Uncategorized

رواية السيد وسيم الفصل الرابع عشر 14 بقلم ياسمينا احمد – تحميل الرواية pdf


“الفصل الرابع عشر”

في المساء

قرر أن يأخذه معه في أول ظهور لهما في أمسية لحفل كبير ينظم سنويا يحضره نخبه من نجوم المجتمع والسياسين والاعلاميين وتغطية اعلامية ضخمة.
كان هذا الحفل مهم للغاية لوسيم حيث أنه وجه اعلامية وكذلك احد اهم رجال الأعمال وأوسم من في جيله، كما أنه يعتبره بشكل شخصي مولد نجمة الحقيقي واظهارها للعالم بصفة زوجته وضربة قاضية لحلا حتى ينتهي ارتباط اسمها بإسمه ويظل عالقا صورته الجديدة كرجل اعمال صالح متزوج ومستر، في اذهان الجميع.

أرسل إليها متخصيين لتخرح من بين أيديهم إمرأةجديدة ويبرز فيها كل ما يجعلها فاتنة وملفتة.

إرتدى حلته السوداء وحرص بشدة على أن يبدو أكثر وسامه كي لا تخطف منه الأضواءبالنهايةهو يريدها اضافة لا حدث.

انتظر بتوق مشاهدة التغير المفاجئ الذي سيطرأ عليها، والتحول المفاجئ للقطعة الأثرية إندثرت تحت التراب لعقود والآن إنتهى من تنظيفها ليلمع بريقها المختفي على يد مكتشفها.

خرجت من غرفتها تمشي بصعوبة بفعل الحذاء ذو الكعب المدبب، ولكن روعة الفستان الذي إتخذ شكل منحني عند الخصر حتى الأسفل، ولونه الذهبي المطرز ببعض من اللؤلوء البني يتناغم مع بشرتها ولون عينيها وخصلاتها الغجرية،جعل يتغاضي عن تعرجها ويركز مع جمالها المميز وشكلها الجديد.

مرر عينه عليها بالكامل يبهره صنيعه وإكتشافه مغتر بأنه الوحيد الذي يمتلك اليوم قطعة مميزة وفريدة لم تراه عين سواه من قبل.

قالت بامتعاض لتخرجه من حالة الشرود:

-الجزمة ضيقة.

انتبه وسيم لشيء هام، نجمة لا تناسب المكان بالجملة
حتى وإن تغير شكلها فطباعها وحديثها غير ملائم لما هي مقبلة عليه، لكن هو مُصر على إتمام رغبته بأي شكل.
هتف بحنق وهو يأمرها:

-ممكن ما تتكلميش خالص إنهاردة.

رمقته بتعجب وتسألت:

-هو إحنا رايحين حفلة للصم والبكم ولا إيه؟!

لم يخفي ملامحه الممتعضه، وجاوبها دون أن يكترث لمشاعرها:

-طريقتك مش ماشية مع شكلك.

دارت على عقبيها متخذه قرار مفاجئ، وهو العودة لغرفتها.
وأبلغته بعناد :

– خلاص روح لوحدك.

أسرع ليعترض طريقها، وتحدث بجدية:

-احنا هنهزر؟!

هتفت بسخرية وهي تنظر في عينه:

-اصلا أنا مش عايزة أسببلك إحراج.

تحدث وهو يحاول فك رموزها المتشابكة وخيوطها التي تنسجها حوله وكأنها تجرب اصتياده داخل شبكة عميقة:

-ممنوع تتكلمي مع حد غيري ، ممنوع تبتسمي لحد غيري،وأي حد يسألك عن اسمك بتقولي حرم وسيم الهجري.

نظرت اليه نفس النظرة التي دفعها اليها فور خروجها من الغرفة، وأدهشه دقتها في التقليد، ثم قالت

بابتسامة:

– ينفع أقول إن شكلك حلو؟!

يالها من محتالة تضغط على نقاط لم تطلها يد قال وهو يمد يده لها لتضع يدها على راسغه:

-مش أول واحدة تقولهالي.

انصاعت لحركة يده وتعلقت بذراعة قائلة:

-أقول يمكن تطلع مني مختلفة!

مال بجانب رأسه ورفع أحد حاجبيه بغرور:

-مش على بابا.

حركت كتفيها وهي تضحك،ثم هتفت:

– بس ايه الحفلة اللي متشيك كده عشانها؟! دا انت ما اتشيكتش كده يوم فرحك.

أجابها وهو يمشي باتجاه الباب:

-حفلة خيرية لرجال الأعمال.

لم تخفي انبهارها وهي تصفر قائلة:

– الله، لافتة حلوة منك.

استغل اعجابها وسأل:

-عجبتك صح؟!

أجابت وهي تنظر له بشك:

-هنشوف.

👑جميع الحقوق محفوظة لدي صفحة بقلم سنيوريتا 👑….

“الحفل الخيري”

لم يكن اسم على ما يسمى ، فالخير لا يرتبط بالعري ولا الكؤس المتبادلة بشتى ألوانها، الخير لن يكون في هذة الموسيقى الصاخبة ولا بهذا الجمع من الرجال والنساء، ولا سجادة طويلة يحفها المصورون من كلا الجانبين وكم الاستعراض الذي ينتهجه كل الحضور سواء بالملابس الفاضحة أو بمجوهرات الثمينه.

تعلقت بيده وتبعت خطواته نحو الداخل كان مستعد للتصوير ولمصافحة الحضور، بعكسها هي،لقد إنزعجت من ضوء الكاميرات المنبثق على وجهها وكم من المدعوين يحدقون بها بنظرات تمتلئ بالدهشة وبعض من الإذدراء.
تسابقت الكاميرات لرصد إمرأة وسيم الجديدة كل صحفي كان في توق لهذا السبق خاثتا بعد أزمته الأخيرة مع حلا رشدي.
لكن هو كان يكتفي بالابتسام ابتسامة ذلك المنتصر الذي يقف فوق جثث أعدائه، متعمد أن يبدي إهتمامه بنجمة ويوزع عليها نظرات حارة وهائمة كي تظهر للعدسات بشكل واضح وتقلب ميزان الصحافة غدا، ويصبح حديث العالم لشهر.
دخلا معا للحف والتفت الأعناق نخوهم اختار وسيم توقيت رائع وحفل مناسب ليلفت الانظار وبالفعل كان محط أنظار الجميع ووليمة كاملة للنميمة خاصتا بارتباطه من خارج الوسط وظهوره مع وجه جديد.

تحرك للداخل ولاحظت نجمة كل هذه النظرات المصوبة نحوهم، السيدات كانت تعاينها بدقة والرجال كانوا ينظرون اليها بدهشة، كما أن الاضواء والبذخ واضح.

مالت نجمة إليه وهتفت من بين أسنانها:

-هو دا الحفل الخيري أومال مولد سيدي العريان شكله ايه؟

ابتسم على تعليقها الساخر ، وهتف هو يحافظ على ابتسامته:

-انت ما تعرفيش غير الموالد؟!

هتفت ببرود وكأنها لم تنزعج من حطه من شأنها:

-الموالد خلصت من زمان، دلوقتي بقوا بيسموها حفلة خيرية لرجال الأعمال.

التف بعنقه نحوها منزعجا من جرأتها على الإهانة، أوشك على الرد لكن قاطعه صوت أنثوي رقيق يهتف بحرارة:

-وسيم ازيك وحشتيني.

عانقته الأفعى ذات الفستان الأزرق مكشوف الصدر خالي الأكمام، كانت قريبة له في الطول بشرتها برونزية التي على ما تبدوا غير طبيعية بل بفعل” تان “، شعرها قصير ناعم لونه أسود، تتمتع بجسم رشيق ولكنها لا تبدو لطيفة أبدا خاصتا مع نظراتها التي ترميها لنجمة وهي تحاوط عنقة.

-أهلا يا ” ديده ” أخبارك إيه؟!

تراجعت عن حضنه دون أن تخفض يدها كتفة، وسألت السؤال الذي تريد إجابة له من وقت ما رأته:

-مين دي مش وتعرفنا؟!

أشار وسيم لنجمة وقال:

– نجمة مراتي.

لم تتفاجئ لكن تغيرت نظراتها لمسحة سريعة من الفحص والازدراء قائلة بتجاهل لصفتها كونها زوجته:

-اسمها حلو وجديد، بس بلدي أوي.

لم تغفل نجمة عن تلك الحركة ولم تقبل بأن يبادر احد بالتقليل منها.
فلم تمد يدها لمصافحتها، إلا بعدما قال لها وسيم:

-دي داليده صديقتي.

علقت نجمة وهي تحدق بها وتختلق ضحكة من العدم:

– غريبة انت أحلى حاجة فيكي إسمك.

أحمرت أذن داليدة، واتسعت عين وسيم من جرأتها واضطرت داليدة للثأر قائلة:

-انت أكيد من الفلاحين، أصل الكُيد دا أنا عارفاه.

ردت لها الكرة بوجهها وهي تهتف بسعادة:

-ما إستبعتش على فكرة إنك عارفاه، أصل الكُهن دا أنا كمان عارفاه.

تدخل وسيم منزعجا من طريقتها:

-نجمة…

قاطعته داليده قائلة:

-انت فهمتي غلط انا من الأول ما علقتش على موضوع الجواز عشان وسيم كل فترة بيتجوز فأنت كده كده فترة.

شعر وسيم أن المرحلة القادمة ستخلع نجمة حذائها وتضربها به، لذا تأهب ليسحب نجمة إلي أقرب طاولة.

لكنها لم تتزحزح مع يده التي تضغط على راسغها.

لكن إضافة بسيطة من داليدة جعلت وسيم يغضب، ويقرر الرد نيابة عنها.

-بس المرة دي ذوقه نزل جدا.

فرد بغضب محذرا اياها:

– داليدة احترمي نفسك وإلإ مش هتكسف أطردك من

المكان كله.

ضمت حاجبيها وقالت:
-كده يا وسيم، ماشي.

واستدارت لتغادر دون أي إضافة.

أشار لنجمة لتجلس على الطاولة القريبة، وتحرك

ليسحب لها كرسي الطاولة.

جلست وهي تقول مبتسمة:

-شكرا عشان دافعت عني.

هتف ببرود وهو يجلس قبالها:

-انا ما دفعتش عنك أنا طرتها عشان قالت ذوقي وحش.

اؤمأت بقبول ثم هتفت بنفس البرود الذي ينتهجه:

-أنا إعتبرت إنك دفعت عني.

سكت قليلا عندما أتى النادل ليقدم المشروبات، وعندما غادر مد جسدة ليقول بصرامة:

-ما ينفعش تردي بطريقتك دي على الناس اللي هنا، وكمان انا قولتلك اقفلي بقك، داليدة بنت ناس وما كنش ينفع تتكلمي معاها بالأسلوب ده.

هتفت وهى تمد يدها نحو الكأس الموضوع أمامها:

– بنات الناس اللي أعرفهم ما بيتعلقوش في رقبة حد غريب وكمان بتحكموا في تصرفاتهم ونظراتهم وكلامهم مع الناس.

قربت الكأس لأنفها ثم امتعض وجهها من رائحة وابعدته سريعا وهي تقول:

– كده كملت خمرة،قوم نمشي قبل ما المكان يولع بينا.

قدم اليها طبق صغير به حبيبات سوداء صغيرة كانت ضمن ما تقدم لهم وقال مبتسما:

-جربي بقى دا هيعجبك.

تناولته بشك ثم تذوقته بحذر، اتسعت عينها وبحثت عن شيء لتلفظه فيه، اسرع بإعطائها منديل فلفظته سريعا وهي تقول:

-ايه الأرف ده؟!

قال باشمئزاز من وصفها:

-دا كافيار يا جاهلة.

قالت دون اهتمام:

-بيض سمك نيء، والله انت اللي جاهل عشان معود معدتك على الحاجات دي وسايب الفطير والسمن البلدي.

نظر حوله وهتف في غضب يحاول كبحه:

-انت بتقولي إيه؟ انت مش مدركة إحنا فين؟!

نظرت حولها وهي تحاول معاينة بعض المقرمشات الموضوعة امامهما:

– هنكون فين يعني، في طبقة مختلة عندها استعداد تدفع عشرة تلاف جنية في فستان عشان تلبسه مرة واحدة تتمنظر بيه وتتبرع لناس مش لاقيه هدمة تسترها، ب الف جنيه.

مط جانب فمه وهو يسأل ساخرا:

-هي دي أكبر معلوماتك عن الأرقام؟!

أشار بطرف بنانه نحو أحد السيدات في أحد الزواية، وتابع :

-الفستان اللي الست لابساه هناك ده، أنا شايفه على الموقع ب مليون دولار، ودا….

لوحت بيدها كإشارة للتوقف، وعلقت :

-يا شيخ لو جات من غيره ماحدش كان هياخد باله.

تعمقت نظرته بها واسترسلت:

-لما قولتلي حفل خيري قولت حاجة حلوة لما المليان يكب على الفاضي، إنما اللي شفته ده إتضح إنكم إنتوا اللي فاضين، مش بس من بره لاء من جوه كمان.

طريقة تفكيرها جعلته يسألها سؤال لم يكن يخطر بباله من قبل:

-انت خريجة كلية إيه؟!

أجابته وهي تحاول انتقاء مما أمامها:

-مش شايف إنه سؤال متأخر شوية بقلنا مدة متجوزين.

هتف مجيبا:

-المهم إنه إتسأل.

نهضت من مكانها وهي تجيبه بمرواغة:

-هسيبك تفكر على ما أروح الحمام واجي.

مالت للأمام وهى تتابع بتلاعب:

-لايق عليا إيه؟!

استدارت وهي تشير له نحو أحد الممرات ليؤكد لها أن هذا هو الطريق الذي تريده.

شغلت رأسه بجم أفكار لم يكن يلاحظها من قبل، نظر لما حوله بشكل مختلف وبنظرة واسعة عما يدور

..👑جميع الحقوق محفوظة لدي صفحة بقلم سنيوريتا 👑.

بدأ ت فقرة جمع أظرف التبرعات والتي تتم عن طريق اكثر من فتاة تدور بسلة من الخوص لوضع الأظرف بها لاحظت نجمة بشاشة الفتايات وهم يحصلون على الاظرف من المدعوين وقفز في رأسها سؤال وجهته سريعا ل وسيم:

-عندي سؤال.

أومأ لها وهو يهتف:

– ايه نوعه؟!

سألت وهي تضع طرف أصابعها أسفل ذقنها كحركة فضولية:

-هو التبرعات دي عشان إيه؟!

أجابها مستاء لقدر الغباء التي تمتلكه، لقد سبق هذا خطابا يحس على ضرورة حماية المشردين والمرضي وقد وضح السبب أثناء الخطبة:

– انت ما سمعتيش؟ الكلمة الافتتاحية، التبرعات عشان الكلاب المشردة والمستغني عنها.

لم تمنع نفسها من أن تشهق بصدمة وهتفت بانزعاج:

-يعني الهلومة دي كلها عشان الكلاب.

نهضت من مكانها وهي تتابع القول:

-يا راجل قوم بلاش هبل، دا في عندنا أسر كاملة من

غير سقف، أولى بالتبرع ده أهل بلدك اللي انت مش حاسس بيهم.

التف حوله لمشاهدة جموع الحاضرين خوفا من ملاحظة أحد ما تقوله، وهتف بصوت حاد رفم انخفاضه:

-أقعدي ما تخليش الناس تتفرج علينا.

ردت باصرار عفوي وهي تميل بنصف جسدها على الطاولة:

-هتقوم ولا فعلا هعملك فضيحة.

نظر لها شرزا وبرر قائلا:

-ما ينفعش أقوم قبل ما ينتهي التبرع، شكلي هيبقى وحش.

ظلت واقفة باعتراض على هذة المهزلة وقالت بتحدي:

-يا هتقوم معايا يا هخرج لوحدي، انا ما يعجبنيش الحال المايل.

كاد ان ينفعل عليها ويفقد صوابه لكنه أثر الهدوء خاصتا عندما بدأت الانظار تلتف حولهم.

دس يده في جيبه وهو ينظر لها بحقد، واخرج ظرف أبيض وضعه على الطاولة، ثم نهض ليمسك براسغها في

قسوة.

مدت يدها لتسحب الظرف عن الطاولة بخفة وبمهارة وتقبلت سحبه العنيف لها بمرح.
تبعتهم كاميرات التصوير التي اختصت نجمة بالتحديد دون وسيم لقد كانت الحدث الأكبر خاصتا عند خروجها من الحفل بهذا الشكل.
لكنها كانت تبتسم ابتسامات عفوية الكاميرا كنجمات الإغراء لهوليود، كانت مدركة أنهم لاحظوا ما لم يلاحظه وسيم وكانت تبتسم على هذه الضجة التي ستدور حولها.
غادر الحفل، لاحظ شيء غريب عندما إلتفت لها وسرعان ما إلتقطه إنها أقصر مما كانت عند الدخول، نظر للاسفل ليعاين قدمها وقد تحقق من شكه لقد خلعت عنها الحذاء.

سألها بصدمة :

-انت قلعتي الجذمة؟!

اجابته بهدوء:

-اه كانت مضايقاني.

اتسعت خطواته وهو يلعنها،الآن فهم سبب تزاحم المصورين عليها أثناء الخروج لقد فضحته ما كان يجب عليه أخذها في مكان لا يناسبها قبل أن يمرنها على هذا.

انطلق بسيارته،وامسك بيده هاتفه يتابع الاخبار ويوزع نظره على الطريق .

لقطات الحفل انتشرت بأسرع من المتوقع خطوات نجمة الحافية التي أحضرها معه كانت كفيلة بضج الاوساط حتي من لم يخصه هذه الاخبار اهتم.

خاصتنا وجمال نجمة لفت الانظار وخروجها من الحفل حافية جعل الأضواء كلها تتسلط عليها بشكل مبالغ فيه باتت نجمة من اول ظهور لها حديث لسوشيال ميديا .
وتوالت التشبيهات وشبه احد الصحافيين ضحكتها وهي تغدوا حافية على السجادة الحمراء بضحكة مارلين مارنلوا في لقطة الفستان الشهيرة.

تابعت الطريق بتمعن، عنقها كان يلتف مع التفاصيل التي تراه لأول مرة، لم تبهرها البيئة بقدر المنشأت التي

تصتف بروعة وبأضواء مبهرة.

لاحظ تصرفها وانشغالها التام بكل تفصيلة وابتسم ابتسامة قصيرة تنم عن سخرية مبطنة،المرأة التي تحدق بانبهار للمباني الشاهقة، لا تدرك أنها أصبحت الآن نجمة الجماهير.

توقفت السيارة في أحد الإشارات وبدأ بعض الاطفال يطفون حول السيارت سواء بالورود او بالمناديل.

وقف ولد صغير عند شرفته، وهتف متوسلا:

-ورد يا بيه، خد وردة للهانم.

اغلق الزجاج بينهم فاختفى صوته بقيت صورته على الزجاج تلوح وتصر على الانتفاع منه بشيء.

لاحظت نجمة هذا وأشارت للطفل أن يلتف.

تحدث وسيم بعجرفة:

-اظني عايزة أجبلك ورد وامشيكي تحت المطر زي العشاق دا اللي بيبسط البنات.

ردت ببرود وهي تنظر اليه بطرف عينيها:

– للاسف لا بحب حد يديني ورد ولا اتعودت أمشي

تحت المطر مع عشاق، وشغل الرومانسية دا بيقلب بطني كفاية اوي أكون مع راجل محترم وبيحبني وأنا هبقى مبسوطة.

فتحت النافذة بينها وبين الطفل لتلقط منه وردة حمراء رائعة المنظر.

سألت الطفل ببشاشة:

-اسمك ايه يا جميل؟!

جاوبها الولد الذي يقطر من هيئة البؤس :

-اسمي محمد

فسألته مرة اخرى:

-إيه اللي منزلك الشارع في وقت زي ده؟!

اجاب الولد:

-امي تعبانة، ولازم أجبلها علاج لو ما خدتش الدواء انهاردة ممكن تموت.

لمعت عينيها بالدموع متأثرة، ودت لو يسمح لها وسيم بتفقد حالة والداته ومعاونته،لكنها تعرفه لن يسمح بهذا .

سألته من جديد:

-باباك فين؟

جاوب بتأثر شديد:

-ابويا اتوفى

زاد تعاطفها معه ودست يدها اسفل منها وتسلمه ظرف التبرعات الذي التقطته بخفة عند مغادرتهم الحفل.

امسك الطفل بالظرف، وانتبه وسيم لظهور الظرف من جديد بعدما تركه على الطاولة.

لم ينتظر حتى تنهي مع الطفل وصاح بها :

-انت ازاي تعملي تصرف زي ده؟!

هتفت للولد بتوضيح:

-اجري روح لماما بالدواء يا حبيبي واشتري اكل واتبسط

اغلقت النافذة بينها وبين الطفل حتى لا يتثني له الرجوع في الأمر.

وبقي الطفل يحدق بالرجل الغاضب الذي يعنف الفتاة الطيبة التي ساعدته، رفع كفيه الصغير للسماء وتمتم بدعاء قصير ثم ركض ليعبر الطريق مختفيا وسط جموع السيارات.

بقيت النيران مشتعلة بالداخل، تحملت وابل من نعته لها بصفات غير حميدة:
-انت غبية، ما بتفهميش، جاية من وراء الجاموسة ازاي تحطيني في موقف زي ده شكلي ايه قدام الناس اني رحت الحفلة وما قدمتش مساعدة انت فاهمة انتي خليتي شكلي عامل ازاي؟ لكن تفهمي ازاي انت اخرك تقعدي مع البهايم في الزريبة مش على تربيزات رجال الاعمال، انت تاكلى علف وتبن مع البقر مش تعيشي في مستوى زي دا.

وعندما سكت، ردت هي ببرود دون تأثر :

-خلصت، الظرف اللي انت كنت عايز تسيبه للكلاب في طفل أنقذ أمه بيه، لو انت ناوي الخير فأعتقد إنه راح في مكانه الصحيح، انما بقى لو انت ناوي منظره فأنا فعلا هكون أسفة ليك جدا لاني حرمتك من اللقطة دي.

وقبل أن يرد عليها وضعت الوردة الحمراء بينها وبينه لتمنعه من الحديث وتابعت ببساطة :

– واعتبر دي دليل دامغ على اعتذاري.

أطعمته غضبه، فاصبح يشعر بجمر يتفاقم في معدته لم يقوى على مجابهتها ولم يعتاد انثي تقابل مسبتها بهذا البرود بل وتعتذر.

فتحت الإشارة فاستغل الامر واستمر بالقيادة دون التفوة بكلمة.





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى