Uncategorized

رواية الم بدون صوت الفصل السابع عشر 17 بقلم خديجة احمد – تحميل الرواية pdf


نزلت من العربية، وسارة نزلت معايا.

كنت ماشيه ودماغي فاضية… مش عارفة إحنا رايحين على فين، ولا المفروض نعمل إيه.

كل خطوة كنت باخدها كان إحساس جوايا بيعلى… إحساس إن في حاجة مش طبيعية.

طلعنا فوق، وأنا حاسة إن في غلط… غلط كبير.

وبمجرد ما الباب اتفتح…

دخلوني شقّة يوسف.

ولقيت المأذون قاعد!

وقفِت مكاني… حرفيًا اتجمّدت.

رجليّا بقت تلخبط في الأرض وأنا ببص على الشقّة…

دي شقّة يوسف…

وساره ماسكه إيدي ومش عارفه تبصلي في عيني.

والمأذون؟

قاعد… قدّامنا…

والورق مفتوح…

والجو كأن في حد شد الهوا من المكان.

اتسعت عيوني وقلبي بدأ يخبّط في صدري جامد،

إحساس غريب بين الخوف والصدمة…

وبصوت شبه مكسور خرج مني:

— إيه… إيه اللي بيحصل؟

بصلي يوسف بثبات…

ثبات غريب وسط كل اللي حصل،

ووشه لسه متضروب ومجروح من خناقته مع يونس…

بس عيونه كانت واضحة…

كان بيحاول يطمنّي من غير ما يتكلم كتير.

قرب خطوتين وقال بهدوء:

— نور… دا الحل الوحيد إنك تبقي في أمان.

لو اتجوزتك… باباكي ملهوش سلطان عليك.

ومحدش يقدر يجبرك تعملي حاجة.

حسّيت صدري بيضيق…

مش من خوف…

من ثِقَل اللحظة.

ساره كانت واقفة جنبي،

بودانها محمرّة وملامحها مش مفهومة،

وكإنها بتحارب جواها حاجة مش قادرة تقولها.

بصيت لهم كلهم…

ولوهلة حسّيت إني بين نارين:

نار أهلي…

ونار القرار…

بس صوتي خرج واهزاهز وأنا بقول:

— طب… طب وهعمل إيه بعد كده؟

يوسف ردّ من غير ما يدوّر:

— هتبقي بأمان… والباقي هنتصرف فيه سوا.

ولأول مرة حسّيت إن حياتي بتتشقلب…

بس مش بسبب خوف…

المرة دي بسبب خطوة مصيرية…

مفيهاش رجوع.

وقفت… جسمي اتجمد.

عينيا لفت على المأذون… وعلى يوسف… وعلى سارة اللي كانت بتبصلي وعيونها بتقول كلام كتير…

حسيت الدنيا بتلف.

أنا خرجت من السجن اللي كنت فيه… بس واضح إن مفيش حرية بجد.

واضح إن أي قرار في حياتي لازم يبقى هروب… مش اختيار.

وقفت ثواني، قلبي بيخبط في صدري…

فكرت:

لو رجعت… مازن هيقتلني.

ولو مشيت… مش هيبقى عندي مكان.

ولو رفضت… مش هعرف أعيش يوم واحد برا من غير ما يلاقوني.

مكنش قدامي غير طريق واحد… حتى لو مش طريقي.

بلعت ريقي بصعوبة، وإيديا بتترعش…

وبصوت واطي قوي قولت:

__…تمام.

كلمة واحدة… بس حسيت كأنها كانت بتسحب جزء من روحي.

أنا ماكنتش موافقة… أنا كنت مضطرة.

بس ساعات المضطر بيعمل اللي يقدر يحافظ بيه على نفسه… حتى لو هيدفع تمنه بعدين.

المأذون بدأ يفتح الورق… وأنا واقفة مش مصدقة إني هنا.

مكنتش قادرة أعمل حاجة…

ودموعي كانت بتنزل لوحدها،

مش خوف…

قد ما هو إحساس إن حياتي اتشقلبت في يوم واحد،

وإن الخيار الوحيد اللي قدامي دلوقتي… هو إني أكمل.

المأذون بصلي بقلق، وقال بصوت ابوي كد:

__انتي موافقة يا بنتي؟.

حسيت الكلمة تقيلة…

مش عشان مش عايزة،

لكن عشان الطريق دا هو الوحيد اللي يطلعني من اللي كنت فيه.

أنا اللي اخترت أهرب…

وأنا اللي وصلت لحد هنا…

وأنا اللي واقفة دلوقتي قدام قرار لازم يتاخد.

قبل ما أتكلم، فريد ضحك ضحكة خفيفة وقال:

__دي بتعيط من الفرحه بس يا شيخنا… عروسه بقى

مكنتش قادرة حتى أرد عليه…

دموعي كانت مشهد قدام الكل، بس جوايا كنت عارفة الحقيقة:

أنا موافقة…

لإني لو رجعت ورا هضيع.

ولأن الطريق دا، مهما كان مخيف…

أرحم مليون مرة من اللي كنت فيه.

المأذون رفع إيده، وصوته كان ثابت:

__بارك لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير.

الكلمة خبطت في قلبي…

إحساس إن خطوة اتاخدت خلاص.

إن حياتي القديمة قفلت…

وبدأت صفحة جديدة، حتى لو لسه مش عارفة هتبقى شكلها إيه.

يوسف بصلي…

نظرة فيها قلق،

وفيها وعد…

ويمكن خوف أكتر مني.

وأنا…

وقفت ساكتة،

ودموعي بتحكي عن اللي حاسه بيه …

بعد ما المأذون قام،

ولف أوراقه بهدوء،

وقال “مبروك” ومشي…

وبعدين فريد قال إنه هينزل يوصل سارة…

فضلت واقفة في نص الصالة،

شايلة شنطتي…

والشقة كلها حسّيتها كبيرة أوي عليا فجأة.

الباب قفل،

وصوت القفلة كان عامل زي نقطة رجوع اتقفلت ورايا.

اتنفست…

ولا حتى عارفة النفس طالع ولا نازل.

يوسف كان واقف مش بعيد…

مش بيتحرك،

ولا حتى بيقرب.

كأنه هو كمان مش فاهم المفروض يعمل اي.

لما بصيتله،

لقيت وشه مشوش…

مش فرحان…

ومش مضايق…

بس فيه نظرة غريبة،

نظرة حد شايل مسؤولية تقيلة مش كان مخطط لها.

مسح على جبينه بإيده وقال بصوت واطي جدًا:

__نور… انتي تعبانة؟

كنت عايزة أرد…

بس مكنتش قادرة ألاقِي كلمة مناسبة.

ولا حتى حجة أقولها.

أنا فعليًا مرهقة…

مرعوبة…

ومش مستوعبة لسه اللي حصل.

فقط قلت همس:

__أنا… مش مصدقة اللي حصل.

هز راسه بلُطف…

وجاب كرسي وقعد قدامي مش قريب…

ومش بعيد…

مجرد مسافة آمنة.

وقال:

__بصي… أنا عارف إن اللي حصل كتير.

ومش هضغط عليكي ولا هقول كلام كبير.

انتي هنا دلوقتي… أمان.

ده أهم حاجة.

والباقي… هنفكر فيه براحتنا.

الكلمة الأخيرة لمست قلبي…

“براحتنا”.

يمكن لأول مرة حد يقوللي إن عندي “راحة”.

غمضت عيني ثانية واحدة…

وحسّيت دمعة نزلت،

مش دمعة خوف…

دمعة إن الضغط اللي كان خنقاني طول عمري

اتفتح منه جزء صغير.

يوسف وقف،

وبصوت خافت قال:

__لو عايزة تنامي… الأوضة دي ليكي.

وحطي شنطتك… وأنا هسيبك ترتاحي.

وبص للباب…

واضح أنه ناوي يخرج من الأوضة ويسيبلي مساحتي.

وأنا،

لأول مرة،

حسّيت إن اللي قدامي مش مجرد “حل”،

ده بني آدم…

فاهم…

ومش مستعجل…

وكأنه هو كمان تايه في نفس الدوامة اللي أنا فيها.

(الشقه التانيه الإيجار اللي المفروض نور كانت هتقعد فيها…. بعد اما العقد اللي كانت مدته شهر تقريب خلص

المؤجر رفض يجدده عشان في حد هيأجر ومستعد يدفع اكتر)

______________

خرجت من الأوضة وأنا بتنهد، حاسس بثقل على قلبي. في الأول كنت فرحان إني هتجوز نور، لكن لما شوفت دموعها… ولحظتها حسيت إن الفرحة اختفت، والقهر مكانها.

كنت حاسس بالوجع جوايا، بالذات إني عارف انها مجبرة على القرار دا…

اتنهدت تاني، ودخلت الأوضة التانية، فردت جسمي على السرير من تعب اليوم، وحاولت أهدّي نفسي وأمسك أعصابي، بس إحساس الظلم اللي عليها كان ماسكني جامد.

________________

كنت قاعدة جنب فريد في العربية، والدنيا حواليّا ساكتة بس قلبي كان عامل دوشة لوحده.

ببص من الشباك، بحاول أتحجّج بأي منظر عشان أمسك دموعي…

بس دمعه خانتني ونزلت، مسحتها بسرعة وبصيت لفريد ……

اتنفست براحة لما لقيته مش واخد باله.

رجعت أبص للطريق تاني لحد ما صوته قطع عليّ اللحظة:

– بتحبيه؟

اتجمدت، قلبي دق جامد، وحاولت أتصنّع الغباء:

– مين دا؟

ضحك ضحكة خفيفة كأنه اصطادني:

– يوسف… نظراتك كانت بتقول كده.

اتوترت… حسيت إن الأرض بتسحب من تحت رجلي.

قلت بسرعة وأنا بحاول أثبت صوتي:

– يوسف زي أخويا.

فريد بصلي كأنه بيقول “انسي”، ورد:

– لو زي أخوكي… كنتي هتعيّطي ليه لما اتجوز؟

وبالمرة… أه، شوفت دمعتك.

وانتي بتبصي عليّا عشان تتأكدي شفتها ولا لأ؟

شفتها.

قلبي وقع.

اتوتّرت أكتر، بدأت ألفّ في إيديا وأنا بدوّر على أي مخرج، أي رد، أي حاجة تنقذني.

لكنه فجأة قالها بهدوء غريب… هدوء بيكشفني أكتر:

– على فكرة… مش عيب إننا نحب.

الكلمة جرحتني…

لأن العيب مش الحب.

العيب إن اللي بتحبيه… اختار حد تاني.

حسّيت الكلمة بتطلع من قلبي مش من لساني…

ولما قلتها، دموعي نزلت من تاني من غير إذن.

قلت بصوت مكسور، ضعيف، كأن كل اللي مخبيّاه وقع فجأة:

__ إحساس إنك تحبّ حد… وهو مش شايفك أصلاً…

إحساس وحش قوي.

وصوتي اتخنق آخر الجملة كأني باعتذر إني اعترفت.

فريد بصلي ساعتها، وبصراحة…

مبقاش فيّ قوة أبصّ له.

أنا كنت بتكلم عن يوسف،

بس وجع الاعتراف نفسه كان أكبر من وجع الحب.

_______________

فضلت أتقلب لساعات طويلة

مش قادرة أنام

البيت جديد عليّا

واللي حصل في يوم واحد كان أكبر من طاقتي

قمت من على السرير

لبست طرحتـي بسرعة

وخرجت عشان أشرب حاجة تهديني

فتحت التلاجة وطلعت ميّة

وبمجرد ما قفلت الباب ولفّيت…

اتجمدت في مكاني!

يوسف كان واقف قدامي فجأة

قريب… وقريب قوي لدرجة حسيت بدقات قلبي بتعلى

اتخضّيت

عينه كانت نص مقفولة

وبوشه ملامح مش مفهومة

مش شكل حد صاحي… ولا نايم

رجعت خطوة لورا من الخضة، والكوباية اللي في إيدي كانت هتقع.

قلبي كان بيدق بسرعة وأنا بقول بخوف مكتوم:

– يوسف…؟

ما ردش.

كان واقف ثابت، وعينه نص مفتوحة كأنه شايف ومش شايف في نفس الوقت.

مد إيده قدّامه كأنه بيدوّر على حاجة، وصوته طلع واطي ومتهدّج:

– إنتي… هنا؟

اتصدمت أكتر.

دا مش صوت حد صاحي… دا حد مش واعي خالص.

قرب خطوة…

وأنا اتحبست في مكاني.

– يوسف؟ انت كويس؟

بصلي بنظرة تايهة، وبعدها فجأة قال:

– إنتي… ماتروحيش…

الكلمة كانت خارجة منه ببطء، بنبرة حد نايم وبيحلم.

قلتلــه بسرعة، وقلبي بيرتعش:

– أنا مش رايحة مكان… اقعد بس، شكلك مش صاحي.

قعد على أقرب كرسي كأنه وقع مش قعد…

ومال راسه لجنب.

وهنا فهمت…

هو كان بيمشي وهو نايم.

وقفت جنبه متجمدة، مش عارفة أعمل إيه…

أسيبه؟

ولا أصحيه؟

ولا أنادي حد؟

وقفت لحظة مترددة… وبعدين قررت أهوّزه عشان أصحيه.

– يوسف… يوسف… اصحى.

هزّيته شوية.

وفجأة فتح عينه بالكامل واتنفض كأنه فاق من كابوس.

بصلي ثواني…

وبعدين لقى نفسه واقف في نص الصالة.

– أنا… إزاي جيت هنا؟

– أنا نفسي مش عارفة.

رفع حاجبه وسألني بنص ابتسامه:

– وبتضحكي على إيه؟

اتكسفت، عدلت حجابي ، وقلت:

– ولا حاجة.

لمحت الكدمات اللي كانت باينة أكتر تحت نور الصالة…

علامات ضرب واضحة.

قلبي وجعني من المنظر.

سألت بسرعة:

– عندك شنطة إسعافات؟

رد ببساطة:

– أه… في الدرج اللي في أوضتك.

دخلت أوضتي بهدوء… فتحت الدرج وطلّعت شنطة الإسعافات.

قلبي كان بيدق وانا راجعة… مش عارفة ده من الخضة ولا من اللي حصل ولا منه هو.

لما رجعت لقّيته واقف في نفس مكانه…

تعبان… ووشه باين عليه الوجع بس بيحاول يخبيه.

قربت خطوة…

وهو بَصلي، النظرة اللي فيها كل حاجة ومفيهاش ولا كلمة.

مددت إيدي بالشنطة وقولت:

— اقعد… خليني أعالجها.

اتردد لحظة…

وبعدين قال بصوت واطي:

— مش لازم… أنا كويس.

قربت أكتر، المسافة بقت قليلة…

وبصوت ثابت قولت:

— يوسف… لو كنت كويس مكنش وشك هيبقى كدا

سكت.

وبعدين جلس على الكرسي اللي وراه، وأنا وقفت قدّامه بعنايه بتلف على الكدمة اللي سببها يونس.

فتحت الشنطة…

ولما قربت منه أكتر عشان أحط المطهّر، حسيت نفسه يتقلّ قليلاً…

مش من الوجع… من الموقف.

قال بهدوء، وكأنه بيحاول يطمنّي بدل ما أنا أطبّب له:

— متقلقيش… أنا بخير.

رديت وأنا بحط القطن على أثر الضربة:

— كان ممكن يحصل لك حاجة بسببي….

رفع عينه عليّا…

نظرة صريحة قوي…

— كان …..المهم إنك تبقي بخير… بس.

جسمى اتكهرب.

اتوترت فجأة…

وبعدت إيدي بسرعة من غير ما أقصد، والمطهر وقع من إيدي على الأرض.

اتخض هو وقال:

— في حاجه؟

هزيت راسي بسرعة، صوتي خرج متقطع:

— ل… لا، لا… مفيش… أنا بس… اتخضّيت.

حسيت إن قلبي بيجري جري جوا صدري.

مش من يوسف…

من الموقف نفسه…

من إن كل ده حصل بسرعة، ومن إن حياتي اتشقلبت في يوم واحد.

انحنيت بسرعة عشان أجيب المطهّر من الأرض…

بس إيدي كانت بترتعش.

ولما وقفت، لقيته بيبصلي بتركيز…

مش بنفسه…

بالتوتر اللي أنا مش قادرة أخبيه.

ساعتها قلت أول حاجة لقيتها تهربني من اللحظة:

— خلاص… أظن الكدمة مش محتاجة أكتر من كده.

ورجعت لورا…

كتير…

كأن المسافة دي كانت أكتر حاجة محتاجاها دلوقتي.

هو لاحظ…

بس ما قالش حاجة.





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى