رواية انت وحدك الامل الفصل الرابع 4 بقلم ملك عبدالله – تحميل الرواية pdf

رواية انت وحدك الامل الفصل الرابع 4 بقلم ملك عبدالله
روحني يا سليم!! والله لأنط من العربية رجّعني بيتي دلوقتي!
_أنت مش فاهم من إمتى بتفهم أصلاً؟! عايش بس تدي أوامر وخلاص، غير كده دورك فين؟ حتى البيت… البيت ده بكرة مش عايزاه هو كمان، لكنه أرحم’ أرحم بكتير من هناك.
وقف العربية بصدمة، كلامها خبطه في مكان موجع جواه، والشك بدأ يزحف لقلبه لأول مرة بجد حاول يهدّى نفسه قبل ما يتكلم لكن غصب عنه صوته خرج بعصبية:
_ يعني إيه؟ إيه اللي بيحصل هناك يا روح؟ مخبّية عني إيه؟
_ أنا تعبانة عايزة أروح.
اتنهد بتعب، باين عليها الإرهاق لدرجة توجع، لكنه برضه كان محتاج يفهم محتاج يعرف.
_ عايزة تروحي فين؟
بصّت له بأمل متخوف أمل صغير إنها تجرب شعور الراحة ولو لمرة واحدة، تحس إنها في مكان مش مضطرة تخاف فيه.
_ لا لبيت أهلك ولا لبيت أهلي.
عايزة أروح مكان محدش فيه ينفع؟
سكت ثواني، وعيونه عليها
أحيانًا يكون الأمل بين أيدينا ونحن لا نراه؛ يظهر لنا من الخارج لكنه يظل مختفيًا في الداخل.
نحتاج أن نبحث عنه، أن نقترب منه، أن نحاول الوصول إليه.
فالأمل وحده نجاة وإذا تحقّق، صار بركة تُهدى لنا.
مكان جديد، ناس مختلفة، شوارع أول مرة تشوفها، وحياة تحمل دفئًا وحنانًا كان واضحين من اللحظة اللي دخلت فيها البيت.
سافروا لبيت سليم في محافظة تانية، وقلب روح كان بيرفرف من الفرحة؛ يكفيها بس تعيش أسبوع واحد من غير إهانة، ولا تعب، ولا ضرب فقط طمأنينة.
وجود سليم بدأ فعلاً يكون أمل لو كانت قابلته من الأول يمكن كان حالها اتغيّر هو بطبعه حنون، لكنها ما قدرتش تمنع نفسها من التفكير إن حنانه لو اتوجّه ليها هي، كان هيكفيها ويدفيها لعمر كامل.
_ إيه رأيك؟ عجبك البيت؟
ردّت باندهاش صادق:
_ جدًا جدًا… تحفة الله يبارك المكان هنا فيه راحة غريبة مليان دفء وحنان يا ريت أفضل فيه طول عمري.
ابتسم وهو يقول بهدوء:
_ فين المشكلة؟ افضلي هنا طول عمرك ده بيتك أصلاً.
_ مصدومة ليه؟ البيت مكتوب باسمك من أول يوم جوازنا ولو عايزة تعيشي هنا مفيش أي مشكلة.
ترددت بس القلق ظهر في صوتها:
_ وهناك أمّك هترضى؟ أكيد لأ.
بصّ لها باستغراب تام وقال:
_ أمي مالها ترضى ولا لاء؟ بعدين أنتِ مراتي الطبيعي تبقي معايا في المكان اللي أنا موجود فيه شغلي هنا ولازم أكون متواجد ولا أنتِ شايفة إيه؟
_ مبسوطة، أنا مبسوطة… وده كفاية.
قالتها بصدق تام ماكانش فارق معاها البيت يبقى باسم مين، المهم إنها هتبعد تبعد عنهم كلهم، عن الأذى اللي كسّرها يوم ورا يوم.
لكنها ما لاحظتش نظرات سليم، النظرات اللي كانت مليانة حب ووله صريح هو نفسه اعترف بينه وبين نفسه إنها بقت نقطة ضعفه بقت حبيبته.
من يوم ما شافها وهي بتقع قدّامه وقلبه اتخض عليها، عرف إنه اتعلّق بيها وإنه لو الزمن رجع بيه كان يتمنى تكون زوجته من الأول، قبل أخوه واثق إنه لو كان شافها وقتها كان وقع في حبها من أول لحظة
تحسّر… ياريته كان نصيبها من البداية، ياريته كان أول قلب تحبه.
وفجأة سأل نفسه يا ترى كانت بتحب أخوه؟ كانت بتحس معاه بنفس الإحساس اللي هي محركاه جواه دلوقتي؟
استغفر الله وقطع خياله قبل ما يوجّع نفسه بأفكار ملهاش لازمة.
راح سألها بصوت هادئ وهو متابع كل حركة منها وهي بتتجول في البيت:
_ها… مش ناوية تقوليلي كان بيحصل إيه في غيابي؟
أو حتى من أول ما اتجوزتي عدنان؟
كنتي عارفة إنه تاجر مخدرات وغسيل أموال؟
جسمها اتصلّب، كأنه بيفتح جروح لسه جديدة كل ملامح الخوف رجعت لها، الارتعاش الواضح، النفس المتسارع
مقدرتش تتكلم مش وقته، ومش قادرة تفتكر.
لكن المرة دي كانت عايزة تحكي عايزة تقول وتشكي مش فارق معاها النتائج، خلاص كفاية عليها ذُل وسكوت.
ردّت بحسرة، وكأن كل اللي فات بيرجع يتعاد قدامها بشكل جديد:
سكت لحظة، نبرة صوته بين الغضب والصدمة:
_وليه وافقتِ؟ إزاي تضيّعي حياتِك مع واحد زيه؟
رفعت عينيها ليه بنظرة موجوعة:
_أبويا… أبويا هو كمان كده تفتكر كان هيكون في إيدي الرفض؟ ولا المـ/وت هو البديل؟
_ أنت قدرت تطلع من كل ده يا سليم قدرت تبقى نفسك وتستقل وتبعد حتى لو اتجرحت، كنت عارف تهرب.
أنا؟ لاء… أنا بنت، ولو عملت خطوة واحدة غلط كانوا هيقتلـ/وني.
تفتكر ليه كنت بهرب؟
من وأنا طفلة، وأنا فاهمة إن البيت اللي عايشة فيه مش بيت… ده سجن.
فاهمة إن عيلتي بتدمر الناس بـ/دم بارد.
بيسرقوا مستقبل شباب، في منهم اللي انتـ/حر، وفي اللي ضاع عمره…
وبيسرقوا قوت ناس غلابة من غير ما يهتز لهم رمش.
وأنا كنت شاهدة على ده كله شاهدة وصغيرة ومجبورة أسكت.
كنت كل يوم أبص في عيونهم ومش شايفة غير قسوة
ولا مرة شفت حد فيهم يندم ولا مرة شفت إنسانية.
رفضت ده قلبي نفسه كان بيرفض
كرهتهم، وكنت عايزة أهرب بأي طريقة.
وحاولت
والله حاولت كتير.
عشر مرات يمكن… يمكن أكتر.
بس كل مرة كانوا يمسكوني، وكل مرة العذاب بيزيد.
كانوا بيعاقبوني على كل محاولة
عذاب جسـ/دي
وعذاب نفسي أصعب.
كانوا يخوفوني يكسروني
يخلوني أصدق إن ماليش قيمة، وإن الهروب جريمة، وإن حياتي مش ملكي.
وعشان كده بيكرهوني.
لأنّي الوحيدة اللي ما صدقتش كذبهم.
ما رضيتش أكون شبههم.
ما سكتش.
ومش فارق معاهم أعيش ولا أمـ/وت
لأنهم أصلاً كانوا بيموتوني كل يوم ببطء.
كل يوم كنت بصحى على خـ/وف وأنام على خـ/وف أكبر.
وكل يوم جزء مني كان بيتسحب’ يختفي’ يتكسر.
حياتي اتدمّرت على إيدهم
وأنا ولا مرة قدرت أختار مصيري.
الصدمة كانت مرسومة بوضوح على ملامح سليم، ذهول كامل من كل كلمة قالتها هل في حد ممكن يعيش بالشكل ده؟ هو آه أهله كانوا كده، لكنه اختار يبعد، خرج من دايرة السواد دي بإرادته وبسهولة أما هي كان مكتوب عليها تكمّل حياتها في قهر لمجرد إن مفيش في إيدها حل!
_ اتحملتي إزاي؟ كملتي إزاي؟
ردّت بصوت مكسور:
_ كملت وأنا مستنية أمـل… أمـل واحد بس.
ولما جه الأمـل إني أخرج من العيلة دي
لقيت نفسي بخوض نفس الحـ/رب من تاني.
ضيّق سليم عينه بشك، خوف داخلي بيحاول يخبيه. احتمال بسيط—ولو بنسبة ضئيلة—إن أهله ليهم يد في كل اللي حصل احتمال لو طلع صح هيهدّ كل حاجة جواه.
ابتسمت بس ابتسامة كلها وجع، ابتسامة بتفوق الخوف ألف مرة.
_ عايز فعلًا تعرف يا سليم بيه؟
أهلك كانوا السبب التاني في عـ/ذابي بعد أهلي٠
أخوك، أمك، أخواتك كلهم كانوا قاسين عليّا، قسوة ما يتحملها بشر.
أخـوك… أخوك بالذات كان أبشـع إنسان ممكن تتخيليه.
دمرني نفسيًا، و… قربت خطوتين منه وغرّزت عينها في عينه وهي تكمل بصوت مكسور:
وجسديًا كمان أنا اتهنت بشكل بشـع، كل يوم ضرب، وكل يوم إهانة وذُل، كل يوم وجع جديد ولا يوم حسّيت فيه براحة، ولا حتى ثانية.
أخـوك كان مريض… مريض بجد، كان بيطلّع مرضه ونقصه عليّا.
وأنا؟
كنت ساكتة… ساكتة غصب عني.
لو اتكلمت؟
هـ/دبح.
مش منه لا، تؤ تؤ… من أهلي، من أبـويا اللي كان مستعد يدفـ/ني بإيده لو عرف إني فتحت بقي.
يعني كان لازم أتحمل أبلع لساني وأوجاعي وأعيش كل يوم خايفة أموت.
وابنـي
ابني اللي اتهمتوني إني قتلـته
ابني اتقـ/تل بسبب أخوك وأمك!
عارف ليه؟
عشان خرجت، بس خرجت شوية خرجت أشتري كيس بسكوت.
كنت جعانة مكنتش بلاقي أكل، كنت بدوّر على أي حاجة تسد نفسي
لكن هما؟
هما ما كانوش عايزين يسيبوني أهدى ولا دقيقة.
كانوا بيعذبوني بكل طريقة المهم إني أتوجع، المهم أشوف الألم قدام عيني.
ولما رجعت
أمك هجمت عليّا ضرب، وكأنها بتفرّغ سنين غضبها في جسمي.
وأخوك
أخوك ضـربني برجله في بطني
ضربة… ضربة واحدة كانت كفيلة إنها تسقطني.
وفي الآخر؟
اتهموني
اتهموني أنا إني قتـ/لت ابني.
ابني الوحيد اللي كان لسه فيه أمل
اللي كنت مستنياه بقلبي كله كنت هربية صح، كنت هبعده عن كل ده، كنت هدي له حياة ما دوقتهاش
لكن ملحقتش.
ملحقتش أفرح بيه
ولا حتى أشمه
أخدوّه مني
زي ما أخدوا كل حاجة.
وأنـتَ…
يتبع…
الخامس من هنا


