Uncategorized

رواية حارة جهنم الفصل الثامن 8 بقلم داليا الكومي – تحميل الرواية pdf


رواية حارة جهنم الفصل الثامن 8 بقلم داليا الكومي

الفصل الثامن_____________________الجنة في حضنك
“إنه الحلم الجميل الذي لا ترغب أبدًا في الاستيقاظ منه .. النشوة المسكرة التي تطغى على أي شعور آخر .. لا مجال للتعقل أو التفكير ..فقط الحب”.
الشهر التالي مر كالحلم ..والعريس الملهوف كان قد اقترح إلغاء مرحلة الخطوبة وإتمام الزواج مباشرة .. حينها سألته بخوف ..
– كريم .. لقد تعرفنا منذ شهر واحد فقط .. هل تعتقد أن هذا وقت كافٍ؟
عاتبها بقسوة:
– يكفيني يومٌ واحدٌ معكِ حتى أعلم أني أريدك لآخر يوم في حياتى، وأنا أكيد من أن هذا نفس شعورك لكنك تقاومين، ليلى أنا أحبك بل أعشقك أميرتي .. وأعرف أنك تحبينني .. لقد شعرت به في قلبي منذ اللحظة الأولى للقائك، هل تؤمنين بتناسخ الأرواح؟ ربما أحببنا بعضنا في الماضي في حياة أخرى، أعرف أيضًا أنك لن تمنحي لي أي شيء حتى كلمة أحبك إلا حينما تصبحين زوجتي شرعًا ولا يهمني سماعها الآن، لكنني أعدكِ أنه سيأتي يوم ما تشعرين فيه بالحرية وتحطمين قيودك حينما يختفي الحاجز بيننا ونصبح كيانًا واحدًا، ستشعرين أنك بحاجة إلى قولها لتتحرري ولذلك سأنتظر، حاليًّا أنا مكتفٍ بالمتاح منك طالما يوم اتحادنا قريب.
تم الاتفاق على موعد الزفاف بعد شهر، فقط شهر يفصلها عن السعادة مع حبيبها، ولكنه أيضًا قد يكون الشهرالوحيد المتاح لها في نصيبها من السعادة.
قرَّرتْ استغلال كل لحظة من وجوده في حياتها .. قرَّرتْ تجميع أكبر قدر من الذكريات لتحملها معها عندما يحين أوان الرحيل ..
حبيبها كان قد اقترح إقامتهما في فيلا علم الدين لحين انتهائها من أعمال الديكور في شقتهما المستقبلية، أخبرها أنه غيرمستعد للانتظار حتى تنتهي من تصميم شقته، شهر كان هو أيضًا المدة المتبقية على انتهاء سنتها الدراسية الحالية، لن تنسى مهما عاشت من عمر ذلك اليوم الذي ذهبت فيه مع سالم إلى شقة كريم لأخذ تصور مبدئي عنها، أرادت أن تقيم فيها من الآن ولم يهمها أنها غير مجهزة، نظرات كريم إليها كانت تحمل المعنى نفسه، ولتذهب تحضيرات الزفاف إلى الجحيم، عيناه حملت الكثير من الوعود، وتهديدات فهمتها جيدًا، كان يهددها بأنه لن يصبر حتى ذلك الشهر الذي قرره بنفسه حتى يمتلكها.
وهى أيضًا كانت لا تريد الانتظار وناضلت بقوة لاستغلال الشهر وإنهاء جدول أعمالها المزدحم.
ما بين إنهاء أعمال ديكور فيلا علم الدين، واستعدادها للامتحانات النهائية وتجهيز فستان زفافها، قضت الساعات بسعادة وهي تحارب الوقت..
اعتادت على فكرة خطوبتها تدريجيًّا .. لم يبقَ من الماضي سوى لمحة حزن، تجاهلها كريم تمامًا، وأقسم مع نفسه أن يخلصها منها بمجرد أن تنتمي إليه.
حماتها سعاد هانم، استقبلت الخبر ببرود شديد، فقوة ولدها منعتها من الاعتراض على قرارته ولكن نظراتها كانت تفضحها.
على مضض وافقت على خطوبته لليلى بدلًا من سلمى وكانت ملايين سعد السنارى واسم ليلى في عالم الديكورهما حافزها الوحيد كي تبتلعها ..
نظرات سلمى الحقودة قتلتها عندما قام كريم بتعريفها على أفراد أسرته في حفل محدود بعد انتهاء أعمال الديكور.. فهى لأسباب عدة رفضت إقامة حفل للخطوبة واكتفت بحفل التعريف فقط.
اما اللواء محمود كان كما توقعته تمامًا من كلام كريم عنه، قوي وفخور مثل الابن مثل الاب، من حديث كريم المتواصل عنه كانت قد تمنت لقاءه مجددًا؛ فالمرة الوحيدة التي شاهدته فيها يوم قراءة الفاتحة لم تكن كافية لتكتشف قلبه، اشتاقت للتعرف على أب حقيقي، تمنت لأولادها مثل ذلك الأب الذي لم تعرف مثله يومًا ..
كريم كان يكِن الكثير من الاحترام والتقدير لوالده، وهى كانت تحبس دموعها في كل مرة كان يحدثها فيهاعنه، قارنت فرج الخمورجي باللواء محمود،
كم حسدت كريم على والده وعلى أصله الكريم، يستطيع التحدث بفخر عن والده، أما هي فتجاهلت الحديث عن والدها فتم اعتباره متوفى كوالدتها، عادت إلى حياتهم القديمة وتخيلت موقف فرج إذا ما اصطحب سعد أو أحد أشقائها خطيبته لتعريفها عليه، مجرد الفكرة جلبت لها الألم، فوالدهاربما كان ليضرب أخاها أمام خطيبته ناهيك عن عدم لياقته الاجتماعية التي من الممكن أن تجعله يقابل الخطيبة وأسرتها بملابسه الداخلية وزجاجة الشراب تهتز في يده، أما عائلة كريم فتشرفه أمام خطيبته وأقاموا لها حفلًا راقيًا بكل المقاييس يليق بمكانتها كخطيبة لكريم ولدهم الغالي.
في ذلك الحفل تعمدت سلمى الظهور بكل الطرق، حاولت لفت انتباه كريم بطريقة مفضوحة وحينما تأكدت أن عينيه لا ترى غير ليلى بدأت في مهاجمتها، انتقدت فستانها البسيط الراقي، هاجمت حتى تصميمها الخلاب للاستقبال الرئيسي.
سعاد كانت من هبَّ للدفاع عن تصميم ليلى:
– كيف لا ترين روعة التصميم يا سلمى؟ إنها عبقرية، لا أستطيع التصديق أنها تمكنت في تلك المدة القصيرة من الخروج بتلك التحفة الفنية. بالفعل الديكور كان مميزًا وهي تستحق الشهرة عن جدارة، اختيارها للألوان كان عبقريًّا، حوَّلت الفيلا البسيطة لقصرٍ فخمٍ راقٍ، اللون الفضى مع التركواز مريح للأعصاب، جودة المفروشات كانت لا تُضاهى، الستائر والسجاد تحفة فنية، شكرًا ليلي ..
من الجيد أنها ادركت ذلك فهى قد حرصت على إهداء حماتها جميع الأثاث كهدية خطوبة أو كرشوة لكسبها في صفها كما تعشمت، ركزت كل جهود عمالها على فيلا حماتها، ونحَّت أعمالها الأخرى جانبًا، ولجأت إلى الصرف ببذخ.. فدائمًا أموال سعد كانت تغطي أصلها الوضيع، وتستر افتقارها للنسب.
لتكمل سلمى عجرفتها:
– أنا أراه عاديًّا جدًّا بل أقل من العادى في الواقع ..
وقاحتها فاقت الحد!! شعر بالضيق من مهاجمتها لليلى، فتدخل ليوقفها عند حدها، قال متعمدًا إحراجها:
– كما تريدين يا سلمى، لا تطلبي من ليلى تصميم بيتك، لكنها هي من ستعيش هنا، فهذا بيتها ولها الحرية في اختياره.
دلو من الماء البارد أُلقيَ على رأس سلمى، كريم هب للدفاع عن خطيبته بعزم أمام كل عائلته وكان دورها لتهمس في سرها “شكرًا كريم “، لكنها علي الرغم من استعداده للحرب من اجلها فقد اختارت الانسحاب بسلام،
آخر شيء تريده هو كسب الأعداء وخصوصًا أعداء من عائلة كريم، فهي تبحث عن أي حليف يسندها عندما يكشف المستور، حاولت تلطيف الأمور:
– لا تستمعي إليه، إذا ما احتجتِ إلى مساعدتي في أي وقت فسأكون سعيدة، فقط اختاري التصميم الذي يناسبك وسأنفذه لكِ.
الخروج من هنا هو الحل الوحيد قبلما تتهور وتفقد أعصابها،فوجهت حديثها لكريم بدلال متعمد ولطف:
– كريم أرجوك أعدني إلى المنزل فالوقت الذي منحنا سعد إياه أوشك على الانتهاء.
“الوعد يكبله” إخراجها من منزله يحتاج إلى العزيمة، لكن ليلى تستحق، نهض فورًا:
– بالتأكيد، أنا أعطيته وعدًا.
وبحركة متملكة أخذ يدها في يده وخرج في اتجاه سيارته بتجاهل تام لسلمى وكلامها الغبي، ربما كان يجب عليها سحب يدها فورًا لكن النيران التى اشتعلت احتاجت منها لوقت لــ “لاستجماع شتات جسدها ” اللمس وتأثيره العجيب .. اللمسات الأولي تحفر في الذاكرة وعند السيارة انتزعت يدها التى اصبحت مخدرة بالكامل من قبضته بخجل وعاتبته بضعف:
– كريم!! لماذا فعلت هذا؟
ترك يدها فورًا:
– لا تغضبي أميرتي، أعدكِ لن أكررها.. صمت قليلًا ..وأكمل: – حتى تصبحي لي شرعًا .. ووقتها سألمس كل شبر فيكِ
كانت مازالت تتظاهر بالغضب من حركته الجريئة حتى بعد أن فتح لها باب سيارته السوداء ذات الدفع الرباعي لتقفز جالسة إلى جواره وقلبها مازال ينبض بجنون إثر لمسته البسيطة وكلامه الجريء.
وانطلق فورًا بسيارته في اتجاه منزلها،جرعة الجراءة اليوم كانت اكبر من تحمل مزاجها البريء وبالتأكيد “لن يتركها غاضبة” .. غيَّر من مزاجها الغاضب المصطنع بالقوة وقام بإضحاكها عندما بدأ يحكي عن نوادره في طفولته، كم هو ساحر، ما جعلها تضحك بهستيرية بلا انقطاع كان إخباره لها عن إفساده عزومة هامة لوالدته كانت اجتهدت أيامًا في تحضيرها، كانت تحتفل بترقية والده فدعت رؤساءه وزوجاتهم للحضور، أما هو فبكل براءة أراد تسلية الحضور فأحضر ضفدعًا ووضعه على طاولة الطعام بعد أن جلس المدعوُّون والضفدع بدأ في القفز إلى داخل الصحون مسببًا الهرج حتى أنه قفز إلى شعر إحدى المدعوات المستعار الذى كانت تضعه .. وكانت بالصدفة زوجة رئيس والده المباشر في ذلك الحين وحين حاول التقاط الضفدع من شعرها تعلق الشعر المستعار في ساعته ليكشف عن رأسها الخالي من الشعر .. ، ضحكاتها كانت تهز السيارة .. ربما من أهم أسباب حبها له أنه يضحكها .. خفة دمه اخترقت طبقات الكآبة التي تغلف قلبها .. بعد أن اطمئن إلى أن غضبها منه قد زال قال بنبرة اعتذار:
– ليلى أنا أعتذر، لا تغضبي حبيبتي من تصرف سلمى الوقح.
“تغضب وهي معه كيف ذلك ..؟!” أجابته برقة:
– أنا لم أغضب، وأعلم جيِّدًا أن ذوقي قد لا يحظى بإعجاب الجميع، لكنني أكون سعيدة إذا نال إعجاب العميل فهو من تكبَّد عناء الإنفاق.
تردد قليلًا ثم قال:
– ليلى، بشأن سلمى.
– لا أرغب بمعرفة أي شيء لا يخصني، أنا يكفيني أنك تحبني واخترتني أنا أما تفاصيل قديمة فلا تشغل بالي ولا تهمني أبدًا.
قاطعته عندما علمت أن سلمى وراءها حكاية .. هي لا تريد صراحة كريم وهي نفسها لا تستطيع أن تكون صريحة مثله، وقت الاعترافات لم يحن بعد، دعيه يحتفظ ببعض الأسرار هو الآخر طالما يحبها الآن فماذا يخيفها من سلمى؟

نظر إليها بامتنان، كم هي مثالية، رقيقة وحنونة، واليوم أظهرت تفهمًا ونضجًا رائعين، فعلًا مثالية، جميلة، موهوبة وسيجد صعوبة في حصر كل صفاتها.
أوقف السيارة في حديقة فيلا سعد ليقول بعدم تصديق:
– أنا نفسي لا أصدق أنني استطعت حفظ وعدي لسعد حتى أني أعدتك قبل الوقت، كنت أظن أنني لن أستطيع المقاومة وسأحبسك في غرفتي وعلى سعد محاربتي لإخراجك، لكن الحمد لله تجنبنا مواجهة مع الوحش.
ضحكت برقة:
– جيد لأجلك، فأنت لا تعلم كيف يكون سعد مخيفًا عندما يغضب.
فجأة شعرت بألم شديد يمزق روحها، رغمًا عنها تذكرت غضب سعد يوم مواجهته لفرج، وتذكرت أيضًا طعن سعد وتركه المنزل، ذكرياتها الحزينة ارتسمت على ملامحها، وكريم شعر فجأة بتحولها:
– ليلى حبيبتي .. ما بك؟
هزت رأسها، وتحاملت لحفظ الدموع داخل مقلتيها.
– لا تقلق أنا بخير.
يا الله كم يتمنى أخذها في حضنه ومسح الحزن عن ملامحها.
– ليلى إن لم تغادري السيارة فورًا فسوف أضمك إلى حضني.
حزنها تحول لفزع، عيناها اتسعت من الصدمة، بسرعة قصوى فتحت باب السيارة وركضت في اتجاه المنزل.
***********
أخيرًا ليلة الزفاف، سعد أصرعلى تأجيل عقد القران لآخر لحظة،
اتفقا على حضور المأذون للفندق حيث يتم الزفاف، ربما كان يعطي الفرصة لكريم لاكتشاف حقيقتهم قبل أن يتورط بالكامل، ولأن شجاعته خانته فلم يستطع البوح له بالحقيقة فترك له فرصة لاكتشاف الأمر بنفسه.
فستانها الأبيض الخيالي خطف قلب كريم، كانت عروسًا استثنائية خيالية لم يرَ أبدًا في جمالها في حياته.
فستانها الخرافي كأنه خرج من كتب الخرافات والأساطير، سندريلا بثوبها الجديد مع أميرها الوسيم، مع أن ليلى تصمم الأثاث والديكور لكنها أبت أن ترتدى فستانًا لم تصممه بنفسها، وضعت كل أمنياتها التي تتمنى حدوثها في الفستان، اختارت قماش (التفتاه) في الجزء السفلي من الفستان واختارت الدانتيل في الجزء العلوي، تعمدت الإفراط في استخدام القماش لزيادة حجم الفستان، وصنعت له ذيلًا طويلًا ربما ليعطيها الحجم أمام كريم ويقلل من شعورها بالضآلة.
العروس دخلت بصحبة أشقائها الثلاثة إلى قاعة الفندق الراقي الذي أصر سعد على دفع تكاليفه بالكامل قائلًا:
– إنها هدية الزفاف لكم، الحفل مع رحلة شهر العسل لإيطاليا، مكتبي هناك رتب لكم كل شيء.
ولتدخل إلى قاعة الزفاف مع سعد وحسن وسالم، حسن وسالم أمسك كل منهم بيد من يديها وشكل سعد درعًا واقيًا من خلف ثلاثتهم، هكذا كانوا، ثلاثتهم تحت حماية سعد، وهي في حماية أشقائها الثلاثة، وحده سعد تحمل مسؤولية حمايتهم وأمنهم ورفاهيتهم، ولم يطلب غير حبهم في المقابل.
كريم اتجه فورًا لعروسه الجميلة واستلم يدها من يد أشقائها الثلاثة .. رسالتهم له كانت واضحة كالشمس .. نحن دائمًا موجودين من أجلها ..
بكل حب استلم يدها، وجه نظرات طمأنينة لأشقائها جميعًا، معناها ليلى في أمان معي.
قاومت الدموع بعنف، دموع تهدد بالانهيارمفسدة زينة وجهها الخفيفة، وحمدت الله على غطاء وجهها الشفاف، نسيج خمارها الشفاف يخفي امتلاء عينيها بالدموع.
وأخيرًا حانت لحظة عقد القران، كريم تركها بصحبة سعاد المتألقة وريم الملائكية، جمال ريم البسيط يمس القلب، كعادتها ارتدت فستانًا بسيطًا.. فستانها الذهبي الطويل أظهرها أكثر براءة وطهرًا.
ريم تنهدت حالمة وهي تنظر ليد سعد في يد كريم:
– عقبالي ..
عيون ريم كانت تترجاه، كأنها تقول له خذني، إعجاب ريم الواضح بسعد كان يتزايد بصورة كبيرة خلال الشهر الماضي، في المرات القليلة التي تقابلا فيها كانا ينفصلان عن العالم ويسرقان لحظات من البهجة، وليلى شاهدته يحتوي يدها في يديه عدة مرات أثناء السلام وهو يهمس بأشياء لم تسمعها بأذنيها لكنها فهمتها بقلبها.. وعندما عاد سعد ليسأل ليلى عن رأيها في الزواج لم يستطع أن يرفع نظره عنها ولم يستطع النطق عندما قالت بكل رقة:
– مبروك عقبالك.
مرت مراسم عقد القران في سلام، لقد حان الآن موعد الاحتفال..
أخيرًا أصبحت زوجة لكريم رسميًّا، احتفالها الخاص مختلف عن احتفال الجميع ..
الحفل كان راقيًا بكل المقاييس، مكانة سعد الاجتماعية الحالية ظهرت بوضوح في نوعية ضيوفه، بعض الوزراء كانوا من ضمن الحضور ومنهم وزير الداخلية الذي حضر بدعوة من الطرفين، تم استبدال الغناء المعتاد في الأفراح بأوركسترا راقٍ عزف أعذب الألحان، نظرات ريم ظلت تلاحقه وعندما يأست من أن تحظى بنظرة أو همسة منه قررت إغاظته، القليل من الغيرة قد يكون مفيدًا، أصدقاء كريم يملئون القاعة، أنَّبت نفسها بعنف لماذا لم تختر أحدهم بدلًا من ذلك الجلف المتعالي؟ تلكَّعت وهي تمر بجوار صديق كريم الذي لا تتذكر اسمه ولحسن حظها سحرها اليوم كان طاغيًا ولم يتمكن ذلك الصديق من مقاومته، وجدته يستوقفها ويريد أن يمد يده بالسلام وقبل أن تبحث بنفسها عن حجة ترفض بها يده ظهر سعد فجأة، لا تدري من أين ظهر لكنها وجدت اليد التى تطلب منها السلام تقاد إلى مكان آخر وسعد يقود صاحبها بعيدًا عنها وهو ينظر إليها بتهديد وهو يقول:
– نورت سيادة الرائد.
نظراته وتصرفاته تعلن امتلاكه لها، ولسانه ينفي، لكن مَن الأصدق؟! القلب أم اللسان ..؟
بعد عقد القران مباشرة اتجه لليلى بلهفة ورفع خمار وجهها، قال بحب:
– مبارك عليَّ حبيبتي، أخيرًا أصبحتِ ملكي..
احمر وجهها بخجلٍ شديدٍ تحت نظرات كريم التي كانت تأكلها والتي كان يتعمد أن تفهمها، وأخيرًا استطاع الانفراد بليلى، ليلى زوجته، حبيبته، قال بخبث:
– هل نستطيع التسلل الآن وترك الحفل؟
ابتسمت بحياء، ابتسامتها تزيدها جمالًا، وخفضت وجهها أرضًا، قالت بخجل:
– والمدعوون؟! سيكون حفل زفاف بدون عروسين؟!
– فلينصرفوا إذًا.. أنا كل ما كان يهمني من الحفل هو عقد القران، وها قد حققت أمنيتي .. أصبحتِ زوجتي شرعًا وقانونًا، يتبقى فقط التنفيذ .. احمرارها كاد يلفت إليهما الانتباه .. إنه إلى الآن لم يلبسها خاتم زواجهما
حانت اللحظة التي ينتظرها .. فتح علبة صغيرة أخرجها من جيبه .. ألبسها الخاتم بلطف زائد:
– الآن أعلن عن ملكيتي لك .. لم يعد حتى لسعد سلطة عليك .. نبرته تغيرت فجأة كأنه اكتشف أمرًا ما:
– اليوم اكتشفت أمرًا مدهشًا، لم أتوقع مطلقًا أن يكون سعد السناري لم يكمل تعليمه، سعد السناري مع نجاحه الكبير لا يحمل سوى شهادة الابتدائية؟
سعد!! كريم اجتاز خطًا أحمر في حياتها.. سعد خط أحمر، ملامحها تبدلت في لحظة وصاحت بشراسة:
– وما شأنك أنت بسعد ودراسته؟ الثقافة لا ترتبط أبدًا بشهادة، سعد مثقف جدًّا أكثر بكثير من أشخاص يحملون الشهادات الجامعية، أنت لا تعلم ماذا فعل سعد لنا ولماذا لم يكمل تعليمه فاحتفظ برأيك لنفسك، نحن ما زلنا على البر، إن لم يعجبك سعد تستطيع بسهولة تطليقي والبحث عن ..
“عنيدة متسرعة لكنه يهواها” ..جذبها نحوه بقوة ومنعها من نطق ما كانت على وشك نطقه، في لحظات حوصرت بين ذراعيه وقال بتهديد غاضب:
– لآخر مرة سأسمح لكِ بنطق تلك الكلمة يا ليلى، هل تفهمين، أقسم لكِ ستندمين إذا ما نطقتِها مرة أخرى؟
ولأول مرة تكون في حضنه، جسدها الخائن خذلها، أرادت دفعه بعيدًا عنها، وأرادت إكمال هجومها عليه، سعد بحاجة لها الآن، ولكنها لم تستطع، ذابت بين ذراعيه، مجاله المغناطيسي منعها من الحركة، إنها فعلًا تحبه، وجودها بين ذراعيه هو الجنة، أخيرًا نالت الحضن الذي تمنته لأسابيع ولو ماتت الآن ستموت وهي سعيدة راضية ومكتفية ..
نفسه على وجنتها يحييها، رائحته التي تملأ أنفها تسبب لها سعادة غريبة، قربه يجعلها كالمخدرة.
أكمل وغضبه يختفي تدريجيًّا فقربها منه كان له نفس التأثير عليه: – أنتِ مندفعة للغاية ولا تفكِرين قبل الهجوم، أبدًا لم أقلل من سعد بالعكس أنا أعني أني معجب به جدًّا وزاد إعجابي عندما علمت من بطاقته أنه لم يكمل تعليمه، سعد إنسان مكافح ويستحق الاحترام والتقدير.
وجودها بين ذراعيه حوَّل غضبه هو الآخر لشيء غامض، غضبه اختفى تمامًا الآن ووجد نفسه يلمس وجنتها المشتعلة بحنان ويقول:
– حبيبتي هل سامحتِني الآن؟





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى