Uncategorized

رواية خيوط القدر الفصل الثلاثون 30 بقلم سارة المصري – تحميل الرواية pdf


رواية خيوط القدر الفصل الثلاثون 30 بقلم سارة المصري

الفصل الثلاثون
فتحت سلمى عينيها فى ارهاق واضح وهى تنظر الى الانبوب المغذى الذى يسرى عبر وريدها ، واغمضت عينيها للحظات تتذكر ماحدث ، فتحت عينيها من جديد لتنادى على ولاء التى جلست على كرسى قريب منها بصوت ضعيف وما ان سمعتها ولاء حتى نهضت مسرعة وهى تقول بعد ان مسحت على شعرها الذهبى فى حنان ” حمد لله على سلامتك يا مجنونة ”
ابتسمت سلمى ابتسامة واهنة وسألتها ”انا بقالى اد ايه كدة ؟؟“
ردت ولاء وهى تربت على كتفها ” من امبارح الصبح ”
تلاست ابتسامة سلمى قائلة ” ده كله ؟؟…وادهم عامل ايه دلوقتى ”
زفرت ولاء فى غيظ وهى تقول ” خليكى فى نفسك انتى دلوقتى …على فكرة مامتك اتكلمت وانا مرضتش اقلقها عليكى وكم…“ وبترت عبارتها وهى تنظر الى سلمى التى تحاول النهوض من الفراش رغم ضعفها فوضعت كفها على صدرها فى رفق محاولة منعها وهى تقول ” على فين ياسلمى ؟؟؟…ممنوع تتحركى دلوقتى خالص ”
قاومتها سلمى قائلة ” لازم اروح اطمن عليه ”
امسكت ولاء بكتفيها قائلة ” خلاص ..خلاص هوا فاق والله واتنقل لاوضه عادية كمان امبارح ”
كانت سلمى ضعيفة للغاية وعبثا حاولت النهوض دون مساعدة فرفعت بصرها الى ولاء قائلة فى غضب ” ولاء ساعدينى فى ايه ؟؟“
هزت ولاء رأسها قائلة ” لا مش هساعدك وكفاية جنان لحد كدة ” واتجهت الى الباب لتغادر الغرفة وتستدعى دكتور عادل الذى طلب استدعائه حين يعود اليها وعيها ، هتفت سلمى فى ضيق ” ولاء ”
قالت ولاء وهى تفتح الباب ” قلت مش هينفع تتخركى وتروحيله دلوقتى خالص ”
”مفيش داعى لكل ده انا جيت خلاص ”
انتفضت ولاء وتراجعت حين سمعت صوت ادهم يقف خلفها وازدردت ريقها فى خجل ، اما سلمى فلم تستطع ان تصدق عيناها وبكل لهفتها وقلقها وحبها هتفت ” أدهم ” ابتسم لها فى هدوء بينما واصلت ولاء طريقها وغادرت ، اقترب ادهم فى خطوات واهنة من فراش سلمى وارتمى على كرسى قريب منه ، وتركت سلمى لدموعها الفرصة فى التعبير عن رأيها فيما يحدث بلغتها الخاصة ، حملت دموعها سعادة بنجاته وقلقا عليه وهى تتفرسه لتطمان انه بخير ، فقالت بصوت متقطع ” ادهم انت كويس ؟؟“
مدت يدها بتلقائية الى كفه فضمها بين راحتيه قائلا ” انتى اللى كويسة يا سلمى ”
ردت ودموعها تنهمر اكثر ومشاعرها تسيطر عليها بشكل الجم عقلها وتفكيرها تماما ” انا بخير طول ما انت بخير ” والصقت جبهتها بصدره وهى تبلل قميصه بدموعها ، تركها للحظات قبل ان يرفع رأسها بكفيه ويمسح دموعها ويطبع قبلة امتنان على جبهتها ارتعدت لها كل حواسها وجسدها الضعيف فقالت وهى تشعر انها فى عالم آخر ” ادهم ..انا بحبك ”
لاتعرف كيف نطقتها وكيف تجاوزت كل حدود العقل والمنطق وكيف تعدت على شرقيتها ومبادئها وقيمها وصرحت لرجل ليس من حقها من الاصل بمشاعرها ، كيف ضربت عرض الحائط بكل ما تؤمن به، كيف لعنت الدنيا بما فيها ونطقتها بصدق ويحدث بعدها ما يحدث ، بل وكيف لم تشعر بعينى ندى التى وقفت على باب الغرفة تختلس النظر والسمع لكل ما يحدث ، رات حنانه الجارف معها ، رات كفه بين راحتيها ، رات قبلته على جبينها ، رات نظراتها التى بالطبع هى انعكاس لنظراته ، كانت تحاول ان تتوازن ولا تسقط فاقدة للوعى ، فحبيبها لم يتوقف عن حبها بحسب بل تحركت مشاعره تجاه اخرى ، وحين سمعت سلمى تخبره بحبها ، لم تستطع ان تختمل المزيد ، لم تستطع ان تشهد توقيع حكم اعدامها على يد حبيبها وهو يعترف بحبه لاخرى ، لم تستطع ان تشهد النقطة الاخيرة التى وضعت فى نهاية اخر سطر لقصة حبها معه ، بريئة هى ام لم تكن ، اخطات عمدا او بببلاهة هى لازلت تعشقه ، ومشاعرها من الان لم يعد لها قيمة لديه ، لقد اخذت غيرها مكانا لايمكنها الدفاع عنه بعد الان ، فامكانك القتال لتسيطر على اى شىء وتملكه الا قلب من تحب لن يمكنك مهما فعلت ان تحصل عليه الا بارادة صاحبه ، انسحبت فى هدوء من مكانها وتركت لقدميها العنان ، لتذهبا بها اينما شاءت ، الم يطلب منها ان تذهب ستذهب ، كم كان انتقامه قاسيا وعنيفا .
تنهد ادهم وهو يتحاشى النظر فى وجه سلمى للحظات عاد الي سلمى فيها عقلها او جزء منه وهى تطالع وجهه وصمته وشعرت بندم بالغ فهمهمت فى الم ” انا اسفة ”
ابتسم ادهم قائلا ” على ايه ؟؟“
وقبل ان يضيف حرفا دخل عادل ومعه ولاء وما ان راى ادهم حتى قال فى دهشة ” معقول اللى بيحصل ده ؟؟…حضرة الظابط الحركة المفروض ممنوعة عليك ”
لم يرد ادهم عليه بل نظر الى سلمى قائلا ” تمام انا هرجع اوضتى ..بعد اذنكو ”
تابعته سلمى وهو يغادر وهى تتساءل كيف استطاعت فعل هذا ؟؟، وباى جنون اصبحت تتصرف منذ ان عرفته ، الكل كان يعرفها بالعقل والرزانة ، والان ذهب كل ذلك ، اطاح حبها لادهم بعقلها تماما .
*****************************************************
مر اربعة ايام ولم يستطع ادهم ان يحتمل البقاء فى المشفى اكثر وساعده بنيانه القوى على العودة الى الحركة شبه الطبيعيه ، وقد لاحظ ان ندى طيلة الفترة الماضية توقفت عن زيارته ، فتعجب من هذا فحتى ان طلب منها ذلك بنفسه فعليها ان تظل تحاول كما كانت تحاول دوما التقرب اليه بكل صورة ، ارتدى سترته ووقف امام المرآة يعدل من هندامه قبل ان يسمع طرقات على الباب ويأذن للطارق بالدخول، استقبل سلمى بابتسامة واسعة ، طيلة الايام الماضية تحاشته سلمى خجلا مما قالته فى لحظة جنون ولكنها حين علمت انه يهم بالمغادرة قاومت شعورها وذهبت لتودعه ، حاولت تحاشى النظر فى عينيه وهى تقول ” قالولى انك بتكابر زى كل مرة وعاوز تمشى بدرى من هنا ؟؟“
هز كتفيه قائلا ” انتى عارفانى مش بحب جو العيا ولا المستشفيات ”
ضايق سلمى ان يقول ذلك عن المكان الذى تتواجد فيه وحاولت ان تضيف شيئا فلم تجد سوى ان تبتسم قائلة ” على كل حال حمدلله على سلامتك ”
عضت على شفتها السفلى وهى تعطيه ظهرها لتذهب ولكنها عادت والتفتت اليه من جديد قائلة ” كنت عاوزة اعتذر عن اللى قولته من كام يوم ..انا كنت تعبانة ولسة مش فى وعى و…“
قاطعها ادهم بحركة من يده قائلا ” سلمى ..منكرش ان انا طول الفترة اللى فاتت وانا بحاول الاقى مبرر او اسم لاحساسى المتلخبط ناحيتك ”
تسمرت سلمى فى مكانها وانصتت له بكل حواسها وهو يتابع بعد ان أخذ نفسا عميقا ملأ به صدره ” انت فيكى كل حاجة للانسانة اللى اتمنيت احبها فى يوم من الايام …ومش بس كنت هحبها بقلبى لا بقلبى وبعقلى قبله كمان ”
كانت دقات قلب سلمى تتزايد وتتزايد حتى كادت ان تخرج من صدرها وكانها تابى ان تظل حبيسة وتتمنى لتقف الى جوارها تستمع معها له ، تابع بعد ان اشاح بوجهه ” بس للاسف انا وانتى اتقالبنا فى الوقت الغلط فى الوقت اللى مشاعرى فيه وقلبى ملك لندى ..وقلبك حتى لو متخلف قرارته مبتقدريش تسيطرى عليها …طول الفترة اللى فاتت وانا بفكر ليه ندى مكانتش صورة منك ؟؟؟، ..ليه مقابلتكيتش انتى الاول او حتى قابلتكو مع بعض وقتها مكنتش هختار حد غيرك ..انا بكابر نفسى حتى فى حبى ليها بس انا فعلا بحبها مهما عملت ومهما حاولت انكر ”
تجمدت الدموع فى عينى سلمى فتلك الكلمات المنمقة التى قصد ادهم كل حرف فيها عن صدق لم تستطع ان تخفى الحقيقة ، حقيقة حبه لندى ، لم تفهم ماذا يعنى بندمه على حبه لها ، كل ما رأته انه ربما مجاملة ليس الا ، حاولت التماسك بقدر الامكان ومنع نفسها من البكاء ولكن صمودها هذا لن يدم طويلا انها تنهار بداخلها ولن يلبث هذا الانهيار ان يظهر على ملامحها بعد لحظات ، قالت وهى تبذل مجهودا خرافيا للسيطرة على انفعالها ” على العموم ..هوا ده الصح …حبك لمراتك هو الشىء المنطقى والمعقول ”
واضافت بصوت مختنق ” ارجوك انسى اى حاجة قولتها ” وهمت ان تذهب قبل ان ناديها ” سلمى ” فتوقفت دون ان تلتفت اليه فقال ” سلمى …انتى بالذات مكنتش عاوز اكون سبب وجع ليكى ..بس انتى متستاهليش ابدا مشاعر شبه الحب اوقريبة منه ..انتى تستاهلى قلبى كله ..بس زى ما قولتلك للاسف اتقابلنا متاخر“
ردت فى الم ” متشغلش نفسك بيا وجعى هعرف اتعامل معاه .ولا نسيت انى دكتورة والوجع شغلتى ”
قالتها جملتها هذه وفرت من امامه فرارا وهو يتابعها فى حزن ، وبالفعل كان يعنى كل حرف نطقه ، فقد تمنى لو استطاع ان يحبها برقتها وجمالها وقوتها ورزانتها ، تمنى لو كانت ندى صورة اخرى منها وتوترت مشاعره فى الفترة السابقة بسببها وهو لا يعرف ما طبيعة مشاعره بالضبط تجاهها ، وكل ماوصل اليه تفكيره ان حبه لندى لازال يعصف بكل ذرة من كيانه ، لازال يتغلغل فى كل خلية من خلاياه ، لازال يقف كالحارس الغليظ على اسوا رقلبه العالية التى اقامتها وحرمت على اى انثى مجرد الاقتراب منه وقمعت اى محاولة لنبضة من فؤاده للتمرد ، ورغم كل شىء لازال يحبها بكل ما فعلته ، حتى ان غضبه منها بدا يتضاءل ، رن جرس هاتفه وانتزعه من افكاره فرد دون ان يعر الرقم المجهول اهتماما ” مساء الخير يا سيادة الرائد …احب اهنيك على نجاحك واحذرك فى الوقت ذاته ”
قال ادهم فى حذر ” مين بيتكلم ؟؟“
واصل المتحدث وكان صوت ادهم لا يصله ” السكة اللى انت ماشى فيها خطر عليك …كفاية عليك الكام تاجر اللى قبضت عليهم ..متحلمش باكتر من كدة والا …“
قال ادهم فى سخرية وقد بدا يعرف من يحدثه ” حاسس ان نهايتك قربت مش كدة ؟؟…حبيت ترميلك تهديدين تلاتة والمفروض يعنى انى اخاف وكدة ”
اطلق الرجل ضحكة عاية وقال ” ومين قال انى بهددك ..انا بعرفك التمن اللى هتدفعه لو فضلت ماشى فى السكة دى اللى مش هتوصلك لحاجة …كان غيرك اشطر يا حضرة الظابط ”
واصل ادهم فى لامبالاة ” تعرف انى المفروض اشكرك لانك عرفتنى كدة انى ماشى فى الطريق الصح ”
واصل الرجل فى هدوء ” كمل فيه يا ادهم ..ومتنساش التمن اللى هتدفعه من حياتك وحياة اللى بتحبهم …واه متحاولش تتبع المكالمة والكلام الفارغ ده لان اكيد مش هغلط غلطة هايفة زى دى ..انا قولت اوفر عليك تعبك ” واطلق ضحكة ساخرة قبل ان ينهى المكالمة
نظر ادهم الى الهاتف وهو يقول ” كان معايا حق ” ، وخرج بعدها من المشفى الى اللواء مختار مباشرة الذى استقبله فى دهشة قائلا ” انت يا بنى مش فى اجازة وخرجوك ازاى اصلا ؟؟“
جلس ادهم قائلا فى هدوء ” متقلقش يا فندم انا كويس وجاى بخصوص تطور جديد فى القضية ”
قال مختار فى اهتمام ” قضية ايه ..ما القضية خلصت خلاص ”
قال ادهم وهو يشير بسبابته ” ده اللى انتو مصرين عليه …لكن انا مصر ان كل اللى فات قضية واحدة ولسة متفلتش ” واضاف فى جدية بالغة ” مرتضى والدسوقى وبهنسى وغيرهم وغيرهم مجرد قطع فى لعبة شطرنج بيحركها واحد بعيد وكل ما واحد منهم يتقبض عليه بيظهر غيره ”
قال اللواء مختار وهو يتلراجع فى كرسيه ” بس مفيش قضية بتتبنى على احساس شخصى يا حضرة الضابط ”
مال ادهم للامام قائلا ” ده مش احساس شخصى …كل التجار اللى احنا قبضنا عليهم ..بيستخدمو نفس الطريقة فى التوزيع والتخزين ده غير انى لما استجوبت بهنسى واقنعته انه ممكن يكون شاهد ملك وافق وللاسف الوقت ما اسعفوش لانه تانى يوم انتحر او بان انه انتحر ”
حك مختار ذقنه بسبابته وقال ” والله كلامك منطقى جدا ”
واصل ادهم بابتسامة ” اللى منطقى اكثر هوا اللى حصل النهاردة …تهديد جالى من الراس الكبيرة ”
قطب مختار حاجبيه وقال ” تهديد ؟؟؟“
واصل ادهم ” وده معناه انه حاسس بالخطر وحاسس ان احنا قربناله ”
صمت مختار لللحظات قبل ان ينهض من مقعده ويفكر للحظات ويعود الى ادهم قائلا ” ادهم انت من اكفا ظباط الادارة ورغم الوقت القصير اللى اشتغلته هنا اللى انك بتحقق اللى غيرك ميقدرش يحققه ..انا هديك كل الصلاحيات اللى انت محتاجها عشان تحقق اللى انت بتقول عليه واتمنى انك متخلنيش اندم على قرارى ”
ابتسم ادهم وهو يؤدى التحية العسكرية قائلا ” اوعدك يا فندم مش هتندم ابدا ”
******************************************************************
عاد ادهم الى قصره وقبل ان يدلف الى غرفته نظر الى باب غرفتها المغلق ، شىء ما دفعه اليها ، ربما حبه الذى اعترف لنفسه ولسلمى انه لازال بداخله ، سار بخطوات مترددة الى الباب وفتحه فى هدوء ليجدها نائمة على الفراش ، اقترب منها ببطء ، كانت أيقونة للبراءة والرقة والنعومة وهى تضم كفيها وتضعهما تحت خدها وشعرها الكستنائى الطويل يتناثر على وسادتها ولمحة حزن وشحوب تشوب ملامحا الساكنة ولا تعكر ابدا من صفو جمالها الهادىء ، لاول مرة منذ شهور يستعيد كل ذكرياته معها قبل تلك الازمة ، تذكر كيف كانت كالاطفال فى تهورها وبرائتها ، كيف كانت تغضب وتمزح وتضحك ، تذكر كيف تغيرت منذ ان دخلت قصره ، مد انامله فى تردد ليزيح خصلة من شعرها تطفلت على جبينها ولاحظ دمعة ساكنة على وجنتها مسحها باصبعه وتساءل كيف استطاع للحظة ان يتحمل دموعها ، كيف استطاع ان يؤذيها ، وقبل ان تلامس شفتيه وجنتها سمع صوتا يناديه فى الخارج ” ادهم بيه ”
اعتدل ادهم والقى نظرة على ندى قبل ان يخرج له ليجد عم محمد يقف الى جوار الباب الذى نساه ادهم ولم يغلقه فتتحنح محمد قائلا ” لامؤاخذة ..فيه ناس تحت عاوزينك ”
قال ادهم وهو يمسك بمقبض الباب ليغلقه ” ناس مين ؟؟“
ـ اتنبن ستات
عقد ادهم حاجبيه قائلا ” اتنبن ستات ”
واصل محمد ” هما جم قبل كدة لما حضرتك كنت فى المستشفى يظهر عندهم حاجة مهمة لانهم كل يوم يجو ويسألو ”
ربت ادهم على كتف محمد وقال ” طيب انا جاى معاك ”
وصل ادهم الى حيث تنتظره ضيفتاه فى استقبال القصر الضخم ، واشار الى عم محمد بالانصراف وهو ينظر الى احداهن وهى فتاة فى العشرينات بيضاء البشرة رقيقة الملامح تبدو من ملابسها وطريقة تصفيفها لشعرها انها من عائلة ثرية ، مدت يدها لتصافحه فصافحها ادهم وهو ينظر الى الاخرى التى بدت مألوفة له ولم يستغرق للحظات حتى تعرفها فهى زهرة التى وجدها مع ندى فى بيت احمد ، انتزع يده من يد مرام فى غضب وهو يقول ”انتى ”
وقبل ان يفتح ثغره لينطق جملة اخرى قالت مرام وهى تبسط كفيها امامه ” ادهم بيه ياريت تهدى احنا هنا جايين عشان نحط النقط على الحروف ونوضحلك سوء الفهم اللى حصل ”
التفت لها ادهم وقال فى حدة ” انتى مين اصلا ؟؟““
ازدردت مرام ريقها وقالت ” انا مرام المنسى مرات احمد سليم ”
تراجع ادهم خطوتين وهو ينقل بصره بينها وبين زهرة فى ذهول واضح وللحظات عم الصمت على الجميع قبل ان تقول مرام ” ممكن يا ادهم بيه نقعد ونتكلم مع بعض شوية ”
ظن ادهم فى الفترة الماضية ان الامر انتهى تماما ولم يتخيل ان يفتح جروحه من جديد لم يتخيل ان يكون هناك سببا اخر ليقسو به على ندى
قالت مرام فى رجاء ” صدقنى مش هتخسر حاجة لو سمعتنى ”
نظر الى زهرة فى غضب وقال ” لو سيادتك جاية تكررى كلام جوزك السخيف فوفرى على نفسك احسن ”
ابتسمت مرام فى أسى وقالت ” انا جاية النهاردة اوضحلك حاجات كتير ومش طالبة منك اكتر من انك تسمعنى ” واضافت فى توسل ” ارجوك ”
تنهد ادهم وهو يشير اليهما بالجلوس قائلا ” ياريت بسرعة ”
شبكت مرام اصابعها قائلة وهى تنظر اليها ” طبعا انت عارف اللى حصل لجوزى وخسارتنا لكل حاجة ”
رد فى برود ” عارف ”
رفعت نظرها اليه وواصلت ” عشان كدة قبل ما ابتدى معاه من جديد لازم نصلح جزء من..“
قاطعها ادهم وهو يزفر فى ضيق قائلا ” لو جاية تحكيلى قصة حياتك انتى وجوزك فانا معنديش وقت ..انا لسة خارج من المستشفى وتعبان وعاوز ارتاح ”
رفعت مرام كفها لتقول ” انا جاية اقولك على اللى عمله او بالاصح اللى عملناه مع ندى ”
سرت الكلمات الى اذنى ادهم فالتفت لها فى اهتمام واستمع الى كل ما قالته ، اخبرته ان ندى حاولت الفرار من احمد باكثر من طريقة والاعتذار عن العمل معه وتظاهرت بالمرض ولم تذهب الى الفيلا معه وحدها ابدا بل كانت دائما مع العمال وانه حين التقت باحمد فى المرة الاخيرة كان بعد ضغط كبير منه ، علمت من اخمد كل هذه التفاصيل واخبرته انه بالفعل اختطفها تحت تاثير المخدر بعد ان قابلته للمرة الاخيرة لتفرغ به غضبها بعد ان علمت بمحاولته قتل ادهم ، وان الرسالة التى وجدها على هاتفها ارسلها احمد بعد علمه بانها نسيت هاتفها وكان يعلم ان ادهم سيكون اول شىء يبحث فيه هو الهاتف ومن بعده المتجر المقابل الذى رشاه احمد بملغ ضخم .
كانت مرام تقص عليه بصدق بالغ ورغم كل ما ثار من غضب بداخله الا انه تمالك ليستمع الى الحقيقة كاملة وتظاهر بالهدوء التام ، تولت زهرة اكمال الحديث وقالت ” ادهم بيه يمكن حاجتى للفلوس خلتنى اساعده ..بس اللى شوفته ان مراتك بتحبك حب غير طبيعى …كانت بتصرخ باسمك ليل نهار ..حاولت تنتحر قاومت لحد اخر نفس ولاكانت بتاكل ولا بتشرب …وما هديتش غير لما ”
صمتت فاشار لها ادهم لتكمل فواصلت ” لما احمد بيه عرف انك خلاص قربت توصلها ..جهز كل حاجة واقنعها انها خلاص هترجعلك وهيرجعها بنفسه وهيا من فرحتها صدقت وعشان كدة لما دخلت كانت هادية جدا لانها ببساطة كانت رايحالك ”
نظر ادهم الى مرام فى غضب وقال ” والفيديو اللى اتبعتلى ”
قالت زهرة وهى تخفض رأسها فى خجل ” ندى مكنتش بتاكل نهائى وده خلاها ضعيفة ومكنتش قادرة تتحرك احنا اقنعناها انها تاكل عشان تقدر تقوم معانا …انا حطتلها فى العصير حبوب هلوسة وصورنا اللى انت شوفته ”
نهض ادهم فى غضب وكاد ان يفتك بها وهو يقول ” اه يا حقيرة ”
تراجعت زهرة ووقفت مرام بينهما فصرخ ادهم بها ” انتى عارفة انا هعمل فيكو ايه قصاد اللى انتو عملتوه ”
قالت زهرة فى توتر ” بس هيا سامحتنا ”
توقف ادهم للحظات وان لم تختفى ملامحه الغاضبة بعد وهو يقول ” هيا مين …ندى ؟؟“
تراجعت مرام لتقف الى جوار زهرة قائلة ” ايوة ..قبل ما نكلمك كلمناها واترجتها انها تسامحنا وسامحتنا ”
نظر ادهم الى الاعلى حيث الدور الذى تقيم فيه ندى وهمس ” مستحيل ”
نظرت مرام الى زهرة قبل ان تقترب من ادهم قائلة ” انا جيت وقولتلك على كل حاجة وكلى املى انك تسامح ..ولو مقدرتش فده حقك ”
التفت اليها وقال بلهجة جمعت بين المرارة والغضب ” بعد ايه ..بعد ما دمرتو حياتى ..بعد ما دمرتو كل حاجة بينى وبينها انتى وجوزك ” واشاح بوجهه وهو يضيف ” تعرفى ..انتى وهو اعينة واحدة ولايقين لبعض وانا ممكن ادمر حياتكو باللى انتو عملتوه ده والحاجة الوحيدة اللى هتمنعنى لو هيا فعلا كانت سامحتكو ”
وجلس على كرسيه وقال فى هدوء ” اطلعو برة ”
حاولت مرام ان تنطق فاوقفتها نظرة صارمة من ادهم وهو يقول ” انا قلت برة ”
انصرفا من امامه وهو يلهث فى انفعال ، امسك جبينه وهو يسترجع ما اخبرته به ندى ويقارنه بما قالته مرام لقد كان متطابقا بل سدت مرام كل الثغرات التى لم تستطع ندى ان تجد لها تفسير فى تلك المؤامرة ، استرجع لاول مرة ما فعله بها هو ، استرجع الجحيم الذى رماها فى قاعه ، استرجع كل كلمة وكل صفعة وكل اهانة ، كاد ان يموت وهو يلوم نفسه كيف لم يستطع حبه الجارف ان ياخذ العذر لها ، كيف استطاع ان يؤذيها وقد كان هو حصن امانهاوملجاها من العالم ، لماذا منع نفسه من ضمها اليه وابعدها عنه بكل وحشية ، وزاد من المه انها تحملت ولم تفر ، لماذا لم يفكر ولو للحظة انها بامكانها الفرار من جديد ولم تفعل ، لقد كانت تعانى مما صنعه بها هذا الحقير وهو عوضا على ان يطمانها اخذ منه سوط العذاب وواصل جلدها بلارحمة ، كيف استطاع ان يفعل هذا بنداه ، عام كامل تفنن فى عذابها بكل طريقة ، لا يدرى كم ظل فى مقعده هذا ودوامة افكاره تدور بها الى مالا نهاية ولكنه شعر بكف عم محمد توقظه وتربت عليه فى حنان ليخبره بانه قضى ليلته باكملها على هذا المقعد ، نظر فى تردد الى الوجهة التى لابد وان يذهب اليها وتساءل هل بامكانهها ان تسامحه او حتى تتخذ له العذر ، هو نفسه لا يتخذ لننفسه العذر الان فى اى اذا الحقه بها .
فتح باب غرفتها فوجدها تجلس على طرف فراشها مطرقة الرأس وكأنها كانت تنتظره .





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى