Uncategorized

رواية خيوط القدر الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم سارة المصري – تحميل الرواية pdf


رواية خيوط القدر الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم سارة المصري

الفصل الخامس والثلاثون
التوى كاحل سلمى وانزلقت اول درجتين من السلم وأخذت طريقها فى الانحدار اكثر لولا ان قبضت يده القوية على معصمها باحكام ورفعتها بقوة جلست بها على احدى درجات السلم ، قفز ليقف امامها وهى تلهث فى توتر وتمرر يدها فى شعرها ، انحنى ليواجهها فى قلق قائلا ” انتى كويسة ” رفعت رأسها تنظر الى عينيه وطالعت قلقه وارادت ان تستمتع بتلك اللحظة قدر المستطاع ، ارادت ان تستمع بخوفه عليها الذى اعطاها بعض الامل فى الظفر بمشاعره ، كرر وهو يمد يده لها ليساعدها على النهوض ” تقدرى تقومى ؟؟؟“ ظلت على صمتها فهتف قائلا ” سلمى ” انتبهت فهزت رأسها قائلة ” انا تمام متقلقش ”
حاولت النهوض فتأوهت من الالم فى كاحلها وجلست من جديد ، تأملها ادهم للحظات وقال ” مش قادرة تمشى ..هساعدك ” وفى تردد حملها على ذراعيه فارتعدت وهو يهبط بها السلم ليجلسها على اريكة قريبة ووقف من جديد قائلا ” رجلك فيها حاجة ”
قالت وهى تحاول ان تخفى توترها وخجلها وتضع يدها على كاحلها فى الم ” ممكن تكون اتلوت ..فيه هنا رباط ضاغط ؟؟“
هز ادهم راسه قائلا ” اه طبعا ..ثوانى وهجيبلك ”
راقبته سلمى وهو يذهب وهى تحاول ترويض مشاعرها بكل طريقة دون جدوى ، بعد لحظات عاد ادهم وهو يحمل بين اصابعه الرباط الضاغط ليعطيه لسلمى التى ابتسمت فى الم وهى تأخذه منه وانحنت لتربطه لنفسها ، وكلما حاولت احكامه تألمت فلا تستطع ان تكمل ، رفعت نظرها الى ادهم الذى وقف يراقبها وماهى الا لحظات حتى انحنى على ركبته فى صمت وازاح يدها وبدأ هو فى لف الرباط دون ان ينطق بحرف ، شعرت بشرارة تتولد بداخلها من قربه هذا ، تزايدت نبضات قلبها وهى تراقبه وتشعر بلمساته رغم حرصه الشديد الا يلامسها ، لم يعد بامكانها الاحتمال اكثر ، فوضعت رأسها بين سبابتها وابهامها وقالت ” ادهم كفاية ”
نهض قائلا ” خلاص انا خلصت ”
نظرت اليه قائلة ” انا مبقولش كفاية على ده ”
لم يرد ادهم وراوده شعور بان سلمى ستجيب الان على كثير من علامات الاستفهام التى يعرفها هو جيدا ويغالط نفسه ، اخفضت سلمى بصرها لحظات قبل ان ترفعه من جديد قائلة ” بقول كفاية نخبى على بعض ونهرب من مشاعرنا اكتر من كدة ”
ورغم علمه بمشاعر سلمى له الا انه ظن انه انهى الامر معها مسبقا فقال فى تلعثم ” مشاعرنا !!!..انتى بتتتكلمى على مين ؟؟“
حاولت النهوض واستندت على احد المقاعد وهى تعرف ان طريقها هذه المرة بلا عودة فاما ان تصل او ان تتوه بعيدا ” عنى وعنك ..عن مشاعرك ناحيتى اللى بتحاول تداريها ..متكدبش على نفسك …احساسك بالذنب ناحية ندى مش مخليك تعترف انك بتحبنى ”
تراجع ادهم خطوتين قائلا فى ذهول ” انتى بتقولى ايه ؟؟“
واصلت وهى تركز بصرها فى عينيه ” معاملتك معايا اتغيرت للنقيض مبقتش طايق تشوفنى قدامك من غير سبب ..عارف ليه ؟؟…لانك بتحبنى بس احساس الذنب مموتك مش قادر تواجه نفسك بالحقيقة ”
قال وهو يحاول تجاوز المفاجاة ” احنا اتكلمنا فى الموضع ده قبل كدة …نسيتى قولتلك ايه ؟“
ابتسمت فى حزن وقالت ” لا فاكرة …فاكرة انك قولتلى ان انا الانسانة الى انتى اتمنيت تحبها و…“ قاطعها بسرعة وقد بدأ فى استرداد ذهنه وتجاوز المفاجاة بالفعل ” وقولتلك برضه ان الحب مش اختيار ..وانى بحب ندى ”
ضربت المقعد بيدها قائلة ” كنت بتحبها كنت ..بطل تكدب عللى نفسك ”
رد بصرامة وهو يشير بسبابته ” كنت ولازلت وهفضل طول عمرى احبها ..ندى هى حبى الوحيد اول واخر دقة قلب حسيت بيها لو عشت مليون سنة فى عمرى مش هحب غيرها ”
قالت سلمى برنة باكية ” وانا ؟؟“
تنهد ادهم فى ضيق قائلا ” انتى ياسلمى ..مكنتش اتمنى ابدا انى اضايقك ..بس مادام مصرة فانا هقولهالك بكل وضوح انا عمرى ما حبيتك ولا فى فرصة فى يوم من الايام انى احبك ..وجود ندى من عدمه مش فارق …حبى ليها مش مرتبط بوجودها من عدمه ..بعيدة عنى ولا قريبة عايشة على وش الدنيا ولا حتى لا مهما عملت ومهما حصل حتى لو موتتنى بايديها هفضل برضه اعشقها …فمتعلقيش نفسك باى امل لانى مش هحب غيرها ” واضاف فى قسوة متعمدة ” سامعانى ياسلمى ”
لم ترد سلمى وظلت كلماته تتردد فى أذنها للحظات وتؤلمها أكثر وتهدم حلمها الوليد فوق رأسها ، تحركت فى لحظات من امامه فلم تعد كرامتها تحتمل المزيد ، لقد عرضت عليه حبها للمرة الثانية ورفضه بطريقة قاسية ، تحاملت على الم كاحلها وحملت حقيبتها بيد مرتعدة وخرجت متحاشية النظر فى عينيه ولم ترد عليه حين عرض ان يوصلها ، خرجت وهى فى حاجة ان تصرخ بعيدا ادهم لن يكون لها ابدا مهما فعلت .
***********************************************************
كانت ياسمين فى المطبخ تعد الطعام حين سمعت دقات منتظمة على الباب ، ذهبت لتفتحه بعد ان خلعت عنها مريلة المطبخ ، وبمجرد ان فتحت حتى اصطدمت بوجهه وابتسامته ورائحته القذرة ، رائحة الام سنوات ، تنهدت فربما الان كانت امام اختبارها الحقيقى فهى الان امام من تسبب لها فى كل هذا العذاب الطويل، هى امام من يقف بينها وبين عمر ، تذكرت كل ما حاولت هويدا زرعه فى داخلها وكل التغير الذى طرأ على حياتها ، تذكرت عمر حبها الكبير الذى عذبته معها لاكثر من عام كامل ، من اجله ستتجاوز اختبارها وتتخلص من عقدتها ، نظرت له فى تحد أذهله وهى تتذكر كلمات هويدا ” كل الناس بتخاف بس الشجاعة انك تواجه خوفك مش انك متخافش ”
اتسعت ابتسامته وقال ” غريبة ..مش خايفة يعنى زى كل مرة ولا صوتى ولا حاجة ”
هزت كتفيها متصنعة الامبالاة وقالت ” واصوت ليه ؟؟؟…وبعدين هو انت محرمتش من المرة اللى فاتت ”
قهقه ضاحكا وهو يقول ” ايه ناوية تستنجدى بيهم تانى ”
صعقته وهى تدخل فى هدوء وتتركه خلفها فدخل وهو فى غاية اندهاشه منها فخوفها وذعرها كان جزءا من متعته كاى سادى ، التفتت له فجاة وقالت ” دلوقتى بقا عايز ايه ؟؟“
تاملها للحظات تامل قوتها لهجتها الجديدة الحازمة وكانها انسانة اخرى وقال ” عايزك انتى …مش هتقدرى تهربى منى زى كل مرة ”
صفقت بيدها وهى تضحك قائلة ” حقيقى ”
اغاظه ثباتها فاقترب منها خطوتين وقال ” ومش هخرج من هنا غير جثة لو مخدتش اللى انا عايزه ”
تنهدت ياسمين وهى تتذكر كلمات هويدا ” الشخصيات اللى من النوع ده بتحب الضعفا بتلذذبوجعهم وخوفهم بس اللى يواجههم بيخافو حتى يبصو فى عينيه ”
تراجعت بخطوات مدروسة وقالت ” نعتبره تحدى ؟؟“
ازدرد ريقه فى توتر وهو يحاول الاقتراب منها قائلا ” متثقيش فى نفسك اوى كدة ومتنسيش انك فضلت سنة كاملة تحت رحمتى ” كانت كلماته كالشعلة التى امسكت بفتيل مبلل بالوقود ، تذكرت ياسمين فجأة كل ما مرت به وكل ما فعلته بعمر ، فتراجعت وهى تدرس نظراته وامسكت بطرف منضدة صغيرة وانتظرته حتى اقترب منها وامسكت بزهرية وبكل قوتها وكل ما حملته من حنق وغل تجاهه هشمتها على رأسه ، نظرت له وهو يسقط تحت قدميها فى ضعف وتنهدت وهى تنظر للاعلى وكأنها تخرج كل ماعلق بداخلها طيلة هذه السنوات ، نعم تغيرت طيلة الفترة الماضية ، اصبحت اقوى واكثر دراية بعالم البشر وبقيت هذه المهمة وحدها لتعرف انها قادرة على مواجهة اى شىء ، كان بامكانها بعد ان قيدت هذا الحقير ان تهاتف عمر لتخبره ان ياتى اليها حالا ولكنها اصرت ان تثبت لنفسها انها قوية للنهاية وان حاجتها لعمر الان هى حاجتها لحبيب وليس مجرد رجل تلقى عليه كل همومها بلا حساب ، تحدثت الى النجدة وهناك تم التحفظ عليه بتهم اخرى فقد عثر على كمية من الهيروين بحوزته وتم احالته الى المحاكمة ، ورغم غضب عمر مما فعلته ياسمين بتعريض حياتها للخطر الا انه شعر بسعادة لاتوصف بانها تعافت وعادت انسانة جديدة وقع هو فى حبها من جديد ، انسانة تحمل رقة ياسمين وحنانها وقوتها ، انسانة تمنى طيلة عمره ان تكون زوجته وحبيبته .
**********************************************
” انا مش قادرة اصدق ” هتفت بها وفاء ام سلمى فى ضيق وهى تنظر الى ابنتها الغارقة فى دموعها واشارت با باصبعها فى اتهام ” انتى بنتى اللى انا ربتها ولا واحدة معرفهاش ..، انتى بنت مصطفى محفوظ اللى كان مستعد يدفع حياته عشان ناس ميعرفهاش ..بتستغلى مرض انسانة وضعفها عشان تاخدى منها جوزها ”
نهضت سلمى وقالت فى دفاع بصوت ممزق ” بتقولى ايه يا ماما …الموضوع مش كدة ابدا ”
هزت امها رأسها وقالت فى مرارة ” امال ايه …ليه مسمى تانى غير ان حضرتك بقيتى خطافة رجالة ”
لوحت سلمى بكفيها وهى تتألم من وصف امها لها وقالت ” ده تفسيرك بعد كل اللى حكتهولك …بقولك هيا اللى طلبت منى ده ”
عقدت امها ساعديها وهتفت فى ضيق ” طلبت ايه يا دكتورة ؟؟؟…طلبت تاخدى منها حبيبها …دى مجروجة ومكسورة وماشية تخبط مش عارفة هيا رايحة فين ..وانتى بدل ما تطمنيها وتقفى جنبها بتاخدى جوزها منها بمنتهى الانانية …“
قالت سلمى من بين دموعها ” والحب ايه غير انانية ..كل حد بيحب حد بيبقا عيزه قدامه طول الوقت ..بيبقا عايزه ملكه ”
مالت امها اليها وهتفت ” دى لما يكون من الطرفين ..ساعتها الاتنين غايتهم انهم يكونو مع بعض ..لكن فى حالتك انتى اسمه انانية وحب تملك لحاجة اصلا مش بتاعتك ”
جلست سلمى وقالت فى تعب ” افتكرت انه ممكن يكون حبنى ..حسيت ان مشاعره ناحيتها ممكن تكون اتغيرت بعد كل اللى حصل ويكون ..“ ولم تكمل واغمضت عينيها وهى تتنفس فى عمق فجلست امها على الاريكة الى جوارها وقالت بنبرات اهدأ ” يكون ايه يا سلمى ؟؟…من الاول قالك انه حبها ومادام بيحبها مش هيفرق معاه ولو كان فرق معاه وسابها عشانك لانك دلوقتى الاجمل كنتى هتامنيلو ..“
نظرت سلمى الى امها التى اهتزت صورتها من دموعها المنسابة فواصلت امها ” لو عمل كدة معاها كان فى يوم هيسيبك انتى كمان لو حصلك زيها اولقى واحدة احلى منك ”
انتحبت سلمى اكثر هى تعرف وتعى كل ما تقوله والدتها ولكنها تمنته فنسيت كل شىء ، القت نفسها بين ذراعى امها وهى تقول فى الم ” بس انا حبيته يا ماما ومش قادرة اخرجه من جوايا ”
ضمتها امها بقوة وهى تقول ” سلمى انتى ممكن تكونى احترمتيه وحبيتى حبه لمراته ووفائه ليها واتمنيتى تكونى مكانها مش اكتر انتى حسيتى ان الدنيا كلها مفيهاش راجل باخلاصه ولا باخلاقه بس الدنيا فيها كتير …الايام بتنسى كل حاجة ..ادهم مش هيكون اخر راجل تقابليه فى الدنيا ..سيبيه لحياته وارجعى انتى لحياتك ادى فرصة لنفسك تنسيه يا سلمى ” لم ترد سلمى بل بكت بن ذراعى امها كما لم تبكى من قبل بكت لانها فى هذه المرة عليها ان تقاوم الم فراقه واخراجه من حياتها لاابد ، لابد ان ينتهى ادهم من داخلها فوجوده لم يعد له معنا بالنسبة اليه فقلبه لن يسع سوى ندى ولو قضت من عمرها سنوات وسنوات عينيه لن ترى سواها ، ربما كانت امها على حق فعلى الرغم من كل شىء هى تقدر حبه لها كثيرا وتتمنى لو كانت مكانها وفى كل مرة يرفضها من اجلها تزداد احتراما وتوقيرا له .
********************************************************************
أخذ صفوت يرمق ايمن فى غيظ وهو يقول فى برود ” مستر صفوت ده بيزنس يعنى مكسب وخسارة وانا مش هدخل صفقة عارف كويس انها خسرانه وانا من الاول حذرتك وانت اصريت ”
امتعض وجه صفوت وقال فى امل شابه بعض الغضب ” احنا المفروض شركا ”
دار ايمن بكرسيه قائلا ” كنا شركا وانا حذرتك اكتر من مرة وانت ركبت دماغك واصريت تدخل فى صفقة خسرانة انا اعملك ايه ؟؟“
مرر صفوت يده على وجهه قائلا ” بس انا كدة هخسر كل ثروتى ”
ابتسم ايمن قائلا ” وانت عايزنى اشاركك الخسارة ”
ـ خسارتك مش هتعتبر خسارة من اصله ..مش هتأثر تماما فى نفوذك
نهض ايمن فى نفاذ صبر قائلا ” محموعة الالفى متعرفش الخسارة مستر صفوت ..وياريت بقا تتحمل نتيجه افعالك ومش كل مرة تدور على حد يشيل معاك خسارتك انا مش زى حسام عمران ”
صمت صفوت للحظات وهو يتابع ايمن وكانه يدير امرا ما فى رأسه قائلا ” ده رأيك الاخير ؟؟“
قال ايمن بلامبالاة ” انت شايف ايه ؟؟“
نهض صفوت وتخلى عن انكساره قائلا ” وده هيكون راى ادهم بيه برضه ”
قطب ايمن حاجبيه فى دهشة قائلا ” وادهم ماله بشغلنا ..انت عارف انه ”
وقطع ايمن حديثه بضحكة مجلجلة وهو يقول ” اه هو انت فاكر عشان هوا متجوز بنت اختك انى هعمل اعتبار لده ..احب اقولك ان هوا نفسه مش هيعمل لده اعتبار فمتتعشمش اوى ”
قال صفوت بشماتة ” اوعدك لو عرف اللى عندى مش هيكون ده رأيه وممكن يدفع فلوسه كلها كمان ويتفذلى اللى انا عايزه ”
تضايق ايمن من لهجته وقال فى حدة ” اتكلم على ادك يا صفوت واعرف انت واقف قدام مين ”
ضحك صفوت وقال فى لهجة باردة ” تراهنى ان اخوك هوا اللى هيطلب منك بنفسه انك تخرجنى من الازمة دى وان لاول مرة مجموعة الالفى العظيمة هتتتحمل خسارة ..تراهنى يا مستر ايمن ؟؟
عقد ايمن ساعديه وهو يقول فى هدوء حاول به استعادة ثقته ” ده ابعد من احلامك ..مش هيحصل وهقف اتفرج عليك وانت بتخسر كل فلوسك وبتتحمل نتيجة غبائك ”
تراجع صفوت وقال وهو يجلس على كرسيه من جديد ” يعنى محاولتش تسألنى الاول على اللى عندى وتشوف يستاهل ولا ميستاهلش ”
اشاح ايمن بيده وقال ” ايا كان اللى عندك انا مبتهددش وانت اكتر حد عارف اى حد حاول يبتزنى او يهددنى كان مصيره ايه ؟؟“
استرخى صفوت وقال فى هدوء مستفز ” انا مش ههددك انت انا بهدد اخوك معاك ”
انحنى ايمن وهتف فى غضب ” انت اتعديت حدودك ..امشى اطلع برة ومتخليش حسابك يتقل اكتر من كدة ”
ضحك صفوت وهو يضرب كفيه ببعضهما قائلا ” انا اللى مش عارف لحد دلوقتى مفكرتش تسألنى ايه اللى مخلينى مالى ايدى اوى كدة ”
تظاهر ايمن بعدم الاكتراث وهو يجلس على رأس مكتبه قائلا ” كنوع من الفضول هسمعك محتاج اضحك شوية ”
ابتسم صفوت فى خبث وقال ” كنت عارف انك فى يوم من الايام مش هتقف جنبى فعملت حسابى لكل خطوة و..“
تأفف ايمن قائلا ” اختصر ..انت هتحكيلى قصة حياتك ”
شبك صفوت اصابعه قائلا ” الموضوع بخصوص ندى ”
**********************************************************
فرك عمر عنيه فى ارهاق وتعب وهو يدخل الى شقته ويخفى فمه بكفه وهو يتثاءب ، دلف الى غرفته مباشرة دون ان يبحث عنها فهو لازال يشعر بالغضب منها لتعريضها حياتها للخطر دون ان تفكر فى الاستعانة به ، نعم يريدها قوية ولكن ليس لهذه الدرجة ، اخبرته هويدا ان تلك هى ياسمين الحقيقية التى اختفت بداخل ياسمين الاخرى لسنوات طويلة ،فتح باب غرفته وتفاجىء بها تجلس على طرف الفراش ترتدى ثوبا من اللون الابيض عارى الكتفين وشعرها الاسود ينسدل فى نعومة ويعلو رأسها تاج صغير وقد وضعت زينتها بشكل كامل ، كانت كاميرة فى جمالها ورقتها ، تسمر فى مكانه يتأملها للحظات حتى ابتسمت ونهضت هى اليه قائلة ” لسةزعلان منى ؟؟“
لم يجبها عمر ونظرات الانبهار لازالت تملاعينيه ، حاول اشاحة نظره بعيدا ليخفيها ولكنها امسكت بكفه واجلسته الى جوارها على طرف الفراش واحتفظت بكفه بين يديها وهى تضغط عليه قائلة ” عمر …انت عملت اللى محدش قدر يعمله ..انت شوفتنى من جوة وشلت القناع اللى على وشى وساعدتنى ارجع ياسمين الحقيقية ونستنى كل وجعى والمى …انت رجعتلى حياتى وخلتنى اتولد من جديد على ايديك ”
لم يستطع مقاومة الابتسامة على ثغره وهو يتابع خجلها وهى تطرق ارضا وتضغط على كفيه قبل ان تعود لتعانق عينيه بنظراتها قائلة ” هوا انا ازاى عمرى ما قولتلك انى بحبك قبل كدة وانا اصلا بعشقك مش بس بحبك ”
تنهد عمر فى عمق واغمض عينيه قائلا ” اخيرا يا ياسمين قولتيها ”
لاحت دمعة سعادة من عينيها قائلة ” ايوة يا عمر بحبك ..بحبك اكتر من حياتى وروحى وهفضل اقولها ليل نهار لحد ماتزهق منها ”
قال وهو يضحك ” شكلى مش هلحق ”
قالت فى قلق ” مش هتلحق ؟؟“
رد وهو يضع يده على صدره فى حركة مسرحية ” قلبى ممكن يقف من السعادة ”
اقتربت منه وقالت فى دلال ” بعد الشر عليك ”
ازدرد ريقه وتراجع قائلا دون ان يرفع نظره عنها ” اناا بقول تروحى اوضتك احسن ”
ضحكت فى خبث وقالت“ انت عاوزنى اروح ”
قال بضحكة عابثة ” المهم انتى عاوزة تروحى ؟؟؟“
تنهدت قائلة ” انا بقيت اخاف انام لوحدى ”
رفع عمر حاجبه قائلا ” انتى تخافى ؟؟“
هزت كتفيها وقالت فى طفولة“ وعايزاك تحكيلى حدوته كمان ”
تسمر عمر فى مكانه للحظات وهو ينظر لها فى بلاهة فضحكت قائلة ” عمر انت بجد مش فاهمنى ؟؟“ ..مش فاهم عايزة اقول ايه ؟؟“
مال عمر اليها قائلا وانفاسه تصطدم بانفاسها ” التعبير الاصح ..خايف اكون فاهم ”
ردت عليه ياسمين بان اقتربت فى بطء وقبلته فى نعومة ورقة بالغة أذهلته ، اختفى بها العالم باسره من حولهما ، وبدأت معه ملحمة حب خالصة وأكتشفت كم جميل هذا العالم الذى اندمجا معا فيها بروحيهما قبل جسديهما ، اكتشفت انها حرمت نفسها لعام كامل من اجمل لحظات بامكانها ان تقضيها مع حب عمرها .
************************************************
اصبحت غرفة ندى اشبه بالكهف فهى لاتفكر فى الخروج مطلقا منها وكأن العالم قد انتهى من حولها وهى فقط تنتظر توقف انفاسها عن التردد ، كل ما يحيرها كيف ستكون النهاية ،هل سيكون القدر رحيما بها فتصعد روحها الى بارئها قبل ان ترى حبيبها بعينها مع اخرى ام انه سيتلذذ بعذابها وتموت هى ببطء ، وأكثر ما تحتاج اليه فى ايامها هذه هو اكثر شىء تهرب منه ، تبعده فى اللحظة التى تتمنى فها ان تلقى نفسها بين احضانه ، تخشى فراقه وتتمناه ، تموت لمجرد تخيلها نظرة الذعر التى ستراها فى عينيه حين يرى جسدها المشوه ، قررت فى هذا اليوم ان تضع حدا لكل معاناتها انتظرت بخوف ولهفة وحزن وغضب واخذت ترتب كل الكلمات فى عقلها لابد ان تكون قوية ولا تتراجع ، لابد ان تتقبل بشجاعة ان نهاية قصتها معه قد اتت .
سمعت طرقاته على باب غرفتها فتعالت معه دقات قلبها معلنه بداية المواجهة ، نظرت الى الباب الذى فتحه فى رفق وهو ينظر اليها فى حنان وهى تجلس على طرف الفراش تفرك يدها فى توتر ، ملأات صدرها بالهواء واستجمعت كل قوتها وتجاهلت اسألته اليومية عن صحتها ، كان يسألها بحب ولهفة وهى كانت تسمع اسئلته بمشاعرها هى ، قالت بصوت وضعت فيه كل ما تبقى لها من قوة ” احنا هنطلق امتى ؟؟“
رفع حاجبه فى ذهول قائلا ” نطلق ؟؟“
واصلت محاولة عدم التراجع ” ايوة هنطلق ” ورسمت ابتسامة ساخرة على شفتها قائلة ” ولا ناوى تتجوزها عليا ؟؟“
لوح بكفه قائلا فى دهشة ” اتجوز مين ؟؟“
قالت بصوت مختنق ” سلمى ..حبيتك ولا فاكرنى مش عارفة ؟؟“
صمت ادهم للحظات وهو يحلل ما تقوله ويفكر فى حديثها الغير متوازن مع افعالها تماما ، هى من جاءت بسلمى الى هنا وهى من اصرت ان تتابع حالتها ورغما عنه هو شخصيا ، واصلت وهى تحاول ان تضيف قسوة الى عبارتها ” ايه اتفاجات ..انا عارفة انك بتحبها ”
اتجه ادهم اليها وامسك ذراعها لتنهض قائلا ” فوقى بقا …لحد امتى هتفضلى كدة ؟؟…عقلك فين ياندى..مين اللى جاب سلمى هنا ..انا ولا انتى ..مين اللى بيحاول يرميها فى طريقى ..مين يا ندى ..ليه بتعملى كدة ليه ؟؟“
اجابت بعد ان ازردرت ريقها وهى تنظر الى صدره لتتحاشى النظر فى عينيه ” كنت عاوز اتاكد من حبك ليها واتاكدت خلاص ”
صرخ ادهم فيها وهو يرفع رأسها اليها لتواجهه ” بصيلى هنا …تتاكدى من ايه ؟؟…انتى مصدقة انى بحب حد غيرك …”
سقطت دمعة من عينيها وقالت باختناق ” هتحبها …هتحبها عشان هيا بقت انسبلك دلوقتى ”
أمسك بكتفيها وهزها بقوة قائلا ” فوقى بقا ..انا جوزك وحبيبك ..هتتنازلى عنى لواحدة تانية بالسهولة دى ؟؟“
حاولت التماسك ولكن محال بهذا القرب ، تمنع نفسها بصعوبة من الارتماء بين ذراعيه وقست اكثر على نفسها قائلة ” احنا اصلا كنا متفقين ع الطلاق قبل اللى حصل ”
ضحك بحزن قائلا ” الظاهر انتى نسيتى قبل الحادثة بدقايق انتى كنت جاية تقولى ايه ”
تلعثمت ندى وقالت ” لا فاكرة كنت هقولك مهما كانت اجابتك هتطلق منك برضه ”
ترك كتفيها قائلا ” اللى انت عملتيه يوميها مش محتاج كلمة واحدة …انتى كدابة يا ندى ..انتى بتحبينى ”
صرخت ندى وهى تشعر انها تكشف كل اوراقها امامه ” رجعت بس عشان خفت يكون جرالك حاجة …لو اعرف انهم هيفجرو القصر مكتش رجعت ولا غامرت بحياتى وعرضتها للخطر ” كان يراقب ارتجافها واهتزاز جسدها ، اقترب ليضع وجهها بين كفيه قائلا ” مش هقع فى نفس الغلط مرتين حتى لو انتى قولتيهالى بلسانك ..انتى بتحبينى بلاش تكدبى على نفسك ”
افلتت رأسها من بين كفيه فى عنف وهى تصرخ فى عصبية ، وتلوح بيدها قائلة ”مش كدابة ..مش كدابة …احنا الاتنين مشاعرنا اتغيرت ” تركها تفرغ مشاعرها وتحطم كل ما كان امامها فى جنون ، حتى اقترب منها اخيرا وقال فى هدوء“ ليه يا ندى ..عاوزة تبعدى عنى ليه ؟؟“
واضاف فى حنان بالغ ” مش عاوز حاجة من الدنيا كلها غيرك ..عايزك معايا وبس ”
انهارت باكية ولم تكن تعرف ان المواجهة ستكون بتلك الصعوبة وهى تقول ” عارف ليه ..عشان مبقاش عندى الجسم الجميل اللى انت فى يوم من الايام قلتلى مش هطلقك عشان لسة مزهقتش منه ” وواصلت وصوت شهقاتها يمزق نبراته ” بقا مشوه ..اتحرق ”
اغمض عينيه فى الم وهويتذكر كلماته لها فى هذا اليوم واقترب منها يحاول ضمها فتراجعت فقال فى حزن ” مش فارق معايا ..عايزك انتى وبس فاهمة ”
هنا قررت وضع النهاية حتى لو كان على جثمانها فصرخت فيه ” مش فارق معاك ” وأخذت تزيل ملابسها وكانها فقدت عقلها تماما وحين حاول منعها دفعته بعيدا وأخذت تمزقها فى قسوة حتى انتهت ووقفت امامه عارية بجسدها المشوه وهى تغمض عينها بقوة حتى لا ترى نظرة الازدراء والشفقة فى عينيه من هذا المشهد المقزز ، وحين لم تشعر باى حركة فتحت عينيها ببطء فاتسعت حدقتيها فى ذهول وهى ترى دموع ادهم لاول مرة ، ولاول مرة فى حياته يبكى امام شخص ، سالت دموعه على حبيته وما عانته والصراع الذى خاضته من اجله ، وبالعذاب الذى تكبدته من اجله ، ابتسم من بين دموعه وهو يقترب منها قائلا ” انتى فاكرة ان ده ممكن يبعدنى عنك ” اقترب أكثر وهى تحاول قراءة نظراته لم تبتعد ولم تتراجع ولم تستطع مقاومته وهو يضمها اليه هذه المرة فى حنان ويسمح لدمعه بان تسيل لتسقط على حرقهاقائلا ” هتفضلى فى عينى اجمل بنت فى الدنيا مهما حصل ” تمسكت به فى لهفة وخوف وتذكرت كل ما فعلته به قائلة ” مش هقدر يا ادهم …مش هقدر استغل حبك ليا طول الوقت …انا مش متقبلة جسمى ده ..انت تتقبله ازاى
رد فى حزن ” ده كان دليل حبك يا ندى اللى عمرى ما تمنيت انك تقدميه …بحبك فى اى صورة وباى شكل ..حتى وانا مجروح منك وفاهم غلط ..مستحملتش انك تبعدى عنى ثانية ..كنت عاوز احبسك جوايا لو اقدر عشان متغيبش عن عينى ثانية ” وحرررها من ذراعيه وهو ينظر الى وجهها قائلا ” ارجوكى يا ندى …اوعى تبعدى عنى ..ادينا فرصة نبدا من الاول ..انا محتاج لوجودك صدقينى ..انتى روحى ياندى من غيرك بحس انى مش عايش ..انا من غيرك امووووت ياندى ..من غيرك اموت ”





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى