رواية يوم فرحتي هو يوم حزني الفصل الثاني عشر 12 بقلم وفاء الدرع – تحميل الرواية pdf

رواية يوم فرحتي هو يوم حزني الفصل الثاني عشر 12 بقلم وفاء الدرع
سليم: “لو أنا مش فاقد الذاكرة… يبقى معاملتي ليكي دلوقتي هي نفس اللي كانت قبل كده؟”
اتحبست أنفاسي… وافتكرت كل اللي فات، كل الجروح، وكل الدموع… رفعت عيني عليه وقلت بصراحة:
أنا: “لا… معاملتك زمان كانت صعبة… كنت رافض أي كلمة مني، وكنا زي الأخوات… لكن دلوقتي؟ فرق كبير بين قبل وبعد… دلوقتي أنت أحسن… بكتير.”
سكت لحظة… كإن عقله بيحارب حاجة جواه… وبعدها قال:
“يبقى أنا فعلًا… مش فاكر حاجة.”
الكلمة دي جرحت قلبي من غير ما يقصد… حسّيت إني واقفة بين زمان وجديد… بين حقيقة وذكريات ضايعة… فبصوت مكسور قلت:
“أنا آسفة… بس إحساسي عمره ما كذب عليّا.”
وهنا… فجأة… مد إيده وحضني… حضن دافي… حضن رجّع الأمان لجسمي كله…
وقال عند ودني بصوت واطي:
“إنتِ… نور عيني.”
بصيت له وأنا ببتسم غصب عني… وقلبي بيرقص… وقلت:
“عارف… كلمة بابا دي كانت دايمًا ليا… يمكن عشان كده بفرح لما بسمعها… كانت أجمل كلمة… وأجمل يوم في حياتي…”
كانت الليلة مختلفة… مزيج بين الخجل والفرح والدنيا اللي فتحت باب جديد… باب اسمه “حياة”.
فتحت عيني على نظرة مش ممكن تتنسي… كان بيتأملني بهدوء، ابتسامة صغيرة على شفايفه وقال:
“صباحية مباركة يا عروسة.”
اتلخبط قلبي… دي أول مرة أنطقها من قلبي:
“الله يبارك فيك… يا حبيب قلبي.”
ولما قلتها… حسّيت الدنيا زغردت جوايا.
“إييه!! 11؟! جدي هيقول إيه؟ ليه ما صحّيتنيش؟!”
“إحنا نايمين وشّ الصبح يا عروسة.”
وفجأة… خبطة على الباب.
“الفطار يا سليم بيه.”
فتح الباب… لقى الصينيّة قدّامه… والفطير والعسل والقشطة… وورقة صغيرة مكتوب فيها:
“صباحية مباركة عليكم يا أعز الحبايب.”
احمرّ وشي… وهو ضحك وقال:
“جدي حاسس بكل حاجة.”
قعدنا نفطر… وهو كان يلقّمني بإيده… وأنا قلبي بيترعش من الفرحة والخجل…
وبعد الظهر… صلينا ونزلنا…
كلهم قاعدين… وجدي قام، وقف بينا، حط إيده على كتفي، وقال بنبرة مليانة دعاء:
“ربنا يسعدكم… ويشيل عوضكم يا رب… ألف مليون مبروك يا ولاد.”
“الله يبارك في حضرتك يا جدي.”
بعدها فجأة قال بحماس طفل:
“إحنا هنخرج نتفسّح! والنهاردة هاكلكم سمك!”
ضحكنا كلنا… وخرجنا.
الهوى كان عليل… المناظر تحفة… تاريخ، تماثيل، جلالة… وسليم ماسك إيدي كإنه ماسك عمره… وكان بينا لحظات صمت… مش صمت برود… لكن صمت حب.
دخلنا مطعم كبير… طلب جدي كل أنواع السمك… ضحك، ولمة، وحياة.
وكان أجمل شيء… وجود سليم جنبي… مش مجرد زوج… لكن روح تكمّلني.
رجعنا الفيلا بعد المغرب… والدنيا كانت هادية… هدوء غريب… لدرجة إن الهوى نفسه كان بيمشي على أطراف صوابعه…
وأول ما وصلنا… لقينا عربية سوداء واقفة قدام الفيلا… إزازها مسود… ومافيش حد ظاهر جواها.
جدي وقف مكانه… وصوته اتغير:
“إيه العربية دي؟! وجريت ليه كده؟!”
العربية اتحركت فجأة… بسرعة غريبة… كإنها كانت مترصدة… وخرجت من البوابة كأنها هاربة من حاجة!
سليم مسك إيدي… إيده كانت ساعة… وصوته فيه قلق لأول مرة:
“حد كان بيراقبنا.”
جدي بص للبوابة… ووشه شاحب… وقال بكلمة واحدة:
“الموضوع… ما خلصش.”
وانا… حسيت إني واقفة على باب خوف جديد…
اليوم اللي بدأ بفرح… لسه ما بيّن نهايته.
يا ترى… مين صاحب العربية السودا اللي كان بيراقبهم؟!
وليه ظهرت بالضبط يوم الفرح؟!
هل كان جاي يبارك… ولا ينتقم؟!
رجعنا من الفسحة فرحانين، الضحكة لسه معلّقة على وشّي، وإيدي في إيد سليم، والقلب مطمّن بطريقة عمري ما حسّيتها. حسيت إن الدنيا أخيرًا بتديني حاجة حلوة تستاهل كل اللي عدّيته.
لكن… ساعات الفرح ساعات بتبقى مجرّد هدنة قبل العاصفة.
وصلنا بوّابة الفيلا، والدنيا كانت هادية بشكل مش طبيعي… نور الحديقة خافت، والهواء واقف كأنه بيتفرّج على اللي هيحصل.
جدي مشي قدام بخطوات تقيلة، قال وهو بيحاول يخفّي قلقه:
“افتحي الباب يا سليم… شكلكم تعبتوا.”
بس قبل ما سليم يمد إيده للمفتاح…
عربية سودا كانت واقفة على جنب السور، كأنها ظهرت من العدم.
إزاز فاميه، العربية نظيفة جدًا، من النوع اللي يخوّف مش ينبهر.
سليم وقف فجأة، ويده وقفت في الهوا.
بص للعربية بحدة… ووشه اتبدّل.
مش بس قلق… ده كان خوف متخفي وراه سر.
قلت بخضة:
“سليم؟ مالك؟ عربية مين دي؟”
رد بصوت واطي ثابت بس جواه عاصفة:
“دي مش عربية حد عادي.”
جدي زق الباب بالعصاية وقال بصوت مرعوب لأول مرة أسمعه منه:
“مين اللي ييجي هنا من غير ما يستأذن؟!”
ولا كلمة…
ولا حركة…
ثانية ورا الثانية بقت تقيلة زي سنين.
فجأة…
باب العربية اتفتح لوحده.
من غير صوت تقريبًا.
وكأن حد كان مستنّانا.
نزل راجل طويل، لابس بدلة سودا مضبوطة، وشعره متسَرّح وواقف كأنه مصنوع مش بشري.
نظّارة سودا، إيده ماسكة شنطة جلد قديمة، ووشّه مفيهوش تعبير… ولا حتى طرف خوف.
مشي ناحية جدي بخطوات ثابتة…
ما بصش ليا… ولا لسليم…
كأنه عارف هو جاي لمين بالظبط.
وقف قدامه وقال بصوت هادي لكن مريب:
“المعاد جه.”
جدي حاول يرفع راسه، لكن صوته انكسر:
“إنت… لسه عايش؟!”
الجملة دي لوحدها خلت قلبي يقع.
إزاي؟ مين؟ ليه؟
يعني بينهم تاريخ؟ بينهما ماضي؟!
الراجل مدّ الظرف البني لجدي وقال:
“ده آخر إنذار.”
سليم خطفه بسرعة، وكأنه كان مستني اللحظة دي من زمان.
فتح الظرف…
طلع مجموعة أوراق مختومة بأختام رسمية.
صور. تواريخ. أرقام. أسماء.
وش سليم قلب من لون الحياة للرمادي.
شفته بيرتعش… مش من صدمة، لا… من رعب.
قلت بخوف:
“في إيه؟! سليم اتكلم!”
ما ردش.
اتنفس نفس عميق… وغمض عينه لحظة طويلة.
ولما فتحها… كانت مليانة نظرة ما عرفتهاش.
مسك إيدي وقال بصوت متقطع:
“إحنا… اتخدعنا.”
قلت:
“اتخدعنا في مين؟!”
بص لجدي مباشرة وقال جملة كسرت الجو كله:
“حضرتك كنت مخبّي علينا الحقيقة؟!”
جدي عضّ شفايفه، ودمعة صغيرة ظهرت في عينه.
أنا اتجمدت.
عمري ما شفت دموع جدي.
الراجل دخل كلامه فجأة وقال:
“الاتفاق لازم يتنفّذ فورًا… وإلا النتايج هتكون نهائية.”
سليم اتقدّم خطوة وقال بصوت عالي لأول مرة:
“أنا مش هنفذ حاجة قبل ما أعرف الحقيقة كاملة!”
الراجل بصله بنظرة باردة وقال:
“الحقيقة؟ الحقيقة بدأت من 20 سنة… قبل حتى ما تتولد.”
20 سنة؟!
قبل ولادته؟
إزاي؟! ومين فيهم الضحية؟ ومين الجاني؟!
جدي وقع على الكرسي الحديد اللي جنب الباب.
يده ارتعشت.
عصايته وقعت على الأرض.
قال بصوت مكسور:
“أنا ماكانش قصدي… أقسم بالله ماكان قصدي.”
سليم صرخ:
“قصدي إيه؟! عملت إيه؟!”
الراجل فتح الشنطة الجلد… وطلّع منها ملف كبير جدًا، عليه نفس الختم اللي كان على الأوراق.
حطه قدام سليم وقال:
“ده مش مجرد ورق… ده أصل الحكاية.”
سليم ما لمسش الملف.
اتراجع خطوة.
قال بصوت مرعوب:
“ده مش ممكن… أنت عايز تقول إن—”
قبل ما يكمل…
صوت طلقة نار دوّى في المكان!
صرخت من شدّة الصوت.
جدي وقع على جنبه.
الراجل لف بسرعة.
سليم جراني لورا.
الدنيا بقت صريخ… ودخان… وخوف.
الملف وقع على الأرض… وتفتح.
ورقة واحدة اتقلّبت ناحية وشّي…
وكان عليها اسم…
اسم خلاني أصرخ:
اسم يخصّ شخص… كنت فاكرة إنه خرج من حياتي للأبد.
اسم… لو طلع صحيح، يبقى حياتي كلها كانت كذبة.
━━━━━━━━━━━━━━━
يا ترى… مين اللي ضرب النار؟!
وإيه سر الاسم اللي كان في الملف؟!
وهل لسليم علاقة بالماضي اللي محدش كان يعرفه؟!
ولو اتكشفت الحقيقة…
هل الزواج ده هيكمّل؟ ولا هيتهدّ قبل ما يبدأ؟
،،، يتبع ،،،
الثالث عشر من هنا



