Uncategorized

رواية جبل النار كاملة جميع الفصول – روايات سعودية جريئة pdf


عاد وائل إلى مصر بعد أن هدئت الأمور  وتأكد من موت اخته والذي استمر وجودها في المشفى ليومين حتى توقف قلبها وأعلنوا وفاتها

لذا عاد إلى مصر كي يرفع اعلان الوراثة ومن غيره وريثاً لها

دلف الفيلا وهو يشعر بانتشاء لعودته إلى منزله بعد غياب دام لأعوام كثيرة حرم عليه أن يدخله 

لكن أخيراً ابتسم له القدر وجعله يعود إليه مالكاً له.

ايام قليلة وسوف تكون هذه الأملاك باسمه وحده.

لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن إذ سمع صوت سيارات الشرطة تقتحم المنزل مما جعله يندهش

خرج ليفهم ما يحدث فوجد الشرطة تتقدم منه وقال الضابط فور رؤيته

_اقبضوا عليه.

صاح بهم وائل

_هو ايه اللي بيحصل؟

قال الضابط 

_هتعرف…خدوه على البوكس.

أخذوه مجبرًا وهو يصيح بهم انا معايا جنسية أمريكية محدش يقدر يمسني.

اومأ له الضابط وقال بتوعد

_جنسية أمريكية تمام.

تطلع للعساكر وتحدث بأمر ارموه في البوكس زي الكلاب لحد ما نروح القسم

صعد وائل سيارة الشرطة مرغماً وهو لا يفهم ما يحدث..

رن هاتف سليم وهو في طريقه مع وعد للمشفى 

فقال سليم

_انت متأكد.

_……..

اومأ له

_تمام لو قدرت توصل لمكان بابا عرفني على طول.

اندهشت وعد مما تسمعه وسألته

_في ايه يا سليم؟

اعاد سليم الهاتف لسترته ورد عليها

_الشرطة قبضت على وائل اخو شاهي أول ما نزل مصر، كان فاكر إن الموضوع سهل وهيفلت منها.

ابتسمت بسعادة 

_بجد؟ بس الشرطة عرفت ازاي.

زم فمه بضيق عندما تذكر ذلك اليوم 

_انا كلفت واحد صاحبي انه يهكر فون شاهي عشان اعرف مكان بابا وفي آخر مكالمة كانت بينها وبين اخوها بيقولها انه حطلها السم في الأكل وقتها خليته يقدم التسجيل للشرطة وطبعاً بما انه برة مصر محدش قدر يوصله واول ما نزل قبضوا عليه.

_طيب وباباك.

تنهد قائلاً 

_لسة مش عارفين.

توقفت السيارة أمام المشفى وتوجهوا حيث غرفة أسيل والتي لم يتركها داغر لحظة واحدة 

لم يتعاطف سليم معه حتى بعد ان عرف الحقيقة كاملة 

ما كان عليه أن يطلب منها المخاطرة ويأخذها منزله ولا أن يطالبها بالخروج معه

كما انه شجعها مرات كثيرة على مقابلته.

توقف مكانه عندما لاحظ حركة داخل غرفتها

تطلعت إليه وعد بخوف فوجد قدميه تسرع إليها مقتحماً الغرفة بقلب لهيف فيجد الطبيب يتحدث مع اسيل يحثها على الرد وداغر يقف يشاهد ما يحدث بقلب ملتاع.

حركت اسيل إصبعها مما جعل الطبيب يقول 

_لقد فاقت اخيرًا واصبحت بأفضل حال، سنتركها الليلة هنا في العناية تحسباً لأي ظرف وفي الصباح سنقوم بنقلها.

ثم خرج من الغرفة.

تقدم داغر منها ليمسك يدها لكن سليم منعه

_إبعد عنها.

تطلع إليه داغر باحتدام وهم بمعارضته لكن سليم تحدث بحزم

_انت آخر واحد أسيل محتاجة تشوفه، ياريت تبعد لحد ما تفوق وتسترد صحتها وبعدين اظهر براحتك.

توحشت نظرات داغر وغمغم من بين أسنانه

_محدش بعد النهاردة هيقدر يمنعني عنها،هستناها تفوق واعرفها كل حاجة وهي اكيد هتسامحنى

لكن إني أسيبها تاني مستحيل يحصل حتى لو فيها موتي.

تحدثت وعد بمحايدة كي تنهي ذلك الجدال

_احنا حاسين بيك وعارفين ان كل اللي حصل كان غصب عنك بس هي دلوقت وضعها أصعب ومينفعش نعرضها لصدمات تانية، ارجوك سيبها لحد ما تسترد صحتها وبعدين اعتذر منها وفهمها كل حاجة لكن دلوقت حقيقي مش هينفع.

ضغط داغر على يدها التي يحتويها بيده وكم صعب عليه ذلك الأمر لكن هي محقة

بعد ما فعله معها هو آخر واحد تريد رؤيته أمامها.

لذا اضطر رغمًا عنه ان يوافقهم فقط حتى تسترد صحتها وبعد ذلك لن يمنعه أحداً عنها.

رفع يدها إلى فمه ليطبع قبلة حانية عليها قبل أن يسحب يده بصعوبة بالغة عندما بدأت ترمش بعينيها.

خرج بهدوء من الغرفة وصوتها الواهن التي تردد به اسم أخيها علق بذهنه وهو يرى سليم يتقدم منها بدلاً منه 

اخذ يتطلع إليها من خلف الزجاج وهي تتشبث بيد أخيها 

لم يبرح مكانه إلا عندما رآى بعينيه الحنان الذي يغدقها به أخيها.

عليه أن يرحل الآن فهو ليس سوى لعنة سقطت عليها 

وعليه هو أن يبتعد الآن.

❈-❈-❈

بعد مرور شهر..

وقفت أسيل على الشاطئ تتلاعب نسمات البحر بخصلاتها البنية

كانت تتطلع إلى بعيون هائمة

فذلك البحر الذي شهد على أجمل لحظات مرت بحياتها شهد أيضاً على أصعب أيام مرت عليها.

شددت من ضم سترتها عليها عندما شعرت بالبرد وتذكرت مشهد مماثل وهو يضع غطاء سميك عليها

قطبت جبينها بحيرة من ذلك القلب الذي رغم كل ما حدث مازال يعشقه

والعجيب في الأمر أنها تشعر به حولها

تشعر دائمًا أنها مراقبة وعندما تلتفت حولها لا تجد أحد

مما يجعلها أحياناً تشعر بالذعر وتعود إلى المنزل.

ظلت تتلفت حولها عندما عاد ذلك الشعور

حاولت أن تتأكد من ذلك الأمر وظلت تبحث لكن لا أحد.

قررت الذهاب لعملها وقد تأكدت تلك المرة أنها مجرد أوهام.

عادت أسيل إلى المطعم فتمر اولاً على مكتب جدها

دلفت وهي تقول بمزاح

_هل مازلت هنا أيها الوسيم.

نهض جدها وهو يتمتم باعتراض

_إذا كانت مساعدتي تتأخر فلن استطيع ان ابرح مكاني حتى تعود.

تقدمت منه لتقبل خده وتمتمت باعتذار

_اسفة على التأخير لكني كنت اطمئن على حفيدك فقد أخبرني سليم بأنه سيأتي به الأسبوع القادم.

نهض جدها وهو يتمتم بسعادة

_إذا فدعيني اعود مسرعًا كي استعد لاستقبال ذلك الشقي بطريقتي الخاصة.

قبل خدها ثم خرج من المكتب.

فجلست هي تأخذ مكانه

فمنذ ان جاءت هنا وهي تعمل بلا حدود كي لا تفكر في شيء 

لم تبالي بتلك الرسائل التي تصلها وتقوم بحذفها دون قراءتها ظناً منها أنها طريقة أخرى كي يصل لمبتغاه

أيام قليلة وسيأتي ابنها ولن تعود مهما حدث.

نهضت من مقعدها كي تشرف على العاملين في المطعم وتساعد بعضهم في إعداد الطعام 

تلك هي الطريقة الوحيدة التي تجعلها تنشغل عن ذلك القلب الخائن الذي يتلهف لقراءة رسائله.

ينقضي اليوم بهذه الطريقة وتظل تتحدث مع جدها أو بعض اصحابها كي لا تنفرد بنفسها وتهاجمها ذكريات تعمل بكل الطرق على ردعها.

حتى أحياناً تطلب منه ان يظل بجوارها حتى تنام ولم يبخل عليها باهتمامه بعد ان علم بما عانته حفيدته.

يتأكد أنها نامت ثم يغلق الضوء ويخرج من الغرفة تاركاً لذلك العاشق بعض الخصوصية كي ينفرد بحبيبته.

بقلب لهيف يدلف داغر الغرفة يتأمل بعشق جارف تلك النائمة لا تعرف شيء عن مجيئه بعد ان رآى جدها مراقبته للمنزل وسيره خلف حفيدته 

وعندما استطاع الوصول إليه وسأله عن سبب تتبعها أخبره بكل شيء

ومنذ ذلك الحين وهو يسمح له بالمبيت في الغرفة بعد أن تأخذ أسيل المهدئ الذي يجعلها تنام بعمق حتى الصباح.

خلع داغر حذاءه واندس بجوارها متلفحاً بالغطاء الذي جمع كلاهما

وبكل روية يمد يده أسفل عنقها يسحبها إلى صدره كي يجعلها تضع رأسها فوق قلبه ربما تشعر بنبضاته الثائرة.

يظل طوال الليل يتأملها وقبل شروق الشمس يطبع قبلة على ثغرها ثم يرحل.

وفي الصباح تنهض كعادتها لتراقب الشروق  على شاطئ البحر وتظل هناك

حتى ميعاد عملها.

_أسيل.

تصلب جسدها عندما سمعت صوته يتمتم باسمها فظنت بأن ما تسمعه في منامها يتكرر في يقظتها لكن حينما انعاد استدارت كي تتأكد مما تشك به.

وقد أصبح شكها يقيناً عندما وجدته أمامها يتطلع إليها بعشق ووله.

انقبض قلبها وشعرت بالخوف منه فهزت رأسها ترفض أن يعود ذلك الرجل مرة أخرى لحياتها.

لم تجد أمامها حل سوى الهرب 

وعندما وجدته يخطوا تجاهها لم تجد أمامها مهرب سوى أن تلوذ بالفرار من أمامه

لم يندهش من فعلتها بل آلمه قلبه عليها 

فاسرع بالركض خلفها كي يوقفها

_أسيل استني وانا هفهمك كل حاجة.

صرخت أسيل بفزع من سماع صوته واسرعت بالركض بلا هوادة

وصوته الذي يناديها يجعل قلبها ينتفض رعباً 

صرخت بأعلى صوتها عندما وجدته يحيط كتفيها يوقفها

_أسيل اهدي ارجوكي واسمعيني.

علت صرخاتها وهي تحاول الإفلات منه

لكنه كان يشدد ذراعيه حولها يحاول التحكم في حركتها كي لا تهرب منه.

لم تؤثر بها كلماته وهي تصرخ بخوف أرعبه عليها 

_طيب اسمعيني وبعدها هسيبك تمشي بس أرجوكي اسمعيني

صرخت بأعلى صوتها

_ابعد عني بقا…

اغمض عينيه بأسف على ما اوصلها له وقال برجاء

_طيب إهدي…

جعلها تستدير بين يديه وأمسك ذراعيها كي لا تهرب منه وتمتم بوله 

_أسيل أنا بحبك اسمعيني.

صرخت به حتى شعرت بانشقاق حلقها وهي تصيح

_اسكت بقا مش عايزة اسمع تاني، ابعد عني وارحمني منك

توقفت عندما شعرت بقدميها تتراخى وتنزل على الأرض من شدة الدوار

كادت ان تسقط لولا ذراعيه التي تدعمها كي لا تسقط 

تحولت صرخاتها إلى نحيب وقد استسلمت له من شدة الإجهاد الذي مارسته كي تهرب منه

هي تعلم جيدًا بأنها لم تسترد صحتها كاملة بعد لذا أُجهدت حقاً 

جذب رأسها إلى صدره وهو يغمض عينيه بألم شديد عليها وإلى ما وصلت إليه حبيبته..

_إهدي يا عمري وانا هفهمك كل حاجة.

هزت راسها المستندة على صدره وتمتمت بألم 

_ابعد عني بقا مش عايزة اعرف حاجة غير انك تبعد عني.

أخذ نفس عميق يهدئ به من آلامه وتمتم بحزن

_لما تسمعيني هتعذريني.

ابعدها عنه قليلًا كي يحيط وجهها بكفيه ويرفعه إلى مرمى عينيه وتمتم بثقة

_اسمعيني وبعدها هسيبك تمشي بس اديني فرصة اعرفك الحقيقة…

هزت راسها بهستيرية وهي تدفعه بعيدًا عنها صارخة فيه

_قولتلك مش عايزة اسمع حاجة سيبني فى حالي بقا انت دمرتني وضيعت حياتي.

رد بلهفة وعيون تقطر ندماً

_هعوضك يا عمري عن كل ده بس أرجوكِ خلينا نتكلم.

ارتد داغر للوراء عندما دفعته بصدره وقالت بانهيار

_مبقاش في كلام بينا، ليه عايزني اسمعك وانت مفكرتش لحظة واحدة تسمعني، كنت بتخدعني الفترة دي كلها عشان توصل لغرضك ومكتفتش بده، كملت خداعك ودمرتني للمرة التانية(صرخت به بكل الألم الذي سكن مكنونها) وانت بتتهمني في شرفي ومع حازم الانسان الوحيد اللي وقف جانبي وساندني.

تشنج فمه من شدة الغيرة وصاح بها

_متجيبيش سيرته على لسانك…

قاطعته أسيل بتعند

_لأ هجيب لأنه هو الوحيد صاحب الفضل عليا وإني لسة واقفة على رجلي لحد النهاردة

حازم عمل معايا اللي أقرب الناس ليا معملوش.

تساقطت دموعها وهي تتمتم بامتنان لحازم

_من صغري وهو ضهر وسند ليا، كان بيعوضني عن كل اللي اتحرمت منه، حتى لما غدرت بيا محدش وقف جانبي غيره، اداني بيته بعد ما كنت في الشارع وأداني اسم أخته، حتى أمه سبها معايا، وبعد كل ده تيجي تقولي متجيبيش اسمه على لسانك.

دفعته بكل قوتها على صدره رغم خطورة الأمر على صحتها التي لم تستردها بعد وقالت بغضب

_أومال أجيب اسمك انت بعد كل اللي عملته فيا ومستظلم حقك.

هزت راسها بازدراء 

_انت احقر انسان شوفته في حياتي..

تحمل داغر حديثها اللاذع فهي محقة إذا كانت لا تعلم الحقيقة

همت بالذهاب لكنه امسك ذراعها يمنعها

_أسيل….

قاطعته بهدر وهي تجذب ذراعها منه

_متنطقش اسمي على لسانك

اشار لها ان تهدئ لأن الطبيب حذره من التعصب وتمتم بهدوء

_طيب اهدي وإديني فرصة اعرفك ازاي ده حصل.

عادت الذكرى تقتحمها مما جعل اطرافها ترتعد لكنها جاهدت كي لا يرى ذلك وصاحت به

_مش عايزة اعرف، مش طايقة حتى اسمع صوتك، كل اللي عايزاه انك تبعد عني وتسيبني أعيش لأول مرة الحياة اللي انا عايزاها مش اللي انتم عايزنها، بس قبل ما تمشي تطلقني..

توحشت نظراته عند ذكر تلك الكلمة وامسكها من ذراعها يهزها بعنف فقد فيه السيطرة على اعصابه 

_الكلمة دي متتكررش تاني انتِ فاهمة، مفيش قوة في الأرض هتخليني اطلقك مهما حصل مستحيل..

شعرت أسيل بالدوار من هزه لها فرفعت يدها إلى رأسها مما جعل داغر يأنب نفسه

لقد أخبره الطبيب ان يتروى معها فهي في فترة نقاهة ولم تسترد عافيتها بعد فتمتم بقلق

_أسيل انا آسف…..

وجدها تتهاوى في وقفتها من شدة الدوار الذي اقتحمها بسبب هزه لها فقام مسرعًا باسنادها وسألها بلهفة

_انتِ كويسة؟

أغمضت عينيها تحاول الثبات لكنها لم تقوى على ذلك 

لم تجادل داغر عندما حملها وسار بها اتجاه منزله فهي مازالت ضعيفة من جراء العملية لكنها تقاوم كي يوافق سليم على إرسال ابنها لها.

دلف داغر منزله ثم وضعها على الأريكة بقلق بالغ 

ابعد خصلاتها عن وجهها وقال بلهفة

_احسن دلوقت؟

كان الدوار شديد حتى إنها لم تستطيع إجابته

نهض داغر من جوارها وأسرع بالاتصال بالطبيب يسأله عن سبب ذلك فقال الطبيب باستياء 

_لقد أخبرتك سيد داغر أن تؤجل تلك المواجهة كي لا تتعرض لهذه الحالة.

استاء داغر من تسرعه وسأله

_ماذا افعل الآن؟

_اتركها ترتاح قليلًا وستكون بخير.

في منزل صغير بالقرب من منزل جدها

جلست أسيل على الأريكة تنزوي عليها ومازالت تلك الرهبة تراوضها، ما الذي جعلها تستسلم له وتتركه يأخذها إلى منزله؟

لما ذلك الرجل يسيطر عليها بذلك الشكل وتتحول لدمية أمامه يتلاعب بها كيفما يشاء

لكن تلك المرة لن تنخدع وستسمعه ثم تلقي بمبرره في وجهه.

أشاحت بوجهها عندما وجدته يخرج من المطبخ ويتقدم منها حاملاً كوبين بين يديه.

ناولها أحدهم وقال بتروي

_اشربي ده هيريحك.

أشاحت بوجهها بعيدًا عنه لكنه أعاد كلمته

_قولتلك هيريحك.

وافقت كي لا تتجادل معه ثم حبستها بين يديها 

جلس على المقعد المجاور لها وقال بتعاطف 

_انا عارف إني ظلمتك كتير وكنت سبب في تدمير حياتك بس أقسملك انه ما كان بإرادتي.

لم تعير حديثه أي أهمية كيف لم يكن بإرادته وقد تعمد حدوث ذلك.

_على العموم اسمعيني، وبعدها هسيبك تمشي.

ترقرقت الدموع بعيونها وتمتمت بألم 

_اسمع أيه؟ أسمع غدر الإنسان الوحيد اللي حبيته ووثقت فيه وكنت مستعدة أديله عمري لو طلبه، ولا لما رجعت أأمن له من تاني وبرضه غدر بيا من تاني.

جثى على ركبتيه أمامها وهم بلمس يدها لكنها جذبتها قبل ان يصل إليها صرخت بتحذير 

_متلمسنيش.

اومأ لها يطمئنها

_تمام بس إهدي، انا هحكيلك على كل حاجة ومش مطلوب منك غير انك تسمعي.

وافقته لأنها تعلم جيدًا بأنه لن يتركها حتى تستمع له.

بدأ يحكي لها ما حدث في قضية عمه وكيف أن ذلك الرجل وضع ذلك المخدر في القهوة كي يبتزه به لكن هما من سقطا  به

فتابع

_فوقت لقتني في الجنينه مش عارف ايه اللي حصل ولا ايه اللي جابني هنا، دخلت بسرعة اخدت الفون واتصلت عليكِ لقيت فونك غير متاح، اخدت مفاتيح العربية وخرجت بها وطبعا تركيزي كان ضعيف لحد ما شوفتك وانتِ في العربية 

لفيت بسرعة عشان اروح وراكي بس العربية اتقلبت بيا ومش فاكر حاجة بعدها غبر لما فقت ولقتني اعمي.

بوغت عندما وجدها تتطلع إليه بجمود وتسأله

_والمطلوب مني؟

عقد حاجبيه بحيرة فتابعت هي

_اقولك خلاص مسمحاك ونرجع لبعض وننسى اللي فات؟ هو ده اللي انت عايزه؟

علا صوتها قليلًا 

_بالسهولة دي شايف إن اللي حصل ممكن يتنسي والعذاب اللي شوفته من عملتك سهل يتمحي من حياتي؟

هزت راسها بنفي وقالت بضياع

_مستحيل، عارف ليه؟ لإني هحتاج عمري على عمري عشان اقدر أنسى.

تطلع إليها برجاء 

_اوعدك إني هنسيكِ كل ده، مش هسمح للدموع أنها تنزل من عينيكِ تحت أي ظرف، أسيل انا بحبك محبتش حد ولا هحب غيرك ارجوكِ متزوديش عذابي اللي ربنا وحده عالم بيه، بلاش تعاقبيني على حاجة قولتلك إني مليش ذنب فيها؟

تمتم بعذاب وهي يتذكر مقتطفات من ذلك اليوم

_انا اليوم ده كنت ببات احلم به وماتخيلتش انه يحصل بالشكل ده ولا إني مافتكرش حاجة منه

اقسملك إن عذابي كان أضعاف عذابك لما فوقت ولقيت نفسي فقدت كل حاجة

نظري وشغلي والانسانة الوحيدة اللي حبيتها

كل حاجة ضاعت من ايديا مرة واحدة

كنت محتاجلك اكتر من اي حد في الدنيا، مكنتش اعرف إنك بتعاني زيي

سألت عليكِ وعمي بعت حد يحاول يوصلك بس قالوا إنك سافرتي إيطاليا وقتها قلت انك اتخليتي عنى خلاص

أول ما رجعت اسكندرية عشت على أمل إنك تعرفي وتجيني لحد ما جيتي فعلاً 

عرفتك وقتها، صحيح مش بعينيه بس عرفتك بقلبي وصوتك اللي مغبش عني لحظة واحدة

عارف إني قسيت عليكِ وقتها بس انا كمان كنت مجروح منك، كنت شايف فيكِ إنك اتخليتي عني لما عرفتي بعمايا

كنت عايز انتقم منك بس لقيت إني اضعف من كدة بكتير

بس كل اللي كان محيرني ازاي رجعتي؟ وليه غيرتي اسمك؟ وليه بتشتغلي ممرضة، اسئلة كتيرة وللأسف معرفتش أوصل لأجابة لإني ببساطة كنت واحد أعمى مش شايف تحت رجله، لما وقعتي من السلم وقتها حسيت بعجز رهيب 

مش عارف ايه اللي حصلك ولاعارف أحدد مكانك، دورت عليكِ وانا بحسس زي المجنون ولما وصلتلك شيلتك بس معرفتش اتحرك بكِ خفت لو اتحركت اقع بكِ وتضري أكتر، وقتها صرخت زي المجنون وانا واخدك في حضني وزي العاجز مش عارف اتحرك.

وده كان أكبر دافع عشان نظري يرجعلي والحمد لله شوفت وقتها وعرفت إن قلبي مخدعنيش وإنك فعلاً أسيل.

رفع عينيه إليها وتابع بصدق

_لما طلبت اتجوزك كنت اعترفت لنفسي إني لسة بحبك وكان غرضي إني اتجوزك بجد واوجهك إني عارف كل حاجة واطلب منك ننسى اللي فات ونبدأ مع بعض من جديد

وأكبر دليل على كدة اللي حصل بينا في الشقة..

زم فمه بأسف للذكرى وتابع

_بس كان غصب عني لما لقيتك مش بنت، أي حد مكاني كان هيعمل كدة وأكتر كمان….

قاطعته أسيل كي لا تستمع للباقي

_خلصت كدة؟

رمش بعينيه لا يجد ما يقوله فتابعت هي نحره

_سيبني بقا امشي.

نهضت وينهض هو واقفاً قبالتها يتطلع إليها بعتاب وتمتم برجاء

_أسيل متمشيش.

اهتزت نظراتها وقد لامس رجاوءه قلبها لكنها أبت أن ترضخ له ومرت من جواره غير عابئه بنظراته الراجية لها

لكن من قال أنها لا تبالي برجائه

بل انسحبت عندما شعرت بأنها تضعف أمامه

خرجت من المنزل كي تسمح لدموعها بالانهمار

لن تكون عودتها إليه بتلك السهولة عليها ان تلملم شتاتها وتمحي من داخلها بقايا القهر الذي عاشته 

ومن قال أيضاً بأنه سيتركها ترحل بتلك السهولة 

خرج خلفها يسرع الخطى حتى وصل إليها وجذبها من ذراعها ليديرها إليه يحتضنها بقوة لن يسمح لها بالذهاب بعد اليوم بعيدًا عن دائرته

_مش هسيبك يا أسيل تبعدي لو مهما حصل.

شدد من احتضانه لها وتمتم بشغف 

_بعدك والموت واحد لإنك انتِ كل عمري.

كانت تبكي وهي مستسلمة بين يديه بتملك عاشق

يخفي وجهه بخصلاتها كي يخفي عنها دموعه التي لم تنساب على أحد سواها حتى اختلطت دموعها بدموعه

وكلاهما ينفطر الماً على الآخر 

رفع كفيه إلى وجهها يمسح دموعها التي تكوي قلبه بابهامه لكنه أصبح لا يعرف أن كانت دموعها أم دموعه

كان يضع جبهته على خاصتها ولم يستطيع أحد منهم ردع تلك الدموع التي تنهمر بقوة

وكلا منهم يبكي على حال الآخر وحال الآخر هو حاله.

اعاد رأسها على صدره يقبله بأسف وندم متوعدًا بأشد عقاب لمن قاموا بتدميرهم 

ابعد وجهها عن صدره ومسح دموعها بابهامه ثم تمتم بغصة تهز قلبها وقلبه

_سامحيني يا حبيبتي…

رفعت عينيها إليه فوجدته يرمقها بعينين دامعة مشفقة على كلاهما.

أغمضت عينيها بقوة تحاول السيطرة على نحيبها ورجفتها لكن لا فائدة بل شعرت بالدموع تنهمر أكتر حتى أصبحت قدميها كالهلام 

نزلت على الأرض ونزل هو معها ليحتويها اكثر داخل أحضانه وجعلها تخرج تلك الآلام على هيئة بكاء من داخلها

وأقسم ان يكون ذلك هو البكاء الاخير لهما لذا تركها تبكي وتنتحب كما تشاء.

تشبثت به بوهن كأنها تطلب منه ألا يعاد ما فعله معها من قبل 

وكأنه علم بما تود القلوب التفوه به لذا شدد من احتضانه لها كأنه يوعدها بذلك 

بعد فترة استكانت بين يديه وتوقف نحيبها 

تطلع إليها فوجد أنها قد نامت بين يديه..

بكل روية قام بحملها ونهض بها ليدلف منزله ثم صعد بها للأعلى ليضعها على فراشه.

خلع حذائها ثم سترتها كي تنام براحة ثم جذب عليها الغطاء وتركها لتنام 

قام بالاتصال بجدها وأخبره أنها ستبقى معه 

رحب جدها بذلك ولم يمانع فهي بالنهاية زوجته.

اغلق داغر الهاتف ثم وضع يديه في خصلاته وهو مستند على مرفقيه

لقد وصل التعب منه مبلغه لذا قرر أن ينام أخيراً بعد ذلك الشقاء

خلع سترته تلاها حذاءه ثم استلقى بجوارها على الفراش

جذبها لحضنه يشدد ذراعيه حولها كأنه يخشى هروبها منه.

أغمض عينيه وقد إرتاح قلبه أخيراً برؤيتها معه..

❈-❈-❈

في القاهرة.

دلف سليم غرفة الصغير فيجد وعد مستلقية بجوار إياد الذي غفى على فراشه

فقد أصر منذ عودته إلى القاهرة بعد أن أسترد أملاك والده التي لا يعرف عنه شيء حتى الآن أن يحتفظ بابن أخته لديه

وقد تعلقا به حتى أنهما يخشى رجوعه إلى أسيل والتي رفضت العودة إلى مصر نهائياً 

دنى منها ليوقظها بخفوت

_وعد..

فتحت وعد عينيها ليبتسم قلبها قبل ثغرها عند رؤيته

همت بالتحدث لكنها تذكرت إياد الذي نام بعد عناء.

أشارت له بالصمت ثم خرجت معه للخارج وهي تقول بعد ان أغلقت الباب

_أخيراً نام، يظهر إننا زودناها أوي ولازم نبعته لأسيل.

تنهد سليم بعتب وقال 

_انا بحاول اضغطت عليها عشان ترجع بس يظهر إنها مصرة وجدي كمان مشجعها تفضل معاه.

ضيقت عينيها بشك

_عايز تفهمني انه ده السبب اللي مخليك مش عايز ترجعه؟

حك رأسه بإحراج 

_بصراحة بفكر احتفظ به وهي تخبط راسها في الحيط، عايزة ابنها يبقا ترجع تعيش معانا هنا.

ضحكت وعد وقالت 

_انت مجنون بس بصراحة الولد ده بيعلق الكل به، انا مش قادرة أنسى شكل دادة أمينة وانت بتقنعها أنك تاخده يعيش معاك صدقني صعبت عليا أوي.

_هي كمان رفضت تعيش معايا هنا وحازم أصر على الرفض قال أنه سابها تفضل معانا بس عشان أسيل وبما إن أسيل مش موجودة يبقا مينفعش ترجع.

غمغمت بزعل

_بصراحة البيت وحش أوي من غيرها 

غمز بعينيه بمكر

_وانا اللي بقالي يومين غايب مكنش وحش من غيري؟

ضحكت وعد وردت 

_مين اللي قال كدة 

رفعت اناملها تعد عليها 

_دا انا عدتهم باليوم والساعة والدقيقة حتى الثانية.

رفع حاجبيه متسائلاً 

_أومال فين مش شايف.

هزت كتفيها بلؤم 

_بما إنك مش صابر تعالى معايا.

اندهش عندما وجدها تجذبه من يده ودلفت به غرفتهم 

فتحت أحد الأدراج لتخرج شيء صغير وتتقدم منه تشير به أمام عينيه

_ده اللي كان بيخليني اعد الثواني عشان تيجي واقولك.

قطب جبينه بحيرة وسألها 

_هو ايه ده؟

امسكه بيده فيجد جهاز صغير ويرى بهما خطين باللون الاحمر 

قالت بسعادة 

_انا حامل.

كان وقع تلك الكلمة عليه رهيب وهو يرى حلمه يتحقق بزوجته التي عشقها وطفل تمناه منها وحلم به كثيرًا 

صدحت ضحكتها عندما قام بحملها وأخذ يلتف بها بسعادة كبيرة وقد انقشعت تلك الغيوم من حياته وازدهر حاضره ومستقبله

فقط يصل لوالده وتعود أخته كي ينعما معا بتلك السعادة

انهى خليل امضاء العقود التي وضعها المحامي أمامه 

وسيلين تنظر لذلك الرجل الذي وضعها الله في طريقها كي يجعلها تقف على قدميها من جديد

اخذ المحامي الاوراق وقال 

_مبروك للجميع.

ابتسمت سيلين وهي تنظر لخليل بامتنان

مبروك ليا إن ربنا وضعك في طريقي.

رد خليل 

_انا معملتش حاجة تستاهل الكلام الكبير ده إن شاء الله نوقف المصنع على رجليه من تاني.

نهض المحامي وهو يقول

بالتوفيق إن شاء الله بعد إذنكم.

خرج المحامي فتطلعت سيلين لخليل بامتنان

متشكرة اوي.

ابتسم خليل بود 

_على ايه، اي حد مكانك كان هيضايق المصنع بعد ما كان ملك بقى ليكِ شريك.

هزت راسها بنفي 

_المصنع شوية كمان هيروح من ايدي نهائي لو كان البنك كلف مدير غيرك 

كان زمانه سقطه نهائي واتباع بالبخس.

رد خليل بحكمة

شوفي يا مدام سيلين، اعرفي إن أي مكان بيدخله ربا فهو ساقط، عمر القروض مكانت حل لأي مشكلة لأنها ببساطة بتاخد الحلال بالحرام وتخرج به، ياما بيوت كتيير اوي اتخربت بسبب القروض ومصانع وشركات كان لها وزنها وللأسف بتسقط بسببها.

أيدت رأيه

_فعلا عندك حق

غيرت سيلين مجرى الحديث لتسأله عن داغر

_داغر عامل ايه دلوقت؟

تنهد خليل بتعب منه وقال

_اهو قاعد جنب مراته بيحاول يراضيها ومطلع عيني هنا وعمال يؤمر، اخلص الورق بتاع شغلي عشان ارجع تاني وغيرلي فرش البيت ولا اللي شغال عنده

اندهشت سيلين من أخلاق ذلك الرجل الذي كل مدى يؤكد لها مدى مثابرته على كل من حوله.

نهض خليل ليجلس على مكتبه وهو يقول

_ خلينا بقا نكمل شغلنا.

اومأت له سيلين بإعجاب وبدأت تعمل معه في صمت لا يخلو من النظرات.

❈-❈-❈

فرح؟

رددتها أسيل بوجل رغم رغبتها الشديدة بذلك وخاصة عندما أكد داغر

ايوة يا أسيل فرح احنا نستاهل ده بعد العذاب اللي شوفناه.

اهتزت نظراتها ولا تعرف ماذا تفعل

هل تخبره بأن ذلك أمر مستحيل لأجل ابنهم الذي لا يعرف عنه شيء حتى الآن 

أم تلتزم الصمت حتى يأتي الوقت المناسب لذلك

أخرجها من شرودها داغر عندما سألها بتوجس

_انتِ لسة رفضة ترجعيلي بعد ما قولتلك الحقيقة؟

رفعت عينيها إليه فوجدته يرمقها بعينين تحمل لوعة وتوجس.

اخفضت عينيها ووضعت رأسها على صدره وتمتمت

_خايفة؟

حاوطها بذراعيه وهو يملس بيده على خصلاتها يطمئنها

_متخافيش مش هسمح لأي حاجة إنها تفرق بينا من تاني.

ابعد رأسه عن صدره يحتويه بيده وتابع

النهاردة هنرجع مصر انا حجزت التذاكر وهكلم عمي يعزم الدنيا كلها عشان يكون فرح يتحاكى به العالم كله.

تطلعت بعينيه التي ملئتها السعادة وتمتمت بألم 

_ مش هينفع.

قطب جبينه بحيرة وسألها 

_ ليه يا سيلا لو كان على اللي حصل…..

قاطعته أسيل دون تفكير

_لأن في طفل مش هيقدر يواجه الناس لو عملنا الفرح وهو موجود.

❈-❈-❈

أغلقت هايدي اللاب الخاصة بها فور خروج حازم من المرحاض والذي جلس على الفراش بجوارها قائلاً بحب

_مش قولتلك طول ما انا في الأوضة متخليش حاجة تشغلك عني؟

ابتسمت هايدي بحب وقالت

_مفيش حاجة في الدنيا دي تقدر تشغلني عنك بس ده دكتور الماني جاي مصر قريب بيعالج الحالات اللي زي حالتي فقلت اعرف هييجي امتى ونروح له.

_لسة مصرة، انا خايف عليكِ.

_متخافش عليا لو الدكتور قال ان مفيش امل هنسى الموضوع تمامًا 

تمتمت بحنين

بصراحة من وقت ما إياد سابنا وانا حاسة بفراغ كبير أوي.

لم يريد حازم أن يقف أمام رغبتها لذا قال بروية

_اللي تشوفيه يا حبيبتي.

وضعت رأسها على صدره وتمتمت بخفوت 

_ربنا يخليك ليا.

_ويخليكِ ليا يا عمري.

❈-❈-❈

رمش داغر بعينيه لا يفهم معنى حديثها فسألها بحيرة

طفل ايه مش فاهم.

اهتزت نظراتها أكثر وازدادت وتيرة دقاتها فيخرج صوتها مهزوز وهي تتمتم

_ا..بـ..ني.

لم يفهم منها شيء لذا طمئنها بعينه وتمتم بهدوء 

_لو لسة خايفة مني فانا بقولك متخافيش لو الدنيا كلها قست عليكِ انا مستحيل.

لم يطمئنها حديثه بل جعلها تخشى رد فعله عندما تخبره

وخاصة عندما أخبرها خليل أن تخبره باسرع وقت وإلا سيفعل هو ذلك

ازدردت لعابها بصعوبة وتمتمت برهبة 

إياد….يبقى…

توقفت عندما وجدته يقطب جبينه بحيرة 

_ إياد ابن حازم؟ ماله؟ متتكلمي على طول يا سيلا.

ازدادت انقباضة قلبها لكنها شجعت نفسها على قول الحقيقة فقالت 

_اياد مش ابن حازم لأنه ابنك انت.

تسمر ت عينيه على شفتيها التي نطقت تلك الجملة والتي اوقت العالم عن الدوران حتى شعر بأن قلبه توقف لبرهة من هول ذلك الخبر

أسبل عينيه للحظة ثم تطلع إليها مستفهماً

_ابن مين مش فاهم.

ارتدت خطوة للوراء خوفاً من رد فعله وغمغمت بلتعثم 

_ابنك انت.

استوعب أخيراً ما قالته لكن الصدمة جعلت عقله يتوقف عن التفكير وكأن كل اعضاءه توقفت معه

مشاعر متضاربة ما بين صدمة وشعور بالغدر وفرحة بأن قلبه لم يخطيء عندما تعلق به فور حمله

لكن انتهى كل ذلك عندما اذكر صوته وهو يردد لقب “بابا” لحازم

تشنج فمه لكنه لم يبد ذلك وتحدث بثبوت

ارجعي البيت جهزي شنطتك عشان الطيارة هتطلع بعد ساعة.

انهى جملته ثم تركها ودلف للداخل كي يستعد للسفر.

لم تفهم ردت فعله وتجنبت الحديث معه الآن على الأقل 

عادت إلى المنزل لتجهز حقيبتها بعد أن أخبرت جدها بكل شيء

لم يرفض رغم رغبته الشديدة في بقاءها معه

لكن عليه أن يتركها لأجل طفلها وزوجها الذي تأكد حقاً من صدق حبه لها.

ظل داغر ملتزم الصمت طوال رحلتهم وملامحه لا تعبر بشيء سوى الصمت 

حتى اثناء خروجهم من المطار ظل واجماً وعندما سألته 

_احنا رايحين فين دلوقت؟

توقفت سيارة صالح أمامهم فقال بجمود

اركبي وانتي هتعرفي.

استقلت السيارة وجلس هو بجوارها تتطلع إليه بين الحين والآخر وكلما حاولت التحدث يشير لها بالصمت

ظلت في ترقب حتى وجدته ينعطف باتجاه منزلها

تطلعت إليه بحيرة وسألته بوجل

_احنا جايين بيت بابا ليه؟

رد بفتور

_هو مش ابني مع سليم؟

هزت راسها بالايجاب فعاد هو لوجومه حتى توقفت السيارة بالداخل.

تحدث دون ان يتطلع إليها 

_انزلي.

لم تفهم شيء فظنت أنه جاء إلى هنا ليأخذوا طفلهم

ترجلت اولاً وترجل هو بعدها فيجدا وعد تخرج من المنزل وهي تحمله ظناً منها أنه سليم

لكنها تفاجأت بأسيل وداغر معاً

ترقرقت عين أسيل بالدموع عندما وجدت إياد أمامها يتطلع إليها بفرحة 

_ماما..

وقبل أن تخطو خطوة تجاهه وجدت داغر يندفع ليأخذه من يد وعد عنوة ثم يتوجه به إلى السيارة 

لم تفهم أسيل شيء لكن عندما وجدته يدلف السيارة بابنها تاركاً إياها خلفه واستداربسيارته للخارج

حينها استوعبت أسيل ما يحدث فصرخت به

_داغر.

لم يبالي بندائها وهو يحتضن ابنه الذي أخذ يبكي عليها يتطلع إليها من زجاج السيارة الخلفي.

سقطت أسيل وهي تركض خلف السيارة حتى خرجت من البوابة الخارجية وانعطفت على الطريق

اسرعت وعد لتهدئتها خوفاً من حدوث شيء لها 

لكن أسيل كانت تصرخ وهي تنادي داغر أن يعود.

دلف سليم بسيارته ليجد ذلك المنظر أمامه 

اوقف السيارة وترجل مسرعًا تجاههم وهو يسألهم

_في ايه؟

ردت وعد التي تحتضن أسيل المنهارة

_داغر جه وأخد ابنه.

زم سليم فمه باستياء فهذا ما كان يخشاه ولا يلوم داغر على ذلك

امسك يد أسيل يساعدها على النهوض 

_قومي معايا.

سألته وعد

_على فين؟

_هنروح لداغر، لازم تتكلم معاه وتفهموا هي ليه خبت عنه، لأنه مش هيسمع من أي حد غيرها، كلنا خبينا عليه.

نهضت أسيل مستسلمة ويد سليم تقودها لسيارته ثم ساعدها على الصعود وانطلق بها.

سألها

_عارفة عنوانه في القاهرة؟

_اطلع على اسكندرية.

❈-❈-❈

ظل داغر طوال الطريق يتطلع إلى ابنه الذي غفى بين يديه بحنين جارف

بين ليلة وضحاها يكتشف أن له أبناً رآه بقلبه ولم يعرفه

نعم شعر به قلبه لكن عقله لم يفهم ذلك

يتوعد بالعقاب لكل من قاموا بتدمير حياته وجعلوه ينحرم من تلك اللحظات التي يعيشها اي أب

أضاعوا عليه ليلة عمره التي حلم بها مع حبيبته

وأيضاً معرفته بحملها حتى ولادتها

كل تلك اللحظات ضاعت عليه ولم يعلم شيء عنها.

تشنج فمه عندما تذكر منادته لحازم بـ أبي

لكن هو حقاً لا يلوم أحد في كل ذلك..

دلف منزله بالإسكندرية وصعد لغرفته ليضع طفله على الفراش ثم جذب عليه الغطاء.

تطلع إليه ملياً وهو مازال غير مستوعب كل ذلك

فقد تلقى صدمات الواحدة تلو الأخرى وكأن صدمة واحدة لا تكفي

لم يندهش عندما سمع صوتها بالاسفل

فهو يعلم بأنها آتية خلفه 

خرج من الغرفة فيجد أسيل بالأسفل تتطلع إليه برجاء ألا يظلمها مرة أخرى.

فتمتمت بصوت معذب

_فين ابني؟

ترجل من الدرج بوجوم حتى وصل إليها وسألها بمغزى

_ابنك لوحدك؟

أجابه سلبم بحدة

_اللي انت عملته ده غلط كبير…..

قاطعه داغر بانفعال

_انت بالذات متتكلمش عن اللي ينفع ومينفعش.

لم يجد سليم كلمات يرد بها فهو يعلم مقصده من ذلك فتابع داغر كي يواجهه بحقيقة لم يستطيع فعلها في المشفى لذا تحدث بهجوم

_لو كنت وقفت جانبها من الأول وجيت اخدت حقها مني مكنش حصل كل ده.

رد سليم بانفعال أشد

_كان غصب عني انت لو مكاني كنت هتعمل كدة.

_كنت هسمعها الأول وبعدين احكم اعمل ايه، بدل ما اسيبها مع حد غريب ومعرفش عنها حاجة

منتظر مني ايه لما اعرف إن ابني يتولد على ايد حد غريب ومن دادة امينة لحازم ليك انت زي ما يكون ملوش أب، تتحملها انت ازاي.

لم يستطيع سليم الرد ثم توجه داغر لأسيل يقول بعتاب.

_وانتِ لو أنا مجرم كدة وبالبشاعة اللي تخيلتيني بها ليه معملتش كدة واحنا مع بعض في اليخت

ليه معملتش كدة واحنا على الجزيرة، ايه اللي كان يخليني استنى تلات شهور وانا كنت قادر اعملها من زمان؟

لما دخلنا الفيلا مع بعض وانا بكلمك عن ظروف شغلي وبنخطط لجوازنا بعدها ملاحظتيش حاجة

ملاحظتيش بعد ما شربت القهوة وانا بحاول انطق واقولك اهربي….الحالة اللي كنت بهاجمك بيها دي كانت لأنسان طبيعي؟

حتى لو انا كدة

ليه مجتيش واجهتيني ليه ما رحتيش لعمي وقوتليله على اللي حصل لو انتِ خايفة من الوحش ده ليكررها تاني، لما عرفتي انك حامل ليه محاولتيش توصليلي انا كنت وقتها لسة في مصر.

هدر بها

_لما رجعت ليه مجتيش رميتي الحقيقة في وشي ووقتها كنت هنزل راكع قدامك واعتذرلك ليه سيبتي ابني طول الفترة دي مجهول هوية لا له شهادة ميلاد ولا اي حاجة تثبت وجوده، يعني لو الولد حصله أي حاجة متقدريش تتحركي به

لأن الناس هتسألك مين ده هتقوليلهم ايه؟

ابن حرام؟

قال كلمته الأخيرة بكل الغضب الذي يحمله بداخله حتى جعلها تنتفض إثرها.

اهتزت نظراتها وتمتمت بخفوت 

_روحتلك البيت وانا شايلة ابني وقلت اواجهك زي ما بتقول بس وقتها الحارس قالي انك مسافر من فترة واحتمال مترجعش، وبعدين كنت منتظر إيه من واحدة الدنيا كلها غدرت به ومفيش غير الغرب اللي بتقول عليهم هما اللي وقفوا جانبها.

فجأة لقيت نفسي  بنطرد وبيتحكم عليا بالموت

لما عرفت إني حامل مكنش قدامي حل غير إني أنزله

بس وقتها مقدرتش وتراجعت 

لما ولدته قررت إني أجيلك عشان على الاقل تسجله باسمك ولو حتى بعقد عرفي بس قالي انك سافرت 

وغيبت سنتين عني 

لما دكتور عاصم طلب مني اشتغل عندك ممرضة لما سمعت اسمك انصدمت حقيقي كانت مشاعر جوايا ملخبطة، بإني حزنت على حالك وفي نفس الوقت اتشفيت فيك

وحسيت إن دي فرصتي اني انتقم منك

بس قلبي وقتها مقدرش وعرفت إني عمري ما هقدر أكرهك.

خفت اقولك إنك لك ابنك تاخده مني وعشان كدة قررت إني اخليك تتجوزني عشان أسجل ابني واقدر اسافر به لإيطاليا

ولما عمك عرف وقالي انه هيقولك الحقيقة خفت وطلبت منه انه يساعدني إنه يخليك تتجوزني عشان نسجل إياد الأول وبعدهاهحكيلك وانت شوفت الباقي بنفسك.

رغم تأثر داغر بما عانته إلا إنه تحدث بعناد

_برضه ده ميدكيش الحق إنك تخبي عليا.

تدخل سليم لينهي هذا الجدال

_داغر انت عارف كويس أوي إن كل اللي حصل غصب عنها لو عايزها برة حياتك سيبلها ابنها.

انفعل داغر وتحدث بحزم

_ابني مش هيخرج برة باب البيت ده.

عقد سليم حاجبيه متسائلاً بحدة

_يعني ايه؟ هتاخده بالغصب؟

رد داغر باحتدام وقد بدأ الحديث يشتد بينهم

_أيوة بالغصب واللي عندك اعمله.

لم تجد اسيل حل كي تنهي ما يحدث سوى أن تتظاهر بالاغماء

ولم تعرف أن فعلته تلك كادت ان تزهق بروحه عندما وجدها تسقط على الأرض أمامه.

_أسيل.

أسرعوا إليها قام داغر بحملها ليضعها على الأريكة وامسك يدها بسألها بلهفة

_حبيبتي انتِ كويسة؟

فتحت عينيها تتظاهر بالوهن وتمتمت بخفوت 

_ابني يا داغر اوعي تبعدني عنه.

فهم سليم لعبتها لذا تراجع وتركها تتابع دهاءها وخاصة عندما رد داغر بوجل

_محدش يقدر يحرمك منه طول ما انا عايش.

مسح بيده على وجنتها وقال بلوعة

_ابننا هيعيش وسطينا مش هخليه يعيش الحياة اللي عانينا منها.

اومأت بعينيها بامتنان وانسحب سليم وتركهم يصفوا فيما بينهم.

تطلعت أسيل إليه برجاء

_عايزة اشوفه.

اومأ لها وقال

_تقدري تمشي ولا أشيلك.

وافقت ان يحملها كي لا يشك بشيء 

فصعد بها الدرج وهو يحملها وقد استطاعت بدهائها إخضاعه لها وان ينسى كل شيء كما نست هي.

❈-❈-❈

دلف داغر الغرفة فيجدها مستلقية على الفراش تحتض صغيره وكلاهما ينامان في سكون 

ابتسم وهو يتقدم منهم ليجلس على الفراش بجوارهم 

لا يصدق بأنه أصبح أب وزوج لحبيبته التي حلم بها لأعوام 

استلقى بدوره بجوارهم ولم يهتم بالطعام الذي طلبه ووضعه على السفرة بالأسفل

وضع رأسه على الوسادة وأغمض عينه على تلك الصورة التي اجمل ما رأتها عيناه.

❈-❈-❈

توقفت سيارة حازم أمام باب منزل داغر بالإسكندرية بعد أن أغلق هاتفه ووضعه على المقعد بجواره يتطلع إلى الباب بترقب.

لا يصدق بدوره ما حدث حتى الآن 

ترجل من السيارة ووقف مستندًا يفكر 

هل انتهت معانات أسيل أخيراً أم أن القدر مازال يتلاعب بها.

فتح الحارس الباب الحديدي فيظهر أمامه داغر وهو يحمل طفله الذي مازال مستغرباً إياه.

لكن عندما رآى حازم هلل بسعادة مما جعل داغر يغتاظ منه

_بابا.

ازداد حنقه وهو يقول لطفله بتوعد

_ماشي يا ابن القبطان لما أرجعلك بس.

ضحك حازم وهو يحمل إياد 

_مع الوقت هينسى حازم واللي جابته كمان.

ابتسم داغر بود لكن بداخله مازال شعور الغيرة يكتنفه منه لكنه يحمل امتنان كبير له لولاه لتدمرت حبيبته بالفعل، كما أنه حافظ عليها طوال تلك الأعوام ولم يشعر أبنه باليتم.

أخذه حازم ووضعه في مكانه ثم استدار ليستقل مقعده فيتوقف مكانه عندما وجد داغر يقول بامتنان شديد 

_متشكر أوي.

تطلع إليه حازم وقد فهم مقصده فرد بصدق

_انا معملتش حاجة تستحق الشكر أسيل أختي ولولا إني عرفت الحقيقة مكنتش هقبل برجوعها ليك.

استقل المقعد وانطلق بالسيارة تحت نظرات داغر الذي شعر بروحه تفارقه بمفارقة طفله

لكن سيتحمل لأجل ان يعوض حبيبته ويعود نفسه عن ذلك العذاب والقهر الذي عاشاه كلاهما.

عاد للداخل ودلف غرفته فيجد أسيل مازالت نائمة

لقد استيقظ عندما شعر بأنين طفله وهو يستيقظ بدوره فقام بحمله قبل أن يوقظها وخرج به من الغرفة

أجرى عدت اتصالات وهو يطعم طفله والذي شعر بالرهبة منه في البداية لكن داغر أغدقه بدفئ وحنان جعله يهدئ قليلًا 

أخذه وصعد به إلى غرفة بجوارهم طلب من عمه قبل ان يعرف بوجود ابنه أن يتركها فارغة لأجل يوم كهذا

بدأ يحدث طفله بسعادة بأنه سيغيبا عنه فترة صغيرة وسيعود ليجد تلك الغرفة مخصصة له وحده بكل متطلباتها

وأخذ يخبره أيضاً بمكان مخصص له في الحديقة واعداً إياه ان يعوضه عن غيابه

أخرج هاتفه ليختارا معاً غرفة له يسأله عن رأيه لكن إياد لا يستوعب شيء فقط ينظر للرسومات الكرتونية ويشير عليها.

رن هاتفه برقم حازم فعلم بوصوله وقام بتركه معه..

اتكأ على الوسادة بمرفقه تطلع إليها بكل الحب الذي يحمله بداخله لها وقد أقسم في تلك اللحظة أن يعوضها  حتى تمل من ذلك

كان بوده أن يقوم بزفاف كبير يليق بحبه لها لكن وجود طفله جعله يتراجع كي لا يكتشف بأنه حضر زفاف والديه وذلك كفيل ليجعله يشعر بأنه جاء نتيجة غلطة وقاموا بتصليحها

وحينها سيضطر مجبرًا أن يخبره بكل شيء

رفع أنامله ليضعها على وجنتها يملس عليها بحنو حتى شعرت به

فتحت عينيها بتثاقل وكأنها لم تكتفي من النوم بعد لكن بعد أن وقع نظرها عليه ووجدته ينظر إليها بتلك النظرات العاشقة 

ابتسمت عينيها قبل ثغرها 

وقد رأت ان تلك الغيوم قد انقشعت ولن تخفي سماءهم مرة أخرى.

سألها داغر بمشاكسة

_كل ده نوم، احنا بقينا بالليل.

ردت أسيل برقة

_حاسة إني بقالي سنين منمتش ولسة مشبعتش نوم.

أمسك يدها ليقبلها بحب وتمتم بوله 

_ومش هسيبك تنامي تاني لمدة شهر.

قطبت جبينها بحيرة مصطنعة تسأله

_اشمعنى شهر؟

رفع حاجبيه بمكر 

_لو عايزة أكتر معنديش مانع وكله وقدرة تحملك.

ضيقت عينيها بشك 

_هتعمل ايه؟

ساعدها على النهوض وهو يقول بلا حياء

_هحجزك حصري لنفسي بس على جزيرة هنسيكي فيها اسمك.

لم تسمح لتلك التخيلات المخيفة ان تعكر صفو تلك اللحظة وقد نظرت الدنيا إليها أخيراً نظرة رضا فأومأت له برقة أذابته

_وانا معنديش مانع.

تذكرت أمر إياد فسألته بحيرة 

_إياد فين؟

تقدم منها اكثر وأحاط خصرها بتملك وقال

_طلبت من حازم انه يفضل معاه الفترة دي لحد ما نرجع.

سك على أسنانه متوعدًا 

_ابن….لسة بيقوله بابا لما ارجعله بس وحياة أمه لأنسيه حازم واليوم اللي شافه فيه.

تطلعت إليه أسيل بلوعة ومازالت لا تصدق أن حبيبها عاد من جديد يقتحم حياتها بقوة كما اقتحمها من قبل.

لو كان ما حدث يعد ضربية لحبهم فهي مرحبة بذلك دون اعتراض.

اخرجهم من فقاعتهم الوردية صوت هاتفه

تركها وأجاب هاتفه الموضوع على المنضدة 

_خلصت ولا لسة

_…….

_تمام سيب كل حاجة وامشي انت والعمال.

لم تفهم أسيل شيء

وانتظرت حتى أغلق الهاتف وعاد إليها سألته بحيرة

_في ايه؟

ابتسم بحب وجذبها من يدها ليقول 

_تعالي معايا وانت تعرفي.

تركته يأخذها إلى حيث يريد فوجدت اليخت يضيء في ذلك الليل المعتم على حافة الشاطئ 

شهقت أسيل عندما وجدته يميل عليها يحملها ويسير بها على الممر حتى صعد بها لليخت

وعندما خطى داخله قال بأمر محبب

_غمضِ عينيكِ.

_خايفة لو غمضتها يطلع كل ده حلم.

طمئنها بابتسامته وقال بمشاغبة

_لا متخافيش، غمضي بقا لأنك تقلتي أوي وضهري وجعني.

ضربته بخفة على كتفه جعلته يضحك بسعادة ثم اغمضت عينيها فوجدته ينزلها على قدميها وقال 

_فتحي عينيكِ.

فتحت أسيل عينيها فتجد صورهم في كل مكان وهم على الشاطئ وصور أخرى لهم على الجزيرة

وصورة لها وحدها وهي نائمة على الأريكة 

ترقرقت عينيها بالدموع عندما تذكرت تلك اللحظات وكيف أنه ظل محتفظ بها طوال أعوام

كانت الأرضية مفروشة بالورود التي تهب عليها الرياح تتقاذفهم برقتها 

أدارها إليه عندما لاحظ الدموع المتعلقة بأهدابها فقام بمحوها بأنامله متمتمًا بعتاب 

_ليه الدموع دلوقت؟

تطلعت إليه بعشق جارف وتمتمت برهبة 

_خايفة..

عقد حاجبيه متسائلاً بمكر

_اوعى تقولي خايفة ليكون حلم، أصل وقتها هضطر اعمل حاجات تانية غير اللي مخطط عليها عشان أخليكي تصدقي. 

رمقته بعشق جارف وتمتمت بوله

_وانا مش هقولك لأ بعد النهاردة.

حك رأسه بيده وهو يقول بحيرة

_انتِ كدة هتخليني آجل كل المخطاطات دي لبعد سنة على الأقل.

ضحكت اسيل وقالت 

_لا وعلى إيه وريني باقي مخططاتك.

مال عليها ليهمس بجوار أذنها

_هتلاقي اتنين تحت اللي يعجبك البسية بس واحد منهم مينفعش تطلعي به انا اللي هنزلك لو اختارتيه دلوقت.

فهمت أسيل ما يرمي إليه مما جعلها تخفض عينيها بحياء وتتركه لتنزل للأسفل.

لم يسلم الدرج من لمساته التي زينها بأشرطة حريرية تسلب الأنفاس وهي لا تعرف كيف فعل كل ذلك في تلك الفترة الوجيزة 

دلفت الغرفة وقد اتسعت عينيها بذهول مما تراه

فقد وجدت صورهم معاً وهم في المياه عندما انزلها بالغصب لكن الصورة لم تكن ذات جودة فعلمت أنها تم أخذها من كاميرة اليخت.

غير الوسائد التي كتب اسماءهم على كل وسادة منهم

وعلى الفراش الوثير كلمتين خصهما بها وحدها 

(وردتي الشائكة)

اغمضت عينيها وهي تضع يدها على قلبها تهدئ من نبضاته

تطلعت إلى الثوب الأبيض والذي يشبه ثوب زفاف لكنه هادئ وجميل.

زمت فمها بحنق عندما وجدت الأخير موضوع بجواره

_قليل الأدب.

أخذت الثوب الأبيض ودلفت المرحاض.

خرجت بعد مدة وهي تتهادى بمشيتها فتجده واقفاً أمام الطاولة التي وضع عليها العشاء وقد أشعل الشموع التي تراقص ضوءها بفعل النسمات الهادئة التي هبت عليهم.

لأول مرة تراه يرتدي بدلة ورابطة عنق لاقت به كثيرًا 

لم يتحرك من مكانه وهو يراها تخطو تجاهه بخطوات شعر بها تدعس على قلبه بلا شفقة ولا رحمة وقد عاندته النسمات وهي تتلاعب بخصلاتها وكأنها تعلم جيدًا مدى ضعفه أمام ذلك.

ازدادت وتيرة أنفاسه عندما وجدها تزين عنقها بذلك العقد اللؤلؤي كما حال الأقراط التي وضعت بأذنها ما كان عليه أن يهديها إليها الآن فيكفي ذلك الثوب الذي أرهقه

اسبل جفنيه لبرهة عندما لفحته رائحتها الوردية والتي اسكرته بحب لم يشعر بمثله من قبل

هالك لا محالة 

رفع جفنيه فوجد تلك الحورية أمامه تتطلع إليه بعشق وخجل أرهقه

مد يده إليها طالباً يدها ولم تبخل عليه بها ووضعتها بيده 

جذبها إليه ليقربها منه يتطلع إلى ملامحها بعشق ووله وتمتمت بصوت مبحوح

_قولتلك قبل كدة إني بحبك.

تهربت بعينيه خجلاً وأومأت له

فسألها بمكر

_يعني بلاش اقولها؟

هزت كتفيها بدلال

_لأ قولها.

ظهر الخبث بعينيه وهو ينظر لثغرها 

_انا بقول نأجلها أحسن لإني لو قولتلها هنموت من الجوع.

ضحكت أسيل وهمت بالجلوس على مقعدها لكنه منعها

_رايحة فين؟

اندهشت من قوله 

_هقعد.

ازداد المكر بعينيه وهو يقول بلهجة ماكرة

_مينفعش أصله مكسور وممكن يوقعك.

سحب مقعده ليجلس عليه ثم جذبها لتجلس على ساقه.

_داغر انت بتعمل ايه؟

رفع حاجبيه مدعي البراءة

_عايزاني اقعدك على الكرسي المكسور وبعدين يا عمري انا لازم أكل بايدي لأن مفيش أكل تاني إلا على الجزيرة لما نوصل.

_وهنوصل امتى بقا.

غمز بعينيه بشقاوة

_احنا مش هنام على الفجر كدة نتحرك باليخت، كفاية كلام وخليني أكلك بايدي.

ظل داغر يمطرها بكلمات الغزل وهو يطعمها بيده وهو تفعل ذلك لكن بحياء شديد وهو يتطلع إليها بعشق ووله.

امسك هاتفه وقام بفتحه على اغنية 

سهرنا يا ليل

ثم نهض بها كي يراقصها على ألحانها وهي تتحرك بخفه بين يديه وسعادة غامرة أحاطت كلاهما 

كانت كالفراشة بين يديه يبعدها دون أن يترك يدها ثم تلتف لتعود لحضنه برشاقة ولوعة

حتى بالأخير شعر بأنه لم يعد يستطيع التحكم في مشاعره أكثر من ذلك وقام بحملها وترجل بها للأسفل..





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى