رواية الوكر كامله وحصريه بقلم مريم محمد – تحميل الرواية pdf

الفصل الأول ( أجتماع مهم )
السلام عليكم، كلكم عارفيين أني غيرت فكرة الرواية، هتلاقوا أغلبية الفصول فاضية لأني لسة مكتبتش فيها حاجة، أعتذر عن ده وعن اللغبطة إللي حصلت بس أعذروني أول عمل ليا، متنسوش رأيكم في الفصل والنجمة إللي بتدل على تشجيعكم ليا وحبكم للرواية♡♡♡.
_____________________________________________
+
“قد تكون الحياة مليئة بالفرص لاكتشاف الحقائق الخفية، لكن التعمق فيها قد يجلب الألم، إن كنت قوي الفؤاد، فتعمّق كما تشاء… لكن احذر أن تصاب في منتصف قلبك، فالأقدار دائمًا تأتي كما كُتب لها.”
+
في ممر طويل مضاء بأنوار هادئة، تقدمت امرأة بخطوات ثابتة، وكأن الأرض خُلقت لها، خصلاتها البيضاء القصيرة أنسدلت بحرية على ظهرها، بينما تلألأت عيناها البنية ببريق التحدي، ملامحها الحادة كانت تميّزها وسط الحضور، وزادها زيّها العسكري هيبة، حيث تألق النسر على كتفها.
+
توقفت أمام مكتب ضخم، ثم التفتت نحو الجندي الواقف عند الباب، لتقول بصوت ثابت:
قول لسيادة اللواء أن الرائد رفد كمال برة.
+
أدى الجندي التحية العسكرية بأحترام، ثم دخل الغرفة، لم تمضِ سوى لحظات حتى عاد، مرددًا بصوت رسمي:
اتفضلي، سيادة الرائد.
+
دفعت الباب بخطوات واثقة، واستقرت أمام المكتب، ثم أدت التحية العسكرية بأحترام، خلف المكتب، يجلس رجل متقدم في السن، لكن جسده الرياضي وملامحة الصارمة كانت تشي بأنه لا يزال محتفظًا بهيبته، نظر إليها بثبات، ثم قال بنبرة هادئة:
أتفضلي أقعدي يا سيادة الرائد
+
سحبت الكرسي الأمامي وجلست، مرددة بصوت محايد:
طلبتني بسرعة، أتمنى أن ميكونش الموضوع كبير.
تنهد اللواء باشر بأسف، وقال بنبرة ثقيلة:
للأسف، هوا وحش وأني أجيبك من مدينتك لـهنا مش هتكون على حاجة صغيرة أكيد، أخترتك مخصوص بناء على كفاءتك وخبرتك في الشغل.
+
لمعت عيناها، لكنها احتفظت بملامحها المتزنة، مجيبة بهدوء:
شرف ليا، يا سيادة اللواء.
مال بجسده إلى الخلف وهو يقول بهدوء:
نستنى شخص تاني قبل ما أقولك التفاصيل.
أرتسمت على وجهها لمحة إستغراب، وهي تضيق حاجبيها قليلاً:
هوا فيه حد تاني معايا ؟
+
أومأ اللواء برأسه ببطء، مردفًا:
زي ما أخترتك بعناية أخترتوا هوا كمان بنفس الدقة.
حركت كتفيها بقلة إكتراث، وهي تردّ:
تمام نستنى.
+
مرت لحظات صمت ثقيل، قبل أن يُفتح الباب ويدخل منه رجل طويل القامة، عريض المنكبين، يحمل جسدًا رياضيًا يعكس تدريبه المكثف، أدى التحية العسكرية بثبات، ثم جلس على المقعد المقابل لها، موجّهًا حديثة إلى اللواء مباشرة، دون أن يلتفت إليها:
أهلًا سيادة اللواء، معاك المقدم زيدان إبراهيم .
+
لكن ما إن أنهى كلماته وأدار وجهه نحوها، حتى تجمد للحظات… وكأن صاعقة ضربته في الصدر، بلل شفتيه بتوتر خفي، وعجز عن صرف نظره عنها.
أما اللواء، فتابع حديثة بجدية، متجاهلًا التوتر الواضح بينهما:
تم اختياركم بعناية فائقة عشان تمسكوا قضية شديدة الخطورة… قضية بتهدد استقرار الوطن، جبتكم من مدن مختلفة، لأني على يقين بقدرتكم على التعامل مع القضية دي.
+
ساد الصمت للحظات، لم يكن اللواء يعلم ما يدور داخل رأسيهما في تلك اللحظة.
+
كانت رفد تجلس بملامح جامدة، لكن قلبها كان يضجّ بالاضطراب، بعد كل هذه السنوات، يظهر أمامها مجددًا؟ هل يمكن أن تكون الصدفة قاسية بهذا الشكل؟ تذكرت صوته حين كان يهمس لها بحب، وأبتسامته التي كانت تضيء أيامها، ثم… اختفى، رحل حتى دون وداع، تاركًا خلفه ألف سؤال بلا إجابة.
+
أما هو، فكان يحاول السيطرة على ارتجاف أنفاسه، ما زالت كما هي… لكن شعرها الطويل الذي لطالما أحبه، لم يعد موجودًا، قصّته، كما لو أنها تخلت عن جزء من ماضيها معه.
+
لكنها هي من أستجمعت قواها أولًا، ونظرت نحو اللواء بجدية قائلة:
أتفضل كمل، يا سيادة اللواء.
“دلوقتي أسمعوني كويس أوي…” قال اللواء باشر بصوت ثابت، ناظرًا إليهما بنظرات يملؤها التحذير.
+
عدل زيدان من جلسته، محاولًا صرف تركيزه عن رفد، بينما هي أبقت وجهها جامدًا، وإن كان قلبها لا يزال يضج بالأسئلة، أكمل باشر حديثة:
اللي هقولوا دلوقتي مينفعش حد يعرفوا غيرنا، أي تسريب للمعلومات هيكلفنا كتير، فاهمين؟
+
حركت رفد رأسها بإيماءة واثقة:
متقلقش، يا سيادة اللواء.
أما زيدان، فأجاب بجدية مماثلة:
عهدٌ مني .
+
توقف اللواء للحظة، ثم نظر إلى رفد مباشرة وقال بصوت أكثر حزمًا:
حتى والدك، اللواء كمال، مش لازم يعرف حاجة، يارفد.
لم تتغير ملامحها، رغم أن ذكر والدها ألقى بثقله عليها للحظة، أكتفت بالرد بصوت ثابت:
فاهمة حساسية الموضوع، متقلقش محدش هيعرف.
+
التفت اللواء نحو زيدان، مردفًا بالتحذير ذاته:
ونفس الموضوع مع عيلتك، زيدان، ولا كلمة واحدة مع أي شخص.
شد زيدان ظهره بأستقامة، وأجاب بنفس الثقة:
أوعدك، يا سيادة اللواء.
+
أومأ باشر برأسه ببطء، قبل أن يميل بجسده للأمام، ويخفض صوته قليلاً وهو يقول:
راجل أسموا مصطفى محمد أحمد، شغال تحت شبكة إجرامية دولية برة البلد، متخصص في تهريب الآثار، والأسلحة، والمخدرات من وطنا العزيز، لكن الأخطر من ده كلوا….
+
توقّف، ثم نظر إليهما نظرة مطوّلة قبل أن يضيف:
عندنا أدلة بتقول أنه مش مجرد مهرّب، بالعكس ده كمان جاسوس، وفيه شخص جوا بيسهّل ليه الأمور، شخص لية سلطة كبيرة، متغلغل في أجهزتنا الأمنية.
+
تبادلت رفد وزيدان النظرات سريعًا، ثم أعادت نظرها نحو اللواء باهتمام واضح.
“مين الشخص ده؟” سألت رفد.
+
هز اللواء رأسه ببطء:
مش عارفيين لغاية دلوقتي، لكن كل إللي نعرفوا، أن فيه ملفات شديدة السرية عن أمن الدولة، أتجمعت خلال سنوات كتيرة من الأبحاث، دلوقتي على وشك التسريب لبرة البلد، تحديدًا لراجل أسموا فرانكو، أخطر تجار السلاح والمعلومات في أوروبا، لو وصلت ليه الملفات دي…
+
صمت للحظة، ثم أنهى عبارته بجملة ثقيلة:
هتنتهي الدولة بالنسبة لينا.
ساد الصمت للحظات، زيدان كان يحدّق إلى اللواء بتركيز، بينما عقل رفد كان يعالج المعلومات بسرعة هائلة.
أخيرًا، نهض باشر من مقعده، وأشار إليهما بالوقوف:
تعالوا معايا فيه حاجة تاني لازم تشوفوها.
+
نهضت رفد بسرعة دون أن تلقي نظرة على زيدان، الذي بدوره استقام في وقفته، محافظًا على هدوئه.
خرجوا من الغرفة وساروا عبر ممر طويل، قبل أن يدخلوا إلى المصعد، ضغط اللواء على زر خاص ضغطة مطولة، فتغير اللون الأخضر إلى الأحمر، وسمعوا صوت آلي يقول:
تحديد الهوية… تم التحقق.
+
هبط بهم المصعد بسرعة كبيرة نحو الأسفل، قبل أن يتوقف على طابق لم يكن له وجود في أي مخططات رسمية.
فُتح الباب ليجدوا أنفسهم أمام ممر طويل يقود إلى باب معدني ضخم، بدا وكأنه يُخفي وراءه شيئًا شديد الأهمية.
+
تقدم اللواء نحو الباب، ووضع بصمته، قبل أن يُفتح ببطء، كاشفًا عن غرفة واسعة ذات جدران رمادية، تملؤها شاشات ضخمة، ومكاتب إلكترونية، وعدد من الرجال والنساء يرتدون بدلات رسمية، يعملون بصمت تحت إضاءة خافتة.
+
تقدم أحد الرجال من اللواء، ثم ألقى نظرة على رفد وزيدان قبل أن يقول بجدية:
أهلا بيكم في أكتر مكان سري في البلد، مقر شئون الدولة الخاصة.
+
نظر زيدان إلى الرجل نظرة ثابتة، ثم قال بصوت هادئ:
واضح أن الموضوع أكبر مما تصورت.
أما رفد، فكانت تحدق إلى الشاشات المليئة بالصور والخرائط والتقارير السرية، وهي تتمتم بصوت خافت:
ده مش مجرد تهريب ده خيانة للوطن.!
_____________________________________________
بعد مرور عدة ساعات، كانت رفد تقف في غرفتها بعد أن جمعت ملابسها في حقيبة كبيرة، شاردة الذهن فيما قد يحدث، هل سينجحون في مهمتهم؟ هل ستستطيع الصمود أمامه وألا يفتح الماضي أبوابه مجددًا؟
+
فركت وجهها بإرهاق، ثم دخلت إليها فتاة طويلة الجسد، ذات ملامح هادئة، بشرة خمرية، وعينين سوداوين، تحمل في عينيها جمالًا لا يُوصف، قالت بصوت متصنع الهدوء وهي تضم يديها إلى صدرها:
رايحة فين؟
+
أجابتها رفد بصوت خافت وهي لا ترفع عيناها لها:
مسكت قضية همشي لفترة، يا محققة دارين.
أبتسمت دارين بسخرية، وهي تغادر الغرفة:
ماشي مترجعيش بقى اهتمي بشغلك إللي ملوش قيمة.
صاحت رفد بصوت عالٍ وهي تردّ:
شغلي أنا إللي ملوش قيمة يا محامية يا فاشلة.
+
ردت دارين من خارج الغرفة ضاحكة:
هرّتي مع نفسك يا دلوعة.
ما إن أنهت دارين حديثها حتى هبطت دموع رفد بلا وعي، جلست على الفراش تبكي ولا تعلم ما السبب، تمايلت دارين برأسها من باب الغرفة ببطء، ونظرت إلى شقيقتها بتفاجؤ، تساءلت في نفسها:
بتعيط لية؟
دخلت مسرعة وجلست بجانبها محاولة تهدئتها بقولها:
في أي مكنتش أقصد أقسم بالله أني أخليكي زعلانة، وكمان مقولتش كلمة تزعلك.
+
رفعت رفد عينيها الباكية وهمست بصوت خافت:
شوفت زيدان النهاردة!!
جحظت عينا دارين بدهشة، ثم ردّت بفزع:
أبو مناخير كبيرة!! بتعيطي بسببه؟ أقسم بالله لأكسر مناخيرة العالية دي!!
+
قهقهت رفد من بين دموعها على اللقب الذي أطلقته دارين عليه منذ زمن، ثم أجابت:
معملش حاجة لكن همسك قضية معاه لفترة طويلة
أعادت دارين النظر في الغرفة بشرود، ثم نظرت إليها وقالت:
تمام بتعيطي لية بقى يا أم شعر أبيض وجميل.
+
قالت رفد بحزن:
مش عاوزة اكون معاه في القضية، بقالي 3 سنين يا دارين بتخطى غيابة فجأة يظهر تاني ويبقى معايا كل يوم.!
أمسكت دارين بيد شقيقتها وقالت بصوت هادئ ومتزن كأنها ليست الأخرى :
تمام اتعاملي معاه كأنه صديق عمل مش أكتر، ولو حاول يكلمك عن اللي فات، اسمعيلوا واسمعي تبريرة، وبعدين سيبي لقلبك الإختيار، لكن أقسم بالله لو رجعتيلوا هكسر رأسك.
+
أطلقت رفد قهقهة عالية وأومأت لها وكأن دارين الأكبر سنًا وليس هي، فأستقامت دارين من على الفراش وركضت إلى الخارج، قائلة بضحك:
متعيطيش بقى وشك بيكون وحش وأنتِ بتعيطي.
أجابتها رفد وهي تهرول خلفها بضحك:
يا كدابة.
+
في الأسفل، يوجد فتاة أخرى ذات بشرة ناصعة البياض وخصلات تميل إلى الصفار، وعينين بلون أزرق داكن، كانت ترتدي نظارات طبية، وأمامها جثة مشرحة، تعبث بها وكأنها شيء هين، غير مكترثة بمن حولها.
+
شعرت بصراخ شديد بجانبها، فنظرت بسرعة بفزع، فوجدت شقيقتها الكبرى دارين تصرخ بفزع:
يا مجنونة مش قولتلك 100 مرة متجبيش الجثث دي البيت.
+
نظرت الفتاة إليها ببرود تام، ثم عادت بأنظارها إلى الجثة وأجابت:
بابا وافق أنتِ ملكيش دعوة.
صرخت دارين بصوت عالٍ وهي تنادي بعصبية:
اللواء كمال أطلعليي.
+
خرج رجل ذو بدن رياضي وطويل، يشبه الفتاة صاحبة الجثث في ملامحها وعينيها، أبتسم وقال:
في أي يا دارين مالك؟
أقتربت دارين منه وهي تجحظ عينيها وتسأله:
مش قولتلك مليون مرة متخليهاش تجيب الحاجات دي في البيت؟
+
ضَمَّ كمال يديه إلى صدره وقال بسخرية:
ماشي وأنتِ متجبيش القماش الأسود والورق الكتير اللي بتعفني بيه البيت ده.
عادت دارين خطوات للخلف وقالت بهدوء متصنعة الأستعطاف:
لكن دول مش جثث يا بابا.
+
اقترب منها كمال بخبث وقال:
ما تحاوليش تتذاكي عليا يا حبيبت بابا، سيبي رزان تعمل إللي عاوزاه، وأعملي اللي أنتِ عاوزاه.
+
أطلقت رزان قهقهة عالية مليئة بالشماتة، ثم نظرت دارين إليها بغضب مزيف وقالت:
في يوم من الأيام هاخد جثثك دي وأرميها في الشارع.
+
أخرجت رزان عضوًا من داخل الجثة ورفعته أمام عين دارين قائلةً بتلاعب:
أي رأيك دارين عارفة ده أسموا أي؟!!!!
صرخت دارين بفزع وهي تحرك رأسها بعيدًا:
حسبى الله ونعم الوكيل، سيبي أعضاء الميت في حاله.
+
اقتربت رفد من والدها ودخلت في أحضانه بابتسامة سمجة وقالت:
دول مجانين يا بابا، متهتمش ليهم.
ضمها كمال إلى صدره بسخرية:
مفيش حد عاقل زيك يا حبيبتي، شبهي في كل حاجة.
+
كانت هذه العائلة السعيدة، على الرغم من اختلاف شخصيات كل فرد، إلا أن الحب والترابط كانا يملآن قلوبهم، ثلاث فتيات يعشقن والدهن الحنون، “كمال”.
_____________________________________________
+
بينما في مدينة أخرى وداخل منزل مختلف، كان زيدان يقف في غرفتة، ينظم ملابسة داخل حقيبتة، كان شارد الذهن، يتساءل عن ما سيحدث؟ هل سيبرر ماضيه لها أم ماذا؟ مازال يحبها، ويحب كل شيء يخصها، كان يفكر في الظهور أمامها قريبًا ليشرح كل شيء، عسى أن تعود الأمور كما كانت، ولكن هل ستوافق؟ أم أنها قد تخطت وجوده منذ زمن؟
+
هبط زيدان من غرفتة ليجد والده جالسًا على الأريكة أمام أكوام من أوراق العمل التي يعطيها كل اهتمامه، قال زيدان بسخرية:
مش عارف أمتى هتخلص من الورق ده، عينيك موجعتكش ؟
+
رفع الرجل الكبير في السن عينيه عن الأوراق وأجاب بلا مبالاة:
لو سيبت شغل الظباط ده وجيت تشتغل معايا كنا خلصناه من زمان
+
حرك زيدان رأسه بسرعة وقال بسخرية:
مستحيل أسيب شغلي، وأجي اقعد جنبك أبص في الورق الممل ده.
+
أبتسم إبراهيم من أسفل نظارته الطبية وقال:
“يبقى سيبني أبص في الورق براحتي لغايت ما أخلصوا لوحدي.”
+
أومأ زيدان برأسه وهو يرتدي حذاءه قائلاً:
ماشي يا أبراهيم، خليك كدا قاعد علطول تقرأ في الورق ده، ورايا شغل ومش عارف هرجع امتى، سلام .
غادر المنزل بتحدِ على أن يفوز بهذة القضية، وإنهاء أي خطر يهدد أستقرار وطنة العزيز وشعبة وكل شيء.
_____________________________________________
الحقائق مؤلمة، ولكن تختلف من شخص لآخر، أحدهم يحاول الهرب، والآخر يحاول التعايش، هل تعرفت على نفسك أنت أي منهم؟
+
كانا في سيارة واحدة، يجلسان جنبًا إلى جنب، لكنها لم تلقِ عليه أي نظرة، بل أدارت ظهرها له، منتظرة أن يصلا إلى المنطقة التي ستُقام بها فترة العمل، تحاول أن تتجاهله بقدر الإمكان، ولكن كيف يمكن ذلك وساكن القلب يجلس بجوارها؟
+
أما هو، فكان يراقبها تارة، والطريق تارة أخرى، وأحيانًا يعبث بهاتفه قليلًا، توقف السائق فجأة، ثم استدار لهما قائلًا بهدوء:
أنزلوا يلا لأني مش هعرف أخش معاكم الحارة، أنتوا السكان الجداد تبع الحاج سليمان تمام؟
نظر له زيدان مطولًا، ثم هبط أولًا، وبدأ في إنزال حقائب السفر التي تحتوي على كل ما سيحتاجانه خلال هذه الفترة، لحقت به،
غادر السائق، وتحركت بجانبه دون أن تنظر إليه حتى، كأن بينهما جدارًا غير مرئي، لكنه كان يشعر بها رغم كل شيء.
+
عند دخول الحارة يقف عدد من رجال ملثمين الوجهة، أوقفهم رجل قصير القامة، رفيع الجسد، يلف وشاحًا حول ملامحه، وسأل بصوت حاد:
أنتوا مين ؟
رد زيدان بصوت هادئ، لكن ثابت:
إحنا السكان الجداد تبع الحاج سليمان.
+
ضيّق الرجل عينيه، ينظر إليهما بريبة، ثم استفسر:
تقربوا أي لبعض؟
+
حرك زيدان عينيه نحوها، فالتقت نظراتهما لأول مرة منذ الصباح، للحظة، تاهت في عينيه، لكنه سرعان ما أعاد بصره للرجل وأجاب بصرامة:
دي مراتي، هوا فيه حاجة؟
+
خفق قلبها لا إراديًا عند سماع الكلمة، كأنها صدمة ناعمة تسللت إلى صدرها بترحاب، لم تنطق بحرف، فقط التزمت الصمت، تخشى أن يفضح صوتها ارتباكها.
+
تأملها الرجل للحظات، ثم قال بهدوء:
خلي مراتك تطلع البيت وتعالا أنت معايا.
زفر زيدان بهدوء، ثم تمتم:
تمام هطلع معاها الشنط وهنزلك.
+
أومأ الرجل موافقًا، ثم تنحّى جانبًا ليُفسح لهما الطريق، قبل أن يقف منتظرًا أسفل المنزل.
هبط بعد لحظات، ثم نظر للرجل قائلًا:
يلا بينا أتفضل.
+
تحركا عبر الحارة، حيث كانت النظرات تتبعهما، تملؤها الدهشة والتساؤل، جملة واحدة كانت تدور في عقول الجميع:
من هذا؟
+
رأى زيدان كيف أن الجميع هنا يعملون بجد، يتعاونون وكأنهم جزء من منظومة غير مرئية، وصل مع الرجل إلى محل كبير في منتصف الحارة، يحتوي على عدة سيارات كل سيارة يقف عليها شاب يعمل بها، كان محل ميكانيكي، ولكن كان مجلسًا لبعض الرجال الكبار، وقف زيدان خلف الرجل، فسمعه يقول بصوت ثابت:
جبتهولك، يا معلم معتز.
+
في منتصف المجلس، كان يجلس الشاب الذي يُدعى “معتز”، رغم صغر سنه، إلا أن الهيبة كانت تسبقه، جلوسه وسط كبار الحارة منحه حضورًا طاغيًا، يظهر على ملابسة ووجهة أثار العمل الجاد، حرك نظراته نحو زيدان، ثم قال بهدوء:
تعالا قدّم شوية.
+
تقدم زيدان بخطوات هادئة، يضم يديه إلى صدره، منتظرًا الحديث التالي.
_ أنت إللي تبع الحاج سليمان؟
أومأ زيدان برأسه، ثم تمتم:
أيوا أبن أخوه، جيت هنا مع مراتي.
+
وضع معتز لفافة التبغ بين شفتيه وسأل ببطء:
شغال أي ؟
+
حرك زيدان رأسه بيأس مصطنع، ثم قال بنبرة تحمل رجاءً مدروسًا:
مش شغال، طامع في كرمك تلاقيلي شغل عندك.
ضيّق معتز عينيه قليلًا، كأنه يدرسه، ثم قال:
ماشي هبعتلك بكرة راجل من الرجالة يقولك على الشغل إللي هتنزلوا، أتفضل أمشي.
أومأ له زيدان، ثم استدار للمغادرة، لكنه توقف فجأة وقال بصوت يحمل استعطافًا خفيفًا متصنع:
طمعان برضو إنكم تلاقوا لمراتي شغل بين الحريم.
+
قبل أن يجيب معتز، جاء صوت رخيم من أحد الرجال الجالسين، يحمل سخرية واضحة:
هوا الفقر ماسكك للدرجادي؟
رفع زيدان رأسه ببرود، ناظرًا إلى المتحدث، ثم أجاب بنبرة جامدة:
حاجة متخصكش.
+
ارتسمت على شفتي معتز ابتسامة جانبية، مزيج من الخبث والإعجاب، ثم أومأ له وسمح له بالمغادرة.
+
خرج زيدان من المحل، يتحرك في الحارة وعيناه تراقبان تفاصيل المكان، النساء، الأطفال، الرجال، كبار السن، وحتى الجنود المنتشرين عند المدخل وفي كل زاوية تقريبًا.
+
بخطوات سريعة، صعد إلى المنزل، وطرق الباب بهدوء. فتحت له رفد، ما زالت على حالتها كما تركها، لم تغيّر شيئًا في مظهرها، كان التوتر واضحًا على وجهها، فسألته بفضول سريع:
حصل أي؟
+
جلس زيدان على الأريكة، وأخبرها بكل ما جرى في الأسفل، أنصتت له بصمت، تستوعب كلماته، ثم تحركت إلى الغرفة المقابلة لها، وكأنها قررت أنها ستكون غرفتها من الآن.
+
ظل زيدان يراقبها وهي تختفي داخل الغرفة، وشعور ثقيل من الحزن يزحف إلى قلبه على ما آل إليه حالهما.
+
في الناحية الأخرى بعد ساعات، داخل مطعم هادئ، جلست تناظر من أمامها بإشفاق، تمسك كوب القهوة بين يديها بينما تصغي إليهما.
+
كانت ترتدي بلوزة مخططة بالأبيض والأسود ذات ياقة بسحاب، مع بنطال أسود واسع مرتفع الخصر، وحذاء بوت بكعب متوسط بلون أوف وايت، أما خصلاتها الناعمة، فقد عقدتها للأعلى، مما أضفى على ملامحها لمسة من الجدية والاحتراف.
+
أمامها، جلست امرأة مسنة، وإلى جانبها رجل يبدو في نفس عمرها، كانا يشرحان لها الأمر من البداية، يرجوان مساعدتها للدفاع عن ابنهما، كونها محامية.
+
تنهدت بهدوء قبل أن تقول بنبرة جادة، ولكن مشفقة:
موافقة أمسك القضية لأنه مظلوم، وهحاول بقدر المستطاع أخلي القضية تنجح ويخرج.
+
قبل أن تتلقى ردّهما، اخترق صوت عميق مسامعها من الخلف:
تمام والفلوس هتكون عليا.
+
عادت بأنظارها للخلف، لتجد أمامها رجلًا طويل القامة، يرتدي قميص بولو أسود ينساب على جسده بإتقان، مع بنطال جينز داكن يُبرز قامته المعتدلة.
+
نظرت إليه للحظات، كأنها تدرس ملامحه، قبل أن يتسلل إلى داخلها إعجاب غير منطوق.
قطع شرودها صوته وهو يمد يده نحوها قائلاً بنبرة محايدة:
معتز مصطفى الصناديلي، وأنتِ؟
+
مدّت يدها لتصافحه، بينما أجابت بثقة:
المحامية، دارين كمال.
ارتسمت على شفتيه ابتسامة جانبية، مزيج من الخبث والإدراك، قبل أن يردّ بصوت هادئ ولكن يحمل في طياته شيئًا غامضًا:
ومين ميعرفكيش؟
+
عقدت حاجبيها باستغراب، من أين يعرفها؟ لم تحب يومًا أن تذكر عمل والدها، كانت تفضّل أن تعيش حياتها بشكل طبيعي، دون أن يعاملها أحد كأميرة ومع ذلك، لم تظهر دهشتها، فقط ابتسمت بهدوء.
+
جلس أمامها دون استئذان، ثم قال بأمر واضح:
أرجعوا الحارة.
+
لم تعلّق، فقط نظرت إليه بترقب، قبل أن تلاحظ المرأة والرجل ينهضان من مقعديهما، ثم يغادران المكان بصمت، كأنهما كانا بانتظار هذا الأمر.
+
____________________________________________
+
كانت تجلس في النادي الذي تتردّد عليه دائمًا، تقرأ في كتابها المفضل بلا ملل، كانت تقرأ بشغف كبير في كتاب “متصلب: الحياة الغربية للجثث البشرية” للكاتبة “ماري روتش”، لم يكن أحد يجرؤ على الاقتراب منها، بسبب تكبرها وتعاليها على الجميع.
+
لكن قطع جلستها صوت اخترق أذنها وهو يسأل:
هل يمكن لي الجلوس؟
+
رفعت عينيها لتجد شابًا طويل القامة، بملامح غريبة، وعينين بلون أسود قاتم، كانت نظرته قوية وغامضة، تشعر وكأنها تخترق عقلها مباشرة، توترت قليلًا، لكنها تماسكت وأجابت ببرود:
أتفضل.
+
جلس أمامها بهدوء وقال بصوت رخيم، يحمل نبرة واثقة:
إليان… اسمي إليان علمت أنكِ تمتلكين مكتبة ضخمة مليئة بكل الكتب التي قد تخطر على بال الإنسان، أحتاج مساعدتك في العثور على كتاب مهم جدًا.
+
ابتسمت بهدوء وإستغراب من طريقة حديثة للغة العربية الفصحىٰ، لكنها تجاهلت وسألته بفضول ينبع من عيناها:
أسم الكتاب أي؟
نظر إليها نظرة ثابتة وقال بوضوح:
مفاتيح الزمان.
ضيّقت عينيها باستغراب وهي تسأله:
بتحب الخيال؟
أجابها بصوت هادئ لكنه يحمل نوعًا من التحذير:
نعم، لكن هذا ليس خيالًا… وأريد هذا الكتاب بأي ثمن.
+
حركت كتفيها بلا اكتراث، ثم عادت تنظر إلى كتابها بتجاهل قائلة ببرود:
كان عندي والله، لكن أتباع.
في لحظة، تحرك بسرعة هائلة، واستند على الطاولة بينهما، اقترب منها أكثر من اللازم، صوته كان مليئًا بالإلحاح:
لا يوجد أحد غيرك يمكنه مساعدتي، أين يمكنني إيجاده؟
+
شعرت بقلق من اقترابه، فتراجعت قليلًا، نظرت إليه بضيق وقالت بحدة:
قولتلك معرفش ومش عندي، أنت مبتفهمش ؟
لكن إليان لم يتراجع، بل ألقى كلماتها جانبًا وكأنها لم تُقال. نظر إليها بعينيه القاتمتين وقال ببطء:
إن لم أجد الكتاب خلال شهرين وثلاثة أيام… كل شيء سينهار.
+
تجمدت لوهلة، ثم ضحكت بسخرية:
سينهار؟ أنت بتتكلم عن أي، هوا أنت مجنون ؟
لم يتأثر بسخريتها، بل استمر في التحديق فيها بنفس الهدوء المريب:
إن كنتِ تظنين أنني أعبث، فأنتِ مخطئة، أنتِ أكثر شخص يفترض به أن يفهم خطورة الأمر.
+
رفعت حاجبها، وعادت تسند ظهرها للخلف بملل:
وأشمعنا أنا بقى؟
ابتسم ابتسامة خفيفة، لكنها لم تكن مريحة أبدًا، بل بدت مرعبة، مال قليلًا للأمام، وهمس بصوت جعل الدم يتجمد في عروقها:
لأنكِ لستِ فقط ابنة اللواء كمال البرغولي، بل لأنكِ أيضًا الابنة التي كان يجب أن تموت قبل عشر سنوات.
+
اتسعت عيناها بصدمة، شعرت كأن الهواء سُحب من المكان للحظة، قلبها خفق بقوة، لكنها لم تظهر ذلك، بل حاولت التظاهر بالثبات وهي تقول بصوت شبه متحشرج:
أنت بتقول أي يا مجنون أنت؟
+
تابع بنفس البرود، كأن الأمر لا يعنيه:
حادث السيارة… أنتِ تعلمين أن النجاة لم تكن خيارًا مطروحًا لكِ، بل كان يجب موتك، ومع ذلك خرجتِ منه بلا خدش تقريبًا، هل فكرتِ يومًا كيف حدث ذلك؟
+
ازدردت ريقها بصعوبة، كلمات والدها عادت تطرق عقلها… ‘كان الأمر معجزة، يا رزان.’ لكن هذا الغريب أمامها لم يبدو مقتنعًا بالمعجزات.
رفعت يدها إلى الطاولة، ووضعتها عليها لتثبّت نفسها، ثم نظرت إليه بحدة:
أنت إيه إللي بتقولوا ده، وأنت مين أصلا؟
+
أمال رأسه قليلًا، وابتسم بهدوء مرعب:
ليس مهمًا أن تعرفي الآن… الأهم أن تساعديني في إيجاد الكتاب، وإن لم تفهمي خطورة الوضع حتى الآن، وإن لم تريدي فـستموتي لا محال لذلك لديك وقت للتفكير بالأمر.
+
أنهى حديثة وأستقام مغادرًا المكان في لمح البصر كأنه لم يكن من البداية، شعرت بـرهبة وتوهان وهي تنظر في أثرة بأستغراب وكأنها لا تشعر بالعالم من حولها فقط كلماته تتردّ في اذنها..
+
جاء الليل بسرعة هائلة، وكأن النهار لم يكن موجودًا من الأساس، الأضواء كانت خافتة تمامًا، ولم يكن هناك سوى ضوء النجوم يمنح السماء بريقًا خاصًا.
+
خرجت من غرفتها متجهة إلى المرحاض، لكنها توقفت فجأة عندما لمحته واقفًا في الشرفة، كان شاردًا تمامًا، يضع بين شفتيه لفافة تبغ، وعيناه غارقتان في السواد العميق للسماء، بدا وكأنه منفصل عن هذا العالم.
+
تحركت نحوه بهدوء، ووقفت بجانبه دون أن تنظر إليه، ثم قالت بصوت خافت، لكنه محمّل بالضيق:
لسة بتشرب القرف ده؟
لم يلتفت إليها، بل رمى السيجارة بعيدًا، وأسند يده إلى السور، وهو يحدّق في السماء قائلاً بصوت منخفض، لكنه ثابت:
لسة بشربها، ومش هعرف أبطلها للأسف.
+
استدارت له، وأعطته وجهها، ثم سألته بابتسامة باردة، تخفي تحتها الكثير:
كمان موقفتش تكبير عضلاتك؟ بقيت عامل زي الوحش.
أدار وجهه ناحيتها أخيرًا، ونظر إليها نظرة جامدة قبل أن يجيب بلا مبالاة:
في يوم من الأيام، قالتلي بنت حلوة إنها بتحب العضلات الضخمة، ولغاية دلوقتي، مقالتليش أوقف تكبيرها، تقريبًا لسة معجبهاش الوضع وعاوزة أكبر من كدة.
+
ابتسمت بسخرية، وضمت يديها إلى صدرها وهي تردف بتهكم:
وهوا أنت كنت جنبها عشان تستنى منها تقولك دة؟
+
لم يرد، بل عاد ينظر إلى السماء، وكأنها تخبره بشيء لا يفهمه، فعلت مثله، لكنها لم تستطع الصمت طويلًا، بصوت خافت، امتزجت فيه نبرة الحزن مع شيء من العتاب، قالت:
دارين قالتلي أني أعاملك كصديق عمل… لكن فيه صوت في رأسي مش بيوقف أسئلة… لية مشيت وسبتني؟ أنت بطلت تحبني ؟
+
أطلق تنهيدة مسموعة، وكأنها أخرجت جزءًا منه، ثم قال بصوت خافت، لكنه محمّل بالصدق:
لسة قلبي موقفش عن النبض، فإزاي حبي هيوقف؟
+
ارتعش قلبها قليلًا، لكنها قاومت الأمل الذي كاد أن يولد من كلماته، وسألته بنبرة راجية، وكأنها تستجديه ليجيبها بصدق كامل هذه المرة:
لية مشيت طيب؟
+
نظر إليها نظرة عابثة، ثم ابتسم بسخرية، وقال:
دارين هتكسر جمجمتك لو عرفت حاجة.
لكنها لم تهتم لسخريتة، بل نظرت إليه نظرة تحمل كل سنوات العتاب منتظرة أجابة تريح فؤادها، اخترق صوته إذنها وهو يردف:
كنت عاوز أكون لوحدي.
قالت بصوت خافت، لكنه مشحون بالغضب المكبوت وعيناها تنبع بالضيق:
لمدة 3 سنين؟!
+
ظل صامتًا لوهلة، ثم همس، وكأن كلماته ليست موجهة لها، بل لنفسه:
أنتِ عارفة أني لغاية دلوقتي مش قادر اصدق موت أمي؟
تلاشت حدة نظراتها، وحلّت محلها نظرة حزينة، كأنها عادت للحظة الأولى التي فقد فيها والدته، اللحظة التي غيّرته للأبد، قالت بقلة حيلة:
حاولت أكون جنبك بس أنت رفضت!.
ضحك بسخرية مريرة، وكأن الضحكة كانت أثقل من أن تخرج بسهولة، ثم سأل وهو يحاول التحكم في أنفاسه المتضاربة:
قبل كدة أتعرضتي لحقيقة توجع؟
+
شعرت بوخزة في قلبها، لكنها أجابته بحزم، رغم تجمع الدموع في عينيها:
اكتشفت حقيقتك إللي توجع… اكتشفت أنك محبتنيش في يوم من الأيام.
قهقه بسخرية لاذعة، لكن صوته كان يحمل غصّة حاول أن يخفيها، وقال بصوت متحشرج، لكنه مغطى بالقوة الظاهرة:
وأنا اكتشفت حقيقتي الأساسية… عرفت مين أنا .
+
نظرت إليه باستغراب، حاجباها تقوّسا قليلاً، ثم سألته بنبرة حذرة:
مش فاهمة تقصد أي؟
استدار إليها هذه المرة، وكأن كل هذا الوقت كان يحاول أن يجمع الشجاعة ليقول ما هو على وشك أن يقوله، نظر إلى عينيها الحنونتين، وابتسم ابتسامة مؤلمة، منكسرة، لم يرها أحد منه من قبل غيرها، عيناه كانتا تقسمان بألا تذرفا دمعة واحدة، بصوت ثابت، لكنه مشبع بالخذلان، قال:
عرفت أني ابن حرام… لقيط… أتحطيت في شنطة زبالة، عرفت أن الملجأ هو بيتي الحقيقي، وأن إللي كانوا أهلي، طلعوا مش أهلي، مجرد تبني لـطفل صغير منغير أهل..
+
كان بإمكانها أن تقول أي شيء… أي شيء على الإطلاق، لكنها لم تستطع، شعرت وكأن صوتها قد اختفى معها، كما اختفى صوته حين نطق بالحقيقة للمرة الأولى لأحد ما.
+
_____________________________________________
+
أي رأيكم يا حبايبي ؟
رأيكم مهم في التغييرات إللي حصلت على الرواية ♡♡..
+


