Uncategorized

رواية الم بدون صوت الفصل الخامس عشر 15 بقلم خديجة احمد – تحميل الرواية pdf


ردّيت بصوت غاضب الغضب بيغلي جوا صدري لدرجة إن نفسي بقى تقيل:

__يعني إيه الكلام ده؟ هو اتفاق عيال ولا إيه؟.

مازن رد ببرود مستفز… برود مقصود، كأنه عايز يولعني أكتر:

__أه… هو ده اللي عندي.

كلامه دخل قلبي زي شرارة نار.

بس اللي وجعني أكتر…

إن نور كانت قاعدة، دموعها نازلة على خدها، ومش قادرة تنطق.

كانت منهارة… وحاسة إنها محاصرة.

بصيت لها لحظة…

رجعت بصيتلهم وأنا ماسك غضبي بالعافيه:

__مش إنتوا اللي تقرروا…

نور هي اللي ليها الحق تقرر مصيرها.

أبوها نقل نظره بيني وبينها وقال بحزم بارد:

__نور مش هتسمع كلام حد غير أبوها…

صح يا نور؟.

هي بصت في الأرض…

كتّفت صوابعها…

وكأن صوتها اتسحب جواها ومش راضي يطلع.

ما نطقتش.

اتحركت ناحيتها، قلبي بيخبط في صدري وأنا بقول:

__نور… تيجي معايا؟ ولا هتفضّلي معاهم؟.

رفعت عينيها ليا…

كان في دمعة نازلة وفي ارتباك وخوف…

وبعدين، من غير ولا كلمة…

قامت ومشيت بسرعة، ودخلت الأوضة وقفلت الباب وراها.

اتصدمت.

حتى نفسي وقف لحظة.

اختارتهم.

اختارت الناس اللي وجّعوها عمرها كله…

الناس اللي كانت سبب في كل اللي جابها للحظة دي.

مازن وأبوها كانوا واقفين،

نظرتهم مليانة سخرية… وكأنهم كسبوا الجولة.

بصيتلهم من غير ما أقول ولا كلمة…

وقمت ومشيت.

مشيت وأنا مش فاهم.

مشيت وأنا صدري مولّع.

مشيت وأنا حاسس إني اتغرست بخنجر مش غضب…

خنجر خيبة.

هي بتفكر إزاي؟

إزاي تختار الألم على أي فرصة إنقاذ؟

إزاي حد يفضل عند ناس بتأذيه… بدل ما يروح للي واقف جنبه؟

سقت العربية والغضب مالي ملامحي…

النار كانت طالعة من عيني حرفيًا.

كنت بتمنى…

بتمنى إن كل اللي حصل ده يبقى كابوس.

وإن أول ما أغمض عيني دقيقتين…

أصحى ألاقي الدنيا مش بالشكل ده.

ووصلت الشغل…

وأنا قلبي لسه في الشقة.

ولسه مش قادر أنسى شكل نور وهي بتهرب مني.

صحيت على صوت ماما…

كان صوتها مليان خوف حقيقي، خوف يوجع:

__ساره يا حبيبتي… فوقتي أخيرًا؟

فتحت عيني بصعوبة…

كل حاجة كانت مغبشة قدامي، وماما واقفة جنبي عينيها محمرة من القلق.

قومت بالعافية، وبصيت حواليّ…

لقيت نفسي في السرير، وفي إيدي محلول متعلق، وقلبي وقع من المنظر.

بصيت لماما بقلق وقلت:

__إيه اللي حصل؟

ردّت وهي بتحاول تخبي رعشة صوتها…

__لقيتك واقعة في أوضتك… ما بتحركيش.

أم محمد لما سمعتني بزّعق جت على طول، وكشفت عليكي…

قالتلي إن ضغطك كان واطي قوي وركّبت لك محلول.

عينيها كانت بتلّمع…

واضح إنها اتخضّت جدًا.

ابتسمت لها ابتسامة ضعيفة، ابتسامة مش من القلب قد ما هي محاولة تهديها:

__متقلقيش يا ماما… أنا كويسة.

بس الحقيقة…

قلبي كان بيخبط جامد وأنا فاكرة آخر لحظة قبل ما أوعى.

فاكرة إني كنت مضغوطة… كاتمة كل حاجة جوايا…

وفاكرة قد إيه دماغي كانت بتلف بسبب اللي حصل بين نور ويوسف.

وماما لسه واقفة قدامي…

نظرتها مش مصدقة إني “كويسة” زي ما بقول.

ومع كل ده…

أنا نفسي كنت عارفه إن من جوايا مش كويسه

سابتني وقالت إنها هتحضّر أكل عشان أتغدّى.

أول ما خرجت…

الإبتسامة اللي كنت حاطاها بالعافية بدت تقع من على وشي واحدة واحدة،

وكإن روحي كانت مستنّية اللحظة دي عشان تنهار.

حسّيت قلبي بينقبض…

الهدوء اللي في الأوضة كان صعب، صعب لدرجة إنه بيخنق.

دموعي بدأت تجمع في عنيّا من غير ما أرمش حتى،

وبعدين نزلوا مرة واحدة… سخنين… متلاحقين…

كإن حد فتح جرح قديم كنت فاكراه قفل.

مددت إيدي للفون بإيد مرتعشة،

وفتحته.

دخلت على الألبوم اللي مخبيه فيه صور يوسف…

الألبوم اللي مافتحهوش غير لما أكون على آخر حيلتي.

كل صورة كانت بتغيّر نبض قلبي،

تسرّعه… تبطّطه…

تفكرني قد إيه كنت شايلة حاجات جوايا ومقلتش عنها ولا كلمة.

حسّيت نفسي بتكسّر من جوا.

أصابعى كانت بتتزحلق من الدموع وأنا بقلب في الصور،

لحد ما مخي موصلش يتحمّل…

ورميت الموبايل بعيد، رمية يأس مش غضب.

غطّيت وشي بالبطانية بعفوية،

مش علشان أبطل عياط…

لأ… علشان صوتي يفضل جوايا وماما ما تحسّش حاجة.

كنت بحاول أفضل “قوية” حتى وأنا منهارة.

الدموع مبطّلتش…

كتفي بيتهز…

وصوت أنفاسي متقطع،

وجوايا ألف كلمة مش لاقية مخرج.

مش فاكرة عدّى قد إيه عليّ…

لكن في لحظة، التعب غلبني،

والدموع سخنت مخدتي،

وعنيا تقفلت لوحدها.

نمت…

يمكن هروب…

او يمكن لأن الوجع كان أكبر من طاقتي.

قعدت في أوضتي… جسمي كله كان بيتنفض،

ومخي مش راضي يثبت على فكرة واحدة.

أنا نفسي مش فاهمة… ليه مروحتش مع يوسف؟

ليه رجلي اتثبتت في الأرض؟

يمكن علشان رغم كل الوجع… لسه متعلقـة بالبيت.

متعلقة ببابا… حتى لو كل ذكرياتي معاه وجع فوق وجع.

بس المكان… ريحته… تفاصيله…

مرتبط بيّ بطريقة غريبة، مؤذية، بس موجودة.

وأقعد أكلم نفسي:

يمكن الجواز دا يغيّر حياتي…

يمكن الراجل اللي هتجوزه يكون كويس…

يمكن يطلع باب جديد للخلاص.

لكن أول ما عرفت هو مين…

الدنيا اسودّت قدّامي.

يونس؟

يونس جارنا اللي طول عمره كلامه تقيل وحركاته تخنق؟

يونس اللي كنت بتهرب من نظرته؟

يونس اللي عمري ما ارتحتله؟

الصدمه خلت صوتي يتهز وأنا بقول لمازن:

__يونس؟… أنا مش بطيقه يا مازن.

مازن شد إيدي بشدة… شدّة وجعتني قبل حتى ما تخضّني،

وقال بغِلّ:

__هتعملي إيه يعني؟ دا اللي وافق بعد الفضيحه دي.

سحبت إيدي منه بقوة،

حسّيت إني لو ما بعدتش هصرخ.

وقولتله وقلبي بيولّع:

__فضيحة إيه؟ أنا كنت في بيت سارة… صاحبتي!

لا روّحت لحد… ولا عملت حاجة غلط!.

بصلي بنظرة كلها إهانة… نظرة تقلّل من وجودي كله:

__آه… حلو السيناريو دا. بس تضحكي بيه على حد غيري.

وبمنتهى البرود كمل:

__يونس شافك وشاف الاستاذ لما كان بيجي الشقه ومعاه صور بالكلام دا.

هنا…

هنا قلبي وقع في الأرض.

استوعبت فجأة مين اللي قال لبابا ع مكاني يومها .

مين اللي كان بيراقبني ويقلب الحق باطل.

قلت بسرعة، وصوتي كان بيرتجف من الغضب:

__يوسف ضابط، وكان جاي يساعدني…

لما عرف اللي بيحصلي عند أبويا.

كان هيرفع بلاغ ضده !

ولو كنت وافقت كان زمان أبوك مرمي في السجن…

بس أنا اللي رفضت!.

مازن ضحك…

ضحكة جارحة، بتقطع الروح :

__فيلم هندي… برافو يا نور.

بصيتله بيأس…

عارفة إن مهما قلت،

مش هيسمع…

مش هيحاول حتى يفهم.

قلتله وأنا بترجّاه، مش ضعف… لكن وجع:

__ترضى بنتك يحصل فيها كدا؟

ترضى تتجوز واحد غصب عنها؟.

بصلي بنظرة…

كانت قاسية لدرجة إنها وجعتني أكتر من الكلام:

__بنتي؟ بنتي متربية…

مش زيّك.

الكلمة جرحتني…

مش لأنها جديدة…

لكن لأنها جت من حدّ…

كنت فاكرة إن في يوم من الأيام كان ممكن يبقى سند.

ردّيت بكل الغُلب اللي متخزن جوايا، وصوتي كان ثابت مليان وجع:

__وأنا لو آخر راجل في الدنيا… مش هتجوزه يا مازن.

أنا مش لعبة في إيد حد.

أنا بني آدمه… وليّا حق أختار حياتي وشريكها.

واللي مستحيل يكون يونس.

وقف لحظة، وبصلي بنظرة فيها تحدّي واضح، وكأنه متأكد إنه الأقوى… وقال بهدوء مستفز:

__هنشوف… كلام مين اللي هيمشي في الآخر.

وصلت الشغل…

بس ولا شغل في دماغي.

المكتب قدامي، الناس رايحه جاية،

وأنا… واقف، تايه،

عمال ألف في المكان كأني بدوّر على نفسي.

إيديا في شعري،

وعقلي بيعيد نفس الجملة:

**”ليه؟ ليه عملت كدا؟

ليه مجتش معايا؟

معقولة… تكون خايفة مني؟”**

الكلمة الأخيرة وجعتني…

حسيت بيها بتخبط جوّا صدري.

فريد كان قاعد على الكرسي…

مِسَنّد راسه على ضهر الكرسي وبيتابعني بنظرة زهقانة،

لحد ما نفَس جامد خرج منه وقال:

__ما انت لو بس تفهّمني…

إنت بتتكلم عن مين،

هساعدك.

بصّيت له…

وبصوت مخنوق ما بين غضب ووجع قلت:

__نور.

فريد رفع حاجبه وقال:

__نور مين؟

قعدت قدّامه وأنا مش عارف أبدأ منين…

مسكت إيديا ببعض، وبصوت مخنوق قولت:

__نور… بنت كنت رايح أتقدم لها.

عين فريد فتحت على الآخر:

__إيه دا؟ من إمتى وإنت داخل في حوارات جواز وازاي مقولتش ليا؟!

زفرت وقلت:

__الموضوع جه فجأة… بس هي كانت محتاجه حد يقف جنبها.

أبوها وأخوها عاملين عليها حصار…

وبيجبروها تتجوز واحد ماينفعش…

فريد قرب بكرسيه وقال:

__وهي بتحبك؟

هزّيت راسي:

__مش عارف…بس كل اللي اعرفه… انها كانت عايزه تهرب من اللي هي فيه، وأنا…

أنا كان نفسي أساعدها.

سكت شويه، وابتسامة صغيرة اتكوّنت على وشه وهو بيقول:

__طب فهمني بالتفصيل اي اللي حصل

نزلت نظري للأرض:

__روّحنا… باباها وأخوها قلبوا الدنيا.

قالولي إن في حد تاني جاهز يتجوزها فورًا.

وهي… سكتت.

صوتي اتكسر وأنا بكمل:

__سكتت يا فريد…

وقامت دخلت الأوضة…

وسابتني واقف زي الغريب.

فريد شهق بخفة:

__يعني اختارتهم؟.

غمضت عيني بقهر:

__معرفش… بس اللي شوفته بعنيا قال كده.

فريد مسك كوباية القهوة وقال بصوت هادي:

__واضح إن البنت مش بخير… ومش بتتصرف من عقلها يمكن متلغبطه.

بصيت له وأنا مش فاهم قلبي:

__أنا مش قادر أفهمها يا فريد…

مش قادر أفهم هي بتخاف منّي…

ولا منّهم…

ولا من الدنيا كلها.

_______________

وقفت وأنا ماسكة الموبايل بإيد مرتعشة…

القهر اللي في قلبي عامل دوشة جوا وداني، بس كان لازم أعرف.

كان لازم أسمع منه… حتى لو الكلام هقطعني نصين.

اتصلت…

والرنّة كانت بطيييئة… كل ثانية بتزود دقات قلبي واحدة.

لحد ما جه صوته…

هادئ… بس فيه حاجة مكسورة.

__أهلاً ساره…

بلعت ريقي وانا بحاول أثبّت صوتي:

__ها… نور عملت ايه؟ رُحتوا؟… الموضوع خلص؟

جوايا كنت بدعي…

بدعي إن الإجابة تكون لأ.

بدعي إن نور تفضل لسه… مش لحد.

صوته اتغير فجأة، غُصة واضحة فيه:

__لا… كل حاجة اتشقلبت يا ساره.

ساعتها قلبي وقع.

وقع وفرح… ووجع… واتلخبط بشكل بشع:

__إزاي يعني؟

سألت وأنا عارفة إني بخاف من الإجابة زي خوفي من ضياع نور.

وابتدى يحكي…

حكى اللي حصل عندهم…

حكى عن أبوها… ومازن… وصوت نور وهي ساكتة…

حكى ازاي قامت ودخلت الأوضة…

وسابته واقف لوحده.

وأنا كنت بسمع…

ودموعي بتنزل من غير ما أحس.

مش علشانه…

ولا علشان الكلام.

علشان نور.

نور اللي هتترمي في حضن واحد متعرفوش…

نور اللي كل يوم بتتوجع في بيت محدش شايف فيه إنها إنسانة.

نور اللي أنا مش قادرة أعمل لها حاجة… غير إني أدعي.

وسط دموعي…

وسط الوجع اللي مالي قلبي عليها…

كان فيه نغزة صغيرة جوايا…

نغزة خوف وفرح في نفس اللحظة إن يوسف… لسه مش ليها.

مسحت دموعي بسرعة…

وفضلت ساكتة ثواني قبل ما أقول بصوت مكسور:

__يوسف… أنا خايفة عليها أوي.

سكتّ لحظة…

كأن الكلام وقف في حلقه، لحد ما صوته رجع يكسر الصمت بتنهيدة تقيلة…

تنهيدة كلها تعب وخوف وحرقة:

__مش أكتر مني يا ساره

قالها بصوت واطي، بس مليان وجع…

وجع راجل كان نفسه يحمي حد ومقدّرش.

حسّيت قلبي بينكمش أكتر.

أنا عارفاه… يوسف مش من النوع اللي ينهزم بسهولة.

بس المره دي…

كان باين عليه مكسور.

وبعد لحظة سمعته بيكمل:

__اتصلي بيها يا ساره… هي أكيد محتاجالك دلوقتي.

كلامه دخل قلبي زي سهم.

عارفة إنه صح…

نور دلوقتي لوحدها، مرعوبة، مش لاقية حد يسندها.

ومهما حاولت أدفن خوف في قلبي عليها…

هو بيكبر.

مسكت الموبايل بإيد بتترعش…

وبصوت مخنوق قولتله:

__هتصل… أكيد هتصل. ومش هسيبها لوحدها.

وقفلنا…

وأنا قلبي بيدق بسرعة… ودموعي محبوسة بالعافية.

اتصلت بيها وانا مستنيه ع أعصابي ترد.

ردّت… وصوتها كان مرعووش وهي بتنطق اسمي:

__ساره…

جسمي كلّه اتشل لحظه.

قولت بقلق وخوف:

__نور… اي اللي حصل؟ وليه عملتي كده؟

سمعتها بتنهار وبتقول وسط بكاها:

__عايزين يجوزوني يونس يا ساره… يونس!!

إيدي اتجمدت على التليفون، وقلبي وقع ف رجلي.

طلعت الكلمة مني متلخبطة:

__يونس مين…؟

قالت وهي بتقاوم البكا:

__يونس اللي حكيتلك عليه… الواد الملزق اللي كان بيضايقني ف كل حتة!

حطيت إيدي على راسي، ووشي سخن من الصدمة.

قد إيه كانت بتكرهه… وقد إيه كانت بتقرف منه.

ردّيت بوجع وغيظ:

__ليه يا نور؟ ليه مردتيش تروحي مع يوسف؟ ليه اخترتي تفضّلي تحت رحمتهم؟

جاء صوتها مكسور، متقطع:

__كنت فاكرة اللي هتجوزه دا يمكن يساعدني… يمكن يطلع حد كويس…

بس لما عرفت إنه يونس… فهمت إنه وجع جديد.

وبعدين قالت الكلمة اللي جرحت قلبي:

__ساره… ساعديني… أنا مش عايزة… مش عايزة أتجوزه.

قولتلها وأنا بحاول أهديها، صوتي هادي بس باين فيه القلق:

__متخافيش… أنا في ضهرك. أنا ويوسف مش هنسيبك، وهنساعدك تخرجي من اللي انتي فيه.

سمعت نفسها وهي بتتنفس بسرعة، وصوتها كان متقطع:

__هتعملوا… إيه؟.

تنهدت وأنا بحاول أطمنها أكتر:

__إحنا هنتصرف. المهم… أول ما أتصل بيكي في أي وقت، تردي عليا على طول. عشان نكسب وقت… تمام؟.

ردّت وهي صوتها متلخبط و مش فاهمة حاجة:

__تمام…

_______________

قفلت مع سارة، وفضلت واقفة مكان ما أنا… حاسة إني تايهة.

الدنيا عاملة زي دوّامة… كل ما أحاول أتنفّس، ترجع تلف بيا أقوى.

كان نفسي للحظة واحدة بس أحسّ إني عايشة في أمان، من غير خوف… من غير حد يفرض عليا حياتي.

وف وسط تفكيري…

دخل بابا عليّا.

ملامحه كانت قاسية بطريقة وجعت قلبي قبل ما توجعني أنا.

قال بصوت عالي ومليان غضب:

__بقى انتي تقولي لأخوك إنك مش هتتجوزي يونس؟

بلعت ريقي، وحاولت أثبّت صوتي:

__عشان… عشان أنا مش بحبه.

قرب مني… وصوته اتغيّر:

__مش بتحبيه؟ بتحبي يوسف، صح؟

هزّيت راسي بسرعة… حاولت أوصلله إني مش قصدي حاجة، إني مخنوقة مش أكتر.

بس هو مكانش سامع… كان شايف اللي في دماغه بس.

قرب مني

بدأ يضربني جامد

جسمي كله بيتكسر بين ايده

زي ما يكون الحِمل اللي عليّا زاد فجأة…

زي ما يكون الدنيا كلها اتحولت لضغط واحد…

وهو كل اللي بيقوله بكلمة واحدة وسط ضربه ليا قصرت الدنيا كلها:

__هتتجوزيه… غصب عنك.

حسّيت روحي بتتسحب مني…

الكلمة اللي قالها كانت تقيلة لدرجة خلت الأرض تهتز تحتيا.

خرج من الأوضة وهو سايبني منهارة على الأرض،

مش قادرة أستوعب اللي بيحصل…

الجوايا كان وجع أكبر من أي وجع في جسمي.

نفَسي كان متلخبط،

وقلبي بيدق بسرعة كأني بهرب من شيء مش شايفاه.

اتجمّعت على نفسي بالعافية،

وقومت بخطوات مهزوزة

نمت على السرير بهدوء، كأني بدور على أي زاوية أستخبى فيها من الدنيا.

وشي كان محمّر من كتر البكا،

والدموع نازلة من غير توقف…

مش عشان ضعيفة،

عشان مخنوقة… ومقفولة عليا كل الأبواب.

ومع كل ده…

كان في حاجة واحدة ماسكاني،

حاجة صغيرة بس قوية…

وعد سارة.

وعدها إنها مش هتسيبني،

وإنها هتساعدني أطلع من السجن اللي أنا فيه.

المره الجايه هنعرف إزاي هينقذوا نور من اللي هي فيه





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى