Uncategorized

رواية خيوط القدر الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم سارة المصري – تحميل الرواية pdf


رواية خيوط القدر الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم سارة المصري

الفصل الثالث والثلاثون
أخذ ايمن يقطع ممر المشفى جيئة وذهابا فى قلق بالغ بينما جلس عمر مطرق الرأس يدفن وجهه بين كفيه ولا يصدق شيئا مما يحدث ، لقد ذهبت اليه بكل سعادة الدنيا لتخبره انها تحبه وستبدا حياتها معه من جديد ، ذهبت بقدمها الى مصيرها هذا ، كيف لندى بكل رقتها ان تحتمل كل هذا ، ربتت ياسمين على كتفه بيد مرتعدة فلم يلتفت لها وربما لم يشعر بوجودها من الاصل ، والى الجدار المقابل اسند حسام رأسه وهو يستعيد ما حدث ، لقد وصل فى اللحظة الاخيرة قبل ان يطلق عصام نيرانه على ادهم فاطلق هو رصاصته فى صدر عصام قبل ان يباغت الباقين فى سرعة لينقذ حياة زميله .
وفى داخل غرفة العناية المركزة وقفت سلمى تتابع المؤشرات الحيوية الخاصة بادهم قبل ان تلقى عليه نظرة دامعة ، كل المؤشرات جيدة وحالته لا تستدعى بقائه فى الغيبوبة كل هذا الوقت وكانه قد استسلم للموت ، هزت رأسها فى الم ، ودون ان تجد لذلك اى اساسا علميا فيما درست ، انحنت لتهمس فى أذنه ” ندى لسة عايشة يا ادهم ..ندى مماتش ”
كانت واثقة ان جزءا كبيرا من حواسه يسمعها وان عقله الباطن يرفض العودة للحياة ليتجنب صدمة فقدان ندى ، كان مجرد امل ولغة لم تكن لتعترف بها ابدا قبل ان تعرفه .
” هتبقى كويسة ان شاء الله ” قالتها ياسمين محاولة تجاوز المها من اجله فرفع عمر وجهه الذى حمل كل حزن الدنيا ونظر اليها بعين تجمدت فيها الدموع وهويقول ” حتى لو فاقت هيكون رد فعلها ايه لما تعرف ان جسمها كله اتشوه من الحريق ” تنهدت ياسمين فى حزن ” الحمد لله على كل حال يا عمر …اللى حصل معجزة ..بيقولو الاحتمال الاكبر انها هربت قبل الانفجار بثوانى وموجة الانفجار هيا اللى طالتها …لو كانت جوة الانفجار نفسه مكانتش خرجت منها…والحمد لله ان وشها متشوهش ولا حصله حاجة ”
قال عمر فى مرارة ” ندى اجمل بنت ممكن تشوفها اى عينين فى الدنيا جسمها يتشوه بالطريقة دى ؟؟..مش عارف لو فاقت هتواجه ده ازاى خايف عليها يا ياسمين لتنهار ”
قالت ياسمين فى حنان ” كلنا هنبقا حواليها وجنبها …انا وانت وماما وادهم محدش فينا هيسبها ” ” ابتسم لها فى حزن قبل ان ينظر الى سلمى التى خرجت من غرفة ادهم والتف الجميع حولها متسائلين فحاولت سلمى التوازن وهى تقول ” زى ما قولت قبل كدة مسألة وقت وحالته مستقرة ”
قالت ياسمين فى قلق ” وندى ؟؟؟“
تلعثمت سلمى وقالت ” لسة حالتها مش مستقرة ..بعد اذنكو هروح اشوفها ”
وانصرفت سلمى محاولة كبح دموعها ، شاءت ام ابت قلب ادهم ليس لها ابدا بل لتلك التى ترقد بين الحياة والموت فى غرفة مجاورة ، وهو لم يخدعها يوما بل صارحها من اللحظة الاولى وبالقدر الذى جرحها فيه بالقدر الذى زاد احترامها له وحبها له، حبا جعلها تنحى غيرتها ومشاعرها كانثى تجاه ندى جانبا وتؤدى دورها فقط كطبيبة تحاول باقصى جهدها انقاذها لتعود الى ادهم حبيبته من جديد .
دخلت القصر تلهث من سرعة ركضها ، اخذت تبحث عنه وتصرخ باسمه دون جدوى وفجاة سمعته يصرخ باسمها فى الخارج مرة بعد مرة ولمحت شيئا بعيدا ، انها قنبلة تبقى على انفجارها لحظات ، ركضت بكل سرعتها الى مصدر صوته ولكنها لم تنجو من موجة الانفجار التى احرقتها و…
”دى سى شوك بسرعة ”
صرخت سلمى فى التمريض وهى تراقب رسام القلب الكهربائى الى جوار ندى والذى يوضح توقف قلبها فجاة ، اخذت تجرب مرة بعد مرة ودون جدوى ، تذكرت ادهم وما وعدته به ، القت جهاز الصدمات وبدات فى تدليك قلبها بيديها وهى تصرخ ” لا ..مش هتموتى على ايدى ابدا ..ابدا ”
كانت تحاول باستماتة حتى ان الممرضة تابعتها فى ذهول تام وقد احمر وجهها بشدة من فرط التوتر وسلمى لم يكن من طباعها التوتر ابدا ، وبعد دقيقة عاد قلب ندى لينبض من جديد ، فتنفست سلمى فى عمق وارتمت ارضا فى ارهاق وارتياح وهى تتابع جهاز رسام القلب وتلهث بشدة ، سألتها الممرضة فى قلق ” دكتورة سلمى انت …“
قاطعتها سلمى فجأة ” دكتور فريد المشرف على حالة ندى موجود لسة ”
هزت الممرضة رأسها بالايجاب ، فنهضت سلمى والقت نظرة على ندى وهى تردد ” لازم تعيشى يا ندى …لازم تعيشى عشانه ”
ذهبت سلمى الى دكتور فريد وعرضت عليه اقتراحها الغريب وهى ان تنقل ادهم مع ندى فى غرفة واحدة ، تعجب من حديثها الذى لايمت للطب بصلة وبعد محاولات مستميتة منها وافق فلايوجد ضرر من الامر ان لم تكن هناك منفعة ، ونفذت سلمى ما ارادت وتجاوزت دهشة الجميع وهى تنقل ادهم الى غرفة ندى وبمجرد ان تحقق لها مارادت ، تعاونت مع الممرضة فى تقريب الفراشين من بعضهما البعض ، وبعدها طلبت منها سلمى الانصراف ، ووقفت تنظر اليهما ، الى ادهم الرجل الوحيد الذى احبته والى ندى الانثى الوحيدة التى احبها ، ركزت فقط فى حبها لادهم وانها على استعداد ان تضحى باى امل فى الوصول الى مشاعره مقابل ان يعود هو لوعيه .
تنفست فى عمق وتحدثت ” انتو دلوقتى مع بعض …انتو لسة عايشين ..محدش فيكو خسر التانى ”
ومالت باتجاه ادهم لتهمس ” ندى جنبك يا ادهم ”
وبالمثل فعلت مع ندى وبحركة غريبة امسكت بيد ادهم وندى يتلامسا ، اغمضت عينيها للحظات وهى تنتظر اى استجابة من احدهما ، صحيح لم يرد هذا باى مرجع درسته ولكن ربما …، فجاة وجدت انامل ادهم تقبض على يد ندى فدمعت عيناها وهى تميل اليه هامسة ” ادهم ”
وقبل ان يفتح عينيه همس فى وهن ” ندى ”
*************************************************************
استيقظت ياسمين فى الثانية صباحا وهى تشعر بأرق ، خرجت الى الصالة لتلقط مجله تقرأها لتنشغل فى قرائتها حتى تنام ، ولكنها وجدت عمر يجلس حاملا هاتفه ، اقتربت لتقف خلف ظهره بقليل دون ان يشعر بها ، فوجدته يقلب فى عدة صور له ولندى فى طفولتهما وشبابهما ، كانت تعلم عمق وقوة العلاقة بينهما وبمقدار الالم الذى يعانيه وهى على حالتها هذه ،فلم يعد يهنا بطعام ولا نوم ، شعرت بدمعة تسيل على وجنته فلفحت قلبها ، اقتربت منه وجلست فى مواجهته فرفع بصره اليها ومدت هى اناملها لتمسح دمعته وهى تربت على كتفه فى حنان ، وبعد لحظات قربت هى رأسه من صدرها وضمته كانه ابنها ، ولاول مرة تحتوى ياسمين عمر كما احتواها هى طيلة الفترة الماضية ، لاول مرة تشعر بالمسئولية تجاه شخص ، كانت مشاعره الحزينة اقوى من ان يتفاجىء بقربها هذا ، كانت تحاول ان تنقل له الامان من خلال لمساتها دون حتى ان تنطق كلمة واحدة ، اغمض عينه مقاوما المه بصعوبه ، ندى لازالت ترقد فى المشقى فاقدة الوعى وان عادت اليه سيكون امامها امرا يصعب احتماله .
*********************************************************************وقف ادهم يطالع ندى من خلال النافذة الزجاجية لغرفتها ، كان قد استرد كثيرا من عافيته او هكذا حاول اقناعهم ليبتعدو عنه ولا يحاولو منعه ان يقضى اغلب الوقت واقفا يراقبها هكذا ، اقتربت سلمى قائلة ” وقوفك فترة طويلة مش كويس على جرحك يا ادهم ”
قال دون ان يلتفت الها وهو ينظر الى ندى ” انا السبب فى كل اللى حصلها يا سلمى ..انا السبب ”
حاولت سلمى ان تهون عليه فقالت ” ده قدر يا ادهم ..متلومش نفسك ابدا“
لامس الزجاج بيده وقال فى مرارة ” كانو عايزينى انا …كانو هينتقمو منى انا …الموت مليون مرة عندى اهون من انى اشوفها كدة ”
نظرة الحزن فى عينيه اثارت غيرتها وتمنت لو كانت مريضة مثلها فقط لتظفر بنظرة الحب التى فى عينيه هذه ، تجاوزت هذا وقالت فى ثبات ” المؤشرات الحيوية بتاعتها مستقرة وممكن تفوق فى اى وقت ”
ابتسم لها ادهم فى شحوب قائلا ”قالولى على اللى انتى عملتيه معانا ..مش عارف اشكرك ازاى ؟؟“
تنحنحت سلمى فى حياء وقالت ” على ايه ..ده شغلى وواجبى ومستعدة اعمل اكتر من كدة عشانك ” واغمضت عينيها لحظة قبل ان تصحح كلمتها ” عشانكو ” ، نظر لها ادهم فى امتنان قائلا ” هيا دى سلمى اللى اعرفها ” ابتسمت وشعرت بالسعادة من كلمته البسيطة ، تاملت ملامحه المرهقة وهو ينظر الى ندى فى حزن واضح قائلا ”تفتكرى فيه امل ترجعلى تانى ”
نتهددت وهى تنظر الى ندى بدورها وقالت ” الامل فى ربنا دايما موجود ..مش ده كلامك قبل كدة مع طارق زميلك ” واضافت بابتسامة صافية ” على فكرة انا كمان اتفاجئت انه رحع يمشى تانى وفى وقت قياسى والطب مش قادر يفسر الظاهرة دى ابدا ”
رات على شفتيه شبح ابتسامة وهو يقول ” سهل الواحد يناظر يدى محاضرات لغيره بس ساعة ما ييجى الدور عليه كل حاجة بتتغير ”
قالت سلمى ” ندى مسالة وقت وتفوق وخلاص هيا عدت مرحلة الخطر بس المشكلة الحقيقة انها لما تفوق هتقدر تستوعب انها جسمها كله اتشوه ,…“ قاطعها ادهم فى حدة قائلا ” انا مش هسيبها ابدا ..هعرضها على اكبر دكاترة حروق وتجميل فى العالم ..هخليها ترجع احسن من الاول كمان ”
كان يشعر بالغضب كلما ردد احدهم على مسامعه كلمة تشوه ، لايمكن لاى تشوه ان يلحق بندى ، هى فى عينيه اجمل فتاة على وجه الارض وستظل فى نظره ايقونه للجمال ذاته ، احمر وجه سلمى من حدته وقالت فى خجل ” انا كنت اقصد انها هتحتاج لتاهيل نفسى بعد ما تفوق ”
هز راسه فى اسى قائلا ” هيا بس تفوق وانا هسيب الدنيا بحالها وهفضل جنبها ”
لم تستطع سلمى منع تلك الكلمة من الوصول الى شفتيها ” محظوظة ندى بحبك ”
نظر لها ادهم واشار الى ندى برأسه قائلا ” انتى شايفة انها كدة محظوظة ” واضاف فى اسى ”محدش فى الدنيا اتأذت بسببه قد ماتأذت بحبى ليها ”
كادت ان تسأله كيف ولكنها وجدته مستغرقا بكل كيانه معها ، احترمت صمته وانصرفت تاركة اياه يسبح فى ذكرياته معها وهى تتساءل كيف لحبه ان يؤذيها ، ان لحظة حب واحدة منه لكفيلة ان تسعدها عمرها بأسره وان كانت فى قاع الجحيم ذاته ، لقد تمنت ان تحترق مثل ندى فقط لو حظيت بنظرة واحدة من التى تغبط ندى عليها منه ، وفجاة وقبل ان تصل الى نهاية الممر سمعته يناديها ” تعالى بسرعة ” ، ركضت سلمى تجاهه وهو يشير الى ندى بسببابته وما ان دخلت سلمى حتى لحقها ادهم وكانت المفاجاة فتحت ندى عينيها فى بطء والتقت بعينى ادهم الذى كاد يصرخ من السعادة ، اما سلمى فبصعوبة تخطت مسشاعرها وقامت بدورها فى اعادة فحص ندى ونظرت اليها وهو يمسك بكفها وقالت ” حمدلله ع السلامة ” لم يبدو انه سمعها او شعر بوجودها من الاساس ، قالت بصوت مختنق ” هبلغ دكتور فريد ” وتركتهما وخرجت ، اما ادهم فقد انسته سعادته بندى ان الالم فى طريقه اليها وانها ستعلم بما اخفاه عنها بغيابها عن الوعى وسيكون الامر بالغ القسوة
********************************************************
هدوء غريب ومثير للقلق ذلك الذى اصاب ندى بعدما عادت من غيبوبتها واستوعبت كل ما حدث لها وانتقلت الى غرفة عادية ، وطلبت من الجميع ان تبقى وحيدة ، ولم تستثنى شخصا حتى والدتها ، وهو ما اصاب الجميع بالدهشة والقلق عليها ، فلقد توقعو رد فعل مخالف تماما لكل هذا ، توقعو ان تصرخ او حتى تنهار ، ولم يعرفو انها بالفعل تنهار بعيدا عن اعينهم ، تنهار بداخلها وقد ادركت انها انتهت فى اللحظة التى قررت ان تبدأ فيها حياتها من جديد ، لقد اثبت لها ادهم انه يحبها فوق ما تصورت ولكنها فقدت جسدها الجميل الذى احترق ، الحروق التى تصيبها بالفزع كلما نظرت اليها ، فكيف يتحملها هو ايا كان مقدار ما يحمله لها من حب وان احتمل فلن تقبل ابدا له بهذا لن تقبل ان تسيطر عليه مشاعر الشفقة ، فحتى ندى التى احب روحها لم يعد لها وجود ، لقد اصبحت مجرد شبح ، طيف حزين روح منكسرة وجسد مشوه .
” مش قادر الاقى تفسير للى بيحصل ده ”
قالها ادهم وهو يستند الى الحائط فى احدى ممرات المشفى فمد عمر شفتيه فى حيرة قائلا ” ولا انا ..حاسس انى بشوف انسانة تانية غير ندى خالص ”
نظر ادهم الى باب غرفتها قائلا ” لولا ان الدكاترة بيطمنونا انها بخير ..انا مكنتش اسكت على اللى هيا بتعمله ده ..مش عاوزة تشوف حد فينا ليه ؟؟…انا خايف يا عمر لتكون ناوية تعمل فى نفسها حاجة ”
هز عمر رأسه قائلا ” مفتكرش …ندى متعملهاش ”
دقق ادهم النظر فى وجهه قائلا ” انت لسة بتقول انها بتتصرف وكانها واحدة تانية ..مش بعيد تكون بتفكر بالطريقة دى ماهو سكوتها ده مش رد فعل طبيعى ابدا ..انت اكتر حد عارف ندى يا عمر …دى لما كان فستانها بيتبقع وهيا بتاكل كانت بتقوم الدنيا ومتقعدهاش ” واضاف وهو يحدق للاعلى ” مش مطمن ابدا ..مش هقدر اروح واسيبها ”
ويبنما ينظر الى باب غرفتها وجد سلمى تقترب منه لتدخل وقبل ان تمسك يدها مقبض الباب وجدته امامها يقول فى صرامة ” استنى ..انتى رايحة فين ” صمتت سلمى للحظات تتأمل غرابة السؤال ومن بعده ردت ” داخلة اتابع حالة ندى ”
اسند ادهم كفه الى الحائط وقال ” معلش يا دكتورة انا عايز حد تانى يتابع حالة مراتى غيرك ”
تراجعت سلمى فى ذهول وازدردت ريقها فى احراج وقالت بصوت متحشرج ” افندم ”
اشاح ادهم بوجهه للحظات وقال ” دكتورة سلمى انا مقدر وشاكر جدا للى انتى عملتيه ومش عايز اتعبك اكتر من كدة ”
كادت سلمى ان تخبره بانها لم تتعب ولكنها ادركت انه يحاول اقصاءها فحسب ولو نطقت بكلمة اخرى فسيضطر الى قولها صريحة ، كتمت دموعها وانسحبت من امامه وهى تقول ” تمام …انا هبعت واحدة زميلتى تتابع حالتها ”
هز راسه قائلا ” متشكر ”
وبمجرد ان انصرفت سلمى حتى جذب عمر ادهم من ذراعه قائلا ” ايه الللى انت عملته ده ؟؟“ ادهم كان يعلم لنه كان قاسيا للغاية معها وربما ناكرا للجميل ايضا فهى تقريبا من انقذت حياة زوجته ومن قبلها حياته ولكنه تذكر فجاة خلافه مع ندى التى كانت هى جزءا منه وفكر فى ان وجودها قد يزعج ندى وهى لم تعد تقوى على الاحتمال ، رفع ادهم كفه قائلا ” كدة احسن بكتير ..انت مش عارف حاجة يا عمر ”
نظر له عمر نظرة عاتبة وقال ” لا عارف وفاهم كل حاجة ..ندى حكتلى ولولا اللى حصل انا مكنتش عدتلك اللى انت عملته فيها ابدا با ادهم ” آلمته جملة عمر وهى تذكره بما فعل بحب عمره فأغمض عينيه فى الم وهو يقول ” كانت لعبة واتخدعنا بيها كلنا ”
قال عمر فى لهجة حادة ” وده اللى خلانى اخدلك العذر وكمان ندى كانت مسئولة للاسف بتهورها ”
قال ادهم فى ضيق ” ارجوك يا عمر بلاش السيرة دى دلوقتى ..اهم حاجة نطمن عليها وبعد كدة تبقو اقتلونى لو هترتاحو ”
تنفس عمر فى عمق وهو يتابع الطبية التى دخلت ومالبثت ان غادرت بعد لحظات فتبادل مع ادهم نظرة حائرة واتجه اليها فانتظرتهما ودون سؤال قالت ” المدام بتقول عاوزة دكتورة سلمى ”
تبادل الاثنان نظرة ذهول من جديد وانصرفت الطبيبة وقال ادهم ” متحاولش تقنعنى ان اللى بيحصل ده طبيعى …دى اخر حاجة ممكن ندى تطلبها ان سلمى هى اللى تتابعها ” لم يجد عمر اجابه فندى بالفعل اصبحت تتصرف على نحو غاية فى الغرابة .
***********************************************
لم يكن لشخص ان يتخيل السبب الذى دفع بندى لان تكون سلمى هى من تتابع حالتها ، سلمى منافستها الاولى والقوية عبى قلب زوجها وحبيبها تريها بنفسها حروقها وتشوهات جسدها ، لم يكن هذا سهلا عليها ابدا ، ولكن احدا لم يعارضها بل ذهب ادهم بنفسه الى سلمى واعتذر لها عما بدر منه وطلب منها مباشرة حالة زوجته وان لم يكن مضطرا لهذا ما فعله ابدا ورغم دهشة سلمى من عدوله عن قراره لم تستطع ان ترفض طلبا له ابدا او ربما فى داخلها لم تشا ان تخرج من دائرته ابدا وان نفت هذا الاحساس وكذبته فلاشىء سيغير حقيقة انها تعشق الاقتراب منه تعشق وجودها الى جواره تحت اى مسمى يختاره برغبته كان او رغما عنه .
ذهبت سلمى الى غرفة ندى وعاينت حروقها وتابعت حالتهت كالمعتاد ، كانت تعلم ان ندى لن تعود الى سابق عهدها ابدا وا ادهم ربما …، نفضت الفكرة سريعا عن رأسها فهى ليست بهذه الحقارة ابدا ، ساعدت ندى على الاسترخاء من جديد وحين اعطتها ظهرها لتخرج ، نادتها ندى فالتفتت لها سلمى فى اهتمام ولم تتوقع سؤالها ابدا الذى قالته فى ثبات ” بتحبيه يا سلمى ؟؟“
تسمرت سلمى فى مكانها للحظات وفتحت ثغرها لتحاول النطق فخرجت منها الحروف مبعثرة تماما ” هوا مين ؟؟“
لم تكن لهجة ندى لهجة اتهام ابدا بل كانت لهجة هادئة ربما شابتها بعض الحزن ، ابتسمت ندى قائلة ” هيكون مين ..ادهم ”
تلعثمت سلمى وقالت بارتباك ” لا ادهم مجرد ..“
تنهدت ندى وقاطعتها قائلة ”انا عارفة انك بتحبيه ياسلمى ومقددرش الومك ” واضافت وهى تغمض عينيها فى الم ”اى واحدة تعرف ادهم عن قرب مستحيل متحبوش ”
دهشت سلمى لهدوء ندى ولم تعد قادرة على معرفة مايدور فى خلدها ، فتحت ندى عينيها من جديد وهى تقول فى الم عبثا حاولت اخفاءه ” بس انتى انسب حد لادهم يا سلمى …انتى اقرب واحدة لشخصيته ”
لم تستطع سلمى ان تخفى دهشتها فهتفت فى ذهول ” انا ؟؟“ وقبل ان تواصل ندى قالت سلمى وهى تلوح بكفيها ” ندى انتى واعية بتقولى ايه ..انت بتتكلمى عن جوزك ”
دققت ندى النظر فى وجه سلمى قائلة ” اللى انتى بتحبيه ”
اشاحت سلمى بوجهها وهى تقول ” وهوا بيحبك انتى ومبيشوفش غيرك فى الدنيا ”
لم تستطع ندى ان تقاوم دمعتها وقالت ” مش هيطيق ولا هيبقا قادر يشوفنى بعد كدة ”
اقتربت منها سلمى وربتت على كتفها فى حنان قائلة ” ادهم بيعشقك يا ندى ومش هيفرق معاه اللى انت فيه …“ واضافت فى الم ” انا بعترف انى بحبه وكمان صارحته بده وهو قالى انه فى حياته لا حب ولا هيحب غيرك ”
وضعت ندى يدها على يد سلمى قائلة ” كل حاجة اتغيرت يا سلمى ..انا مبقتش ندى اللى حبها زمان انا بقيت مجرد مسخ ” واضافت فى تلعثم ” لكن انتى فيكى كل حاجة تتحب …لو انا مش موجودة فى حياته كان حبك انتى ”
تذكرت سلمى كلمات ادهم حين صارحته بحبها فقالت فى شرود ” هوا قالى نفس الكلام ” ونظرت ندى وادركت تأثير هذه الكلمات عليها التى خرجت دون وعى منها ، مالت ندى اليها وقالت ” قالك ايه يالظبط ياسلمى ؟؟“ وضعت سلمى يدها على ثغرها للحظات قبل ان تواصل ” قالى انه بيحبك انتى بس لو كان قابلنى الاول او انتى مكنتيش موجودة كان ممكن يحبنى انا ” لاتدرى سلمى كيف اصبحت هكذا وكيف تتجرا وتتفوه بكلمات كهذه وهى تعرف تأثيرها المؤلم عليها فى حالتها تلك ، ولم تدرى مالذى دفعها فى تلك اللحظاتهل كلمات ندى راقت لها ام انها حاولت استغلال الظروف ام ماذا ؟؟، حاولت ندى ان تتجاوز تلك النيران التى تشتعل فى صدرها وقالت ” وده حقيقى …وانا هساعدك ..انا هخرج من حياة ادهم وهساعدك تاخدى مكانى ”
جزء من ضمير سلمى آلمها فدفعها لتقول ” ندى انتى فاكرانى ايه ..معنديش قلب ..عايزانى اساعدك تخسرى الراجل اللى بتحبيه ”
ابتسمت ندى فى ألم قائلة ” انا كدة كدة هخرج من حياته سواء بوجودك او لا ..مش هتحمل اعيش معاه شفقة ”
قالت سلمى فى اشفاق ” ندى لو الحروق اللى فى جسمك فدى ليها حل وم..“
قاطعتها ندى فى صرامة قائلة ” دكتورة سلمى بلاش تقولى كلام مش مقتنعه بيه عشان انا بس صعبانة عليكى ..وسؤال واحد جاوبينى عليه موافقه تاخدى مكانى فى حياة ادهم وولا لا ”
هزت سلمى راسها قائلة ” الموضوع مش بالسهولة اللى انتى متخيلاها دى مشاعر يا ندى ”
قالت ندى فى جدية ” لو وافقتينى هساعدك ..ومع كل خطوة هبعدها هخليكى انتى تقربيها ”
سالت دموع سلمى وهى تشهد هذا الصراع العنيف بداخلها ، تريد ادهم ولكن ليس على حساب مشاعر زوجته المريضة ، ولكن الحب الذى حرك ندى للاجهاز على قلبها والابتعاد عن حبيبها هو نفسه الذى حرك سلمى واخفض صوت كل صحوات ضميرها فخفضت رأسها وقالت فى تردد ” انا موافقة ”
ازدردت ندى ريقها وقالت فى صوت ممزق ” يبقى اتفقنا ..تسيبنى اساعدك من غير ما تعترضى على حاجة اعملها“ 





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى