتل يا مقتول، وهتسمعيني يعني هتسمعيني…
+
نظرت اليه ببرود ثم قالت:
+
– طيب ممكن تنزلني الأول.. ولا هي كل حاجة عندك بالدراع؟..
+
يوسف برفض:
+
– آسف، حضرتك هتفضلي قاعده هنا هو لغاية ما أحكي لك كل اللي أنا عاوزه…
+
وجلس فوق المقعد الكبير وأجلسها على ركبتيه يمسك بها جيدا بين يديه وبدأ يحكي لها حقيقة العلاقة بينه وبين مايسة..
+
بعد أن أنهى يوسف حديثه طالعته ندى بنظرة آلمته وهي تقول بسخرية مرة:
+
– لما سألتك على علاقتك بيها كدبت عليا ليه؟..
+
يوسف بنفي قاطع:
+
– ما كذبتش، قلت لك كان ارتباط وانفض، لانه فعلا كان كدا، لو كنت مالي إيدي منك كنت قلت لك لكن انت كنتي بتلككي على أي حاجة عشان ترفضي، وعلى فكرة أنا قلت لكريمة هانم والدتك على كل حاجة، بس طبعا بعد اللي حصل هاجمتني افتكرتني بكدب عليها.. لكن أنا ما كدبتش في ولا حرف قلته..
+
صمت تام قابله من جهتها ثم نظرت اليه بخوء قائلة:
+
– خلصت؟!!!.. ممكن بقه تسيبني أقوم؟..
+
تركها يوسف لتقف وينهض هو ليقف أمامها متسائلا بريبة:
+
– انتي مش مصدقاني؟..
+
ندى ببرود:
+
– مع أنه دا مش موضوعنا دلوقتي، الأهم كدبك وخداعك ليا، لكن أنا هريّحك، حتى لو مصدقاك.. مش هيفرق كتير يا يوسف.. عارف ليه؟.. لأني عرفت أنه للأسف قربك مني كان بتحريض من صاحبة عمري وصاحب عمرك عشان تعالجني من اللي كنت فيه، أصلي كنت مجنونة وانت اللي عقلتني!!!.. ميعرفوش أنه الجنان عندي أهون من الغش والكدب والخداع!!..
+
همس يوسف بشحوب:
+
– اصحاب مين وعلاج إيه؟.. ندى أنتى بتقةلي إيه؟..
+
ندى مبتسمة بمرارة:
+
– إيه هتنكر دي كمان؟.. أنا سمعتهم بودني وهما واقفين قودام باب أودتي بيتحاسبوا، ما أنا خلاص بقيت حالة مستعصية عاوزين يعالجوها بأي طريقة، بس وسط علاجهم دا نسيوا أن الانتكاسة بتبقى أفظع من المرض نفسه!!!!!!!!!!!
+
ثم استدارت وأولته ظهرها، ليدنو منها فقالت وكأنها أحست باقترابه:
+
– امشي يا يوسف، لو فعلا ليّا عندك ولو معزة صغيرة.. سيبني وامشي، وما تخافوش أنا هنتكس ولا حاجة…
+
مال يوسف عليها حتى شعرت بأنفاسه فوق عنقها وهمس:
+
– أنا همشي يا ندى، لكن مش هسيبك، واعرفي أنه طول ما فيا نفس عمري ما هبعد عنك… وأنا ماشي لأنه في حاجة مهمة لازم أعملها.. لكن أنا راجع تاني يا ندى.. أكيد راجع..
+
ليديرها اليه بقوة ملتهما شفتيها بقبلة نارية وكأنه يختم وعده لها ثم يغادر من فوره، لتنهار دموعها التي كبحتها بصعوبة وهي تضع أصابعها على شفتيها المنتفختين تحملان أثر ختمه لها، بينما اتجه هو خارجا وفي ذهنه شيئا واحدا لا غير.. وهو أنه لابد له من معرفة ما صلة أنور ورنا بعلاقته هو وندى؟؟…. فهو كمن يحارب على جميع الأصعدة… والويل لك يا أنور لو تأكد من كلام ندى.. فوقتها لن ينجدك من قبضتي أحدا وغالب الأمر أنه سيصدم رأسيهما هو ورنا ببعضهما البعض، لينتهي منهما سوية.. فهما قد أثبتا أنهما… أذكى أخواتهما بالفعل!!!!!!!!!!!..
+
– يتبع-
+



