Uncategorized

رواية السيد وسيم الفصل الثالث عشر 13 بقلم ياسمينا احمد – تحميل الرواية pdf


.”الفصل الثالث عشر “…

“في الصباح “

اتجهت معه بصمت نحو سيارته ستكون رفيقة سفر له، رغم كل شيء لا يمكن لأحد منع زوج من إصتحاب زوجته لأي مكان وفرت طاقة الجدال لأشياء أكبر من هذا.

اكتفت بتوديع أهلها هاتفيا واستقلت سيارته العالية

ذات الماركة الشهيرة مرسيدس، كان معتني جدا بها ومحافظا عليها مهوس بالترتيب والنظام حتي في أدق التفاصيل، اعتادت رؤية واساوسه بالنظافة والنظام والترتيب كانت متيقنة أن هذا الوجه الحقيقي منه والتصرف الوحيد الذي يبدر منه عن صدق لا تزيفا كما إعتاد حتى في كلماته.

-ياريت ما تكونيش اديقتي إمبارح من الكلام اللي قولته إنت اللي عصبتيني.

أخفت جيدا سخريتها وقالت دون تكلف:

-عندك حق ما كانش لازم أعترض.

رمى لها نظرة فاحصة، تلاعبه بذكاء وهو يعشق كل شيء صعب، يا ترى ماذا ستفعل عندما يسحبها لعالمه ويغير بساط أرضها أسفل قدمها؟!

وتصبح على أرضه تدور في مداره.

-أنا مبسوط بيكي جدا، ومبسوط من مجهودك في إثبات وجهة نظرك.

قالت وهي تشاهد الطريق من النافذة على يمينها :

-مش يمكن مش بحاول اثبتك إنت!!

تسائل بدهشة :

-أومال لمين؟

جاوبته مبتسمة :

-لنفسي، ماهو يا أثبتلك إن الحب موجود، أو أثبت لنفسي إنه فعلاً مش موجود….

سكتت وكأنها كانت على وشك قول شيء ومنعت نفسها منه.

قال بإعجاب:

-في الحالتين هبقى سعيد بالنتيجة.

اتسعت عينها وخرجت من وضع الارتخاء مفزوعة مما رأت، حادث سير مروع في الطريق المواجهه.

صرخت فيه بهلع :

-وقف وقف.

نظر لجانبه وقال بلا مبالاه:

-مالناش دعوة.

لم تكن في حال يسمح لها بضبط نفسها، وهبت صارخة وهي تحاول فتح الباب:

-وقف والإ هرمي نفسي.

صرخ هو الاخر:

-قولتلك مالناش دعوة، هتعملي إيه اكتر من اللى الناس بتعمله؟! حادثة والاسعاف أكيد هيجي.

قالت محتدة لتحرك ذالك الحجر اللعين عن قلبه:

-إرجع بقولك.

ساومها ببرود:

-خدمة قصاد خدمة.

لم تكترث بألاعيبه:

– ماشي إرجع.

أعطى ضوء وتراجع قليلا ليصل لموقع الحادث والجمع متجمهر حوله والطريق فارغ إلإمن القليل.

قالت بتركيز:

-ارجع كمان.
صاح بها:
-انت مجنونة هنرجع فين الحادثة أهي؟!

أصرت بشدة:

-إرجع بقولك.

تبرم وهو ينفذ:

-في حاجة ضايعة منك ولا إيه؟!

اعطته إشارة بالوقوف وهي تهتف:

-اقف اقف

نزلت عن السيارة وذهبت لطرف الطريق و مالت بجذعها وكأنما عثرت على شيء.

تابعها بتركيز من سيارته وهي تخطف طفل رضيع في

قماشة بيضاء متربة، وتنتصب بجذعها من جديد.

هذا الطفل على ما يبدوا أنه قذف من النافذة قبل الحادث او سقط الامر غير واضح الآن، لكنها اكتشفت شيء غفل عنه الجميع بسبب ارتباك السير والحادث الأليم.

عادت للسيارة وهي تحمله بين يديها، وقد اختطلت دمائه التي تسيل من رأسه بالتراب، تحسست نبضه وتأكددت من وجوده على قيد الحياة، رغم سكونه وعينه المغمضة، ربمافاقد للوعي من اثر الإرتطام.

هتفت بسعادة لهذا الانجاز:

-شفت كان عندي حق لما قولتلك إرجع.

لم يحتفل معها بإنقاذ الرضيع كأن انسانيته والدت ميتة.

قال وهو يتحرك بسيارته:

-يعني جبتي الديب من ديلوا؟!

زفرت بيأس من تقليله وقالت:

-طيب يلا بسرعة نديه الاسعاف.

وصلوا الى موقع الحادث وقد وصل رجال الانقاذ وإستلموا الطفل منهما، وشاد الرجال بموقف “وسيم” لانه هو من تصدر المشهد بروايته أنه رأى الطفل على

جانب الطريق وعاد اثناء إنشغال الجميع بالحادث من أجل إنقاذه.

نال استحسان مزيف ومدح لايحل له، وشعر بالنشوة لهذة المتع المؤقتة التي يتغذى عليها ولكنها لا تسمن ولا تغني من جوع،ولا تشفى مرضه ولا تردع حقده.

استمر طوال الطريق في الكذب على نفسه، بأنه كان يختبرها وأنها إن لم تفعل هذا كان سيفعله هو، حتى اقتنع اقتناع تام وصدق كذبته التي كانت شاهدة عليها، لم تغضب منه بل إزدادت شفقة عليه، لافارق من الفاعل المهم الفعل وبالنهاية لا شيء يخفى على الله.

….👑جميع الحقوق محفوظة لدي صفحة بقلم سنيوريتا 👑

اتخذ مسكن لها في أحد الابراج العالية، في افخم مكان بالمدينة.

لم تقل فخامة الشقة عن القصر الذي تركته بالقرية عن هنا، سوي الحداثة والأضواء والنوافذ الزجاجية الكبيرة.

بيت رائع وذوقه عالي كل ركن فيه متناغم مع نفسه

وكأنه لوحة، لكن روح المكان تكاد تكون ميتة، طاقة المكان تخنق، ما فائدة النافذة الواسعة إن لم تدخل الهواء والنور؟! ومافائدة الشرفة إن لم تزينها الورود؟! وكيف لهذا الهدوء أن لا يسكنه عصفور؟! فيضيف للمكان البهجة والألفة والسكينة.

تركها قليلا تجول بالمكان ببطء وهتف وهو يرخي جسده على الأريكة:

-أعملي حسابك هنخرج كمان شوية نشتري هدوم، مافيش اي حاجة من القرف اللي انت جايباه معاكي من البلد تنفع تتلبس هنا، الافضل أرميهم في الزبالة.

تجريحة القاسي وكلماته التي تقلل من شأنها، لم تحزنها بل جعلتها تراه أصغر بعقلية سطحية لا يرتقي أن يكون أنسان.

-حيوان.

-بتقولي حاجة؟!

التفت وهي تقول:

-مبسوطة طبعاً بإني هتسوق.

قال بأمتعاض:

-إسمه شوبينج يا جاهلة.

ردت وهي تحافظ على ابتسامتها:

-اي حاجة هتخسر فيها فلوس عشاني هتبسطني تحت اي مسمى.

قال بضيق حقيقي:

-انا بعمل كده مش عشانك، عشان شكلي قدام الناس.

اتسعت ابتساماها الباردة، وكأنها ناوية على قتله بالبرود:

-المهم إني مستفيدة من ده.

تركته فورا قبل ان يبحث عن شيء يجعلها تتخلى عن قناع البرود الذي ترتديه.

..👑جميع الحقوق محفوظة لدي صفحة بقلم سنيوريتا 👑…..

“نجمة “

اسم يخطف ومرتبط ارتباط وطيد بالنور والمعان، لابد أن يحاوطها الظلام لتظهر.

كانت تظهر فيما إنتقاه لها كسيدة نبيلة من الطبقة الاسطقراطية، ولدت لتحكم شعبا لا لتمشي باتجاه وسيم.

الذي أخفى إنبهاره بجمالها الريفي المختلط بالاناقة.

شاهدها كأنها إكتشافه الجليل، وإستعد ليقدم لطبقته هذه التحفة التي عثر عليها، كان جائعا لمدح الناس فيه وفي اختياراته كما اعتاد أن يكون حديثهم واخر اخبارهم، هذة الفتاة التي تقف امامه الآن ستكون المسمار الاخير في نعش” حلا “.

سالته عندما طال شروده:

-حلو مش كده.

فكان رده مشبعا بنرجسيته المريضة:

-مش ذوقي لازم طبعا يبقي حلو.

قالت بلا اكتراث:

– ممكن اشتري انا حاجات على ذوقي.

انهت جملتها بتوسل كي يقتنع:

-ارجوك.

سألها وهو تحت تأثير الإعجاب:

-حاجات إيه؟!

هتفت مبتسمة:

-يعني موافق.

اكتفى بنظرة مطولة لها يوهمها بها بأنه يفكر لكنه فعلا كان شاردا في جمالها الفطري وروحها الخفيفة رغم صرامتها أحيانا.

….👑جميع الحقوق محفوظة لدي صفحة بقلم سنيوريتا 👑….

مشرواتها كلها كانت زينة للبيت الذي ستسجن فيه بعيدا عن عائلتها، اقتنت بعض النباتات الخضراء لتضعها في الشرفة وكذلك انواع من الورود باكثر من لون، اعترض قليلا على شرائها معلقا أنها ستفسد ذوق المكان لكنها أبلغته انها تريدها للشرفة بعيدا عن المنزل، وعندما اردات ان تقتني عصفورين في قفص كانت هذه المشكلة.

تحول وجه الهاديء لثورة وهو يهتف بحدة:

-سيبي القفص اللي في ايدك ده.

قالت بتوسل:

-ليه بس، هحطه في البلكونة.

استمر في رفضه:

-مستحيل ادخل بيتي عصافير.

اقتربت منه في محاولة للتأثير عليه:

-ايه السبب دول لذاذ جدا وهتحبهم.

نفض راسه وأصر:

-قولتلك لاء، انا ما بحبش قشر الاكل بتاعهم يطير على الأرض، ما بحبش أي حيوان عموما.
هتفت بسرعة وكأنها وجدت الحل:

-هنضف باستمرار مش هتلاقي قشره.

تجاوزها ليبتعد عن المتجر تماما.

فسحبت القفص لتضعه في وجهه وهي تقول بلطف :

-بص حلوين إزاي؟

حذرها بطرف بنانه:

-رجعيهم قولتلك مستحيل.

ما كان امامها سوى الرضوخ لرغبته رغم شدة إعجابها بهم ورغبتها القوية بإقتنائهم، لكن هذة الرغبة لم تكن كافية لإقناعة.

…..👑جميع الحقوق محفوظة لدي صفحة بقلم سنيوريتا 👑……

يومان فقط

جعلت نجمة منزله العصري يتحول من كتلة كآبه، لمصدر للبهجة والتفائل.

إعتنت بورودها بالشرفة بمهارة، لم يقدر مزارع أن يعيش في مكان لايرأى فيها أخضر وكأن روحه جزء منه.

جعلت الشرفة مكانا حيًا بعدما كانت مجرد حائط وسور حديدي يكشف الشارع، وضعت طاولة وكرسين واستخدمت هاتفها لتجعل منه رديوا يبث إذاعة صوتية شهيرة.

لم يستطع ان يغفل عن هذا التغير الذي أحدثته نجمة بالمكان ولم يغفل عن أنها كلما وضعت يدها على شيء جعلته أجمل، وكأن معها عصى سحرية تنفذ بها المستحيل.

رأها عندما خرج من غرفته بالشرفة، تميل بجذعها على الطاولة تبدو كمن ينسق شيئا برتابة وإهتمام.

توجها نحوها تلقائيا، فلاحظت قدومه وقالت متهلله:

-كنت لسه هدخل أصحيك.

عاين ما كانت تفعله، أجمل مائدة إفطار رأها في

حياته دسمة بشكل مغري ورائعة تجعل لعاب الفم يسيل دون إرادة .

-عاملاك شوية بيض بالسمن الفلاحي يجنن.

قال بدهشة ممتزجه بصدمة وهو يوزع نظراته بينها وبين الطاولة:

-انت عايزاني أكل من الأكل ده؟!

اومأت بحماس وكأنها في توق لهذا:

-أيوة، هيعجبك موت.

قال ساخرا:

-اه هو فعلا موت، في حد يفطر كل الكميات دي، مين المعتوه اللي يفطر بيض وفول وجبنة بطماطم وفطير….

قاطع كلامه وكأنه تذكر شيء وسط دهشته وأدهشه أكثر:

-وبعدين مين جابلك الحاجات دي؟!

قالت بابتسامة نصر:

-مش هقولك غير بعد الفطار.

نفض رأسه وقال:

-مستحيل طبعا.

قلبت عيناها وهتفت بانزعاج:

-انت كده بتبوظلي شغلي، لازم تبقى متهاود معايا شوية، هي سنة وهتعدي.

ذكرته بالعقد، فلوى فمه غير مستسيغ تقبله فطار كهذا.

-ايوة بس انا عمري ما حبيت طريقة الأكل دي، اصلا انا ما أكلتوش في البلد هأكله هنا.

اقتربت منه وامسكت براسغه لتقربه من الكرسي قائلة:

-حلو انك ما اكلتوش قبل كده، جرب ما انا كمان بجرب.

وتحت تأثير عينيها التى اقتحمت زرقة عيناه، استسلم وجلس لجوارها.

هتفت بسعادة الانتصار:

-بتبقى جميل أوي وإنت بتسمع الكلام.

هتف ممازحا:

-ربنا يرزقك بعيل زيي.

شرددت قليلا فيما قال، تمنت لو كانت حياتها تسير بشكل اعتيادي، زوج صالح وشرفة بها ورود وطاولة صغيرة تجمعهم ليتناولوا طعام الإفطار معا، وأطفالهم تلعب حولهم، لكنها كانت مدركة أن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه وأن الإنسان دائما يحصل على أشياء ناقصة تكتمل برضاه.

لاحظ شرودها وعلق:

-انت روحتي فين؟ انا بتكلم على المستقبل البعيد.

مدت يدها لتقطع له قطعة من الفطير ودستها بطبق العسل وقدمتها له وهي تهتف:

-كل على الله تزور تموت.

لم يكن يجيب عليها بعدما حشرت قطعة الفطير بفمه تاركه لفكه محاولة استيعاب هذه القذيفة

وكما توقعت، الممتنعين عن السكريات لا يستسيغوا الحلو ابدا، لم تحتاج لترأى تعابير وجهه لتفهم، لذا سارعت بوضع لقمة اخرى من الجبن القديم ليتناولها قسرا.

هو الحاكم الامر الناهى من جعل فتيات تتحطم بكلمة منه يجلس عاجزا عن دفع يدها وكأنه طفل صغير، ما سر هذه الساحرة؟! ماذا وضعت له بالطعام ليطيعها؟ أيعقل أن يكون عمل سفلي؟!

دفع يدها وحاول التهرب من يدها الممدودة بقطعة اخري من الفطير بها بيض مشبع بالسمن.

-يخرب بيتك، انت هتخلى الضغط يرقص عقباوي على الجهاز، ايه العبط دا؟! حادق وبعدين حلو في نفس اللحظة.

قالت بدفاع غير مبال:

-احنا طول عمرنا بنفطر كده وعمره ماحصل حاجة، ما تكبرش الموضوع ودوق بس البيض بالسمن الفلاحي.

صاح معترضا:

-مستحيل دا بيرفع الكلسترول.

هتفت باصرار:

-السمن البلدي أمن من الزيوت المهدرجة، سمي الله بس.

حاول دفع يدها لكنها كانت مصره على إجباره لتذوق الحياة التي لا يعرف لها طعم.

كانت اخر سلطة تفرضها عليه لأنه وثب بعدها وهو يضع يده على بطنه يشعر بأنه خان جسده واذى نفسه بما فعلته.

هتفت وهي تضع طرف اصبعها في فمها:

-بكره تتعود.
…………………………. يتبع





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى