رواية وصمة وجع الفصل الثاني 2 بقلم سهام العدل – تحميل الرواية pdf

الفصل_الثاني
تجلس سدن بجوار النافذة منغمسة في هوايتها المفضلة التي أصبحت عالمها منذ ما يقرب من الثلاث سنوات حتى أصبحت تحترفها بجدارة بعدما وطدتها بدراستها عالمها التي وجدت فيه نفسها وكيانها بعدما انعزلت عن العالم الخارجي بعدما أصابها ما أصابها فقط تذهب للجامعة لحضور محاضراتها وتعود سريعا لتجلس في غرفتها غارقة بين أدوات الرسم تخرج فيها كل طاقتها المكبوتة غصة ۏجع ټحرقها كلما تذكرت ذاك اليوم التي أوصمها بوصمة لازمتها مدى الحياة بعدما كانت سدن الجميلة ذات الوجه البشوش في المنزل مصدر البهجة والسعادة بين أصدقائها صاحبة الروح الذهبية كما كان يطلق عليها مدرسيها في المرحلة الثانوية…أصبح السكون عالمها وانعدمت متع الحياة من حولها ماعدا متعتها الوحيدة متعة الرسم ذاك اليوم الذي ذاهبة فيه مع مجموعة من زميلاتها إلى أحد الدروس الخصوصية في أحد المناطق الشعبية وبينما هن يمرحن في الطريق ويبتسمن وإذ بشاب ملثم يركب خلف آخر على دراجة بخارية ينادي على إحداهن المجاورة لسدن ما أصاب سدن هي الأخرى منه البعض علي جزء من وجهها وآخر ما تتذكره ذاك اليوم هو صړاخها وصړاخ جميع من حولها.
فاقت وهي على سرير في مستشفي تتذكر ماحدث فرفعت يدها تلقائيا تتحسس ذاك الجزء الأيسر من وجهها الذي يخفيه تلك اللاصقات الطبية وبدأت يدها تهبط على منتصف رقبتها التي أصيب هو الآخر حتى مقدمة صدرها فصړخت من الړعب حتى أتاها الممرضة والطبيب الذي أخبرها أن إصابتها في جزء بسيط وأن هذا .. وأن
أشهر طويلة مرت وهي تتنقل مع أمها وأبيها بين عيادات أطباء التجميل وبعد عدة محاولات تحسن الشكل قليلا ولكن لم يزل هذا الأثر من وجهها وأصبحت سدن فتاة السابعة عشر في نظر نفسها ع لا يرحم ذليلا ولم يأذر ضعيفا ساندها أمها وأباها وأختيها غصون وسدرة حتى إستطاعت أن تستكمل تعليمها وتلتحق بالجامعة وهي الآن سدن فتاة العشرين عاما طالبة الفرقة الثانية في كلية الفنون الجميلة ورغم أن الجميع يرونها طبيعية ومتقبلة ذلك الواقع الذي فرض عليها إلا أن روحها لم تطب بعد فذلك التشوه الذي يبدأ من نهاية حاجبها الأيسر حتى نهاية وجهها ويهبط طوليا حتى نهاية نفس الجانب من رقبتها منتهيها حتى بداية صدرها وكتفها الأيسر مازال يمثل لها وصمة تذبح روحها كلما وقفت أمام مرآة أو خرجت للجامعة رغم تحاول جاهدة في إخفاء ذلك بحجابها وبعض الزينة.
لم تستطع أن تمنع تلك الدموع من الهبوط كلما راودتها ذكرى ذلك اليوم مسحت دموعها وأمسكت بفرشاة الرسم هاربة من تلك الذكرى وذلك الواقع في لوحة جديدة تهيم فيها وفي تفاصيلها الدقيقة حتى تنتهي منها.. وبعد ساعة من الانهماك والتركيز قاطعها رنات هاتفها المتتالية معلنة عن قدوم إشعارات إحدى برامج التواصل الإجتماعيتناولته وبعد تصفحه بدقائق ابتسمت بسعادة من تعليقات الإعجاب والإنبهار على لوحتها الأخيرة التي نشرتها صباح اليوم كلمات بسيطة من متابعيها أضفت على روحها السعادة والبهجة بعد عناء ساعات لفت نظرها تعليق ذلك الشخص المسمى ب تميم عمران الذي كتب لها دائما ماتبهريني.. ذلك الشخص الذي لم يتواني عن
إبداء إعجابه بجميع لوحاتها ولم يكتفى بذلك فكثيرا ما يرسل لها رسائل خاصة ليعبر لها عن إعجابه بلوحاتها وبرسوماتها وعندما فتحت ملفه الخاص لترى من يكون وجدت له صورة تدل على أنه شابا في نهاية عقده الثالث قوي البنية ومبتسم محب للحياة.. أسمر البشرة ذو شعر أسود وذقن خفيفة سوداء يرتدي نظارة شمسية تحجب عينيه ووجدت له أيضا مجموعة من الصور المصورة المختلفة التي اكتشفت من خلالها أنه من هواة التصوير ظلت تتنقل بين الصور حتى قاطعها دخول أختها الأكبر سدرة بوجه عابس أنا نازلة الشغل وعندي شيفت مسائي .. أما ماما تصحى عرفيها
هزت سدن رأسها بالموافقة وقالت حاضر… واستدارت سدرة خارجة من الغرفة.
ينام على أحد الأسرة في إحدى المستشفيات الخاصة وهو في عالم آخر يجاهد أن يتغلب عليه نتيجة المخدر الذي نتج عن إجراء عملية جراحية له في ساقه بدأ يتململ پألم حتى فتح عينيه السوداويتين بتعببحث بعينيه في الغرفة وجدها فارغة حتى حاول أن يعتدل فصړخ مټألما آااااااااه… جاءته إحدى الممرضات تسرع مقتربة منه تسنده إهدي بس حضرتك غلط تحرك دراعك
اعتدل قليلا وهو يتأوه وسألها بصوت مټألم أنا فين ومين جابني هنا وإيه اللي ف دراعي ورجلي ده
ردت وهي تنظم مؤشر المحلول الذي يقطر في ذراعه الأيسر حضرتك كنت عملت حاډثة وفي مجموعة من الناس جابتك هنا وطلع عندك كسر بسيط في رجلك وكسر مضاعف في دراعك وشوية خدوش بسيطة
سند رأسه بتعب وهو آخر مايتذكره فقدان تحكمه في فرامل السيارة تنهد وسألها حد من عيلتي عرف حاجة
ردت بابتسامة متقلقش الدكتور يوسف اتعرف على حضرتك وكلم الدكتور ياسر وقال إنه جاي حالا
ابتسم واسترد روح المرح التي تلازمه وقال بمكر بس أنا سعيد الحظ إن عملت الحاډثة دي عشان أشوف الحلويات دي
ابتسمت الممرضة وقالت هروح أبلغ الدكتور إن حضرتك فوقت وهمت لتذهب
استوقفها مناديا يا. متتأخريش عليا أصل أنا مريض وعامل حاډثة ومينفعش اتساب كده
زادت ابتسامتها وأجابته اسمي نها ومش هتأخر حاضر
خرجت مبتسمة من فكاهته وذهبت لتخبر الطبيب بصحوة المړيض فقابلت في طريقها زميلتها فبادرتها بإبتسامة وقالت سدرة مساء الفل ياقمر.. جيتي إمتى
ردت عليها سدرة بجمود مساء الخير يانهي جيت من شوية والدكتور يوسف قالي إني هستلم الشيفت منك
ضحكت نها وقالت يا بختك ياستي المړيض جوه إيه!!!.. قمر ېخرب شيطانه جمال إيه عيون رمادي وشعر بني وبشرة خمري ولا إيه يابت دمه تقولي سكر
عبست سدرة بملامحها وقالت إيه العبط اللي أنتي بتقوليه ده هو ده اللي أنتي شاطرة فيهياريت تخليكي مكاني واروح أنا لا وإيه الدكتور يوسف موصي على الحالة أنا أساسا قرفت من الشغلانة دي..
سارعت نها بمقاطعتها لا يااختي أمي عازمة خطيبي ع العشا اتفضلي أنتي استلمي.. واروح أنا اتعشى مع حبيبي
التفتت الفتاتان على صوت سيدة متوسطة العمر تسأل لو سمحتم فين الغرفة اللي فيها آسر غيث.
نظرت نهى لسدرة وقالت استلمي بقى… ثم التفتت للسيدة أيوة حضرتك زميلتي هتوصلك
نظرت لها سدرة وقالت مع حضرتك اتفضلي
أبعدها قليلا وأمسك يدها وأشار بنظره على الكرسي المجاور لسريره إهدي بس كده واقعدي ارتاحي وبعدين ياسر فين مجاش معاكي ليه
جلست بهدوء وأ جابته ياسر مع يوسف دخل يطمن على حالتك وجاي حالا
هز رأسه بهدوء ثم أرجعها للخلف وقال تمام بس ياريت محدش يعرف ماما حاجة عشان متقلقش
أجابت بموافقة لا محدش هيعرفها حاجة وهي متعودة على سهرك وبياتك بره البيت يا فاشل
ابتسم لها
وحاول أن يغمض عينيه ولكن فاجأه صوت أنثوي قوي أتاه من علي باب الغرفة أنا موجودة ولو احتجتوا أي حاجة أنا موجودة بره وممكن ترن الجرس اللي جمب السرير
حاول أن يرفع بصره ليراها ولكن غلبه النوم.
بينما هو نائم عاد ياسر بصحبة الطبيب للإطمئنان عليه وطمأنه أنه لا يوجد خطۏرة ولكنه اضطر لجراحة لذراعه نتيجة الكسر المضاعف وهذا ماسيضطره للبقاء في المستشفي عدة أيام حتى يطمئن عليه طلب ياسر منه أن يعود للمنزل ولكن رفض بشدة لأنه كان لديه غرض آخر من إبقائه.
اضطرت ياسمين للمغادرة لتركها أبنائها نائمين في المنزل وزوجها غير موجود وتحججت لياسر بأنه في عمل اضطر للمبيت فيه كما اتصلت بيمني أخبرتها وطلبت منها ألا تخبر أمها بشيء مما اضطر ياسر للذهاب إلى شقة والدته واصطحاب ولديه إلى منزله كي تتمكن يمني من المجئ لمرافقة آسر وإبلاغ أمها أن إحدى صديقاتها أصيبت في حاډث مروع.
لم يعلم كم مر عليه من الوقت وهو نائم حتى استيقظ على ألم قوي يفتك بجميع جسده فنهض بصعوبة واستخدم الجرس المجاور له لتأتيه الممرضة تجيبه بجمود خير فيه حاجة.. محتاج مساعدة
أجاب بتأوه تعبان.. جسمي كله بيوجعني.. شوفيلي حاجة تسكن الۏجع ده
أخرجت من أحد الأدراج حقنة وأمسكت ذراعه وحقنته بها ثم جلست على الكرسي المجاور له وقالت ان شاء الله شوية وهتبقى كويس.. ثم أمسكت هاتفها وبدأت في تصفحه.
نظر لها بتمعن يريد أن يمدحها أو أن يمرح معها كعادته ولكن وجهها العابس منعه أطال النظر لها دون أن تلحظ وتعجب من جمالها الذي تخفيه خلف ذلك العبوس قال في نفسه بنت زي القمر لام نفسه وقال لها بس ياآسر بقى لم نفسك أنت ف إيه ولا ف إيه وكمان دي بت كشړية وبوزها يقطع الخميرة م البيت
ثم صمت قليلا وسألها اسمك إيك
رفعت بصرها له برهة ثم أخفضته مرة أخرى إلى هاتفها وأجابت سدرة
استكمل مشاغبا إياها اسمك جميل زيك بس خدودك دي ولا نفخ
رفعت حاجبيها بتحذير وقررت النهوض وقالت بإستنكار شكل الحقنة اشتغلت وأنت بقيت كويس اقوم أنا بقى
تصنع الألم وقال بمزاح آه.. آه.. ياتعبان يانا ياللي جسمي واجعني وسدرة عايزة تسيبني
اقتربت منه وقالت بعبوس أنت بتهزر بتستظرف حضرتك أنت أخدت أدويتك ومش محتاج مساعدة معرفش الدكتور يوسف سابك ليه رغم انك ممكن تمشي
نظر لها وعبس هو الآخر وقال مقلدا طريقتها في الحديث ياساتر يارب أنتي متعرفيش تضحكي عندك مشكلة يعني تمنع سيادتك من انك تبتسمي
توترت وسألته مشكلة زي إيه
استكمل بنفس الطريقة يعني عيب خلقي مثلا معندكيش عضلات في وشك تضحكي زينا بها
نظرت له بغيظ وقالت إنت إنسان قليل الذوق
نظر لها بجدية وقال و إنتي إنسانة كشړية ومعقدة
نظرت له نظرة طويلة في ظاهرها شړ ولكن خلفها الكثير من الانكسار والحزن ثم تركته وغادرت الغرفة.
جافاه النوم ككل ليلة وهو يفكر في تلك المبهمة ذات النصف وجه كما يرى صورتها الخاصة على ملفها كل ليلة تلك الشقراء ذات العين البنية والحجاب الأحمر يتعجب من نفسه كيف يعشق فتاة لم يعرف عنها شيئا سوى أنها عاشقة للرسم ومحترفة فيه ولم يرى منها سوي صورة ألتقط لها من الجنب وهي شاردة مجرد صورة أخذت بعقله منذ أشهر كم تمنى أن تجيب على رسائله الخاصة ويتعرف عليها ويتقرب منها كم تمنى أن يلتقي بها ويلتقط لها الكثير من الصور المختلفة وحينها سيكون هذا أكبر إنجاز له في عملهولكن كبريائه كرجل واحترامه لذاته يأبى أن يتودد أكثر من ذلك.
ظل يفكر كثيرا حتى راودته فكرة خبيثة يستطيع من خلالها أن يحدثها أو يلتقي بها نهض فجأة من فراشه وظل يقفز في الغرفة من سعادته وبدأ في التخطيط.
نهضت ياسمين مبكرا وأنهت بعض أعمالها المنزلية ثم ذهبت إلى عملها لتنهي أيضا بعض الأعمال حتى تذهب لزيارة آسر في المستشفي والإطمئنان عليه وبينما هي تجلس في مكتبها تنهي بعض الحسابات المعلقة شعرت بالإشتياق لزوجها الذي
قاطع خلوتها فتاة جميلة تعمل لديها في منتصف العشرينات ترتدي بنطال واسع باللون الأسود تعلوه بلوزة قصيرة باللون الأصفر وشعرها معقود بطريقة مرتبة وترتدي حذاء أيضا ذو كعب عال تدخل بأناقة شديدة وتقول بإحترام مدام ياسمين فيه واحدة تحت بتقول اسمها غصون طالبة تقابل حضرتك
ردت بهدوء تمام يا نوران دخليها وبعدها همشي على طول خدي بالك من السنتر والحسابات لحد اما ارجع آخر النهار
ردت بأناقة تحت أمر حضرتك اطمني
وبعدها دخلت غصون بتمهل وخجل كعادتها كلما التقتهافسارعت ياسمين في استقبالها وقالت أهلا ياغصون تعالي اتفضلي اقعدي
ابتسمت بخجل وجلست أمامها وقالت متشكرة أوي لحضرتك يا ست ياسمين دايما حضرتك بتحرجيني بذوقك
نهضت ياسمين وجلست على الكرسي المقابل لها وقالت بإبتسامة أولا قولتلك قبل كده بلاش ست ياسمين دي ثانيا أنتي مش عارفة أنتي عندي إيه.. ومش هتصدقي كمان لو قولتلك أنا نفسي مش عارفة أنا بحبك أوي كده ليه وبفرح أما بشوفك سعيدة
ابتلعت غصون ريقها بتوتر وابتسمت تقول ربنا يعزك ويجبر خاطرك أنا جايالك وطمعانة في كرمك اللي عمرك مابخلتي به عليا أنك تستحملينا في الإيجار لآخر الشهر
ربتت ياسمين علي كتفها بحنان وقالت بس كده ولا يهمك براحتك خالص.. أهم حاجة تفضلي تدعيلي كده دايما وأنتي إنسانة نقية والدعاء منك أكيد مجاب
ابتسمت غصون بإرتياح وقالت بدعيلك والله ربنا عالم دا أنا كمان كنت عايزة أقولك إني حامل وتفرحي معايا
ابتسمت ياسمين بسعادة وقالت لها ألف مبروك ربنا يكملك بخير فعلا فرحتيني وبالمناسبة دي عندي لك فستان تحفة مينفعش غير لجمالك ده هدية مني
وهمت أن تنادي نوران. فإذا بمراد يدخل عليهما بعينين جامدتين قائلا الهانم فاضية ناخد من وقتها دقايق
