Uncategorized

رواية الم بدون صوت الفصل الرابع عشر 14 بقلم خديجة احمد – تحميل الرواية pdf


فجأة قام واقف، وخبّط بإيده على الترابيزة بقوة كفاية تخوّفني.

وقال بصوت عالي:

__ارجعي البيت يا نور… والأحسن ترجعي ومعاكي الصايع اللي ماشيه معاه!.

جسمي كله اترعش.

بصيت حواليّ… الناس كانت بتبصلنا باستغراب.

قلتله بصوت متقطع:

__مازن… الناس بتبص علينا.

رفع صوته أكتر، وصار نظره ثابت عليّا:

__وطالما بتخافي من الناس بالشكل ده… بتعملي كده ليه من الأساس؟!.

قلت وأنا صوتي بيتعالى غصب عني:

__عملت إيه؟! أنا… أنا ماعملتش حاجة! لو بس تسمعني—..

قاطعني بقسوة في صوته:

__مش محتاج أسمع… انتي تعملي اللي بقولك عليه وخلاص. فاهمة؟

وفجأة… قطع كلامه صوت موبايلي وهو بيرن.

بصيت… يوسف.

مازن بص للموبايل وقال بسخرية تقيلة:

__هو دا؟ ردي. يلا.

قلت بخوف:

__ماز …..

لكن قطعني بصوته العالي:

__قلتلك ردي.

بلعت ريقي… وإيديا بترتعش وأنا بمسك الموبايل وبرد.

يوسف قال أول ما سمع صوتي، وصوته فيه قلق واضح:

__إنتي فين؟

ما تقوليش إنك رجعتي له؟.

قلت وأنا بحاول أتنفس:

__لا… لا مروحتش.

ردّ عليا بقلق أكبر، ونبرته أقرب للرجاء:

__نور… انتي فين؟

بصيت لمازن…

ما قالش ولا كلمة، بس أشار بيده إنّي أقول ليوسف ييجي.

كنت عايزة أعترض…

بس نظرته ضيقت صدري.

قلت بصوت واطي:

__أنا في كافيه ****.

رد يوسف بهدوء مش طبيعي:

__تمام… خليكي مكانك. أنا جايّلك.

_________________

قفلت المكالمة…

وحسّيت قلبي بيخبط في صدري.

صوتها ماكانش طبيعي… مخنوق، ومرعوب، ومش هي نور اللي أعرفها.

طلعت من البيت بسرعة، ولا كنت شايف الطريق قدامي.

نفسي بيتسارع، وإيديا بتتلج من التوتر.

كل خطوة باخدها ناحية الكافيه كانت تقيلة…

وكأن رجلي بتجري قبلي.

ليه قالت المكان وكأن حد سامعها؟

ليه صوتها مهزوز بالشكل ده؟

ولو هي مش عنده… إيه اللي ضغطها كده؟

قولت إني أول ما أوصل هعرف كل حاجة…

الدقايق كانت بتمشي كأنها بتعاندني، وكل ثانية بترسم ألف سيناريو فخيالي.

وصلت الكافيه.

دخلت…

ولقيت المشهد اللي عمره ما جه فبالي.

كانت قاعدة قدّامه…

وهو ماسك إيديها بشدة، وملامحه كلها غضب!

قلبي اتقلب، ومن غير ما أفكر لقيت نفسي بجري ناحيتهم.

مسكت ياقة قميصه وحدّة صوتي خرجت لوحدها:

__إنت مين… وعشان إيه ماسك إيديها كده؟!.

شد نفسه منّي وقال بسخرية مستفزة:

__انت بقى العريس اللي جاي فجأة؟.

بصيت له من غير ما أفهم قصده…

ورجعت لها بسرعة، صوتي هادي بس مليان قلق:

__مين ده؟.

هو ما استناش ردّها، ورفع صوته وهو باصصلي بحدّة:

__ما تسألهاش… اسألني أنا!.

بصيت له باستفزاز:

__تمام.

التوتر عليّ وعليه كان واضح، وبدأت شدّ وجذب بينا بين ضرب وخناق وصوت عالي…

الناس كانت واقفة تتفرج، بس محدش بيقرب أو يحاول يهديّ.

وسط كل ده…

كنت سامع نور بتقول بصوت مرتعش:

__خلاص… خلاص سيبه!.

كل ما تقول كده… الغضب جوايا يعلى أكتر.

هو مين عشان هي اللي تدافع عنه؟

وفجأة…

صوتها اتكسر وهي بتصرخ:

__يوسف! دا أخويا!.

وقفت.

حرفيا اتجمّدت.

عيني اتسعت، وإيدي وِقّفت لوحدها.

بصيت له…

وبعدين رجعت ببصري ليها، وقلبي وقع حرفيًا من الصدمة.

بدأ يهز هدومه بأعصابه قدامي،

وبصلي بنظرة ضاغطة مليانة تحذير وقال:

__إحنا لسه هنتكلم… وهوريك نتيجه غلطك فيا.

وبص لنور آخر بصّة قبل ما يمشي،

نبرة صوته تقيلة:

__لو متقدّمش النهارده… تبقيّ انتي وهو تتحمّلوا اللي هيحصل يا نور.

نور وقفت مكانها…

إيديها بترتعش، وعيونها مليانة دموع…

وأنا واقف مش عارف أكلّمها من الصدمة.

جوايا صوت بيقول:

يمكن اتسرّعت… تصرفت غلط من غير ما أفهم…

بس برضه…

هي عمرها ما قالت إنها عندها إخوات، وسارة عمرها ما لمّحت.

بصّتلها وصوتي مخنوق بجد:

__والله… والله ماكنتش أعرف إنه أخوكي.

بس متقلقيش…

أنا هاجي النهارده.

هتقدّم… وهطلب إيدك.

بصّت لي كام ثانية…

وبعدين هزّت راسها بهدوء، وهي بتحاول تمسح دموعها.

قالت بصوت واطي:

__أنا عندي أربع إخوات.

اتصدمت… قلبي فعليًا وقف لحظة.

كملت وهي بتبص للأرض:

__بنت… وتلات ولاد.

سافروا كلهم بعد ما ماما ماتت…

وسابوني لوحدي معاه…

علشان أخد بالي منه.

بصّيت لنور…

كانت واقفة قدامي بتترعش، مش من الخوف بس…

من الحمل اللي شايفه فجأة على كتافها.

قولتلها بهدوء وأنا بحاول أستوعب:

__ليه… ليه ماقولتيش؟

ليه شايلة كل ده لوحدِك؟..

رفعت عينيها ليا…

نظرة مكسورة، بس فيها قوة غريبة.

وقالت بصوت مجروح:

__مكنتش عايزه حد يشيل همّي.

مش ناقصة حد يبصلي بشفقة.

الجملة دي جرّحتني.

هي فاكرة إنّي ممكن أبصلها بشفقة؟

دي نور…

اللي طول الوقت واقفة على رجليها، حتى وهي بتقع.

قربت منها خطوة…

وأنا بكلمها بوضوح:

__أنا مش هبصلك بشفقة…

أنا هبصلك باحترام.

انتي شيلتي مسؤولية مكانش مفروض تشيليها لوحدك.

عيونها لمعت دموع أكتر،

وأنا حسّيت قلبي بيوجعني عليها.

كملت وأنا بحاول أطمنها:

__وبالنسبة لأخوكي…

أنا هاجي النهارده.

وهكلم الراجل زي الناس.

ومش هسيبك تواجهِيه لوحدِك تاني.

كانت واقفة ساكته،

بس ملامحها قالت كل حاجة…

ارتياح… خوف… توتر…

بس كمان حاجة جديدة…

ثقة صغيرة بتتفتح.

مدّت إيديها تمسح دموعها وقالت:

__يوسف…

أنا مش عايزاك تعمل كده….ولا تتجبر عليا..

ردّيت بسرعة من غير تردد:

__أنا بعمل كده… عشانك انتي.

__________

ابتسامة خفيفة طلعت غصب عني… ابتسامة كانت طالعة من بين الدموع.

قد إيه يوسف شخص كويس… ومتعوّد يحسس اللي قدامه بالأمان، ومتربي عشر مرات.

قال بصوته الدافي اللي بيهدي الدنيا:

__يلا، عشان أوصلك الجامعة.

وبالفعل… وصلني.

طول الطريق كنت ساكتة، وهو سايبني على راحتي.

وصلت الجامعة.

محاضرات كتير ملحقتش أحضرها، بس كنت مطمنة إن سارة حضرت وهتشرحلي.

أول ما قابلتها، حكيت لها كل اللي حصل.

وشها اتغير فجأة… ملامحها اتسحبت، كأن حد صدمها.

قالت بعيون واسعة:

__يعني يوسف… هيتقدملك؟

هزّيت راسي، وأنا حاسة بخليط غريب جوايا.

بس اللي لفت نظري إن لونها اتغير… ودموعها واقفة على طرف عينها.

بصيت لها باستغراب:

__سارة… انتي بتحبي يوسف؟

اتخضت!

ردت بسرعة لدرجة فضحتها:

__يوسف؟! لأ طبعًا! إنتي بتقولي إيه!.

ضيّقت عيني وأنا ببصلها بشك:

__بس وشك اتخطف فجأة…

بلعت ريقها وقالت وهي بتحاول تهدي موقفها:

__لا لا… قصدي… عشان انتي مش عايزة تدخلي في علاقة وكدا.

تنهدت وقلت:

__ايوه… هتبقى صورية بس لحد ما أشوف حل.

سارة سكتت شوية… وبعدين قالت بصوت واطي:

__أنا تعبانة شوية… مش هقدر أكمل باقي المحاضرات.

قلبي وقع.

__مالك؟.

قالت وهي بتهرب بعينيها:

__مرهقة… هروح أرتاح.

قلت بسرعة:

__طب أجي معاكي، الطريق ممكن يتعبك.

هزت راسها باستعجال:

__لأ… انتي كَمّلي وسَجّلي المحاضرات. أنا تمام.

قلت بهدوء:

__خدي بالك من نفسك… وطمنيني أول ما توصلي.

هزت راسها ومشيت.

كانت ماشية بسرعة… أسرع من الطبيعي.

وقفت أبصّ وراها لحد ما اختفت عن عيني.

والشك لسه ماسكني.

في حاجة غلط.

وسارة مش بتقول كل اللي جواها.

من أول لحظة نور قالت فيها: __يوسف هيتقدملي… حسّيت الدنيا وقفت.

مش لأنها غلطانة… لأ.

عشان أنا كنت خايفه من اللحظة دي من شهور… اللحظة اللي كل حاجة جوايا تنهار فيها.

وشي اتسحب، وقلبي وقع، بس حاولت أضحك… أبتسم… أعمل أي حاجة تبين إني عادي.

بس مفيش حاجة كانت عادية.

ليه هو؟ ليه دلوقتي؟

يوسف…

اللي عمره ما أخد باله مني…

واللي كنت بستخبى من نفسي عشان ماحسّش بحاجة ناحيته.

واللي كنت كل مرة أشوفه، احس بدقات قلبي بتعلى

لكن النهارده اتغير كل شئ

نور بتبصلي

بتسألني:

__سارة انتي بتحبي يوسف؟.

قلبي اتكشف.

حسّيت إني اتعريت قدامها.

اللي في قلبي مكنش مفروض يطلع… لا دلوقتي ولا بعدين.

رديت بسرعة، بسرعة زيادة عن الطبيعي:

__يوسف؟ لأ طبعًا!.

كذبة…

بس كان لازم أقولها.

أنا أصلاً ماليش حق أحس كدا…

ما بيني وما بينه أي حاجة؟

ولما قالت إنها هتوافق “صورية”… حسّيت إني بوقع أكتر.

حتى لو صورية… برضه وجعت.

جسمي كله بقى تقيل، ودماغي دوّخت.

قولت إني تعبانة…

بس الحقيقة؟

كنت عايزة أهرب…

أهرب من السؤال… ومن الإجابة… ومن إحساسي.

وإني مش قادرة أشوفها وهي بتتكلم عنه كإنه شيء بسيط.

يوسف عمره ما كان بسيط بالنسبالي.

مشيت بسرعة…

كانت رجليا بتجري من غير ما أفكر.

عايزة أستخبى…

عايزة أتنفس…

عايزة أبطل أحب حد مش ليا.

بس وأنا ماشية… سؤال واحد كان بيرن في دماغي:

__لو كانت نور عرفِت… كانت هتعمِل إيه؟

حضرت نفسي قبل ما أخرج…

قلبي مليان فرحة وتوتر في نفس الوقت.

عارف إن مفيش أي مشاعر من ناحيتها دلوقتي…

بس قلبي بيقوللي… يمكن يوم تحس بحاجة.

جهزت واتجهت لشقتها.

نور كانت رجعت من المحاضرات… لابسة فستان رقيق، ووشها مليان قلق وخوف.

قلبي اتقبض شوية وأنا ببص لها…

حاولت أهدّيها بكلامي:

__متخافيش… كل حاجة هتبقى تمام.

هزت راسها بحذر… ومشيت قدامي.

ركبنا العربية… والطريق كله كان مليان صمت مش طبيعي.

حسيت بقلبها بينبض بسرعة… وكل خطوة كانت بتدي إحساس إن الخوف شايلها من جوة.

حاولت أطمنها… بس مفيش فايدة… مجرد نظرة قصيرة بينا كانت كفاية.

وصلنا تحت البيت…

خرجنا من العربية… نور ماشية وجسمها كله بيرتعش من التوتر والخوف.

وصلنا قدام الشقة…

خبطت أنا وهي… وورانا فتح لنا أخوها، مازن، وبص لنا من فوق لتحت.

الجو كله اتشحن فجأة…

وبدخولنا… قلبي كان مليان قلق وحذر.

قعدت جمبها…

نور كانت عيونها على الأرض، بتحاول تهدي نفسها… وكل جسدها مش قادر يثبت.

حسيت بحاجة قوية جوايا… الرغبة إني أحميها، وأخلي كل حاجة تمام.

قلت وأنا بحمحم:

__أنا جيت زي ما قولت.

طلعت من جيبي العلبة، وقلت بصوت ثابت وهادئ:

__هنتخطب… وهتجوزها أول ما أكون جاهز.

بصلي أبو نور شوية… ونبرة صوته كانت فيها سخرية:

__بس في اللي جاهز.

قلبي اتقلب… مش فاهم قصدهم.

رديت بعدم فهم وحيرة:

__يعني إيه؟

دخل مازن وقال بنبرة استهزاء:

__يعني في حد ناوي يخلص ويتجوزها على طول.

صوتي ارتفع بالغضب…

مش غضب على نور بس… لكن كمان على الطريقة اللي بيتعاملوا بيها

__إنت بتقول إيه يا يجدع؟

وقف مازن… وصوته كله تحدي وقال:

__يعني شرفتنا… نور مش هتتجوزك… هتتجوز واحد تاني!

اتصدمت…

قلبي اتقل… حسيت بغصة كبيرة في صدري.

بس حاولت أسيطر على نفسي…

بصيت لنور، وشفت عيونها مليانة خوف…!!





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى