مكتملة – رواية المعشوقة (رانجهانا) – أفلام سكس مصري محارم جديد

الفصل الأول: لقاء على ضفاف الغنجيس
المكان: بنارس، الهند
بنارس، المدينة التي تتنفس الأبدية، كانت تنبض بنهر الغنجيس كقلب يحمل أسرار الزمن. في الصباح الباكر، كانت السماء ممتدة كلوحة من الأزرق الناعم، ممزوجة بخيوط البرتقالي الناري لغروب الشمس الذي لم يأتِ بعد. الشوارع الضيقة للحي القديم، المرصوفة بحجارة متآكلة من خطى الحجاج، كانت تعج بروائح البخور الذي يتصاعد من المعابد الصغيرة، ممزوجًا برائحة التوابل الحارة من أكشاك السوق، ورذاذ الملح من النهر الذي يجري كشريان حياة. أصوات الأجراس كانت ترن في المعابد، تختلط مع الأذان المنبعث من المساجد القريبة، في تناغم غريب يعكس روح بنارس – مدينة لا تعرف الفصل بين المقدس والدنيوي.
في هذا العالم، عاش كوندان شانكار، ابن براهمين تاميلي في الثالثة عشرة من عمره، فتى نحيل كغصن شجرة مانغو، بشرته بلون القمح المحروق تحت شمس بنارس القاسية. كانت عيناه واسعتان، تلمعان بحماس الشباب وفضول لا نهائي، كأنما يحاولان امتصاص كل ما تقدمه المدينة. والده، شانكار، كان كاهنًا في معبد صغير على ضفاف الغنجيس، يرتدي دائمًا دشداشة بيضاء متسخة برذاذ النهر، ويقضي أيامه في أداء الطقوس للحجاج الذين يأتون طلبًا للمغفرة أو الأمل. كوندان، الذي ورث من والده قلبًا متدينًا لكنه مضطرب، كان يقضي أيامه بين المعبد والشوارع، يركض حاملًا أطباق النذور أو يلعب مع أصدقائه بين الغاتات – تلك السلالم الحجرية التي تنحدر إلى النهر كأنها مدعوة لاحتضانه.
في صباح أحد الأيام، بينما كان كوندان يركض في زقاق ضيق، حاملًا سلة من زهور الياسمين للمعبد، اصطدم بشيء – أو بالأحرى، بشخص. كانت زويا، فتاة في الثانية عشرة، ابنة أستاذ جامعي انتقل حديثًا إلى بنارس. كانت ترتدي فستانًا أزرق بسيطًا، يتمايل مع خطواتها كورقة شجرة على سطح النهر. شعرها الأسود الطويل كان متمردًا، خصلاته تتطاير مع الريح، وعيناها – يا إلهي، عيناها – كانتا داكنتين كالنهر في الليل، تحملان بريقًا من الذكاء والتحدي. في يدها كتاب، ربما رواية غربية، مفتوح على صفحة بدت وكأنها ملجأها من صخب المدينة. عندما اصطدما، سقط الكتاب والسلة، تناثرت أزهار الياسمين على الأرض كنجوم في وضح النهار.
“أنتَ أعمى؟” قالت زويا، نبرتها مزيج من الانزعاج والمرح، وهي تنحني لتلتقط كتابها. كوندان، الذي كان لا يزال مذهولًا، لم يجب على الفور. بدلاً من ذلك، نظر إليها، كأن الزمن توقف. كانت بشرتها ناعمة، بلون العسل تحت ضوء الشمس، وابتسامتها الصغيرة، التي ظهرت رغم انزعاجها، جعلت قلبه ينبض بسرعة لم يعرفها من قبل. “أنا… أنا كوندان,” تمتم أخيرًا، وهو يمد يده ليساعدها على الوقوف. أمسكت يده بحذر، كأنها تخاف أن تلمس شيئًا هشًا. “زويا,” قالت، وكان اسمها مثل نغمة عالقة في رأسه. التقطت كتابها، رتبت فستانها، وابتسمت ابتسامة خجولة قبل أن تمشي بعيدًا، تاركة كوندان واقفًا وسط الياسمين المتناثر، كأنه طائر أصيب بسهم الحب.
من تلك اللحظة، أصبحت زويا مركز عالم كوندان. بدأ يتبعها سرًا، ليس كمتطفل، بل كعاشق صغير لا يعرف كيف يعبر عن مشاعره. كان يراها كل يوم تقريبًا، تجلس تحت شجرة بجانب المسجد القريب، تقرأ كتبها أو تكتب في دفتر صغير. كانت تجلس متقاطعة الساقين، شعرها يتساقط على كتفيها، وعيناها غارقتان في عالم آخر. كوندان، الذي كان يختبئ خلف جدار أو شجرة، كان يراقبها كأنها لوحة لا يستطيع فهمها لكنه لا يستطيع التوقف عن النظر إليها. في إحدى اللحظات، بينما كانت غارقة في قراءتها، جلس على بعد أمتار، وأخرج عصا صغيرة من جيبه، وبدأ يرسم اسمها في التراب: “زويا”. كانت الحروف متعرجة، مثل قلبه، لكنها كانت أول مرة يكتب فيها شيئًا يشعر أنه حقيقي.
كانت بنارس، بكل تناقضاتها، شاهدة على هذا الحب الناشئ. في الغاتات، حيث يجتمع الحجاج للصلاة والتطهير، كان كوندان يقف أحيانًا، ينظر إلى النهر، ويتخيل زويا بجانبه. كان النهر، بمياهه البنية التي تحمل أحلام الملايين، يبدو كمرآة لقلبه – مليء بالأمل، لكنه مشوش بالتيارات. في إحدى الليالي، وقف على غات مانيكارنيكا، المكان الذي تحترق فيه الأجساد لتعود إلى الأبدية. كانت النيران تتراقص على الضفة، ترمي ظلالها على الماء، ورائحة الخشب المحترق تملأ الهواء. كوندان، الذي كان لا يزال فتىً، رفع عينيه إلى السماء المرصعة بالنجوم، وهمس لنفسه: “زويا، سأجعلكِ جزءًا من حياتي. مهما كلف الأمر.” كانت كلماته وعدًا، ليس فقط لها، بل للنهر، للمدينة، وللإله الذي يؤمن أنه يراقبه.
لكن في تلك اللحظة، لم يكن يعرف أن حبه سيكون كالنهر نفسه: عميق، قوي، لكنه مليء بالتيارات التي ستجرّه إلى أماكن لم يتخيلها. كان يقف على الغات، والنار ترقص خلفه، والماء يهمس أمامه، وقلبه ينبض باسم زويا، كأنه لحن سيظل يعزفه إلى الأبد.
الفصل الثاني: زهور الياسمين
المكان: بنارس، الهند
السنوات مرت كمياه الغنجيس، تتدفق بلا توقف، تحمل معها أحلام الطفولة وتترك خلفها رجلاً جديدًا. بنارس، المدينة التي لا تنام، كانت لا تزال تنبض بنفس الإيقاع: أجراس المعابد ترن كأنها تهمس أسرار الآلهة، ودخان البخور يتصاعد من الغاتات، ممزوجًا بروائح التوابل الحارة من أكشاك السوق. النهر، ذلك الشريان الأبدي، كان يعكس أضواء الشموع العائمة في الليل، كأنها نجوم سقطت لتحكي قصص الحب والخسارة. في هذا العالم، كبر كوندان شانكار، الفتى النحيل ذو العينين الواسعتين، ليصبح شابًا في العشرين من عمره. جسده أصبح قويًا من حمل سلال الزهور في سوق داشاشواميده، بشرته محروقة من شمس بنارس القاسية، لكن عينيه احتفظتا بنفس البريق – بريق الحب الذي زرعته زويا في قلبه قبل سنوات.
كوندان الآن كان رجل السوق، يرتدي قميصًا قطنيًا أبيض ملفوف الأكمام، ويجلس خلف كشك صغير مزدحم بسلال الياسمين والورد والزعفران. كان يبيع الزهور للحجاج الذين يأتون لتقديم النذور في المعابد، وللعرسان الذين يحلمون بحياة مليئة بالحب. لكن بالنسبة له، كل زهرة كانت تحمل اسم زويا. حبه لها لم يتلاشَ؛ بل أصبح كالبخور الذي يحرقه والده في المعبد – ينتشر في كل زاوية من حياته، يملأ الهواء برائحة لا يمكن تجاهلها. كان يستيقظ كل صباح، ينظر إلى النهر من نافذة غرفته الصغيرة، ويتخيل وجهها في انعكاس الماء. كان يحلم بها وهي تمشي على الغاتات، شعرها الأسود يتطاير مع الريح، عيناها الداكنتين تلتقطان ضوء الشمس.
في ليلة عيد ديوالي، عندما كانت بنارس مضاءة بألف شمعة ومصابيح زيتية، تحولت المدينة إلى لوحة من الضوء واللون. الشوارع كانت تعج بالناس، الأطفال يركضون حاملين الألعاب النارية، والباعة ينادون على الحلويات والزهور. كوندان، الذي كان يساعد في تزيين المعبد بالزهور، دعي إلى حفلة محلية في الحي الإسلامي القريب من المسجد. كان الحفل متواضعًا، مليئًا بالضحكات وأصوات الطبول، ورائحة الكباب المشوي تملأ الهواء. هناك، وسط الزحام، رآها مرة أخرى. زويا، التي كبرت لتصبح امرأة شابة في الثامنة عشرة، كانت ترتدي ساريًا أخضر زمرديًا، يعانق جسدها النحيل كأنه مصنوع من ضوء القمر. شعرها كان مضفورًا بإتقان، لكن خصلة متمردة كانت تتطاير على جبهتها، تضيف إلى جمالها سحرًا عفويًا. كانت تقف مع أصدقائها، تضحك، عيناها تلمعان كالنجوم في سماء بنارس.
كوندان شعر بقلبه يتوقف للحظة. كان قد رآها من بعيد خلال السنوات الماضية، لكنه لم يجرؤ على الاقتراب منذ ذلك اليوم في الزقاق. الآن، وقد أصبح شابًا، شعر أن الوقت قد حان. تجمع شجاعته، التي كانت ممزوجة بالخوف والشوق، وتقدم نحوها. الناس حوله كانوا يرقصون على إيقاع الدول، لكنه لم يسمع شيئًا سوى دقات قلبه. وقف أمامها، يداه ترتجفان قليلاً، وقال بصوت مرتفع كأنه يتحدى العالم: “زويا، أنا أحبكِ. منذ اليوم الأول الذي رأيتكِ فيه، أنتِ حياتي.” كانت الكلمات مثل صلاة، صادقة لكنها ثقيلة. توقف الحشد للحظة، العيون تتجه نحوهما، والهواء يصبح مشحونًا بالتوتر. زويا، التي تفاجأت، نظرت إليه بعينين مليئتين بالحيرة. ابتسمت ابتسامة خجولة، لكنها كانت مليئة بالرفض اللطيف. “كوندان، أنت صديق جيد،” قالت، صوتها ناعم لكنه حاسم. “لكنني لا أراك هكذا.”
كانت كلماتها مثل ريح باردة تهب على النار في قلبه – لم تطفئها، بل جعلتها تشتعل أكثر. لم يغضب، لم يتراجع. بدلاً من ذلك، قرر أن يثبت لها أن حبه ليس مجرد كلمات. منذ تلك الليلة، بدأ كوندان حملة لكسب قلبها. كل صباح، كان يترك باقة من الياسمين عند باب منزلها، مربوطة بشريط أحمر، مع ورقة صغيرة مكتوب عليها اسمه. كان يساعد عائلتها في الأعمال اليومية: يحمل دلاء الماء من النهر، يصلح الأبواب الخشبية المتآكلة، ويجلس مع والدها، رشيد علي، ليتحدث عن الدين والحياة. رشيد، رجل متدين ذو لحية بيضاء ونظرات حادة، بدأ يرى في كوندان شابًا مخلصًا، ربما ابنًا لم ينجبه. لكن زويا كانت بعيدة، عيناها دائمًا تنظران إلى الأفق، كأنها تبحث عن شيء أكبر من بنارس.
في إحدى الأمسيات، بينما كانا يمشيان على غات أسي، حيث كانت الشموع العائمة ترقص على سطح النهر، قررت زويا أن تكون صريحة. وقفت أمام الماء، ساريها الأزرق يتمايل مع الريح، وقالت: “كوندان، أنت أطيب شخص أعرفه. لكنني أريد حياة أكبر من هنا. أريد الذهاب إلى دلهي، أريد دراسة السياسة، أريد أن أغير العالم.” كانت كلماتها مثل سكين، لكنها لم تكن قاسية – كانت صادقة. كوندان، الذي كان يقف بجانبها، يديه في جيوبه، شعر بثقل كلماتها. نظر إلى النهر، حيث كانت الشموع تتلاشى في التيار، وقال بهدوء: “وأنا أريدكِ أنتِ. هذا عالمي.” لم يكن هناك غضب في صوته، لكن كان هناك ألم – ألم رجل يعرف أن الحب الذي يحمله قد يكون أكبر من قدرته على تحقيقه.
تنتهي تلك اللحظة بصمت ثقيل. زويا نظرت إليه، عيناها مليئتان بالتعاطف، لكنها لم تستطع أن تعده بشيء. مشت بعيدًا، تاركة كوندان واقفًا على الغات، النهر يهمس خلفه كأنه يحاول مواساته. كان يعلم أنها تحلم بحياة لا يمكنه أن يكون جزءًا منها، لكنه لم يستطع التوقف عن الحب. في تلك الليلة، عاد إلى كشك الزهور، جلس وسط سلال الياسمين، وأمسك زهرة واحدة، ينظر إليها كأنها تحمل روح زويا. كان صراعه قد بدأ للتو: بين حبه الذي يراه كالنهر، لا نهائي ولا يتوقف، وبين طموحها الذي كان يطير بعيدًا مثل طائر لا يمكن أسره.
الفصل الثالث: السكين والدم
المكان: بنارس، الهند
بنارس، المدينة التي تحمل أوزار التاريخ وأحلام الحاضر، كانت تعيش صيفًا حارًا حيث كانت الشمس تحرق الشوارع الضيقة، تترك ظلالًا قصيرة كأنها تخجل من الظهور. نهر الغنجيس، ذلك الشريان الأبدي، كان يتدفق ببطء، مياهه البنية تعكس أضواء الشموع العائمة التي يضعها الحجاج كل ليلة، كأنها نذور لآلهة لا ترحم. الغاتات – السلالم الحجرية التي تنحدر إلى النهر – كانت مزدحمة بالمصلين، يحملون أطباقًا من الزهور والزعفران، يتمتمون بالصلوات بينما يتصاعد دخان البخور من المعابد الصغيرة، ممزوجًا بروائح الكاري والتوابل الحارة من أكشاك السوق. أصوات الأجراس كانت ترن في تناغم غريب مع صوت الأذان من المساجد القريبة، كأن المدينة نفسها كانت تحاول التوفيق بين قلبين متعارضين.
في هذا العالم، كان كوندان شانكار، الشاب في العشرين من عمره، يعيش حياة يحركها حب واحد لا يتلاشى. كان قد ترك أيام طفولته خلفه، لكنه احتفظ بنفس العينين الواسعتين المليئتين بالحماس، وإن أصبحتا الآن تحملان ظلًا من الألم. جسده القوي، المحروق من شمس بنارس، كان يتحرك بين سلال الزهور في سوق داشاشواميده، حيث يبيع الياسمين والورد للحجاج والعرسان. كان يرتدي قميصًا قطنيًا أبيض، متسخًا بحبات العرق والغبار، وسروالًا فضفاضًا يتمايل مع خطواته السريعة. لكن قلبه كان ينبض باسم زويا – الفتاة التي أصبحت كالبخور في حياته، رائحتها تملأ كل زاوية، حتى لو لم تكن موجودة.
منذ رفضها اللطيف في حفل ديوالي، كان كوندان يعيش في دوامة من الأمل واليأس. كان يراها يوميًا تقريبًا، تمر في شوارع الحي مع أصدقائها، ساريها الملون يتمايل كأنه يحكي قصة لم تكتمل. كانت زويا، الآن في الثامنة عشرة، قد أصبحت امرأة شابة، جمالها ناضج كزهرة الياسمين في ذروة ازدهارها. شعرها الأسود الطويل كان يُضفر أحيانًا، لكن خصلاته المتمردة كانت دائمًا تتطاير، كأنها تتحدى تقاليد بنارس المحافظة. عيناها، الداكنتين كالنهر في الليل، كانتا تحملان بريق الطموح، حلمًا بالهروب إلى دلهي، إلى عالم أكبر من الشوارع الضيقة والغاتات المزدحمة.
كوندان لم يستسلم. كان يترك باقات الياسمين عند باب منزلها كل صباح، مربوطة بشريط أحمر، مع ورقة صغيرة مكتوب عليها اسمه بخط متعرج. كان يساعد والدها، رشيد علي، في حمل الماء من النهر، يصلح الأبواب الخشبية المتآكلة في منزلهم، ويجلس معه في أمسيات هادئة، يتحدث عن الدين والحياة. رشيد، رجل متدين ذو لحية بيضاء وعينين حادتين، بدأ يرى في كوندان شابًا مخلصًا، ربما زوجًا محتملاً لابنته. لكن زويا كانت بعيدة، عيناها دائمًا تنظران إلى الأفق، كأنها تبحث عن شيء لا تستطيع بنارس تقديمه.
في صباح يوم مشمس، كان سوق داشاشواميده يعج بالحياة. الباعة ينادون على بضائعهم، الحجاج يتدفقون حاملين أطباق النذور، والأطفال يركضون بين الأكشاك، يضحكون ويطاردون بعضهم بعضًا. كوندان كان في كشكه، يرتب سلال الزهور، عندما رأى زويا تمر مع صديقاتها. كانت ترتدي ساريًا أزرق فاتحًا، يبرز لون بشرتها العسلية، وكانت تضحك على شيء قالته إحدى صديقاتها. للحظة، توقف العالم بالنسبة لكوندان. كان قد حاول التحدث إليها مرات عديدة منذ ديوالي، لكنها كانت دائمًا تبتسم بلطف وتغير الموضوع. اليوم، شعر أن الوقت قد حان لفعل شيء جذري – شيء يجعلها ترى عمق حبه.
اقترب منها، قلبه ينبض كطبل في مهرجان، ويداه ترتجفان وهو يمسك سكينًا صغيرًا كان يستخدمه لقطع السيقان في كشكه. وقف أمامها في وسط السوق، الحشد يتحرك حولهما كتيار النهر. “زويا!” صرخ، صوته يرتفع فوق ضجيج السوق. التفتت إليه، عيناها مملوءتان بالدهشة. قبل أن تتمكن من قول شيء، رفع السكين ومررها على معصمه بحركة سريعة، الدم يتساقط على الأرض كقربان على أرض بنارس المقدسة. “إذا لم تكوني لي، فلن أعيش!” صرخ، صوته متكسر، عيناه مليئتان باليأس والعزيمة. الحشد توقف، الناس ينظرون في صدمة، بعضهم يهمسون بالصلاة، وآخرون يصرخون. زويا، التي أصيبت بالذعر، ركضت نحوه، عيناها مملوءتان بالرعب. “كوندان! ماذا فعلت؟” صرخت، وهي تمسك ذراعه، تحاول إيقاف الدم الذي كان يتدفق كالنهر.
سحبته بعيدًا عن الحشد، يدها تمسك معصمه بقوة، الدم يلطخ ساريها الأزرق. ركضت معه إلى مستشفى صغير قريب، شوارع بنارس تمر كومضات ضبابية. في غرفة الطوارئ، تحت أضواء النيون الباردة التي تجعل كل شيء يبدو غريبًا، ساعدت الممرضات في تنظيف الجرح وتضميده. كوندان، تحت تأثير المسكنات، كان نائمًا على سرير أبيض، وجهه شاحب لكنه هادئ، كأنه وجد سلامًا في فعلته. زويا جلست بجانبه، يداها ترتجفان، عيناها مليئتان بمزيج من الغضب والتعاطف. كانت تنظر إليه، إلى الندبة الصغيرة على جبهته من أيام طفولته، إلى يديه القويتين اللتين كانتا تحملان الزهور يوميًا. “لماذا فعلت هذا؟” همست، صوتها متكسر، كأنها تتحدث إلى نفسها. لم تكن تعرف إن كانت تشعر بالذنب أم بالخوف، لكن شيئًا ما تحرك داخلها – شعور لم تستطع تسميته.
عندما استيقظ كوندان، رآها جالسة بجانبه، عيناها محمرتان من البكاء. “زويا…” تمتم، صوته ضعيف. “أنا أحبك.” لم يكن هناك دراما في كلماته هذه المرة، فقط صدق خام. زويا نظرت إليه، قلبها مشوش. “سأفكر في الأمر، كوندان,” قالت أخيرًا، صوتها هادئ لكنه مليء بالحيرة. لم تكن تعده بحب، لكنها لم تستطع أن تتركه في تلك اللحظة. نهضت، تركته في الغرفة، وخرجت إلى شوارع بنارس، حيث كان الهواء ثقيلًا برائحة النهر والغبار.
في اليوم التالي، في منزلها الصغير ذي الجدران المطلية باللون الأخضر الباهت، جمعت زويا شجاعتها وأعلنت لوالديها رغبتها في الذهاب إلى أليغار للدراسة. كانت تقف في غرفة المعيشة، يداها مضغوطتان على ساريها، عيناها مثبتتان على الأرض. “أريد أن أدرس العلوم السياسية,” قالت، صوتها حاسم لكنه يحمل ظلًا من الخوف. والدها، رشيد، نظر إليها بدهشة، بينما كانت والدتها، امرأة هادئة ترتدي حجابًا أبيض، تحاول إقناعها بالبقاء. لكن زويا كانت مصممة. كانت تريد الهروب – من بنارس، من تقاليدها، ومن كوندان، الذي أصبح حبه كالنهر نفسه: عميق، لكنه يهدد بإغراقها.
في تلك الليلة، وقف كوندان على ضفة الغنجيس، قرب غات مانيكارنيكا، حيث كانت النيران تحترق، ترمي ظلالها على الماء. كان الضباب يتسلل من النهر، يلف المدينة كوشاح أبيض، ويجعل القوارب تبدو كأشباح تتلاشى في الأفق. كان معصمه ملفوفًا بضمادة بيضاء، لكنه لم يشعر بالألم. بدلاً من ذلك، شعر بتصميم جديد. نظر إلى النهر، إلى الشموع التي كانت تطفو بعيدًا، وهمس لنفسه: “سأتبعكِ، زويا. مهما كلف الأمر.” كانت كلماته وعدًا، ليس فقط لها، بل لقلبه الذي لم يعرف سواها. النهر، كما لو كان يستمع، استمر في التدفق بصمت، شاهدًا على حب سيصبح أسطورة – لكن بثمن باهظ.
الفصل الرابع: أليغار والحب الجديد
المكان: أليغار، الهند
أليغار، المدينة الجامعية الهادئة، كانت كجزيرة من الهدوء وسط صخب الهند. شوارعها الواسعة، المحاطة بأشجار النييم والمباني الاستعمارية القديمة، كانت تعج بروائح الكتب القديمة من مكتبات الجامعة، ممزوجة برائحة التوابل من أكشاك الشاي في الأسواق. السماء كانت زرقاء صافية، تنعكس على برك الماء الصغيرة التي تتجمع بعد المطر، بينما كانت أصوات الطلاب – الضحكات، النقاشات الحامية، وأحيانًا الأغاني الهادئة – تملأ الهواء كأنها لحن الشباب. أليغار لم تكن بنارس، بغاتاتها المقدسة ونهرها الأبدي، لكنها كانت ملاذًا للأحلام، مكانًا حيث يمكن لفتاة مثل زويا أن تتنفس بحرية، بعيدًا عن قيود التقاليد.
زويا، التي وصلت إلى أليغار في خريف مشمس، كانت كطائر أطلق من قفص. في الثامنة عشرة من عمرها، كانت قد تخلت عن ساريات بنارس البسيطة، وارتدت ملابس عصرية – جينز ضيق، قمصان قطنية فضفاضة، وأحيانًا أوشحة ملونة تضيف لمسة من الجرأة إلى مظهرها. شعرها الأسود الطويل، الذي كان مضفورًا في بنارس، أصبح الآن يتدفق بحرية، يتمايل مع خطواتها وهي تمشي في ممرات الجامعة. عيناها، الداكنتين كالنهر في الليل، كانتا تلمعان بحماس جديد – حماس الطالبة التي بدأت دراسة العلوم السياسية، تحلم بتغيير العالم. انضمت إلى مجموعات طلابية تناقش الثورات والحقوق، تقرأ كتبًا عن غاندي وماركس، وتكتب ملاحظاتها في دفتر صغير تحمله دائمًا. أليغار كانت بالنسبة لها بداية جديدة، هروبًا من بنارس، من والدها المتدين، ومن كوندان – الشاب الذي أحبها حتى جرح نفسه من أجلها.
في إحدى الأمسيات، بينما كانت تجلس في مقهى صغير قرب الجامعة، محاطة بروائح الشاي بالهيل والكتب المتراكمة على الطاولات، التقته بأكرم. كان أكرم، طالبًا في العشرينيات، وسيمًا بطريقة هادئة – بشرته قمحية، عيناه بنيتان عميقتان، وابتسامته تحمل دفء الثقة. كان ناشطًا سياسيًا، يقود نقاشات في الجامعة عن العدالة الاجتماعية، ويحلم بثورة تغير وجه الهند. جلس بجانبها في المقهى، يحمل كتابًا عن الاشتراكية، وبدأ يتحدث معها عن أفكارها. كانت كلماته مثل شعر، يتحدث عن الحرية والمساواة بطريقة جعلت قلب زويا ينبض بحماس. “العالم يحتاج إلى أصوات مثل صوتك، زويا,” قال، وكانت عيناه مثبتتين عليها، كأنه يرى فيها شيئًا أكبر من نفسها.
بدأت علاقتهما كصداقة فكرية، لكنها سرعان ما تحولت إلى حب. كانا يقضيان ساعات في المقاهي، يناقشان السياسة والأحلام، ويمشيان تحت أشجار النييم في حرم الجامعة، أيديهما لا تتلامسان لكن المسافة بينهما كانت مشحونة بشوق صامت. في إحدى الليالي، تحت شجرة نييم ضخمة مضاءة بضوء القمر، قبلها أكرم لأول مرة. كانت قبلة ناعمة، شفتاه دافئتان على شفتيها، وكان طعمها مزيجًا من الشاي بالهيل والشوق. زويا، التي كانت لا تزال تحمل ذكرى كوندان في زاوية من قلبها، شعرت لأول مرة أنها وجدت حبًا يفهم طموحها.
اللحظة الحميمة بين زويا وأكرم:
في ليلة هادئة، بعد نقاش طويل في غرفة صغيرة استأجرها أكرم بالقرب من الجامعة، قررا أن يعبّرا عن حبهما جسديًا. كانت الغرفة متواضعة، جدرانها مطلية باللون الأبيض الباهت، ونافذة صغيرة تطل على حديقة مليئة بأشجار النييم. الضوء الخافت من مصباح زيتي كان يلقي ظلالًا ناعمة على الجدران، وصوت الصراصير من الخارج كان يملأ الهواء. زويا، مرتدية قميصًا قطنيًا أبيض وبنطالًا فضفاضًا، كانت متوترة لكن عيناها مليئتان بالثقة. أكرم، مرتديًا قميصًا أسود وبنطال جينز، اقترب منها بحنان، يده تمسك يدها بلطف. “أنتِ متأكدة؟” سأل، صوته هادئ لكنه مليء بالعاطفة. أومأت زويا، قلبها ينبض بسرعة، لكنها شعرت أنها جاهزة.
بدأت القبلة ببطء، شفتاه على شفتيها، ثم نزلتا إلى رقبتها، مما جعلها ترتعش. أزال قميصها بحذر، كاشفًا عن ثدييها الناعمين، الحلمات وردية ومشدودة تحت الضوء الخافت. أكرم، مفتونًا بها، تحسس ثدييها بلطف، أصابعه تتحركان بحركات دائرية، مما جعلها تتأوه بهدوء. زويا، بدورها، سحبت قميصه، كاشفة عن صدره النحيل، وأصابعها تتبعت خطوط عضلاته الخفيفة. استلقيا على السرير، في الوضع التبشيري، أكرم فوقها، يديه تدعمان جسده بينما كان يتحرك بحذر، مدركًا أن هذه كانت تجربتها الأولى. كانت زويا متوترة، لكنها شعرت بالأمان معه. عندما اخترقها، شعرت بألم خفيف – فض بكارتها – لكنه تحول سريعًا إلى متعة وهما يتحركان معًا بإيقاع بطيء. كانت أنفاسهما تتسارع، ممزوجة بصوت الصراصير من الخارج.
في ليالٍ لاحقة، بدآ يستكشفان أجسادهما بحرية أكبر. في إحدى الليالي، جربا الوضع الفارسة، زويا فوقه، شعرها الأسود يتساقط على كتفيها كستارة، يديها تضغطان على صدره بينما كانت تتحرك بإيقاع راقص. أكرم، مفتونًا بحركاتها، مد يده ليمسك ثدييها، أصابعه تتحسسان الحلمات، مما جعلها تتأوه بنعومة. في ليلة أخرى، جربا الوضع الكلبي الكسلان، زويا مستلقية على بطنها، أكرم خلفها، حركاتهما بطيئة ومليئة بالحميمية. جربوا أيضًا الوضع الجانبي، مستلقيين جنبًا إلى جنب، أجسادهما متلاصقة، يد أكرم تتجول على خصرها وفخذيها. في لحظة شغف، جربا الوضع الشرجي بحذر، بعد نقاش طويل وتفاهم، أكرم يتحرك بلطف لضمان راحتها. زويا، بدورها, قدمت له هاندجوب وبلوجوب, أصابعها تتحركان بخبرة متزايدة، شفتاها تحيطان بقضيبه بحركات بطيئة ثم أسرع, بينما كان أكرم يلحس شفاه كسها, لسانه يتحرك بحركات دائرية جعلتها ترتعش. كانت هذه اللحظات مزيجًا من الاستكشاف والعاطفة، حيث تعلما معًا لغة الجسد، كل حركة تعبر عن حبهما الجديد.
لكن في أليغار، لم يكن الحب هو القصة الوحيدة. كوندان، الذي لم يستطع البقاء في بنارس دون زويا، وصل إلى المدينة بعد أسابيع من مغادرتها. استأجر غرفة صغيرة في حي فقير، مليئة بروائح الزيت المقلي والغبار، وعمل في متجر صغير لبيع التوابل. كان يرتدي قميصًا متسخًا وسروالًا ممزقًا، لكنه لم يفقد بريق عينيه. كان يتتبع زويا سرًا، يراها في الجامعة، يراقبها وهي تمشي مع أكرم تحت أشجار النييم. عندما اكتشف علاقتهما، شعر بالغيرة كالنار تحرق قلبه. كان يقف في زوايا مظلمة، يراها تضحك مع أكرم، وكان يشعر بأن عالمه ينهار. لكنه، في لحظة تضحية، قرر أن حبها أهم من ألمه.
في إحدى الأمسيات، تحت شجرة نييم ضخمة قرب الجامعة، رتب للقاء سري مع زويا. كانت السماء مليئة بالنجوم، والهواء يحمل رائحة الأرض الرطبة بعد المطر. زويا، مرتدية جينز وقميصًا أبيض، وقفت أمامه، عيناها مليئتان بالحيرة. “لماذا أتيت، كوندان؟” سألت، صوتها هادئ لكنه حاد. كوندان، الذي كان يرتدي قميصًا قطنيًا ممزقًا، نظر إليها، عيناه مليئتان بالألم. “لأنني لا أستطيع العيش بدونك,” قال، صوته متكسر. “لكن إذا كان أكرم هو ما تريدين، سأساعدك.” كانت كلماته مثل سكين يطعن قلبه، لكنه كان صادقًا. وعد بمساعدتها على إقناع عائلتها بالزواج من أكرم، رغم الألم الذي كان يمزق روحه. زويا نظرت إليه، عيناها تلمعان بالدموع، لكنها لم تستطع قول شيء. مشت بعيدًا، تاركة كوندان تحت الشجرة، ينظر إلى النجوم، قلبه ممزق بين الحب والتضحية.
الفصل الخامس: خيانة القدر
المكان: أليغار، الهند
أليغار، المدينة التي كانت ملاذًا للأحلام والشباب، كانت تعيش خريفًا هادئًا حيث تتساقط أوراق النييم على ممرات الجامعة، كأنها دموع السماء على أرض متعبة. الهواء كان مشبعًا بروائح الكتب القديمة من مكتبات الجامعة، ممزوجة برائحة الشاي بالهيل من أكشاك السوق الصغيرة. الشوارع الواسعة، المحاطة بمباني استعمارية متآكلة، كانت تعج بالطلاب الذين يحملون كتبهم وأحلامهم، يناقشون السياسة والحب بصوت عالٍ، كأن العالم كله ملكهم. لكن تحت هذا الهدوء، كانت تيارات التوتر تجري كالنهر تحت السطح – تيارات السياسة، الطموح، والحب الذي يتحدى القوانين.
زويا، التي وجدت في أليغار حرية لم تعرفها في بنارس، كانت تعيش أجمل أيامها. كانت في التاسعة عشرة الآن، امرأة شابة تتألق كزهرة لوتس في بركة موحلة. كانت ترتدي جينز وقمصان قطنية ملونة، شعرها الأسود الطويل يتدفق بحرية، وعيناها الداكنتين تلمعان بحماس الثورة. علاقتها مع أكرم، الطالب الوسيم والناشط السياسي، كانت قد أصبحت مركز حياتها. كانا يقضيان ساعات في المقاهي، يتحدثان عن العدالة والمساواة، ويمشيان تحت أشجار النييم، أيديهما تتلامسان أحيانًا في لحظات من الجرأة العفوية. أكرم، ببشرته القمحية وعينيه البنيتين العميقتين، كان يمثل لها العالم الذي تحلم به – عالمًا حيث الأحلام ليست مقيدة بالتقاليد أو الدين.
لكن في ظل هذا الحب، كان كوندان شانكار يعيش كظلٍ صامت. بعد أن وصل إلى أليغار، استأجر غرفة صغيرة في حي فقير، مليئة بروائح الزيت المقلي والغبار. كان يعمل في متجر توابل صغير، يرتدي قميصًا قطنيًا متسخًا وسروالًا ممزقًا، لكن عينيه لم تفقدا بريقهما – بريق الحب الذي لا يموت. كان قد وعد زويا بمساعدتها على الزواج من أكرم، رغم الألم الذي كان يمزق قلبه كلما رآها معه. أصبح كوندان وسيطًا بين زويا وعائلتها في بنارس، يحمل رسائل الحب إلى والدها رشيد علي، ويقنعه بقبول أكرم كزوج محتمل. كان يزور منزل رشيد في بنارس، يجلس على الأرضية الطينية في غرفة المعيشة، يتحدث بصوت هادئ عن أكرم – عن طموحه، عن إخلاصه، عن أحلامه. رشيد، الرجل المتدين ذو اللحية البيضاء، كان مترددًا في البداية، لكنه بدأ يرى في أكرم رجلاً يستحق ابنته، بفضل كلمات كوندان المقنعة.
في أليغار، كان كوندان يرتب لقاءات سرية بين زويا وأكرم. كان يحمل رسائلهما، يختار أماكن آمنة بعيدًا عن أعين الجامعة – تحت شجرة نييم، في مقهى صغير، أو في زاوية هادئة من السوق. كان يقف في الخلفية، يراقب من بعيد وهو يرى زويا تضحك، عيناها تلمعان وهي تمسك يد أكرم. كل ابتسامة منها كانت كسكين في قلبه، لكنه كان يبتسم – ابتسامة مريرة تحمل ألم التضحية. كان يعلم أن حبه لها يعني أن يعطيها ما تريد، حتى لو كان ذلك يعني خسارته لها إلى الأبد.
يوم الخطبة اقترب، وكانت أليغار تعيش أجواء الاحتفال. كان الحفل متواضعًا، في منزل صغير استأجره أكرم بالقرب من الجامعة، مزينًا بالزهور والأضواء الملونة. زويا كانت ترتدي ساريًا أحمر داكنًا، يبرز جمالها الناضج، شعرها مضفور بخيوط ذهبية، وعيناها تلمعان بالسعادة. أكرم، مرتديًا كورتا تقليدية بيضاء، كان يقف بجانبها، يبتسم بثقة هادئة. الحشد الصغير من الأصدقاء والعائلة كان يتجمع حولهما، يتبادلون الضحكات والهدايا. كوندان، الذي كان قد رتب كل شيء – من الزهور إلى الطعام – وقف في الخلفية، بعيدًا عن الأضواء. كان يرتدي قميصًا أبيض بسيطًا، يداه في جيوبه، وعيناه مثبتتان على زويا. ابتسم ابتسامة مريرة، قلبها ينبض بألم صامت، لكنه كان سعيدًا – سعيدًا لأنها سعيدة، حتى لو كان ذلك يعني أن قلبه يتحطم.
لكن القدر، كما هو دائمًا في بنارس وأليغار، كان له خطط أخرى. في تلك الليلة، بعد الحفل، بينما كان أكرم يقود دراجته النارية عائدًا إلى غرفته، اصطدمت به سيارة بسرعة عالية. كان الحادث عنيفًا، الدراجة تحطمت، وجسد أكرم ألقي على جانب الطريق. في البداية، بدا كحادث عابر، لكن الشائعات بدأت تتسرب في أليغار: لم يكن حادثًا، بل اغتيالًا سياسيًا. أكرم، بنشاطه اليساري وخطاباته النارية ضد السلطة، كان قد أثار غضب أشخاص ذوي نفوذ. تم نقله إلى المستشفى، لكنه فارق الحياة قبل الفجر، تاركًا خلفه حلمًا لم يكتمل وقلوبًا مكسورة.
زويا، التي تلقت الخبر في صباح اليوم التالي، انهارت. كانت في غرفتها، تجلس على الأرض، ساريها الأحمر ملطخ بالدموع. كانت عيناها فارغتين، كأن الضوء الذي كان يملأهما قد أطفئ. أصدقاؤها حاولوا مواساتها، لكنها كانت غارقة في حزن لا يمكن وصفه. رفضت الأكل، رفضت التحدث، وكأن العالم نفسه قد توقف. بعد أيام من الحزن، قررت أن أليغار لم تعد مكانها. جمعت أغراضها – كتبها، ملابسها، ودفتر ملاحظاتها – وغادرت إلى دلهي، تاركة خلفها ذكريات أكرم وكوندان. لم تودع أحدًا، لم تنظر إلى الوراء. كانت دلهي، بصخبها وأضوائها النيونية، تبدو كملاذ جديد، مكان يمكن أن تخفي فيه ألمها.
كوندان، الذي علم بموت أكرم من خلال أصدقاء زويا، شعر بمزيج من الحزن واليأس. كان قد ضحى بقلبه من أجل سعادتها، والآن كانت سعادتها قد سُرقت. زار مكان الحادث، وقف على جانب الطريق حيث كانت بقع الدم لا تزال مرئية على الأسفلت. كان يشعر بالذنب، كأنه هو من فشل في حمايتها. في إحدى الليالي، جلس وحيدًا في محطة القطار في أليغار، الهواء ثقيل برائحة الديزل والغبار. في يده، كانت تذكرة إلى دلهي، مكتوب عليها وجهته التالية. نظر إلى التذكرة، عيناه مليئتان بالتصميم. “سأجدك، زويا,” همس، صوته يختلط بصوت القطار القادم. كان يعلم أن الطريق إليها سيكون طويلًا، لكنه كان مستعدًا – مستعدًا ليتبعها، مهما كلف الأمر.
الفصل السادس: دلهي والحزن
المكان: دلهي، الهند
دلهي، المدينة التي تبتلع الأحلام وتعيد تشكيلها، كانت كالوحش الحي الذي لا يتوقف عن الحركة. شوارعها المزدحمة، المعبأة بأصوات بوق السيارات ورائحة الدخان الممزوج بالتوابل من أكشاك الطعام، كانت تعج بالحياة والفوضى. الأضواء النيونية كانت ترقص على واجهات المباني العالية، تعكس على برك الماء الراكدة بعد المطر، بينما كانت الأسواق الصاخبة – مليئة بألوان الساريات والفواكه الطازجة والحرف اليدوية – تنبض كقلب المدينة. لكن تحت هذا الصخب، كان هناك فراغ – فراغ يشعر به كل من يصل إلى دلهي بحثًا عن بداية جديدة، فقط ليكتشف أن المدينة لا ترحم. كانت دلهي مكانًا يمكن أن يُغرق فيه الإنسان في أحزانه، أو يُعاد بناؤه من رماد أحلامه.
زويا، التي وصلت إلى دلهي بعد مأساة موت أكرم في أليغار، كانت كظل امرأة كانت تعرفها. في العشرين من عمرها الآن، كانت قد فقدت بريق عينيها الذي كان يضيء شوارع بنارس وأليغار. شعرها الأسود الطويل، الذي كان يتدفق بحرية في أيام الجامعة، كان الآن مربوطًا بعشوائية، كأنها لم تهتم بمظهرها. كانت ترتدي ملابس بسيطة – جينز وقمصان قطنية باهتة – وكانت عيناها، الداكنتين كالنهر في الليل، خاليتان من الأمل، محاطتان بهالات سوداء من الإرهاق والحزن. عملت في مكتب صحفي صغير في قلب دلهي، مكان ضيق مليء بروائح الحبر والورق القديم. كانت تكتب مقالات قصيرة عن قضايا اجتماعية، لكن كلماتها كانت خالية من الشغف الذي كان يدفعها في أليغار. كانت تتحرك كآلة، تنهي عملها، تعود إلى غرفتها الصغيرة في حي فقير، وتجلس على سريرها، تحدق في الجدران البيضاء المتشققة، كأنها تحاول العثور على معنى في فراغها.
في هذا العالم، وصل كوندان شانكار إلى دلهي، مدفوعًا بحبه الذي لم يتلاشَ. كان في العشرينيات المبكرة، جسده قوي من سنوات العمل في سوق الزهور في بنارس، لكنه الآن كان يعيش في غرفة صغيرة في حي فقير، مليئة بروائح الزيت المقلي والرطوبة. كان يعمل في سوق الخضار، يحمل أكياس البطاطس والبصل تحت شمس دلهي الحارقة، قميصه القطني متسخ بالعرق والغبار. لكنه لم يفقد بريق عينيه – تلك العينين الواسعتين المليئتين بالحماس والألم. كان يعلم أن زويا في دلهي، لكنه لم يعرف أين. قضى أسابيع يبحث عنها، يسأل في الأسواق، يتجول في الشوارع المزدحمة، ينظر إلى كل وجه يمر به، على أمل أن يرى عينيها الداكنتين.
أخيرًا، وجدها. كان في سوق كارول باغ، حيث كانت الأضواء النيونية تلمع على لافتات المحلات، ورائحة السمبوسة والجاليبي تملأ الهواء. رآها تمشي ببطء، تحمل حقيبة قماشية صغيرة، وجهها شاحب، عيناها غائرتان كأنها لم تنم منذ أشهر. كانت ترتدي جينز وقميصًا أزرق باهتًا، شعرها مربوط بعشوائية، وخطواتها ثقيلة كأنها تحمل العالم على كتفيها. كوندان، الذي كان يقف خلف كومة من الخضار، شعر بقلبه ينبض بسرعة. اقترب منها بحذر، كأنه يخاف أن تتلاشى إذا تحدث. “زويا,” قال، صوته هادئ لكنه مليء بالشوق. التفتت إليه، عيناها مملوءتان بالدهشة، ثم بالحيرة. “كوندان؟ ماذا تفعل هنا؟” سألت، صوتها ضعيف كأنه ينتمي إلى شخص آخر.
لم ينتظر إجابة. بدأ يحاول إعادتها إلى الحياة، كما لو كان يحيي زهرة ذابلة. أخذها إلى الأسواق، حيث كانت الألوان والروائح تملأ الهواء – أكشاك المانجو الطازجة، الساريات الملونة، والأضواء النيونية التي ترقص على الوجوه. كان يحكي لها قصص بنارس – عن الغاتات، عن النهر، عن الأيام التي كان يترك فيها باقات الياسمين عند باب منزلها. اشترى لها مانجو طازجة، مقطعة إلى شرائح صغيرة، وأصر أن تأكل، يضحك وهو يقلد صوت بائع المانجو في السوق. “يا آنسة، مانجو حلوة مثل قلبك!” قال، مما جعلها تبتسم لأول مرة منذ أشهر. كانت ابتسامتها خافتة، لكنها كانت كضوء الشمس يخترق السحب. كوندان، الذي كان يعيش لهذه اللحظة، شعر بقلبه ينتفض بالأمل.
تدريجيًا، بدأت زويا تتعافى. كانت لا تزال تحمل حزنها كعبء ثقيل، لكن كوندان كان كالنهر الذي يغسل الألم ببطء. كان يأتي إلى مكتبها الصحفي كل يوم، يحمل لها كوب شاي بالهيل أو حلوى جاليبي مقرمشة. كان يجلس معها في غرفتها الصغيرة، يحكي قصصًا مضحكة عن زبائن سوق الخضار، أو يغني أغنية شعبية من بنارس بصوت خشن لكنه مليء بالدفء. زويا، التي كانت في البداية صامتة، بدأت تتحدث، تضحك، وتشاركه ذكرياتها – ليس عن أكرم، لأن ذلك كان مؤلمًا جدًا، لكن عن أيامها في بنارس، عن شجرة النييم التي كانت تقرأ تحتها، وعن والدها الذي كان يحكي لها قصص الغنجيس.
لكن دلهي، بطبيعتها المتقلبة، كانت لها خطط أخرى. في إحدى الأمسيات، بينما كانت زويا تعمل في المكتب الصحفي، التقته بجاكي – سياسي طموح في الثلاثينيات من عمره، يرتدي بدلات أنيقة ويتحدث بثقة الرجال الذين يعرفون كيف يتحكمون بالعالم. جلس جاكي معها في مكتبها، يناقش مقالها عن العدالة الاجتماعية، وسرعان ما أصبحا يتحدثان عن السياسة والحملات الانتخابية. كان جاكي يرى في زويا شريكة سياسية محتملة – امرأة ذكية، شغوفة، وتحمل قصة حزن تجعلها جذابة للناخبين. زويا، التي كانت تبحث عن هدف جديد، شعرت أن جاكي قد يكون مفتاح عالمها الجديد. بدأت تقضي وقتًا أطول معه، تترك كوندان في الخلفية، كما لو كان ظلًا آخر في مدينة مليئة بالظلال.
في إحدى الأمسيات الهادئة، جلس كوندان وزويا في حديقة عامة صغيرة في دلهي، محاطة بأشجار المانجو والأضواء الخافتة. كانا يأكلان الجاليبي، الحلوى المقرمشة تلتصق بأصابعهما، والضحك يملأ الهواء بينهما. زويا، التي كانت تبدو أكثر حيوية منذ أسابيع، نظرت إليه وقالت: “أنت دائمًا هنا، كوندان. شكرًا.” كانت كلماتها بسيطة، لكنها كانت كالنهر الذي يروي قلب كوندان. لكنه، وهو ينظر إلى عينيها، علم أنها لا تزال بعيدة – قلبها لم يكن له، ليس بعد. ابتسم، ابتسامة مليئة بالأمل والألم، وقال: “أنا هنا دائمًا، زويا. مهما حدث.” تنتهي اللحظة بصمت، الحديقة هادئة إلا من صوت الريح في الأشجار، وكوندان يعلم أن طريقه إلى قلبها لا يزال طويلًا.
الفصل السابع: الناشطة
المكان: دلهي، الهند
دلهي، المدينة التي لا تهدأ، كانت كالنهر العاصف الذي يحمل كل شيء في طريقه – الأحلام، الأحزان، والطموحات. شوارعها المزدحمة كانت تعج بالصخب: أصوات بوق السيارات، صراخ الباعة الجائلين، ورائحة السمبوسة المقلية ممزوجة بدخان العوادم. الأضواء النيونية كانت تلمع على واجهات المباني العالية، ترمي ظلالها على الأرصفة المكتظة، بينما كانت الأسواق – مليئة بألوان الساريات، الفواكه الطازجة، والحرف اليدوية – تنبض كقلب المدينة. في هذا العالم الفوضوي، وجدت زويا نفسها مرة أخرى، لكن هذه المرة لم تكن الفتاة الحزينة التي هربت من أليغار. كانت امرأة جديدة، مشتعلة بنار الانتقام، مصممة على أن تجعل موت أكرم له معنى.
زويا، التي كانت الآن في العشرينيات المبكرة، كانت قد استعادت جزءًا من بريقها، لكن عينيها الداكنتين كانتا تحملان ظلًا من الحزن والعزيمة. شعرها الأسود الطويل كان يُربط أحيانًا في كعكة عملية، وأحيانًا يتدفق بحرية، كأنه يعكس حالتها المزاجية. كانت ترتدي ملابس تجمع بين الأناقة والعملية – جينز ضيق، قمصان قطنية بألوان جريئة، وأحيانًا ساري بسيط عندما تتحدث في التجمعات. انضمت إلى حملة جاكي الانتخابية، السياسي الطموح الذي رأى فيها شريكة سياسية قوية. جاكي، في الثلاثينيات من عمره، كان رجلًا أنيقًا يرتدي بدلات مصممة بعناية، ويتحدث بثقة تجعل الناس يستمعون. كان يعمل لحساب وزيرة بارزة، وكان هدفه الفوز في الانتخابات المحلية، مستخدمًا قضية العدالة الاجتماعية كسلاح. زويا، التي وجدت في هذه الحملة قناة لألمها، أصبحت ناشطة شرسة. كانت تتحدث في التجمعات، صوتها يرتفع فوق الحشود، مليء بالشغف والغضب. كتبت مقالات نارية في الصحف المحلية، تدعو إلى تغيير النظام الذي سمح بموت أكرم. كانت كالنار، تحرق كل ما يعترض طريقها، لكن تحت هذه القوة كان هناك قلب مكسور.
كوندان، الذي تابع زويا إلى دلهي، لم يكن بعيدًا. كان يعيش في غرفة صغيرة في حي فقير، مليئة بروائح الزيت المقلي والرطوبة، ويعمل في سوق الخضار، يحمل أكياس البطاطس والبصل تحت شمس دلهي الحارقة. كان يرتدي قميصًا قطنيًا متسخًا وسروالًا ممزقًا، لكن عينيه الواسعتين لا تزالان تلمعان بحب لم يتلاشَ. عندما علم بحملة زويا السياسية، انضم إلى فريقها، ليس لأنه آمن بالسياسة – فهو لم يفهمها حتى – بل لأنه آمن بزويا. كان يساعد في تنظيم المظاهرات، يوزع المنشورات في الأسواق، ويحمل لافتات في التجمعات. كان ظلها الصامت، يقف في الخلفية، يراقبها وهي تتحدث بحماس، قلبه ينبض بفخر وألم. كل كلمة تقولها، كل ابتسامة ترسمها، كانت تذكره بأنها بعيدة عنه، لكنه كان راضيًا بأن يكون قريبًا منها، حتى لو كان مجرد ظل.
في إحدى الليالي، في غرفة الحملة المزدحمة في قلب دلهي، كانت الأجواء مشحونة بالتوتر. الغرفة، وهي مكتب صغير مليء بالأوراق، الخرائط الانتخابية، وأكواب الشاي الفارغة، كانت مضاءة بمصباح نيون يصدر طنينًا خافتًا. زويا كانت تجلس على مكتب، ترتدي قميصًا أحمر داكنًا وجينز، شعرها مربوط في كعكة فوضوية. كانت تتحدث إلى جاكي عن خطة لمظاهرة كبيرة، عيناها تلمعان بالحماس. كوندان كان يقف في زاوية الغرفة، يرتب المنشورات، لكنه لم يستطع إلا أن ينظر إليها. عندما غادر جاكي الغرفة لإجراء مكالمة، اقتربت زويا من كوندان. كانت عيناها مليئتين بشيء لم يره من قبل – مزيج من الامتنان والشوق. “كوندان، أنت دائمًا هنا,” قالت، صوتها ناعم لكنه مليء بالعاطفة. “لا أعرف كيف أشكرك.” قبل أن يتمكن من الرد، اقتربت أكثر، وفي لحظة عفوية، وضعت شفتيها على شفتيه.
كانت القبلة مليئة بالشوق المكبوت، شفتاها ناعمتان ودافئتان، تحملان طعم الشاي بالهيل والدموع. كوندان، الذي كان يحلم بهذه اللحظة منذ سنوات، شعر بقلبه يتوقف. أمسك وجهها بيديه، أصابعه تتحسسان خدها الناعم، ورد القبلة بحنان وحماس. للحظة، كان العالم خارج الغرفة قد اختفى – لا أضواء نيون، لا صخب دلهي، فقط هو وزويا. لكن القبلة قُطعت فجأة عندما دخلت الوزيرة الرئيسية، امرأة في الأربعينيات ترتدي ساريًا أنيقًا، عيناها حادتان كالصقر. “زويا!” قالت بحدة، مما جعل زويا تتراجع، وجهها محمر بالخجل. كوندان وقف صامتًا، قلبه ينبض بسرعة، لكنه شعر بظل من الأمل ينمو داخله.
اللقاء الحميم بين زويا وكوندان:
في وقت لاحق من تلك الليلة، بعد أن أغلق مكتب الحملة أبوابه، دعته زويا إلى غرفتها الصغيرة في حي فقير قريب. كانت الغرفة متواضعة، جدرانها بيضاء متشققة، ونافذة صغيرة تطل على زقاق مضاء بضوء خافت. مصباح زيتي كان يلقي ظلالًا ناعمة، ورائحة الياسمين من باقة قديمة كانت لا تزال عالقة في الهواء. زويا، مرتدية قميصًا قطنيًا أبيض وبنطالًا فضفاضًا، وقفت أمام كوندان، عيناها مليئتان بالحيرة والرغبة. “كوندان، أنا لا أعرف ماذا أفعل,” همست، صوتها متكسر. “لكنك الوحيد الذي لم يتركني.” كوندان، الذي كان يرتدي قميصًا متسخًا وسروالًا ممزقًا، اقترب منها، يده تمسك يدها بحنان. “أنا هنا دائمًا,” قال، صوته مليء بالصدق.
بدأت القبلة مرة أخرى، هذه المرة أعمق، أكثر شغفًا. شفتاها كانتا ناعمتين، تتحركان مع شفتيه في إيقاع يعكس سنوات الشوق. أزال قميصها بحذر، كاشفًا عن ثدييها الناعمين، الحلمات وردية ومشدودة تحت الضوء الخافت. تحسس ثدييها بلطف، أصابعه تتحركان بحركات دائرية، مما جعلها تتأوه بهدوء. زويا، بدورها, سحبت قميصه، كاشفة عن صدره القوي, وأصابعها تتبعت خطوط عضلاته. استلقيا على السرير, في الوضع التبشيري, كوندان فوقها, يتحرك بحذر وحنان, عيناه مثبتتان على عينيها. كانت أنفاسهما تتسارع, ممزوجة بصوت الريح من الخارج. في لحظة شغف, جربا الوضع الفارسة, زويا فوقه, شعرها يتساقط كستارة, يديها تضغطان على صدره بينما تتحرك بإيقاع راقص. كوندان, مفتونًا بها, مد يده ليمسك خصرها, أصابعه تتحسسان منحنياتها. جربا الوضع الجانبي, مستلقيين جنبًا إلى جنب, أجسادهما متلاصقة, يد زويا تتجول على ظهره. في لحظة أكثر جرأة, جربا الوضع الكلبي, زويا على يديها وركبتيها, كوندان خلفها, حركاتهما مليئة بالشغف. زويا قدمت له هاندجوب وبلوجوب, أصابعها تتحركان بخبرة, شفتاها تحيطان بقضيبه بحركات بطيئة ثم أسرع, بينما كان كوندان يلحس شفاه كسها, لسانه يتحرك بحركات دائرية جعلتها ترتعش. كانت هذه اللحظة ملتهبة, مزيجًا من الشوق المكبوت والرغبة, لكنها كانت أيضًا مليئة بالحنان, كأن كل لمسة كانت تعبر عن سنوات من الانتظار.
لكن هذه اللحظة من القرب لم تدم طويلًا في قلب زويا. في الأيام التالية, بدأت تفكر في خطة سياسية خطيرة اقترحتها الوزيرة. كانت الخطة تتضمن استخدام كوندان ككبش فداء في مظاهرة لإثارة التعاطف الشعبي. في إحدى الليالي, بينما كانت الغرفة مضاءة بضوء القمر, جلست زويا وحدها, تنظر إلى صورة قديمة لأكرم. شعرت بالذنب, لكن عزمها على الانتقام كان أقوى. تنتهي الفصل بلحظة توتر: زويا, وهي تحدق في الظلام, تبدأ في التفكير في كيفية إقناع كوندان بالمشاركة في الخطة, عيناها مليئتان بالصراع بين الحب والطموح.
الفصل الثامن: المؤامرة
المكان: دلهي، الهند
دلهي، المدينة التي تتنفس الفوضى والطموح، كانت كالساحرة التي تجذب الجميع إلى لعبتها القاسية. شوارعها المزدحمة كانت تعج بالحياة: أصوات بوق السيارات تمتزج مع صراخ الباعة الجائلين، ورائحة التوابل الحارة من أكشاك الطعام تخترق الهواء المشبع بدخان العوادم. الأضواء النيونية كانت ترقص على واجهات المباني العالية، تعكس على برك الماء الراكدة بعد المطر، بينما كانت الأسواق – مليئة بألوان الساريات، الفواكه الطازجة، واللافتات السياسية – تنبض كقلب المدينة. في هذا العالم، حيث السياسة والسلطة كانتا العملة الحقيقية، وجدت زويا نفسها غارقة في لعبة أكبر منها، لعبة لم تكن متأكدة إن كانت تستطيع الفوز بها.
زويا، التي كانت الآن في أوائل العشرينيات، كانت قد أصبحت ناشطة شرسة، صوتها يرتفع في التجمعات، مقالاتها النارية تملأ الصحف المحلية. كانت ترتدي ملابس عملية – جينز، قمصان قطنية، وأحيانًا ساري بسيط عندما تتحدث أمام الحشود – لكن عينيها الداكنتين، التي كانت تحملان ذات يوم بريق الحلم، كانتا الآن مشحونتين بالغضب والعزيمة. انضمامها إلى حملة جاكي الانتخابية جعلها قريبة من الوزيرة الرئيسية، امرأة في الأربعينيات تدعى سوشما، ذات ساريات أنيقة وعينين حادتين كالصقر. سوشما كانت العقل المدبر وراء الحملة، امرأة تعرف كيف تلعب لعبة السياسة ببراعة، مستخدمة كل أداة متاحة – بما في ذلك القلوب المكسورة. في إحدى الليالي، في مكتب الحملة المزدحم، جلست سوشما مع زويا على طاولة مليئة بالأوراق والخرائط الانتخابية. “الناس يحبون القصص المؤثرة، زويا,” قالت سوشما، صوتها هادئ لكنه حاسم. “نحتاج إلى شيء كبير – شيء يجعل الناخبين يتعاطفون معنا.”
الخطة التي اقترحتها سوشما كانت مظلمة وخطيرة. كان الهدف إثارة شغب خلال مظاهرة كبيرة، إصابة شخص قريب من زويا – شخص يمكن أن يُظهر كضحية لقمع الشرطة – ثم الكشف عن المؤامرة لكسب تعاطف الناخبين. الشخص المختار كان كوندان. “إنه يحبك، زويا,” قالت سوشما، عيناها تلمعان كأنها ترى المستقبل. “سيفعل أي شيء من أجلك.” زويا، التي كانت لا تزال تحمل ذنب القبلة الحميمة مع كوندان، شعرت بقلبها ينقبض. كانت تعلم أن استخدام كوندان خطأ، لكن نار الانتقام لموت أكرم، وطموحها لتغيير العالم، جعلاها توافق. في تلك اللحظة، أصبحت زويا لاعبة في لعبة لم تكن مستعدة لها تمامًا، لعبة حيث الحب والتضحية كانا مجرد أدوات.
كوندان، الذي كان لا يزال ظل زويا الصامت، كان يعمل في الحملة بإخلاص لا يتزعزع. كان في العشرينيات المبكرة، جسده قوي من سنوات العمل في الأسواق، لكنه كان يرتدي قمصانًا قطنية متسخة وسراويل ممزقة، وجهه محروق من شمس دلهي. عيناه الواسعتان، المليئتان بالحماس والألم، كانتا دائمًا تتبعان زويا. عندما أخبرته زويا بالخطة – جزئيًا فقط، دون الكشف عن التفاصيل المظلمة – وافق دون تردد. “إذا كان هذا ما يجعلك سعيدة، زويا، سأفعله,” قال، صوته مليء بالصدق. لم يكن يؤمن بالسياسة، لم يفهم تعقيداتها، لكنه رأى في هذه الخطة فرصة لإثبات حبه – فرصة ليكون بطلها، حتى لو كلفه ذلك حياته. كان قلبه ينبض بشوق القبلة التي شاركاها في غرفة الحملة، تلك اللحظة الحميمة التي جعلته يشعر، ولو لثوانٍ، أنه يملك قلبها.
في يوم المظاهرة، كانت دلهي على وشك الانفجار. كان الهواء ثقيلًا بروائح الغبار والعرق، والشوارع مليئة بالحشود التي تحمل لافتات وتصرخ شعارات ضد الحكومة. كانت المظاهرة، التي نظمتها حملة جاكي، تهدف إلى لفت الانتباه إلى قضايا العدالة الاجتماعية، لكن تحت السطح كانت هناك خطة أكثر قتامة. كوندان وقف في الصفوف الأمامية، يرتدي قميصًا أبيض بسيطًا، يحمل لافتة مكتوب عليها “العدالة الآن!” صوته كان يرتفع مع الحشد، يصرخ شعارات الحملة بقوة، لكنه كان ينظر إلى زويا، التي كانت تقف على منصة مرتفعة، تتحدث إلى الحشود. كانت ترتدي ساريًا أحمر داكنًا، شعرها مضفورًا بخيوط ذهبية، وعيناها تلمعان بالحماس. للحظة, نظرت إليه, وعيناها التقطتا عينيه. كان هناك شيء في نظرتها – ذنب, خوف, أو ربما حب – لكنه لم يستطع تفسيره.
كوندان, الذي كان يعلم أن الخطة تتضمن إصابته, كان مستعدًا. كان يرى في ذلك قربانًا آخر لحبه, مثل الدم الذي أراقه في بنارس. وقف في الصف الأول, جسده مشدود, قلبه ينبض بسرعة, لكنه كان هادئًا. كان يفكر في زويا, في ابتسامتها, في القبلة التي شاركاها, في الليالي التي قضاها يحلم بها. “من أجلك, زويا,” همس لنفسه, وهو يرفع اللافتة عاليًا.
ثم بدأت الفوضى. الشرطة, التي كانت متمركزة على حواف الحشد, بدأت تتقدم, تحمل دروعًا وعصيًا. فجأة, أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع, التي انفجرت في الهواء, تملأ الشوارع بدخان كثيف يحرق العينين. الحشد بدأ يتفرق, الناس يصرخون, يركضون في كل الاتجاهات. كوندان, الذي كان في الصف الأول, شعر بالغاز يخنق رئتيه, لكنه ظل واقفًا, يصرخ شعارات الحملة. ثم سمع صوت طلقات – رصاص مطاطي يطير في الهواء, يضرب الحشود بعنف. كان الهواء مليئًا بالصراخ, الدخان, والفوضى, وزويا, من على المنصة, شاهدت كل شيء بعيون مملوءة بالرعب. تنتهي الفصل بلحظة مشحونة: الرصاص المطاطي يقترب, والفوضى تبتلع الشوارع, وكوندان يقف, لا يزال يحمل لافتته, كأنه يتحدى القدر نفسه.
الفصل التاسع: الرصاصة
المكان: دلهي، الهند
دلهي، المدينة التي تتغذى على الفوضى والطموح، كانت في ذلك اليوم ساحة معركة. شوارعها المزدحمة، المعبأة بأصوات بوق السيارات ورائحة التوابل الممزوجة بدخان الغاز المسيل للدموع، كانت تعج بالحياة والموت في آن واحد. الأضواء النيونية، التي كانت عادة ترقص على واجهات المباني العالية، كانت الآن محجوبة بدخان كثيف يتصاعد من قنابل الشرطة. الأسواق، التي كانت تنبض بالألوان والروائح، أصبحت ساحات للصراخ والركض، حيث تفرق الحشود تحت وطأة العصي والرصاص المطاطي. في قلب هذه الفوضى، كانت المظاهرة التي نظمتها حملة جاكي قد تحولت إلى كابوس، كما لو أن دلهي نفسها قررت أن تبتلع أحلام الجميع.
كوندان شانكار، الشاب في العشرينيات المبكرة، كان يقف في الصفوف الأمامية، كما وعد زويا. كان يرتدي قميصًا أبيض متسخًا، ممزقًا عند الأكمام من أيام العمل في سوق الخضار، ويحمل لافتة مكتوب عليها “العدالة الآن!” عيناه الواسعتان، المليئتان بالحماس والألم، كانتا تتبعان زويا، التي كانت تقف على منصة مرتفعة، تتحدث إلى الحشود بصوت مليء بالغضب والشغف. كان قلبه ينبض بحبها، حتى في وسط هذه الفوضى. كان يعلم أن الخطة – التي أخبرته بها زويا جزئيًا – تتضمن إصابته، لكنه رأى في ذلك قربانًا آخر لحبه، مثل الدم الذي أراقه في بنارس منذ سنوات. كان مستعدًا، جسده مشدود، صوته يرتفع مع شعارات الحملة، كأنه يتحدى القدر نفسه.
ثم جاءت اللحظة. وسط الدخان الكثيف للغاز المسيل للدموع، الذي كان يحرق العينين ويخنق الرئتين، سمع كوندان صوت طلقة. لم يكن رصاصًا حيًا، بل رصاصة مطاطية، لكنها كانت قوية بما يكفي لتكون قاتلة. أصابته الرصاصة في صدره، اخترقت قميصه الأبيض، وألقته على الأرض وسط الغبار والدماء. كان الألم كالنار، ينتشر في جسده، لكنه لم يصرخ. بدلاً من ذلك، نظر إلى السماء، حيث كان الدخان يحجب الضوء، وهمس: “زويا…” قبل أن يفقد الوعي. الحشد حوله كان يصرخ، الناس يركضون في كل الاتجاهات، والشرطة تتقدم بعصيها ودروعها. زويا، من على المنصة، شاهدت كل شيء بعينين مملوءتين بالرعب. رأت كوندان يسقط، جسده يهوي على الأسفلت، الدم يتسرب من صدره، وشعرت بقلبها يتمزق.
تم نقل كوندان إلى مستشفى قريب، حيث كانت أضواء النيون الباردة تملأ غرفة الطوارئ برائحة المطهرات والخوف. كان جسده متصلًا بالأنابيب، وجهه شاحب كالقمر، وصدره ملفوف بضمادات بيضاء ملطخة بالدم. أدخل إلى العناية المركزة، حيث كانت الأجهزة تصدر أصواتًا إيقاعية كأنها تهمس بأن الحياة لا تزال ممكنة. زويا، التي تمكنت من الوصول إلى المستشفى بعد ساعات من الفوضى، وقفت خارج غرفته، يداها ترتجفان، عيناها محمرتان من البكاء. كانت ترتدي ساريًا أحمر داكنًا، لكنه كان متسخًا بالغبار والدموع. شعرت بالذنب يمزقها من الداخل – ذنب أنها وافقت على خطة سوشما، ذنب أنها استخدمت كوندان، الرجل الذي أحبها بلا شروط. كانت تعلم أن الخطة كانت تهدف إلى إصابته بشكل طفيف لكسب تعاطف الناخبين، لكن الأمور خرجت عن السيطرة. الرصاصة المطاطية، التي كان من المفترض أن تكون مجرد إصابة سطحية، كادت تقتله.
في تلك الليلة، بينما كانت دلهي لا تزال مضطربة بالاحتجاجات، قررت زويا أن تفعل شيئًا. لم تستطع تحمل فكرة أن تكون سبب ألم كوندان. جمعت شجاعتها، وفي صباح اليوم التالي، نظمت مؤتمرًا صحفيًا في مكتب الحملة. كانت الغرفة مليئة بالصحفيين، الكاميرات تلمع، والميكروفونات موجهة نحوها. وقفت زويا، ترتدي قميصًا أسود بسيطًا وجينز، شعرها مربوط بعشوائية، وعيناها مليئتان بالغضب والألم. “أنا من خططت لإيذائه!” صرخت، صوتها يرتجف لكنه حاسم. “كوندان كان ضحية مؤامرتنا السياسية. أردنا استخدامه لكسب تعاطفكم، لكنني لن أتركه يدفع الثمن وحده!” كانت كلماتها كالنار، تحرق كل من في الغرفة – جاكي، الذي وقف في الخلفية، وجهه شاحب؛ سوشما، التي حاولت إسكاتها بنظرات حادة؛ والصحفيين، الذين بدأوا يطرحون الأسئلة بسرعة. كشفها عن المؤامرة كان بمثابة زلزال، هز أسس الحملة الانتخابية، وجعل زويا هدفًا للانتقادات والتهديدات.
بعد المؤتمر، ركضت زويا إلى المستشفى، قلبها ينبض بالخوف والأمل. عندما وصلت إلى غرفة كوندان في العناية المركزة، وجدته نائمًا، وجهه هادئ تحت تأثير المسكنات. كان متصلًا بالأنابيب، صدره يرتفع وينخفض ببطء، والضمادات البيضاء تلتف حول جسده ككفن. جلست بجانبه، على كرسي بلاستيكي بارد، وأمسكت يده بحذر. كانت يده خشنة من سنوات العمل، لكنها دافئة، كأنها تحمل الحياة التي كادت تُسلب منه. بدأت تبكي، دموعها تسقط على يده، وهي تهمس: “أنا آسفة، كوندان. أنا آسفة.” كانت كلماتها صلاة، طلبًا للمغفرة من رجل أحبها أكثر مما أحبت نفسها. كانت الغرفة هادئة، إلا من صوت أجهزة المراقبة وأنفاس كوندان الضعيفة. تنتهي الفصل بلحظة درامية: زويا، وهي تمسك يده، تبكي بصمت، بينما دلهي خارج الغرفة تواصل صخبها، كأنها غير مبالية بقلبين ممزقين.
الفصل العاشر: الاعتراف
المكان: دلهي، الهند
دلهي، المدينة التي لا تعرف الهدوء، كانت خارج جدران المستشفى لا تزال تعيش صخبها المعتاد. شوارعها المزدحمة كانت تهتز بأصوات بوق السيارات، صراخ الباعة الجائلين، ورائحة التوابل الحارة ممزوجة بدخان العوادم. الأضواء النيونية كانت ترقص على المباني العالية، تعكس على الأرصفة الرطبة بعد المطر، لكن داخل المستشفى، كان العالم مختلفًا. غرفة العناية المركزة، بجدرانها البيضاء المتشققة وأضوائها النيونية الباردة، كانت مليئة برائحة المطهرات وصوت أجهزة المراقبة التي تصدر طنينًا إيقاعيًا، كأنها تهمس بأن الحياة معلقة بخيط رفيع. في هذه الغرفة، حيث الزمن يبدو متوقفًا، كان كوندان شانكار يرقد على سرير أبيض، جسده متصل بالأنابيب، صدره ملفوف بضمادات ملطخة ببقع دم باهتة. وجهه، الذي كان محروقًا من شمس دلهي وبنارس، كان شاحبًا، لكن عينيه الواسعتين لا تزالان تحملان ذلك البريق – بريق الحب الذي لم يتلاشَ أبدًا.
زويا، التي قضت الليلة الماضية جالسة بجانبه، كانت لا تزال هناك، على كرسي بلاستيكي بارد، يداها متشابكتان، عيناها محمرتان من البكاء. كانت ترتدي قميصًا أسود بسيطًا وجينز، شعرها الأسود الطويل مربوط بعشوائية، ووجهها يحمل آثار الإرهاق والذنب. كانت لا تزال تهزها كلماتها في المؤتمر الصحفي، حيث كشفت عن المؤامرة التي جعلت كوندان ضحية، صرختها “أنا من خططت لإيذائه!” لا تزال تتردد في أذنيها. كانت تشعر بثقل الذنب يسحقها، كأن كل قرار اتخذته – من قبول خطة سوشما إلى استخدام حب كوندان – كان حجرًا يضاف إلى عبء قلبها. لكنها كانت هنا، تمسك يده الخشنة، تحاول أن تجد كلمات تعبر عما تشعر به.
في صباح هادئ، بينما كانت أشعة الشمس تتسلل من النافذة الصغيرة، فتح كوندان عينيه ببطء. كان وجهه متعبًا، لكنه ابتسم عندما رآها. “زويا…” همس، صوته ضعيف لكنه مليء بالدفء. زويا، التي كانت تنتظر هذه اللحظة، شعرت بدموعها تتساقط مرة أخرى. “كوندان، أنت بخير!” قالت، صوتها متكسر، وهي تضغط على يده بحنان. لكنه، بدلاً من الرد مباشرة، نظر إليها بعينين تعكسان سنوات من الشوق والألم. “كنت أعرف بالخطة,” قال، صوته خافت لكنه حاسم. “كنت أعرف أنني قد أصاب، لكنني سمحت بذلك. أردت أن أثبت لكِ حبي.”
كانت كلماته كالسكين، تقطع قلب زويا. شعرت بالذنب يغمرها، لكن هذه المرة كان ممزوجًا بشيء آخر – إدراك عميق لما يعنيه حب كوندان. كان حبًا نقيًا، لا يطالب بشيء، حبًا تحمل الألم والتضحية دون تردد. نظرت إليه، عيناها مليئتان بالدموع، وقالت: “أحبك، كوندان. دائمًا أحبك.” كانت الكلمات صادقة، تنطلق من قلبها الممزق، كأنها تحاول تعويض سنوات من الرفض والابتعاد. كوندان، رغم ضعفه، رفع يده ببطء، لمس وجهها، أصابعه الخشنة تتحسس خدها الناعم. “أعرف,” قال، مبتسمًا ابتسامة هادئة، كأنه وجد السلام أخيرًا.
عانقها، رغم أن جسده كان ضعيفًا، الأنابيب تسحب من حركته، والألم ينبض في صدره. كانت العناقة مليئة بالدفء، كأنها تجمع كل لحظاتهما معًا – من الياسمين المتناثر في بنارس، إلى القبلة الحميمة في غرفة الحملة، إلى هذه اللحظة في المستشفى. زويا، التي كانت تبكي على كتفه، شعرت لأول مرة أنها في بيتها، ليس في دلهي أو بنارس، بل في قلب كوندان. لكن حتى في هذه اللحظة من القرب، كان هناك ظل من الخوف – خوف من أن الوقت قد يكون قصيرًا.
في لحظة هادئة، بينما كانا يجلسان معًا، بدأ كوندان يتحدث عن بنارس. كان صوته ضعيفًا، لكنه مليء بالحنين. “هل تتذكرين الغنجيس؟” قال، عيناه تلمعان كأنما يرى النهر أمامه. “كنت أقف على الغاتات، أنظر إلى الماء، وأفكر فيكِ. كنت أعلم أنكِ ستكونين جزءًا من حياتي، مهما حدث.” كانت كلماته كقصيدة، تحمل ذكريات الياسمين، النيران في غات مانيكارنيكا، والشموع العائمة على النهر. زويا استمعت، دموعها تتساقط بصمت، وهي تمسك يده بقوة أكبر. كان كوندان يبتسم، لكنه كان يبدو كأنه يعلم شيئًا لا تعرفه – كأنه يعلم أن وقته يقترب. تنتهي الفصل بهذه اللحظة الهادئة، حيث يملأ صوت كوندان الغرفة بحكايات بنارس، بينما دلهي خارج الجدران تواصل صخبها، غير مبالية بحب يتحدى الموت.
الفصل الحادي عشر: النهاية
المكان: دلهي وبنارس، الهند
دلهي، بصخبها الذي لا يتوقف، كانت كالنهر العاصف الذي يجرف كل شيء في طريقه، لكن داخل جدران المستشفى، كان الهدوء يسود كأنه عالم آخر. غرفة العناية المركزة، بجدرانها البيضاء المتشققة وأضوائها النيونية الباردة، كانت مليئة برائحة المطهرات وصوت أجهزة المراقبة التي تصدر طنينًا إيقاعيًا، كأنها تهمس بلغة الحياة والهشاشة. خارج النافذة الصغيرة، كانت دلهي تواصل حياتها: أصوات بوق السيارات، رائحة التوابل الحارة من الأسواق، والأضواء النيونية التي ترقص على المباني العالية. لكن داخل الغرفة، كان الزمن متوقفًا، كأن العالم ينتظر لحظة مصيرية.
كوندان شانكار، الشاب في العشرينيات المبكرة، كان يرقد على سرير أبيض، جسده متصل بالأنابيب، صدره ملفوف بضمادات بيضاء ملطخة ببقع دم باهتة. وجهه، الذي كان محروقًا من شمس بنارس ودلهي، كان شاحبًا كالقمر، لكن عينيه الواسعتين، رغم ضعفهما، كانتا لا تزالان تحملان بريق الحب الذي لم يتلاشَ أبدًا. زويا، التي قضت الليل بجانبه، كانت لا تزال هناك، جالسة على كرسي بلاستيكي بارد، يداها تمسكان يده الخشنة. كانت ترتدي قميصًا أسود بسيطًا وجينز، شعرها الأسود الطويل مربوط بعشوائية، وعيناها الداكنتين محمرتان من البكاء. كانت لا تزال تهزها كلماتها في المؤتمر الصحفي السابق، حيث كشفت عن المؤامرة التي جعلت كوندان ضحية، واعترافها بحبها له في اليوم السابق كان يتردد في قلبها مثل صلاة.
في صباح اليوم التالي، بينما كانت أشعة الشمس تتسلل من النافذة، حدثت المأساة. كان كوندان يتحدث إلى زويا، صوته ضعيف لكنه مليء بالحنين، يحكي عن بنارس، عن النهر، عن الياسمين الذي كان يتركه عند باب منزلها. فجأة، توقف، وجهه تشنج، ويده ضغطت على يدها بقوة. “زويا…” همس، ثم أغمض عينيه. كانت جلطة مفاجئة، كأن قلبه، الذي تحمل سنوات من الحب والألم، قرر أن يستسلم أخيرًا. الأجهزة بدأت تصدر أصواتًا عالية، الممرضات هرعن إلى الغرفة، لكن زويا، التي كانت تمسك به، عرفت أنه رحل. عانقته بقوة، جسده لا يزال دافئًا في حضنها، وصرخت: “كوندان! لا تتركني!” كانت دموعها تسقط على وجهه، كأنها تحاول إعادته إلى الحياة، لكن قلبه توقف، تاركًا إياها وحيدة مع ألمه وحبه.
تم نقل جثمان كوندان إلى بنارس، المدينة التي كانت مهد حبه. كانت الرحلة طويلة، عبر قطار يهتز عبر السهول الهندية، حيث كانت الحقول الخضراء تمتد تحت سماء زرقاء صافية. زويا، التي رافقت الجثمان، كانت صامتة طوال الطريق، عيناها مثبتتان على النافذة، لكنها لم ترَ شيئًا سوى ذكريات كوندان – ابتسامته، يديه وهو يرتب الياسمين، صوته وهو يحكي عن الغنجيس. عندما وصلوا إلى بنارس، كانت المدينة كما هي دائمًا: النهر يتدفق ببطء، الغاتات مليئة بالحجاج، ورائحة البخور تملأ الهواء. لكن بالنسبة لزويا، كانت بنارس الآن مكانًا آخر – مكانًا يحمل ذكرى كوندان في كل زاوية.
تم إحراق جثمان كوندان على غات مانيكارنيكا، المكان الذي يحترق فيه الموتى ليصبحوا جزءًا من الأبدية. كانت النيران ترتفع عاليًا، الدخان يتصاعد إلى السماء، ورائحة الخشب المحترق تمتزج برائحة النهر. زويا وقفت على الضفة، ترتدي ساريًا أبيض بسيطًا، شعرها يتطاير مع الريح، وعيناها مليئتان بالدموع. كان والد كوندان، الكاهن العجوز ذو اللحية البيضاء، يقود الطقوس، يتمتم بالصلوات بصوت خافت، كأنه يودع ابنه إلى الآلهة. عندما انتهت النيران، جمعت زويا رماد كوندان في إناء نحاسي، ومشيت إلى حافة النهر. وقفت هناك، حيث كانت الشموع العائمة ترقص على الماء، ورمت الرماد في الغنجيس. كانت دموعها تتساقط، تختلط بالنهر، كأنها تصبح جزءًا منه. “أنت الآن جزء من النهر، كوندان,” همست، صوتها متكسر. “لكنك ستظل دائمًا جزءًا مني.”
في تلك اللحظة التأملية, وقفت زويا على ضفة النهر, تحيط بها أصوات الأجراس من المعابد وصوت الأذان من المساجد القريبة. كانت بنارس, بكل تناقضاتها, تعكس قلبها الممزق – قلب يحمل الحزن, الحب, والعزيمة. تذكرت كلمات كوندان عن النهر, عن كيف أنه يحمل كل شيء – الأحلام, الأحزان, والحب. قررت أن تحمل ذكراه كقوة, كشعلة لن تنطفئ. تعهدت بمواصلة نضالها – ليس فقط من أجل أكرم, الذي ألهمها يومًا, ولكن من أجل كوندان, الذي أحبها حتى آخر نفس. نظرت إلى النهر, حيث كان الرماد يتلاشى في التيار, وهمست: “سأجعلك فخورًا, كوندان.” كانت كلماتها وعدًا, ليس فقط له, بل لنفسها – وعدًا بأن تستمر, مهما كان الثمن.
الفصل الثاني عشر: الأسطورة
المكان: بنارس ودلهي، الهند
سنوات مرت، كأنها أمواج الغنجيس التي تتدفق بلا توقف، تحمل معها ذكريات الأحبة والأحزان، تاركة خلفها قصصًا تتحول إلى أساطير. بنارس، المدينة الأبدية، كانت لا تزال تعيش كما كانت دائمًا: النهر يتدفق ببطء، مياهه البنية تعكس أضواء الشموع العائمة، والغاتات – تلك السلالم الحجرية التي تنحدر إلى قلب النهر – مزدحمة بالحجاج والمصلين. روائح البخور تمتزج برائحة التوابل من أكشاك السوق، وأصوات الأجراس من المعابد تتردد مع الأذان من المساجد القريبة، في تناغم يعكس روح المدينة. لكن في شوارع بنارس الضيقة، بين بائعي الزهور والكهنة، بدأت قصة كوندان وزويا تنتشر كأسطورة – قصة شاب أحب حتى الموت، وفتاة حملت حبه كسلاح لتغيير العالم.
في بنارس، كان الناس يروون القصة بمزيج من الحزن والإعجاب. في أكشاك الشاي على ضفاف الغنجيس، كان الباعة يحكون عن كوندان شانكار، الشاب الذي كان يبيع الياسمين في سوق داشاشواميده، الذي قطع معصمه من أجل حب زويا، وتبعها إلى أليغار ودلهي، وحمل لافتة في مظاهرة كادت تقتله، ثم مات في حضنها. كانوا يتحدثون عن زويا، الفتاة ذات العينين الداكنتين، التي هربت من بنارس بحثًا عن حلم أكبر، لكنها عادت إليها تحمل ألم حبين – أكرم، الناشط الذي ألهمها، وكوندان، الذي أحبها حتى آخر نفس. على غات مانيكارنيكا، حيث أحرق جثمان كوندان، كان الكهنة يضيفون قصته إلى الصلوات، كأنها طقس جديد – قصة حب أصبحت جزءًا من النهر نفسه.
في دلهي، كانت زويا قد أصبحت رمزًا للنضال. في السابعة والعشرين من عمرها الآن، كانت امرأة قوية، وجهها يحمل خطوطًا خفيفة من الإرهاق والعزيمة. كانت ترتدي ملابس بسيطة لكن أنيقة – ساريات بألوان جريئة عندما تتحدث في التجمعات، وجينز وقمصان قطنية عندما تعمل في مكتبها الصحفي. شعرها الأسود الطويل كان يُضفر أحيانًا، لكنه غالبًا كان يتدفق بحرية، كأنه يعكس روحها المتمردة. كانت قد تركت حملة جاكي بعد المؤامرة التي كادت تقتل كوندان، وبدأت حملتها الخاصة – حملة تدعو إلى العدالة الاجتماعية، مستلهمة من أحلام أكرم وتضحية كوندان. كانت تتحدث في التجمعات، صوتها يرتفع فوق الحشود، مليء بالشغف والغضب، وتكتب مقالات نارية تتحدى الفساد والظلم. لكن في أعماقها، كانت تحمل ذكرى كوندان كشعلة لا تنطفئ – ذكرى القبلة الحميمة في غرفة الحملة، العناق في المستشفى، والرماد الذي ألقته في الغنجيس. كما كانت تحمل ذكرى أكرم، الناشط الذي أشعل فيها شرارة الثورة، والذي أحبته بقلبها الشاب قبل أن يُسلب منها.
كل عام، كانت زويا تعود إلى بنارس، كأنها حاجة تؤدي طقسًا مقدسًا. كانت تقف على ضفة النهر، قرب غات داشاشواميده، حيث كان كوندان يبيع الياسمين ذات يوم. كانت ترتدي ساريًا أبيض بسيطًا، شعرها يتطاير مع الريح، وعيناها تتبعان الشموع العائمة على الماء. كانت تحمل باقة ياسمين، تضعها على النهر، وتتذكر – تتذكر ابتسامة كوندان، صوته وهو يحكي عن الغنجيس، يديه وهما تمسكان يدها في المستشفى. كانت تتذكر أيضًا أكرم، عينيه البنيتين العميقتين، كلماته عن العدالة، وقبلته تحت شجرة النييم في أليغار. كانت تحب كليهما، كل بطريقته: أكرم ألهم عقلها، وكوندان ملأ قلبها. لكنها كانت تعلم أن حب كوندان كان الأعمق – حب لا يطالب بشيء، حب تحمل الألم والموت من أجلها.
في إحدى السنوات، في غروب مشمس، وقفت زويا على ضفة النهر، حيث كانت السماء تتلون بألوان البرتقالي والأحمر. كانت تحمل زهرة ياسمين واحدة، بيضاء ناصعة، كتلك التي كان كوندان يتركها عند باب منزلها. ألقت الزهرة على سطح الغنجيس، وراقبتها وهي تطفو، تتمايل مع التيار، كأنها تحمل روح كوندان. كانت الشموع العائمة حولها ترقص، والنهر يتدفق بصمت، كأنه يحتضن الزهرة. زويا، التي كانت دموعها تتساقط بصمت، شعرت بقلبها ينبض بحزن وأمل في آن واحد. “أنتم معي دائمًا,” همست، وهي تفكر في كوندان وأكرم، في حبهما الذي شكلها، في تضحياتهما التي أعطتها القوة. الزهرة اختفت في التيار، كأنها أصبحت جزءًا من النهر، جزءًا من الأبدية.
تنتهي الرواية بهذه اللحظة الرمزية، حيث تقف زويا على ضفة الغنجيس، محاطة بأصوات الأجراس والأذان، بينما تتلاشى زهرة الياسمين في الأفق. كانت بنارس، بدفئها وتناقضاتها، تحتضنها كما احتضنت قصتها. وفي دلهي، كانت زويا ستواصل نضالها، تحمل ذكرى كوندان وأكرم كقوتين تدفعانها إلى الأمام – قوة الحب وقوة العدالة. النهر، كما لو كان يستمع، استمر في التدفق، شاهدًا على أسطورة حب أصبح جزءًا من أبديته.



